محمد ناصر العطوان

عن كل النيران التي لم نشعلها أبداً!
علّمونا في المدرسة أن اكتشاف النار كان عن طريق دلك حجرين مع كومة قش، أو عصوين، إحداهما أفقي والأخرى عمودي، ومنذ ذلك الحين ونحن كأطفال وكبار نحاول أن نشعل النار بهذه الطريقة، طريقة نشاهدها في الأفلام أحياناً، ورغم محاولاتنا ونحن صغار لم نتوصل قط إلى انتزاع شرارة واحدة لإشعالها.إخفاق شخصي كلنا مررنا به، ليس فقط في هذه التجربة ولكن في تجارب كثيرة علمونا إياها ولم ننجح في تطبيقها.علّمونا أن «نار الحب» لا تنطفئ كنار مجوسية بين من يعبدونها، وأن تجربة الحب كفيلة بتغير معنى الحياة... هكذا أخبرتنا الروايات وهكذا أخبرنا الروائيون في جيلنا، ولكن محاكم الأسرة كذّبت التجربة، وأثبتت إحصائيات الطلاق أن تلك النار المزعومة لم تكن سوى عود ثقاب اشتعل سريعاً وانطفأ عند أول هبة ريح للمسؤولية، أو ربما كانت مجرد «ألعاب نارية» ملونة، مبهرة للنظر لكنها باردة، لا تدفئ بيتاً ولا تطهو طعاماً، وتترك وراءها رائحة البارود والرماد والأبناء فقط.وعلّمونا أيضاً في كتب اللغة العربية وفي دورات التنمية البشرية كما في الخطابات السياسية أن «شعلة الطموح» هي التي ستقودنا لتغيير العالم.وقيل لنا ونحن صغار: «أنتم جيل المستقبل، أنتم الشعلة»... كبرنا لنكتشف أننا لم نكن شعلة، بل كنا وقوداً... وقوداً في ماكينات وظيفية ضخمة، نحترق ببطء كل يوم من الثامنة إلى الثالثة، لا لنضيء الظلام، بل لندير تروس البيروقراطية، ولنحصل في نهاية الشهر على ما يكفي لنفي بنصف الوعود التي أخبرناها لأطفالنا، ولنبقى على قيد الحياة لنحترق في الشهر الذي يليه.عزيزي القارئ، إنني أحدثك في هذا المقال عن كل النيران التي فشلنا في إشعالها، ولكن أرجو ألا يمنعك ذلك من إشعال نار «الغاز» وتحضير كوب شاي بالنعناع أو قهوة لذيذة لنفسك، ثم العودة لإكمال هذا المقال...لقد فشلنا في إشعال نار «الدهشة» وانشغلنا بملء «الدلاء» بالمعلومات، ونسينا أن التعليم الحقيقي هو «إيقاد شعلة»... فشلنا في إشعال نار الفضول في عقول أطفالنا. تلك النار التي تجعلهم يسألون «لماذا؟» و«كيف؟» بشغف، لا بخوف من الامتحان، لقد أورثناهم الإجابات الجاهزة، وتركنا «نار السؤال» تنطفئ، وهي الوقود الأول لكل ابتكار وحضارة.أما الخديعة الكبرى أو ما يمكن أن نطلق عليه «المفاجأة الكبرى... سمير سمكرة... ارجع خطوة لورا»، فكانت في «نار الغضب للقدس» التي اعتقدنا أنها ستحرق الظلم الصهيوني. ظننا أننا نملك بداخلنا بركاناً سيثور في وجه الخطأ، لكننا اكتشفنا مع الوقت أننا تحولنا إلى كائنات «مطفأة»، نجيد التذمر في المقاهي وعلى منصات التواصل الاجتماعي، نمارس «الثورة الرقمية» بضغط أزرار الإعجاب للمؤدين والغضب للمطبعين، ونظن أن وهج الشاشة هو وهج التغيير... لقد استبدلنا النار الحقيقية بضوء LED أزرق بارد، يوهمنا باليقظة ونحن في أعمق درجات السبات، وللمرة الواحدة بعد الستين، ننتظر الإبادة القادمة!في الواقع عزيزي القارئ أن في البحر قواقع، فقد فشلنا أيضاً في إشعال نار «الاستخلاف» المرتبطة بالإنتاج والإعمار، وفشلنا في إشعال نار «الصناعة والزراعة» بأيدينا... ورضينا بالاستهلاك البارد، ونسينا أن النار الحقيقية هي نار الأفران التي تصنع الحديد، ونار المختبرات التي تطور الدواء واستبدلناها بنار «الاستهلاك» السريع.ربما عزيزي القارئ، المشكلة لم تكن في الحجر، ولا في القش، ولا في المدارس التي أخبرتنا بالتجربة ولا في العصي التي فركناها حتى أدمت أيدينا... المشكلة كانت فينا نحن...نحن جيل بارد، يرتجف من الصقيع رغم الاحتباس الحراري، ويشعر بالحر الشديد رغم التغير المناخي، ورغم كل هذا البرود، فيبدو أن النار الوحيدة التي نجحنا في إشعالها ببراعة، هي نار القلق التي تلتهم أعصابنا، ونار الحسرة على ما فات... أما نيران «المعنى» و«الأثر»، فقد بقيت مجرد رسومات في كتب العلوم المدرسية، وصوراً في خيالنا، ودخاناً بلا لهب.عموماً، كل نارٍ لا يوقدها الإيمان... رماد... وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله... أبتر... وكل ما لم يُراد به وجه الله... يضمحل.

موسى بهبهاني

الرحّالة الوطني محمد عقيل مسلم
(الرجال والرجال قليلُ)... هناك سير لابد أن نتوقف عندها... سيرة رجل مكافح ومحب لوطنه، نذكر له بعض المواقف، إنه الرحّالة الكويتي / محمد عقيل مسلم.طاف هذا الرجل دول العالم على دراجة هوائية صُنعت في عام 1919 والتي تم سلبها منه في جنوب اليمن أثناء رحلته، ومن ثم أهداه المعسكر البريطاني دراجة foldable (قابلة للطي)، صنعت في عام 1922 وأكمل رحلته بها.البدايةالرحالة محمد عقيل من مواليد سنة 1939 كان طالباً في ثانوية الشويخ، شاهد دراجة نارية موضوعة بجانبها خيمة صغيرة، فبادر الحديث مع صاحب الدراجة النارية الذي قال له بانه مواطن ألماني يُدعى هونز برجا، وقد بدأ رحلته من أوروبا وسيستكمل الرحلة مروراً بالدول الخليجية.وهنا قال له الرحالة الكويتي بأنه سيجوب جميع دول العالم على دراجة هوائية، فرد الرحالة الألماني بتعالٍ، وقال بأنكم أنتم العرب لن تتمكنوا من القيام بتلك الرحلات بسبب الجهد والتعب والمشقة والمخاطر، وهنا كان التحدي بين الشاب الكويتي محمد عقيل والرحالة الألماني.بعد التخرّج من الثانوية العامة انتسب إلى الجيش، ثم بدأ بالتحضير والتدريب على قيادة الدراجة الهوائية لمسافات طويلة، ولم يبلّغ محمد عقيل، والدته، رحمها الله، بأنه سيقوم بتلك المغامرة الخطرة خوفاً عليها من التفكير، بل أبلغها بأنه سيكمل دراسته الجامعية، مفضلاً إخفاء الحقيقة عنها للحفاظ على سلامها النفسي، بل كان يومياً يدعو لها ويطلب رضاها لأنه لم يبلغها بتلك المغامرة.فسافر -محمد عقيل - إلى ألمانيا وابتاع الدراجة الهوائية وقام بالتدريب المكثف لبناء اللياقية البدنية والعضلية وإنقاص الوزن، وبعد الاستعداد البدني والنفسي، بدأ الرحلة حول دول العالم في عام 1962، وهو في عمر الـ23 عاماً، وكان كتاب الله المجيد -القرآن الكريم - معه طوال الرحلة، فهو ربيع القلوب وأنيس النفوس، والمواظبة على قراءته تُذهب الهم والغم والحزن والضيق.استخدم الرحالة - محمد عقيل - الدراجة الهوائية راكباً إياها في المناطق المنبسطة، وفي المناطق الوعرة حاملاً لها، وعند عبور البحار مستخدماً السفن، وفي بعض المناطق الخطرة استخدم المنطاد لعبورها، رحلة شاقة وخطرة محفوفة بالمخاطر الكثيرة.وبالفعل تعرّض لتلك المخاطر من الحروب الأهلية في بعض البلدان، وقبائل أكلة لحوم البشر، والحيوانات المتوحشة، والثعابين، والبعوض، والحشرات المؤذية، والأسماك الخطرة، وشُح الطعام والماء، وتعرّض للغرق بالبحر لأيام عدة اثناء تحليقه بالمنطاد في كوريا، حتى تم إنقاذه بواسطة سفينة مبحرة... إلا أن إرادة هذا الشاب كانت هي شفرة وسر النجاح، فتمكن بكل جدارة من تحقيق الرقم العالمي في تلك الرحلة.تغرب عن الأوطان في طلب العلاوسافر ففي الأسفار خمس فوائدتفرّج هم واكتساب معيشةوعلم وآداب وصحبة ماجدخير سفير للوطن:الرحالة - محمد عقيل - التقى بكثير من الشخصيات، منهم ملوك ورؤساء دول والذين استقبلوه بكل حفاوة في تناول وجبة الغداء في البيت الأبيض مع الرئيس جون كينيدي، وصلى صلاة الظهر في إحدى غرفه، وركب معه الرئيس السوفياتي خروتشوف، بالمركبة البرمائية (اشتراها من فرنسا)، وأهدوه خطابات وميداليات وهدايا تذكارية، فكان خير سفيرٍ لوطنه.هدايا و شهادات تقديرية نادرة من رؤساء وحكام الدول:- رسالة خطية من أمير دولة الكويت الشيخ /عبدالله السالم، طيّب الله ثراه، وأطلق عليه لقب ابن الكويت البار.- حاكم السعودية الملك سعود بن عبدالعزيز، طيّب الله ثراه، أهداه سيفاً ذهبياً.- حاكم الأردن الملك حسين أهداه مسدساً.- إمبراطور اليابان الإمبراطور هيروهيتو أهداه كاميرا وجهاز راديو.- الرئيس جمال عبدالناصر، أهداه ميدالية النيل من الدرجة الأولى.- حاكم العراق عبدالسلام عارف.- الرئيس السوفياتي نيكيتا خروتشوف.- الرئيس الأميركي جون كينيدي.-الرئيس الهندي جواهر لال نهرو.- الرئيس الماليزي.- كان أول عربي يدخل الجزائر بعد استقلالها مباشرة، وتم وضع اسمه على النصب التذكاري في الجزائر.وغيرهم الكثيرون من الشخصيات الذين قابلهم الرحالة الكويتي محمد عقيل، خلال فترة مروره بدول العالم.فترة الرحلة:استغرقت فترة رحلة الرحالة -محمد عقيل- 9 سنوات لتغطية دول العالم، منها 6 سنوات على الدراجة الهوائية، و3 سنوات باستخدام مركبته البرمائية للمرور في أجزاء من أوروبا وآسيا.التغطية الإعلاميةفي كل دولة ذهب إليها كانت الجرائد العالمية تكتب عنه، كذلك بدأ بكتابة التقارير اليومية للجرائد والمجلات مقابل أجر بسيط، في عامود اسمه «نافذة على العالم» لاطلاع القارئ على أخبار الرحالة الكويتي.ختام الرحلة- أهدى دراجته الهوائية للمتحف البريطاني ومسجل اسمه عليها.- بعد أن فاز بالتحدي أخذ الميداليات والكؤوس من الرحّالة الألماني وقدمها هدية لجامعة الدول العربية.ففي تلك الرحلة حول العالم أتاحت له فرصة ذهبية لمعرفة الشعوب واللغات والعادات والتقاليد، وحققت له الكثير من النجاحات.أثناء غزو الكويت:منذ اليوم الأول للغزو الغاشم سنة 1990، قام بالتواصل مع كوكبة من أصدقائه زملاء السلاح لتشكيل مجاميع للمقاومة لحماية الوطن، وكان الاتصال مباشرة مع القيادة السياسية باستخدام الهاتف عبر الأقمار الاصطناعية، وتم تشكيل مجاميع تضم جميع أطياف المجتمع، وقاموا منذ اليوم الأول بنقل الأسلحة من المعسكرات إلى المنازل في مناطق عدة، وتم تقسيم المجموعات كل مجموعة تتكوّن من 5 أفراد.وبوشاية تم إلقاء القبض على الرحّالة -محمد عقيل -و تم أسره ونقله إلى سجون عدة في العراق، وتعرض لأبشع أنواع التعذيب باستخدام السلك الكهربائي -وخلع الأظافر- والتعليق من الرجلين والضرب المبرح - ومع ذلك لم يبلّغ عن أي شخص ممَنْ عملوا معه في مقاومة المحتل، وتم إصدار حكم الإعدام بحقه، وكان محتسباً إلى المولى عز وجل ومسلّماً أمره إليه، وكتب المولى عز وجل له النجاة، وتم فك أسره بواسطة الصليب الأحمر وعاد إلى الوطن حراً كما عادت الكويت حرة أبيّة.ختاماً:الرحّالة -محمد عقيل مسلم - من الشخصيات البارزة في الوطن له بصمات لا تُمحى، ففي وقت الرخاء قام بهذه المغامرة المميزة للسفر إلى دول العالم مستخدماً دراجة هوائية لرفع اسم الكويت في المحافل العالمية، وفي وقت الشدة ابان الغزو الغاشم و لحبه اللامحدود لوطنه قام بمقاومة المحتل لدحره عن وطنه.فتلك الشخصية وغيرها الكثيرون لهم الحق علينا لتكريمهم، وذكر أعمالهم للأجيال القادمة من خلال وزارة التربية، والإعلام المرئي والمسموع، فتلك الشخصيات لها سيرة نجاح ملهمة للشباب.اللهم احفظ الكويت آمنة مطمئنة، والحمد لله رب العالمين.

سالم النخيلان

بيع الوهم
في هذا الزمن المتسارع بخطواته التي أظنها مدروسة، ونحن نحاول اللحاق بجريها بغير دراسة، يتعرّض الإنسان إلى أزمات ومشكلات نفسية وأُسرية واجتماعية ومادية، فيهرب من واقعه المؤلم إلى عالمه الوهمي المخدِّر، بدلاً من مواجهة الواقع واتخاذ قرار ودراسة الحال، والتفكير في حلٍّ يكون جذرياً أو موقتاً مدروساً لحين إيجاد الحل الجذري أو اتضاح الرؤية.وخلال هذا الهروب، يرتمي في حضن صانعي المحتوى الفارغون من المحتوى، الذين يُجملون الظاهر بإيماءات وكلمات وجمل، مع بعض التلاعب بالصوت لدغدغة مشاعر المشاهد، دون إيجاد حل، غير إيهام الموهوم أنه على حق، وإن كان على حق فعلاً، وتغييبِه عن الواقع بكلمات وأساليب تُخدِّره ومشاهد قصيرة لا يمل من مشاهدتها وسماعها.مع وجود وسائل التواصل الاجتماعي، أُتيحت الفرصة لشخصيات تجيد التظاهر كالخيال أو تدربت عليه، وتحسن التواجد لا الوجود، وتصطاد كل شاردٍ من الواقع المؤلم بطبيعة الحال، والحياة التي لا تخلو. فعندما يتعرّض الفرد إلى أي مشكلة، فبدلاً من إعمال العقل بالتفكير وإعطاء المشاعر حاصلها للتفاعل مع الحال المناسب لما حل بالفرد، تجده يهرب من نفسه وذاته وعقله وتفكيره، هروب الخائف من تفكيره وعقله إلى وسائل التواصل الاجتماعي، هارباً من ذاته لمن يوهمه بمساعدته بالبحث عنها. ومع أول طُعمٍ يُجمِّل له الكلام ويُحسن له التقديم، فيُسلِّم العقل والقلب والروح وجميع وسائل الإدراك الحسية والمعنوية، ليحرِّكه المسمي نفسه صانع محتوى، ويلعب بمشاعره ويملي على عقله الفارغ ما يريده، وما المتلقي بأفرغ من المُلقي، ولا أملأ من المُملي.عندما كنت صغيراً، كنت أحفظ حديثاً نبوياً يقول فيه رسول الله، صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم،:(إنّ اللهَ لا يقبضُ العلمَ انتزاعاً ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلمَ بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالمٌ اتخذ الناسُ رؤساً جهّالاً فسئلوا فأفتوا بغيرِ عِلمٍ فضلّوا وأضلوا).كثيراً ممن يسمون أنفسهم صناع محتوى، ويتحدثون بقضايا نفسية واجتماعية وتربوية وزوجية ومالية، مع تفخيم طبقة الصوت؛ كلامٌ يُقال لإثارة الفارغين العاجزين عن البحث الحقيقي في ما يعانونه من مشكلات، مسنداً كلامه وحديثه ببعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، ليس لوجودها في سياق حديثه أي دليل عقلي أو ارتباط شرطي أو تشابه حال. ولو أطلق الموهوم القليل من التفكير، لعرف أن ما يتلقاه لا يغيّر واقعاً، ولا يداوي ألماً، ولا يحل قضية، وما مشاهدته إلا زيادة في الضياع، ولكن عن رضاً منه.مع وجود صانعي الوهم، الموهومين بأنفسهم أولاً، والمتوهمين بالنجاح ثانياً، والبائعين لوهمهم ثالثاً لوجود من يشتري في سوق التواصل الاجتماعي، لن يكون هناك تغير في حال المتسلي بحديثهم، غير ضياع الحقيقة والسير خلف خطى الضائع الذي يظن نفسه ناجياً، بل ويمد يده لينجي غيره بلا دليل ولا معرفة ولا فهم.أعتقد أن ما يحصل في وسائل التواصل الاجتماعي ينقص قيمتنا الإنسانية في التمييز بين الرديء والجيد من الأفكار والمفاهيم والقيم، لمجرد ظهور من يحسن العرض رغم فراغ المحتوى عقلاً وقلباً وروحاً. فأسرع ما يملكه الفارغ من المحتوى أن يقدم القليل من الكلام المنمق، بدلاً من أن يدرس بحثاً في الأثر وبُعد ما ينطق به. والأسرع والأهون علينا أن نستمع لما نريده، وإن لم يوافق هوانا انتقلنا للذي بعده، إلى أن نجد هوانا، فيكون الموافق لهوانا موافقاً للحقيقة، وهو المصدق في القول دون تحقق أو بحث.

خيرالله خيرالله

نهاية حزينة لشارع الحمرا...
لعلّ أكثر ما يصدم من يزور بيروت هذه الأيام ما آل إليه شارع الحمراء المشهور والشوارع المحيطة به. يبدو كأنّ جزءاً من بيروت انفكّ عن بيروت. لم تعد من علاقة للناس الموجودة في الحمراء ومحيطه بالناس التي كانت في هذا الشارع الذي شكّل في مرحلة معيّنة رمزاً للبنان المزدهر ولبيروت كمدينة جامعة بالفعل لكلّ ما هو حضاري في الشرق والغرب وشمال الكرة الأرضيّة وجنوبها.بات شارع الحمراء، بوضعه الراهن، تعبيراً عن ضحالة الحياة السياسية اللبنانية من جهة وعنواناً لتجفيف العلاقة بين اللبنانيين والعرب والأوروبيين والأميركيين تنفيذاً لرغبة في عزل لبنان وإفقاره.في الماضي القريب، استفاد شارع الحمراء، أو الحمرا كما كان يسميه رواده واللبنانيون عموماً، من عوامل عدة. تحوّل في مرحلة معيّنة إلى الشارع الأكثر شهرة في العالم العربي. بين هذه العوامل التي استفاد منها الشارع قربه من الجامعة الأمريكيّة في بيروت التي لعبت دوراً أساسياً في تحقيق نهضة لبنان وبيروت منذ تأسست في العام 1866.لم يكن بروز الحمرا بعيداً عن مرحلة ما بعد أحداث العام 1958 وانتقال قسم كبير من النشاط التجاري والثقافي من وسط المدينة إلى رأس بيروت التي تميزت دائماً بالتنوع ونمط حياة خاص بها. سماها الراحل سمير صنبر، اللبناني الفلسطيني الأصل الذي شغل مواقع مهمّة في الأمم المتحدة وأحد الذين عايشوا تلك الفترة الذهبية «جمهوريّة رأس بيروت». أصدر صنبر، كتاباً بهذا العنوان تذكّر فيه طريقة عيش فريدة من نوعها في هذا الجزء من لبنان، خصوصاً على مستوى أسلوب التعامل والتهذيب والرقيّ.في مطلع الستينات من القرن العشرين، صارت معظم صالات السينما والمسارح في الحمرا حيث اشتهر مقهى «هورس شو» الذي قامت بالقرب منه مقاه عدة منافسة.كذلك، انتقلت إلى مدخل الحمرا جريدة «النهار» التي كانت في سوق الطويلة. رأى غسان تويني، باكراً، منذ مطلع الستينات، أين مستقبل المدينة. كذلك، رآه مع نجله جبران في زمن لاحق، زمن النصف الأوّل من التسعينات، حين انتقلت «النهار» إلى وسط بيروت الذي أعاد الحياة إليه رفيق الحريري، الرجل الذي كان «مهووساً بلبنان وبيروت» على حد تعبير الصديق والزميل نهاد المشنوق.سقط شارع الحمراء على مراحل حين بدأت هجرة الأجانب والمسيحيين منه بعد حرب 1975 التي كانت حرباً لبنانيّة – لبنانيّة وحروب الآخرين على أرض لبنان. لا تتحمّل المنظمات الفلسطينية وحدها مسؤولية التدهور الذي ظهرت بوادره وقتذاك، بل هناك مسؤولية كبرى للنظام السوري الذي كان على رأسه حافظ الأسد، الذي أراد تدمير بيروت على رؤوس أهلها بصفة كونها مدينة من المدن المنفتحة على العالم. كان لديه حقد ليس بعده حقد على أهلها، خصوصاً أهل المدن أكان ذلك في سوريا أو في لبنان.لكن الضربة الكبرى لبيروت ورأس بيروت تحديداً وشارع الحمرا ومحيطه كانت في استخدام المنظمات الفلسطينية تنظيمات محلّية في عملية القضاء على العيش المشترك في البداية وفي حروب على الدولة اللبنانية بحجة الانتهاء من حكم «المارونيّة السياسيّة». خرج صائب سلام، من المدينة ليحل مكانه «المرابطون» الذين كانوا تحت سيطرة فلسطينيّة كاملة!بات ما نشهده حالياً نهاية حزينة لرأس بيروت وشارع الحمرا على الرغم من وجود جزر لاتزال تقاوم البؤس. في الواقع، إنّ ما نشهده تتمة للحدث الكبير، الذي شكّل نقطة التحوّل، في 6 فبراير 1984. يومذاك، خرج الجيش اللبناني من ما كان يسمّى بيروت الغربية وحلت مكانه الميليشيات.منذ ذلك اليوم، تغيّرت بيروت الغربيّة كلّيا، بما في ذلك رأس بيروت. تغيّرت على مراحل وصولاً إلى ما وصل إليه شارع الحمراء، أو الحمرا، حيث تنتشر الآن الفوضى من دون حسيب أو رقيب في ظلّ غياب كامل للدولة بكل مؤسساتها وأدواتها. لا تشمل الفوضى حركة السير فحسب، بل هناك أيضاً اعتداء واضح على الرصيف والنظافة. زال الرصيف من الوجود في هذه المنطقة وترهلت البنايات وتحولت المساحات الخضراء مكباً للنفايات...أين وزارة الداخلية؟ أين المحافظ؟ أين بلدية بيروت؟ أين نواب العاصمة الذين لا يعيرون أي أهمّية لما يدور في شارع الحمرا؟ هناك غياب تام للجميع عن هذه البقعة العزيزة من بيروت التي تعرّضت لتغيير ديموغرافي أقلّ ما يمكن أن يوصف به أنّّه تغيير في غاية البشاعة والبؤس.كلّ ما هو مطلوب أن تعي الدولة اللبنانية، على أعلى المستويات ما يدور على الأرض وذلك من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه في هذا الجزء من بيروت الذي تحوّل إلى سلة للمهملات. يبدأ الوعي بالنزول إلى الشارع ومعاينة الوضع وطرح أسئلة من نوع هل من خطوات يمكن الإقدام عليها تفادياً لانتشار العدوى التي أصيب بها شارع الحمرا إلى ما هو أبعد منه. الأكيد أن الحمرا في حاجة إلى معالجة سريعة يمكن أن تبدأ بتنظيم سير الدراجات الناريّة ثم بالتدقيق بهويات المقيمين بغض النظر عن الجنسية العربيّة أو غير العربيّة التي ينتمون إليها.الحاجة إلى تحرّك للدولة قبل فوات الأوان. الحاجة إلى عملية إنقاذ وإن بدءا بخطوات متواضعة. الأمر الوحيد الأكيد أنّه ليس مسموحاً بقاء الأمور على حالها، كون أي إهمال يشكل دعوة إلى انتشار للمرض الخبيث الذي يعاني منه الحمرا ومحيطه.

عبدالله خلف

صفةُ المتحابين
رُوي عن البراء بن عازب، رضي الله عنه، أنه قال: كنتُ جالساً عند النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: أتدرون ما هي عُرى الإيمان أوثق؟ قلنا الصلاة، قال إن الصلاة لحسنة؟ وما هي بها قلنا الزكاة، قال هي حسنة وهي أوثق عُرى الإيمان.وروى أبو الأحوصي، عوف بن مالك، قال: الإيمان أن تحب في الله وتُبغض في الله، وقال عليه الصلاة والسلام:الإيمان أن يُحب الرجُل الرجُل ليس بينهما نسب القُربى ولا مال.كان عبدالله بن مسعود، رضي الله عنه، يقول لأصحابه أنتم: (جلاءُ حُزني).وقال أحدُ الحكماء:إن ما يجب للأخ على أخيه مودته بقلبه، وتزينه بلسانه وتقويمه بأدبه.قال شاعر:إذا المرء لم يُنصف أخاه ولم يكنله غائبا يوما كما هو شاهدُ (*)فلا خير فيه.. فالتمس غيره أخاًكريماً على وصل الكريم تُعاهدُهوليس خليلي بالملوُل ولا الذيإذا غبتُ عنه باعني بخليلولكن خليلي من يدوم وفاؤُهويحفظ سري عند كل خليلولستُ براضٍ من خليلٍ بنائلولا أرضى له بقليل* (الأبيات في تزيين الأسواق 538)وأنشد أعرابي:وليس خليلي بالمرجّى ولا الذيإذا غبت عنه كان عوناً مع الدهرولكن خليلي من يصون مودّتيويحفظني إن كان دُوني البحرُوليس أخي من ودّني رأي عينهولكن أخي من ودّني وهو غائبُوأنشد يعقوب السّكيت:وليس أخوك الدائمُ العهد بالذييذمُّك إن ولىّ ويُرضيك مُقبلا

د. وليد التنيب

رمي فضلات الطعام
هناك أمور عدة لا تعلم من هو المسؤول عنها، ومن هو المطلوب منه تنظيم هذه الأمور لكي لا تتفاقم وتخرج عن السيطرة، ويزيد تساؤلك أحياناً ليصل لمرحلة التفكير هل بالفعل هناك قانون ينظم هذه الأعمال، أم أننا نفتقد القانون المنظم، وبغياب القانون فإن غياب المسؤول ليس بمستغرب...؟إن مسألة وضع الطعام للحمام والقطط أصبحت ظاهرة تتمدد مع الوقت، فرمي فضلات الطعام على الأرصفة وبالشوارع يمكن للغالبية ملاحظته، حتى أصبح البعض يتجنب المرور على بعض الأرصفة خوفاً من المشي فوق الطعام، وتجنباً للمشي فوق أوساخ الحيوانات، ناهيك عن المنظر والروائح التي انتشرت بالمكان بسبب رمي الطعام فوق تلك الأرصفة...إن وجود الطعام على الأرصفة والأماكن العامة بهذا الطريقة له مساوئ عديدة، وهو بؤرة لانتشار الأمراض وبالطبع يساعد على انتشار القوارض والحشرات، والأهم ألم تسأل نفسك قبل إلقاء فضلات الطعام من هو المسؤول عن تنظيف المكان، فالمزارع وأماكن تربية الحيوانات يتم تنظيفها بشكل منتظم منعاً لانتشار الأمراض بين الحيوانات ومنعاً لانتقال هذه الأمراض للبشر...في غالبية المنتزهات والحدائق تلاحظ وجود لافتات تحث رواد تلك المنتزهات على الامتناع عن إطعام الحيوانات، وهذا المنع ليس كرهاً أو حقداً على الحيوانات إنما من أجل مصلحة الجميع من رواد لتلك المنتزهات وللحيوانات أيضاً، فالحيوانات تتضرر من وجود المواد المضافة كالملح والبهارات التي تكثر بطعام الإنسان...لقد أصبحنا بحاجة لحملة تثقيفية من أجل وقف تلك الأعمال، فوجود القانون وحده في مثل تلك الأمور لا يكفي، إنما زيادة الوعي وتثقيف المجتمع هما الأساس الذي تبني عليه المجتمعات تقدمها...

منى الوهيب

هو الأساس لكل شيء...!
حين يولد الإنسان يكون في حاجة -حتى تستمر حياته- إلى معرفة ما هو آمن، وما هو خطر، ومن هو خيّر، ومن هو شرير، وما هو آجل، وما هو عاجل... وإن المجتمع هو الجهة الوحيدة التي يمكن أن تقدم له كل ذلك، ولن يكون هناك تراكم للتقاليد والخبرات، وتواصل عبر الأجيال من غير وجود مجتمع.إن التربية الاجتماعية التي يكتسبها الفرد من المجتمع، تكتسب بعداً جديداً في ظل إدراك الفرد لذاته، وللمحيط الذي يعيش فيه، وهذا الإدراك يشتمل على فهم الرغبات والقدرات، وجوانب القوة، والقصور الذاتي، كما أنه يشتمل على إدراك ما في المحيط من معطيات أخلاقية وفكرية ومادية، وما فيه من فرص وعوائق وتحديات، وهذا الإدراك هو ما يسمى بالوعي.أما الوعي الاجتماعي، فهو تلك المشتركات التي يدركها ويتشاركها أبناء مجتمع من المجتمعات على صعيد العقائد والأفكار، والتقاليد والعادات، حيث تتوفر رؤية جمعية لكثير من وقائع الحياة، فالناس في مجتمع من المجتمعات، يتحدثون بلغة متقاربة عن الأشياء الجيدة، والسلوكات المعيبة، ولهم طموحات شبه موحدة إلى تحلي أبنائهم بفضائل وأخلاق متفق عليها، كما أنهم يحذرون من التقصير في بعض الواجبات الاجتماعية.ومن الطبيعي أن نرى لدى بعض أفراد المجتمع شيئاً من النقد لبعض العادات والتقاليد، والسلوكيات الاجتماعية، وهذا النقد يشكّل الأساس للتطور الاجتماعي، وهو جزء من الوعي الاجتماعي.في الختام، نكتب كلمات هي مرجع أساسي في شريعتنا وأحكامنا، والقوانين الإنسانية، بصلاح الإنسان يصلح كل شيء، وبفساده يفسد أيضاً كل شيء، لأنه هو الأساس لكل شيء، ولهذا من المهم أن يعلو الاهتمام بالإنسانيات والاجتماعيات والأخلاقيات في المحاضن التربوية، وفي المدارس على الاهتمام بالمهارات والقدرات، وذلك لأن الإنسان يتحول إلى شيء سيئ وخطير حين يتجرد من معاني الرحمة والإيثار، والإحساس بالمشكلات التي يعاني منها الآخرون. والشعور بالآخرين القريبين والبعيدين يشكل أساس الحياة الاجتماعية، فالإنسان يأنس بأخيه الإنسان ويتعلم منه، ويتكامل معه. وهذا كله يعمل على نشر ثقافة الإحسان والتعاون، والشعور بمشاعر الآخرين إلى جانب ثقافة التسامح، والكياسة الاجتماعية[email protected]_alwohaib@

مقالات

عبدالعزيز الكندري

خطّط لحياتك... ولا تعش بعشوائية!
«لكل جهد منظم عائد مضاعف»ستيفن كوفيمع نهاية كل سنة نسمع حديث الناس عن التخطيط، ولكن التخطيط ليس مرتبطاً بوقت محدد، وعادة إيجابية أن ينظم الإنسان نفسه خصوصاً مع بداية العام الجديد حيث تتزايد الرغبة لدى الناس في تحقيق الأهداف والطموحات في مختلف المجالات، ويمثل صفحة تحمل إمكانات لا حصر لها لبداية جديدة مليئة بالتفاؤل والعمل والإنجاز، ويقول الأديب علي الطنطاوي: «إن حياة الإنسان لا تُقاس بطول السنين بل بعرض الأحداث».ومن المهم أن نتفكر في الأيام الماضية لتقييم الإنجازات ومراجعة الأخطاء، وللتعلم من التجارب، ووضع خطط للتغلب على التحديات المستقبلية وإيجاد الحلول للتحديات التي نواجهها سواء من الجانب الشخصي أو العملي أو العقلي، وعلى الإنسان ألا يفقد الأمل والتغيير يبدأ من الداخل إلى الخارج ومدى قدرتنا على تغيير أنفسنا: ويقول الله تعالى «إنّ اللهَ لا يُغيّرُ مَا بقومٍ حتى يُغيّروا ما بأنفسهم».والعام الجديد ليس مجرد تغيير في التقويم وورقة ننزعها، بل هي دعوة حقيقية للتجدّد الداخلي واستعادة الحماس لتحقيق الأفضل، ويقول زيج زيجلر، في كتابه (أراك على القمة): «أنا أومن أنك تستطيع الحصول على كل شيء تريده في الحياة، إذا قمت فقط بمساعدة عدد كافٍ من الآخرين في الحصول على ما يريدونه».وهناك عادة منتشرة وهي التسويف وهو العدو الأول للإنسان، يقول الشاب عندما أكبر، وبعد أن يكبر يقول عندما أتزوج، وبعد الزواج ينتظر الأبناء، وما هي إلا سنوات ويخرج للتقاعد ويتحسّر على الأيام التي لم يفعل ما كان يفكر فيه، فهل تحب أن تكون مثل هؤلاء الأشخاص، أم أنك ستخطط لحياتك وتستمتع بها أكثر؟.ويقول بيتر دراكر «ما لا يمكن قياسه لا يمكن إدارته».ومن الكتب المميزة والتي تطرح فكراً جديداً لمن أراد أن يخطط لحياته وهو كتاب 10X (قاعدة العشرة أضعاف) لـ غرانت كاردون، والفكرة الأساسية التي يعتمد الكتاب عليها على مبدأ بسيط لكنه مبدع، وهو لتحقيق نجاح غير عادي، عليك أن تضع أهدافاً أكبر بعشرة أضعاف من المعتاد، وأن تبذل جهداً أكبر بعشرة أضعاف أيضاً. كاردون يرى أن أغلب الناس يفشلون ليس لقلة الذكاء، بل لأنهم يقللون من حجم أهدافهم وحجم العمل المطلوب لتحقيقها.وقاعدة 10X تعني ألا تكتفي بالحد الأدنى أو المتوسط، بل تفكر وتعمل بطريقة استثنائية. إذا كان هدفك الطبيعي هو دخل 10 آلاف، فاجعله 100 ألف، ثم اسأل نفسك: ما نوع الأفعال التي تليق بهذا الهدف الكبير؟، ويركز الكتاب على تحمّل المسؤولية 100 % عن حياتك ونتائجك. لا أعذار، لا لوم للظروف أو الآخرين.في الحياة العملية، هذا يعني أن ترى نفسك المسؤول الأول عن نجاحك الوظيفي أو التجاري مهما كانت التحديات. والنجاح لا يأتي من الذكاء وحده، بل من العمل الهائل والمستمر. في الواقع العملي، من يعمل أكثر، يتعلم أسرع، يرى فرصاً أكثر، ويملك احتمالية أعلى للنجاح.والخوف موجود دائماً، لكن الفرق بين الناجحين وغيرهم هو أن الناجحين يتصرفون رغم الخوف. الكتاب يشجعك على استخدام الخوف كدافع لا كعذر للتراجع، والتفكير الكبير يحتاج إلى انضباط يومي، أهداف مكتوبة، ومتابعة مستمرة. في العمل والحياة، هذا يعني التخطيط، القياس، والتطوير المستمر للأداء.والخلاصة العملية لكتاب 10X يدعوك للخروج من منطقة الراحة، ورفع سقف طموحك، والعمل بطاقة أعلى مما تعتقد أنه ممكن. النجاح الاستثنائي يتطلب أفعالاً استثنائية، لا حياة عادية ولا نتائج عادية.وتذكر أن التخطيط في الحياة يمنحك وضوح الاتجاه ويحول الأهداف من مجرد أمنيات إلى خطوات عملية قابلة للتنفيذ، ومن خلال التخطيط، تصبح أكثر قدرة على مواجهة التحديات بثقة واتخاذ قرارات تقودك إلى النجاح والاستقرار.

حمد الحمد

قال وين أذنك؟... قال منا!
هناك تصرفات من جهات حكومية، ينطبق عليها المثل الشعبي (قال وين أذنك؟ قال منا). وكذلك مثل آخر (انت أبوها وسمها)، تلك التصرفات مستغربة، حيث قرأت أن وزارة الشؤون طلبت من كل الجمعيات التعاونية وعددها 78 جمعية صوراً من شهادات الجنسية لكل أعضاء المجالس المنتخبة في كل الجمعيات، وجاء الطلب عن طريق اتحاد الجمعيات والنتيجة لم يزود وزارة الشؤون بالمطلوب إلا عشر جمعيات فقط، وثبت أن خمسة أعضاء قدموا استقالاتهم بأنفسهم بسبب سحب جناسيهم.والسؤال الذي يطرح نفسه أو (يسدح نفسه) كيف أن جهة حكومية تطلب من أعضاء منتخبين معلومات عنهم، ولدى الوزارة أرقام مدنياتهم، وهي من أشرفت على الانتخابات واعتمدتها؟! لهذا يفترض من الوزارة وهي جهة حكومية، أن تطلب هي من جهة حكومية أخرى، وهي وزارة الداخلية المعلومات المتوافرة والحديثة جداً، لماذا نتبع مبدأ (وين أذنك؟)، ونحن كوزارة نعرف مكان الأُذن وندل موقعها!ونلاحظ أن الجمعيات لم تستجب لأن كل المعلومات لدى (الأم) الحكومة، وهذه الأيام الأمور سهلة كما (سهل)، والمعلومات مخزنة لدى أجهزة الحاسب الآلي وتصل بسرعة البرق لو طلبت، ولا حاجة أن نفتح ملفات وندقق في صور.أعتقد أن هذا لا يتوافق مع تحديث أنظمتنا التي دائماً نفتخر بتطورها، وأسلوب لا معنى له، وبيروقراطية لا نعرف كيف نصفها في ظل توجه حكومي للذكاء الاصطناعي.حدث هذا كذلك في انتخابات رابطة الأدباء حيث تعطلت الانتخابات أشهراً عدة، وطالت المدة للتدقيق في سجل المرشحين والناخبين، لكن في بداية ديسمبر أجريت الانتخابات وظهرت النتائج وكانت أكثر من ممتازة، فكل من فاز هم شباب ونساء الرابطة، والجميع لهم أعمال ونشاط في مواسمها الثقافية ونبارك لهم، ومن لم يحالفه الحظ نتمنى له حظاً أوفر في فترات مقبلة.لكن المستغرب في انتخابات الرابطة أن الشؤون منعت الأعضاء وحتى المرشحين من حضور فرز النتائج، وهذا الأمر يحصل للمرة الأولى من خمسين سنة، وسمحت فقط بحضور مندوب عن كل قائمة، وتم الفرز خلف أبواب مغلقة! وهنا منعنا من متعة المتابعة والفرز، وقيل إن هذه تعليمات وزارية جديدة.وهنا نعود لمثلنا الشعبي الذي ينطبق على وزارتنا (وين أذنك؟)، والمثل الآخر (انت أبوها)، بمعنى أنتم يا حكومة الأب والأم، ولديكم كل المعلومات، فلماذا السؤال وانتظار إجابات تساهم في تعطل مصالح ومنافع؟!و«ما ينصحك إلا اللي يحبك» يا وزارة!ودمتم.

د. خالد أحمد الصالح

آن الأوان
لم تعد إخفاقات الكرة الكويتية أمراً طارئاً أو عابراً، بل أصبحت حالة مُزمنة تعكس خللاً عميقاً في طريقة إدارة الرياضة، لا في مستوى اللاعبين وحدهم، بل ان المشكلة لم تعد فنية بقدر ما هي إدارية وفكرية، عنوانها الأبرز: تسييس الرياضة وتحولها إلى ساحة استعراض وشهرة.منذ سنوات طويلة دخلت اللعبة الشعبية الأولى في دهاليز الصراع السياسي وتصفية الحسابات، تتبدل الإدارات لا وفق رؤية تطوير بل وفق اصطفافات ومصالح، فتدفع المنتخبات والأندية الثمن، وحين تُعاقب الرياضة الكويتية خارجياً وينتقل الصراع إلى كل زوايا المجتمع ويصبح التقييم الرياضي واختيار اللاعبين خاضعاً للنفوذ، عندها تتحول الرياضة إلى مشروع فشل وليس مشروع نجاح.الأخطر من ذلك دخول فئة من طالبي الشهرة على خط القرار الرياضي، أشخاص لا يملكون مشروعاً ولا خبرة، لكنهم يُجيدون الظهور الإعلامي وإثارة الجدل، تحولت كرة القدم إلى مادة للترند، وتحول النقد من تشخيص إلى تشهير، ومن مُساءلة إلى مُزايدة، فصار الضجيج أعلى من الإنجاز، والكلام أكثر من العمل.وفي خضم هذا العبث، غاب التخطيط، وضاعت القاعدة، وتُرك الشباب الموهوب بلا مشروع حقيقي، لا أكاديميات قادرة على صناعة لاعب، ولا استقرار إداري يسمح ببناء منتخب، نبحث عن نتائج سريعة بينما نهدم الأساس الذي تُبنى عليه أي كرة قدم محترمة.كرة القدم لا تُدار بالشعارات، ولا تُصلَّح بالمؤتمرات الصحافية، هي منظومة تحتاج إلى استقلالية، وتسليم الدفّة لأهل الاختصاص، فإما أن نعيد الرياضة إلى ملعبها الطبيعي بعيداً عن السياسة والشهرة، أو نواصل الدوران في حلقة الفشل، ونكتفي بترديد أمجاد لم نعد نملك أدوات استعادتها.الرياضة الكويتية لا ينقصها المال ولا المواهب، بل ينقصها العمل الذي يضع اللعبة فوق الأشخاص، والمستقبل فوق اللحظة.إن انصراف الجمهور؛ وابتعاد الأُسر الكويتية عن تشجيع أبنائهم الموهوبين للمشاركة الرياضية سببه ما انتشر بين الناس من تجارب حول تدخل البعض في المسار الرياضي وعدم احترام الموهبة لصالح المصالح الخاصة، حتى أصبح المدربون والجهاز الفني خاضعين للإدارة عاملين بتعليماتها بعيداً عن الحيادية، وطبعاً حين تفقد النوادي شبابها الموهوبين ينقطع الإمداد الواعد، فتكون النتيجة ما رأيناه أخيراً في كأس العرب وما سبقه من مشاركات.إننا نحتاج إلى مشروع وطني لإحياء الرياضة، وقد آن الأوان لبدء حركة الإصلاح والتغيير فقد طالت فترة التراجع وحان زمن الحزم.

د. عيسى محمد العميري

نكافح مرض العصر ونحيا
يكاد لا يخلو بيت من فقد عزيز له بسبب مرض العصر. مرض السرطان كفانا الله وإياكم هذا المرض... حيث يُعدُّ من أخطر الأمراض التي تواجه البشرية في العصر الحديث، لما له من تأثيرات صحية ونفسية واجتماعية واقتصادية واسعة. فالسرطان ليس مرضاً واحداً، بل مجموعة من الأمراض التي تتسم بالنمو غير الطبيعي للخلايا وانقسامها بشكل غير منضبط، ما يؤدي إلى تكوين أورام قد تكون حميدة أو خبيثة، وقد تنتشر الخلايا السرطانية إلى أجزاء أخرى من الجسم في ما يُعرف بالانتقال أو النقائل. كما وتكمن خطورة مرض السرطان في صعوبة اكتشافه في مراحله المبكرة في بعض الأحيان، إضافة إلى سرعة تطوره وتأثيره المباشر على وظائف الأعضاء الحيوية.وتشير الدراسات الطبية إلى أن فرص الشفاء ترتفع بشكل كبير عند الاكتشاف المبكر وبدء العلاج في الوقت المناسب، ما يجعل التوعية والفحص الدوري من أهم وسائل الحد من مخاطره. وتتعدد مسببات السرطان، وتشمل عوامل وراثية وبيئية وسلوكية. ومن أبرز هذه المسببات التعرّض للمواد الكيميائية المسرطنة، والتلوث البيئي، والإشعاعات الضارة، إضافة إلى بعض الفيروسات والبكتيريا. كما تلعب أنماط الحياة غير الصحية دوراً رئيسياً في زيادة خطر الإصابة، مثل التدخين الذي يُعد السبب الأول لسرطان الرئة وعدد من أنواع السرطان الأخرى، وكذلك الإفراط في تناول الأطعمة غير الصحية، وقلة النشاط البدني، والسمنة.وبالإضافة لذلك فإن الدراسات الطبية المعتمدة تؤكد أن الوقاية من السرطان ممكنة إلى حد كبير من خلال تبني نمط حياة صحي. وتشمل التوصيات الأساسية الامتناع التام عن التدخين ومشتقاته، والحد من استهلاك الكحول، واتباع نظام غذائي متوازن غني بالخضراوات والفواكه، وممارسة الرياضة بانتظام، والحفاظ على وزن صحي. كما يُنصح بتقليل التوتر النفسي، لما له من تأثير سلبي على جهاز المناعة، وإجراء الفحوصات الدورية للكشف المبكر عن السرطان. كما أنه ومن الممارسات السيئة التي تسهم في زيادة احتمالية الإصابة بالسرطان: التدخين بكل أشكاله، والتعرض المستمر للضغط النفسي دون إدارة صحيحة للتوتر، وقلة الحركة والكسل البدني، والسهر المفرط، وإهمال الفحوصات الطبية الدورية. كما أن تجاهل الأعراض المبكرة وعدم استشارة الطبيب في الوقت المناسب قد يؤدي إلى تفاقم المرض.وفي إطار مكافحة السرطان، تولي دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية اهتماماً بالغاً بهذا الملف الصحي المهم، من خلال التعاون والتنسيق المشترك بين وزارات الصحة والمراكز الطبية المتخصصة، وتبادل الخبرات والبيانات، وإطلاق برامج وطنية وإقليمية للتوعية والكشف المبكر. وقد أسهم هذا التعاون في رفع مستوى الخدمات الصحية وتحسين نتائج العلاج.ومن جانب آخر، فإنه تجدر الإشارة إلى أن دول الخليج العربي بذلت جهوداً كبيرة في توفير أفضل وأحدث الأجهزة الطبية المتطورة لعلاج السرطان، إلى جانب توفير أحدث الأدوية المعتمدة عالمياً، واستقطاب نخبة من أفضل الأطباء والاستشاريين المتخصصين في علاج الأورام. وقد انعكس ذلك إيجاباً على جودة الرعاية الصحية المقدمة للمرضى، وزيادة نسب الشفاء وتحسين جودة الحياة.وفي الختام، تبقى مكافحة السرطان مسؤولية مشتركة تتطلب تضافر الجهود بين الأفراد والمجتمعات والمؤسسات الصحية، مع تعزيز الوعي، والالتزام بأساليب الوقاية، ودعم البحث العلمي، بما يسهم في الحد من انتشار هذا المرض الخطير وحماية صحة الإنسان. والله خير الحافظين[email protected]

د. أريج السنان

الإسلام والعالمية
في أحد المتاجر في فرنسا، كانت امرأة مسلمة ترتدي النقاب تتسوق بهدوء، تختار ما تحتاجه دون أن تلتفت لأحد. عند وصولها إلى الصندوق، كانت خلفها امرأة من أصول عربية تنظر إليها بازدراء وتضرب السلع على الطاولة بعصبية.لكن الأخت المنتقبة لم تحرك ساكناً، وظلّت هادئة جداً، مما زاد غضب تلك المرأة. فقالت مستفزة: «لدينا في فرنسا مشاكل وأزمات عدة، ونقابك هذا أحدها. نحن هنا للتجارة، وليس لعرض الدين أو التاريخ. فإذا أردتِ ممارسة الدين فافعليه في وطنك!».توقفت الأخت المنتقبة عن وضع السلع في الحقيبة، ثم كشفت النقاب عن وجهها. وإذ بها شقراء زرقاء العينين، تقول: «أنا فرنسية أباً عن جد، هذا إسلامي وهذا وطني».هذا الموقف، سواء كان واقعياً أم خيالياً، يوضح خطأ النظرة التي تعتبر الإسلام ديناً محصوراً في العرب.الإسلام نزل باللغة العربية لأن النبي صلى الله عليه وسلم، كان عربياً، لكن رسالته شاملة لكل البشر، فلا يقتصر فهمه أو تطبيقه على العرب فقط. كما قال الله تعالى: «وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً»، وخاطب الناس بصيغة عامة: «يا أيها الناس»، ليؤكد أن الرسالة تصل لكل إنسان بغض النظر عن لونه أو لغته أو نسبه.تجلت عالمية الإسلام في مبادئه التي تقوم على العدل والمساواة والرحمة، إذ جعل التفاضل بين البشر على أساس التقوى والعمل الصالح لا على العِرق أو الثروة. قال تعالى: «إن أكرمكم عند الله أتقاكم». وانتشر الإسلام في أرجاء الأرض بالدعوة الصادقة والأخلاق الحسنة، فدخل فيه الناس من شعوب وقارات متعددة، وأصبح المسلمون اليوم من كل لون ولسان.مما يمكن استخلاصه من القصة هو قيمة الهدوء والحكمة في مواجهة الاستفزاز، واحترام الاختلافات دون عنف أو تهجم. الاستماع قبل الحكم، التحكم في الانفعال، والتفكير في اختلاف الخلفيات الثقافية والدينية، كلها مفاتيح تجعل التعامل أكثر فعالية ويحوّل المواقف المتوترة إلى فرص للتعلم ونشر التسامح.الإسلام دين عالمي لا تحده أرض ولا لغة، ولا تحجبه حدود أو أعراق، يحمل في تعاليمه الرحمة والعدل، ويجمع القلوب على كلمة الحق والخير.فلنتعلم أن نحكم على الناس بأفعالهم وأخلاقهم، لا بمظاهرهم أو أصولهم.aaalsenan @

سلطان ابراهيم الخلف

حرب إعلامية صهيونية مضادة بالمنصّات
كعادة الصهاينة، يستغلون الإعلام للتغطية على جرائمهم، فمن خلاله يقلبون الحقائق رأساً على عقب، ويجعلون من أنفسهم الضحيّة، مع أنهم هم المجرمون، والمعتدون، وغيرهم الضحية الحقيقيون، كالفلسطينيين الذين يعانون من احتلالهم على مدى سبعة عقود.حاول الصهاينة جعل عملية طوفان الأقصى اعتداءً عليهم، منذ زيارة الرئيس الأميركي السابق بايدن، والزعماء الأوروبيين للإرهابي نتنياهو، بعد أيام من العملية، حيث استغلوها كمناسبة تعزيّة، يتباكون فيها، وينشرون من خلالها الأكاذيب، اتهموا الفلسطينيين المهاجمين بأنهم اغتصبوا النساء، وقطعوا رؤوس الأطفال، وقتلوا 1200 صهيوني، بينما الحقيقة تقول بأن الغالبية منهم سقطوا قتلى بذخائر ثقيلة، من طائرات الأباتشي التي استخدمت في مواجهة المهاجمين الفلسطينيين الذين لجأوا إلى منازل الصهاينة لمقاومة الجيش الصهيوني.ثم إن شبكات الصهاينة تحدثت فيما بعد عن هذه الحقيقة، وحمّلت الجيش الصهيوني المسؤولية، كما تم نفي تعرّض النساء للاغتصاب، أو قطع رؤوس الأطفال. وكل ما في الأمر أن الحملة الإعلامية تتطلّب الكذب، لتكون نواة للتداول الإعلامي، في تشويه صورة المقاومين الفلسطينيين. ومع ذلك لم تفلح تلك الحملة، فقد شاهد العالم مدى الوحشية التي ارتكبها جيش الصهاينة في غزة من جرائم قتل عشوائي سقط ما يقارب 200 ألف بين قتيل وجريح، ومن تدمير كامل لمعالم المدينة، لتتحول غزة إلى ركام، يعيش فيها 2.3 مليون فلسطيني بلا مأوى، وبلا عناية إنسانية.لا يخفى أن منصات التواصل الاجتماعي لعبت دوراً كبيراً في إفشال الحملة الصهيونية الإعلامية الكاذبة، حيث فضحت الجرائم الصهيونية في غزة، بالصوت والصورة، وتخطت القيود التي كانت تمارسها وسائل الإعلام الرئيسية في أميركا وأوروبا، التي تفرض التعتيم على الجرائم، وتدعم حرب الإبادة على غزة. ولعل منصة «التك توك» الصينية هي من أبرز تلك المنصات التي لعبت دوراً في فضح جرائم الصهاينة، حيث بلغ عدد المتابعين لها 180 مليون أميركي غالبيتهم من الشباب تحت سن الأربعين، ممن يطالب بقطع المساعدات عن الكيان الصهيوني، وفرض عقوبات عليه، ووقف حرب الإبادة على الفلسطينيين، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة لهم، الأمر الذي أثار الهلع لدى الصهاينة، وهو ما دعا الإرهابي نتنياهو إلى التصريح بهزيمة كيانه إعلامياً، وأنه حان الوقت لتبني منصات التواصل الاجتماعي، كأداة حرب بديلة، وطالب بالاستحواذ على منصة «تك توك»، حيث استجاب له الرئيس ترامب، وبادر بإجراء مكالمة هاتفية مع الرئيس الصيني، فتم قبول صفقة الشراء، مع مجموعة من المليارديرات الداعمين للكيان الصهيوني، وعلى رأسهم اليهودي الصهيوني لاري إليسن، المالك والمدير التنفيذي لمؤسسة «أوراكل» Oracle المتخصصة في البرمجة، والتي تعمل في إدارة البيانات السريّة للحكومة الأميركية، مما يتيح لـ«أوراكل» التجسس على بيانات المواطنين الأميركيين المعارضين للكيان الصهيوني من خلال منصة «تك توك»، وحجب انتقاداتهم، والسماح بالآراء المؤيدة للكيان الصهيوني وتبرير جرائمه في غزة. وهو ما يكذب ادعاءات الحكومة الأميركية من أن الاستحواذ على «تك توك» هو من أجل حماية الأمن القومي الأميركي.مع ذلك، فإن الاستحواذ على «تك توك» لن يجدي نفعاً الكيان الصهيوني، بعد أن استقر في وعي الأميركيين والأوروبيين وشعوب العالم أن الكيان الصهيوني فاقد للمصداقية، وأنه مصدر الإرهاب، وعدو السلام والإنسانية.

عبدالعزيز الفضلي

ماذا يصنع أعدائي بي؟
يذكر (ابن القيم) أن شيخه (الإمام ابن تيمية) قال له مرّة: «ماذا يصنع أعدائي بي؟ أنا جنّتي وبُستاني في صدري، أينما ذهبت فهي معي لا تفارقني، إنّ حبسي خَلْوَة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة».إنّ المسلم الذي يكون الله تعالى غايته والرسول قدوته والآخرة همّة، تختلف حساباته عن حسابات من كان الدينار والدرهم هدفه، وأهل الشهوات قدوته، والدنيا أكبر همّه!خرج الصحابي (حرام بن ملحان) في سرية تغزو في سبيل الله فغدر بهم العدو ورماه أحدهم برمحٍ فأصابه إصابة قاتلة، فصاح بأعلى صوته (فُزت وربّ الكعبة)!قال هذا لأنه يُدرك بأن الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون، وأن ثمن التضحية بالروح هو جنة عرضها السماوات والأرض.لذلك، لا نستغرب تلك الروح الفدائية التي رأيناها لدى المقاتلين في غزة وهم يواجهون أعتى جيوش العالم.أصاب الناس في زمن عمر بن الخطاب، مجاعة (عام الرمادة) ثم أتت قافلة إلى المدينة تعدادها مئة ناقة محمّلة بالطعام وهي لعثمان بن عثمان، فأراد تجار المدينة شراءها بضعف قيمتها إلى ثلاثة أضعاف، إلا أن (عثمان بن عفان) تبرع بها كلها لفقراء المسلمين وقال: إن الله يعطي الحسنة بعشرة أمثالها.عندما يتبرع الإنسان بشيء من ماله في سبيل الله، ففي حسابات أهل الدنيا أن ماله ينقص، لكن النبي عليه الصلاة والسلام يبين العكس فيقول: (ما نقص مالٌ مِن صدقة).عندما يملك الإنسان الفلسطيني شجاعة قول الحق فيقولها وقد يكون الثمن حياته، ففي حسابات الناس أن هذا جنون أو تهور، بينما النبي صلى الله وعليه وسلم، يقول: (سيد الشهداء حمزة ورجل قام إلى إمام جائرٍ فأمره ونهاه فقتله).لعل كثيراً من الناس يعتبون على أهل غزة مواجهتهم للعدو الصهيوني، ولو أنهم خضعوا واستسلموا للكيان الصهيوني لكان ذلك أفضل!لكننا نذكّر المعاتبين أن الله تعالى أثنى على المؤمنين الذين قُتلوا حرقاً في قصة (أصحاب الأخدود) لأنهم لم يتنازلوا عن إيمانهم مقابل السلامة، وقال عن ذلك الموقف (ذلك الفوز الكبير).لذلك يسير المؤمن في طريقه نحو الله تعالى بحسابات تختلف كلّيا عن حسابات أهل الدنيا، لأنه يدرك أن الدنيا مَمَر والآخرة هي المُسْتَقر.X: @abdulaziz2002

كمال الخرس

الدور التربوي المهم للأخصائي الاجتماعي
كثيراً ما يكون الحديث حول المُعلّمين والمُعلمات وأهميتهم وأهمية دعمهم مادياً ومعنوياً للارتقاء بالتربية والتعليم في المدارس الخاصة بشكل عام وبالمدارس العامة بشكل خاص.لكن هناك ذكر أقل للدور المهم والحيوي الذي يقوم به الأخصائيون الاجتماعيون، وقليلاً ما يتم الاستماع إلى أصواتهم واحتياجاتهم وربما مطالبهم، على الرغم من دورهم الكبير في النظام التربوي والتعليمي.فالأخصائي الاجتماعي هو حلقة الوصل بين جميع أطراف العملية التعليمية والإدارية في المدرسة، وهو حلقة الوصل بين الإدارة والطلبة وحلقة الوصل بين أولياء الأمور وإدارة المدرسة، وحلقة الوصل بين أولياء الأمور والمدرسين وأحياناً حلقة وصل بين المدرسين والإدارة.لذلك، فإن أيّ قصور في دور الأخصائي الاجتماعي ينعكس سلباً على العملية التربوية في المدارس وينعكس سلباً وبشكل مباشر على التلاميذ الصغار والطلبة الكبار في ما يحتاجون له من دور الأخصائي الاجتماعي.فمن المعوقات التي تعترض الأخصائي أحياناً حين يتم تكليفه بمهام ليست من طبيعة عمله، أو ضعف التركيز عليه بالمهام التي هي من صلب عمله.إنّ أي اختلال في دور الأخصائي الاجتماعي ينعكس مباشرة على أدائهم بالشكل الذي ينعكس سلباً وبدرجة أولى على التلاميذ الذين هم المستهدف المباشر من العملية التربوية والتعليمية.إنّ كل المتعلقين في الدائرة التربوية والتعليمية يحتاجون إلى الأخصائيين الاجتماعيين، وأن الأخصائيين الاجتماعيين يحتاجون الدعمين المادي والمعنوي، للقيام بمهامهم الكبيرة في المدرسة.فمن ضمن مهامهم للفرد، دعم الطلبة المتعثرين والتعامل مع الحالات السلوكية، ومن أعاد السنة أكثر من مرة، وحالات الغياب المتكرّر لبعض الطلبة وما يرتبط منها من ظروف، والحالات الصحية الخاصة. والأخصائي يتعامل مع مئات الطلبة وبينهم حالات كثيرة تعاني من مشاكل أو ظروف اجتماعية صعبة أو معقدة قد تعيق توجه وأداء الطالب التعليمي، ليقوم الأخصائي بدراستها وإيجاد الحلول لها.هناك تلاميذ لديهم مشاكل اجتماعية، فهذا تلميذ يتيم الأب وآخر فاقد لأمه، وغيرهما لطيم فاقد الأبوين، وهناك حالات يواجهها الأخصائي لتلاميذ برب أسرة واحد بسبب حالات الانفصال والطلاق المتزايدة للأسف في المجتمع. هذه حالات كثيرة يواجهها الأخصائي الاجتماعي مع عدم إغفال الدور المهم للأخصائيين النفسيين الذين يستحقون أن تفرد لهم ولدورهم أسطر خاصة في المستقبل.كذلك من التحديات التي يواجهها الأخصائيون الاجتماعيون، أن بعض المعلمين قليلي الخبرة قد يتعاملون مع التلاميذ بغير الأساليب التربوية، وذلك يعقد بشكل كبير عمل الأخصائي، وينعكس بشكل سلبي على أداء التلميذ، خصوصاً إذا كان لديه ظروف خاصة.كذلك من مهام الأخصائيين الاجتماعيين خدمة الجماعة، وذلك عبر عمل جماعات لأنشطة تربوية مختلفة، كإنشاء جماعة لمحاربة الممارسات الضارة والخطيرة كتدخين السجائر أو المواد الخطرة، وكذلك إنشاء جماعات تفيد الطلبة والتلاميذ، وهناك خدمة المجتمع والأنشطة المختلفة التي يساعد في تنظيمها الأخصائي، لكن ما يكبل أداء الأخصائي لهذه الأنشطة هو عدم توافر ميزانية مناسبة لتمويل هذه الأنشطة الجماعية والفردية وأنشطة خدمة المجتمع.هناك نقطة تستحق الإشارة إليها أيضاً، وهي أن نسبة الذكور قليلة في هذه الوظيفة مقابل نسبة الإناث من المواطنين، ويبدو من ذلك أن هذه الوظيفة قد لا تحقق للذكور طموحهم في الوظيفة، أو أنهم لا يرون أن المقابل المادي والإداري والمعنوي يستحق الجهد المبذول فيها، وهي نقطة تستحق المتابعة من قبل المهتمين فيها.بناءً على كل ذلك، فلا بأس في إعادة النظر في الحوافز المادية والمعنوية وحتى الإدارية لهذه الوظيفة المهمة في مؤسسة المدرسة، ولا بأس في النظر مرة أخرى بكل اهتمام لهم ولدورهم التربوي في المدرسة، فشهاداتهم جامعية كنظرائهم من المدرسين، وساعات التواجد في المدرسة واحدة، والمجهود الذي يقومون فيه مهم ودورهم حيوي، كل ذلك يتطلب سماع أصواتهم واقتراحاتهم وتوفير أكبر قدر من الدعم لهم ولدورهم سواء كان الأخصائي مواطناً أو وافداً.