وليد بن إبراهيم آل إبراهيم

وليد بن إبراهيم آل إبراهيم / الربعي... سمّى «العربية» ورحل
تذكرني حياة الفيلسوف والمناضل والكاتب والنائب والوزير الصديق الراحل احمد الربعي بحياة الكبار في تاريخنا، ولعل تخصصه في الفلسفة ودخوله غمار السياسة والكتابة والأدب والإعلام والفن، يسمح لي بتشبيهه بالفيلسوف والطبيب والعالم أبو بكر الرازي، فهو يشبهه إلى حد بعيد في مهارة التجريب والإبداع، والسعي إلى زرع الفضيلة وحسن الخلق في نفوس تلاميذه ومجايليه، فضلاً عن اشتراك الاثنين في قصر الحياة مع عظمة حصيلتها، فمن صدف التشابه بينهما أن الرازي كان دائماً يردد «اللهم ارزقني حياة عريضة، ولا ترزقني حياة طويلة» وقد استجاب الله له فمات وهو لم يكمل الستين من عمره تاركاً خلفه تراثاً علمياً وطبياً عظيماً، واحسب أن احمد الربعي كان يردد الدعوة ذاتها فمات وهو لم يكمل عقده السادس، لكنه عاش حياة تشبه سير أبطال الروايات السياسية، فعلاوة على شدة ذكائه وسرعة بديهته، وقدرته على العمل بلا كلل، استطاع أن يجعل سيرة حياته جزءا من سيرة وطنه الكويت، فمن يقرأ حياة «أبو قتيبة» التي بدأت في الخمسينات من القرن الماضي، يجد أنها تسجيل دقيق للحياة السياسية والثقافية والفكرية والإعلامية في الكويت، وهذا الامتزاج بين الوطني والذاتي عند الربعي لا يقوى على فعله إلا القلائل من الرجال واحمد الربعي واحد من أبرزهم في تاريخ هذه المنطقة.تفتق وعي الربعي وبلاده تخرج للتو من الاستعمار وسط المد الناصري والقومي فكانت أروقة جامعة الكويت تضج بشعارات التحرر والوحدة والثأر من الاستعمار، وكانت التنظيمات القومية واليسارية العربية تنشط في الكويت، وفي تلك الفترة شهدت الكويت ولادة منظمة التحرير الفلسطينية، فانخرط الربعي في النضال السياسي، وتعرض للاعتقال في غير بلد عربي، ومارس المقاومة على الأرض، فحارب في صفوف الرفاق في فتح، وكان اسماً مهماً في مؤتمرات وندوات الناصريين والقوميين واليساريين.في أواخر السبعينات من القرن الماضي بدأ الفصل الثاني من حياة بطل الرواية الكويتية فسافر إلى الولايات المتحدة، وعاش في مجتمع صفوة الليبراليين في جامعة هارفارد، وفي منتصف الثمانينات عاد «بطل الرواية الكويتية الحديثة» إلى الوطن. كان هذه المرة أكثر تنظيماً وتحديداً ووعياً، فدخل مجلس الأمة الكويتي ليعبر عن أرائه من منبر سياسي وطني، وبدأ الدكتور أحمد الربعي هذه المرة أكثر قرباً من المناخ السياسي في بلده من حيث الإطار واللغة والتوجهات، فلفت إليه نظر القيادة السياسية، فترك كرسي المعارضة إلى منصب الوزارة، فأحدث نقلة في مفهوم شخصية الوزير وعمله، لكنه لم يستمر طويلاً فهو اعتاد أن يكتب ويفكر على نحو مستقل، وبرغم أن الربعي يصنف على التيار الليبرالي في الكويت ألا انه يحسب ألف حساب لجذوره المحافظة، ويرفض التغيير بتهميش الآخرين أو القفز على ثوابت الناس وتقاليدهم، فضلاً عن رفضه المطلق لممارسة العنف ضدهم، ايا كانت درجة هذا العنف، وكان لا يفتأ يردد اننا مجتمعات محافظة، ويجب أن نمنح الآخرين فرصة للتعبير عن أنفسهم، فالمجتمعات لا تتغير بالرعونة والقسرية.في الفصل الثالث من حياة الربعي استيقظ الكويتيون على مدافع جيش صدام حسين تدك كل جزء من مدينة الكويت الوادعة، فوجد فقيدنا نفسه في إشكالية تجعل الحكيم حيران، فهذا الغزو البربري دخل الكويت تحت شعارات طالما حارب عنها الربعي، ومعه كل بلاده وصحافتها ومثقفيها... هاهم الرفاق الذين قاتل الى جانبهم فقيدنا يرفعون شعارات النصر باحتلال الكويت، وها هو الراحل ياسر عرفات الذي احتضنته الكويت، وسهلت له إطلاق حلم المقاومة، وقاتل معه الربعي وسجن من اجله يردد على الملأ: استمر يا صدام و «يا جبل ما يهزك ريح»... يا الله أي شعور هذا الذي أحسه الربعي ومعه ملايين الكويتيين في تلك اللحظات العصيبة.لكن الربعي مثقف من طراز خاص ولا يشوب وطنيته شائبة... فانطلق المناضل القديم بصوته وقلمه وعلاقاته من جدة إلى القاهرة ودمشق وعواصم الشرق والغرب، يدافع عن وطنه فصار امة في رجل. وحين تحررت الكويت، عاد الربعي سيرته الأولى، يقيم حواراً مع العراقيين والفلسطينيين والمناضلين القدامى، فبقي وفياً إلى سعيه في زرع الفضيلة وحسن الخلق، وعاد يكتب عن قضايا الأمة وهمومها، وكان بحق من أكثر المثقفين الكويتيين قدرة على تجاوز الشرخ الذي أحدثه الغزو.في عام 2003 كنت اخطط لإطلاق قناة «العربية»، وكان الصديق الراحل احمد الربعي من اقرب المثقفين العرب مني شخصياً، وكنت أستشيره، واستفيد من خبرته السياسية والإعلامية، واذكر في احد اجتماعات البحث عن اسم للقناة الوليدة، طرح الزملاء أسماء كثيرة، لكنها لم تلفت نظري، وكان احمد الربعي صامتاً، ثم التفت إلي وقال : يا ابو خالد الآن هناك قناة إخبارية اسمها «الجزيرة»، هي الجزيرة ونحن «العربية»... قناتنا اسمها «العربية»... قلت له يا أبا «قتيبة» هذا الاسم يليق فعلاً بالجهد الذي بذلناه في الإعداد... على بركة الله... اسمها «العربية» وأنت من سماها.وبعد فإن شعارات العروبة التي ناضل من اجلها احمد الربعي و احتلت وطنه يوماً ما، لم تغير من معدنه العربي الأصيل، فكان على الدوام مثل وطنه اكبر من أصحاب الشعارات، ففصل العروبة عن أهل الشعارات، وتمسك بها، وحين فكر في اطلاق اسم على قناة إخبارية تخاطب العرب فكر بعروبته التي لم تتغير يوماً... فجسد حبه للعرب والعروبة باسم «العربية»... رحمك الله يا ابا قتيبة... سنبقى نتذكرك يا صاحب الاسم الجميل والأصيل.* رئيس مجلس إدارة مجموعة mbc

ويليام هيغ

ويليام هيغ / لِمَ يحق لنا القلق تجاه برنامج إيران النووي؟
| بقلم ويليام هيغ وزير الخارجية البريطاني |أعلن رئيس هيئة الطاقة الذرية في ايران، السيد فريدون عباسي دواني، في 8 يونيو (حزيران) عن عزم ايران زيادة قدراتها لإنتاج يورانيوم مخصب بنسبة 20 في المئة الى ثلاثة أضعاف، وتحويل نشاط التخصيب من مفاعل ناتانز الى فوردو. داخليا في ايران، أثار هذا الاعلان من قبل نظام فقد مصداقيته القليل جدا من التعليقات، وسرعان ما طغت عليه أحداث المسرح السياسي المحلي المتمثلة بالنزاع الأخير رفيع المستوى بين القائد الأعلى للثورة خامنئي والرئيس أحمدي نجاد. لكنه كان اعلانا مهما لأنه يوضح جليا أن برنامج ايران النووي ليس مخصصا لأغراض سلمية بحتة.لدى ايران محطة طاقة نووية واحدة مخصصة للأغراض المدنية، وهي تسعى لبناء المزيد. وهذه المحطات كافة بحاجة ليورانيوم مخصب لدرجة 3.5 في المئة كوقود لها. وبالتالي فان خطط رفع نسبة التخصيب لما هي أعلى من ذلك تثير تساؤلات مشروعة.لليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المئة بعض الاستخدامات المدنية، لكن ليس في محطات الطاقة النووية للاستخدامات المدنية التي تزعم ايران أنها ترغب بها. بل انه مستخدم عموما كوقود لمفاعلات الأبحاث التي تنتج نظائر للاستخدامات الطبية، الى جانب غير ذلك من استخدامات. وهذه مادة عالية الكفاءة: حيث ان مفاعل أبحاث واحداً في بلجيكا قادر على انتاج تقريبا كافة النظائر الطبية التي تحتاجها جميع دول أوروبا الغربية.كما أن لدى ايران مفاعلاً واحداً للأبحاث. والخطط التي أعلن عنها السيد دواني سوف توفر أكثر من أربعة أضعاف الاحتياجات السنوية من الوقود. الا أن هذا المفاعل قادر حاليا على انتاج نظائر مشعة تكفي لإجراء مليون بحث طبي كل عام - وهذا يعادل احتياجات المملكة المتحدة، ويفوق كثيرا ما تحتاجه ايران. كما تتطلب الخطة الجديدة تحويل ما لا يقل عن نصف الانتاج السنوي الحالي لايران من اليورانيوم المخصب بنسبة 3.5 في المئة، ما يعني بالتالي حرمان محطات الوقود النووي الايرانية منه. اذا كانت ايران جادة في تطوير طاقة نووية للأغراض المدنية، فما الذي يدعوها لتحويل موارد ومواد محدودة عن الاستخدام في برنامج للطاقة المدنية بهذا الشكل، بينما ترفض بازدراء عروض من العالم الخارجي - بما في ذلك من دول المجموعة الأوروبية الثلاثية + 3 المؤلفة من المملكة المتحدة والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا والولايات المتحدة - لتقديم مساعدات تقنية للاستخدام السلمي للطاقة النووية في ايران؟الا أن هنالك غرضا واحدا واضحاً لهذا اليورانيوم المخصب. فالتخصيب من اليورانيوم الطبيعي ليصل لنسبة 20 في المئة يستغرق الكثير جدا من الوقت ويعتبر خطوة تستهلك موارد مكثفة تصب تجاه انتاج اليورانيوم عالي التخصيب اللازم لتطوير سلاح نووي. ولدى تجميع كميات كافية من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المئة تحت الأرض في قم، سوف يمكن تحويله في غضون مجرد شهرين أو ثلاثة الى مادة تستخدم في الأسلحة. سوف تبقى هناك تحديات تقنية الانتاج الفعلي لقنبلة نووية، الا أن ايران ستكون قد اتخذت خطوة كبيرة في ذلك الاتجاه. من المحتمل قيام ايران بتخصيب اليورانيوم عالي الكثافة في موقع سري سابق مخفي بعمق تحت الجبال. وقولها إنها سوف تسمح للوكالة الدولية للطاقة الذرية بالمراقبة لا يعتبر ضمانا في الوقت الراهن. حيث ان لدى ايران تاريخاً متواصلاً من التهرب والتعتيم في علاقاتها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. فقد رفضت السماح للوكالة بالاطلاع على مواقع أو مواد أو وثائق أو الالتقاء بأشخاص ذوي صلة. كما أنها لم تجب عن أسئلة طرحتها عليها الوكالة بشأن شرائها لمواد لها علاقة بالمادة النووية وطبيعة عملها الذي يمكن أن يكون مفيدا فقط في تطوير سلاح نووي - من قبيل مُفَجّر متعدد النقاط لإطلاق عبوة متفجرة بشكل نصف دائري - أو باللغة المبسطة: مفجرات للاستخدام في قنبلة نووية. فإيران ناشطة في برنامج تطوير الصواريخ الباليستية، بما في ذلك تطوير صواريخ يفوق مداها الألف كيلومتر، وقد أجرت بالفعل عدة تجارب صاروخية خلال شهر يونيو (حزيران). وأي مراقب عاقل لا يسعه سوى الربط بين الأمرين. هذه ليست قضية مجردة أو نظرية: فبرنامج ايران النووي قد يؤدي لسباق تسلح في الشرق الأوسط، وهي منطقة متقلبة الأوضاع أصلا. وسيكون من السذاجة وتنصل من الواجب - مرة أخرى - افتراض حسن نية ايران. لهذا السبب صدرت حتى الآن ستة قرارات عن مجلس الأمن الدولي تطلب من ايران تعليق برنامج التخصيب فورا، لكنها تجاهلتها جميعها. وقد رفضت ايران حتى الآن الدخول في أي مفاوضات بشأن برنامجها النووي ما لم ترفع المجموعة الأوروبية الثلاثية + 3 كافة العقوبات وتعترف فورا بحق ايران بالتخصيب. لكن ليس هناك منطق لرفع العقوبات ما لم تدخل ايران في مفاوضات لتبديد مخاوف تستند على قرائن بشأن برنامجها النووي. وحتى الآن كان رد فعل ايران عكس ذلك. وهذا الاعلان الأخير يؤكد الأهمية العاجلة لزيادة الضغوط، والمملكة المتحدة على استعداد لاتخاذ اجراءات: فقد وافقت بالفعل في الشهر الماضي على اضافة 100 جهة أخرى لقائمة العقوبات التي يفرضها الاتحاد الأوروبي، وأعلنت خلال الأسبوع الماضي عن فرض المزيد من اجراءات حظر سفر ضد جهات معروفة مساهمتها في انتشار الأسلحة النووية. ربما تأمل ايران بأن التغيير غير المسبوق المصاحب للربيع العربي سوف يحول أنظار العالم عن برنامجها النووي. لكننا عازمون على أن ذلك لن يحدث. (خاص «الراي»)

ياسر إبراهيم المزروعي

ياسر إبراهيم المزروعي / ذهب الذين يُعاش في أكنافهم
قبل أيام قلائل فقدت دولة الكويت عالما من علمائها الذين كان لهم دور بارز في تنشئة طلبة العلم بعلوم الآلة، وهو فضلية الشيخ مولوي عبدالباسط ملا صالح، والذي وافته المنية يوم الأثنين بعد صلاة الظهر 15 رمضان 1429هجرية الموافق 15/9/2009 ميلادية، مؤذن مسجد الحمد بمنطقة المرقاب، والذي عرف بإتقانه وتميزه لعلوم الآلة النحو، والصرف، والمنطق، والبحث والمناظرة، وأصول الفقه، والفقه الحنفي، والتفسير، والفرائض، وما ألحق بها من علوم، ويعد من القلة المتقنين لهذه العلوم والفنون من المشايخ بدولة الكويت، وهو من بلاد أفغانستان. وكان قدومه لدولة الكويت في منتصف السبعينيات، وله معرفة تامة في الكتب والطبعات القديمة النادرة وكذا المخطوطات، إذ يُعد ممن له خبرة كبيرة فيها وله شوق كبير للكتب واقتنائها، ويرجع هذا الأمر إلى أيام شبابه إذ إنه كانت لديه مكتبه في بلادة هيرات بأفغانستان لبيع الكتب، وكان يسافر إلى بيروت وسورية وإيران والعراق ومصر لجلب الكتب وشراء الأعداد الكثيرة من الطبعات البيروتية التي كانت تعرف بجودة طباعتها. ابتدأ العلوم كعادة طلبة العلم حيث قرأ العلوم الأولية وقراءة القرآن الكريم على والده الحاج ملا صالح محمد، ثم تنقل في قراءة العلوم الأخرى وتوسع بها على كل من المشايخ: الحاج ملا عبدالرحمن، الحاج ملا عبدالحبيب، الحاج مولوي محمد قسيم المعروف بجناب مولوي صاحب رحمهم الله جميعاً، والعالم النبيل الفاضل مولوي عبيد الله حفظه الله.ومنذ قدم الكويت عين فيها مؤذناً في كثير من المساجد في منطقة القبلة وشرق والمرقاب واستقر به الأمر أخيراً بمسجد الحمد بالمرقاب حيث كان فيه أكثر من عشرين عاماً إلى قبل وفاته، إذ توفي في المسجد نفسه، وهو نائم بعد أن صلى الظهر في مسجده نفسه رحمه الله.إضافة إلى عمله بالأذان في المساجد التي عمل بها، كان يدرس للطلبة ولم ينقطع عن تدريس العلوم حتى وقت وفاته، إذ كان أحد الطلبة ينتظر درسه بعد صلاة العصر، وما إن علم الطالب بهذا الأمر إلا بادر بالاسترجاع وهو الذي قام بتبليغ حالة الوفاة.واستفاد من الشيخ كذلك إدارة المخطوطات بوزارة الأوقاف بدولة الكويت لكشفه الكثير من المخطوطات التي كانت تعد من المجاهيل في الفنون أو المؤلفين، فقام رحمه الله بتبين نوع الفن وما هو الكتاب واسم مؤلفه من خبرته في الفنون والمؤلفين، كما عمل في تحقيق بعض الكتب وتبييض بعض المخطوطات المهمة التي كان يستعين بها في تدريس العلوم والقراءة بها، لكن لم يخرج له شيء من مؤلف أو تحقيق.وكان رحمه الله كثير الشغف للمخطوطات، وكان دائم المرور على مكتبة وزارة الأوقاف للمخطوطات ومكتبة جامعة الكويت ودار الوثائق والمخطوطات بالجابرية وغيرها من الأماكن التي عرفت بالمخطوطات بدولة الكويت، وكان لا يأتي معرض الكتاب إلا وتجده من أوائل الزائرين له ويجلس في المعرض من أوله ما يفتح صباحاً، حتى المساء، فيتعرف كل ما في المعرض من كتب جديدة إن استطاع اشتراها وإلا علم بطباعتها وأوصى من يعرفه بشرائها، لتكون قريبة منه.وتتلمذ على يدي الشيخ عبدالباسط رحمه الله - واستفاد منه - الكثيرون من طلبة العلم بدولة الكويت ولكثرتهم يخطئهم العد، ممن كان يدرس عنده النحو أو الصرف أو المنطق أو البحث والمناظرة أو أصول الفقه أو الفقه الحنفي أو التفسير أو المواريث ونحوها من العلوم، وأذكر منهم الذين استطعت أن أذكرهم: كل من كاتب هذه الأحرف والدكتور أنور شعيب عبدالسلام، والدكتور وليد عبدالله المنيس، والدكتور خالد عبدالله الشعيب، والدكتور عبدالرؤوف محمد الكمالي، وكثيرون غيرهم. وممن كان له ارتباط وقرب منه، وكان الشيخ يثني عليه الخير على خدمته له وتسهيل الصعاب، وكذا استمر على هذه الحال بعد وفاة الشيخ، إذ قام بالسعي والوقوف مع الجنازة حتى آخر أمرها، وهو فضيلة الشيخ ذاير فارع هليل المطيري. وأرجو المعذرة ممن لم أتمكن من ذكرهم من طلبة الشيخ رحمه الله وأسكنه أعلى فراديس الجنان.ياسر إبراهيم المزروعي

ياسر صالح

ياسر صالح / من واقع الحال / القرية الفاضلة للشيطان الأكبر
عائلتان، على رأس كل منهما شخص شديد الظلم لأولاده وبناته، أحد هذين الشخصين ذو سلوك متزن مع المحيط خارج العائلة، مرتبط بمجتمعات وتجمعات نظيفة ذات مصداقية، أما رب العائلة الآخر فمجرم فاسد داخل في ارتباطات مع شبكات فساد وإجرام كبيرة لا يستطيع منها فكاكاً حتى ولو أراد لطبيعة هكذا نوع من العلاقة التي لا ترحم من يتمرد عليها.سمعنا ذات يوم عن احتجاجات تقوم بها مجموعة من الأبناء في كل من العائلتين مطالبين برفع الظلم عنهم، ورفع يد رب العائلة عن التحكم بهم وبشؤونهم... هذا كل ما عرفناه عن الحركة المطلبية للأبناء في كل من هاتين العائلتين، فهل يكفي هذا القدر من المعلومات لنقوم بتأييد هذه العملية المطلبية التحررية في العائلتين، وهل مسطرة التأييد يجب أن تكون واحدة ومتطابقة في الحالتين؟لا شك بأنه وللوهلة الأولى سيحكم موقفنا نداء الفطرة الذي في داخلنا، الرافض للظلم، المؤيد لأي عملية تحرر منه، بل قد تدفع بعضنا الحماسة لاتخاذ خطوات عملية في مناصرة وتأييد وتشجيع هؤلاء الأبناء في كلتا العائلتين، ولكن، ماذا لو تكشفت لنا معلومة إضافية عن محركي التحرر في هاتين العائلتين.. ماذا لو علمنا بأن الابن المتزعم لحركة التحرر في عائلة رب الأسرة المتزن هو ابن ذو توجهات فاسدة، مرتبط بشبكات الفساد، وأن هناك إمكانية جدية في حال رفعت يد رب العائلة عنها بأن يربط هذا الابن أفراد عائلته ويرتهنهم لهذه الشبكات، أما في العائلة الأخرى ذات الرأس الفاسد فالوضع معاكس، حيث ان قيادة الحركة التحررية هي من أبناء متزنين ذوي مصداقية وأن وضع هذه العائلة سيكون بلا شك أفضل لو رفعت عنهم يد الشخص الفاسد المرتبط بشبكات الفساد.هذه المعلومة الإضافية حين توضع على المشهد، والتي تصف نوعية القيادة المحركة للاحتجاجات وتبين احتمالات المآلات لهاتين العائلتين، ألا تغير من طبيعة موقفنا واندفاعتنا الأولية، ومن ثم تدعونا لنبدأ بالتفريق في طبيعة التعامل مع الحالتين.التعامل المنطقي العقلاني المنسجم مع الاندفاع الفطري لكلتا الحالتين وهو من خلال مسطرة واحدة وهو أن نؤيد أصل عملية الاحتجاج على الظلم ومحاولة تغيير الواقع للابناء في كلتا العائلتين، ولكننا يجب أن نفرق بين الخطوات التي ينبغي أن تأخذها هذه العملية الاحتجاجية في الحالتين لأن ما كنا نؤيده ونتعاطف معه في الحقيقة هو حصول العائلتين على وضع أفضل بل ومثالي، ولم يكن تأييدنا لمجرد الفعل وإلا كان تأييداً غير هادف، فمن المنطقي إذاً أن نؤيد ونساعد قلب الأوضاع على رب الأسرة المجرم الفاسد في حالة العائلة الثانية، ونعمل على الضغط والمساعدة بالطرق المختلفة على إصلاح الوضع في العائلة الأخرى والحيلولة دون وقوعها في براثن شبكات الفساد والجريمة التي يريد الأخ الفاسد أن يجر العائلة إليها في الحالة الأولى.هذا هو بالضبط موقفنا في ما يخص المطالب الشعبية في سورية كمثال شبيه وليس مطابقا تماماً للوضع العائلي في الحالة الأولى، وكذلك موقفنا من بقية الثورات والمطالب الشعبية في دول أنظمة «الاعتلال» كمثال مطابق للوضع العائلي في الحالة الثانية. إننا لا نرى أن هناك فساداً واجراماً أكبر من الارتباط بالشبكة الشيطانية المتمثلة بالحلف الصهيوأميركي المجرم القاتل والمفسد... لذلك فإنه من الواضح أننا إذا رأينا هذا الحلف يقف مع قيادة أو حراك فهذا مدعاة للريبة على أقل تقدير بطبيعة هذا الحراك وارتباطاته، فمن المستحيل أن يقف الشيطان مع الفضيلة والحق إلا إذا كان تمويهاً واستدراجاً، ولذلك نرى أن الموقف المثالي كما يتبناه الحلف الصهيوأميركي هو تشجيع الاحتجاجات التي تصب في مصلحته، ومحاولة حرف والتآمر وتغطية القمع والجرائم بحق الثورات الشعبية الشريفة التي تقع ضد حلفائه في نظم «الاعتلال». هذه هي المعالم الحقيقية للقرية الفاضلة حسب متبنيات هذا الشيطان الأكبر.ياسر الصالحكاتب وأكاديمي كويتيyasseralsaleh@hotmail

ياسر قطيشات

ياسر قطيشات / الأحواز... القضية المنسية في أجندة الشرق الأوسط
جاءت التطورات السياسية في منطقة الخليج العربي بعد احتلال العراق والتلويح الأميركي باستخدام القوة ضد إيران باعتبارها الطرف الثاني على قائمة «دول محور الشر» الأميركية سابقاً، بالتزامن مع انتفاضة العرب في الأحواز (أو الأهواز) في عام 2003 م، إثر الاعتداءات المهينة التي تعرض لها العرب هناك على يد الشرطة الإيرانية التي أباحت لنفسها حجب الحياة والحرية عن الأقلية العربية في الأحواز بعد تواصلهم الإعلامي مع أشقائهم العرب في المنطقة، وانفتاحهم على الفضائيات العربية والدولية التي بدأت تتعرف شيئاً فشيئاً على قضيتهم.ومجمل تلك التطورات، إضافة إلى فشل مؤتمرات القمة العربية في وضع حلول علاجية للمشاكل العالقة بين العرب وإيران، تؤكد من جديد على عمق الهوة القائمة في الحوار العربي الإيراني حيال العديد من القضايا العالقة بينهما بدءاً من قضية الجزر الإماراتية التي تحتلها إيران (جزيرة طنب الكبرى والصغرى وأبو موسى)، ومروراً بقضية عربستان (الأحواز) الغائبة عن ساحة النظام الإقليمي العربي والشرق الأوسط برمته، وصولاً إلى خطر التسلح الإيراني في المنطقة الذي يشكل عامل تهديد قائم لدول الخليج العربي، رغم ما تشهده المنطقة من تغيرات استراتيجية عميقة تبعد احتمال أي تصادم إيراني خليجي في ظل الهيمنة الأميركية على أجندة توازن القوى في الخليج العربي.وقد مثّل المناخ السائد في العلاقات العربية - الإيرانية، عاملاً في إثارة ملحة حول سر غياب قضية عربستان (الأحواز) عن دائرة الاهتمام العربي والدولي، خصوصاً أن الأوضاع السياسية والأمنية والاجتماعية في الإقليم كانت وما زالت مضطربة نتيجة لعوامل عدة أهمها التفاعلات الصراعية بين إيران والعراق، والمقاومة المتواصلة التي يبديها شعب عربستان، الذي يعد أكبر الشعوب العربية في الخليج العربي بعد الشعبين العراقي والسعودي، حيث يزيد تعدادهُ على عشرة ملايين نسمة، في وجه السياسات الإيرانية الهادفة إلى طمس هويته الثقافية والقومية. وبدأت قصة معاناة الإقليم في العشرين من إبريل عام 1925 م عندما قامت إيران الشاه باحتلال إقليم الأحواز (عربستان)، بعد أن تم استدراج الشيخ خزعل الكعبي حاكم الإقليم إلى فخ نصب له من قبل قائد الجيش الإيراني الجنرال زهدي من أجل إجراء مباحثات، إلا أن الجنرال زهدي قام باعتقال الشيخ خزعل وتم إيداعه سجون طهران مع مجموعة من مرافقيه حتى عام 1936 حيث تم اغتياله هناك.ومنذ احتلال الأحواز وحتى اليوم كانت، ومازالت، قضية عربستان أو الأحواز القضية العربية والإقليمية والدولية المغيّبة عن خارطة الشرق الأوسط تارة للطمس الثقافي والقومي الذي تُمارسه إيران ضد هذا الإقليم والعرب القاطنين فيه، وتارة للتجاهل الإعلامي العربي والدولي لهذا الإقليم العربي، وتارة للظروف الإقليمية والعربية التي كانت منشغلة في قضايا أخرى على حساب هذه القضية المهمة في إطار النظام الإقليمي العربي.ومنذ اليوم الأول للاحتلال قامت الثورات الأحوازية في مواجهة المحتل الإيراني الذي مارس سياسة الأرض المحروقة التي كان يتبعها الاستعمار في ذلك الوقت، فقاموا بتدمير القرى والمدن العربية الأحوازية وتم إعدام الشباب الأحوازي دون أي محاكمة أو فرصة للدفاع عن أنفسهم من أجل إرهاب باقي الأهالي. وحتى الآثار لم تنج من التدمير والتخريب من أجل طمس هوية الأحواز العربية وإنهاء ارتباطها التاريخي بعروبتها وربطها بالتاريخ الفارسي. ولم تكتف الحكومات الإيرانية بذلك بل سعت لعملية التهجير للقبائل العربية المقيمة في الأحواز إلى مناطق الشمال الإيراني واستجلاب سكان هذه المناطق إلى الأحواز وإسكانهم فيها، كما مارست سياسة التجويع للشباب الأحوازي نتيجة انعدام فرص العمل ومن أجل إجباره على الهجرة نحو الداخل الإيراني، أو الهجرة خارج البلاد وفقدهم لهويتهم العربية من خلال ارتباطهم بمعيشتهم وهمومهم الخاصة. ويمكن القول ان أسباب نكبة الأحواز تتمثل في عاملين: الأول، داخلي والثاني، خارجي.أما العامل الداخلي: فيتمثل في ضعف بنية أبناء الأحواز بما أصابهم من فقر وجهل ومرض، وانخفاض مستوى المعيشة، وانعدام الوعي السياسي والاجتماعي في زمن إمارة البوكاسب الكعبية، وعدم الشعور بالمسؤولية نتيجة النفوذ الأجنبي من جهة، والحيف الذي لحقهم من حكم الشيخ خزعل وحاشيته من جهة أخرى.أما العوامل الخارجية: فقد تضافرت في عوامل عدة للإطاحة بإمارة الأحواز العربية، ومن أهم هذه العوامل:- ظهور النفط في الأحواز سنة 1908 م.- وصول الشيوعيين بقيادة لينين الى السلطة في روسيا عام 1917، ما شكل تهديدا لمصالح الغرب في الأحواز ومنطقة الخليج العربي.- ظهور رضا خان بهلوي في السلطة في فارس والذي يمثل العنصرية الفارسية المعادية للقومية العربية.- تأييد الإنكليز الصريح للاحتلال الفارسي لقطر الأحواز.- الموقف المتفرج الذي وقفه الحكام العرب من إمارة الأحواز (عربستان) بسبب السيطرة البريطانية.وتكتسب قضية الأحواز العربي اليوم، بعد تفاقم الصراع الدائر على أرض العراق المحتل، أهمية خاصة لدى المحتل الإيراني، فالمؤسسات الإيرانية تشارك بشكل مباشر في احتلال العراق، وتساهم إلى جانب قوات الغزو الأميركية والبريطانية في محاربة الشعب العراقي، كما تقوم إيران عبر بعض القوى العراقية الشعوبية في تدمير مقدرات وإمكانات الدولة العراقية وإبادة سكانه، وتعمل وعملاؤها العراقيون على تمزيق هذا البلد العربي وتقسيمه لدويلات لإفشال أي جهود ممكنة لتوحده من جديد، وبالتالي إضعاف مقاومة الشعب الاحوازي على الجانب الآخر من ساحل الخليج من تحقيق حلم الاستقلال والانفصال عن بلاد فارس.فالأحواز الوطن العربي التوأم للعراق المحتل أصبح من أهم ساحات الصراع العربي الإيراني، ومن خلال شعبه وأرضه يقرر مستقبل تلك العلاقات المزمنة والمتوترة باستمرار، ويجب على الدول العربية أن تدرك حقيقة أن تحقيق استقلال العراق التام، وحل قضية الأحواز العربية بشكل كامل، وإعادة الجزر الإماراتية المحتلة، وتحجيم دور التدخل الإيراني في الشؤون العربية، هي السبل الكفيلة لحوار عربي إيراني يؤسس لتحالف استراتيجي بينهما. خلاصة القول مما سبق، ان التاريخ السياسي لعربستان تاريخ حافل برفض الخضوع أو الاعتراف بالحكم الإيراني عليه، لإدراك العرب الأحواز حقهم التاريخي والثقافي والقومي في عروبة هذا الإقليم، وحقهم في تقرير المصير والاستقلال عن الجمهورية الإيرانية التي لم تختلف في عنفها وسلوكها البشع مع العرب هناك عن نظام الشاه الذي أباح لنظامه البائد القتل والتنكيل والسحل بأبناء عربستان دون وجه حق، ولعل ما يطلبه أهل عربستان هو فقط الوقوف والتضامن معهم كأضعف الإيمان، وإن لم يكن من باب العروبة والقومية، فمن باب الشعور الإنساني البحت على الأقل.ياسر قطيشاتكاتب أردني. وهذا المقال بالتعاون مع «مشروع منبر الحرية» www.minbaralhurriyya.org

ياسمين مرزوق الجويسري

ياسمين مرزوق الجويسري / ارتواء / لولا الفقر ... !!
| ياسمين مرزوق الجويسري |قيل لي ذات يوم ان من وسائل تطوير الذات (التساؤل)، فيجب أن تتساءلي وتفكري عندها ستستجلبين أفكاراً ومعلومات وعلى أثر التطبيق يكون الرقي بالذات، فبدأت بالتساؤل.وها أنا ذا أستفسر بعد عبارة سمعتها فرنّت في أذني كالجرس «لولا أولاد الفقراء لضاع العلم»، أي بعبارة أخرى لولا مشيئة الله بوجود الفقر في هذه الحياة لما وُجد العلم، وهنا أطرح التساؤل (كيف بالفقر وضعفه أن يوجِد علماً هو أساس حضارتنا ورقينا؟!)، فأقول تفسيراً وجواباً ان لكل حياة تجاربها ولكل عمر خبراته، وإن أتينا لنقارن بين حياة الفقر وحياة الغِنى، بين عمر من ينام جائعاً وعمر من ينام ممتلئ المعدة، نجد ذاك الأول له حياة يشقى بها يكابد فيها للحصول على لقمة العيش والثاني له حياة سهلة ميسرة له وكل مطالبه مُجابة.وعلى أثر ذلك ولوجود وسائل المعيشة الهانئة عند الغني فلا حاجة له بالتعلم ولا رغبة له فيه إذ كل ما يريده عند والده موجود، أما الفقير فيأمل بأن يرتاح أولاده في حياتهم فيهنأوا ولا يشقوا فتجده يعمل ويكدح يتعلم لِيُعلِم يتثقف ليطور لتكون له مكانته بين البشر، فتجد الفقراء أو ميسوري الحال أكثر الناس طلباً للعلم وأكثرهم رغبةً في التعلم، أما المرفّه فلا يبالي إن أكمل دراسته الجامعية أم لا لأنه متيقن أن المال والوظيفة موجودان وإن لم يتعلم، هنا أجبت على تساؤلي فحقاً «لولا أولاد الفقراء لضاع العلم».لكن مربط الفرس هناك حيث أرى المراكز العالية والمناصب القيادية لا ينالها إلا المترفون الذين عادةً ما يكونون غير مبالين إلا بأنفسهم، أما المتعلم المثقف نجده يجلس خلف مكتبٍ يؤدي المهام الروتينية لا يد له باتخاذ قرار ولا ريادة على الرغم من أنه أنفع للمنصب الإداري من غيره.فالمسؤولية تكون على من يوزع المناصب ألا يختار المسؤول لمجرد اسم عائلته ومن هو والده، بل يختاره لشهادته، لسيرته، لعقله، والأهم لإرادته، فكما كانت عنده الإرادة للتحسين من حاله ستكون لديه الإرادة لإصلاح حال الأمة وأقول ما قاله الرافعي «إذ المعنى ليس في أشياء المادة و لكن في أشياء الإرادة».twitter @jasmine_m_alj

يعقوب العوضي

يعقوب العوضي / لماذا يؤسس للفساد؟
يعقوب العوضي الذي لا مراء فيه ان الشعب الكويتي برمته يشعر بمرارة قاسية بمقدار تدهور الأخلاق والذمم المالية، وذلك لما يشاهده ويلمسه من ظاهرة انتشار الفساد بين جميع مؤسسات الدولة، وما يتلازم مع هذا الانتشار من سرقات هائلة طالت جميع ما تملكه الدولة من أموال «أراض وشواطئ واستثمارات وأموال سائلة وعمولات تودع في حسابات المنتفعين المتنفذين في الخارج». وما نقوله في هذه العجالة ليس شيئاً جديداً على الساحة السياسية والاعلامية، بل هو حديث متكرر قد يصل إلى حد الملل، ولكن كما قال لنا مدرس اللغة العربية المصري في ستينات القرن الماضي الأستاذ عكاشة (رحمه الله) في ثانوية الشويخ العتيدة «كثر التكرار يعلم... الشطار».والسائد اليوم في الثقافة العامة للناس وفي كل مكان يجمع أكثر من شخصين كالدواوين ومؤسسات المجتمع المدني، وأماكن الندوات السياسية وغيرها أنه يدور الحديث عن هذه الظاهرة التي أصابت المجتمع بهوس الفساد والسرقات والرشوة وتجار الإقامات والمخدرات والتسيب والاهمال والغش والخداع والتدليس والدسائس، بعد ان فقد المجتمع الكثير من قيمه النبيلة التي كانت تسوده، والذي لا شك فيه ان ظاهرة الفساد بكل اشكالها تمر عبر عيون المسؤولين الذين من المفترض انهم يدافعون عن قيم المجتمع الراقية التي تعارف عليها منذ نشأته، ولكننا نسمع ان بعضاً من هؤلاء يشاركون المفسدين في تكريس هذه الظاهرة بغرض الحصول على جزء من الكعكة التي تنهب يوميا على مرأى ومسمع منهم، رغم الكتابات الصحافية المتحدثة عنها والندوات الشعبية التي يقيمها المواطنون والمخلصون للكويت وشعبها لمكافحة هذه الآفة الاجتماعية الخطرة التي تعمل على هدم البيوت وتحطيم الأسر على المدى البعيد بعد ان تكون الأموال المتحصلة من هذه الظاهرة قد قل موردها وجف نبعها لأي سبب من الأسباب، فالسكوت الرسمي هو سيد الموقف.وهذا المرض الاجتماعي أصبح عبئاً ثقيلاً على المواطنين وعلى البيئة الاجتماعية إلى جانب الجمود الحكومي المتعمد الذي يقف متعثرا في السعي للقضاء على هذه المفاسد، ولعل السؤال الذي يطرح نفسه في خضم هذا الفساد لمعالجته من دون حراك ملحوظ رغم الاعتراف الرسمي بوجوده: ما الهدف من تأسيس هذه الآفة الاجتماعية والسكوت عليها في شكل سافر؟ فهل هناك شيء في الأفق مرتقب حدوثه، من تغيير اجتماعي أو اقتصادي أو حتى سياسي، والسكوت عن مثل هذا الأمر يؤسس إلى قيام حدث مستقبلي مازال مجهولاً لدى الناس كافة وهو في حقيقته ان الدلائل كلها تشير إلى ان هناك من يعمل على ترصيف الطريق لحدوثه، وكل حدث كبير مرتقب تكون هناك طرق مرسومة لقيامه، وليس اعتباطا ان تحدث الاحداث الكبيرة من دون تمهيد، فالثورة البلشفية «الروسية» عام 1917 بقيادة لينين لم تحدث فجأة بقيامها بين الشعب الروسي، فالسرقات والظلم والتسيب والاهمال وانتشار الفساد بين الطبقات العليا في المجتمع وانتهاك حقوق العمال والفلاحين وازدياد الفقر والحاجة وتعميق الآفات الاجتماعية بين أفراد الشعب كانت الأرض الخصبة الطريق السهلة الممهدة لحدوث التغيير الاجتماعي الذي حدث في روسيا. ونحن لا نعلم ان كان الفساد في البلاد وهو ينخر في مؤسسات الدولة من دون مكافحة ملحوظة رغم وجوده ووضوحه نوعا من الارهاصات الممهدة لحدوث التغير المرتقب في قادم الأيام الذي قد يكون حقيقة لا نعرف كنهه وطبيعته، وهل ما يصار في البلاد اليوم يؤسس للحدث الجديد المجهول؟الشعب الكويتي لا يريد حدوث مثل هذا التغيير المجهول كما أنه في الوقت نفسه لا يريد لبلده ان يغرق في الفساد حتى أذنيه، ويبقى معلقاً في فضاء لا يرى فيه ما هو تحته إن كانت أرضاً سهلة أو رخوة سهلة الغور في أعماقها، ولكن ما يحدث ينبئ بحدوث المجهول كما حدث في كثير من شعوب العالم الذي كان الفساد في جميع اشكاله هو السمة السائدة في البلاد، وقد حدث فيه التغيير لنزع هذا المرض المعدي قبل ان يستفحل بين كل الناس. كاتب كويتي[email protected]

يوسف الجلاهمة

يوسف الجلاهمة / الدامة
عدنا والعود أحمد، ديوانية الشياب هذا الأسبوع ركزت على التغيير الوزاري لحكومة الشيخ ناصر المحمد. وإليكم وصف لما تناوله رواد الديوانية من نقاشات:دخلت الديوانية وكان هناك اثنان من روادها يلعبان «الدامة» وأبوبراك وأبوحمود جالسان قرب بعضهما يحتسيان الشاي وبعد السلام جلست لمشاهدة اللاعبين وكان الحوار بينهما التالي:اللاعب الأول: ها... شكلك راحت عليكاللاعب الثاني: اتهبه... اصبر شوي وتشوف... حرك إحطبكاللاعب الأول: راح عليك شيخكهنا صرخ أبوحمود وهو يقول: «إتخسى ما يروح»أبوبراك: اشفيك قاعدين يلعبون دامه وين انت رحتأبوحمود: أنا ما أحب لعبة الدامه لأن فيها الشيوخ ياكلونهم. ما في مجال يسمونهم غير هالإسم؟أبوبراك: يا بوحمود هذا شيخ حطب دامة مو إللي في بالك، وبعدين كلنا نحب شيوخنا.أبوحمود: الله يطول بعمرهم ما يقصرون حاطين البلد والشعب فوق روسهم بس بعض الناس مو عاجبهم العجب.أبوبراك: اشقصدك بعض الناس؟ ردينا يا بوحمود!أبوحمود: ربعك مالوت المجلس كل ما حط الشيخ ناصر حكومة شاشو عليها ومسابق على الاستجواب، تقول يلعبون «حي الميد» من يوصل استجوابه قبل مكتب رئيس المجلس. عيل أكو استجواب يقدمونه الساعة 8 الصبح؟!! اشدعوه تحليل سكري!!أبوبراك: أبوحمود احترم نفسك وناقش مثل الناس، الاستجواب حق دستوري ما عليه خلاف، هناك تجاوزات من قبل بعض الوزراء لازم يستجوبونهم.أبوحمود: شفتوا إشلون الحكومة إلعبتها صح تدوير وشوي وزراء جدد وطاحوا الاستجوابات.أبوبراك: إي في هذي صح، بس هذي مثل لعبة الدامة إحطبه توديها جدام وثانية تردها ورا، الصج في قاع «الجدر».أبوحمود: أبوصباح ما قصر سحب فتيل الأزمة عاد لازم الجماعة يهدون ويعطونه فرصة.أبوبراك: شكل التشكيل الجديد مثل ما يقولون «أزمة تلد أخرى» ( قالها بصوت منخفض ).أبوحمود: شنو شتقول إنت إشفيك اتبرطم؟ قول سمعناأبوبراك: لا يا بوحمود شعرة في إلساني عالقة سلامتك أي على قولتك خل المجلس يعطون الحكومة جم شهر وبعدين يحاسبونهم. بس على شنو يحاسبونهم على الأداء أغلبيتهم نعرف أداءهم «سلامات»، على برنامج الحكومة وينه «بيض صعو» نسمع فيه ولا نشوفه.أبوحمود: إنت قط مرة شريت سيارة جديدة، لما تاخذها ما يقول لك إمش فيها شوي شوي لين تطيح الماكينة يا أخي صبروا خلهم يطيحون مكاينهم وبعدين نشوف.أبوبراك: والله يا بوحمود ربعك يبيلهم تجفيت مكاين طايحة مكاينهم من زمان – خلني أروح البيت أبرك من سوالفك إلّي يبيلها ميكانيكي أرمني فاتح كراج في الشويخ.مع السلامة.يوسف الجلاهمة