No Script

رثاء

إلى جنة الخلد يا أبونا

تصغير
تكبير

«إنّ العينَ لتدمع وإن القلبَ ليحزن، وإنّا على فراقك يا (بوناصر) لمحزونون، لكننا نؤمن بالدين الإسلامي حيث التوحيد والإيمان بالقضاء والقدر وأن الموت حق علينا انطلاقاً من الآية الكريمة (وكلّ نفسٍ ذائقة الموت) وإنا لله وإنا اليه راجعون».

نعم اعتصر القلب ألماً بفاجعة موت حضرة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح يرحمه الله وأسكنه فسيح جناته مع الأنبياء والصديقين إن شاء الله.

فقد كان الأمير الراحل بمثابة «الأب الحنون» لكافة الشعب الكويتي بمكونات نسيجه الاجتماعي، مما ترك أثراً عميقاً لدى الجميع بل إن الكثير من الأخوة المقيمين شاركوا الشعب الكويتي حبه لهذا الأمير وحزنه لوفاته.

وعندما نقول إن سمو الأمير كان بمثابة والد لكافة أبناء الشعب هي جملة حقيقية نظراً لطبيعة العلاقة بين الحاكم والمحكوم، والشعب الكويتي ومن عاش على تلك الأرض الطيبة يدرك ماهية تلك الجملة وأنها ليست جملة تقال فقط، بل هي تعكس طبيعة العلاقة الإنسانية في المجتمع الكويتي.

ولا يمكن ذكر الدور الرئيس الذي قام به رحمه الله طوال مسيرة عمله وزيراً أو رئيساً للوزراء أو أميراً لأن الأمر سيطول، ولكن يمكن تلخيص ذلك بجملة أنه شارك بشكل فاعل في تنمية وتطور المجتمع الكويتي في المستويات كافة، ومنها دعمه المتواصل للمرأة الكويتية لتقف إلى جانب الرجل في ارتقاء المجتمع الكويتي.

ولقد ترعرع رحمه الله في بيت الحكم واكتسب مهارات السياسة في سن مبكرة، الأمر الذي أهّله ليكون مشاركاً في صناعة القرار الكويتي منذ زمن بعيد، فكان أول من يلقي كلمة في هيئة الأمم المتحدة بمناسبة انضمام دولة الكويت لعصبة الأمم المتحدة في عام 1963م، وكان عميد وزراء الخارجية على المستوى العالمي، الأمر الذي منحه الكثير من العلاقات مع رؤساء الدول العظمى وبقية رؤساء دول العالم، خصوصاً أن الكويت تتمتع بعلاقات طيبة مع الكثير منها كما أن له علاقات مع بقية وزراء الخارجية في العالم ومسؤولي المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة وغيرها من بقية الهيئات.

وكان له دور كبير في إيجاد الحلول للكثير من المشاكل التي حدثت في المنطقة وفي مناطق أخرى من العالم، فكان دوره إيجابياً في عدم تفاقم المشاكل خصوصاً أنه كان مقبولاً كوسيط من قبل المتنازعين لأنهم يدركون مكانته وعلاقته الطيبة مع الأطراف المتنازعة كافة، وكان قد عمل لحماية مجلس التعاون الخليجي من التصدع ومن حدوث الاحتمالات السيئة للمنطقة.

ولا ننسى دعمه المتواصل للقضية الفلسطينية في المحافل الدولية، وفي تقديم الدعم المتواصل لمنظمة التحرير الفلسطينية وللشعب الفلسطيني.

وكان دائماً رحمه الله صاحب اليد البيضاء داخل الكويت وخارجها، وقد قضى جل عمره في خدمة الكويت والأمة العربية، وكان له دور كبير في حشد الرأي العام خلال فترة الاحتلال العراقي للكويت، وكان قبل ذلك وبعد ذلك مؤمناً بضرورة التوافق العربي وحل مشاكل الأمة فقد كان عروبي الهوى في فكره ومسيرته، وكان صاحب قرار وكان يعمل من أجل دعم الدول الإسلامية.

ولم يكن حصوله على لقب قائد العمل الإنساني في عام 2014م إلا كحصاد للعمل الإنساني المضني، الذي قام به سموه بتقديم يد العون إلى هيئة الأمم المتحدة التي تشرف على تقديم المساعدات للدول المحتاجة، أو عبر تقديم العون المباشر باسم دولة الكويت للكثير من الدول الشقيقة والصديقة، وهذا هو امتداد لأمر جبل عليه حكام الكويت بتقديم المساعدة، خصوصاً بعد الطفرة النفطية إذ قدمت الكويت الكثير من الأموال للدول المنكوبة ولتمويل مشاريع تنموية في تلك الدول، ولا داعي لذكرها فهي واضحة كالشمس كما أنه حصل على الكثير من التكريم من قبل الدول الشقيقة والصديقة، وكان آخرها من قبل الولايات المتحدة الأميركية.

ندعو الله جميعاً أن يرحمه ونقول: «إلى جنة الخلد يا أبونا»، كما ندعو الله جل جلاله أن يعين أمير البلاد سمو الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه، ليكون خير سلف لخير خلف وأن يكون قائداً ليكمل مسيرة التشييد والارتقاء في المجتمع الكويتي.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي