آلن رينولدز

آلن رينولدز / أسعار الفوائد وأساسيات الدولار
هل هبط الدولار أم صعد اليورو؟ ذلك، من غير ريب، هو الشيء نفسه والذي يتم النظر إليه من جوانب مختلفة. ولكن، قد يتم في أحيان كثيرة جدا النظر إلى الموضوع من مجرد جانب واحد. فعند النظر إلى عملة الدولار الأميركي وحدها فسوف يقوم الكثيرون من الخبراء الاقتصاديين بإلقاء اللوم على بنك الاحتياطي الفيديرالي (البنك المركزي الأميركي) بخصوص خفض أسعار الفوائد. ولكن، عندما يتم النظر من الجانب الآخر، قد يتساءل المرء لماذا لم تقم بنوك مركزية أخرى بخفض أسعار فوائدها؟لا تعتبر العملة الصاعدة بحكم الضرورة علامة تشير إلى وجود قوة اقتصادية. فقبل وأثناء الكساد الاقتصادي الذي حدث في العام 2001، قام الدولار الأميركي بالصعود بشكل حاد. وبدءاً من شهر مارس 2000 ولغاية يناير 2002، كان المؤشر التجاري المرجح لقيمة الدولار مقابل 26 عملة قد صعد بنسبة وصلت 10.5 في المئة بينما كان سوق الأسهم والاقتصاد في حالة تعثر.وفي الرسم البياني الذي تم عرضه في صحيفة «الإيكونوميست»، في عدد أغسطس 2007، تم الإثبات بأن «الدول التي كانت عملاتها قد كسبت الكثير (مقابل الدولار) هي اقتصادات ذات عملات أسعار فوائدها مرتفعة مثل تركيا والبرازيل ونيوزيلندا، أو أنها دول منتجة للسلع مثل كندا، أو مزيج من كليهما مثل أستراليا».قد تقوم أسعار الفوائد المرتفعة بدعم عملة معينة لمدة وجيزة من خلال جذب «أموال هاربة» دولية. إلا أن أسعار الفوائد المرتفعة بإفراط، كتلك الموجودة في تركيا والبرازيل، تعتبر من الناحية النموذجية أحد أعراض السياسة النقدية المعرضة للتضخم التي تتطلب علاوة شديدة المخاطر. وفي كندا، كان الصعود المذهل في الدولار الكندي قد ارتبط بشكل وثيق بأسعار النفط أكثر من ارتباطه بأسعار الفائدة رغم أن بنك كندا قام فعلاً برفع أسعار الفوائد في شهر يوليو، تماماً قبل أن يبدأ بنك الاحتياطي الفيديرالي بتحريك أسعار الفائدة نحو الهبوط.وفي الوقت الذي تكون فيه أسعار النفط والذهب تحلق عالياً، سيكون بإمكان مصدري النفط والذهب، مثل كندا، أن يقايضوا سلعهم مقابل تكنولوجيا وخدمات أميركية إضافية. مثل هذه «الشروط التجارية» المحسنة سوف تعمل على صعود الطلب العالمي بالنسبة إلى موجودات دول منتجة للسلع، ووفقاً لذلك، على صعود عملاتها.وبطريقة مماثلة، تقوم عملات الدول المصدرة للسلع بالهبوط عندما تهبط أسعار تلك السلع. فعندما هبطت أسعار النفط في أوائل العام 1986، وفي أواخر العام 1998، وفي العام 2001، هبط الدولار الكندي بدرجة كبيرة، حتى وإن كانت أسعار فائدة البنك المركزي السائدة في كندا أعلى منها في الولايات المتحدة.ماذا عن اليورو؟ في الوقت الحالي، تعتبر أسعار الفائدة التي قام البنك المركزي الاوروبي بتحديدها هي تقريباً نفسها كما في الولايات المتحدة. إلا أن ذلك يشكل أمراً جديداً تماماً. وبعد شهر يونيو 2006، توقف بنك الاحتياطي الفيديرالي عن رفع أسعار الفائدة، لكن البنك المركزي الأوروبي استمر في دفع أسعار الفائدة نحو الصعود. ونتيجة لذلك، ضاقت الفجوة بين أسعار الفائدة الأميركية والأوروبية في أول الأمر، ثم بعد ذلك اختفت لدى قيام بنك الاحتياطي الفيديرالي بالإراحة. وبشكل لا يبعث على الذهول، قام اليورو بالصعود.وقد عمل الصعود الأخير في اليورو على إشراك أعمال مراهنات على توقعات بأن بنك الاحتياطي الفيديرالي سوف يقوم قريباً بخفض أسعار الفائدة مرة أخرى، بل أيضا بألا يحذو البنك المركزي الأوروبي حذوه. ومع ذلك، كان البنك المركزي الأوروبي على الدوام يقوم باتباع حركات أسعار فائدة بنك الاحتياطي الفيديرالي رغم كونها حركات بطيئة تماماً. ولم يقم البنك المركزي الأوروبي بالبدء في خفض أسعار الفائدة لغاية شهر مايو 2001، أي بعد قيام بنك الاحتياطي الفيديرالي بذلك بخمسة شهور. ولم يقم البنك المركزي الأوروبي بوضع أسعار فائدة فوق نسبة 2 في المئة لغاية شهر ديسمبر 2005، أي بعد قيام بنك الاحتياطي الفيديرالي بذلك بسنة واحدة.وفي الأحداث التي وقعت في الماضي بخصوص أسعار النفط المرتفعة في الأعوام 1974 و1980 و2000، قامت البنوك المركزية الكبرى كافة برفع أسعار فوائدها بشكل جماعي. وكان ذلك ينتهي على الدوام بحدوث كساد عالمي، يعقبه وبشكل متأخر، حدوث تخفيضات كبيرة في أسعار الفائدة. وبعد الارتفاع الحاد في النفط في الفترة الممتدة ما بين شهر أغسطس ونوفمبر 1990، عندما كان سعر الفائدة على أرصدة البنوك فوق 8 في المئة، أخفق البنك الاحتياطي الفيديرالي في خفض أسعار الفائدة بشكل كبير إلى ما بعد سنة واحدة من انتهاء الكساد.يجب على أولئك الذين يطالبون بأسعار فائدة بنوك مركزية مرتفعة عند ارتفاع أسعار النفط أن يدركوا بأن مثل تلك السياسات قد أدت في الماضي إلى أسعار فائدة تراوحت ما بين 1 في المئة ـ 2 في المئة بعد عامين أو ثلاثة أعوام (وكانت على سبيل الجدال منخفضة جداً ومتأخرة جداً) من حدوث انتكاسات صناعية عالمية خفضت أسعار النفط تخفيضاً شديداً.وفي هذه المرة، كان بنك الاحتياطي الفيديرالي هو السبّاق في التخلي عن توجه قديم واهن، وبشكل أحادي الجانب. وكان ذلك قد أثر بشكل واضح على أسعار الصرف. ورغم ذلك، فان هذا لا يعني بالضرورة بأن هناك بنوكاً مركزية أخرى قامت باتباع مسار أكثر حكمة وعقلانية.هناك جانبان لكل سعر صرف عملة. وربما قد حان الوقت بالنسبة إلى الجانب الآخر، وبشكل بارز من جانب البنوك المركزية في أوروبا وكندا والمملكة المتحدة، لكي تقوم بأخذ دورها في خفض أسعار فوائدها، حتى وإن قام بنك الاحتياطي الفيديرالي بعدم المشاركة بذلك. آلن رينولدزخبير اقتصادي أميركي في معهد كيتو بواشنطنوهذا المقال برعاية «مصباح الحريةwww.misbahalhurriyya.org

آمال

آمال / إلى السيد «بو سفلة» / محمد الوشيحي
وزير الدفاع الأميركي السابق دونالد رامسفيلد «بو سفلة» (على وزن بو يعقة)، أراد أن ينتقد عرب الخليج فالتبس عليه الأمر وانتقد المسلمين جميعا عندما اتهمهم بأنهم يترفعون عن الأعمال اليدوية ويتركونها للعمالة الآسيوية. لكنه لم يذكر بأن عرب الكويت ترفعوا أيضا عن الأعمال الإدارية وتركوها للعمالة الأفريقية العربية.لذلك سأكتب له رسالة توضيحية: السيد «بو سفلة» المحترم. تحية طيبة وبعد. تفضل بزيارتنا في الكويت وسأصطحبك إلى مصافينا النفطية لتشاهد سكرتيرات مديري المصافي الوافدات اللواتي يملكن المعلومات الكاملة عن أدق تفاصيل مصدر رزقنا الوحيد، في حين تنتظر الكويتية سنوات للحصول على وظيفة... تعال يا «بو سفلة» لتشاهد ديوان الخدمة المدنية المعني بتوظيف الكويتيين مليئا بغير الكويتيين، وهذه مفارقة مضحكة، في حين أن المفارقة المبكية هي أن أحدا لا يجرؤ على محاسبة رئيس الديوان ونائبه، اللذين لا خلاص منهما ولا فكاك... تعال لتشاهد عشرات الآلاف من الوافدين يشغلون وظائف الكويتيين، بدءا من مدخل بيانات، سكرتير، مندوب، وليس انتهاء بمستشار الوزير، رغم إبداعات الشباب الكويتي (وصلتني أسماء لمبدعين كويتيين. إبداعاتهم ترفع الرأس بالفعل).تعال يا «بو سفلة» لتشاهد المدرسين والمدرسات الوافدين كيف استحوذوا على فرص نظرائهم الكويتيين... تعال وسأريك كمبيوترات الداخلية - التي تحوي أسرار المواطنين الخاصة جدا – يجلس أمامها وافدون غالبيتهم أساتذة في الغش والرشوة... تعال إلى وزارة الإعلام، وتحديدا «دائرة الإعلان التجاري» التي تغص بعشرات الموظفين الوافدين. ولن تجد بينهم كويتيا واحدا. والمفارقة أن الإدارة هذه لا تحتاج أكثر من ثلاثة موظفين، والمفارقة الأخرى أن أيا من الوافدين الموجودين حاليا في الإدارة لا علاقة له بالتسويق، لا من قريب ولا من جار! هذه الأمثلة ذكرتها لك لتعرف إبداعات حكومتنا فقط، وغيرها الكثير الكثير من الأمثلة التي لو ذكرتها لك لقلت كما قال غيرك: «عليّ النعمة، الكوايتة دول ناس بجم».لكن رغم طول النفق وظلمته عزيزي «بو سفلة»، إلا أن هناك بصيص ضوء في آخره، بعد عودة أحد أشراف بلدي وهو السيد عبد العزيز اليحيى – الذي أقيل - إلى ديوان المحاسبة بحكم المحكمة، وتسلمه لمسؤولية المراقبة على الوزارات والإدارات الحكومية. كان حكم المحكمة بإعادة اليحيى إلى ديوان المحاسبة بمثابة «جاك الموت يا تارك الصلاة». وكان وقع الحكم كالصاعقة على لصوص المال العام الذين اسودّت وجوههم لعودة هذا الشامخ، بينما تبادل عشاق الكويت رسائل التهنئة بهذا الحكم.عزيزي «بو سفلة» لا تحزن إن لم تكن شاهدت عبد العزيز اليحيى من قبل، فأنا مثلك لم أشاهده، لكنني أعرف بأنه أحد أبطال ديوان المحاسبة، وسبق لي أن قرأت تقاريره، وأعرف بأنه لا يلتفت لأسماء المخالفين ولا يأبه بها، وأعرف بأنه لا يكل ولا يمل من المراقبة، ولا يخاف من التيجان والعروش، ولا يجرؤ أحد على التفكير- مجرد التفكير- بحمله على بيع ضميره.عزيزي «بو سفلة»، صحيح أن اللجنة المالية البرلمانية آلت رئاستها إلى النائب أحمد باقر الذي بدأ يكتشفه الناس ويعرفون حقيقته، وصحيح أن لجنة حماية المال العام آلت رئاستها إلى النائب أحمد المليفي، الذي لم يكتشفه الناس بعد، وآلَ منصب المقرر فيها إلى النائب جمال العمر، الذي يعرف الناس خطه السياسي منذ أيام الروبية، إلا أن في البرلمان نواباً كباراً من أمثال أعضاء التكتل الشعبي وفيصل المسلم وعبد الله الرومي وعلي الراشد ومرزوق الغانم وعادل الصرعاوي وغيرهم. والصحيح أيضا أن ديوان المحاسبة (ذراع البرلمان) يرأسه الفاضل براك المرزوق، ويساعده شرفاء من أمثال عبد العزيز اليحيى. والصحيح كذلك أن في الصحافة كتّاباًًًًً يثق الناس بهم وبمصداقيتهم.عزيزي بو سفلة، هؤلاء هم سبب تفاؤلنا. فلنتفاءل. وفي الختام انقل تحياتي – ولا عليك أمر – إلى الفاتنة كوندي، وإلى السيد جرجر (صديق الفضائي) وزوجته لورا، وإلى كل مَن يعز عليك... واسلم وسلّم.المرسل: أخوك محمد الوشيحي الذي يعاني ألماً في ظهره، وينتظر دوره الإسكاني منذ أحد عشر عاما رغم تكدس مليارات النفط.محمد الوشيحي alwashi7i@yahoo.com   

أ. د. عبداللطيف بن نخي

آمال في رابطة التطبيقي
في يوم الثلاثاء من الأسبوع الماضي، نظمت رابطة أعضاء هيئة التدريس للكليات التطبيقية حفل تكريم عميد كلية الدراسات التكنولوجية وأعضاء لجان الاعتماد الأكاديمي بالكلية، بمناسبة اعتماد 10 برامج أكاديمية تكنولوجية من قبل مجلس الاعتماد للهندسة والتكنولوجيا (ABET). وسعدت كثيرا بهذا الحفل ليس فقط لأنني كنت من بين المكرمين فيه، بل لأنني رأيت فيه تطورا نوعيا في الأداء النقابي للرابطة، لما كان لهذا الحفل من صبغة أكاديمية وبعد مرتبط بجودة الخريجين. لذلك أحيي الرابطة على هذا التوجه في أنشطتها، وأدعوها إلى تنظيم المزيد من الفعاليات حول الشؤون الأكاديمية في المستقبل القريب.اعتدنا نحن أعضاء الجمعية العمومية للرابطة أن نرى أنشطة مختلفة من قبل رابطتنا على مدى السنوات والعقود الماضية، كانت جلّها اجتماعية وثقافية، وبعضها تستهدف صون حقوقنا الوظيفية ونيل المزيد من المكتسبات المستحقة. وأما الأنشطة الداعمة للهدف الخامس لإنشاء الرابطة - وفق لائحتها - الذي يدعو إلى «العمل على رفع المستوى الأكاديمي والتقني للهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب وتشجيع البحث العلمي التطبيقي»، فهي نادرة إن لم تكن معدومة. ومن هنا تأتي أهمية احتفال الاسبوع الماضي، فهو بمثابة اختراق أكاديمي، أتمنى أن يكون بداية تمدد نوعي في أداء الرابطة.لا شك أن هناك آثاراً إيجابية غير مباشرة للأنشطة الاجتماعية والثقافية على نفسية عضو هيئة التدريس، وتباعا مستوى أدائه وجودة مخرجات المؤسسة الأكاديمية. وأيضا لا ريب أن هناك علاقة متينة بين المخصصات المالية لأعضاء هيئة التدريس وبين المستوى الأكاديمي والتقني للتعليم التطبيقي. ومن الأمثلة البارزة على هذه العلاقة، هجرة مهندسين متفوقين أكاديميا من القطاع النفطي إلى كلية الدراسات التكنولوجية بعد إقرار الكادر الحالي لكليات التطبيقي في عام 2006، حيث كانت رواتبنا في ذلك الوقت أعلى من رواتب نظرائنا في القطاع النفطي، إلى أن أقر الكادر الحالي للقطاع النفطي في عام 2011. لذلك من الأهمية بمكان أن تستمر الرابطة في أنشطتها الاجتماعية والثقافية والحقوقية، وألا تأتي فعالياتها الأكاديمية المأمولة على حساب أنشطتها التقليدية.الخيارات المتاحة أمام الرابطة لرفع المستوى الأكاديمي والتقني للهيئة متعددة ومتباينة من حيث الأهمية والإمكانية. لذلك هناك حاجة مسبقة لإعداد خطة استراتيجية أكاديمية تحتضن هذه الخيارات، وتحدد تسلسلها وفق أولويات واقعية، وتعيّن منهجيات التعاطي مع تلك الخيارات. ومن أجل إعداد مسودة أولية للخطة، تستطيع الرابطة الاستعانة بالكفاءات المتخصصة المنتشرة في كلياتنا التطبيقية، وإشراكهم في ورش عمل تخطيط استراتيجي تتخللها جلسات عصف ذهني.أمام الرابطة اليوم العديد من المشاريع المتعلقة برفع المستوى الأكاديمي والتقني للهيئة، ومن بين أبرزها حملة توعويّة حول موضوع احتفال الأسبوع الماضي، الاعتماد الاكاديمي، لتشجيع الهيئة على تعجيل اعتماد بقية برامجها التطبيقية. ولكن بسبب الضرر البالغ على السمعة الأكاديمية للهيئة والمنتسبين إليها، أرى أن التصدي للشهادات الوهمية له أولوية على الاعتماد الاكاديمي. هذا التشويه الأكاديمي لم يقتصر تأثيره السلبي على نظرة المجتمع لنا نحن أكاديميي الهيئة، بل امتد ضرره إلى علاقتنا الأكاديمية بطلبتنا، وقلل من فرص توظيف خريجي برامجنا في القطاع الخاص. فكيف لنا أن نعلم طلبتنا معارف ومهارات وأخلاقيات المهن؟ وفيهم من يعلم أنها مفقودة أو منتهكة من قبل بعض زملائنا من حملة الشهادات الوهمية. وكيف لنا أن نقنع سوق العمل بجودة خريجينا؟ إذا كان بينهم من يعتقد أن الشهادات الأكاديمية لبعض معلميهم مزيفة. نعم، كيف؟ ففاقد الشيء لا يعطيه.الشهادات الوهمية في التطبيقي ليست اشاعات مغرضة تقف وراءها قوى ودول معادية، فتنسى مع مرور الزمن بتجاهلها. بل هي حالة سرطانية تتطلب منا سرعة تشخيصها ومعالجتها، وإن لزم الأمر بتر العضو الفاسد الذي يخشى من تمدد فساده إلى بقية الجسد الأكاديمي. وهنا لابد من أن أسجل تقديري لوزير التعليم العالي السابق الدكتور محمد الفارس على حزمه كالفرسان عند إحالة 8 أساتذة إلى النيابة العامة، بعد أن ثبت لدى لجنة تحقيق أن شهاداتهم وهمية. وعلينا نحن جميعا أعضاء الهيئة الادارية والجمعية العمومية للرابطة أن نقتدي بالدكتور الفارس في ملف الشهادات الوهمية بالتطبيقي. لذلك أدعو الرابطة إلى حمل هذا الملف، والانطلاق من التقرير النهائي للجنة تقصي الحقائق والتقرير النهائي للجنة التحقيق اللتين شكلهما وزير التعليم العالي الأسبق الدكتور بدر العيسى. وأناشدها متابعة تنفيذ توصيات اللجنتين مع الإدارة العليا بالتطبيقي ومعالي وزير التعليم العالي الدكتور حامد العازمي. فهناك بعض التوصيات المفصلية التي لم تنفذ حتى الآن، ومن بينها التوصية بإنشاء جهة مركزية واحدة لنظم المعلومات المتكاملة الخاصة بالموظفين. حيث جاء في تقرير لجنة تقصي الحقائق أنه لم يتسنَ للجهاز الوطني للاعتماد الاكاديمي وضمان جودة التعليم مراجعة بيانات عدد من الأكاديميين لعدم توافر أو عدم وضوح اسم الجامعة التي منحتهم شهادة الدكتوراه. لا شك أن الملف ثقيل وخطير لارتباطه بمصالح الأكاديميين من حملة الشهادات الوهمية، ولكن الاستمرار في تجاهل هذا الملف أضر بمصالح شريحة أكبر من الأكاديميين، بل أساء إلى سمعة الهيئة وخريجيها والمنتسبين إليها... «اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه».abdnakhi@yahoo.com

أبي حسن

أُبيّ حسن / الفوبيا التي لم تعد إسلاميّة فحسب
من النادر أن يمر شهر، من دون أن يأتينا خبر من هذه الدولة الأوروبية أو تلك، ينمّ فحواه عن عداء مبطن (أو سافر) للمسلمين ودينهم. وبعض تلك الأخبار تترجم بمظاهر يرقى بعضها إلى مصاف العنصرية الفاضحة، مثال ذلك مقتل السيدة المصرية مروى الشربيني العام الماضي في ألمانيا على يد متطرف ألماني، وقبلها بأعوام أزمة الرسوم المسيئة للرسول العربي، ولا نعتقد أن آخرها سيكون في منع بناء المآذن في سويسرا نزولاً عند الاستفتاء السويسري الشهير أواخر العام المنصرم.قبالة تلك المظاهر الغربية التي دانها بعض الأوروبيين ورجال الدين المسيحيين على حد سواء، يمكننا أن نحصي مثيلها أو ما يفوقها من مظاهر تحدث في الديار العربية الإسلامية، والإسلامية غير العربية. وهي مظاهر من شأنها أن تكرّس نظرة متطرفي الغرب عن الإسلام والمسلمين، ناهيك عن دورها في الإساءة إلى الإسلام ومعتنقيه! التطرف واحد، سواء أكان مصدره غربياً أم شرقياً، مسيحياً أم إسلامياً، ونتائجه واحدة في كارثيتها ولا إنسانيتها الرافضة للآخر المختلف، والمفترض أن يكون اختلافه عني (وعنا وعنكم) مصدر غنى، لا مصدر خلاف وتنابز مستمرين. لكن إذا ما دققنا في جانبي التطرف الغربي (المسيحي)، والشرقي (الإسلامي)، وبقليل من الحياد، سنلحظ أن التطرف لدى بعض مسيحيي الغرب لا يجد حاضنة شرعية/سياسية له في الكنيسة، إذ لم يسبق أن سمعنا برجل كهنوت مسيحي بارك أعمال المتطرفين الغربيين وممارساتهم العنصرية ضد المسلمين في الغرب (نستثني من ذلك محاضرة البابا بندكتوس السادس عشر في سبتمبر 2006، علماً أن حديثه عن الإسلام فيها كان عبارة عن وجهة نظر قابلة للنقاش، وليس دعوة علنية لنبذ المسلمين أو التحريض ضدهم بأي شكل من الأشكال). والمتأمل في بعض ما يجري في أوروبا اليوم سيلحظ أن من يقوم بحملات التحريض شبه المستمرة ضد المسلمين هي الأحزاب اليمينية وليس الكنائس، مثال ما جرى في سويسرا إبان استفتاء منع المآذن الذي لقي استنكاراً من قبل رأس الكنيسة الكاثوليكية، وسواها من رموز دينية مسيحية غربية بالدرجة الأولى، وتحديداً سويسرية.إذاً، لم تجد الممارسات العنصرية الغربية ضد المسلمين حاضنة من قبل رجال اللاهوت المسيحي الغربي قدر ما لقيت نبذاً واستنكاراً، على نقيض معظم المتطرفين المسلمين الذين يجدون في خطب ومواقف وآراء بعض قادة العالم الإسلامي ما يحضهم بشكل أو بآخر على مثل ذلك التطرف. وكي لا يبدو قولنا هذا ضبابياً، لا بأس من التوضيح قليلاً لنوجز مرادنا بالقول: عندما لا يدين شيخ إسلامي ذو وزن علناً وبوضوح الجرائم التي يرتكبها أمثال أسامة بن لادن، ونضال مالك حسن، وأمثالهما، والاكتفاء بالالتفاف حول الموضوع من خلال تقديم أجوبة ضبابية عامة لا تغني ولا تسمن، فهذا يعني أنهم ضمنياً يشجعون هذا النوع من الإرهاب، بل وليس من الصعب عليهم تبريره شرعاً إذا ما دعت الحاجة، هذا من جهة. ومن جهة أخرى، لنا أن نتصور كيف سيكون واقع الحال، مثلاً، إذا ما كان رئيس «الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين»، ومثله كثيرون، يحذر المسلمين بعدم جواز تهنئة النصارى بأعيادهم! ومن المؤكد أنني لست وحدي من سمع، أو قرأ ما سبق أن خطب به أحد رجال الدين، مستهجناً في خطبة جمعة وجود الكنائس والصلبان في البلاد التي فيها مسلمون، وهذا الشيخ نفسه نال في خطبته تلك من مرجعية دينية إسلامية عراقية، واصفاً إياه بالزنديق والفاجر، متغافلاً عن مقولة الإسلام الشهيرة «أدب الدين قبل الدين». المفارقة أن السلطات السياسية الرسمية في بغداد ممثلة في شخص رئيس وزرائها نوري المالكي أدانت بذاءات ذلك الشيخ، لكن المالكي لم يعنه ما ذكره ذلك الرجل عن مسيحيي العراق من إهانات ومذلات، وكأن مسيحيي العراق لم يحظوا بشرف الانتماء إلى بلاد الرافدين بعدُ، وهم بمنأى عن حق المواطنة! الحديث عن مظاهر التطرف، والتطرف المضاد يطول، وليس الغرض من هذه العجالة إجراء إحصائية في هذا الصدد، أو إدانة جهة بغية تبرئة أخرى، إذ التطرف وما ينجم عنه من سلبيات مرفوض أياً كان مصدره. لكن ما يزيد مخاوفنا هو حالة الاستفحال في رفض قبول الآخر المختلف عنا جنساً وعرقاً وديناً، ولهذه الحالة أسبابها التاريخية والموضوعية والذاتية. غير أن من المؤكد أن الفوبيا لم تعد «ميزة» إسلاميّة.أُبيّ حسن هذا المقال يُنشر بالتعاون مع مشروع «منبر الحرية» www.minbaralhurriyya.org

أحمد علي الفريح

أحمد علي الفريح / اعتراضات تَرُد على افتتاحية «أمن الكويت القومي... خط أحمر»
رداً على افتتاحية ناشر «الراي» جاسم بودي يوم الجمعة الماضية تحت عنوان «أمن الكويت القومي... خط أحمر»، جاء مقال أحمد علي الفريح في رسالة حملت جملة من الاعتراضات على الافتتاحية، ومطالباً فيها «بضرورة نشرها عملاً بمبدأ حرية التعبير عن الرأي حتى لو جاء ناقداً لافتتاحية «الراي» وهذا هو نص «المقال» الذي حمل عنوان: (اعتراضات تَرُد ... على افتتاحية... الأمن القومي... خط أحمر):لقد ذكر الأستاذ المفضال في مقالته أن الكويت هي من الدول القليلة التي استطاعت بنجاح أن تملك زمام الأمور داخلياً وخارجياً في ما يخصها، وذلك خلال الظروف التي مرت بالمنطقة (سياسياً).وبالطبع، الأستاذ الفاضل لا يعني الكويت بشعبها وإنما يعني السلطة فيها؛ فالشعب لا يتخذ القرارات... وإنما يكون ذلك منوطاً بالجهة المسؤولة عن رعاية مصالحه، كذلك الاستاذ يقصد بالزمان... من أواخر الخمسينات إلى يومنا هذا.وأول اعتراض يتوجه، ونحن نتصعد من السهل إلى الصعب.... أين هي تلك الموازنة... حين طالب عبدالكريم قاسم بتبعية الكويت للعراق (عام 1961م)؟! هل كانت الاستخبارات السياسية الكويتية في غفلة عن هذا الأمر وهو يطبخ في ردهات مطبخ السياسة العراقية؛ والكل من المراقبين السياسيين بالمنطقة يعرف مصانعة قاسم للشيوعيين حيث استفاد منهم، آنذاك، في تطبيع الشارع العراقي مع حكم المذكور للعراق. أما كان من متطلبات الموازنة التفاوض مع الشيوعيين الكويتيين (وهم كُثر مع مناصريهم في أوائل الستينات من القرن الماضي)... ليقوم وفد منهم بالسفر إلى العراق والضغط على قاسم بورقة الشيوعيين العراقيين، ووأد هذه الفكرة (الكويت جزء من العراق)... في مهدها... دون الحاجة إلى تركها تتبلور وتظهر سافرة على الملأ... وتكون عذاباً نفسياً للشعب الكويتي لم يتخلص آثارها لحد الآن؟!!ثاني هذه الاعتراضات... انغماس الكويت في الحرب العراقية - الإيرانية؛ وانحيازها للطرف العراقي، ونستطيع القول، ها هنا بأن تلك الحرب هي بتدبير خليجي - عراقي... نتيجة لحجم المساعدات التي يتلقاها العراق والتي كانت سبباً أساسياً في حل مجلس الأمة (عام 1986م)... حيث أعقب الحل مباشرة تحويل العديد من بنود الصرف في الميزانية إلى دعم العراق بشهادة باحث حكومي (موظف) في مجلس الأمة... (أنظر، تاريخ الحركة النيابية/ عثمان الحيدر)... ومثل هذا الدعم بهذا الحجم لا يمكن تصوره إلاّ في معاهدة شاملة مع العراق (سياسياً، وعسكرياً، واقتصادياً... الخ).وهذا ما لم يكن مجلس الأمة، وقتها، مطمئناً له، فأخذ يحاول البحث؛ فقُطِع الطريق عليه بالحل. حقيقةً، كان ميل السواد الأعظم من أعضائه إلى العراق، وقتئِذ، ولكنه لا يرقى لأن يكون باعثاً على عقد معاهدة بهذا الحجم معه. لأن ذلك التصرف يجعل المجلس يفقد مصداقيته، كصرح للديموقراطية السياسية، حين يضع يده بيد أحد أكبر الأنظمة الاستبدادية في التاريخ المعاصر.والاعتراض الثالث الذي يتوجه... يوم وقعت الطامة الصغرى التي كانت لازمة للطامة الكبرى... حين أخذ صدام يهدد ويتوعد، على صعيد الفعل... لا على صعيد القول فقط، وذلك بتعبئة جيشه في تشكيلات هجومية يراها الناس، عياناً بياناً، على طول الطريق المؤدية إلى الحدود الجنوبية... ولم يبق إلا دفع المليارات العشرة التي يُطالب بها أو العدوان على الكويت؛ والولايات المتحدة حددت موقفها، صراحة، بأنها لا تستطيع التدخل لعدم وجود معاهدة دفاع مشتركة... أين تلك الموازنة بين الأمن القومي الداخلي... والخارجي؟!! إلى أن جاءت الطامة الكبرى باحتلال البلد!!!!!والسؤال الذي يستبد بالأذهان، ويجعلها تذعن حيرى عجبى... يغيب عنها وَهْلُها ووعيُها... أبعد كل هذه الوقائع القاطعة في دلالتها، البدهية في فهمها - نقول تميزت السلطة في الكويت بالبسماركية (نسبة إلى فون بسمارك أعظم سياسي في العصر الحديث)... كما يُقال عنه... بسمارك الطبيب... يجرح... ويداوي؟!!!الأمر الذي يدعو لهذا العرض من الدفوع التي تنسخ ما يطرحه أستاذنا الفاضل... هو الخوف من العودة إلى انتهاج سياسة السلطة في الكويت... خلال الخمسين سنة الماضية، أو الستين... من جديد؛ وذلك على اعتبارها قاعدة ذهبية... حفظت أمن الكويت وأمانها في ما مضى، والحقيقة المرة تشهد، بما لا يدع مجالاً للشك، بنقيض ذلك تماماً (تخلف قاعدة الشيوخ أبخص-)... وبالتالي تتجدد المصائب بالكويت، لا سمح الله تعالى.لا ضير أن هناك خطأ للسلطة حيث لا توجد عصمة من الخطأ مهما كان التحرز والاحتراس؛ كما كان خطأ الحلفاء بعد الحرب العالمية الأولى في معاملتها لألمانيا... تلك المعاملة التي دفعت إلى الانتقام واشتعال أوار الحرب مرة أخرى، وكما كان خطأ الولايات المتحدة في عدم إدراج روسيا ودول شرق أوروبا في مشروع جورج مارشال لإعمار أوروبا... وكان (ستالين) يتضرع اليهم ليفعلوا ذلك... فكانت النتيجة العذاب النفسي الذي عاشته الولايات المتحدة والقلق من تفوق الروس عليها بالتقنية العسكرية - وصناعتهم لمركبة تدور حول الأرض... بينما لم يستطع الأميركان ذلك (1959 - 1960)، في ما يسمى بالحرب الباردة بينهما... والأمثلة كثيرة.ولكن كل ذلك لم يكن منهجا تنتهجه الإدارات السياسية في تلك الدول... إنما كان ندّات من هنا وهناك، يدفع إليها الغرور والعناد البشري... المشترك بين جميع البشر سياسيين وغير سياسيين!أحمد علي الفريح

أكرم شلغين

أكرم شلغين / الشباب العربي... الخلل بنيوي أكثر منه افتقاراً تكنولوجياً
ربما يميل الكثير إلى الاعتقاد أن افتقاد، أو محدودية، الوسائل التقنية لدى شباب البلدان العربية عموماً هو السبب الرئيس في سلبية دور الشباب العربي وضعفه، إلا أن هذا الفهم تضعف أسسه حين نرى أن في هذه المنطقة أو تلك من البلدان العربية تتوافر التكنولوجيا الحديثة وبمتناول شريحة لا بأس بها من الشباب، ومع ذلك فإن المردود في أداء الشباب ممتلكيها لا يختلف عموماً عن نظيره في أي مكان آخر من العالم العربي. فالأمر، في الواقع، أعمق من محض توافر وسائل تكنولوجية؛ إنه ما يمكن أن نختصره، بواضح العبارة، إلى خلل بنيوي في المجتمعات العربية، والخلل البنيوي هذا لا مسؤولية مباشرة للشباب عنه، بل منشأه تربوي، اجتماعي، ثقافي، وسياسي. القضية ليست امتلاك، أو عدم توافر، المقدرة التقنية بقدر ما هي قضية افتقار إلى العيش بمقومات وشروط متناسبة وعالم اليوم بالدرجة الأولى على الصعيدين الاجتماعي والسياسي، عموماً فهي عوامل مترابطة ببعضها البعض وتلعب دوراً حاسماً في صنع الفرد المبادِر. وللخروج من الواقع السلبي للشباب العربي، على التوازي مع تأمين الوسائل العلمية والمخابر والحواسب والمكتبات... يجب مراعاة حاجات الإنسان الاجتماعية، والسياسية والنفسية. لو وضعنا جانباً المشكلات العامة والموجودة في التقارير الرسمية لجامعة الدول العربية وهذه الجهة أو تلك (والتي تركز على البطالة والفقر... والتفاوت في تفاصيل وطبيعة وحجم المشاكل بين بلد وآخر) لوجدنا أن المشكلة الأساسية في العالم العربي هي مشكلة بناء الإنسان. على عكس ما يجري في العالم المتقدم، والساعي نحو التقدم، إذ تجهد المؤسسات المسؤولة بدءاً من المؤسسة الصغيرة (الأسرة) ومروراً بمؤسسات الدولة التعليمية (المدرسة والجامعة) لتنشئة الفرد بشكل يخوّله ليس فقط استخدام وتنمية مواهبه، بل وأيضاً امتلاك روح المبادرة عبر التشجيع على البحث، نجد في عالمنا كل ما به تحديد، وتحجيم وشل للفرد وقدراته في مرحلة التنشئة، كما في مرحلة الشباب، ناهيك عن معوقات التعفن البيروقراطي التي تعترضه، يخضع الشباب العربي ضمن الأجواء المحيطة به للضغوط الناتجة عن التعامل مع مسائل ممنوع الخوض فيها.بخلاف ما يجري في العالم، إذ يُشجَّع الفرد على البحث وتقصي المعلومة وتفحصها ومحاكمتها، فإن الفرد في العالم العربي محشور بشكل قسري ومنذ مراحل مبكرة من عمره بجو يقيّد من حركته ويشل منها ما لا غنى عنه عند إعداد الشخصية القادرة والمبادرة، وفي مراحل لاحقة من سن الشباب، يجد الفرد نفسه مضطراً على حصر حركته، عموماً، ضمن خطوط عرض مرسومة وفقاً لمقاييس ومعايير وقواميس ونواميس المجتمع والواقع السياسي والثقافي المحيط به. تمعناً بما هو سائد في العالم، على سبيل المثال وليس الحصر، نجد أن دور المعلم في المدرسة والأستاذ الجامعي إرشادي وتشجيعي أكثر منه تلقيني من حيث توجيه التلامذة والطلاب وحضهم على البحث ورؤية كل شيء وفقاً لمداركهم وتلقفهم، وتلقيهم ومحاكمتهم للمعلومات وكذلك جعل ما يرونه أو يصلون إليه أمراً يخضع للنقاش مع الآخرين، بل وهناك بعض الأقسام في جامعات العالم (في العلوم الإنسانية خصوصاً) التي تختار طلابها ممن يمكن تصنيفهم بالمشاكسين دراسياً من ناحية تركيز هؤلاء الدائم على إيجاد الفجوات في مدى صلاحية هذه الفكرة أو ذاك المفهوم وتبويب الثغرات والعيوب، بدلاً من القبول بالأفكار كما هي واعتبارها حقائق مطلقة. بمختصر العبارة، إضافة إلى الشكل الديموقراطي في التعاطي مع المسألة، يدل سلوك طاقم إعداد الأجيال في البلدان المتقدمة من العالم وتربيتها لتمكينها من المشاركة في تطوير مجتمعاتها على النضج، إذ يستخلص منه أن لا مفهوم، ولا أفكار ولا معلومات علمية هي مطلقة من حيث صلاحيتها وسريان مفعولها وإنما جميعها قابلة للتطوير وتخضع لشروط ومعايير الزمان والمكان من دون أن يكون هناك تبجح بمقدرة المعلم أو الأستاذ الجامعي.ربما يجنح البعض إلى القول بأن مساهمة الشباب في أخذ دور مهم في بناء مجتمعاتهم تقتصر على إيجاد فرص عمل مع وضع اقتصادي جيد، إلا أن هذا القول يفتقر إلى الدقة، لأن حاجات إنسان اليوم لا تتوقف عند الوضع الاقتصادي، وإنما تتعدى ذلك لتشمل الجانب السياسي والاجتماعي والنفسي؛ فالاستبداد أكبر عدو للإبداع، والقيود الاجتماعية هي السجن المباشر لإمكانات الشباب. ومرة أخرى نشير إلى أن مشاكل الشباب العربي تتلخص في التناقض بين ما هو مسموح ومتاح له اجتماعياً وسياسياً وبين ما يحتاجه بشكل فعلي كإنسان يعيش في عالم اليوم.  الشباب العربي يُدفع إلى زاوية ليصبح بها ليس فقط غير قادر على مواكبة ما يجري في عالم دائم التقدم والتطور، بل أيضاً غير قادر على فهم أو تفهم ما يجري في العالم فيتخندق بموقع يعزو منه جميع مشاكله إلى عوامل خارجية ويعتبر به أن العالم يتآمر عليه ويهدف إلى محو هويته أو يريد أن يزيله من الوجود... ولن يكون أمامه إلا - أو يتجه بشكل تلقائي إلى -التزمت كنوع من إثبات الوجود، لأنه عاجز عن ذلك معارفياً وتقنياً (والدفع إلى هذه الزاوية هو المحرك الأساس لسلبية، وأفعال وردود أفعال الشاب العربي إلى حد كبير جداً). الشباب العربي يبدو، وهذا ليس سراً، أنه ماض في سيره باتجاه فقد الصلة بواقع عالم اليوم، وربما ستكون الصورة أكثر مأسوية في المستقبل، إذ لن يعرف الشباب العربي عما يتكلم الغرب، ما لم يعَد النظر بالوضعين الاجتماعي والسياسي للشباب جنباً إلى جنب مع الوضع الاقتصادي.أكرم شلغينكاتب سوري مقيم في ألمانيا، هذا المقال برعاية «مصباح الحرية» www.misbahalhurriyya.org 

ألبرتو مينجارديو وكارلو ستاجنارو

ألبرتو مينجارديو وكارلو ستاجنارو / إيطاليا التنافسية
ألبرتو مينجارديو وكارلو ستاجناروما أهمية الحرية بالنسبة إلى التجارة؟ من ناحية، إن الأشخاص في البلدان الحرة أغنى بشكل واضح من الناس في الاقتصادات ذات الحريات المقيدة، كما أظهرت الدراسات المكثفة للبيانات من 141 دولة، والتي أجراها معهدا فريزر الكندي وكيتو الأميركي. لقد أردنا أن نقيس في معهد بروني ليوني في إيطاليا مدى الحرية الاقتصادية التي يتمتع بها الإيطاليون مقارنة بالأوروبيين الآخرين. وقد كانت النتائج مذهلة، لأن معدل حرية الاقتصاد الإيطالي يبلغ نصف الحريات الاقتصادية التي يتمتع بها معظم الدول المتحررة في أوروبا في ثمانية قطاعات اقتصادية رئيسية وهي: الكهرباء والغاز الطبيعي والاتصالات ونقل السكة الحديد والنقل الجوي وخدمات البريد والمهن الحرة وسوق العمل. وتتلازم هذه النتائج مع الأداء الاقتصادي المتعثر والدخل الشخصي المنخفض، إذ يقل الناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد في إيطاليا عن معدل المنطقة الأوروبية بما يزيد على ألفي دولار.وقد أظهرت دراستنا المفصلة أن القطاعين الأكثر تحررا في اقتصاد إيطاليا هما قطاع الكهرباء (بمعدل تحرر 72 في المئة مقارنة ببريطانيا) وقطاع النقل الجوي (بمعدل تحرر 66 في المئة مقارنة بايرلندا). أما القطاعان الأقل تحرراً فهما قطاع خدمات البريد (بمعدل تحرر 38 في المئة مقارنة بالسويد) وقطاع الاتصالات (بمعدل تحرر 40 في المئة مقارنة ببريطانيا). وتقع معظم القطاعات، أي خمسة من ثمانية، بين 40 في المئة و60 في المئة، ما يثبت أن إيطاليا نالت بجدارة سمعتها الاقتصادية بأنها مجرد دولة شبه متحررة.لم تركز دراستنا فقط على عدد الشركات الموجودة في قطاع ما، إنما أيضاً على ما إذا كانت الأسواق قابلة للتنافس، أي على ما إذا كان الدخول الحر إلى السوق أو الخروج منه يقيًدهما القانون. والتحدي الأساسي لتحرير السوق هو إزالة أي عوائق قانونية أو نظامية أو مالية تتعلق بدخول السوق. وفي حين يمكن أن تشير ظاهرة الشركات المسيطرة على السوق أو الأرباح الفائقة انعداما في التحرر، فقد تكون أحياناً نتيجة لعملية السوق ببساطة. فعلى سبيل المثال، ينشأ عادة احتكار موقت لأن الابتكارات التكنولوجية أو الإدارية أو المالية أو اللوجستية أو التصنيعية لشركة ما هي التي أنشأت السوق في المقام الأول. ولا تعد حصة السوق والأرباح التي تفوق المستوى الطبيعي قياسات تمثيلية جيدة للتنافس. فالسوق الحرة فعلاً ليست السوق التي لا يوجد فيها احتكارات على الإطلاق. بل هي السوق التي يمكن فيها التغلب على الاحتكارات بوجود عروض أكثر تنافسية. وبكلمات أخرى، ما يهم فوق كل شيء ليس المنافسين الفعليين فحسب، بل المنافسة المحتملة أيضاً. ويجب أن تكون العوائق القانونية لدخول السوق، أي القيود المفروضة على المنافسة الفعلية والمحتملة، محل تركيز لأي دراسة لتحرير السوق.لماذا يعد تحرير السوق أمراً مهماً جداً؟ لأن الأسعار يجب أن تُحرر حتى تقوم بعملها وهو إخبار الحقيقة عن أحوال العرض والطلب. وبينما قد يكون أمراً مسلماً أن التحرر يُخفض الأسعار ويحسن من حماية المستهلك، فذلك ليست الحال دائماً. بالطبع ثمة أمثلة كثيرة، مثل النقل العام إذ تكون الأسعار التي تحددها الدولة أقل بشكل زائف ويمكن لتحرير السوق أن يرفع من الأسعار المدفوعة مقابل الخدمات لأن سعر الخدمات يعود للمنتفعين وليس دافعي الضرائب عموماً. وتؤدي الأسعار الأعلى الجديدة إلى كفاءة أعظم وتخفض من إعادة توزيع الدخل الاكراهية. وبشكل مشابه، يمكن في الحقيقة للإفراط في ما يسمى بحماية المستهلك أن يلحق الضرر بالمستهلكين على المدى الطويل.لسوء الحظ، يشجع كثيرون من مناصري تحرير السوق، وبشكل ملحوظ القادة السياسيون في الاتحاد الأوروبي، التحرر بمفرده تقريباً من خلال الوعود بأسعار أقل. وعن طريق تشجيع وجهة نظر خاطئة عن كل من طبيعة تحرير السوق وإنجازاته المحتملة، فقد أوجد الاتحاد الأوروبي توقعات ومن ثم أحبطها. ويمكن للارتباك في ما يتعلق بأهداف التحرير أن يكون مدمراً للذات.ويجدر النظر إلى قطاعات الاقتصاد الإيطالي، إذ تقدمت عملية تحرير السوق بشكل كبير يكفي لإعطاء نتائج مهمة مع مرور الوقت، أي الكهرباء والنقل الجوي. وتم تحرير القطاع الأول في إيطاليا بعيداً عن متطلبات التعليمات الأوروبية، مما أدى إلى إعطاء الدولة واحداً من أكثر أسواق الكهرباء ديناميكية في أوروبا القارية. وعلى وجه التحديد، فقد تبعت إيطاليا سياسة تفكيك الملكية في شبكة الكهرباء، بحيث سمحت بذلك للتنافس الحر والمنصف بين المزودين المختلفين. وتعتبر شركة «إينيل» الآن، التي تعد شركة الاحتكار السابقة في الدولة، كياناً يختلف جذرياً عما كانت عليه قبل عقد من الزمن. ورغم أن الحكومة تحتفظ بنحو 30 في المئة من أسهم «إينيل»، فقد أصبحت شركة كفؤة ومنافسة تعمل في الاسواق الأوروبية. أما من ناحية أخرى، فإن النقل الجوي تنظمه التعليمات الأوروبية بشكل كبير بسبب طبيعته الخاصة. وتبين أن ذلك كان من حظ إيطاليا، لأنه عدا ذلك، كانت الدولة ستبقي القطاع على الأرجح مغلقاً أمام المنافسة الحقيقية من أجل حماية الناقل الوطني، «أليتاليا»، وهي شركة عليها ديون كثيرة تسيطر عليها النقابات العمالية النافذة بشكل كبير.لقد تم إظهار تحرير السوق مراراً وتكراراً على أنه الطريق إلى الازدهار. ولكن حتى ينجح ذلك، يجب إبلاغ الناس بالمنافع الحقيقية لاقتصاد السوق، وهو ما يعني فهم أن الأسعار الحرة لديها دور مهم في المجتمع الحر، وهو التنسيق الطوعي للتفاعل البشري. ولأجل أن يكون تحرير السوق ناجحاً، يجب أن يفهم المواطنون ما هي العواقب المتوقعة. وفي ذلك الصدد، فإن مناصري الأسواق الحرة والكفوءة ينتظرهم بالتأكيد عمل كثير.ألبرتو مينجارديو وكارلو ستاجنارومينجارديو رئيس معهد برونو ليوني الإيطالي، وستاجنارو مدير الدراسات البيئية لدى المعهد، وهذا المقال برعاية «مصباح الحرية» www.misbahalhurriyya.org

أليك فان جلدر

أليك فان جلدر / التجارة العالمية تبدأ من الداخل
انتهت قمة لشبونة التي طال انتظارها بين الاتحادين الأوروبي والأفريقي إلى طريق مسدود، بقيام الأفارقة باتهام الأوروبيين بأنهم يزاحمون للدخول إلى الأسواق الأفريقية، بيد أن لغة القمة المنمقة قامت بحجب نقطة مهمة إلى حد كبير، وهي أن قارة أفريقيا سوف لن تحقق النمو على الإطلاق في الوقت الذي تقوم به حكومات دولها بفرض قيود على التجارة في ما بين دولها نفسها، سواء قام الاتحاد الأوروبي بالتعامل التجاري معها أم لم يقم.وبالنسبة إلى الصادرات الأفريقية، فهي تسهم بما نسبته 2 في المئة فقط من التجارة العالمية، ولكن، حسب أرقام منظمة التجارة العالمية، فإن ما نسبته 10 في المئة فقط من هذه الصادرات تتم ضمن القارة الأفريقية. ومع ذلك، فإن ما نسبته 70 في المئة من التعرفات الجمركية التي يتم دفعها من قبل الأفارقة قد تم فرضها من قبل حكومات في دول أفريقية أخرى. وما يطغى على ذلك، هو أن تقوم حكومات دول صحارى أفريقيا، على الأرجح بمقدار ثلاثة أضعاف، بتطبيق حواجز غير جمركية أكثر مما هو عليه في دول غنية، حسبما تشير إليه أرقام البنك الدولي. وبموجب أرقام البنك الدولي، فإن إزالة تلك الحواجز قد يعمل على تعزيز التجارة ما بين الدول الأفريقية بنسبة تتجاوز 50 في المئة.لا تعترض اتفاقيات الشراكة الاقتصادية مع الاتحاد الأوروبي التي هي موضع الجدل على الحواجز التجارية التي تحول دون حصول الشعوب الأفريقية على منتجات هم في أمس الحاجة إليها، كالأدوية أو الأسمدة. فعلى سبيل المثال، وحسب منظمة الصحة العالمية، قامت أثيوبيا بفرض ضرائب يصل إجمالها من 20 في المئة إلى 40 في المئة على الأدوية المستوردة، وهي في هذا الشكل تقوم بفرض ضريبة على المرضى. وعلى نحو مماثل، فإن الأسمدة المستوردة الرخيصة سوف تدر أغذية بدرجة أكبر وأكثر رخصاً. فإذا كانت الحكومات الأفريقية جادة بالنسبة إلى تلبية «أهداف التنمية الألفية»، فإن تحرير التجارة في هذه الأقاليم سوف لن يكون مجرد ضرورة اقتصادية بل واجباً أخلاقياً.ومن ناحية أخرى، سيكون من الصعب تفكيك هذه الحواجز التجارية في الوقت الذي تقوم به مجموعات أصحاب النفوذ المحليين بالضغط بخصوص تطبيق مبدأ الحمائية. وتحت ذريعة «تشجيع بدائل محلية»، تمكن القطاع الزراعي في نيجيريا من الحصول على فرض حظر على مستوردات القمح والأرز والذرة والزيت النباتي، حتى وإن كانت تلك المواد المستوردة أكثر رخصاً إلى درجة كبيرة بالنسبة إلى 11 مليون نيجيري من المحرومين من التغذية الكاملة. ومع ذلك، فان هذا البلد العملاق مازال غير مكتفٍ ذاتياً بالنسبة إلى الغذاء بعد مضي ثلاثين عاماً من متابعة هذا الوهم.وهناك مسألة الهواتف النقالة التي سوف تبين ما الذي يمكن أن يحدث من دون وجود الحمائية. ففي دول، مثل كينيا، وصلت الهواتف النقالة إلى الملايين، وكان ذلك على وجه الدقة بسبب عدم قيام الحكومة بالتلاعب في السوق من خلال فرض تعرفات جمركية وإعانات حمائية. وبناء عليه، قامت شركات أجنبية ومحلية بالتنافس في ما بينها بغرض نشر الشبكة بعيداً حتى إلى مناطق ريفية. وكانت الهواتف النقالة قد أعطت أصحاب المبادرة، بدءاً من المزارعين ولغاية سائقي سيارات الأجرة، صلاحية استخدامها للحصول على معلومات حقيقية وفورية عن الأسواق المحلية والفرص التجارية. وفي دراسة قامت بها جامعة لندن للأعمال أخيراً، تم الكشف عن أن مقابل كل عشرة أجهزة هواتف نقالة إضافية لكل 100 فرد، سيكون من الممكن أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.6 في المئة سنوياً.ولكن الحكومة الأثيوبية تفضل فلسفة «التجارة العادلة». فهي تعتقد بأن احتكار الدولة لـ«مؤسسة الاتصالات السلكية واللاسلكية الأثيوبية» سيكون بحاجة إلى بضعة أعوام أخرى من الحماية قبل أن يتم تحرير ذلك القطاع في العام 2010. ويأتي ذلك بعد عقود من الأعوام من عدم الفعالية والإخفاق التام والصريح في تقديم خطوط اتصالات ثابتة أو تقديم تغطية هاتفية نقالة إلى ما يزيد عن 1.2 في المئة من السكان، والذين هم مقيمون بشكل رئيسي في المدن.إنه لأمر يدعو للسخرية بأن دولاً أفريقية تقوم حالياً بالاستدارة نحو الصين بغرض الاستثمار. وكانت الصين قد أمضت عقوداً من الأعوام في ملاحقة الحصول على اكتفاء ذاتي اقتصادي بيد أنها تقوم بتسريع الإصلاحات التجارية، وأن تخفيضاتها الهائلة الأحادية الجانب في تعرفتها الجمركية قد ولدت نمواً اقتصادياً قارب نسبة 9 في المئة سنوياً، أدت إلى جعل 400 مليون مواطن ينهضون بأنفسهم خروجاً من الفقر. وتعتبر الصين في الوقت الحالي ثاني أضخم اقتصاد في العالم.إن تحرير الاقتصاد مع العالم الخارجي سوف يرفع الناتج المحلي الإجمالي الأفريقي بمقدار 120 مليار دولار سنويا، حسب نشرة «أكسفورد للتنبؤات الاقتصادية»، إلا أن السياسيين وأصحاب النفوذ يخشون من التنافس مع اقتصادات الدول المتطورة. ورغم ذلك، فإن تحرير التجارة البينية، بين الدول الأفريقية وحدها، سوف يعطي عائداً بمقدار الثلث الكامل من هذه المنافع، حسب ما أظهرته دراسة قام بها معهد «كيتو» للأبحاث في واشنطن.إذا رغبت الدول الأفريقية في محاكاة نمو الصين، فإن عليها أن تحذو حذوها، وأن تتوقف عن تقديم «الدلال» إلى صناعاتها المحلية، وأن تزيل تعرفاتها الجمركية من جانب واحد. وفي حال قيامها بذلك، فإن الأفارقة سوف يثبتون أن اقتصاداتهم يمكن أن تنمو بسرعة نمو أي اقتصاد آخر. أليك فان جلدرباحث في شبكة السياسة الدولية في لندن، وهذا المقال برعاية «مصباح الحرية» www.misbahalhurriyya.org 

أنوار الجويسري

أنوار الجويسري / تطلعات الفكر النسوي
«تجمع نسوي» هكذا يطلق على تجمع نساء عدة في مجلس يتناولن فيه الكثير من المواضيع يغلب عليها الطابع الأنثوي. «ديوانية نسائية» مطلب العديد من النساء للتجمع بانتظام وباستمرار في مقر معين، مع نجاح البعض في إقامتها على أرض الواقع، مصطلحات عدة ترمز لذلك التجمع الظاهري الخالي من المضامين العميقة والعقول النسائية المفكرة، الحديث فيه يتمركز حول الأمور الاجتماعية السطحية والتذمر من الأوضاع السائدة، ومن قضية المرأة التي تتكرر على مسامعنا لكن دون المحاولة في تقديم العلاجات والحلول، مع العلم أن النساء أعلم بأوضاعهن من غيرهن والأقدر على فهم مشكلاتهن والرقي بوضعهن الاجتماعي. لا أطالب بحديثي هذا جعل ربات البيوت سياسيات محنكات، ولا أطالب من ليست له علاقة بقضية المرأة «سياسياً» بالدخول في دوامتها، ولكنني أطالب كل امرأة تمتلك مؤهلات علمية وفكرية مهما كانت بسيطة المشاركة في الارتقاء بأحوال المرأة الفكرية بعيداً عن «مجلس أمة» أو «حركة سياسية معينة»، أطالب بوعي قلما نجده في أكبر التجمعات النسائية، الوعي بأن الاهتمام بالمرأة لا يكون إلا بالاهتمام بفكرها وبنضج عقلها، الاهتمام ببناء ذاتها وتكوين شخصيتها القوية الواثقة من الحق وللحق.ليس بالضرورة أن تكون سياسياً لتكون مهتماً بقضية المرأة فهي بعيدة أشد البعد عن المطالبات الحقوقية والقانونية البحتة، وقريبة كل القرب من البناء النفسي والعقلي للمرأة، بذلك تكون المرأة واعية وعياً كاملاً بقضيتها السياسية مع اتضاح الرؤية وتكوين الرأي، حتى لا نكون ممن لا يفرقون بين المهم والأهم والنافع والأنفع، لا بد من ترتيب أولوياتنا وفهم حقيقة ما نعانيه، نعم نرحب بالتجمعات النسائية الفكرية والعلمية والتطويرية والثقافية، وكفانا تجمعات سياسية لا فائدة منها وأخرى رياضية تطالب بشكل ووزن مثاليين، واكتفينا من «جاي الضحى» و«زوارات» و«عزايم» وتجمعات تكثر وتطول دون أن تدري المرأة بأنها تُسلب بذلك حقيقتها وحقيقة وجودها بأنها نصف المجتمع بل أساسه ودعامته، حقيقة أنها مفكرة، عالمة، مصلحة، داعية، بل أكثر.أنوار الجويسري A-Aljuwaisri@hotmail.com

أوراق وحروف

أوراق وحروف / المحرقة العالمية!
مبارك محمد الهاجريهكذا وبكل بساطة ألقى الرئيس الأميركي جورج بوش الأسبوع الفائت تحذيرات مجانية ومكررة ملت سماعها الآذان عن محرقة نووية إذا سمح للحكومة الإيرانية المضي قدماً في برنامجها النووي! يحاول أن يتناسى هذا الرئيس محارقه في العراق وفلسطين ولبنان وأفغانستان، وسيضيف إليها محرقة جديدة ضمن مسلسل حرائقه الكثيرة والمدمرة بمهاجمته إيران، مشكلة هذا الرئيس حسب تصريحاته إصراره العجيب على تدمير الشرق الأوسط على من فيه، باستثناء ربيبته إسرائيل طبعاً، والتي أشعلت هي الأخرى حرائق لا تعد ولا تحصى في المنطقة وبمباركة سيد البيت الأبيض الذي أوصل العالم إلى شفير الهاوية بمغامراته التي حيرت البشر لعدم واقعيتها وفقدانها للمصداقية في زمن يفترض أن يكون للسلام والحضارة فيه نصيب! لا أبالغ إذا ما قلت إن الرئيس بوش حسب استطلاعات الرأي الأميركية هو من أسوأ الساسة في تاريخ أميركا، وهمه الأول والأخير إشعال الحروب وإحياء العداوات السياسية، أي بمعنى آخر لم يعط حيزاً ولو صغيراً للسلام في سياساته.بدأت مجموعة بوش والعقول اليمينية ممن يعتمد عليها بالتسرب من البيت الأبيض هروباً من المستقبل، وما يحمله من إدانات لسياسات الرئيس الكارثية، والتي سيكون ضحيتها هؤلاء في حال وصل الديموقراطيون إلى سدة الرئاسة، إذا ما قرروا حينها فتح الملفات الجمهورية المخجلة على الاصعدة كافة، وخصوصاً أنهم الآن في موقع أقوى وأفضل بغالبيتهم شبه المسيطرة على الكونغرس!أينما ذهب الرئيس بوش يحاول، وفي لعبة مكشوفة، إبقاء ما يُسمى بالإرهاب الإسلامي حياً في الأذهان، والذي ليس له وجود سوى في مخيلته المعقدة، فتراه يتحدث على الدوام عن هذا الخطر المزعوم بطريقة تجعل سامعيه من المؤيدين لمغامراته يزدادون كرهاً وعدائية لكل ما يتصل بالإسلام والمسلمين، والسبب التحريض المقصود منه، كونه على رأس الإدارة. بوش الابن أصبح حديث الصحف الأميركية والأوروبية على حد سواء موجهة إليه انتقادات لاذعة لتخبطاته ولاستنزافه للميزانية الأميركية، والتي بلغت التريليون دولار(ألف مليار) لتمويل حروبه ومغامراته المستمرة، وعلى حساب دافعي الضرائب المساكين. وما أن يحل هذا الرئيس في مكان ما بمناسبة أو غيرها إلا ويطلق العنان لتصريحاته التي تشعل نار الحرب، بدلاً من صنع السلام.

إدريس لكريني

إدريس لكريني / المدونات الإلكترونية العربية... الفرص الرهانات والتحديات
تنامت ظاهرة التدوين بشكل مكثف ولافت في الأعوام الأخيرة، بالموازاة مع التطورات التي طالت مجال التكنولوجيا الحديثة عموماً وحقل الإنترنت خصوصاً، وأضحت هذه المنابر تتطور بصورة متسارعة دخلت من خلالها عالم المنافسة إلى جانب مختلف القنوات الفكرية والثقافية والإعلامية التقليدية.وقد أسهم توافر مجموعة من العوامل والشروط في هذا التصاعد والتطور، فعلاوة عن وجود قوالب جاهزة تقدمها بعض المواقع المهتمة في هذا الشأن لمرتاديها، فإن إطلاق المدونة هي عملية سهلة ولا تتطلب وقتا أو جهداً كبيراً، كما أنها لا تحتاج إلى مستوى تعليم جامعي أو إلى دبلوم معين أو إلى تصاريح إدارية أو رساميل أو موظفين أو موزعين، بالإضافة إلى إمكانية فتحها بأسماء مستعارة تسمح بمقاربة المواضيع ونشر الأفكار بجرأة، بعيداً عن أي إكراه أو ضغط موضوعي أو نفسي.ولا تقتصر المدونة على نشر النصوص والمقالات والمعلومات، بل تجاوزتها إلى تقديم معطيات وأحداث بالصورة والصوت والفيديو(التدوين المرئي)، الأمر الذي يجعلها محط اهتمام جمهور عريض من المتتبعين. وضمن هذا السياق، أصبحت شبكة الإنترنت تزخر بعدد من المدونات المتباينة في جنسيات أصحابها واهتماماتها.ونظراً إلى حيويته وأهميته، لقي التدوين الإلكتروني إقبالاً واسعاً في المنطقة العربية، إذ برزت العديد من المدونات التي تهتم بمختلف القضايا والشؤون (ثقافية، علمية، سياسية، اجتماعية، رياضية، فنية، بيئية، تاريخية، دينية، تربوية، شخصية، إبداعية...)، إلى الحد الذي اعتبر فيه البعض أن هذه الإمكانية انتقلت من مجرد هواية ظهرت للمرة الأولى في الولايات المتحدة في منتصف التسعينيات من القرن المنصرم، إلى قوة ضغط حقيقية في الأعوام الأخيرة. وهكذا مكنت التطورات الحاصلة في مجال التدوين من تجاوز احتكار الدول بقنواتها الإعلامية والتربوية والثقافية للمعلومة والأخبار ووسائل التعبير عموماً، بل إنها أضحت في الواقع منافساً حقيقياً لهذه القنوات، وهو ما تؤكده نسبة التردد والمقروئية المتزايدة يوماً بعد يوم لعدد من هذه المدونات، التي أتاحت إمكانيات فائقة في التواصل بين مختلف الأشخاص في مختلف المناطق، وتبادل الأفكار بصدد عدد من القضايا، بعدما أسهمت في تكسير الحدود الجغرافية والاجتماعية والسياسية بين الدول لتعزز تواصلاً أكثر نجاعة وتطوراً.ولعل ما يمنح هذه المدونات مصداقية في نظر مرتاديها، هو استثمارها لهامش الحرية الذي تتيحه الشبكة العنكبوتية للمعلومات، وعدم الخشية من مقص الرقابة الحكومية الذي لم يعد قادراً على التحكم في هذا المجال المنفلت، مما يمكنها من طرح مواضيع وقضايا سياسية واجتماعية وشخصية جريئة، لا تجد طريقها للمتلقي عادة إلا من خلال هذه التقنية بأسلوب مبسط وساخر أحياناً، عكس التقنيات التقليدية التي طالما تغلق أبوابها أمام طرح عدد من هذه القضايا، أو تقاربها في أحسن الأحوال بنوع من التحفظ أو الانحراف أحياناً، بالنظر للرقابة الذاتية التي تفرضها على نفسها، أو بفعل ضيق هامش التعبير والحريات داخل معظم البلدان العربية. إن ما يؤهل المدونات للقيام بأدوار طلائعية مستقبلاً، ويسهم في ازدياد انتشارها وتأثيرها في المنطقة العربية، هو اهتزاز ثقة المواطن في مختلف المنابر الإعلامية التقليدية بشتى أشكالها المرئية والمكتوبة والمسموعة، المندرجة سواء ضمن القطاعين الخاص أو العام التي لا تعبر بالضرورة عن همومه وانشغالاته الحقيقية، بحكم الضغوطات المختلفة التي تتعرض إليها، في الوقت الذي تستفحل فيه المشاكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية بشكل ملحوظ داخل معظم الأقطار العربية.فهي المدونات - تسمح في جانب مهم منها برواج مجموعة من الأفكار والمعلومات المتعلقة بقضايا قريبة من نبض المجتمع، وتعكس مشاكله الحقيقية بشكل غير منمق أو منحرف، مما يجعلها تصل بسرعة إلى المتلقي الذي يشعر من جانبه بمصداقيتها وجديتها. كما أن الإمكانية التي تتيحها المدونات عادة، في ما يخص التعليق على الأخبار والمقالات والدراسات والإبداعات، هي مدخل مهم يمكن أن يسهم في تعزيز هذه التقنية، ويسمح ببلورة نقاشات فكرية جادة وعميقة تطرح الرأي والرأي الآخر بشكل أكثر وضوحا وجرأة وموضوعية، ويتيح بذلك تكريس ثقافة الاختلاف وتطوير الأفكار على درب الخروج بخلاصات مهمة، يمكن أن تسهم في حل عدد من الإشكالات والمعضلات بمختلف مظاهرها وأبعادها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.إن المتتبع لفضاء التدوين يكتشف أنه أضحى مجالاً للنقاش والتواصل والحوار المستمر، كما أصبح يتسم بالجرأة، إلى الحد الذي جعل البعض يعتبره بمثابة طفرة تحررية نوعية بعد التحول الذي أحدثته القنوات الفضائية في المجتمعات العربية في الأعوام الأخيرة.وهذا ما سمح لعدد من المدونين بتنظيم حملات تضامنية مع مختلف الشعوب المظلومة، ومع ضحايا الاستبداد والقمع في مختلف المناطق العربية وغيرها، وحملات تحسيسية أيضاً مكنت من الوقوف على مجموعة من القضايا العادلة (حملات ضد تهويد القدس، حملات ضد الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وآله وسلم). كما أسهمت العديد من المدونات في فضح عدد من مظاهر الفساد السياسي والتهميش الاجتماعي. وأكدت نجاعتها في الوصول بتوصياتها ومطالبها وحملاتها إلى صانعي القرار على اختلاف مستوياتهم ومجالات اهتمامهم.وقد حظيت قضايا عربية كبرى باهتمام المدونين من قبيل القضية الفلسطينية، والاحتلال الأميركي للعراق، والتحولات السياسية في لبنان. هذا بالإضافة إلى قضايا إقليمية ودولية حيوية كالملف النووي الإيراني، تداعيات أحداث 11 سبتمبر 2001 والتحولات السياسية والاقتصادية في أوروبا.إن ما يعزز من مصداقية المدونات العربية ويفتح آفاق المراهنة عليها في عالم سمته التطور والتسارع، هو مدى قدرتها على استيعاب وفهم المحيط العربي بإمكانياته وتحدياته، وانفتاحها المستمر على المشاكل والقضايا الحقيقية للمجتمع والتفاعل معها بشكل إيجابي على طريق مواجهة العديد من الإكراهات المجتمعية.وإذا استحضرنا الإمكانيات المذهلة التي يتيحها الإنترنت في النشر والتواصل بسرعة وبعيداً عن رقابة السلطات، وفي غياب قواعد قانونية كافية تؤطر عملياته التي تتطور باستمرار انسجاماً مع التطورات التي تشهدها تقنيات الاتصال، فإن حقل المدونات يطرح الكثير من الإشكالات التي تقف حجر عثرة أمام تطوره وتنظيمه، وتؤثر في مصداقيته في أوساط المتعاملين. ولذلك يعتبر وضع مبادئ واتفاقات عامة تنظم وتؤطر حقل التدوين الذي يزداد إشعاعاً وإقبالاً، على طريق التنسيق والتواصل والتعاون بين مختلف المدونين (باحثين، مفكرين، علماء، مبدعين، طلبة، مهنيين) الذين يجمعهم هاجس التغيير أمراً ملحاً وضرورياً، لما يمكن أن يسهم به في تأسيس عمل تدويني جاد وملتزم بقضايا مجتمعه، وكفيل بإيجاد هذا الفضاء الحيوي، وقادر على استثمار الإمكانيات الفعلية التي يتيحها، سواء في تأطير وتنشئة وتنوير المجتمع، أو الضغط على صانعي القرار باتجاه بلورة قرارات أكثر مصداقية وقربا من الشعوب.ويكتسي هذا التنسيق والتعاون أهميته وضرورته بالنظر إلى عدد من الاعتبارات، فالتدوين يفتح آفاقاً مذهلة، ومتسارعة على مستوى التطور والابتكار، مما يحتم وضع عدد من الضوابط والمبادئ التي تمنع من تحوله إلى سلاح عكسي، يكرس الفوضى والصراع والميوعة والسرقات الفكرية والتعتيم والاعتداء على حريات وحرمات الآخرين.وضمن هذا السياق، يطرح مضمون ومحتوى المدونات مجموعة من التساؤلات في ما يتعلق بصحة ومصداقية ما يتضمنه من معطيات وأخبار ومعلومات، ومدى انتسابها بالفعل لأصحاب المدونات التي تنشرها، ومدى التزام هؤلاء بأصول الأمانة العلمية والإعلامية في نقل الأخبار والمعلومات بالدقة المطلوبة والالتزام بذكر مصادرها.ومما يؤكد حيوية وملحاحية التنسيق والتعاون في هذا الشأن، هو أن عدداً من المدونين تعرضوا بفعل مقاربتهم بشجاعة لملفات حساسة مرتبطة بالأوضاع الاجتماعية والسياسية والحقوقية ببلدانهم إلى عدد من التضييقات، بلغت إلى حد شطب المدونات وتعريض أصحابها إلى المتابعة القضائية والسجن (المغرب، تونس، مصر، الإمارات العربية، البحرين...).ولعل العمل على إحداث مدونات عربية بلغات أخرى (الإنكليزية، الفرنسية، الإسبانية...)، يمكن أن يسهم في فضح الأوضاع التي ترزح تحتها الشعوب العربية داخلياً وخارجياً، ويتيح إمكانية التواصل مع مختلف الثقافات والشعوب الأخرى وتصحيح الصورة القاتمة التي يحاول البعض تقديمها عن العرب والمسلمين.عموماً، إن الحضور، الذي ميز المدونات العربية في الأعوام الأربعة الأخيرة، مازال بحاجة إلى مزيد من التطور والعطاء، انسجاماً مع حجم التحديات العربية المطروحة والإمكانات والفرص اللامحدودة التي تتيحها شبكة الإنترنت في وقتنا الراهن.إدريس لكريني باحث مغربي... وهذا المقال يُنشر بالتعاون مع مشروع «منبر الحرية» www.minbaralhurriyya.org

إدوارد كرين وروبرت ليفي

إدوارد كرين وروبرت ليفي / كلا... الرئيس لا يستطيع أن يفعل ما يشاء
من السهل أن ينغمس المرء في تعقيدات تكنولوجية في ما يتعلق ببرنامج الرئيس الأميركي الخاص لمراقبة الإرهاب. في جوهره، فإن البرنامج يُدخل إشرافاً إلكترونياً لا مبرر له على المكالمات الهاتفية الدولية ورسائل البريد الإلكتروني، حتى تلك التي تبدأ في الولايات المتحدة وتنتهي في داخلها. لقد تم تطبيق ذلك البرنامج بشكل سري عام 2001، بيد أن جريدة «النيويورك تايمز» كشفت النقاب عنه بعد أعوام أربعة من تطبيقه، وقد تم توسيع ذلك البرنامج من قبل الكونغرس في أغسطس من العام 2007 في «قانون حماية أميركا».يجري التفاوض بين الكونغرس والبيت الأبيض بعد التمعن في هذه القضية الدستورية المهمة: من هو الذي يقرر ما إذا كان البرنامج يرسم توازناً صحيحاً بين الحقوق المدنية والسلامة الوطنية، أي هل يتعارض القانون مع التعديل الرابع الذي يمنع التفتيش «غير المعقول»؟لقد كان موقف إدارة بوش ثابتاً ومتصلباً. وقد أعرب عن ذلك الموقف ألبرتو غونزاليس، النائب العام السابق على الوجه التالي: المادة 2 من الدستور تقول «إن السلطة التنفيذية هي موكولة إلى الرئيس» وهو «القائد العام للقوات المسلحة». تلك السلطة، وفق ما ذكر غونزاليس، تتغلب على أي عمل يقوم به الكونغرس في زمن الحرب.المفترض أنه إذا دعت مصلحة الأمن في زمن الحرب اتخاذ إجراءٍ ما، فإن الرئيس يستطيع من جانب واحد أن يضع الأميركيين تحت المراقبة في أي مكان، وتوقيف المواطنين الأميركيين إلى أجل غير مسمى، وتفتيش سجلات المكتبات، ومخاطبات الأمن القومي، وسجون وكالة المخابرات المركزية الأميركية، وتصريحات «المحاربين الأعداء»، والمحاكم العسكرية وتقنيات التحقيق التي قد تكون مخالفة لالتزاماتنا بموجب المعاهدات.يقول القاضي روبرت جاكسون إن الأمر ليس كذلك، مؤيداً بذلك ما جاء في قرار محكمة الاستئناف الأميركية عام 1952 في قضية (يانغستون آند تيوب) والذي حجب عن الرئيس هاري ترومان سلطة وضع اليد على معامل الفولاذ. وكتب جاكسون يقول: «عندما يتخذ الرئيس إجراءً بموجب تفويض من الكونغرس تكون سلطته في حدها الأعلى». ثانياً، في حال أن الكونغرس لم يعط السلطة كما لم يحجبها، «تنشأ حال من الغموض تكون فيه سلطة الرئيس والكونغرس متوازية، أو يكون فيه توزيع السلطة غير مؤكد». ثالثاً، ولكن، عندما يتخذ الرئيس إجراءات تكون غير مطابقة لإرادة الكونغرس، سواء صراحة أو ضمناً، «فإن سلطته تكون في حدها الأدنى».البرنامج السري لمراقبة الإرهاب، يقع في الفئة الثالثة: فقد اتخذ الرئيس إجراءاته في وجه منع قانوني محدد ضمن قانون مراقبة المخابرات الخارجية. معظم الرؤساء، عندما يظنون أن قانوناً ما أصبح قديماً أو عديم الجدوى، أو غير حكيم، فإنهم يطلبون من الكونغرس تعديل أو إلغاء القانون. الرئيس بوش اتخذ الطريق الأقصر: فقد حاول على مدى أعوام إلغاء قانون مراقبة الاستخبارات الخارجية بنفسه عن طريق تجاهل بنوده.إن ادعاءات الرئيس الزائفة بسلطاتٍ تنفيذية غير محدودة هي الآن تدور في مكانها. فأخيراً في جملة من القرارات مثل قضية حمدي ضد رامسفيلد (2004)، قضية رسول ضد بوش (2004)، وقضية حمدان ضد رامسفيلد (2006) رفضت محكمة الاستئناف مرة أخرى فكرة أن السلطة التنفيذية تستطيع أن تفعل ما تشاء في زمن الحرب، بغض النظر عن استشارة الكونغرس. ونتيجة لذلك، فقد جُرت إدارة بوش مذعنة مستغيثة بتفويض الكونغرس، لقانون معاملة الموقوفين (2005)، وقانون اللجان العسكرية (2006)، وكانون حماية أميركا (2007)، والآن مشروعا قانونين لإعادة تفويض برنامج مراقبة الإرهاب.ربما أن الكونغرس سوف يتخذ الخيارات السياسية الخاطئة عندما يُعيد النظر في البرنامج. وإذا كان الأمر كذلك، فإنه من المحتمل جداً أن يُقدم تحد دستوري من قبل إحدى مجموعات الحقوق المدنية أو أكثر من مجموعة. بيد أن صدور أحكام خاطئة من قبل الكونغرس، سوف يكون من الصعب تحديها على أسس دستورية تحت قاعدة ما نص عليها قرار المحكمة في قضية «يانغستون». ذلك، أن سلطة الرئيس تكون «في أوجها» عندما يتصرف بتفويض صريح من الكونغرس. إن ما يعنيه ذلك، بطبيعة الحال، هو أن الالتزام بالدستور لا يحمينا دائماً من القوانين الرديئة. ومع ذلك، وحتى إذا كان الدستور غير كافٍ كمرشد، فإنه بكل تأكيد مُرشد ضروري. لأعوام عدة، كنا نغامر بفقدان حقوق مدنية مهمة من خلال عدم التصدي للتجاوزات التي ترتكبها السلطة التنفيذية. ربما أننا مازلنا نواجه ذلك الخطر. ولكن وبفضل وسائل الإعلام، والمحاكم، وأخيراً معارضة أصبحت أكثر نشاطاً في الكونغرس، فقد استسلمت الإدارة أخيراً إلى القبول بطيف من الرقابة من قبل الكونغرس، حتى وإن كان التدقيق القضائي مازال غير كافٍ.إن ادعاءات الرئيس الزائفة في ما يتعلق بسلطات غير محدودة، هي الآن، موقوفة. إن ذلك يشكل السابقة الدستورية الصحيحة، حتى إذا ما نتج عنها في نهاية الأمر نتائج سياسية خاطئة. وعلى المدى الطويل، فإن السابقة هي أكثر أهمية من أحكام السياسة الموقتة. وقد أعربت القاضية ساندرا أوكونر عن قرارها في قضية حمدي، واضعة يدها على المبدأ الأساسي الذي تنطوي عليه: «مهما كانت السلطة التي يتصورها الدستور الأميركي بالنسبة إلى السلطة التنفيذية... في زمن الحرب، فإنها بكل تأكيد تطرح تساؤلات عن أدوار فروع الحكومة الثلاثة؛ عندما تكون في الميزان قضايا الحريات المدنية للأفراد».إدوارد كرين وروبرت ليفيكرين وليفي، هما على التوالي، رئيس وكبير الزملاء للدراسات الدستورية لمعهد كيتو بواشنطن، وهذا المقال برعاية «مصباح الحرية» www.misbahalhurriyya.org

إطلالة

إطلالة / ماذا تنتظر أميركا لإغلاق معتقل غوانتانامو؟
التظاهرات المتكررة التي ينظمها الناشطون في العالم بمناسبة الذكرى السنوية السادسة لإقامة معتقل غوانتانامو الأميركي بكوبا لم تأت من فراغ، بل أتت بعد أن يئس المعارضون في جميع الدول من الطريقة التي تتعامل بها الإدارة الأميركية تجاه معتقل غوانتانامو، وسيتكرر سيناريو هذه الذكرى مرات ومرات كما حدث في واشنطن ولندن وعواصم أخرى فقد جسد هؤلاء المتظاهرون ما يعانيه المعتقلون في عروض إيمائية لتمثل صورة واضحة على الحالة اليائسة التي يعيشونها هناك وهم بعيدون عن أوطانهم، نعم انها دعوة من منظمة العفو الدولية للعالم أجمع، ومن المنظمات الأخرى، لتنظيم المزيد من التظاهرات التي تطالب بوقف التعذيب المستمر لهؤلاء البؤساء، والتي ليس لها سند قانوني، وأيضاً المطالبة، بالدرجة الأولى، بإغلاق هذا المعتقل المشبوه الذي أقيم، في القاعدة البحرية الأميركية في كوبا، تحت مسمى «الحرب على الإرهاب»! والتي تطربنا به الادارة الأميركية الحالية بين حين وآخر، والسؤال هنا: هل تستطيع المحكمة العليا الأميركية أن تحد من صلاحيات السلطة التنفيذية بشأن معتقلي غوانتانامو؟ علينا ألا نلوم هؤلاء المتظاهرين الذين تظاهروا قهرا باللباس البرتقالي الخاص لمعتقلي غوانتانامو وانتهكوا حرم المحكمة العليا الأميركية عن طريق القوة للضغط على مجموعة من القضاة من أجل إنهاء معاناة السجناء، إيمانا منهم بحرية وحقوق الإنسان، والذين أصبح عدد ضئيل منهم يعتبر «الأكثر خطورة»، وهذا يعني ان غالبية معتقلي هذا السجن «متعاونون»، رغم الظروف الصحية التي اعتقلوا فيها. فماذا ينتظر المشرفون أو المسؤولون عن هذا المعتقل؟ ألا يرون ما يجري في واشنطن ولندن وسيدني ومدريد وروما وأثينا وبقية دول العالم من مظاهرات تتزايد في كل عام، ويزداد معها الضغط دوليا على سفارات الولايات المتحدة في العالم دون الحصول على أي استسلام. ان كانت الولايات المتحدة ترغب في مد جسور التسامح والمحبة بين الشعوب الخليجية، وتحرص على تقوية العلاقات فلماذا لا تسارع باطلاق جميع المعتقلين الخليجيين في سجن غوانتانامو، طالما انه لم توجه لهم أي تهمة تدينهم، فضلا عن بقاء معظمهم أكثر من خمسة أعوام من دون حتى أن يحالوا إلى المحكمة القضائية، ألا يجب احترام المساطر القانونية الخاصة بحماية الحقوق الحياتية والسلامة البدنية وتوفير الأمان الشخصي؟مصادر في وزارة الخارجية الكويتية تؤكد بأنها تلقت الوعود من الرئيس الأميركي جورج بوش للافراج عن كويتيي غوانتانامو في القريب العاجل، بينما لا توجد أي تطمينات لأهالي المعتقلين الذين أصابهم الشعور بالاحباط الشديد جراء ما سمعوا من ردود من الرئيس الأميركي جورج بوش حول مصيرهم، ففي الواقع لم نجد الاستجابة المتوقعة لمطالب الكويت، سواء على المستوى القيادي أو الشعبي للافراج عن المعتقلين الكويتيين الأربعة.كل ما قيل انه سيعاد النظر في اطلاق اثنين من الأربعة على أن يحاكم الاثنان الآخران، رغم عدم وجود دلائل تدينهم بصفة قانونية. وهذا بالتأكيد حال الكثير من المعتقلين القابعين في غوانتانامو الذين ينتظرون «المصير الغائب»، ويتكرر السؤال مرات ومرات... متى تتم محاكمة المعتقلين في سجن غوانتانامو، وما نوعية التهم التي ستوجه اليهم؟ انه موضوع مثير للجدل ووجود منظمات دولية تتابع أحوالهم الحياتية هناك قد تضع الولايات المتحدة في وضع حرج للغاية، وكذلك الكويت التي تطالب باطلاق سراح أبنائها منذ عام 2002 وإلى الآن لا توجد أي استجابة تذكر سوى مزيد من الانتظار، رغم اعتبار الولايات المتحدة الكويت حليفا استراتيجيا لها. وفي الزيارة الرسمية للرئيس الأميركي جورج بوش للبلاد أكدت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس حول مصير معتقلي غوانتانامو من الكويتيين انهم سيكونون بخير وقالت: «لا تقلقوا... فكل شيء يسير على خير مايرام»، وهي اجابة تحمل شيئاً من الغموض كونها لا تحمل تاريخا أو مدى زمنيا معينا للافراج عنهم. ثم تكررت الحال عندما التقى الرئيس بوش مع الفعاليات النسائية في الكويت إذ انه لم يعط وعدا بشيء. وربما تكون الاستراتيجية الأمنية الأميركية قد تغيرت شيئاً ما، بشأن معتقلي غوانتانامو، بعد الضغوط الدولية فأصبحت ترغب في إعادة أكبر عدد ممكن من معتقلي غوانتانامو إلى أوطانهم الأصلية بغض النظر عن الجنسيات شرط وجود «الضمانات الأمنية» ولكن يبقى السؤال: ماذا لو حصل هؤلاء على أحكام بالبراءة؟ وهو الأمر الذي أكده غالبية القضاة عند تقديمهم للعدالة بأوطانهم، لذلك سيظل النظام القضائي الأميركي في مواجهة مع التحديات عند البدء بمحاكمة البعض من المعتقلين طالما ان هناك «اعتقادات»! وقد أكد الرئيس بوش ذلك خلال اللقاء الإعلامي الأخير مع مجموعة من الإعلاميين العرب في واشنطن عندما ذكر بأن «بعض معتقلي غوانتانامو ستتم محاكمتهم في محاكمنا لجرائم «نعتقد» انهم ارتكبوها»!معتقل غوانتانامو، الذي يطالب العالم بإغلاقه كان قد فُتح تحت اطار الحرب ضد الإرهاب، إلا انه يحتاج إلى قرار جريء بإغلاقه لأنه ستواجهه تعقيدات قانونية كثيرة، ومن المحتمل أن يأخذ ذلك وقتا طويلا، ولكن بقاءه بهذا الشكل بعد تعديات سجن أبوغريب في العراق يعد تشويها كبيرا لصورة الولايات المتحدة التي تدافع عن حقوق الإنسان في العالم، بالتأكيد فالعالم لا يزال يقارن الصورة الإنسانية المرتبطة بالولايات المتحدة، مع الصورة الأخرى التي يمثلها معتقل غوانتانامو، مع انعكاسات هذه السلبية على المدى البعيد.من الغريب فعلاً أن الرئيس الأميركي جورج بوش ووزير دفاعه روبرت غيتس يرفضان بقاء هذا المعتقل بهذه الصورة، وينضم اليهما رئيس هيئة أركان الجيوش الأميركية الأدميرال مايكل مولن الذي أيد اغلاق معتقل غوانتانامو نهائياً بسبب الاساءة التي ألحقها بصورة الولايات المتحدة في العالم، لكن مع هذا الرفض فإنه في المقابل لم يتم اتخاذ أي قرارات في شأنه.«ولكل حادث حديث» كاتب وناشط سياسي كويتيalfairouz61_alrai@yahoo.com

ابتسام حسين العدواني

ابتسام حسين العدواني /جنسوا البدون
ابتسام حسين العدوانيما معنى كلمة «البدون»؟ ان البدون كلمة لا يوجد لها مثيل في قواميس علم الأنثربولوجيا الحالية ولا القديمة منها، بل توجد فقط في بلداننا العربية التي لا مثيل لها في قوانينها. ان عشرات الآلاف من البدون يعيشون على عالم السراب ويبحرون في بحر أحلام اليقظة علهم يحصلون على هوية عربية، الكل يرفضهم والكل تخلى عنهم وليس لديهم سوى رحمة الله وتراب الوطن العزيز الذي ولدوا فيه. ان مسألة البدون كنا نسمع عنها ونحن أطفال ندرس في المدارس الابتدائية واليوم وبعدما شاب الرأس مازلنا نسمع بمشكلة البدون لأنه لا مشكلة لهم سوى أنهم عاشوا في عالم لا يعترف بحقوق المواطنة الصالحة والعدالة الاجتماعية وحقوق الانسان....تعتبر مشكلة غير محدد الجنسية (البدون) من أكبر وأقدم المشاكل في دولتنا الحبيبة الكويت، فهذا الملف الذي يمر على الكثير من الوزراء والمسؤولين لم يستطع أحد منهم انهاء هذه القضــــــــية الانسانية التي باتت تهدد أبناء هذه الفئة بالبطالة والضياع والتشريد على نطاق واسع والغربة والفرقة بين الأهل والأقرباء وكثرة حالة الانتحار والجريمة (والعياذ بالله) التي أصبحت الشيء المريح من التخلص من العذاب الذين يشعرون به نتيجة الاحباط في حياتهم اليومية. ماذا لو شعرنا قليلاً ما يتحمله صاحب هذه المشكلة من مآس وفقر وويلات واهانة ونكران؟ لماذا لا نكون نحن العرب كباقي الدول الأوروبية في المسائل الانسانية؟ أنظروا الى الدول الأوروبية كم من المواطنين تم تجنيسهم وكم من العرب يعيشون في كل دولة، وما تعمل لهم هذه الدول، فمتى نعطي حقوق شعوبنا ومواطنينا المظلومين؟أنا استغرب كيف يمنع انسان من الجنسية في وطنه وهم عرب بالميلاد واللغة وهذه هي صفات تحديد الهوية؟ كما قال رسولنا الكريم انه لا فرق بين عجمي وعربي الا بالتقوى والعمل الصالح. ان الهوية أو الجنسية تعني: الاسم والأب والأم وتاريخ الميلاد ومحل الميلاد والدين واللغة. هذا كله موجود عند البدون ومطابق للآخرين غير البدون. ولو نظرنا الى المولود في الأراضي الأميركية، حتى لو ولد على طائرة أميركية يمنح الهوية الأميركية، هل تعلموا أميركا من يقيم فيها خمسة اعوام يستحق الجنسية الأميركية أو من يتزوج من أميركية ومن دون تعقيدات واجراءات صارمة، ومن يريد أن يحصل على الجنسية البريطانية ويولد في المياه الاقليمية أو  أجواء بريطانيا يستحق الجنسية البريطانية، بل ويعتبر مواطناً بريطانياً. ونحن حتى شهادة وفاة لا تعطى لهم، لا حول ولا قوة الا بالله.في اعتقادي، البدون لا يشـــــــكلون أي تهديد، بل من حقهم الحصول على هويتهم العربية أولاً وليس الهوية المكانية ان سلوك الحكومة تجاه البدون هو سلـوك منــــــــــاف لما نصت عليه الشريعة، فهذه الحكومة التي تدعي الاســــــــلام والديموقراطية والحرية لا تعامل البدون بما يلــــــيق بهم. من هنا، على البدون أن يرفعوا من صوتهم وأن ينظموا المسيرات والاعتصامات والاحتجاجات، وأن يوصلوا قضيتهم الى ابعد مدى وأن ينتزعوا حقوقهم لأن الحق اذا لم يعطى فيجب أن ينتزع.أخيراً نتمنى من المعنيين في الدولة الالتفات الى هذه المشكلة، خصوصاً ونحن على أبواب توديع شهر الرحمة، وتجنيس البدون لأن هذا سيكون في ميزان حسناتهم في الآخرة ان شاء الله.ابتسام حسين العدوانيbasoooma1987@hotmail.com

اجتهاد

اجتهاد / حرية التعبير بين السويد والدنمارك
د. أحمد الذايديلعل أهم قيمة تفاخرت بها الحضارة الغربية طوال القرنين الماضيين هي قيمة الحرية حتى أصبح نموذج الليبرالية الغربية مصدر إلهام للكثير من المجتمعات حول العالم، لكن تلك القيمة العظيمة فقدت الكثير من بريقها منذ عقد ونصف العقد تقريباً لا سيما بعد الحادي عشر من سبتمبر 2001، ثم الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003.فمنذ ذلك الحين، أصبحت الحرية في الغرب انتقائية وأصبحت الأقليات الإسلامية هناك خارج منطقة التغطية لتلك الحرية التي انتقصت الكثير من حقوق الفرد المسلم على المستوى الشخصي والديني، وبات ما يسمى بحرية التعبير مختزلاً في التهكم بالدين الإسلامي ورسوله العظيم الذي يصور في بعض وسائل الإعلام الغربي بأبشع الصور تحت ذريعة حرية التعبير.فقبل ما يقرب من عامين سمحت احدى الصحف الدنماركية لنفسها بالاعتداء على نبي الرحمة من خلال تصويره على شكل إرهابي لتلهب الصراع الثقافي بين العالم الإسلامي والغرب، إذ شهدت العلاقة بينهما توتراً شديداً نتيجة لتلك الإساءة البالغة التي مست مشاعر كل مسلم. وما زاد الطين بلّة هو دفاع الحكومة الدنماركية عن تلك الإساءة (بدلاً من إدانتها) تحت ذريعة حرية التعبير، وهو ما أدى إلى مقاطعة إسلامية شاملة لمنتجات الدنمارك. واليوم تقوم صحيفة «نيريكس اليهندا» السويدية بتكرار الإساءة لنبي الإسلام، ولكن بطريقة أكثر وقاحة وازدراء حيث ترسمه على هيئة لا نذكرها احتراماً لرسول الرحمة فهو أطهر مخلوق عرفته البشرية. هذا الاستفزاز السويدي سيتم تبريره كذلك باسم «حرية التعبير» وستنبري عشرات المنظمات الغربية للدفاع عن الصحيفة تحت الذريعة نفسها بغض النظر عن الضرر البالغ الذي سيلحق بمشاعر مئات الملايين من المسلمين، وكأن مفهوم «حرية التعبير» صُمّم خصيصاً للإساءة إلى الدين الإسلامي الذي تمت استباحته من قبل وسائل الإعلام الغربية. من جهة أخرى، لا نكاد نسمع أصوات تلك المؤسسات الحقوقية ولا الحكومات الغربية التي تدافع عن حق التعبير عن الرأي، حينما يتعلق الأمر بحق الاعتقاد للأقليات الإسلامية تارة باسم مكافحة الإرهاب وتارة أخرى باسم حرية التعبير. كما أننا لا نكاد نسمع أصوات المدافعين عن الحريات في تلك المجتمعات حينما يتعلق الأمر بالحجاب الإسلامي الذي يدخل في صلب حرية الاعتقاد، بل إننا نجد أن تلك الحرية المزعومة تضيق ذراعاً بقطعة قماش تضعها فتاة مسلمة على رأسها حينما تذهب إلى المدرسة. هذه الثنائية العجيبة في التعامل مع قيمة الحرية يجعل رجل الشارع المسلم يشعر بنفاق المجتمعات الغربية في شأن هذه المسألة، كما يضر هذا الأمر في جهود التقارب الثقافي بين الشعوب الإسلامية والغربية.لقد آن الأوان للحكومات الغربية أن تقدم تشريعات تحرم الإساءة إلى الأديان وتخرجها عن دائرة الحرية الشخصية كما قامت بتحريم الإساءة إلى اليهود (أو السامية). فالإساءة إلى الدين الإسلامي ليست أقل حرمة من الإساءة إلى السامية والتاريخ اليهودي الذي بات خطاً أحمر ليس فقط لكُتاب الصحافة، بل حتى بالنسبة إلى المؤرخين.

احمد ناصر الفيلي

أحمد ناصر الفيلي / الفساد مفهوما ومعايير
تعاني المجتمعات في كل أرجاء المعمورة من وباء الفساد بقدر أو بآخر، ولا يوجد على وجه البسيطة مجتمع تحكمه كل قوانين الفضيلة ليصبح في منأى عن الفساد والمفسدين، والقضية التي تشغل بال جميع المجتمعات ليست في وجود قدر من الفساد في التعاملات اليومية تحديداً، إنما حجم الفساد، واتساع دائرته وتشابك حلقاته، وترابط آلياته بدرجة لم يسبق لها مثيل، مما يهدد المسيرة التنموية والإنمائية ويكون شبحاً يطارد المستقبل. وأفصحت تجليات بعض وقائع قضايا الفساد المالي والإداري خلال الأعوام الأخيرة المنصرمة في العديد من البلدان العربية والعالمية عن عمق تغلغل قيم الفساد وممارساته في كل مناحي حياتنا الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، والإدارية.إن الفساد بآلياته وآثاره الانتشارية يولد مضاعفات تؤثر في نسيج المجتمعات ومكوناتها، وسلوكيات الأفراد، وطرق أداء الاقتصاد، وأخطر من كل ذلك إعادة صياغة نظام القيم. هذا وقد وضع البنك الدولي تعريفاً للنشاط الذي يندرج تحته تعريف الفساد بما يلي: إساءة استعمال الوظيفة العامة للكسب الخاص، فالفساد يحدث عادة عندما يقوم موظف بقبول رشوة، أو طلبها، أو ابتزازها، لتسهيل عقد أو إجراء طرح لمناقصة عامة كما يتم عندما يقوم وكلاء أو وسطاء بتقديم رشاوى للاستفادة من سياسات أو إجراءات عامة للتغلب على منافسين، وتحقيق أرباح خارج إطار القوانين المرعية كما يمكن للفساد أن يحدث عن طريق استغلال الوظيفة العامة دون اللجوء إلى الرشوة وذلك بتعيين الأقارب، أو سرقة أموال الدولة مباشرة. وهذا الفساد لضيق نطاقه يمكن تسميته بـ «الفساد الصغير» وهو يختلف عن «الفساد الكبير» المرتبط بالصفقات الكبرى في عالم المقاولات وتجارة السلاح والحصول على التوكيلات التجارية للشركات الدولية الكبرى المتعددة الجنسية. وظهر هذا الفساد عادة على المستويين السياسي والبيروقراطي، ويرتبط الفساد السياسي بالفساد المالي حين تتحول الوظائف البيروقراطية العليا إلى أدوات للإثراء الشخصي المتصاعد.وعرّفت اتفاقية الأمم المتحدة بشأن الفساد التي تبنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي تم التوقيع عليها في المكسيك في ديسمبر من عام 2003، عرّفت الفساد بأنه «أعمال جرمية تعبر عن سلوك فاسد»، وقد تركت الاتفاقية للدول الأعضاء إمكانية معالجة أشكال مختلفة من الفساد قد تنشأ مستقبلاً على أساس أن مفهوم الفساد فيه من المرونة ما يجعله قابلاً للتكيف بين مجتمع وآخر. وينمو على الصعيد الدولي إدراك دولي بأن انتشار الفساد يؤثر سلباً في أمن واستقرار الدول ويقوّض المؤسسات والقيم الديموقراطية وأسس العدالة وحكم القانون، كما يشكل تهديداً للمشاريع التنموية بكل أبعادها. ويساور القلق المجتمع الدولي بسبب العلاقة ما بين الفساد وبين أنواع مختلفة من الجرائم المنظمة والجرائم ذات الوجه الاقتصادي والمالي كجريمة تبييض الأموال، خاصة أن حالات من الفساد تتعلق بكميات ضخمة من الأموال التي تشكل جزءاً مهماً من ثروات الدول النامية ومواردها، ومنها ما يهدد على وجه الخصوص الاستقرار السياسي في تلك الدول ومشاريع تنميتها بصورة متواصلة وثابتة، فضلاً عن حيازة الثروة الشخصية بصورة غير مشروعة تلحق أضرارا بالاقتصاد الوطني وبمؤسسات الحكم الديموقراطي وحكم القانون، كما تؤدي إلى تأزم العلاقات بين مختلف الدول من خلال تنقلات المال غير المشروع بين الدول. وهناك إجماع على المستوى الدولي يعتبر الفساد ليس مسألة أو مشكلة داخلية محصورة ضمن حدود الدول التي تعاني منها وإنما هي وباء يخترق الحدود وتؤثر في العلاقات الدولية. وتنحصر مكونات الفساد في المناطق الآسيوية على النحو الآتي:• تخصيص الأراضي من خلال قرارات علوية تأخذ شكل العطايا لتستخدم فيما بعد في المضاربات العقارية وتكوين الثروات. • إعادة تدوير أموال المعونات الأجنبية، وتشير التقديرات في هذا المجال إلى أن أكثر من 30 في المئة منها لا تدخل خزينة الدولة وتذهب إلى جيوب المسؤولين. • قروض المجاملة التي تمنحها المصارف دون ضمانات لكبار رجال الأعمال المتصلين بمراكز النفوذ.• عمولات عقود البنية التحتية وصفقات السلاح.• العمولات والإتاوات، والتي يتم الحصول عليها بحكم المنصب أو الاتجار بالوظيفة. أما أوجه الفساد العالمية فتتمثل في الاتجار بالمخدرات، والاتجار بالإنسان، وتبييض الأموال، والاتجار بالسلاح. وكان الفساد يعالج كشأن داخلي ولم يدخل دائرة الاهتمام العالمي إلا منذ زمن قريب نسبياً وربما كان قرار الجمعية العامة في الأمم المتحدة عام 1975 وهو أول قرار عالمي شجب وأدان الفساد بكل أشكاله. وفيما يتعلق بمحاربة الفساد عبر الحدود لابد من التنويه بمبادرة الرئيس الأميركي جيمي كارتر عام 1977 في تبني الولايات المتحدة للقانون المتعلق بممارسة الفساد خارج حدود الدولة، والذي يعاقب بموجبه كل فرد أو شركة أميركية تقوم برشوة مسؤول رسمي خارج الولايات المتحدة. إن الاهتمام العالمي بالنتائج السلبية للفساد أخذ منحى جدياً بعد أن قامت الدول الصناعية الممثلة في المنظمة الاقتصادية للتعاون والتنمية «OECD» في العام 1994 بما عرف بالتوصيات بأن يتخذ أعضاء المنظمة إجراءات ملزمة بهدف القضاء على رشوة المسؤولين خارج حدود الدولة المعينة في كل ما يتعلق بالمعاملات التجارية في الإطار الدولي. إن هذه التوصيات تطوّرت إلى أن انتهت في العام 1997 بأن تبنى مجلس وزراء الدول الصناعية اتفاقية محاربة رشوة موظفي القطاع العام الأجانب، فيما يتعلق بالمعاملات التجارية في المجال الدولي والتي أصبحت سارية المفعول في فبراير من العام 1999.وفي اجتماعهم في مالطا عام 1994، اعتبر وزراء العدل الأوربيون أن الفساد يشكّل خطرا جدياً على الديموقراطية وحكم القانون وحقوق الإنسان، على أثر ذلك قام مجلس الوزراء الأوروبي بتعيين لجنة أسندت إليها مهمة اقتراح إجراءات ملائمة تكون جزءاً من برنامج عمل على الصعيد الدولي لمحاربة الفساد. وقد قامت اللجنة بوضع توصيات مهمة أصبحت فيما بعد جزءاً من اتفاقية القانون الجنائي التي بدأ التوقيع عليها في ديسمبر 1998 وتتضمن تعريفاً للفساد ينطبق على طائفة واسعة من الأعمال بما فيها الرشوة بشكل مباشر وغير مباشر، وشراء نفوذ صانعي القرار الرسميين وكذلك تبييض المال، ولا تقتصر الاتفاقية في تناولها الفساد على السلطات العامة بل تتعداها إلى بعض مجالات القطاع الخاص والمسؤولين الكبار في المنظمات الدولية وحتى القضاة والمسؤولين في المحاكم الدولية.وفي منطقتنا لخص الرئيس الجزائري في خطاب طويل وجهّه إلى مواطنيه في 27 إبريل 1999 القضية بقوله: «ان الجزائر دولة مريضة بالفساد، فهي دولة مريضة في إدارتها، مريضة بممارسة المحاباة، ومريضة بالمحسوبية والتعسف بالنفوذ، والسلطة، وعدم جدوى الطعون، والتنظيمات، مريضة بالامتيازات التي لا رقيب لها ولا حسيب، مريضة بتبذير الموارد العامة بنهبها بلا ناه ولا رادع. وليس هناك أبلغ من هذا الوصف حيث لاحظ بوتفليقة أن هذه الأعراض أضعفت الروح المدينة وأبعدت القدرات وهجّرت الكفاءات ونفّرت أصحاب الضمير وشوّهت مفهوم الدولة وغاية الخدمة العمومية». ويضيف الرئيس الجزئري: «هل هناك كارثة أكثر من ذلك؟». ويستدعي حجم مشكلة الفساد دراسة الأسباب والآليات، ولكن توجد محاور للحركة تساعد على تطويق الظاهرة والقضاء على تداعياتها السلبية. وتتمثل هذه المحاور كالآتي: محور توسيع رقعة الديموقراطية والمساءلة، ومحور الإصلاح الإداري والمالي، ومحور إصلاح هيكل الأجور والرواتب. إن مجتمعنا لهو بأشد الحاجة في هذه اللحظة العصيبة من تاريخه إلى مطاردة وتصفية الفساد والانحرافات والانتهاز في كل منحى من مناحي حياتنا السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، حتى تعود إلى الناس الثقة والايمان بجدوى النزاهة والشرف، والجد في العمل، وإعلاء شأن الوطن والصالح العام. أحمد ناصر الفيليهذا المقال بالتعاون مع مشروع «منبر الحرية»www.minbaralhurriyya.org

اسامة الشاهين

أسامة عيسى الشاهين / مبادرة أو سحابة!
إن المبادرة الأخيرة التي قدمتها جامعة الدول العربية لحل أزمة الفراغ الرئاسي في لبنان الشقيق، وكلفت السيد عمرو موسى، أمين عام الجامعة، بتسويقها ومتابعة تطبيقها، تعتبر خطوة متقدمة للديبلوماسية العربية وقرارا جريئا منها لم نسمع بمثله منذ أعوام. ومن مزايا المبادرة العربية كونها «واقعية» لم تستغرق في الأحلام أو تغرق ببحور الخيال، فقد تعرفت على عناصر المشكلة اللبنانية الداخلية والخارجية، وحاولت التعامل معها كلها في حدود المتاح أمامها من مساحات. وكذلك يسجل لصالح المبادرة أنها «عربية»، لأنها لم تجعل الحل لبنانياً محلياً فحسب، لانخفاض مستوى ثقة الأطراف اللبنانية المختلفة ببعضها، ولكنها في الوقت ذاته احترمت سيادة الدولة الشقيقة واستقلاله، فلم تجعل لدول عربية أو أجنبية بعينها حق التدخل بحاضره أو التأثير على مستقبله. كما أن المبادرة العربية امتازت بصفتها «المتوازنة»، فحققت لكل طرف لبناني مكاسب كان يطمح بها، وقدمت بالمقابل للطرف الآخر ضمانات يطمئن بها، فصيغة «فائز وخاسر» لم تعد مقبولة، بل «فائز وفائز» هي الصالحة للاتفاقات الدائمة والبناءة إن شاء الله. يجب أن يؤمن العربي بأن حكوماته مازالت تملك بعض أوراق اللعب في الساحة الإقليمية، وها هو المفكر الإسلامي العظيم أبو الحسن الندوي يقول: «إن العالم العربي له أهمية عظيمة في خريطة العالم السياسية، وذلك لأنه وطن أمم لعبت أكبر دور في التاريخ الإنساني، ولأنه يحتضن منابع الثروة والقوة الكبرى، الذهب الأسود الذي هو دم الجسم الصناعي والحربي اليوم، ولأنه صلة بين أوروبا وأميركا، وبين الشرق الأقصى، ولأنه قلب العالم الإسلامي النابض، يتجه إليه روحياً ودينياً ويدين بحبه وولائه». ولكن هذا مرهون بتوافر أركان بالحكومات العربية، وإخلاصها في «الولاء» لأمتها وتفكيرها بمصالحها لا بمصالح دول الاستعمار الحديث هو أول هذه الأركان. و«التكتل» هو الركن الثاني فلا مكان للدول القطرية الصغيرة في عالم الولايات المتحدة واتحاد الدول الأوروبية والصين التي تمثل خُمس العالم لوحدها بأقاليمها المجتمعة! كما أنني أستطيع أن أحدد ركنًا ثالثًا لا يقل أهمية، حتى تتمكن حكوماتنا العربية من الخروج من المآزق وتحقيق شيء من النهضة، وهو امتلاك «القوة»، ولا أعني بها الأمور المادية فقط، بل إن تصالح الأنظمة مع شعوبها هي أهم عناصر قوتها، وضمان العدالة الاجتماعية وتحقيق الوحدة الوطنية من عناصرها أيضًا. ختاماً نتمنى ألا تكون المبادرة العربية للبنان سحابة صيف سرعان ما تنقشع، خصوصاً مع فشل الجولة الأولى للسيد عمرو موسى في بيروت، آملين أن تنجح زيارته غداً إلى لبنان في التوصل إلى حل وتطبيق المبادرة. كما أننا في حاجة إلى مبادرة جدية أخرى تنتشل القضية الفلسطينية من أيدي العملاء الذين يتفاوضون في النهار، ويتلقون الأوامر من الطرف الثاني، الصهيوني، في الليل! والولاء والتكتل والقوة هي أركان الدول القادرة على تقديم مبادرات، والتوفيق من الله القدير أولاً وأخيراً. أسامة عيسى الشاهينكاتب كويتيosama@nashiri.net

اسيل سليمان الظفيري

اسيل سليمان الظفيري / إنارة / إمكانات مهدرة
| أسيل سليمان الظفيري | بضغطة زر واحدة على جهازالحاسوب، وبعد أن تضع اسم الموضوع الذي تريد الاستزادة فيه، تاركا مهمة البحث والعناء عن المعلومة للأخطبوط «غوغل»، تظهر لك مئات النتائج بل الآلاف منها حول موضوعك لتتجول بينها، فهناك معلومات عن كل شيء داخل هذا الجهاز الموجود في كل البيوت في زمننا هذا، بعضها بحوث ودراسات، وبعضها اجتهادات شخصية أو مقابلات مع متخصصين، وكل هذه المعلومات جمعت بمجهود بشري بغرض سد ثغرات العلم وإشباع رغبة الباحث في أن يجد إجابة لكل سؤال في مخيلته، وجعلها بين أيدي الناس.المتأمل في أحوال الناس يجد أن البعض لا توجد لديه أدنى خبرة عند تعرضه لأي مشكلة، بل وأحيانا لا يدري انه في مشكلة أصلا، مع أن الباحثين والمهتمين لم يتركوا بابا للعلم إلا وطرقوه وهناك اجابات عن الكثير من الأسئلة وحلول لمشاكل عدة، ولكن الواضح أن ثمة فجوة كبيرة بين العلم المكنوز بالشبكة العنكبوتية وقبله بين طيات الكتب وبين واقع الناس، هل السبب في هذا أن العلم حين جُمِع ودُوِّن لم يراعَ فيه أن ينزل لمستوى مشاكل الناس فيضع لها الحلول العملية، فتجعل منه مادة سهلة مستساغة؟ أم ان الناس اعتادت على ثقافة الحلول السريعة التي تصل لها طازجة من اقرب صديق كلما طلبت ذلك منه لا فرق عندها ما إذا كانت هذه الحلول سليمة وجذرية أم إنها سريعة التحضير؟! المهم أن يتم الحصول على إجابة للسؤال بأقصى سرعة، نتفق جميعا على أن العلم بالشيء، أي شيء، يمكننا من التعامل معه بحرفية الماهر، كما أن العلم متوافر وقريب، يختزل لنا تجارب الآخرين ويوفر علينا الوقوع في الخطأ، وواجبنا أن نتعلم متى نكتفي بأخذ رأي من صديق ومتى نرجع الأمر لأهله من المختصين، فالحكمة ضالة المؤمن يسعى لها ويرتقي بها. As.b@live.com

الاستاذ الدكتور مفيد الصواف

الاستاذ الدكتور مفيد الصواف / سورية: أبعد من الإصلاح
في أقسى حرب في تاريخها الحديث تصمد سورية وتنتصر. حرب أشد خطورة من حرب تشرين لعام 1973 لأنها، أي الحرب الحالية، تنطلق من جبهتين: داخلية وخارجية، تندفع برؤوس متعددة تَوَهّمَ اصحابها ان سورية شارفت السقوط وان اعادة تشكيل صورة الشرق الاوسط وفق أهواء هؤلاء صارت قاب قوسين او أدنى. والبعض يريد ان يُضفي عليها ما يوصف في الغرب بأنه «ربيع عربي» حتى يستطيع تمرير ما لا يمكن ان يتخيله أبداً أصحاب النوايا الحسنة الصادقون في الدعوة الى الاصلاح، وأصحاب الطوايا السليمة الذين أحسوا، في أيام قليلة فقط، بأن من يساندهم من الخارج لديه أجندة ليس لها أي علاقة بتحسين أحوال سورية.ومن الداخل والخارج كانت الحرب المزدوجة متعددة الرؤوس والمسارات والمواقع والنقاط الحدودية: من درعا في الجنوب الى بانياس في الغرب الى جسر الشغور في الشمال الغربي وصولا الى معرة النعمان، الى حمص وتلكلخ في الوسط الشمالي القريب من لبنان الى البوكمال ودير الزور في الشمال الشرقي. وتحت هذا الزعم انكشف ما كان باطنا من بعض ذوي القربى ومن «الأغراب» (جمع غرب) واستُلّت السيوف أملا في ان يُثخنوا سورية بالجراح حتى تسقط. لكنها صمدت وانتقلت الى الهجوم المضاد.سورية ليست مصر حسني مبارك وتونس زين العابدين بن علي. إنما هي مختلفة عنهما في كثير من القضايا الجوهرية. وإسقاطها يريح الكثيرين إقليميا ودوليا من موجبات حل عادل للنزاع في الشرق الاوسط. والساعين الى اصدار قرار دولي جديد يشدد الحصار على سورية أملا في جعلها ليبيا ثانية اصطدموا، أولا، بالتماسك الداخلي الذي عزل الجماعات الارهابية المتمردة، وثانيا بموقفي روسيا والصين اللتين شاهدتا كيف تطبق بريطانيا وفرنسا مضمون القرار 1973 بشأن ليبيا. وهكذا لا يمكن تصديق رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون وهو ينفي اي استهداف شخصي للعقيد معمر القذافي. فلماذا التدمير الشامل لمقر القيادة الليبية في باب العزيزية في غارات يومية؟ ولماذا قتل احد ابناء القذافي وثلاثة من أحفاده؟ أبهذه الطريقة يريدون لسورية ان تكون عرضة لقرار دولي تطبقه فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة و«اضرابها»؟ ومن الذي أعطى جميع المتدخلين في الشأن السوري الداخلي الحق في تقرير شرعية نظام الحكم في دمشق؟ ألم يَرَ هؤلاء تضامن الشعب في سورية مع القوات المسلحة وقوى الأمن الداخلي في التصدي للجماعات الارهابية؟ ولماذا يفضل المتدخلون «عرقنة» سورية؟ لمصلحة سورية وعربية؟ لماذا يتجاهلون القرارات الاصلاحية التي ذهبت الى أبعد مما تخيله المطالبون بالاصلاح؟ أم ان هناك ما هو أبعد من الاصلاح، ومن «أَكَمَة» الدفاع المزعوم عن حقوق الانسان؟سورية ليست مصر لأن هذه الاخيرة أُخرجت من الصراع العربي - الاسرائيلي منذ ما قبل توقيع اتفاق كامب ديفيد. وسورية ليست تونس لأن هذه الاخيرة كانت علاقتها بالصراع ضعيفة جدا الى حد الاستقالة لولا احتضان، لا يحمي من اي عدوان اسرائيلي، لبعض مكاتب «فتح» و«منظمة التحرير». سورية هي سورية التي أثبتت نهائيا لإسرائيل انها مهما اكتسب من قدرات عسكرية لن تستطيع ان تفرض على العرب بالقوة العسكرية حلا للنزاع يهضم أدنى جزء من حقوقهم المشروعة. أفلم تكن سورية هي القاعدة الخلفية للمقاومة اللبنانية التي أجبرت اسرائيل بالقوة العسكرية على ان تطبق القرار الدولي الوحيد، أي القرار 425 الذي ينص على سحب غير مشروط لجيش الاحتلال من جنوب لبنان؟ وهل طبقت اسرائيل قرارا دوليا واحدا غير ذلك القرار؟ أَفَلَمْ تكن سورية القاعدة الخلفية للمقاومة اللبنانية التي أثبتت مرة جديدة في عام ألفين وستة أن الجيش الاسرائيلي سوف يبقى، مهما اكتسف من قدرات، عاجزا نهائيا عن احتلال اي شبر من أرض عربية؟الغرب الذي هو مستعد، في السياسة الخارجية خصوصا في ما يتصل بالشرق الاوسط، لأن يبيع كل مبادئه بعقد لشركة تجارية، هل هو المرجع الصالح لتقرير طبيعة الاصلاح في سورية؟ما نورده الآن لا يرمي الى اي دفاع عن العقيد معمر القذافي وإنما الى استعراض جزء من العلاقة الطريفة بينه وبين الغرب! فما رأيكم بالسناتور «الجمهوري» الاميركي جون ماكين؟ قبل الاضطرابات الاخيرة في ليبيا كان معجبا بالعقيد معمر القذافي. لكن لماذا؟ لأن هذا الاخير تخلى للولايات المتحدة عن برنامجه النووي فصار مذاق النفط الليبي «أحلى» في أفواه الاميركيين. وللغرض نفسه جاء جون ماكين الى بنغازي. لكن لماذا تغيرت قناعة ماكين؟ لأنه أي ماكين جاء الى المعارضة الليبية في بنغازي، وليس معروفا ما اذا كانت هذه المعارضة ترفع شعارات تتطابق مع دستور الولايات المتحدة، جاء ممثلا لأكبر خمس شركات نفط أميركية. هذه هي حقوق الانسان بمفهوم ماكين والولايات المتحدة. ولأنه كان مهتما بحقوق الانسان كثيرا في بنغازي فهو لم يسمع شيئا عن التصفيات الجسدية اليومية للمتهمين بأنهم أنصار القذافي. لم يهتم بأن المجلس الوطني الانتقالي هو مجرد ائتلاف لجماعات لا يجمع بينها سوى العداء للقذافي، وأن هذا المجلس هو مجرد واجهة لجماعات مسلحة غير مؤتلفة مشكوك في طبيعتها. في العام ألفين وسبعة وصف الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي القذافي بأنه رجل يمكن التعامل معه. فكيف هبطت على قلب ساركوزي هذه الرحمة على الشعب الليبي؟ ألا يتذكر احد ان وزير الخارجية الفرنسية السابقة ميشال أليو - ماري عرضت على الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي في بداية الاضطرابات في بلاده تعاونا أمنيا؟ لماذا أقالها ساركوزي ولم يستقل هو الذي يحتكر كل شيء في تقرير السياسة الخارجية الفرنسية؟ لسنا ندافع أبدا عن القذافي أو عن بن علي. وإنما هي اعادة تذكير بسياسة المصالح التي لا ينكرها الغرب وإنما يتجاهل صفة «الدنيئة» التي تليق بها. ويحق لنا أيضا ان نتساءل: ألم يشاهد الرئيس الفرنسي وأمثاله في الغرب المجازر التي ارتكبتها الجماعات الارهابية في محافظات درعا واللاذقية وإدلب بحق مدنيين وأفراد قوى الأمن؟ ولأن التجاهل كان فاقعا، جاء الموقف المشترك من الصين وروسيا والهند برفض احالة الموضوع السوري الى مجلس الأمن. أفلا يلاحظ هنا ان الدول الثلاث، وهي فقط على سبيل المثال لا الحصر، التي تمثل حوالي نصف سكان الكرة الأرضية ترفض التدخل الخارجي في سورية؟ ألا يلاحظ المتدخلون بأن هناك من يرفض منطق «التغيير بأي ثمن في العالم العربي»؟ ألا يلاحظون أيضا ان هناك قوى مؤثرة جدا ترفض المساواة بين ما في سورية وما في غيرها؟ ولأن المساواة هي اكثر من مصطنعة فإن النتيجة سوف تكون مختلفة جوهريا. والاختلاف هو ما يجعل سورية أقوى من الأزمة. والاختلاف هو الذي يُمكّن سورية من ان تلجم تدخلات المتطلعين الى ما هو أبعد بكثير من الاصلاح.الأستاذ الدكتور مفيد الصوافعضو اللجنة الإدارية لجمعية الأطباءالأميركيين العرب

الدكتورة فايزة الخرافي

الدكتورة فايزة الخرافي / مقال / للكويت أقول: عفواً عن التقصير
| بقلم الدكتورة فايزة الخرافي |التكريم أحد التجليات السامية لخلق الوفاء و حسن العهد، فهو بالتالي- تعبير عن حضارة الوطن ورقي الشعب، قبل أن يكون عرفاناً لشخص. وكم أفخر حين أذكر أن لوطني فضل السبق في إحياء هذه المأثرة. والتكريم هدفه نشر وترسيخ قيم الخير والعمل و العطــاء والتضحية، وتشجيع كل من يؤمن بها ويعمل لها وفي إطارها، قـبل أن يكون تقديراً لأشخاص أو تشجيعها لأفراد. من هذا المفهوم للتكريم، ينبثق اعتزازي بأن أكون ضمن عدد من الشخصيات التي تقول لهم الكويت، على لسان نخبة طيبة من أبنائها «شكراً». علماً بأنني لم أؤدِ إلا الواجب أو بعضه، وقد نلت عن ذلك أجري فوراً وكاملاً من خلال مشاعر الرضا التي تقترن بأداء الواجب... رضا الله و الوطن و الضمير. وأثق أنني أعبر عن مشاعر زملائي المكرمين جميعا حين أقول، ان هذا التكريم و معناه أبعد وأعمق من أن يكون لشخص معين بالذات. وذلك ان الرفع من شأن الوطن في أي ميدان مهمة جليلة، لا يمكن أن ينهض بها شخص بمفرده. ومن هنا تراني أجزم حين أزعم أن كل من « تقول لهم الكويت شكراً» ليسوا إلا رموزا تتجسد من خلالها جهود وخدمات زملاء كثيرين، وكل منهم بالشكر والتقدير جدير. واذا كان لي من عمل طيب في الهيئات والمؤسسات التي تشرفت بخدمة بلادي من مواقعها، فإن الفضل في ذلك بعد الله يعود الى كل من عملت معهم فتعاونوا وأعانوا.الى الكويت، الوطن الذي يسكن قلوبنا كما نسكن أحضانه، والذي يستحيل أن ننأى عنه و إن غادرناه. الى مرابع الطفولة، ومراتع الصبا، ومهــوى الأفئـــدة، وخميلة الذكريات.إلى بناة مجده، وحماة حريته، وأمل مستقبله. أقول «عفــــــــــــــوا» عن التقصيروالى كل من يقف وراء هذه التظاهرة الوطنية الراقية أقول: ان «الكويت تقول لكم شكــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــراً»