No Script
د. خالد أحمد الصالح

رجل بألف عنوان
بالأمس انتهى عزاء الدكتور شهاب أحمد الشهاب، الذي وافته المنية يوم الأحد الماضي. عرفته منذ ستة وخمسين عاماً، واستمرت علاقة الإخوة بيننا إلى أن كتب الله الفراق. حين أكتب عن (أبو أحمد) رحمه الله أشعر - ربما للمرة الأولى - أن قلمي يبخس الرجل حقه مهما بالغ فيه، مثل هذا الإنسان لا ينتهي عزاؤه بالأيام، سيبقى عزاؤه في نفوس محبيه، وما أكثرهم، ستبقى في نفوسهم ذكراه وأثره، إنه رجل لا تطوي الأيام أفعاله. كان، رحمه الله، رجلاً بألف عنوان، كرمٌ وصدقٌ وأمانةٌ واجتهادٌ وإخلاص، عناوينه لا تُحصى بمقال، وكل من عرفه عرف فيه باباً للخير والقيم، أما لمن لم يعرفه فيكفيهم خسارة أنهم حُرموا مثل هذه المعرفة. هذا هو، باختصار شديد، أبو أحمد رحمه الله، تحمّل في غزو الكويت مسؤولية مرضى الحميات فلم يدعهم لحاجة أبداً، وتحمّل سنوات مرضه العضال بصبر جميل، وحين أذن الله له بالرحيل رحل تاركاً تاريخاً من الإخلاص في العمل ونشر المحبة والوفاء للأهل والأصدقاء، ترك قيماً بذرها أينما حلّ وحيثما سكن. وسيبقى أثرها في نفوس كل من عرفه. كان خُلُقه دينه القويم وقدوته نبيه المصطفى، ومن كانت تلك صفاته فلا خوفٌ عليه بإذن الله. أيها الإنسان الذي سيبقى بيننا، السلام عليكم.

د. خالد القحص

معلومات منتهية الصلاحية!
إن أردنا اختصار حياتنا -بكل تفاصيلها- في كلمة واحدة فسأختار «المعلومات». نحن نتعامل مع المعلومات كما نتعامل مع الهواء، لا نستطيع أن نسير خلال يومنا (وحياتنا) بدون المعلومات. نتداولها في كل وقت، ونتبادلها مع المعارف والغرباء، ونبني عليها مواقفنا وقناعاتنا واتجاهاتنا، وحتى أذواقنا. قد تكون معلومات مهمة جداً، وقد تكون تافهة جداً، ولكنها تظل معلومات. وقد تكون صادقة جداً، وقد تكون كاذبة جداً، لكنها أيضاً معلومات. المهم هنا كيف ننظر نحن لتلك المعلومات، وما القيمة التي نعطيها إياها. إن المعلومات، ومنها الأخبار التي تنشرها وسائل الإعلام التقليدية والجديدة، تعتبر مُنتجاً استهلاكياً، تماماً كأي منتج استهلاكي نشتريه ونستخدمه، ونتعامل معه. من المهم جداً أن تكون هكذا نظرتنا لأخبار وسائل الإعلام، والمعلومات التي تصلنا منها، خاصة الآن من مواقع التواصل الاجتماعي، بأنها مواد معلوماتية حول حدثٍ ما، تم صناعتها وصياغتها وتسويقها علينا لكي نقبلها ونتقبلها وندخلها عقولنا، ونبني عليها قناعاتنا ونظرتنا لما يحصل في مجتمعنا والعالم من حولنا. إن الأحداث التي تحصل من حولنا (أياً كان نوعها) هي في حقيقتها مادة خام، تأخذها وسائل الإعلام، أو المنصات الإخبارية الإلكترونية، أو حتى الأشخاص الفاعلون في مواقع التواصل، أقول يأخذون هذه المادة الخام، لكي «يصنعوا» منها خبراً أو معلومة، ينشرونها للجمهور المستهدف، الذي يتلقفها على أنها الحقيقة المحضة التي حصلت فعلاً عن الحدث الذي تم تغطيته، بل ويبادر الجمهور إلى بناء مواقفه، وتصرفاته على أساس هذه المعلومات التي لا تعكس حقيقة ما حدث، بقدر ما تنقل رؤية صانعي الخبر عما حدث، وهذا أمرٌ من المهم أن يعيه الجمهور. إن الخبر أو المعلومة التي نقرأها، نسمعها، نشاهدها، بغض النظر عن مصدرها، سواء كان شخصاً من العائلة، أو وسيلة إعلامية تقليدية، أو منصة إخبارية أو فردية على مواقع التواصل الاجتماعي، هي مادة مصنوعة وتم إنتاجها، بناء على خبرة ومصلحة واهتمام مصدر الخبر أو المعلومة. إن المعلومة يصيبها ما يصيب المواد الاستهلاكية التي نشتريها، فقد تكون مغشوشة، أو مزيفة، أو منتهية الصلاحية، أو ضارة وسامة... هكذا هي الأخبار والمعلومات سواءً بسواء. قبل الختام، أعود للكتابة الصحافية بعد انقطاع دام سنوات عدة، أعود إليها حباً وشغفاً في الكتابة لوسائل الإعلام، ومنها الصحافة، وأتمنى أن أطرح هنا -من خلال زاويتي الأسبوعية- وجهة نظر تتناول المشهد الإعلامي بكل تفاصيله، سواءً في الكويت أو العالم من حولنا، كما لا يفوتني التعليق على بعض الأحداث السياسية والاجتماعية هنا وهناك. كل الشكر للزميل وليد الجاسم رئيس التحرير على إتاحة الفرصة لي من جديد لمتابعة شغفي القديم في الكتابة الصحافية، والشكر موصول للزملاء العاملين في صحيفة «الراي» الموقرة.

د. دانة العنزي

أبعاد الحرب التكنولوجية بين الصين وأميركا
إن تنافس أميركا والصين في مجالات تكنولوجية متعدّدة - خصوصاً في عهد ترامب - يؤكد بوضوح أن التكنولوجيا، قد أُدرجت كأحد مجالات التنافس الرئيسة بين هاتين الدولتين العظميين، فقد شنّ ترامب خلال فترة رئاسته لبلده حرباً شرسة ضد شركة هواوي الصينية. وذلك أزعج الجانب الصيني، وجعله يسعى إلى الرد، ما أسهم في تصاعد وتيرة المنافسة إلى حدود بعيدة. ويرى الخبراء أن التنافس التكنولوجي - على وجه الخصوص - سيحظى بالأولوية عن بقية مجالات التنافس الأخرى المتعددة بين الجانبين - الأميركي والصيني - في المستقبل. والذى يبدو في ظاهره تنافساً على الريادة العالمية في هذا القطاع، ولكن في حقيقته له اعتبارات وأبعاد أخرى أكثر عمقاً، تتعلق بجوهر التنافس الإستراتيجي الحقيقي بين بكين وواشنطن على زعامة النظام الدولي. فالصين خطت خلال الأعوام الماضية خطوات واسعة جداً في مجال التكنولوجيا، فائقة الدقة والسرعة، بحيث أصبحت قريبة من انتزاع الريادة العالمية من واشنطن، ومن ثم فقد تغير هذه الريادة على نحو كبير من معادلات التوازن الشاملة لصالح الصين، ما يمهد لها انتزاع زعامة النظام الدولي من واشنطن. فالأرباح الخيالية من تصديرها التكنولوجيا ستقوى اقتصادها على حساب الاقتصاد الأميركي لدرجة ربما تصل إلى ثلاثة أضعاف. وعلى الصعيد العسكري، ستقلب التكنولوجية الصينية معادلة التفوق العسكري رأساً على عقب لصالح الصين، في ظل اعتماد الجيوش الحديثة على التكنولوجيا المتطورة. التفوق التكنولوجي أيضاً قد أصبح من أهم أدوات بكين لتمديد النفوذ العالمي على حساب واشنطن، قد يكون هذا السبب الرئيسي لإشعال إدارة ترامب الحرب على شركة هواوي، بعدما رأت هرولة دول العالم بما في ذلك حلفاء واشنطن الأوروبيون وراء التعاقد على شبكة الجيل الخامس، ما اضطر ترامب للضغط على حلفائه كإسرائيل وإنكلترا - على سبيل المثال - لإلغاء التعاقد على تركيب الشبكة، وقد انصاع البعض ورفض البعض الآخر هذه الضغوط. في حين لجأ ترامب إلى اتخاذ سياسة شديدة القسوة ضد شركات التكنولوجيا الصينية، على اعتبار أنها تهديد للأمن القومي الأميركي متهما إياها بأنشطة تجسس لصالح الصين، وعلى سبيل المثال حظرت الشركات الأميركية التعامل مع شركة هواوي، وحظر الاستثمارات الأميركية في أي شركة تكنولوجية صينية، ربما من شأنها المساعدة على تطوير الجيش الصيني. أثارت سياسة ترامب جدالاً واسعاً إذ يراها البعض فعّالة في تقويض مسيرة الريادة التكنولوجية للصين، بينما يراها آخرون غير فعّالة مستشهدين باستمرار توسع أنشطة التكنولوجية الصينية في العالم. أخيرا نصحت مجموعة عمل - عكفت على تقييم أفضل السبل للتصدي للتفوق التكنولوجي للصين - الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن على التخلي عن سياسة ترامب، التي وصفتها بسياسة الاستبعاد التام لعدم فعاليتها، والتركيز بدلاً من ذلك على الاستثمار بفعالية، خصوصاً في أبحاث تقنيات التكنولوجيا المتطورة، لضمان استمرار التفوق الأميركي على الصين. ومن المرجح أن ينصاع بايدن لتلك النصيحة، مع الاستمرار في بعض سياسات الاستبعاد التام، في حال استشعار تهديد يتعلق بسرقة الملكية الفكرية أو التجسس وسرقة البيانات.

د. صالح الجلاهمة

شرطة التعليم!
تدني مستوى التعليم في الدولة في السنوات الأخيرة أصبح أمراً لا يختلف عليه اثنان. فمن الواضح تراجع مستوى التعليم في دولة الكويت على صعيد المؤشرات القياسية العالمية، بل وحتى على المستوى المحلي الداخلي. لاحظنا في الآونة الأخيرة كثرة البيانات والصرخات من الأكاديميين والمعلمين المطالبة بالالتفات لأزمة تدني التعليم والتي لم تشهد أي تجاوب حقيقي فعلي من المجتمع وأصحاب القرار. يحدثني أحد المعلمين في المدارس الحكومية عن ضعف التحصيل العلمي للطلبة، والذي وصفه بالكارثي خصوصاً في المرحلة الابتدائية. بل وحتى على مستوى الجامعة والتطبيقي لاحظنا هذا الضعف موجوداً عند الطلاب والطالبات بشكل واضح. فعلى سبيل المثال الطالبة أسماء التي تكتب اسمها على ورقة الاختبار (اسمائ)، أو الطلبة الذين يطلبون مني مراعاتهم لأنهم «دفعة كورونا». و من هنا تخطر على أذهاننا أسئلة كثيرة أهمها كيف وصلوا إلى هذه المرحلة الدراسية المتقدمة في ظل هذا الضعف العلمي؟ من السهل إلقاء اللوم على التلميذ ووصفه بالكسول أو ضعيف الاستيعاب. لكن لو أردنا أن ننظر للموضوع بنظرة منصفة واقعية نجد بأن الطالب ضحية عدم جديتنا في مواجهة الفساد في التعليم. نعم هناك فساد كبير منتشر في الحقل التعليمي في الكويت والذي من أبرز مظاهره هو انتشار ١- الدروس الخصوصية. ٢- مراكز الطباعة التي تقوم بحل الواجبات و الأبحاث للطلبة. انتشار الدروس الخصوصية بكثرة في السنوات الأخيرة أصبح شيئاً ملفتاً للنظر، لماذا يضطر ولي الأمر إلى دفع مبالغ تفوق الـ100 دينار للمعلمين الخصوصيين في كل فصل دراسي؟ أليس من دور المدرسة أن تقدم المنهج كاملاً بطريقة تعليمية مناسبة للطلبة تضمن استيعابهم للمادة؟ لماذا هناك تقصير من جهة المعلمين (وخصوصاً الوافدين) في تقديم المنهج بشكل سلس وكامل للطلبة لضمان تعليمهم؟ إذا كان هذا المعلم غير قادر على إيصال المعلومة والمنهج للطالب داخل الفصل الدراسي فمكانه يجب ألا يكون في مدارسنا، وإذا كان يتعمد التقصير لأجل فتح طلبات أكثر على الدروس الخصوصية فيجب محاسبته قانونياً ونقله للجانب الإداري. وفي السياق ذاته، تلك المراكز التي تقدم الحلول والأبحاث الجاهزة للطلبة (سواء في المدارس أو حتى المراحل الجامعية) والتي أصبحت تجاهر في إعلاناتها وتوزيع بطاقاتها في مواقف السيارات في الكليات المختلفة في الجامعة والتطبيقي. رأيت شخصياً أحد هذه الإعلانات في الأسبوع الماضي، وتم اتخاذ إجراء داخلي على مستوى الكلية تجاه هذا المركز، لكن هل هذا يكفي؟ من سيتصدى للمراكز الأخرى ؟ لماذا لا تطبق القوانين على مثل هذه المراكز؟ يجب أن تتم محاربة مثل هذه المراكز قانونياً ومن يقف وراءها فهي معول هدم ضخم للعملية التعليمية في الكويت. وأتساءل في الختام، هل نحتاج أن تكون لدينا شرطة تعليمية مثل شرطة البيئة وشرطة الآداب لتراقب وتتابع مثل هذه الممارسات التي ساهمت وما زالت في هدم العملية التعليمية في الكويت، وإنقاذ التعليم من الهبوط المستمر والملحوظ قبل فوات الأوان؟ إن أردنا أن ننهض بالوطن فإن أول وأهم ركن يجب الالتفات إليه وإصلاحه هو التعليم. فعليه سيبنى مستقبل هذا الوطن والقيادات التي ستكون في يوم من الأيام صاحبة القرار لهذا الوطن.

د. عادل البحلق

حسن الظن من حسن العبادة...
يُحكى أن رجلاً خرج في سفر مع ابنه إلى مدينة تبعد عنه قرابة اليومين، وكان معهما حمار وضعا عليه الأمتعة، وبينما هما يسيران في طريقهما، كُسرت ساق الحمار في منتصف الطريق. فقال الرجل: ما حجبه الله عنا كان أعظم، فأخذ كل منهما متاعه على ظهره، وتابعا الطريق، وبعد مدة كُسرت قدم الرجل، فما عاد يقدر على حمل شيء، وأصبح يجر رجله جراً. فقال: ما حجبه الله عنا كان أعظم. فقام الابن وحمل متاعه ومتاع أبيه على ظهره وانطلقا يكملان المسيرة، وفي الطريق لدغت أفعى الابن، فوقع على الأرض وهو يتألم. فقال الرجل: ما حجبه الله عنا كان أعظم. وهنا غضب الابن الصابر وقال لأبيه: أهناك ما هو أعظم مما أصابنا؟! وعندما شفي الابن أكملا سيرهما ووصلا إلى المدينة، فإذا بها قد أزيلت عن بكرة أبيها، فقد جاءها زلزال أبادها بمن فيها، فنظر الرجل لابنه وقال له: انظر يا بني، لو لم يُصبنا ما أصابنا في رحلتنا لكنا وصلنا في ذلك اليوم ولأصابنا ما هو أعظم، وكنا مع من هلك. لهذا يجب علينا أن نحسن الظن بالله، فإن أعطانا فرحنا مرة، وإن منعنا فرحنا عشر مرات، لأن العطاء والمنع اختيار الله عز وجل.

د. عادل فهد المشعل

قائد العمل الإنساني... لن ننساك
لم يحصل الشيخ صباح الأحمد الصباح طيب الله ثراه على لقب قائد العمل الإنساني في عام 2014م إلا بعد سلسلة من الإنجازات الإنسانية من خلال تنظيم فعاليات إنسانية عدة، منها منتدى الكويت الدولي للعمل الإنساني وتقديم يد العون إلى كل دولة بحاجة إلى دعم مادي ومعنوي، كما أكد ذلك الأمين العام السابق لهيئة الأمم المتحدة السيد بان كي مون في كلمة أشار فيها إلى أن قلب تلك الدولة كان أكبر من الأزمات والفقر والأوبئة كما أنه تم تكريمه من قبل العديد من الدول الخليجية والعربية والعالمية.وقبل ذلك بكثير فإن الشيخ صباح الأحمد الصباح - رحمه الله - نذر عمره لخدمة بلده والأمتين العربية والإسلامية إضافة إلى خدمة الإنسانية في المنتديات الدولية، ولا يمكن أن يُنسى الدور الذي قام به في حل الكثير من المشاكل التي حدثت بين الدول الخليجية والعربية والإسلامية، وظل إيجاد الحلول عبر الديبلوماسية ديدنه طوال فترة عمله وزيراً للخارجية ورئيس وزراء وأمير دولة الكويت، وكان آخرها التوسط لعدم تفاقم الخلاف الخليجي.وكان الشيخ صباح الأحمد رحمه الله مهندس السياسة الكويتية، فمنح خلال عمله وزيراً للخارجية وأميراً مكانة مرموقة لدولة الكويت الصغيرة في مساحتها والعملاقة في الأثر الذي تركته في الميادين الدولية. ولم تبخل الكويت في منح المساعدات لأي دولة شقيقة أو صديقة في تقديم المنح لبناء المؤسسات والمشاريع التنموية، أو في تقديم المساعدات وقت الكوارث من دون أن ينتظر مقابل ومن دون أن يتم الاستفادة من ذلك إعلامياً، إلا أن التاريخ شهد للكويت هذا الدور الإنساني الفاعل.وكان رحمه الله قد شغل منصباً في وزارة الأنباء والإرشاد، وهو منصب يضاهي وزير الإعلام، فكان وراء وضع اللبنات الرئيسة لانطلاق الكويت إعلامياً وثقافياً وفنياً، وكان قد قدم للشعب العربي هدية ثقافية عبارة عن مجلة العربي في عام 1985م، حيث كان الدكتور أحمد زكي أول رئيس تحرير للمجلة التي قدمت الكثير للقارئ العربي، كما وجد في عالمها المبدعون العرب فرصة ذهبية للوصول إلى القارئ العربي بسهولة، فكتب بها عباقرة الأدب العربي أمثال طه حسين وعباس العقاد ونجيب محفوظ ويوسف إدريس ونزار قباني وفاروق شوشة، وتلك الأسماء للذكر وليس للحصر، وقد أكد لي أكثر من مفكر عربي أنها مجلة راقية في شلكها وفي مضمونها، كما أن من يقرؤها لا يشعر أنها طبعت في دولة الكويت لأن مواضيعها كانت تعنى بالثقافة العربية من دون توجه معين، الأمر الذي جعلها تدخل البيوت العربية من دون «فيزا».وكان يرحمه الله داعماً للحركة الثقافية في الكويت بشكل عام، فكم رأيناه يحضر الأوبريتات الوطنية التي قدمها الفنان شادي الخليج على مدى نصف القرن من الزمن، مع الملحن غنام الديكان والمطربة سناء الخراز ومع مشاركة لفرقة تلفزيون الكويت وبعض الفرق الفنية الأخرى، كما أنه كان يدعم الفنانين التشكيليين في أكثر من مناسبة ولم يتوقف الأمر عند معطيات الثقافة فقط بل امتد إلى دعم الكويت في المجال الرياضي.ولم يأتِ ذلك إلا لأنه تحمل المسؤولية في سن صغيرة، كونه ينتمي إلى الأسرة الحاكمة الأصيلة، وبالتالي اكتسب خبرة فن الإدارة كما أنه عاصر تطور الكويت قبل النفط وبعده، وبالتالي فقد شهد مراحل تطور المجتمع الكويتي في شتى المجالات بدءاً بالتعليم مروراً بالصحة وانتهاء ببقية وزارات الدولة ومؤسسات المجتمع المدني.وطوال حياته وهو ينظر إلى أبناء الشعب الكويتي بأنهم كأسنان المشط الواحد، فلا فرق بينهم مهما كانت انتماءاتهم الطائفية والأيديولوجية، ولا داعي لاستعراض تلك المناقب فهي كثيرة ويطول الحديث عنها، لكنها محفورة في ذاكرة المجتمع الكويتي.والأهم من ذلك كله كان قائداً قادراً على التعامل مع مختلف الأزمات السياسية الداخلية والخارجية، بفضل الحنكة السياسية التي يمتلكها كما أنه يتمتع بحضور مميز وبعلاقات عميقة مع معظم السياسيين على مستوى العالم، إضافة إلى علاقته الوطيدة مع حكام دول مجلس التعاون الخليجي ورؤساء الدول العربية والإسلامية، الأمر الذي أتاح له القدرة على التأثير في الكثير من القضايا بما يخدم المصلحة العامة.ولم ننسَ موقفه الداعم للقضية الفلسطينية وللشعب الفلسطيني على مدى عقود من الزمن، هو عمر النكبة الفلسطينية فقد نشأت منظمة التحرير الفلسطينية في الكويت، وقدمت الكويت للشباب الفلسطيني البعثات للدراسة في الخارج، كما أنه وقف ضد التطبيع مع الكيان الصهيوني، رغم الضغوط الكبيرة التي تعرضت لها الكويت، ولم يأتِ هذا الموقف إلا إيماناً منه بالقضية الفلسطينية وأنها قضية الشعب الفلسطيني العادلة.رحل قائد العمل الإنساني لكنه لن يُنسى من قِبل الشعب الكويتي بقيادة أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه، ولن ينساه الشعب الخليجي، وكذلك الشعب العربي والشعوب الإسلامية وبقية دول العالم، لأنه كان صاحب بصمة مميزة منحت الكويت بعداً كبيراً.

د. عالية شعيب

لماذا التغيير مخيف؟!
نشرت مجلة هارفارد للأعمال أخيراً دراسة مفادها أنه بعد اجتماع مئة مدير تنفيذي لأهم شركات الأعمال في أميركا. اتضح أن 85 في المئة من شركات الأعمال تعمل خططاً للتغيير على مستوى الفرد والمجتمع، سواء على المدى القريب أو البعيد، لكن 15 في المئة فقط، من ينجح منها في تنفيذ تلك الخطط.مما استدعى سؤالنا التالي: لماذا التغيير صعب. ولماذا يتمسك الفرد - وبالتالي المجموعات في البيت والعمل والشارع والسوق - بالروتين المعتاد، و رغم الانفتاح على مواقع التواصل والأفكار الجديدة، نجد تخوفاً كبيراً وتردداً في ما يخص التغيير، مما يعكس انخفاض درجة الثقة بالنفس والقلق من الفشل والمغامرة، والاستعانة لما هو معروف وموجود ومعهود ومعتاد. التغيير السياسي يبنى غالباً على:أسس جديدة، عمليات وأدوات وتكنولوجيا مختلفة، كما تركز كبريات الشركات على أنماط مختلفة من السلوك، طرق التدريب والمهارات المغايرة لما هو موجود. سواء بالطلب من الموظف تقديم أفكار جديدة، تحفز تلك المقابلة لها لدى الزبون أو المشتري/ المستهلك. لكن ما يغفله هؤلاء هو: حالة «التعود الأخلاقي» من الأفكار والشعور لدى الفرد، وغالباً من هنا تنشأ حالة المقاومة للتغيير.حيث المعتقدات الثابتة وأنماط السلوك المتوارثة عن قناعات يصعب الحياد عنها، المغروسة عميقاً في الإدراك وتمتد جذورها للاوعي، التي من شأنها تحديد نظرتنا لأنفسنا والآخر والعالم من حولنا. كل ما سبق يصب في ما يسميه علم النفس الحديث بـ«المناعة ضد التغيير». وأميل لتعبير: مناعة ضد التطور/ التحرر/ التخلص من المنظومة القديمة التي لقنت الفرد أفكاراً قديمة ضد إرادته وذكائه وحريته وتحقق هويته وإبداعه، وحشرته في علب فكرية قاتمة... قيدته وكبلته وقتلت كل إمكانية فيه لتحقيق ذاته، كما هو يرى وليس كما يرى «المجموع»: القطيع، التراث؛ توجه المجتمع التقليدي. لذا أرى أن أي نظرية تغيير/ تطوير، لابد أن تكون موجهة للإنسان، لـ«عقله وإرادته وقلبه»؛ كي يكون ذكياً، حراً، شجاعاً.

د. عبدالرحمن الجيران

مَرُّوا كِراماً
الحياة تعجُّ بالمُنغصات والمكدرات وهي سريعة الزوال، ومما يزيد من كدرها ويعكر صفوها هذه الطبقة من البشر الذين نزلوا بأخلاقهم إلى أسفل السافلين، في مقابل القلة القليلة التي حملها حُسن الخلق على التأدب بآداب الشرع في أخلاقهم وسمتهم وهديهم، وتَميّزوا بوصف الوقار والسكينة والتواضع لله ثم لعباده، وإذا وُجه لهم خطاب أو انتقاد من الجهلة خاطبوهم خطاباً يسلمون به من مقابلة الجاهل بجهله، وهم مع ذلك إذا حصل لهم جلوس في مجلس اشتمل على أمر مُحرم مثل اللغو، فنجدهم يجتنبونه سواء كان في الأقوال أو الأفعال كالجدال بالباطل أو الغيبة والنميمة أو الاستهزاء بالناس وكشف أسرارهم وعوراتهم أو شرب الخمر ومجالس اللهو والغناء المحرم، وإذا كانوا لا يشهدون الزور فمن باب أولى أنَّهم لايقولونه ولا يفعلونه، كما أنّ شهادة الزور داخلة في قول الزور.واللغو يكاد يكون هو الغالب اليوم في وسائل التواصل الاجتماعي وهو الكلام الذي لا خير فيه ولا فائدة دينية ولا دنيوية.فهؤلاء الكرام إذا حصل لهم مرور في هذه المجالس نزّهوا أنفسهم وأكرموها عن الخوض فيها، ورأوا أنّ الخوض فيها وإن كانَ لا إثمَ فيه فإنّه سَفَه ونقص للإنسانية والمروءة فنزّهوا أنفسهم عنها، كما أنّهم إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً.وهذه صفة مدح كبيرة، هذا هو الحِلْم ومقابلة المُسيء بالإحسان والعفو دليل على رزانة العقل الذي أوصلهم إلى هذه الحال، ولا يتكبرون على الصغير لصغره، ولا ناقص العقل لنقصه، ولا الفقير لفقره ، بل يعاملون الجميع بما تقتضيه طبائع نفوسهم الزكية، ولا يكلفونهم بما لا تسمح به طبائعهم، بل بما سهل عليهم من الأعمال والأخلاق.وهم مع هذا الإحسان تجدهم يستشعرون شدة حاجتهم إليه سبحانه في جميع أحوالهم في الدنيا، خصوصاً في يوم العرض عليه وهو يوم الحساب، وأنّهم ليس في طاقتهم احتمال العذاب.كما أنّهم من جميل أوصافهم في الدنيا أنّهم إذا أنفقوا من أنواع النفقات، لا يزيدون عن الحد فيدخلوا في قسم التبذير وإهمال الحقوق الواجبة، ولم يُقتروا فيدخلوا قسم البخل والشُّح، وكانت نفقاتهم على الوجه الذي ينبغي من غير ضرر ولا ضرار، وهذا من عدلهم واقتصادهم في تدبير معايشهم.هذا الوصف خالص لعباد الرحمن وهذا إضافة تشريف لهم بأنّ الله تعالى أضافهم لنفسه، وما أحوجنا لمثل هذا الصنف الذين تطيب بهم الحياة.ومن صفات الكرام أنّهم إذا شعروا بوسوسة الشيطان لهم في تثبيطهم عن الخير أو حثّ على الشر، فإنّهم يتذكرون وعد الله ووعيده، فيستعيذون بالله ويحتمون بحِماه، والله تعالى يعلم صدقهم وضعفهم وقوة التجائهم إليه، فإنّه سيحميهم ويقيهم من وساوس الشيطان، ولمّا كان الكرام لابد أن تنالهم الغفلة أحياناً وينال منهم الشيطان الذي لايزال مرابطاً ينتظر منهم الغِرّة والغفلة، فإنّهم حينئذٍ إن شعروا بوخز الذنب في قلوبهم، سواء بفعل محرم أو ترك واجب، تذكروا من أيّ باب أتى هذا الشيطان، ومن أيّ مدخل دخل عليهم، فانبعثت في قلوبهم لوازم الإيمان، فأبصَروا واستدركوا ما فات بالتوبة والحسنات الماحية، وردّوا شيطانهم خاسئاً وهو حسير، وقد أفسدوا عليه كل ما أدركه منهم.الخُلاصة: سبب تخلفنا وزيادة مشاكلنا اليوم تَكلّم الرويبضة في أمور العامة، وإسناد التوجيه لمَن لم يتزكَّ بالإسلام، وانقلاب الموازين لدى النخب الفكرية.

د. عبدالله الناصر

التربية البدنية والتعليم عن بُعد
بعدما أقرّت وزارة التربية والتعليم العالي، الدراسة عن طريق (التعليم عن بُعد)، كثرت الأقاويل من قِبل بعض المتعلمين وأولياء أمورهم، حول كيفية تدريس مادة التربية البدنية، بنظام (التعليم عن بُعد)، ويرى البعض أنه لا داعي لها ومن الأفضل إلغاؤها، لأنهم يرون - من وجهة نظرهم الشخصية - أنها مادة دراسية غير مهمة وتقتصر فقط على اللعب والترفيه. فكيف يتم تدريسها عن طريق (التعليم عن بُعد)؟ ونسوا أن مادة التربية البدنية مادة أساسية تؤثر على معدل الطالب، ونحن كمختصين في هذا المجال، ليس من واجبنا الرد على هذه الآراء بقسوة، بل من الواجب علينا تثقيفهم بمادة التربية البدنية، وإبراز دورها في المؤسسة التعليمية، وكذلك إبراز مدى تأثيرها على حياة الفرد والمجتمع. إن فلسفة التربية البدنية والرياضة عبارة عن مجموعة من علوم رياضية متكاملة، كـ(المناهج وطرق التدريس في التربية الرياضية والإدراة الرياضية والترويح والعلوم التربوية والنفسية والاجتماعية في التربية الرياضية وعلوم الصحة الرياضية والتدريب الرياضي وعلوم الحركة ونظريات وتطبيقات الرياضات الجماعية والفردية والتمرينات، والعروض الرياضية والإصابات الرياضية، والإسعافات الأولية، والقياس والتقويم في المجال الرياضي وغيرها). فالتربية البدنية - الرياضة - أسلوب متكامل يراعي جميع جوانب تطور الفرد الجسمي والعقلي والاجتماعي والروحي، من خلال الأنشطة البدنية المختلفة، التي تراعي جميع مراحل نمو الفرد وتطوره، تحت إشراف مختصين في هذا المجال، وبذلك فإن التربية البدنية أعمق من كونها مجرد ألعاب رياضية كما يعتقد البعض. فالتدريس عن طريق التعليم عن بُعد (Distance Learning Method)، يعتبر من إحدى طرق تدريس التربية البدنية، ويعرّف (التعليم عن بعد) بأنه عملية الحصول على الخبرات التعليمية، عندما يكون مصدر العلم والمتعلمين مفصولين، في المكان أو الزمان أو الاثنين معاً. ويتم الاعتماد على استخدام (التعليم عن بعد)، عندما تفصل المسافة الطبيعية بين المعلم والمتعلم، أثناء حدوث العملية التعليمية، وخلالها تستخدم تكنولوجيا الاتصالات، مثل الفيديو والاتصال بالصوت والمواد المطبوعة وغيرها، وكذلك الاتصال وجهاً لوجه بين المعلم والمتعلم لتوجيه التعليمات. ومثال على كيفية تدريس مادة التربية البدنية بطريقة (التعليم عن بعد): يقوم معلم التربية البدنية بتصميم موقع إلكتروني، أو استخدام برامج كـ(الزوم والتيمز) وغيرهما من البرامج الداعمة لعملية (التعليم عن بعد)، ومن خلاله يقوم بعرض صور وفيديوهات، تتناسب وتتعلق بمحتوى منهج التربية البدنية، التي من خلالها يقوم المتعلمون بالدخول إلى الموقع للتواصل والتعلم عن بعد. ومن الممكن أن تكون هناك مشاركات إلكترونية بين المتعلمين والمعلم، تسير في اتجاه المقرر الدراسي، ومن الممكن - كذلك - أن يتواصل المعلم مع المتعلمين عن طريق البريد الإلكتروني. في الختام... ليس العيب أن تخطئ في فهم مجال معين، ولكن العيب أن تدّعي الكمال في ما أخطأت فيه. Dr.a86@hotmail.com

د. عبدالله سهر

نصيحتي لبعض النواب الأحبّة... «لا تضيعون صيدكم بعجاجكم»
مما هو ملفت للنظر تسارع بعض النواب في تقديم اقتراحات ومقترحات لقوانين غريبة وملفتة للنظر، في حين أن هناك ملفات وقضايا أكثر أهمية وأبلغ. من هذه المقترحات العجيبة مثلاً استقطاع نسبة من عوائد احتياطي الأجيال القادمة وتقديمها للمواطنين، نشر محتوى المشاورات وترشيحات التيارات ورئيس مجلس الأمة للوزراء، اقتراح منع الاختلاط في الجامعات والمدارس الخاصة، علاوة الأبناء من 50 الى 100 دينار «من دون سقف لعدد الأبناء»، معاهد دينية في كل المحافظات، تقليص حق المشاركة السياسية لحاملي الجنسية وفقاً للمادة الأولى، حظر الوشم وعمليات التجميل، عودة الرقابة المسبقة على الكتب المستوردة، السجن عشر سنوات للسحرة، ولعل هنالك غيرها من مقترحات. لست بصدد نقد أو رفض هذه المقترحات التي يحتاج كل منها إلى نقاش أكبر بكثير مما تستوعبه مقالة صحافية، ولكني أؤكد أن جميع هذه المقترحات أقل أهمية من الكثير من القضايا والقوانين الملحة. فعلى سبيل المثال لا الحصر، قانون الخطة الخمسية الذي لم يقدم وقد مضى على الخطة الخمسية الثالثة، ثلاث سنوات تقريباً، وقد بدأت المشاريع فيها دون غطاء قانوني أهم بكثير من هذه المقترحات لكونه يتصل بمليارات الدنانير عوضاً عن علاقته بالتنمية التي تستهدفها الدولة لصناعة روافد أخرى للدخل القومي وتنويع مصادر الاقتصاد. ما يجري في التعليم العام والعالي من أزمات وفساد وانحدار وتزوير وتضبيط، أليس هو أهم من هذه المقترحات؟ صحة البشر وتدني مستوى الرعاية الصحية، أليس أهم من هذه المقترحات؟ خراب البنية التحتية الذي يدفع ثمنه كل مَنْ يُقيم على أرض الوطن، أليس أهم من تلك المقترحات؟ تفشي التمييز وبث الفتنة والعنصرية والتعصب الذي تدفع ثمنه الكفاءات الوطنية، أليس أهم من هذه المقترحات؟ يا جماعة يا نواب أنتم الآن غالبية وتعيشون «توافق» كبيراً مع الحكومة وتستطيعون أن تنتشلوا ملف التنمية مما هو فيه من ضياع، وتستطيعون أن تصلحوا مؤسسات التعليم التي عاثت بها النخب التجارية والحزبية والشللية فساداً، وبمقدوركم عبر التعاون مع الحكومة أن ترتقوا بالخدمات الصحية، وأن تقدموا شيئاً للمتقاعدين، وتحلوا مشكلة الشباب العاطلين عن العمل، فلماذا تتركوا جميع تلك الملفات على ركن التأجيل أو في أدنى سلم الأولويات وتذهبوا إلى مقترحات جدلية وبعضها قد تكون غير دستورية وأخرى غير واقعية وبعضها أقل أهمية! نصيحتي لكم لا «تضيعون صيدكم بعجاجكم» الزمن يمر بسرعة كبيرة، والتحديات آتية لا محال، والوضع الشعبي يحدو في جنباته الملل والضجر واليأس، والنفس لاتزال طيبة، فركزوا على الصيد الذي بين أيديكم ولا تثيروا العجاج.

د. علي عبدالرحمن الحويل

السامية بين العداء والتقريب
تعود جذور عداء الغرب المسيحي لليهود إلى تسبّبهم بصلب السيد المسيح (شُبّه لهم)، واضطهادهم تلاميذه في القرون المسيحية الأولى، وإلى ازدراء اليهود للديانة المسيحية وأصولها العقدية كالتوحيد والتثليث والولادة من عذراء، وهجومهم على السيد المسيح في أدبياتهم وادعائهم عليه كذباً بتخريب هيكل المعبد ما حدا بالحاكم الروماني إلى صلبه (شُبّه لهم)، فإيمانهم بأنهم شعب الله المختار يجعل غلاتهم يعتبرون الآخرين أغياراً دونهم قيمة ولا مانع من التنكيل بهم بل وحتى قتلهم والاستيلاء على ممتلكاتهم، فوصايا نبي الله موسى عليه السلام العشر تنطبق في رأي هؤلاء الغلاة على اليهود فقط.تشكّلت الأحزاب السياسية المعادية للسامية بداية في ألمانيا والنمسا وفرنسا في القرن 19، ولعبت سيطرة اليهود آنذاك على اقتصاد الدول التي يقيمون فيها وتعاملهم بالربا الفاحش دوراً رئيساً في كراهية شعوبها لهم، ولذا فقد لجأوا إلى تملك الذهب والمعادن الثمينة والألماس وتقطيعه واستخدامه كحلي لتفادي إثارة الشعوب، إلّا أن إنشاء روتشايلد لأول بنك في العالم أظهر هيمنتهم على المال ومن ثم اقتصاد الدول التي كانت تقترض من أثريائهم أحياناً.لعبت النزعة القومية التي انتشرت بسرعة في دول أوروبا قبيل الحرب العالمية الثانية دوراً مهماً في ظهور معاداة السامية، وظهرت كتب عدة نسبت لليهود والصهاينة واكتسبت شهرة ورواجاً كبيرين بين الأوروبيين كان أشهرها بروتوكولات حكماء صهيون الذي يصف مؤامرة يهودية على العالم - بما فيه الدول العربية - أكسبت اليهود كراهية شديدة، مما جعلهم يبذلون جهوداً مضنية في إنكار صدور هذا الكتاب عنهم، و أضاف الباحثون في علوم أصل الإنسان ذات النزعة العنصرية بعداً علمياً يدعم فكرة دونية العرق السامي اليهودي ولؤمه وخداعه ونكرانه الجميل، وأضاف حزب أدولف هتلر النازي عام 1919 بعداً سياسياً يبرهن به على صحة نظرياته، ومع توليه السلطة عام 1933 سن القوانين المعادية لليهود و للسامية.كان العداء للسامية في المجتمعات الإسلامية أقل عنه في أوروبا، ومن أشكاله فرض زي خاص على اليهود ومنعهم من الاختلاط بالمسلمين في بعض الحقب الإسلامية، وأدى تعامل اليهود بالربا الفاحش إلى موجات غضب قام بها مسلمون استعادوا فيها أملاكهم في صفد وفي العراق، وضاعف قيام دولة إسرائيل في فلسطين من المشاعر المعادية لليهود في الدول العربية والإسلامية، ودور إسرائيل في حرب اليمن عام 1962، والعدوان الثلاثي على مصر عام 1956، ونكسة عام 1967، إلى تعطيل انتشار تيار القومية العربية المعادي للغرب في الجزيرة العربية، الأمر الذي قابلته الولايات المتحدة تحديداً والغرب بشكل عام بالتقدير والعرفان والاعتماد على إسرائيل لتكون اليد الضاربة لأميركا في الشرق الأوسط وسنّت التشريعات التي جعلت من عداء السامية جريمة يعاقب عليها القانون، ونسب إلى الرئيس الأميركي ترامب قوله إنه لولا هذه القوانين التي سنناها لقتل اليهود في كل أصقاع الأرض لفرط كراهية الشعوب لهم! ساهم تميز اليهود العلمي في قبول المجتمعات الغربية لهم، فهم أصحاب النظريات الاكثر تأثيراً وانتشاراً في العالم وفي كل المجالات العلمية، فمنهم واضعو نظريات أصول الاقتصاد العالمي، فآدم سميث هو مؤسس الرأسمالية وكارل ماركس مؤسس الاشتراكية، وفرويد وضع قواعد علم النفس، ويُعد ميكافيللي مؤسس علوم السياسة، وأدت مساهمة اينشتاين في تفجير القنبلة النووية إلى إنهاء الحرب العالمية الثانية لصالح الحلفاء، وانتشرت تسمية اليهودية بالأخ الأكبر للمسيحية وأطلق على شريعتها مسمى العهد القديم، تقريباً لها من المسيحية التي سُميت بالعهد الجديد.

د. عيسى محمد العميري

... إلى الأشغال!
إن مشكلة التلوث البيئي والمائي، نتيجة سوء معالجة الصرف الصحي في البلاد تكاد تكون أزلية!، والتي بح من خلالها صوت هيئة البيئة في التحذير من خطورتها بمناسبة ومن غير مناسبة، ولقد انصب اهتمام وزراء الاشغال في العناية بالشوارع بدرجة كبيرة، ورغم أهمية هذه المسألة في بلدنا الحبيب، إلا أن هناك - كما أشرنا - مهمة لا تقل عن إصلاح الشوارع، وهي الاهتمام أكثر بأدوات تصريف الصرف الصحي غير الصحية، تلك التي تفتقد الكثير من المواصفات الأساسية العالمية أو حتى المحلية!إن المشكلة التي تنتج عن سوء تصريف المجاري قد تشكل كارثة بيئية على مر الزمن، إذا ما تركت على وضعها الحالي، فلطالما اشتكى المواطنون من الروائح الكريهة المنبعثة في العديد من مناطق الكويت، والتي بحاجة إلى اهتمام وزارة الأشغال، وهي تشكل - كما أسلفنا - مشكلة خطيرة تهدد البيئة، وتهدد مورداً مهماً هو الثروة السمكية وتصيبها بمقتل، جراء سوء المعالجة المفترض اتباعها، والتي يمكننا أن نرى بعض آثارها في سمك البلطي الملوث، الذي وجد في مصرف مجارير الصرف الصحي في منطقة صباح الأحمد، والتي تلقفها بعض أفراد الجالية الآسيوية وقاموا ببيعها على أساس أنها طازجة! ولكنها في حقيقة الأمر هي ملوثة، نتيجة عدم معالجة الصرف الصحي في تلك المنطقة.فالمطلوب من وزارة الأشغال معالجة المصارف الصحية، التي تلقي بمحتوياتها داخل البحر من دون معالجة مبدئية مفترضة، لتخفيف تركيز التلوث فيها، والاستفادة منها في ترطيب بعض المناطق في الصحراء، التي تعاني جفافاً وتصحراً خصوصاً في فصل الصيف اللاهب.كما أن المناهل الصحية - التي تنتشر على امتداد الشواطئ في الكويت - تعاني سوءاً كبيراً وإهمالاً غير مسبوق ولا تتضمن أي إجراءات صحية يتوجب اتخاذها، قبل أن تلقي بمحتوياتها في البحر مباشرة، والبعض منها يشكل خطراً حقيقياً، رغم عشرات التحذيرات التي وجهتها إليها الهيئة العامة للبيئة مشكورة، ولكن تجاوب وزارة الأشغال بطيء، ويحتاج إلى تسريع من أجل أن تكون بيئة الكويت نظيفة وخالية من كل ما من شأنه أن يضر بالصحة، ومن ثم التقليل من دائرة الخطر من حدوث كوارث بيئية غير محمودة العواقب.ويتعين على وزارة الأشغال عدم تجاهل تحذيرات البيئة في كيفية التعامل مع مناهيل الصرف الصحي، وعدم الاهتمام الكافي بهذه المشكلة...  والله الموفق.dr.essa.amiri@hotmail.com

د. فهد الراشد

الملياردير
طبيـعة خـلابة وتربة ملوّثة، صوت خـرير الماء في جـداول صغيرة تسقي البعـيد وتتجـاهل القـريب، زقـزقات عصافـير تنادي بعضها إيذاناً بالهجرة، حفيف ورق الأشجـار يتطاير إلى الأعلى متـباعداً، ورود ملونة هجـرتها الأيادي النـديّة، رذاذ الماء يسقط عليـها فتـغدو باكـية، ممرات خـضراء تصحـّـر الدفء والإحـساس فيـها. وقـف (المبشّت) على الشرفـة ينـظر إلى فـضاء قـصره المـترامي الأطراف، هناك من يقـلـّـم الأزهار وكأنه يتصارع معـها، وهناك من يشذب الأعشاب خـنقاً، وهناك من ينـقي الممرات التي خـلت من التراحم وفقـدت اللُحمة. موظفو الخـدمة بلباسهم الأصفر الموحـد منتـشرون في كل أرجاء القصر بلا حـياة وبلا روح، يعملون بصمت رهيـب ليس مسموحاً لهم سوى النظر إلى بعضهم فقط. وقـف ورجـله اليمنى قد ارتفعت على عتـبة سور الشرفة بمقاس ثلاثين سنتمتراً تقريباً. رجـل في العقد السادس يبلغ من العمر خمسين ونيفاً، جـميلُ الوجـه، وجـيهُ الطـلّة، ملابسهُ فاخـرة جـداً، عقالُ مرعز الأصلي، غـترة ذات جودة عالية، قماشٌ لدشداشة فاخـرة جداً، بيده سيجـار بني اللون، وصل إلى منتـصفه، وباليد نفسها كان ممسكاً بفنـجان قهوة يرتشـف منه رويداً رويداً، أما طـبق الفنـجان فكان يمسكه باليد اليسرى، بدا مـترنح الفكـر، سرح في خـياله: - إييه حطله قناتين قعد يتفلسف علينا، كل شوية طالع لنا أنا أثرى الأثرياء، أنا أغنى واحد، وهالقنوات ما عندهم شغل غيره الملياردير راح، الملياردير قعد، الملياردير انسدح، الملياردير كوكس، والله شغله، راح تشوف هالسنة مَن هو أغنى واحد فينا، أنا والا أنت، ما راح أخلي لك ذكر نهائياً، راح يكون تصنيفك مو الثاني أو الثالث، راح يكون تصنيفك الرابع أو الخامس، وراح تشوف.

د. مبارك الذروة

التغيير لا مفرّ منه
كثيراً ما تخالجني أهمية الشعور بالتغيير ومواجهة النمطية في حياتي، فالتغيير لا مفرّ منه شئنا أم أبينا، فهو سنة الله في خلقه. كل ما حولك متغيّر ولو بشكل عفوي ومع ذلك تعود الأشياء إلى طبيعتها؛ فالشمس تشرق ثم تغيب لتعود مرة أخرى في صباح يوم جديد لتشرق. المياه الراكدة آسنة لا تصلح للحياة والشرب والطهارة لأنّها باختصار غير متجدّدة، والكلمات الباهتة المكرّرة لا روح فيها لأنّها تخلو من الحركة والتجديد. «إنّ الله لا يغيّر ما بقومٍ حتى يغيّروا ما بأنفسهم»، هي آية عظيمة تدعو إلى التغيّر الداخلي والانطلاق نحو الخارج، للتغيير والتجديد. فهل راجعنا أسلوب حياتنا وإدارتنا وسلوكياتنا؟ هل قوّمنا مساراتنا الفكرية والثقافية والإعلامية والسياسية والاجتماعية؟ كل الثقافات والحضارات والديانات الخالدة ما كان لها أن تولد، لولا روح التغيير والعزم على التجديد. وبالتغيير يتطوّر الإنسان وتتحسّن حالته ومزاجه، فلماذا نخاف إذاً من التغيير أو حتى نراجع مواقفنا وأفكارنا، ولماذا ننهزم أمام صوت اللاشعور الذي قد ينتابنا، حين يدعو إلى التغيير أو تجديد المسار. الجماهير العامة صماء والعقل العام مغلق يخشى من التغيير، لأنه ألف القديم وعاش على فتاته. وستظل كذلك لأنه السواد الأعظم الذي يتدفّق بصمتٍ خلف الجديد، ولو بعد حين ومن دون شعور وبعد فوات الأوان. خذ مثلاً؛ مدارسنا والتعليم لم تكن مستعدة للتغيير المفاجئ بسبب جائحة «كورونا»، وتعثرت خطواتها عند استخدام التعليم الرقمي وبرامج الأون لاين، وانقسم الناس بين مؤيد ومعارض ثم سارت خلف الجديد؛ وفي رأيي ليس لأنها غير مواكبة للتغيّر بقدر ما كانت غير مستعدة نفسياً للتغيّر والتجديد، وينتابها الخوف والجهل ومواكبة لمستجدات القرن الجديد، وقديماً قالوا: المرء عدو ما يجهل. لم يعد العالم قرية صغيرة بل أضحى بين يديك وأمام عينيك... فالتغيير قادم، فكن على وعي به وإلا سيجرفك تياره، وأنت في فراشك. إن لم نتغيّر بوعيٍ وإدراكٍ فالتغيير آتٍ، فاختر ما تشاء واقرأ ما تريد وحدّد وجهتك، وإلا فإنّ هناك ما يجرفك ويأخذك للمجهول الذي قد لا تعرفه. في الأدب والفكر والسياسة والعلم كان التغيير هو وقود العباقرة والمنتجين عبر التاريخ. لم يكن العقاد عبقرياً في أسوان لكنّه صنع عبقرياته بعد رحيله إلى القاهره، ونفض كل تركة الماضي ليشاهد مسرحاً من الحاضرالأجنبي والوافد الغريب والجديد تعج بها طرقاتها. فكان وعيه واستعداده اليقظ وإدراكه لمكونات التغيير مُعيناً له على امتصاص موجات التغيير وابتلاعها ليقدم روائع انتاجه. وما كان لأنيس منصور الكاتب الفيلسوف، أن يكون إحدى روائع أخبار اليوم وصاحب الصالون العظيم ورحلاته حول العالم، الذي عاش شبابه بين المدرسة والكتاب، لو لم يكن منفتحاً على الفنون والآداب واللغات. وكذا كان رفاعة الطهطاوي صاحب تخليص الإبريز، علماً من أعلام الفكر الحديث وتحديث التعليم، لو لم ينفض رواسب الماضي ليشاهد باريس ومعالم التجديد في حواضرها. لنتغيّر ولنتجدّد... لنرمي عن كواهلنا كل مفردات الرتابة والتحنيط. لنجدّد أنفسنا كي نتجدّد. حي على الفلاح... دعوة للتجديد... ونداء لذوي الهمم... فسيروا مع ذوي الهمم العالية ولا تقفوا. مئات الطرق والوسائل التي سلكها توماس إديسون في البحث عن خيط يوصله لاكتشاف المصباح... كلها فشلت وتساقطت همته، ولولا رغبته وعزمه في الاستمرار لوقف التغيير، ولما وصل أخيراً لاكتشافه ليصبح أبا الكهرباء العظيم. وهذا الطفيل الدوسي كان يضع قطناً على أذنيه حتى لا يسمع كلاماً سيغيّر نهجه وحياته، في ما بعد من النبي الأمين صلى الله عليه وسلم؛ لكنه كان شجاعاً حين عزم وقرر أن ينزع قطن الجمود، ليسمع ويتحقق بنفسه فكانت هدايته ومعرفته للفكر الحضاري الجديد وليكون داعياً لأهل اليمن بعد ذلك. إرادة التغيير هي البداية لأي نهضة والعزم على المسير دون التفاف للمشككين، هي سبيلنا لاستعادة التحول الحضاري والنهوض بأوطاننا. لا يعني التغيير أن نتنازل أو نتراجع عن الصحيح؛ ولا يعني التغيير أن نتحوّل إلى عقول مخدرة لا تميّز ولا تتفحّص، لكنها حالة من المواكبة للجديد ومواءمة للتحولات من حولنا، وضدها الجمود والركود الذي أول ما يقتل صاحبة ليموت مكانه بينما تسير الركبان لتستكمل المسير.

د. محمد البدّي

فقـه الاقتصاد الإسلامي وجامعة الكويت
وافق مجلس العمداء في جامعة الكويت مشكوراً على استحداث تخصص فقه الاقتصاد الإسلامي، وعلى الرغم من تأخر هذه الخطوة إلا أنها أتت في المسار الصحيح، فقد تزايد الاهتمام بهذا التخصص والحاجة إليه على المستوى المحلي والعالمي، ولا شك أن دولة الكويت رائدة في مجال الصناعة المالية الإسلامية، وينبغي أن تواكب ذلك التقدم وتسايره أكاديمياً، فنشكر كل من سعى للموافقة على هذا القسم المستحق، ونشكر على وجه الخصوص فضيلة الدكتور ياسر عجيل النشمي القائم بأعمال عميد كلية الشريعة تحريكه لهذا الملف واجتهاده وإخلاصه لإنشاء هذا التخصص الجديد، وتنسيقه مع مجلس العمداء وعميد كلية العلوم الإدارية. ومما يؤكد أهمية إقرار هذا القسم حاجة سوق العمل في القطاعات الاقتصادية المختلفة في الدولة، والتي هي في أمس الحاجة لخريجيّ تخصص فقه الاقتصاد الإسلامي ليسدوا فراغاً كبيراً في مؤسسات الاقتصاد الإسلامي سواءً في القطاع الخاص أم العام، وأذكر منها على سبيل المثال بنك الكويتي المركزي، وهيئة أسواق المال، وهيئة الشراكة بين القطاع العام والخاص، وهيئة تشجيع الاستثمار، والبنوك الإسلامية، والشركات والصناديق الاستثمارية الإسلامية، ووحدة التأمين بوزارة التجارة، وشركات التأمين الإسلامي، وبيت الزكاة، والأمانة العامة للأوقاف، وغيرها. والمتأمل في تخصص فقه الاقتصاد الإسلامي يجد أنه يجمع بين علم الفقه بالشريعة الإسلامية وعلم الاقتصاد الذي يدرس النشاط الاقتصادي من استهلاك وإنتاج وتوزيع وتبادل، وما ينشأ عن هذا النشاط من ظواهر وعلاقات، محاولاً تفسيرها من خلال القوانين الاقتصادية والتحليل الفني وذلك بالاستعانة بالنماذج الاقتصادية من رسوم ومعادلات ورياضيات للكشف عن الأسباب التي تكمن وراء هذه الظواهر ورصد العلاقات بين المتغيرات الاقتصادية، والتنبؤ بالمستقبل لرسم السياسات الاقتصادية. ولذلك، نشأ الخلاف في تبعية التخصص... في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية أم لكلية العلوم الإدارية، حتى أقر أخيراً تبعيته لكلية الشريعة والدراسات الإسلامية، إلا أن هذا الأمر يحتاج إلى أساتذة متخصصين في فقه الاقتصاد الإسلامي، والذين عندهم القدرة على تدريس المواد الاقتصادية والحكم عليها فقهياً وشرعياً مثل مبادئ الاقتصاد الإسلامي، ومدخل إلى النظرية الاقتصادية الكلية والجزئية، ونظريات التنمية، والمالية العامة، والرفاه الاجتماعي والاقتصادي، والنظرية النقدية والأسواق المالية، بالإضافة إلى مواد الرقابة والتدقيق الشرعي واقتصاديات الزكاة والوقف والمعاملات المالية والإسلامية وغيرها. وبذلك يتكوّن لدى طالب فقه الاقتصاد الإسلامي مجموعة من التحصيل العلمي الذي يؤهله للعمل في مؤسسات الاقتصاد الإسلامي، حيث تهدف دراسة هذه المواد إلى: 1 - معرفة الطالب لأهم المبادئ والنظريات والقواعد والمفاهيم الأساسية في مجال الاقتصاد والاقتصاد الإسلامي. 2 - اكتساب أهم الأدوات التي يمكن من خلالها فهم وتحليل الموضوعات الاقتصادية وربطها بما يتصل بها من أدلة شرعية ونصوص فقهية. 3 - قدرة الطالب على متابعة المسائل الاقتصادية والفقهية المستجدة في مجال الاقتصاد الإسلامي، وفهم تنزيل الأحكام الشرعية عليها. 4 - التأصيل العلمي المؤهل لدرجة الإفتاء في المسائل الاقتصادية والمالية وشغل عضوية هيئات الرقابة والتدقيق الشرعي. وأخيراً، فإن المأمول مواصلة الجهود لوضع المواد المناسبة لهذا التخصص وتعيين أساتذة أكفاء قادرين على تحقيق تلك الأهداف لإعداد مخرجات تفيد قطاعات الاقتصاد الإسلامي، سائلين المولى عز وجل التوفيق والسداد والنجاح. Al-bdee@hotmail.com

د. محمد العدواني

ورحلَ عن الكويت صُباحها
انتقل إلى جوار ربه ورحمته قائد الإنسانية أمير الكويت الراحل حضرة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح. ترجّل الفارس عن صهوة العمل السياسي، والإنساني. بعد أن أفنى شبابه وجل عمره في ميدان السياسة. حتى أصبح أحد أساطينها وأحكم الرجال في تناولها، والعمل بها. فزادته حكمة وعقلانية في تعامله مع جل الخطوب وأعتى المواقف وأعقد القضايا. رجل صلب وحازم وصارم في تعامله مع الأمور. ولكن في قلبه لين ورحمة ومحب للسلام والإنسانية. حتى تربّع على عرشها بكل كفاءة واقتدار، فحصل على لقب قائد الإنسانية لمواقفه تجاه الإنسان والإنسانية. عمل طوال عمره في لملمة الشمل العربي، ورأب تصدعاته وانشقاقاته، وانقساماته، بكل حكمة وبصيرة، وبكل ما أوتي من قوة وقدرة، دعم العمل العربي معنوياً ومادياً، وشمله بحكمته، وسعة صدره. حتى أصبح الحكيم الذي يلجأ الجميع لأخذ مشورته، وسماع رأيه والاحتكام إلى قراره. لم يأل جهداً في دعم كل جهود المصالحة العربية في الماضي. كما هو الحال في وحدة اليمن، وإطفاء نيران الحرب في الأردن بين الفلسطينيين والأردنيين، وبذل قصارى جهده في رأب الصدع في الحرب الأهلية اللبنانية حتى تحقّق النصر في مؤتمر الطائف بالسعودية، وفي الأزمة الخليجية لم يتوانَ يوماً عن دعم جهود المصالحة وتقريب وجهات النظر بين الأطراف، ودعم الشعب السوري واللاجئين ، وتسامى على جراحه، ومد يد العون والسلام للعراق وأهله، وعمل على جمع العالم من أجل مساعدته، وفي الداخل كان كل همه الكويت وأهلها ، فقادها بسلام وحكمة، وكان ربانها الماهر وسفينتها تموج بها رياح الصراعات، وتلاطم المصائب والملمات على المستويين الإقليمي والعالمي. كان صديقاً للجميع ومتسامحاً مع العدو قبل الصديق، فحاز عن جدارة لقب أمير الإنسانية.رحم الله والدنا الشيخ صباح، وأسكنه فسيح جناته، وللكويت وأهلها خالص العزاء والمواساة. و«إنا لله وإنا إليه راجعون».

د. محمد خالد العازمي

محاربة الفساد... مسؤولية الجميع
تتناقل رسائل وإشاعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن الفساد، وربط محاربته بأشخاص وكأنهم هم فقط المسؤولون عن مواجهة كل هذه التجاوزات، وذلك غير صحيح لأن محاربة الفساد يجب أن تكون من الجميع، والمحافظة على أمن الكويت أيضاً هي مسؤولية الجميع. عزيزي القارئ... كم واحد منا لم يحارب الفساد وهو يعلم أن هناك فساداً، كم من أشخاص لم يقوموا بالواجب المنوط بهم لإيقاف هذا الفساد والحد منه، لماذا نحمل دائماً مسؤولية الفساد للحكومة أو لأعضاء مجلس الأمة المحترمين، ولا يعني ذلك أنه لا يوجد قصور من السلطتين التشريعية والتنفيذية، وإنما يجب على الجميع السعي للمساهمة في إيقاف والحد من هذا الفساد. ومن تجربة شخصية لم أواجه في حياتي مسؤولاً يدعو أو يوجه إلى الفساد، وإنما دائماً ما تكون التوجيهات نحو محاربة الفساد، وذلك لمصلحة دولتنا الغالية، والتي نطمح ونرغب جميعاً بأن تكون في مقدمة الدول، كما كانت وستعود بإذن الله درة الخليج. فالخلاصة: لا تنتظر من يوجهك لإيقاف الفساد، بل يجب أن تكون مبادراً، من خلال المهام والمسؤولية التي تتحملها ودع المسؤول الذي يليك يقوم بدوره المطلوب منه، وبذلك نصبح من الذين ساهموا في إيقاف الفساد ومحاربته بالطرق القانونية وفقاً للإجراءات المتبعة، فالمتفائلون يحققون نجاحات وإنجازات أكثر من المتشائمين الذين دائماً ما يتذمرون في وسائل التواصل الاجتماعي، وكأن الفساد والخراب والدمار بلغ منتهاه، وذلك بلا شك غير صحيح وغير مقبول أصلاً، فالتكاتف مطلوب خلال هذه الفترة بالذات، من أجل المصلحة العامة، وكذلك التعاون ودعم إجراءات الحكومة، للخروج من هذا الوباء، ونسأل الله العظيم أن يرحم جميع موتى المسلمين ويشفي مرضى المسلمين، وحفظ الله الكويت. Dgca83@yahoo.com

د. منى عبدالمحسن الشمري

التسويق الصادم لمِهنة التمريض
التمريض، مِهنة عانت من التنميط العام والتخبط في الآراء والإدراكات والتوجهات لفترة طويلة. ويتغافل الجميع عن حقيقة المهنة بأنها مهنة إنسانية أثبتت وجودها عبر الزمن، وأحدثت تغييرات كبيرة في الانضباط والتصور المستقبلي للمهنة خصوصاً خلال جائحة (كوفيد-19)، والتي أثّرت بشكل مباشر وإيجابي على المهنة. وهنا يأتي دور دولة الكويت في التوجه نحو استثمار الطاقات من القائمين على المهنة (قطاعي التعليم والصحة)، وذلك للنهوض بها وتطويرها من ناحية التعليم والتدريب. ونقصد إنشاء اتحاد تمريض وهيئة مهنية قوية في التمريض تواكب ما نشارك فيه حضورياً حول العالم، ولكن دون حق العضوية بسبب التأخر التطويري في المهنة رغم وجود ثلاث مؤسسات تعليمية في مجال التمريض في الكويت تحتوي على هيئة تدريسية أكاديمية وتدريبية من ممارسين أكفاء في مهنة التمريض ولديهم خبرة علمية وعملية في التدريس والتدريب. فتعليم التمريض في الكويت يصنف إلى 3 مستويات كالآتي: المستوى الأول: خريج معهد التمريض بعد إتمام تسع سنوات من التعليم المدرسي ما يعادل الثانوية العامة إذا أتمّ الدراسة في المعهد بنجاح. المستوى الثاني: خريج الدبلوم والذي أتمّ 12 عاماً دراسياً من التعليم الثانوي (علمي) بنسبة 60٪ وما فوق. المستوى الثالث: حاصل على بكالوريوس العلوم في التمريض والذي أتمّ 12 عاماً دراسياً من التعليم الثانوي (علمي) بنسبة 70٪ وما فوق. أما في قطاع الصحة، فيصنف العاملون في الهيئة التمريضية حسب قرار مجلس الخدمة المدنية إلى ست فئات من الوظائف الفنية وفئتين من الوظائف المساندة حسب مؤهلاتهم العلمية، وبناء على التدرج المهني للممرض والممرضة، وبغض النظر عن كفاءة تلك التصنيفات أو عدمها وأنها تعزّز الصورة السائدة عن التمريض بأنها مهنة غير مستقلة لافتقارها للخوض في الهيكل التنظيمي لوزارة الصحة وشح بيروقراطية بعض السياسات في الدولة التي أدت إلى تدخل غير الممارسين للمهنة بوضع هذه المسميات «العشوائية» للعاملين في مهنة التمريض. ونتج عن ذلك زعزعة وضع الممرض والممرضة وأدى إلى إشكالية عدم قدرتهم على تطبيق الوصف الوظيفي والذي لا يعكس ممارسات التمريض، إضافة إلى أن أساس الوصف الوظيفي ضعيف فهو يحتاج إلى تطوير جذري. فإما أن يمارس الممرض أكثر مما ذكر في الوصف الوظيفي أو يطبق الوصف الوظيفي بحذافيره. وذلك لأن عمل الممرض والممرضة لا يتمحور حصرياً على الأفراد، ولكنه موجه نحو الأداء الفعّال لأنظمة الرعاية الصحية المتعدّدة بدليل التخصصات المختلفة التي يعمل بها الممرض حالياً في سوق العمل العالمي مثل باحث، استشاري، متخصص، رئيس عيادة وغيره. وهنا نتساءل: ماذا نحتاج للتمريض في الكويت؟ نحن بحاجة إلى هيئة تمريضية قوية ومدعومة في الكويت تتكون من كفاءات متعددة من قطاع التعليم والصحة العام والخاص. كذلك نحتاج تواجد صوت من التمريض في الهيكلة والتسلسل الهرمي لوزارة الصحة. والأهم من ذلك نحتاج إلى الصحوة والانتباه لأقوالنا وأفعالنا بالحديث عن التمريض. التمريض ليس دعاية أو تجارة، ولا يحتاج للتسويق.

د. نادية الخالدي

نتائج الثانوية وصحة أجيالنا النفسية
كل ما نحتاجه في تأسيس جيل جديد (هو صنع جيل يعي ما يستطيع تقديمه لنفسه وللأجيال بعده)، وما كنا نحتار فيه هو كيفية إيصال هذا الجيل لعمق الصحة النفسية والفكرية والاستقرار النفسي.وعند حدوث أزمة كورونا أصبحت الحياة ترتبنا معها، فما كان ممنوعاً بالأمس أصبح واقعاً اليوم فالهواتف كانت ممنوعة في المدارس والآن المدارس هي داخل تلك الهواتف، وهذا يدل على مرونة الحياة وتغيراتها المستمرة، وإن لم نواكب التغيير واكبنا بالتأكيد التأخر. ولأن التغيير الغريب والجديد الذي يحدث لنا هذه الأيام يحتاج أن نكون مبصرين وواعين كفاية له، نجد أن طلاب وخريجي «كورونا» هم من كان لهم نصيب الإبداع الكافي في قياس قدراتهم على التغير المفاجئ، والتأقلم مع النظم الجديدة التي لم يعتادوا عليها في تحديد مصير حياتهم، (وعند) استغرابي لكثير من المعارضين لنسبة النجاح العالية، إلا أنني أؤيدها بشدة فأبناؤنا يحتاجون أن نعطيهم الثقة والفرصة في اختيار تخصصات ومهن تواكب ميولهم الحقيقة، لا درجاتهم وتجميعها العالي، فكم من فنان لم نستطع اكتشافة لأن درجاته لم تسمح له دخول كلية الفنون، أو كم من جراح لم نتعرف عليه لأن درجاته وتجميعها لم تسعفه للدخول في كلية الطب، وكم من أديب ساقه القدر لاتجاه بعيد عن الأدب بسبب درجة أو درجتين !لا أمانع سلم الدرجات بل هو أمر مطلوب جداً، ولكن أؤيد اختبار الميول المهنية ودروس الموهبة والإبداع، وإعطاء ومنح الفرص وإطلاق القدرات، وألّا تحصر معايير القبول على رقم تم تجميعه فقط، من أسئلة وامتحانات نظرية بل يضاف إليها ميول ورغبات وإمكانات واستعداد الطالب نفسه.فكثير من الطلاب جيد شفهياً، وغير جيد كفاية في التحرير الورقي، هل هذا يعني أنه ضعيف التحصيل أو أنه قد يكون مبدعاً بحيث لا يستطيع حصر عقله بقلم وورقة؟العلم عالم واسع ولو كنت صاحبة قرار لجعلت الطلاب يختارون الكليات، بما يتوافق مع استعدادهم المهني والفكري والأدائي ورغباتهم وإبداعاتهم، هذه الخطوة الأولى ثم يبدأ ميدان خيارهم، ودراسته هو من يختبر ويحدد معيار استمرارهم أم انسحابهم. أخيراً ألف مبارك لكل الناجحين في الثانوية (الخريجون الكورونيون)، الذين دخل تخرّجهم التاريخ. وشكراً لكل مربٍ ومُعلم اجتهد في هذا الدور.‏Twitter &instgram:@drnadiaalkhaldi

د. وائل الحساوي

أين تبخرت الـ 50 مليار دينار؟!
هل يعقل أن نفقد 50 مليار دينار خلال سنوات قليلة، وأين ذهبت تلك المليارات؟!كشف رئيس لجنة الميزانيات والحساب الختامي عدنان عبدالصمد أن الفوائض المالية الفعلية المحققة خلال السنوات 1999 ولغاية 2019 بلغت 50 مليار دينار، وأن هذه الفوائض جرى ترحيلها إلى الاحتياطي العام إلا أنها استنفدت نتيجة غياب النهج الحصين!وقال عبدالصمد إن هناك عجزاً تقديرياً قدره 14 مليار دينار في الميزانية، كما ذكر النائب صالح عاشور بأن الميزانية شاملة إلا أن الحكومة تعمل على تجزئتها، وبالتالي لا يمكن معرفة مركز الكويت المالي حتى على رئيس الحكومة أو وزير المالية، وعليه لا يمكن زيادة إيرادات الدولة بهذه الطريقة؟!كما طالب النواب باسترداد ديون الكويت من الدول التي اقترضت منها، ومنها مصر الشقيقة التي يبلغ دينها على الكويت 4 مليارات دينار وهي قادرة على السداد!وقد صرح وزير المالية الكويتي براك الشيتان بتاريخ 30/ 8/ 2020 بأن هناك حاجة لاقتراض 20 مليار دينار كويتي.وبالرجوع الى حسابات جريدة «الراي» فإن الدولة قد جنت 231 مليار دينار على مدى الخمس عشرة سنة، وقد حصل صندوق الاحتياطي العام على 52.2 مليار، وهو ما يعادل 22.6 في المئة من ايرادات الفترة، بينما حصل صندوق الأجيال القادمة على 33.6 مليار دينار.ويبين وزير المالية السابق بأن ما كونته الدولة من فوائض خلال السنوات السمان الـ15 الماضية محفوظ في الاحتياطات العامة للدولة، ولم يتبخر كما يخيل للبعض، وأن حالة العجز المسجل في ميزانية الدولة عن العامين الماضيين هو بسبب ترحيل العجز إلى الاحتياطي العام.كيف نوفق بين هذه التطمينات وبين الواقع الذي كشفه المتخصصون في الإدارة المالية في البلد، وكيف تبخرت فوائضنا المالية فجأة ؟ أم أن في الأمر سراً لا ندركه؟!الأمر المؤكد هو أننا نمر بمرحلة حرجة تتطلب شد الأحزمة ونسيان مرحلة التيسير التي عشنا فيها سابقاً، فالاستدانة من الغير تمثل ذلاً للإنسان ومرحلة من الهوان.ويجب عدم أخذ الأمور بسهولة، فإذا كانت تلك الفوائض قد تبخرت بهذه السرعة، فإن الجد مطلوب، ولا بد من الضغط على زر «الهون أبرك ما يكون».