دفعة كورونا
كان الإعلان عن نتائج الثانوية العامة من وزير التربية، هو رصاصة الرحمة على المنظومة التعليمية التي هي في الأصل ميتة سريرياً ودماغياً، فضلاً عن مخرجات التعليم التي تتراجع سنوياً إلى ذيل المؤشرات العالمية. كانت هناك خيارات عديدة متاحة للاحتفاظ - ولو بالقليل - من سمعة المنظومة التعليمية، وتجنيب سمعة الكويت التعليمية والعلمية، هذا الخيار الكارثي الذي لم تلجأ إليه كل الدول إلا دول الخليج أو بعضها في اعتماد «لم يرسب أحد»، كحل للتعامل مع تداعيات جائحة كورونا. كان هناك خيار وسط في عدالة التقييم لخريجي الثاني عشر، وذلك باعتماد التعليم عن بُعد في شرح المتبقي من المنهج وإلزام الطلبة بالاختبارات الورقية، بعد تهيئة المدارس في الاحترازات الصحية، كحال كل الدول العربية والغربية تقريباً، والتي تفوق أعدادهم أعداد الطلاب والطالبات عندنا، ولكنهم لم يتركوا مصير سمعة التعليم للتكسب النيابي أو الاستسلام لضغط شعبي. بدعة وزارة التربية «لم يرسب أحد»، ألغت قاعدة تعليمية تربوية مهمة وأساسية وهي «الفروق الفردية» بين المتعلمين، فالجميع تجاوز أهمية التحصيل العلمي وقيمة الاختبارات الفصلية والشهرية، بجرة قلم من الوزير ومستشاريه من الأكاديميين والتربويين والموجهين. المشكلة الأكبر لم تنته بعد بهذه النتيجة الصادمة في تاريخ وزارة التربية، فآثارها على الحكومة ستبدأ تباعاً في كثافة أعداد الناجحين والناجحات وبنسب عالية، كانت مؤسسات التعليم العالي والجامعات لا تستوعبها في الوضع الطبيعي، يوم أن كانت نسب النجاح لا تتجاوز حدودها الطبيعية، فكيف ستستوعب هذه المؤسسات نتيجة كارثية وأعداداً تفوق طاقاتها؟ لن أتدخل في قرارات السلطات الصحية التي أوصت بهذا الشكل من إنهاء العام الدراسي، ولكن هل ما نشاهده من تعامل كثير من الدول في استئناف عامها الدراسي - كالصين مثلاً، بلد تفشي الوباء، التي عادت منظومتها التعليمية كما كانت قبل الجائحة وباحترازات صحية - كانت تغامر بصحة أبنائها مثلاً؟ وغيرها الكثير حتى الدول الفقيرة بإمكاناتها اتخذت قراراً شجاعاً في استئناف العام الدراسي مع زيادة جرعة الحذر والاحترازات الصحية. إذا استمر الوضع بهذا الشكل من التدخل والتكسب السياسي والاستسلام للضغط الشعبي، فسيستمر معه تدمير أجيال من الطلاب والطالبات، وتكون هذه الأجيال ضحية نظام تعليمي عن بُعد أثبت فشله تماماً مع آثاره الاجتماعية على الأسر، وكيفية تعاملها مع الأبناء، وستكون عملية التقويم والقياس للمتعلمين والمتعلمات صورية وهمية لا حقيقة لها، فالمطلوب قرار حكومي يحمي المنظومة التعليمية من التكسب النيابي والضغط الشعبي. [email protected]

أ. د عبداللطيف بن نخي

«الآل» في قانون المطبوعات
حين كان تكتّل المعارضة الحالية متحالفاً مع الدولة (الرسمية) بفضل ثقله في «الدولة العميقة»، وظّف بكثافة وسائل إعلام حكومية وأخرى خاصة، فضلاً عن التواصل الاجتماعي، لخلق صور مثاليّة لنوّاب بارزين. ولكن عند مراجعة الوثائق الرسمية الخاصة بتلك المرحلة، كالوثائق البرلمانية المتاحة في موقع الأمانة العامة لمجلس الأمة على شبكة الإنترنت، تنكشف إشكاليّات متعددة تناقض تلك الصور. ومن بين تلك الإشكاليات منهجية التعاطي مع الاقتراح بتجريم الإساءة إلى «آل البيت» أسوة بالصحابة وزوجات النبي صلى الله عليه وآله وسلم.أثناء جلسة المداولة الثانية لمشروع قانون المطبوعات والنشر الذي أعدته اللجنة التعليمية، تقدم 13 عضواً في مجلس 2003 - من انتماءات اجتماعية مختلفة تمثل ألوان الطيف الكويتي - باقتراح إضافة «أهل البيت» إلى قائمة المحظور الإساءة إليهم في المادة (19) من مشروع القانون. ولكن اعترض على هذا الاقتراح مجموعة من النوّاب، كان أبرزهم النائبان السابقان الدكتوران وليد الطبطبائي وفيصل المسلم، اللذان تمكّنا من إفراغ الاقتراح من مبتغاه، وتحويله من قانون يحظر الإساءة إلى أئمة أهل البيت الاثني عشر إلى مجرد إضافة كلمتين إلى نص المادة (19) من غير أي أثر قانوني، وذلك من خلال إضافة تعريف خلافي لـ«الآل» في المذكرة التفسيرية، استبعد بموجبه الأئمة من غير الصحابة من الحصانة القانونية.بعيداً عن رأيي في نهج الدكتورين الطبطبائي والمسلم، موقفهما من الاقتراح كان منسجماً ومتوافقاً مع هويتهما السياسية المعلنة. ولكن في المقابل، مواقف عدد من النوّاب من الاقتراح كانت مخالفة ومناقضة للمشهور عن هويتهم السياسية. وكان من بينهم رئيس مجلس الأمة الأسبق السيد أحمد السعدون، الذي كانت له مداخلة مؤيدة لتحرّك الطبطبائي والمسلم، حيث إنه استشهد في مداخلته بحديث المباهلة وطالب أن «يُشرح بشكل واضح في المذكرة التفسيرية» أن المقصود بـ«آل البيت» هم فقط «علي وفاطمة والحسن والحسين».لست بصدد تقييم أداء السعدون البرلماني، ولكنني حريص على كشف التباين بين نهجه السياسي وبين هويته السياسية التي رسمتها لنا وسائل إعلام متنوعة في العقود الزمنية الماضية. فموقف السعدون المعارض لمقترح تحصين الأئمة الاثني عشر، بالإضافة إلى عدد من المواقف الأخرى ذات البعد الديني، كشفت أن الجانب الديني لديه طاغٍ على الجانب الدستوري. فعوضاً عن التعاطي مع المقترح بمنظور دستوري يساوي بين أطياف المجتمع في الحقوق والواجبات، وبمنظور وطني يصون النسيج المجتمعي من الفتن الطائفية، تبنى المنظور الديني فطالب بإقرار التعريف الأوسع للصحابة والتعريف الأضيق لـ«الآل» في المذكرة الإيضاحية للقانون.وفي جانب آخر، أوضح رئيس اللجنة التعليمية الدكتور فيصل المسلم أن اللجنة تباحثت حول اقتراح إضافة «الآل»، وبعد الاستئناس بعدّة آراء توصلت إلى أن النص المُعد من قبل اللجنة - الخالي من ذكر «الآل» - يحقق مقصود الجميع. فعقب عليه مباشرة عضو اللجنة الدكتور حسن جوهر بكلمة وطنية رائعة نفى فيها وصول اللجنة إلى نتيجة حاسمة بشأن إضافة «الآل». ولكن بعد مراجعة تقرير اللجنة حول مشروع القانون، تبين أن اللجنة رفضت بالإجماع اقتراحاً قدّمه النائب صالح عاشور بضم «آل البيت» في نص المادة (19).من حق السياسيين تبني أي نهج سياسي طالما كان متوافقاً مع الدستور. في المقابل، من واجبنا الوطني تقييم هذا النهج وفق الوثائق الرسمية والشواهد المعتبرة، بشكل منعزل عن الأحكام المسبقة المتواترة. فالكثير منا مازال ضحية التضليل والتلاعب بالعقول الذي مارستّه تجمعات سياسية متطرفة، منحت وسام الوطنية لحلفائها، وألصقت وصمة الطائفية بمعارضيها. وضرورة واجب التقييم مؤكدة، لأننا عند مفترق طريقين: العودة إلى أجواء الاحتقان الطائفي، أو الاستمرار في ترميم النسيج الوطني... «اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه»[email protected]

أسامة سفر

من الآخر استفتوا الشعب!
أتابع كغيري من المواطنين ما يتم تداوله من برامج إصلاحية قُدمت - وستقدم - وكذلك المقابلات التي تمت، وما صدر عنها من تصريحات نفي أو تصحيح هنا وهناك.يهمني هنا ما قدم أخيراً، وأتساءل هنا من فوض المتقدمين بها للتحدث عن الشعب الكويتي؟! ولم هذا الغموض في نشر ما طالبا به؟ علماً بأن هناك برامج إصلاحية أخرى ستقدم قريباً من قبل التيارات السياسية في الكويت، جميعها - وهذا رأيي الخاص - لا مصداقية لها كونها تعبر عن رجال السياسة وعن مصالح معينة.اليوم يتحدث هؤلاء جميعاً بلسان الشعب الكويتي، ولا ننسى هنا أن هناك مجلس الأمة وهو حسب القانون الممثل الشرعي للشعب، لكنه كذلك في آخر أيامه ولا يصح أن يرتب لأمور عامة وعمره لا يتعدى ثلاثة أشهر، وعليه فإني أقترح بصورة مباشرة أن نوضح الأمور للشعب الكويتي كافة، ولا يمنع أن يتم عمل استفتاء على مستوى الشعب للتصويت عليه، وهو أمر ليس بالصعب إطلاقاً ويمكن أن يتم بسهولة ويسر عبر رابط إلكتروني يدخل عليه كل كويتي، يحق له التصويت في الانتخابات، وبالتالي يصوت بالموافقة أو الرفض على البنود التي تقدم بها جميع الأطراف.إننا اليوم نمر بمرحلة حرجة لا تخفى على أحد، نحتاج اليوم إلى حسم أمور عدة واضحة للعيان والتأخير عن الإعلان عنها لا يصب في مصلحة دولة الكويت!* بالمناسة:علينا توخي الحذر من البعض، الذين اتضحت نواياهم[email protected]

أمل الحمود الصباح

إلى جنة الخلد يا أبونا
«إنّ العينَ لتدمع وإن القلبَ ليحزن، وإنّا على فراقك يا (بوناصر) لمحزونون، لكننا نؤمن بالدين الإسلامي حيث التوحيد والإيمان بالقضاء والقدر وأن الموت حق علينا انطلاقاً من الآية الكريمة (وكلّ نفسٍ ذائقة الموت) وإنا لله وإنا اليه راجعون». نعم اعتصر القلب ألماً بفاجعة موت حضرة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح يرحمه الله وأسكنه فسيح جناته مع الأنبياء والصديقين إن شاء الله. فقد كان الأمير الراحل بمثابة «الأب الحنون» لكافة الشعب الكويتي بمكونات نسيجه الاجتماعي، مما ترك أثراً عميقاً لدى الجميع بل إن الكثير من الأخوة المقيمين شاركوا الشعب الكويتي حبه لهذا الأمير وحزنه لوفاته. وعندما نقول إن سمو الأمير كان بمثابة والد لكافة أبناء الشعب هي جملة حقيقية نظراً لطبيعة العلاقة بين الحاكم والمحكوم، والشعب الكويتي ومن عاش على تلك الأرض الطيبة يدرك ماهية تلك الجملة وأنها ليست جملة تقال فقط، بل هي تعكس طبيعة العلاقة الإنسانية في المجتمع الكويتي. ولا يمكن ذكر الدور الرئيس الذي قام به رحمه الله طوال مسيرة عمله وزيراً أو رئيساً للوزراء أو أميراً لأن الأمر سيطول، ولكن يمكن تلخيص ذلك بجملة أنه شارك بشكل فاعل في تنمية وتطور المجتمع الكويتي في المستويات كافة، ومنها دعمه المتواصل للمرأة الكويتية لتقف إلى جانب الرجل في ارتقاء المجتمع الكويتي. ولقد ترعرع رحمه الله في بيت الحكم واكتسب مهارات السياسة في سن مبكرة، الأمر الذي أهّله ليكون مشاركاً في صناعة القرار الكويتي منذ زمن بعيد، فكان أول من يلقي كلمة في هيئة الأمم المتحدة بمناسبة انضمام دولة الكويت لعصبة الأمم المتحدة في عام 1963م، وكان عميد وزراء الخارجية على المستوى العالمي، الأمر الذي منحه الكثير من العلاقات مع رؤساء الدول العظمى وبقية رؤساء دول العالم، خصوصاً أن الكويت تتمتع بعلاقات طيبة مع الكثير منها كما أن له علاقات مع بقية وزراء الخارجية في العالم ومسؤولي المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة وغيرها من بقية الهيئات. وكان له دور كبير في إيجاد الحلول للكثير من المشاكل التي حدثت في المنطقة وفي مناطق أخرى من العالم، فكان دوره إيجابياً في عدم تفاقم المشاكل خصوصاً أنه كان مقبولاً كوسيط من قبل المتنازعين لأنهم يدركون مكانته وعلاقته الطيبة مع الأطراف المتنازعة كافة، وكان قد عمل لحماية مجلس التعاون الخليجي من التصدع ومن حدوث الاحتمالات السيئة للمنطقة. ولا ننسى دعمه المتواصل للقضية الفلسطينية في المحافل الدولية، وفي تقديم الدعم المتواصل لمنظمة التحرير الفلسطينية وللشعب الفلسطيني. وكان دائماً رحمه الله صاحب اليد البيضاء داخل الكويت وخارجها، وقد قضى جل عمره في خدمة الكويت والأمة العربية، وكان له دور كبير في حشد الرأي العام خلال فترة الاحتلال العراقي للكويت، وكان قبل ذلك وبعد ذلك مؤمناً بضرورة التوافق العربي وحل مشاكل الأمة فقد كان عروبي الهوى في فكره ومسيرته، وكان صاحب قرار وكان يعمل من أجل دعم الدول الإسلامية. ولم يكن حصوله على لقب قائد العمل الإنساني في عام 2014م إلا كحصاد للعمل الإنساني المضني، الذي قام به سموه بتقديم يد العون إلى هيئة الأمم المتحدة التي تشرف على تقديم المساعدات للدول المحتاجة، أو عبر تقديم العون المباشر باسم دولة الكويت للكثير من الدول الشقيقة والصديقة، وهذا هو امتداد لأمر جبل عليه حكام الكويت بتقديم المساعدة، خصوصاً بعد الطفرة النفطية إذ قدمت الكويت الكثير من الأموال للدول المنكوبة ولتمويل مشاريع تنموية في تلك الدول، ولا داعي لذكرها فهي واضحة كالشمس كما أنه حصل على الكثير من التكريم من قبل الدول الشقيقة والصديقة، وكان آخرها من قبل الولايات المتحدة الأميركية. ندعو الله جميعاً أن يرحمه ونقول: «إلى جنة الخلد يا أبونا»، كما ندعو الله جل جلاله أن يعين أمير البلاد سمو الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه، ليكون خير سلف لخير خلف وأن يكون قائداً ليكمل مسيرة التشييد والارتقاء في المجتمع الكويتي.

أنوار التنيب

وداع... العام البائس!
ها نحن يا صديقتي ننفخ الهواء على شموع الأيام... كم شمس أشرقت وكم قمر غاب خلال السنوات التي مضت، ودحرجتنا بكل شكل ولون، إلى هذا اليوم من العام الحزين، الذي لا نجد فيه ملاذاً غير الأمنيات المؤجلة، وذكريات من العمر الهارب، ولكن القلق من كل عام مقبل، صار ديدننا، وهذا العام البائس، الذي أفلت منّا كل حبال كانت تصلنا بكل شيء أحببناه في الحياة. آه يا صديقتي... ما لها الحافلة تسير بتلك السرعة الهائلة؟ لماذا لا تترك لنا مساحة من الوقت لنطوي ملابسنا بشكل لائق في حقائبنا الصغيرة، ونجلس بأمان وسلام على ظهرها؟ إننا نركض كما تركض الثواني المتساقطة من ساعة الوقت، وتتناثر منا أيامنا كتناثر أوراق الشجر مع الريح، ما الذي يجري حقاً يا رفيقتي؟... في حفل ميلادي السابق - والذي يصدف أول أيام العام - كنتِ أنتِ معي ومجموعة من الصديقات نطفئ تلك الشمعة المغروسة في كعكة التوت، ونغني معاً أغاني كنا نغنيها في مطلع الشباب، وتسامرنا حتى قبل منتصف الليل، ثم رحلت كل واحدة منكن تاركة عبق روحها في هذه الروح. واليوم... من هذه السنة الخادعة، أصبحنا فجأة نلوّح لبعضنا بمناديل الشوق، ونتراسل ببعض الصور والرسائل النصية، لماذا صار هذا الشارع الملتوي يبعدنا يوماً بعد يوم عن أحبتنا؟ لماذا صار البعد أسلم من اللقاء؟ ما أتعس هذا العام الذي سلب منا ألوان لوحاتنا ونوتات أغنياتنا... حتى مشاريعنا غدت مؤجلة إلى إشعار آخر. فقد أصبحنا نمسح زجاج نوافذنا كل يوم من أتربة الوحدة والقلق مما يجري حولنا، لعل وعسى أن تجد أشعة الشمس الذهبية منفذاً لتخترق صدورنا وتضفي عليها الأمان والدفء، فكم أحب نور الشمس هذا الذي يكشف لنا تفاصيل الحياة ونراها بألوانها الزاهية وأشكالها المختلفة، ففي شروقها يولد يوم جديد... وأنا أنتظر مع هذا المولود الجديد... كمَنْ ينتظر قديماً من ساعي البريد أن يأتي له برسالة خطية من عزيز يسكن في أقصى بقاع الأرض، لكي يطمئن على أنه لم يزل يحتفظ بذلك الود، إنه الانتظار... فقط الانتظار الذي يُهدر الكثير من أيام العمر. صديقتي... هذه الشمس لها جزء يسكن في نفسي، إني في اتحاد دائم بنورها، ولا أخفي عليك بأنني أرى من خلالها قلبي بين أضلعي وهو ينبض بالحياة، وشمس العام الجديد ستشرق بعد أيام على أرضنا، لذا لن أدع بعد الآن أجنحة الغيوم تُخيّم على سمائي، ولن أدع جرذان الظلام تأكل من حديقة أحلامي التي غرست شتلاتها بالحب والأمل، أعدك... سأهزم بحول الله كل حرب جالت في نفسي طوال هذا العام البائس المنصرم، فقد فصّلت لعامي المقبل ثوباً زهرياً ولن أدع القهوة تندلق ثانية على فستاني. [email protected]

إبراهيم العوضي

(توم وجيري) وخفض التصنيف الائتماني!
خفض التصنيف الائتماني للكويت من قِبل وكالة موديز إحدى مؤسسات التصنيف الدولية الثلاث، أمر لم يكن مستغرباً ومستبعداً. ففي مارس الماضي، خفضت وكالة ستاندرد آند بورز تصنيف الكويت هي الأخرى!الكويت التي تعتبر من أكبر الدول التي تمتلك احتياطيات نفطية عالية، وذات صندوق سيادي من المفترض أن يكون متنوع الأصول، ولها قوة مالية استثنائية كما تذكر الوكالة تعاني الأمرين بسبب النقص الحاد في السيولة، الذي بدا واضحاً وصرح به أكثر من مسؤول حكومي.وكالة موديز ذكرت وبما لا يدعو مجالاً للشك أن غياب الحوكمة وضعف المؤسسات الحكومية كان من بين الأسباب التي أدت إلى تخفيض هذا التصنيف، وهذا يعطي انطباعاً صريحاً أنه حتى الجهات الدولية بدأت تعي وتدرك حجم الفساد الذي تعاني منه أجهزة الدولة المختلفة دون حسيب أو رقيب!كما أكدت الوكالة أن الحكومة استمرت بعجزها الدائم في معالجة الصدمات المتكررة لانخفاض أسعار النفط من خلال اعتمادها المطلق عليه من دون غيره وفي ضبط المصاريف والنفقات التي تضاعفت بشكل هائل ومستمر خلال السنوات الماضية!الشاهد، والأسباب الأخرى التي ذكرتها الوكالة متكررة ومعروفة للجميع، أن الكل يعلم أسباب المشكلة والكل يعرف مكامن الخلل والكل يعي طريق العلاج، ولكن مع الأسف كل الجهاز الحكومي يقف موقف المتفرج على كل ما يحدث وكل ما يجري، فاستمرار الحال يعني باختصار السير إلى طريق الهاوية لا محالة!لقد لخص المحافظ في رسالته إلى وزير المالية الوضع قائلاً (حدث ما كنا نخشاه) مجدداً دعوته (وبإلحاح مستحق)، إلى معالجة الوضع لتحقيق الإصلاح الاقتصادي والمالي.الأمر الآخر المخيب للآمال أن مجلس الوزراء للتو (صحا من النوم)، ليكلف الأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط بوضع خارطة طريق للإصلاحات الاقتصادية والمالية لتحسين تصنيف الدولة السيادي، وكأنه عرف بالخلل الظاهر للعيان فقط عندما خُفض تصنيف الكويت، ولم يكتفِ باللجان والفرق العديدة المشكلة بهذا الخصوص ليضيف معه هذا التكليف لعل وعسى أن يصلح الحال، والله من وراء القصد!***قصة الحالة المالية للدولة مثل قصة مسلسل الأطفال الشهير على أيامنا (توم وجيري)، الذي يصادف اليوم وقبل خمسة عشر عاماً عرض آخر حلقة منه. فالدولة المتمثلة بـ(توم) تعلم مكامن الخلل وأن طريق النجاح هو القبض على (جيري)، وتراه أمامها كل يوم لكنها عاجزة عن تحقيق ذلك، وظلت حتى الحلقة الأخيرة مع تخفيض التصنيف الائتماني فاشلة في الوصول إلى (جيري)، ويبدو أنها تحتاج إلى حلقات عديدة ومواسم متكررة حتى يمكن أن تصل إليه بعد أن تغير عقليتها ونهجها في معالجة الأمور، كما هو الحال مع (توم)! والله المستعان!

جابر الهاجري

المغرب... مغربنا
الإقامة في أي بلد عربي لا تشعرني بالغربة... فما بالك عندما يكون بلداً جميلاً يملك كماً ضخماً من التنوع الفكري والثقافي والانساني والديموغرافي، بلد لديه رصيد مليء بالبطولات التاريخية والأبطال، بلد يقوده ملك يحبه الجميع لقربه من الجميع ومحبته لهم، وشعب مضياف متحضر أصيل، شعب منفتح محب لكل من يزوره، بلد (أسود الأطلس). ذات يوم قبل سنوات عدة، ومن دون سابق معرفة هبطت الطائرة في مطار محمد الخامس، في الدار البيضاء (كازابلانكا)، وجد الفقير إلى الله نفسه في المغرب، بلد العجائب دونما مقدمات، قررت أن استقر في أكثر مدن المغرب جاذبية في الجزء الأوسط الجنوبي بعيداً عن البحر، وجدت نفسي في المدينة الحمراء (مراكش) التي أصبحت في ما بعد مدينتي التي احب، حيث وجوه الأصدقاء المخلصين، وطرقاتها وزنقاتها القديمة، ومساجدها التاريخية ومآذنها التي اتخذت من مأذنة مسجد الكتبية نموذجاً لها كبقية مساجد المملكة، صارت كل هذه الأشياء إدماناً نظرياً شبه يومي، صباحاتها الباكرة والنشطة التي تعج بالساعين إلى أعمالهم مشياً ولمسافات طويلة، من المشاهد المنعشة كل يوم، مدينة حية، تتحزم بجبال أطلس الشامخة، رغم حرارتها صيفاً التي تشبه طقسنا الخليجي، إلا انها ترأف بنا بعد مغيب الشمس حيث تنزل درجة الحرارة إلى ما دون العشرين، مدينة السبعة رجال المباركة، مدينة جامعة القاضي عياض، حيث العلم والعلماء والمتعلمين، مدينة الأسوار العالية والأمان، مدينة المسرح الملكي الذي يرحب بالقادمين عبر القطار ومحطته الزاهية، مدينة، أهيم بها وفي شوارعها، بعد صلاة الفجر أو بعد الغروب، مدينة (القوتشي) الذي تقدح حوافره على الأسفلت بكل ثقة، مدينة ساحة الفناء وما ادراك... ساحة البهجة... مدينة يزينها الأصدقاء مثل يوسف بوحوش، هذا الإنسان النموذج النبيل الحافظ لكتاب الله، والمثقف الحكيم الرزين الذي لاتمل حديثه، ولحديثنا بقية... دمتم بخير. jaberalhajri8@

جراح البهلول الفضلي

أبا تركي... كيف قويت على تركي؟!
هي الذكرى السنوية الأولى لرحيل أبي جسداًأبي لم يرحل روحاً...روحه ما زالت تحادثني في كل أمر...فأنا لا أنسى عندما تصفح أحد أصدقائي المحامين حسابي في (تويتر)، وقرأ كمية السب الموجهة لي من قبل بعض المغردين.‏فقال لي صديقي المحامي: توكيل منك في أول سنة‏سيكون في حسابك 250 ألف دينار.قال لي أبي:‏أي شكوى لأي شخص لا أنا أبوك ولا انت ولدي،وأكمل ناصحاً: قد يكون خلف هذا الشخص ابن أو ابنة أو أم أو أب أو زوجة...رحل أبي وما زلت على عهدي له بأن أنام مظلوماً لا أنام ظالماً...لقد كان والدي بهلول عوده الفضلي، هيّناً ليّناً مع الناس.لهذا منذ رحيله يوم 20-7-2023 إلى الآن كلما قرأت حديث الرسول، صلى الله عليه وسلم،: (ألا أُخبركم بمن يحرم على النار، أو بمن تحرم عليه النار؟ تحرم على كل قريب هيّن ليّن سهل).نعم كلما قرأتُ هذا الحديث أشعر بالراحة والفرح بأن أبي، رحمه الله ستحرمُ عليه النار بإذن الله تعالى...أبا تركي... كيف قويت على تركي؟!منذ رحيلك... لا للنوم طعم... ولا للحياة طعمأبا تركي... في حياتك كنت طفلاً أتعلمأبا تركي... بعد مماتك أصبحت رجلاً يتألم...أحبك أبي«إنّا لله وإنّا إليه راجعون».

حسين الراوي

حكاية محكمة الرقعي!
سأكتب لكم حكاية وقعت معي، وهي أشبه بالخيال، ولم أكن أتصوّر من قبل بأني سأمر بها في يوم من الأيام، حكاية جعلتني ككيس الشاي الذي يصعد مرّة في الهواء والمرّة الأخرى ينزل في كوب الماء الساخن لمرّات عدة، غير أن الفرق بيني وبين كيس الشاي أنني كنت أصعد عالياً في بهدلة وأنزل مرّة أخرى في بهدلة!فبسبب إحدى القضايا الصحافية وكالمعتاد اتجهت إلى محكمة الرقعي من أجل أن أرفع البلوك الذي وُضع على اسمي، من أجل إتمام بعض المراجعات الحكومية المهمة، وفور دخولي المحكمة اتجهت نحو الاستعلام القضائي، وسألت إحدى الموظفات بعد أن قدمت لها كل الأوراق المطلوبة: كيف أرفع البلوك عني؟ فقالت لي: اصعد للدور الثامن عند ما يسمونه بالجدول، فلما صعدت واتجهت إلى الجدول وجدت بشراً كُثراً متزاحمين عند المدخل، ويوجد لتنظيمهم شخص عسكري مع مجموعة من موظفي شركة الحراسة ذكروني بفتوات الحارات القديمة، وبعد الانتظار والعطش جاء دوري فأعطيت أوراقي لإحدى الموظفات هناك من تحت الشباك اللعين وأنا بوضع جسدي مخجل، وطلبت منها أن تستكمل لي بقية إجراءات رفع البلوك عني، فدققت بأوراقي وقالت لي بكل ثقة: انزل الدور الرابع، هناك راح يخلصونك. فأخبرتها أن موظفة الاستعلام القضائي هي من وجهتني أن آتي إلى هنا! فقالت لي بثقة: أخوي هذا شغلي، روح للدور الرابع ومالك شغل! وما حيلة المضطر إلا أن يكون مطيعاً فتوكلت على الله ونزلت نحو الدور الرابع، وعند خروجي من المصعد وجدت أمامي إدارة يجلس في واجهتها مجموعة من الموظفين، ولما قدمت لهم أوراقي ودققوا بها قالوا لي بأن ليس لهم علاقة بأوراقي لا من قريب ولا من بعيد، حيث إن إدارتهم مختصة بالمخاصمات الأُسرية! فوقفت مذهولاً مما سمعت! وتذكرت كيف كانت موظفة الجدول تكلمني بتلك الثقة المطلقة! فقررت أن أنزل من جديد نحو الاستعلام القضائي، وبعد أن وصلني الدور أخبرت الموظفة ذاتها بكل الذي جرى معي والوقت الذي هُدر حتى رجعت لها من جديد، فسألتني وين أوراق البرنت اللي طبعتها لك؟ فأخبرتها بأنها لم تطبع لي ولم تعطني أي أوراق! فاعتلى وجهها شيء من الحرج، ثم طبعت لي أوراق برنت وقالت لي أن أصعد للدور الثامن من جديد! وما حيلة المضطر إلا أن يكون مطيعاً فتوكلت على الله وصعدت الدور الثامن وبصعوبة بالغة استطعت أن أُقنع فتوات الحارة الذين كانوا بالخارج بضرورة دخولي، وبعد أن دخلت اتجهت إلى شباك الموظفة ذاتها التي كانت تكلمني بثقة، فأخبرتها بكل الذي جرى معي بنبرة حزن وأنا صعبان على نفسي، فأخذت مني كل الأوراق وأخذت تدقق وتتبصر بأوراقي ثم رفعت رأسها وقالت: اخوي شغلك مو عندي، شغلك في الدور الأول مكتب وزارة الداخلية عشان تطلع شهادة تحديد جلسة! وما حيلة المضطر إلا أن يكون مطيعاً فتوكلت على الله ونزلت للدور الأول فدخلت بشق الأنفس مكتب وزارة الداخلية، وبعد أن جاء دوري قمت وتكلمت مع إحدى الموظفات هناك وأخبرتها بالذي جرى لي، فقالت لي: وي مسكين! وبعد أن دققت بأوراقي قالت لي: اصعد للدور الثامن! فشعرت على الفور بألم في بطني! وما حيلة المضطر إلا أن يكون مطيعاً فتوكلت على الله وصعدت الدور الثامن ولأن العسكري وفتوات الحارة رأوني عندهم أكثر من مرّة ادخلوني على الفور، فلما وصلت لذات الموظفة المتكلمة بثقة، قالت لي: والله شغلك مو عندي، وأنا أقف أمامها كما يقف الطفل المخطئ أمام أمه. ثم نزلت للدور الأول من جديد وهناك رأيت فتاة ترتدي «بالطو» المحامين فطلبت منها مساعدتي وأخبرتها بقصتى بالكامل، فضحكت من الذي سمعته وهي متشككة! فأقسمت لها بالله أن هذا هو الذي حصل معي اليوم، ثم قالت لي استخرج شهادة تحديد موعد جلسة من الاستعلام القضائي، وبعدها سيكون كل شغلي في منطقة الصليبية في إدارة تنفيذ الأحكام، وهناك سيقومون بتوجيهي، ولأن وقت العمل قد انتهى، ذهبت في اليوم التالي نحو الصليبية وأنهيت اجراءات رفع البلوك!

حسين علي الطرجم

شباب دول «التعاون» وآسيا الوسطى في منتدى طاجيكستان
في حديقة لوتشوب، في طاجيكستان غرس شباب خليجيون ومن آسيا الوسطى شجرة سميت بـ«شجرة الصداقة».جمهورية طاجيكستان استضافت فعاليات «منتدى شباب آسيا الوسطى ودول مجلس التعاون الخليجي»، وذلك بمشاركة وفود شبابية من عدد من دول الخليج العربية ودول آسيا الوسطى. وقد هدفت الفعالية إلى تعزيز التبادل الثقافي والحوار بين الشباب، وبحث فرص التعاون المشترك في المجالات الشبابية والتنموية.شهد المنتدى تنظيماً متقناً تضمّن جولات ميدانية للوفود المشاركة للاطلاع على أبرز المعالم الثقافية والتاريخية في العاصمة دوشنبه، من بينها تمثال إسماعيل سماني، أحد رموز الهوية الوطنية الطاجيكية، وقصر نوروز، الذي يُعد من أبرز معالم العمارة التقليدية في البلاد.كما شملت الفعاليات زيارة إلى حديقة لوتشوب، حيث تمت زراعة شجرة سميت «شجرة الصداقة»، بمشاركة ممثلين عن الدول المشاركة، تعبيراً عن أهمية الشراكة والتعاون بين الشعوب. وقد هدفت هذه المبادرة إلى ترسيخ مفاهيم الصداقة المستدامة والتواصل بين الأجيال الشابة في المنطقتين.من جهة أخرى، أقيم معرض رياضي وفني بجانب دار الأوبرا في العاصمة، سلّط الضوء على التراث الثقافي والرياضي في طاجيكستان، وشمل عروضاً للرياضات التقليدية والمعاصرة، وأعمالاً فنية يدوية، بالإضافة إلى معروضات من الأحجار الكريمة والموسيقى الفلكلورية، ضمن أنشطة هدفت إلى إبراز التنوّع الثقافي المحلي.شارك في المنتدى ممثلون من دول مجلس التعاون الخليجي، من بينها الكويت، قطر، سلطنة عمان، المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة. وقد ساهمت المشاركة الخليجية في إثراء النقاشات وفتح آفاق للتعاون الشبابي في المجالات الاجتماعية والثقافية والتنموية.وشهد المنتدى لقاءات ثنائية بين الوفود، تم خلالها تبادل وجهات النظر حول سُبل تعزيز العلاقات الشبابية بين دول آسيا الوسطى ودول الخليج، كما عُقدت جلسات حوارية تناولت قضايا ذات صلة بريادة الأعمال، والعمل التطوعي، والابتكار.وعلى هامش الفعالية، التقى المشاركون بعدد من المسؤولين الطاجيك، من بينهم معالي الوزير ذو الفقار زاده، الذي رحّب بالمشاركين وأكد على أهمية دعم المبادرات الشبابية بين الدول، إضافة إلى حضور رسمي من السفارة الطاجيكية لدى دولة الكويت ممثلة بالسفير الدكتور زبيدالله زبيدوف، والسكرتير الثاني السيد أكرموف.تجدر الإشارة إلى أن المنتدى يأتي في إطار الجهود الإقليمية لتعزيز دور الشباب في التنمية المستدامة وتطوير العلاقات بين الدول على أسس التعاون والتفاهم المشترك.

حسين مهلهل الياسين

نزاهة... ما تشيلها بعارين
الهيئة العامة لمكافحة الفساد، أُنشئت بقانون سنة 2016، جاء إنشاء هذه الهيئة كاستجابة لمتطلبات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد! يعتقد أي مواطن أن نوايا إنشاء الهيئة من أصحاب القرار جاءت لعلاج كوارث الفساد المتكرّرة وليس لإخبار العالم أنّ لدينا هيئة لمكافحة الفساد كمَعلم من معالم الكويت. الواضح أن الهيئة ولدت بقصور تشريعي قد يكون متعمداً لبعض القوانين المهمة والتي تحتاج حالياً إلى تشريعات جديدة، ما جعل وجودها كلفة إضافية على الدولة دون أثر أو مقابل ملموس؟! هناك أسئلة كثيرة تفرض نفسها على الساحة ويتداولها المواطن، هيئة يتمتع العاملون فيها بمزايا مالية عالية وتأثيرها ضعيف جداً مقارنة بكلفة إنشائها... ما فائدتها؟! حيث يقتصر عمل الهيئة حالياً على تلقي البلاغات عن فساد مراتب إدارية عُليا، ابتداءً من مدير إدارة فقط وفق قانون إنشائها والمعمول به حالياً. السؤال الأول: لو كان نائب مدير إدارة أو سكرتير الإدارة أو موظف عادي يتعامل (بالرشوة) لتخليص المعاملات وغيرها من أوجه الفساد التي باتت حديثة كيف يمكن للمواطن الإبلاغ عنها؟! السؤال الثاني: لماذا لا يكون من مهام الهيئة المبادرة في كشف الفساد، وليس تلقي البلاغات فقط، فتكون ذراعاً حكومية فعّالة لها ضبطية قضائية مثل هيئات مكافحة الفساد في الدول المتطورة بأساليب كثيرة منها (المتسوق السّري): الذي يسير بمعاملات وهمية. 1) لتحديد مواطن الخلل لتقويمها. 2) والاستدلال على الفساد لمحاسبة أصحابه. وهذا الأمر تستطيع الهيئة القيام به بأسلوب غير مباشر (حالياً) لحين إقرار القوانين اللازمة لعمل الهيئة عن طريق تكوين لجان بالتعاون مع وزارتي الداخلية والعدل...، لكني أعتقد أن روح المبادرة مفقودة لأسباب كثيرة لا يسع المجال لذكرها. 6 سنوات من إنشائها ولم نر أثراً ملموساً للهيئة حتى أخذ الفساد بالتحور إلى أساليب جديدة. الهيئة بحاجة إلى تصحيح مسار عن طريق اكتمال وضع القوانين اللازمة لممارسة عملها بالشكل الصحيح والإسراع بإقرار القوانين الجديدة والقوانين المقدّمة سابقاً، والمركونة بمجلس الأمة تنتظر إقرارها والتي لم تأخذ أولوية لدى أعضاء المجلس الذين يرفعون شعارات مكافحة الفساد! كما نأمل أن تتم إعادة دراسة هيكلة الهيئة وعملها وصلاحياتها لممارسة دورها على الوجه المنشود، وبالمهنية المطلوبة، ولن يأتي إلّا من خلال خبرات متخصصة في هذا المجال لها دراية بمعايير الرقابة العالمية في تشخيص الفساد وسبل مكافحته. هل سيكون من أولويات سمو رئيس مجلس الوزراء النظر في مؤهلات القيادات والعاملين في المؤسسات والهيئات الحكومية وبهذه الهيئة على وجه الخصوص كخطوة إصلاح ضرورية ومملوءة بالنزاهة حتى تتمكن الهيئة من العمل بفكر وروح ونهج جديد متطوّر بقيادات لها خبرة ودراية وممارسة وفقاً للمعايير العالمية لمكافحة الفساد ويشعر المواطن بأثرها كما شعر به مواطنو إحدى البلدان الشقيقة والذي لم يستغرق الوقت شهوراً فقط حتى تم استرداد المليارات؟! فالخلل السابق في موضوع الترشيحات والتعيينات بات واضحاً في مؤسسات الدولة بشكل فاضح وهذا ما نجني ثماره من ارتفاع مؤشرات الفساد بالكويت... لذلك نتوجّه بهذا المقال لأصحاب القرار وعلى رأسهم سمو الشيخ أحمد النواف الصباح، أول رئيس مجلس الوزراء بالعهد الجديد الذي أعلن عن بدايته سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الصباح، إن لم تفعّل السلطات الرقابية وعلى رأسها «نزاهة» بكامل صلاحياتها فسيكون وجودها وعدم وجودها سواء؟! المناصب الرقابية يجب أن يكون تأسيسها من منطلق مهني خالٍ من المحسوبية حتى نضمن جودة الأداء وحياديته... فالطاقات الكويتية لها خبرات طويلة وشهادات دولية معتمدة في مكافحة الفساد والأسس الرقابية للأداء الحكومي وللأسف لم يتم استثمارها بسبب المحسوبية والواسطة! الكويت وعنوانها المأمول نبيها نزاهة ما تشيلها بعارين!

حمد الحمد

داوود معرفي وعبدالوهاب العيسى... أمل التغيير
تابعت بالأمس عبر مواقع لقطات من سير جلسة مجلس الأمة الافتتاحية، وأعجبتني كلمة للنائب الجديد داوود معرفي، وتلميحه بأنه يُفترض أن يكون للشباب دور في التغيير. فعلاً مجلس الأمة بحاجة للتغيير في النهج من قِبل روح شبابية، فرغم عمر المجلس الذي تجاوز اكثر من ستة عقود ما زال يعيش في جلباب إداري قديم، أو ما نُطلق عليه نموذج مدرسة مُلا مرشد ومدرسة عقاب الخطيب، رحمهما الله، فما زال التصويت للحضور والغياب برفع اليد، أو حساب الحمّارة القديم بالشخط على الحائط، وكذلك التصويت على الكثير من القوانين والتسجيل في كشف الحضور بالاسم. هل يُعقل، نظام قديم تجاوزه الزمن بالفعل، وتخطته كل برلمانات العالم عالمية وعربية، حيث التصويت عبر أجهزة الكمبيوتر، والنتيجة تظهر بلمح البصر، وليس بالورقة والقلم، كم من وقت يأخذ النظام القديم، نعم هناك وفق اللائحة تصويت سري هذا يُترك امره، لكن أكثر سير عمل المجلس تصويت علني، إذاً ما فائدة أن يكون هناك أمام كل نائب جهاز كمبيوتر وبيده موبايل. كذلك رغم عراقة المجلس ما زال يُرسل دعوات حضور ورقية مُذهبة، رغم أن المواطنين في اعراسهم هجروا هكذا عادة، واصبحوا يرسلون دعوات بروابط عبر الموبايل. وينقلون عبر حساباتهم البنكية آلاف الدنانير من حساب لحساب بثقة وأمان. الغريب أن الحكومة الذي يُطالبها المجلس بالتطوير، قد حدثت أنظمتها والكثير من المُعاملات تتم عبر تطبيق سهل، منها تجديد إقامة والكثير من المعاملات، ومجلسنا ما زال أمينه العام يستهلك وقته في كل جلسة بطلب من الأعضاء برفع اليد الواحد تلو الآخر وبالاسم. صراحة، أملنا كبير في أن يعمل الشباب من أعضاء المجلس خصوصاً النائبين داوود معرفي وعبدالوهاب العيسى، وهما من رجال الأعمال الشباب، للسعي الجاد نحو التغيير فالمنظر الذي تكلمت عنه، لا يتوافق مع الواقع الحكومي والخارجي وتجاوزه الزمن وأقول مُخجل. اذكر قبل «كورونا» التقيت مع رئيس مجلس أمة سابق في ديوانية ما، ونبهته عن هذا الموضوع وللأسف لم يرد وكأن التغيير أمر مُحرم، نحن حالياً ندخل عصر عالم الذكاء الاصطناعي، وما زال مجلسنا يعيش في جلباب نظام الكتاتيب القديم، أمر آخر، الصين ابتكرت نظاماً لمن يدخل القاعة فالكمبيوتر من ملامح وجهك يثبت انك حاضر ولا مجال لرفع اليد. هل وصلت الرسالة... أتمنى؟!، وابارك نجاح جلسة افتتاح مجلس 23، واختيار المناصب كافة من دون تدخل حكومي أو ضغط من هنا وهناك، ونأمل بإنجاز وتعاون لتحقيق الأهداف المرجوة من الشعب.

حمد سلطان بورسلي

ازرعوا النخل واحصدوا الأمن الغذائي
إن للنخلة الخضراء قصصاً كثيرة ومثيرة سواء في الزمن القديم أو في الزمن القريب، وإذا كانت الفتوحات الإسلامية قد انطلقت كأشعة الشمس من قلب الجزيرة العربية من دار الهجرة النبوية إلى جميع الاتجاهات، فإن أروع الحملات التي قام بها العرب هي «فتح الأندلس» - شبه جزيرة أيبيريا - مدخل أوروبا الجنوبي. وقصة نجاة «صقر قريش» عبدالرحمن بن معاوية - حفيد عاشر خليفة أموي في دمشق هشام بن عبدالملك - بلغت من الروعة والدهشة حداً لا يجاريها فيه أروع الحوادث الروائية في تاريخ الشرق والغرب. اختفى عبدالرحمن في مضرب من خيام البدو على ضفة من ضفاف الفرات، وفجأة حين بدت له الرايات السود للعساكر العباسيين رمى بنفسه إلى الفرات ومعه أخوه الأصغر الوليد، الذي عجز عن مواصلة السباحة فقفل راجعاً، مصدقاً الأمان فقتله مطاردوه وعبدالرحمن ينظر ويحترق حرقة لم تبردها مياه الفرات المغموس فيها. اختفى خفية، ثم سار متخفياً إلى أن بلغ فلسطين، حيث لحق به مولاه «بدر» ثم قصد شمال أفريقيا هارباً طريداً شريداً معدماً، يتنقل من بلدة إلى آخرى، حتى استقبله أخواله البربر في «سبتة» بعد خمس سنين من المذبحة، التي حصدت ثمانين رأساً من الأمويين، ممَنْ حضر مأدبة الموت على يد أزلام الدولة الجديدة خوفاً من عودة الدولة الآفلة. أعد العدة، وانطلق إلى العدوة القصوى فأجابه من الدمشقيين القاطنين في «ألبيرا» و«جيان»، وأهل الأردن القاطنين في «أرخدونه»، وأهل فلسطين ساكني «شذونه»، حتى بلغ أشبيلية وفيها عرب حمص، كما أجابه اليمانيون بغضاً في «المضري» يوسف الفهري خامس حاكم للأندلس وأول مَنْ ناب عن المضرية، نفاذاً للاتفاق الذي تم بين اليمانية والمضرية، بعد قتال وطول نزاع على أن تكون الإمارة مناوبة بينهما كل سنة، إلّا أن المضري الفهري تمنع حين بلغها. كان عبدالرحمن رحمه الله طويل القامة، سريع النهضة حازماً يتصف بأحسن ما يتصف به البيت الأموي القرشي. فتح أمصار الأندلس بلداً بلداً، فنازعه المضريون، ثم كان اللقاء بين الفريقين فكان له فتح قرطبة تحت راية خضراء، فكانت أول راية للأمويين في الأندلس. وكان أول أمر أصدره القائد الظافر المنتصر أن حال دون نهب العاصمة، وأعلن أماناً عاماً للناس، وأماناً خاصاً وضع فيه أهل يوسف المهزوم الفهري الهالك وماله تحت رعايته وأمانه. ولما توحّدت المملكة بعد حين من الدهر، واستتب فيها الأمن، برع عبدالرحمن في النماء والفنون براعته في القتال ودك الحصون وشيّد الروائع و القصور، والقناطر والجسور، وأسّس جامع قرطبة، مضارعاً به أبنية حرمي الإسلام وأكناف بيت المقدس. وحين ابتنى حديقة الرصافة حوّل قرطبة على غرار قصر الرصافة، الذي بناه جده الخليفة هشام بن عبدالملك في الشام واستجلب أول نخلة من هناك فغرسها وأنشد يقول: تبدّت لنا وسط الرصافة نخلة تناءت بأرض الغرب عن بلد النخل فقلت شبيهي في التغرب والنوى وطول التنائي عن بني وعن أهلي فازرعوا النخل، واحصدوا الأمن الغذائي. Twitter: @HamadBouresly

حمود ناصر العامر

لماذا نحن... مجرد سؤال؟!
مجرد سؤال فقط يبدر إلى الذهن - كلما استغرقني التفكير في ما يطرأ على ساحتنا المحلية - لماذا نحن الذين نجد لدينا استجواباً لوزير كل بضعة أسابيع، ثم ينتهي الأمر إلى «ثقة» أي أن أداء الوزير لا غُبار عليه، أين مواطن الخلل التي رآها النائب أو النواب المستجوِبون أنّها تستحق المحاسبة، ولماذا لم يستطع أن يقنع بها غالبية المجلس، وهل الممارسة الديموقراطية التي ارتضاها الشعب ورسّخها الدستور الكويتي تجيز صرف الجهود «جهود السلطتين» في شكوك هنا أو هناك، ثم ما يلبث أن تبدد هذه الشكوك من قِبل المستجوَب دون عناء ناهيك عن التأزيم والمشاحنات والتكهنات، وإلهاء الشارع بهذا الموقف أو ذاك.مجرد سؤال أيضاً في جانب آخر، كل الدول الآن انخرطت في معالجة تداعيات «كورونا»، مع الحذر من أي ردات أخرى للفيروس، وبدأت في اتخاذ خطوات جادة ليتعافى اقتصادها مع العودة التدريجية للحياة الطبيعية في جميع القطاعات لا سيما قطاع السياحة، وخير مثال على ذلك الشقيقة الإمارات، خصوصاً مدينة دبي، التي فتحت منافذها لاستقبال الجميع من دون تهاون في مكافحة الفيروس، بإجراءات سريعة ودقيقة وعاجلة في المطار، ويبقى التساؤل، لماذا لم نأخذ بهذه التجربة، فلدينا الفنادق والكفاءات الطبية والأجهزة اللازمة، وبدل أن نطلب حجر الناس في بلدان عدة لا تخلو من الوباء، كان من الممكن حجرهم في فنادقنا، وشغلنا قطاع السياحة، وطلبنا منهم التحليلات اللازمة على نفقتهم، فيستفيد القطاع الصحي بشقيه العام والخاص، لا سيما أننا دولة تستقبل المزيد من العمالة يومياً.مجرد تساؤل، لماذا يتأخر قرارنا في جهات عدة، في وقت نكون بأمس الحاجة لاتخاذ قرار حاسم بعد دراسة متأنية، ولا نترك الأمر للوقت؟ كثير من الدول حسمت قرارها مبكراً في شأن العام الدراسي، وطوت صفحته، ونحن ما زلنا نحاول اللحاق بهم وها هو العام الجديد على الأبواب فهل نحن مستعدون؟مجرد سؤال، كل الدول لديها قضاياها الداخلية والخارجية، تعمل على حلها وإنهائها بالجهات المختصة، أما نحن فأقل مشكلة نكبرها ونضخمها ونجعل «تويتر» مسرحاً لها، وكلٌ يدلو بدلوه وهو ليس من ذوي الاختصاص ولا ممن أوكل إليهم هذا الأمر؟مجرد سؤال: متى نرى اليوم الذي تكون فيه الكويت وجهة سياحية تجتذب الجميع في بقاع الأرض، وفق ضوابط محدّدة وتكون السياحة مصدراً لا يقل أهمية عن النفط في قيادة عنان التنمية في الكويت؟[email protected]

حنين العتيبي

الرحمة... جوهر الضمير
في زحام هذا العالم المتسارع، وبين ضجيج المصالح وتزاحم الرغبات، قد ننسى تلك القيمة السامية التي لولاها لانطفأت إنسانيتنا... إنها الرحمة.هل تساءلت يوماً؟لو كانت الرحمة تسكن القلوب حقاً، هل كان للمظلوم أن يعيش وجع القهر وحده؟ هل كانت دموعه لتغرق وسادته كل ليلة، بينما لا أحد يمد له يد العزاء أو يواسيه بكلمة؟ ولو كانت الرحمة تُشعل القلوب، هل كان الفقير ليسهر على جوعه، يراقب أفواه الآخرين وهي تمتلئ، بينما هو يعجز عن ملء فمه بلقمة تسد رمقه؟إنه مشهد يتكرّر في كل زاوية من هذا الكوكب: ثروات تُبذر بتفاخر، ومشتريات فاخرة تُعرض بلا مراعاة، بينما على الطرف الآخر، هناك من يتضور جوعاً، ويكاد ينهار تحت وطأة الحاجة.الرحمة الغائبة لا تفرّق بين غني يتكبر، وفقير يتألم بصمت. وكأن الضمير الإنساني قد أصيب بالخدر، أو صار رفاهية لا يتحمّلها العالم الذي أدمن التنافس على المكاسب، ونسي وجع الإنسان.حين نتأمل الواقع بصدق، نرى أن كثيراً من مآسي العالم لم تكن لتوجد لو أن الرحمة ظلت حاضرة في القلوب.في هذا العالم الكبير، حيث يتصل كل شيء بكل شيء، تسيل دماء الأبرياء بلا سبب، ويُيتَّم الأطفال، وتُثكَل الأمهات، وتُفقد الأرواح في صراعات عبثية لا ترحم.ما زالت هناك شعوب تموت جوعاً، وأخرى تمزقها الحروب، وأخرى يُنهكها القمع والنفي، لا لشيء سوى أن الضمير العالمي بات انتقائياً، لا يستيقظ إلا حين تتقاطع المصلحة مع المعاناة.بالله عليكم، لو كانت الرحمة فينا كأفراد، وفي قراراتنا كأمم، هل كنا لنشهد هذه الكوارث؟ هل كان سيُسمح بانتهاك الكرامة البشرية على مرأى من العالم دون أن يتحرّك ساكن؟ لو رحم بعضنا بعضاً، لو كانت الرحمة معياراً في الحكم والسياسة، في الاقتصاد والإعلام، لكان الإنسان أكثر إنسانية، وأكثر حذراً في أفعاله، وأكثر احتراماً لحقوق غيره. لما انتشرت الغيرة والحسد والحقد، ولما وجدت الخيانة طريقاً إلى العلاقات، ولا السخرية مأوى في النفوس. فالرحمة إذا غابت، تقسو الأرض ومن عليها.نحن اليوم في أمسّ الحاجة إلى وقفة ضمير.وقفة يراجع فيها كل فرد، وكل أمة، موقع الرحمة في قراراته اليومية، في تعامله مع الآخر، في نظرته للفقير، للمظلوم، للمُهمَّش والمنسي.الرحمة ليست عاطفة، بل ضرورة أخلاقية. إنها جوهر العدالة، وروح الإنسانية، ومفتاح السلام الذي ننشده جميعاً، ولا يتحقق إلا حين يرفرف من الداخل إلى الخارج، من القلب إلى العالم.وقد صدق الأديب مصطفى لطفي المنفلوطي حين قال:(لو تراحم الناس، لما كان بينهم جائع، ولا مغبون، ولا مهضوم).نعم، لو تراحم الناس، لما احتاج الضمير العالمي أن يصدر بيانات إدانة خجولة، ولا كانت المعاناة تُقابل بالصمت.لو تراحمنا، لكان لكل إنسان كرامة محفوظة، ولكل مظلوم ناصر، ولكل جائع يد تمتد بالعطاء لا بالمنّ.فعلينا أن نُحييَ هذه القيمة في أنفسنا، وأن نُربِّي عليها أبناءنا، وأن نجعل من الرحمة مبدأً لا يتجزأ، لا في بيوتنا فقط، بل في وعينا الجمعي كأمم وشعوب.علّ الرحمة تعود نوراً يهدي، لا شعوراً يُنسى، فيغدو هذا العالم، رغم اتساع أوجاعه، أكثر عدلاً وإنصافاً وسلاماً.

حياة الياقوت

من الفليك إلى الماكارون!
أتذكر في طفولتي أن شوكولاتة «فْليك» (وبعض المنتجات الأخرى أيضاً) كانت شيئاً ثميناً جداً، يُجلب للأحباب «صوغةً» حين القفول من السفر. تلك كانت مقاطعة رسمية حكومية تمنع دخول منتجات الشركات التي لها صلة مع الكيان الصهيوني. وحدث ما نعرفه جميعا: «كل ممنوع مرغوب»، ولقيت هذه المنتجات رواجاً عظيماً. وهذا درس ثمين في فن المقاطعة: المبادرة يجب أن تبدأ من الجماهير، من قاعدة الهرم لا أعلاه. كبرنا، وجاءت في 2005 أزمة «يولاندس بوستن» التي نشرت رسوماً مسيئة للنبي -عليه الصلاة السلام - وأعادت مطبوعات أوروبية أخرى نشرها تضامناً معها. فكانت نتيجتها مقاطعة شعبية كاسحة، ومظاهرات غاضبة، وأعمال عنف، بالإضافة إلى تصريحات رسمية شديدة اللهجة. اعتذرت الصحيفة اعتذاراً موارباً. هدأت الحدة مع الوقت، وعدنا نستهلك الزبدة الدنماركية وكريمات الفيوسيدين! *** ها هي فرنسا تتنكر لقيم ثورتها (حرية، إخاء، مساواة)، وتخبر المسلمين على مدى سنوات أن حريتها استنسابية، وأن الإخاء نادٍ حصري، وأن المساواة مسألة فيها نظر، تناكفهم على الحجاب والنقاب، تسمح لـ«شارلي ايبدو» سيئة الذكر أن تستسخر من نبيهم برسومها. وتظل فرنسا تستغضب المسلمين إلى أن يأتي فتى مسلم ويتهور ويردي مدرّساً عرض الرسوم المسيئة للنبي - عليه الصلاة والسلام - لطلبته في درس تاريخ. ونحن قطعاً لا نقرّ ما فعل الفتى ولا نشجع، لكن لا يجوز أن نغفل السياق الذي حدث فيه ما حدث. يخرج الرئيس الفرنسي مكابراً معلناً استمساكه بالرسوم المسيئة، ويصف هذه الحادثة الفردية بأنها «هجوم إرهابي إسلامي». ثم يأتي وزير الداخلية الفرنسي ويمعن في أذية مشاعر المسلمين، فيقول إنه منزعج من وجود المنتجات الحلال في المحلات. ماذا نفعل إزاء هذا؟ لا خيار سوى المقاطعة. وعلينا أن نعي أن المقاطعة الاقتصادية ليست وسيلة ضغط بالضرورة، لذا علينا ألّا نتوقع أن ينهار الاقتصاد الفرنسي جرّاءها مثلاً، أو حتى يتأثر بشدة، فلنكن واقعيين. المقاطعة وسيلة امتعاض، هي أداة إعلامية تستخدمها الشعوب لتوصل رسالة مفادها أنّ مشاعرها جُرحت، وأنّ تكرار ما حدث غير مقبول. المقاطعة وسيلة تحتاج نفساً طويلاً، ونتائجها الآنية صعبة القياس، كما أنّ ذاكرة الناس ضعيفة، والمثبطون من بني جلدتنا موجودون. لكنها - صدقوني - مجدية. وحتى لو لم تكن ذات جدوى، هي وسيلتنا الوحيدة المتاحة لإنكار ما حصل، ننكر بقلوبنا، وبألسنتنا، وبمقاطعتنا. آخر ما نتمناه إلحاق الخسارة بالتاجر المحلي، الذي صادف أنه يستورد بضاعة فرنسية أو يملك وكالتها. ونتفهم أن بعضهم مضطر للاستمرار في بيعها نتيجة عقود ملزمة. لكننا في المقابل نتوقع منه أن يراسل الشركة الأم لإخبارها بأمر المقاطعة الجارية، التي قد تؤثر على طلباته المستقبلية من البضاعة. هذا كل ما نريد. وستظل المقاطعة ردة فعل عاطفية غاضبة، إلى أن تتبناها جهة تتمكن من تجييرها لتتحول إلى ثمرة تشريعية. وقرأت مقترحاً لأحد الزملاء مفاده أن تفضي المقاطعة إلى إصدار قانون تجريم الإسلاموفوبيا على غرار قانون تجريم معاداة السامية. وهذا نضال يقوم به مسلمو فرنسا، ولهم منا نصرتهم بالمقاطعة، هذا وُسعنا. للمقاطعة جناح آخر نغفل عنه، جناح وازن. كل هذه الضجة التي ستثيرها المقاطعة ستثير من دون شك فضول الكثيرين حول العالم. من محمد هذا؟ ولماذا يحبه أتباعه إلى هذا الحد؟ سيتساءلون عن الإسلام، وعن مدى دقة ما يظهر عنه في وسائل إعلامهم. بعضهم قد يمضي في رحلته ذاتياً، لكن بعضهم الآخر سيحتاج أن نتوجه إليه. هذه فرصة مواتية أتتنا من حيث لا نحتسب لنعرّف العالم بديننا وبنبينا. هذا أوان إنتاج الأفلام، والوثائقيات، والمقالات، والكتب. هذا أوان أن نصلّي على النبي بكل اللغات، وبكل السبل. وإلى أن يحدث كل هذا، سنتوقف عن لزوم عطور فرنسا، وسنحجم عن شراء حقائبهم الثمينة ومجوهراتهم الفاخرة، وسنحمي أنفسنا عن أجبانهم بأنواعها الـ246 (والرقم على ذمة دوغول)، وسنمتنع عن تناول الماكارون الفرنسي الشهير. نعم، رحلة الانتصار لمعتقداتنا قد تبدأ بأمر بسيط كالامتناع عن قرص ماكارون ملون شهيّ.

خالد محمد المغامس

السلف والسلفية
كنتُ حاضراً في أحد المجالس الخاصة مع بعض الأصحاب الأخيار حيث يدور الحديث حول الدعوة إلى الله، وكان المتحدث أحد الشخصيات المعروفة في مجال الدعوة والتبليغ فكان حديثه ينساب منه بكل سلاسة ووضوح في إشاراته إلى بعض الجهود الطيبة التي قام بها مع بعض أصحابه في جماعة الدعوة والتبليغ خلال رحلاتهم إلى أوروبا وأفريقيا بإمكاناتهم الشخصية بهدف شرح عقيدة الإسلام الصحيح بعيداً عن ما يثار حوله من مغالطات وتشويه في الإعلام العالمي وخاصة الأميركي منها والأوروبي وقد نجحوا في رحلاتهم تلك في الإسهام بدخول العديد منهم إلى الإسلام. هذا الحديث أثار شجوني ما دعاني إلى التفكير إلى أهمية نشر العقيدة الصحيحة وضرورة الدعوة إليها في نطاقنا العربي والخليجي خاصة مع ظهور الكثير من الممارسات السيئة البعيدة عن عقيدتنا السليمة لدى الغالبية العظمى من شبابنا، فإذا كان هؤلاء الدعاة البسطاء نجحوا في المناطق البعيدة في إقناع الكثيرين منهم بالدخول في الإسلام.. أليس من العدل أن نصحح عقيدتنا من الداخل؟ هذا التفكير يقودني إلى التساؤل حول دور التيارات السياسية التي تصنف بأنها دينية والتي تدّعي الحرص على العقيدة ومحاربة الظواهر السلبية؟ وأيضاً دور جمعياتها في إعادة الوعي الديني لهذه الأجيال في تأكيد التزامها بحقيقة دينها وعقيدتها. إن مقالتي هذه موجهة على وجه الخصوص إلى جماعة التيار السلفي في الكويت والتي كانت خطواته الأولى السعي نحو نشر الدعوة وشرح العقيدة التي كان عليها السلف الصالح من خلال التوجه في إلقاء الدروس الدينية في المساجد من خلال شيوخ أفاضل مجتهدين في العلم الشرعي، وقد أدى هذا التوجه في نهاية السبعينات والثمانينات حتى التسعينات من القرن الماضي إلى تعليم وتوعية الكثير من المجاميع الشبابية وخاصة صغار السن من خلال هذه الدروس وبتشجيع من آبائهم. هذا النجاح الكبير دعا القائمين عليه في التوجه الفكري بالعمل على تنظيم هذه المجاميع الشبابية أسوة بما هو موجود في الساحة الكويتية من تنظيمات غير رسمية کالإخوان المسلمين، والقوميين العرب، والناصريين والبعثيين.وهنا بدأ يظهر على الساحة السياسية الداخلية جماعة السلف دون أن يكون لهم دور يذكر في العمل السياسي أو الانتخابات البرلمانية آنذاك، بل كان لهم تأثير غير مباشر في ترجیح بعض الأسماء المرشحة للانتخابات والتي كانت تتودد إليهم، الأمر الذي دعا بعض القيادات إلى التفكير في أهمية الدخول في الانتخابات ما دعاهم للاستفسار من بعض المشايخ سواء في المملكة العربية السعودية أو بلاد الشام وغيرها حول مدى جواز مشاركتهم الشرعية في الانتخابات النيابية من عدمه؟ وقد أفتى لهم آنذاك بعض من المشايخ بمشروعية المشاركة في الانتخابات بحجة الدفع بالعمل الدعوي إلى آفاق أرحب من خلال المشاركة في سن القوانين الموائمة للشرع وغيرها، إضافة إلى أهمية اكتساب الخبرة حول طبيعة العمل البرلماني وإمكانية الاستفادة منه شرعاً. وقد تم هذا الأمر بنجاح ممثلين عنهم في الدخول إلى مجلس الأمة، واستمر هذا النجاح حتى عام 2016م حيث لم يحالف النجاح جميع مرشحي التيار، وكان سقوطهم فشلاً ذريعاً وانتكاسة بين أفراد التيار، ما خلق تساؤلات كثيرة بينهم حول الأسباب التي أدت إلى هذا الفشل؟ ومن أهم الأسباب التي أراها التي أدت إلى فشل ممثلي التيار، التنازل عن الكثير من الأهداف التي تخص الدعوة، فقد طغت المصالح الشخصية والسياسية على العمل الدعوي، كما تم إهمال الاهتمام بالدروس الدينية والتي تعتبر عمود التيار في التفاف الشباب إليهم في بداية ظهور الفكر السلفي كما أشرنا مسبقاً. كما إن إنشاء جمعية إحياء التراث والتي تمثل الواجهة القانونية للتيار قد أدت كخطوة إلى استقطاب وجذب البعض منهم ممن لديه تطلعات سياسية شخصية قد تكون معلنة أو غير معلنة، كما تسبب دخول الفكر السلفي المعترك السياسي إلى وجود هوة كبيرة وصراع داخلي في ما بين السياسيين منهم والشباب المُؤمن بالسلفية. لقد كان تبرير أولئك السياسيين في تهافتهم على دخول المعترك السياسي بأنهم سيكونون حماة للدعوة ومصداً لأي تشريعات قد تكون غير موائمة مع التوجه الديني، إلا إنه مع التجربة البرلمانية التي مر بها هذا التيار لم يتمكن أولئك السياسيون السلفيون من حماة الدعوة بل انغمسوا أكثر في العمل السياسي البحت، الأمر الذي أدى إلى وقوع خلاف داخل ذلك التيار وانعدام الثقة في ما بينهم وبين مجاميعهم، ولقد اتضح ضعف هذا التيار في انتخابات 2022 فقد تم نجاح شخص واحد فقط، وأما الآخر فإن نجاحه كان بسبب الارتباط القبلي وليس التوجه السلفي. برأيي ان التيار السلفي يعيش الآن في مأزق حرج فهو خارج دائرة الضوء والتأثير سواء كان دينياً أو سياسياً وأخشى عليه من ضياع مشيته لأن هناك في هذا التيار أشخاصاً أفاضل أكن لهم كل التقدير والمودة والاحترام. وإنني ومن منطلق الحرص عليه أدعو جماعة التيار للقيام بمراجعة أنفسهم والتوجه إلى التفرغ لنشر الدعوة والعلم الشرعي وتعليم السياسة الشرعية لأنه الأوجب شرعاً في الوقت الحالي لما نراه من ظواهر سلبية تغشی مجتمعنا. إن المطلوب عودة الفكر السلفي إلى سابق عهده أيام الثمانينات كقوة ناعمة ضاغطة ليس لها مطامع سیاسية خاصة، بل تكريس دورهم المجتمعي الشرعي خاصة ونحن نعيش في عصر الفساد السياسي والاجتماعي، وإذا كان هناك من مقولة أخيرة فأود أن أستذكر مقولة الشيخ محمد متولي الشعراوي - رحمه الله - حول علاقة الدين بالسياسة في رده على جماعة الإخوان المسلمين بقوله: «أتمنى أن يصل الدين إلى أهل السياسة... ولا يصل أهل الدين إلى السياسة». إن الانتماء إلى حزب ذي بعد ديني أياً كانت مسمياته ليس من ركائز الإسلام ولا هو من متطلباته الأساسية لأننا كلنا مسلمون، وعليه فمن كان يعتبر نفسه من أهل الدين فلا جدارة له بالسياسة، وإن كان من أهل السياسة فإن من حقوق المواطن ألا يختار من يدعي أنه يمثل الدين ولا جناح في هذا على دين المواطن.

خيرالله خيرالله

الوقت لا يسمح بألاعيب إيرانية في لبنان
بات واضحا ان الخطوة التي اقدم عليها رئيس الوزراء السابق سعد الحريري والقاضية بالقبول بان يكون وزير المال في حكومة مصطفى اديب «شيعيا»، كانت بناء على طلب فرنسي. يؤكد ذلك مسارعة وزارة الخارجية الفرنسية الى وصف مبادرة الحريري بـ«الشجاعة». لا شكّ انّ الرئيس ايمانويل ماكرون وضع ثقله خلف خطوة سعد الحريري، نظرا الى ان تشكيل حكومة، وفق مواصفات معينة، يشكّل الحجر الأساس في مبادرته اللبنانية. اكثر من ذلك، ان نجاح هذا المبادرة صار مرتبطا بشخص الرئيس الفرنسي. يتبيّن، اقلّه الى الآن، انّ ثمّة رغبة لدى «الثنائي الشيعي» في تفادي الدخول في مواجهة مباشرة مع فرنسا التي ترفض، الى اشعار آخر، ادراج «حزب الله» في قائمة الإرهاب على الرغم من كلّ الضغوط الأميركية وعلى الرغم من ان المانيا فعلت ذلك. يسعى «الثنائي الشيعي»، الذي يتحكّم به «حزب الله»، الى حدّ كبير، الى تكريس ان يكون أي وزير للمال في الحكومة اللبنانية، من الآن فصاعدا، «شيعيا». يريد الثنائي فرض امر واقع وتحويل ذلك الى قاعدة والى جزء لا يتجزّأ من عملية تشكيل الحكومة اللبنانية. بدل ان يتخلّص لبنان شيئا فشيئا من المحاصصة القائمة على الطائفية والمذهبية، يسعى «الثنائي الشيعي» الى تكريس المحاصصة وتكريس الطائفية والمذهبية وذلك بعدما اعتبر انّه وضع يده على الطائفة الشيعية. اكثر من ذلك، يعتبر «حزب الله» أنّه استطاع بفضل سلاحه ومثابرته تغيير طبيعة المجتمع الشيعي، الذي لا يزال قسم كبير منه يرفض هيمنة الحزب، الذي ليس سوى لواء في «الحرس الثوري» وبالتالي ايران. انّ حسابات «حزب الله»، خصوصا بعد نجاحه في فرض رئيس الجمهورية المسيحي على اللبنانيين في 31 تشرين الاوّل – أكتوبر 2016 باتت تقوم أساسا على تغيير طبيعة المجتمع اللبناني كلّه وتغيير طبيعة تموضع البلد على الصعيد الإقليمي بصفة كونه جرما يدور في الفلك الإيراني لا اكثر. ثمّة ما هو ابعد من القبول بوزير المال «الشيعي» في وقت بات مصير لبنان مطروحا على المحكّ. هذا يعود بكلّ بساطة إلى ان تشكيل حكومة جديدة برئاسة مصطفى اديب سيعني الكثير. سيعني قبل كلّ شيء انّ في لبنان حكومة من نوع مختلف لا تضمّ ممثلين للأحزاب التي أوصلت البلد الى ما وصل اليه. صحيح انّه يمكن القول ان سعد الحريري قدّم تنازلا كبيرا، بل تراجع في مواقفه، وهو تراجع لا تقبل به بيئته السنّية ولا الحلفاء، لكنّ الصحيح أيضا انّ هناك تشديدا على امرين. الاوّل انّ من يختار وزير المال الشيعي هو سعد الحريري نفسه، وهذا ما ورد صراحة في المبادرة التي قدّمها رئيس الوزراء السابق. إضافة الى ذلك، انّ قبول سعد الحريري بوزير المال «الشيعي» مرتبط بانّ ذلك يسري لمرّة واحدة فقط. أي ان لا تكريس للعرف القائل انّ وزارة معيّنة، مثل وزارة المال، صارت ملكا لطائفة معيّنة. في النهاية، المهمّ تشكيل حكومة لا تضمّ سوى رجال يتمتعون بكفاءات بعيدا عن تلك الشخصيات التي فرض كثيرين منها «الثنائي الشيعي» في الماضي او «التيّار الوطني الحر» في كلّ وقت. يندرج تشكيل مثل هذه الحكومة في صلب مبادرة ايمانويل ماكرون الذي فاته عندما جاء الى بيروت مباشرة بعد كارثة المرفأ في الرابع من آب – أغسطس الماضي، ان هناك لبنان الجديد، لبنان «حزب الله». اخذ ماكرون علما بحجم الكارثة. اخذ علما بشكل خاص بانّ لبنان انهار وان المطلوب انقاذ ما يمكن إنقاذه بدءا بتشكيل «حكومة مهمّة» مختلفة جذريا عن «حكومة حزب الله» التي شكّلها حسّان دياب في «عهد حزب الله». باختصار شديد، يحتاج لبنان الى عهد جديد، هو عهد حكومة مصطفى اديب بمواصفات معروفة. سيتوقّف الكثير على الحسابات الإيرانية. ليس «حزب الله»، في نهاية المطاف، سوى أداة إيرانية لا اكثر. هل من مصلحة إيرانية في مراعاة ماكرون. هل لدى ماكرون ما يضغط به على ايران... ام انّ «الجمهورية الإسلامية» ما زالت متمسّكة برهانها؟ الرهان الإيراني معروف اكثر من اللزوم. يقوم هذا الرهان على انتظار الانتخابات الأميركية في الثالث من نوفمبر – نوفمبر المقبل. تعتقد ايران انّ جو بايدن سيكون افضل بكثير من دونالد ترامب وان انتخابه رئيسا سيؤدي الى عودة شهر العسل مع «الشيطان الأكبر»، كما كانت عليه الحال في عهد باراك أوباما. سيتبيّن عاجلا ام آجلا، بعدما استطاع سعد الحريري رمي الكرة في ملعب «الثنائي الشيعي» هل هناك استعداد إيراني للاخذ والرد مع فرنسا، امّ ان الرهان الإيراني لا يزال قائما على فكرة واحدة. تقوم هذه الفكرة على ان لبنان مجرّد ورقة إيرانية ولا شيء آخر. لبنان، في نظر ايران، ليس سوى ورقة بغض النظر عمّا يحلّ باللبنانيين وببلد سقطت كلّ مقومات وجوده. لبنان بلد من دون كهرباء، لبنان بلد انهار النظام المصرفي فيه، لبنان بلد انهار فيه قطاع الخدمات. ميناء بيروت صار مدمّرا ومعه جزء من المدينة. هذا غيض من فيض ما حلّ بلبنان حيث النظام التعليمي صار جزءا من الماضي. كان لبنان مستشفى وجامعة وفندقا ومصرفا. لم يبق شيء من لبنان. لم يبق ما يكفي من الوقت لممارسة الاعيب إيرانية وغير إيرانية ستقضي على كلّ الطوائف اللبنانية، بما في ذلك الشيعة والسنّة والمسيحيين والدروز لا فارق.

د. أريج السنان

القلم أم اللسان؟!
يعبّر الإنسان عما في نفسه وما في صدره من أفكار أو خواطر وآراء بالقلم والكتابة، أو باللسان والكلام، قال سبحانه: (خَلَقَ الإِنسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ)، فالبيان بيانان: بيان بالقلم، وبيان باللسان، ولكن أيهما الأقوى والأبقى، يقول الجاحظ لمـّا قارن بينهما: (اللسان لا يجري مجرى القلم، ولا يشق غباره أو يتكلف بعد غايته، فأثره ضائع، وحضوره موقت، ومداه موصول بمدى الصوت الذي سرعان ما ينقطع، أما القلم فهو علامة الحضور المتصل والزمان الممتد للكتابة). انتهى ويعني ذلك ان أقوال اللسان والمشافهة تزول مع الوقت وتُنسى، أما القلم فيُدوّن، والكتابة تبقى، فالقلم أداة ووسيلة للكتابة وتثبيت لكل نص. القلم نعمة من الله سبحانه وتعالى على خلقه، وللقلم مكانته العظيمة حيث ذكره الله تعالى في كتابه العزيز حين قال: (ن والقلم وما يسطرون) فأقسم بالقلم كما أقسم بما يُخط بالقلم، وبالقلم تعلّم البشر الكتابة والخط منذ بدء الخليقة، وتعلم الإنسان ما لم يكن يعلم من معارف وعلوم، قال تعالى: (اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم) ؛ هذا ما أشار إليه القرآن ورأيناه في حياتنا؛ فالقلم وسيط بين العقل والورق، وهو الناقل الحقيقي لكل كلمات تدور في الفكر، ويبقى القلم وما كُتب إلى الأبد، وأما الأقوال المنطوقة القيمة فلا تستمر وتبقى إلا بتخزينها وحفظها بواسطة القلم. ونقف وقفة مع سؤال... يظهر نجاح البعض في توصيل الفكرة بالقلم والكتابة، والآخر نجاحه باللسان والحوار... فهل النجاح يرجع إلى المكتوب أم المنطوق؟! للقلم مميزاته وللسان مميزاته؛ بالقلم تختار أفكارك وألفاظك بعناية ودقة وتأنٍ، وتعبّر عما بداخلك بعمق ولا يحصل ذلك إلا بالتدريب، أما الحوار واستخدام اللسان فإنه يوصل ما في ذهنك بسهولة وصورة أبسط ويتطلب ذلك أموراً، منها الجرأة وسرعة البديهة وبساطة الألفاظ، ومع سرعة الطرح والنقاش قد يقع اللسان في أخطاء يصعب تعديلها أو عدم توصيل المعنى المقصود؛ فالنجاح لا يقتصر على أداة توصيل الرأي - قلم أو لسان - فهو مرتبط بالشخص المتكلم أو الكاتب، فإن كان صاحب القلم موهوباً في الكتابة والتأليف، أو كان المتكلم أو صاحب اللسان موهوباً في الخطابة والحوار تحقق النجاح. [email protected] aaalsenan

د. ابتهال فاضل

... لمحاسبة أصحاب الصناعات الضارة
يشهد العالم اليوم تصاعداً مقلقاً في معدلات الأمراض غير السارية، تلك الأمراض التي تتسبب في 74 % من الوفيات عالمياً، ومع ذلك لاتزال مسببات هذا الوباء — وفي مقدمتها العوامل التجارية الضارة — تحظى بحصانة غير مبررة.الأمم المتحدة تتهيأ لعقد اجتماع رفيع المستوى في عام 2025، حول الوقاية من الأمراض غير السارية ومكافحتها.وقد صدرت أخيراً مسودة الإعلان السياسي لهذا الاجتماع، والتي جاءت مليئة بالنيات الحسنة، لكنها، للأسف، كانت خالية من الاشتراطات الملزمة التي يمكن أن تغيّر واقع الصحة العامة، خصوصاً في منطقتنا العربية وإقليم شرق المتوسط.ماذا تقول المسودة؟تشير المسودة إلى ضرورة الوقاية من الأمراض المزمنة، وتحسين الأنظمة الصحية، والتصدي للعوامل البيئية والاجتماعية المؤثرة على الصحة. لكنها، مع الأسف مرة أخرى، تكتفي بعبارات إنشائية عند الحديث عن العوامل التجارية، دون أن تحدد أهدافاً واضحة لمحاسبة الصناعات التي تروّج للتبغ، والمشروبات المحلاة، والأطعمة فائقة التصنيع. وفي الوقت الذي تتعاظم فيه معدلات تعاطي التبغ بين شبابنا، وتتزايد نسب السمنة والسكري نتيجة الأطعمة غير الصحية التي تُسَوَّق للأطفال والمراهقين بشكل مكثف، في ذلك الوقت تبقى هذه الصناعات بمنأى عن أي رقابة فعّالة.السؤال الذي يطرح نفسه هنا: لماذا يجب علينا جميعاً أن نطالب بمساءلة هذه الصناعات؟إن الصحة ليست مسؤولية فردية فقط، بل هي مسؤولية مجتمعية تشترك فيها الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني، فعندما تتسبب شركات في تسويق منتجات تضر بالصحة، أو تمارس ضغوطاً على واضعي السياسات لإضعاف التشريعات، فمن الواجب أن تخضع تلك الشركات للمساءلة.في منطقتنا تغيب آليات الإفصاح عن تضارب المصالح، ولا توجد التزامات شفافة حول أنشطة الضغط التجاري في قطاعات الصحة، والأسوأ أن مسودة الإعلان الحالي للأمم المتحدة تغض الطرف عن هذه المعضلة.إذاً، ما الذي نحتاج إليه؟نحتاج إلى إعلان يتضمن النقاط التالية:• أهداف زمنية قابلة للقياس من أجل الرصد وتقليل التعرض للعوامل التجارية الضارة.• آليات شفافة للإفصاح عن أنشطة الصناعات الضارة في الساحة السياسية والصحية.• مساءلة دورية ومستقلة لأداء الشركات وفق مؤشرات صحية واضحة.• التزامات خاصة بإقليم شرق المتوسط لمعالجة واقع تعاطي التبغ والسمنة مع الأخذ بالاعتبار خصوصيات الإقليم الواضحة.خاتمة:المسألة إذاً واضحة، إما أن نواصل ترك المجال مفتوحاً أمام الصناعات الضارة لتُحدد أجندة الصحة العامة، أو أن نتحرك جميعاً لحماية شعوبنا وأجيالنا القادمة.الفرصة متاحة في اجتماع الأمم المتحدة عام 2025 — والمطلوب أن ترفع حكومات دول شرق المتوسط والمجتمع المدني فيها، صوتها للمطالبة بإعلان سياسي يتجاوز الأقوال إلى الأفعال، وبنصوص ملزمة تحاسب المتسببين الحقيقيين في وباء الأمراض غير السارية.