ما معنى كلمة «البدون»؟ ان البدون كلمة لا يوجد لها مثيل في قواميس علم الأنثربولوجيا الحالية ولا القديمة منها، بل توجد فقط في بلداننا العربية التي لا مثيل لها في قوانينها. ان عشرات الآلاف من البدون يعيشون على عالم السراب ويبحرون في بحر أحلام اليقظة علهم يحصلون على هوية عربية، الكل يرفضهم والكل تخلى عنهم وليس لديهم سوى رحمة الله وتراب الوطن العزيز الذي ولدوا فيه. ان مسألة البدون كنا نسمع عنها ونحن أطفال ندرس في المدارس الابتدائية واليوم وبعدما شاب الرأس مازلنا نسمع بمشكلة البدون لأنه لا مشكلة لهم سوى أنهم عاشوا في عالم لا يعترف بحقوق المواطنة الصالحة والعدالة الاجتماعية وحقوق الانسان....
تعتبر مشكلة غير محدد الجنسية (البدون) من أكبر وأقدم المشاكل في دولتنا الحبيبة الكويت، فهذا الملف الذي يمر على الكثير من الوزراء والمسؤولين لم يستطع أحد منهم انهاء هذه القضــــــــية الانسانية التي باتت تهدد أبناء هذه الفئة بالبطالة والضياع والتشريد على نطاق واسع والغربة والفرقة بين الأهل والأقرباء وكثرة حالة الانتحار والجريمة (والعياذ بالله) التي أصبحت الشيء المريح من التخلص من العذاب الذين يشعرون به نتيجة الاحباط في حياتهم اليومية. ماذا لو شعرنا قليلاً ما يتحمله صاحب هذه المشكلة من مآس وفقر وويلات واهانة ونكران؟ لماذا لا نكون نحن العرب كباقي الدول الأوروبية في المسائل الانسانية؟ أنظروا الى الدول الأوروبية كم من المواطنين تم تجنيسهم وكم من العرب يعيشون في كل دولة، وما تعمل لهم هذه الدول، فمتى نعطي حقوق شعوبنا ومواطنينا المظلومين؟
أنا استغرب كيف يمنع انسان من الجنسية في وطنه وهم عرب بالميلاد واللغة وهذه هي صفات تحديد الهوية؟ كما قال رسولنا الكريم انه لا فرق بين عجمي وعربي الا بالتقوى والعمل الصالح. ان الهوية أو الجنسية تعني: الاسم والأب والأم وتاريخ الميلاد ومحل الميلاد والدين واللغة. هذا كله موجود عند البدون ومطابق للآخرين غير البدون. ولو نظرنا الى المولود في الأراضي الأميركية، حتى لو ولد على طائرة أميركية يمنح الهوية الأميركية، هل تعلموا أميركا من يقيم فيها خمسة اعوام يستحق الجنسية الأميركية أو من يتزوج من أميركية ومن دون تعقيدات واجراءات صارمة، ومن يريد أن يحصل على الجنسية البريطانية ويولد في المياه الاقليمية أو أجواء بريطانيا يستحق الجنسية البريطانية، بل ويعتبر مواطناً بريطانياً. ونحن حتى شهادة وفاة لا تعطى لهم، لا حول ولا قوة الا بالله.
في اعتقادي، البدون لا يشـــــــكلون أي تهديد، بل من حقهم الحصول على هويتهم العربية أولاً وليس الهوية المكانية ان سلوك الحكومة تجاه البدون هو سلـوك منــــــــــاف لما نصت عليه الشريعة، فهذه الحكومة التي تدعي الاســــــــلام والديموقراطية والحرية لا تعامل البدون بما يلــــــيق بهم. من هنا، على البدون أن يرفعوا من صوتهم وأن ينظموا المسيرات والاعتصامات والاحتجاجات، وأن يوصلوا قضيتهم الى ابعد مدى وأن ينتزعوا حقوقهم لأن الحق اذا لم يعطى فيجب أن ينتزع.
أخيراً نتمنى من المعنيين في الدولة الالتفات الى هذه المشكلة، خصوصاً ونحن على أبواب توديع شهر الرحمة، وتجنيس البدون لأن هذا سيكون في ميزان حسناتهم في الآخرة ان شاء الله.
ابتسام حسين العدواني