كارولين بوين

كارولين بوين / الحكومات والأمن الغذائي
يصيب الجوع المزمن نحو 850 مليون شخص في العالم، بينما يتسبب الجوع والفقر معاً بحصد أرواح 250 ألف شخص يومياً. لتذكيرنا بهذه المأساة غير المقبولة، قامت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة بالاحتفال بيوم الغذاء العالمي الشهر الماضي رافعة شعار «حق الحصول على الطعام». لكن، كان يجب على المنظمة التركيز على الحقوق التي تهم «المزارعين الذين لا يملكون أراض وسكان الأحياء الفقيرة في المدينة والأشخاص شديدي الفقر» وإعطاؤهم حق التملّك ونقل الملكية والحق بالمتاجرة بحرية محلياً وعالمياً.النوايا الحسنة ليوم الغذاء العالمي فشلت في تحديد الأسباب الحقيقية للجوع، والمجاعات والفقر. وتساءل المدير العام للمنظمة جاك ديوف «إذا كان عالمنا ينتج طعاماً كافياً لإطعام جميع السكان، فلماذا هناك 854 مليون شخص مازالوا ينامون ومعداتهم فارغة؟» الجواب هو سياسات الحكومات الهدّامة.باسم المزارعين الذين يعيشون حياة الكفاف والجائعين، قامت حكومات كثيرة بالسيطرة على الزراعة فقط لتدميرها وتركها بلا أرباح. هيئات تسويق الغذاء والعوائق التجارية لحماية الإنتاج الوطني والتعرفة الجمركية العالية كلها جعلت المزارعين أشد فقراً وقللت المحاصيل الزراعية وآذت المستهلكين.تمنع هذه العوائق المزارعين من بيع إنتاجهم بربح، وبالتالي تجعل كلاً من المزارع والمستهلك يعانون من الجوع. أثناء أزمات الغذاء والمجاعات، يصبح الضرر الذي تسببه العوائق الاعتباطية على الصحة والحياة واضحاً. أثناء المجاعة التي حدثت في كينيا السنة الماضية، كانت المحاصيل ذات وفرة في الجزء الغربي من البلاد، بينما كان الناس متضورين جوعاً في الشمال. هذا شيء ليس نادر الحدوث، وللأسف سيتكرر إلى أن يُسمح للأسواق بالعمل وأن تتحرر من سياسات الحكومات.كما أن العوائق التجارية تمنع المزارعين من الوصول إلى التكنولوجيا الزراعية، كالمبيدات والسماد والبذور المهجنة التي يمكنها أن تحد من العمل الشاق إلى حد كبير وتحسين المحاصيل الزراعية. ففي الموسم الزراعي الواحد يستغرق المزارعين الموجودين في جنوب الصحراء الكبرى ما بين 60 و120 يوماً لتنظيف الحقل من الأعشاب الضارة.في الحقيقة، لا يوجد مكان يضع تعرفة جمركية لاستيراد المنتجات الزراعية أعلى من تلك التي في جنوب الصحراء الكبرى حيث معدل ارتفاع الأسعار وصل 33.6 في المئة، أي بعيدة عن متناول من هم في أمسّ الحاجة إليها؛ وهم الـ 70 في المئة من الناس الذين يعيشون من إنتاج الأرض.يكلف السماد الأفريقيين ستة أضعاف السعر العالمي. قام رؤساء الدول والحكومات لأكثر من 40 دولة ممن هم أعضاء في الاتحاد الإفريقي بالموافقة على «إجراء فوري لإزالة الضرائب والتعرفات الجمركية عن السماد ومواده الأولية»، وذلك في قمة أبودجا في يونيو 2006. وقد مضى أكثر من عام ومازال لا يوجد هناك أي تقرير يدل على التحسّن، ومازالت العوائق التجارية على كل المنتجات من بين الأعلى في العالم. يصيب الجوع كل قطاعات الحياة من دون غذاء كاف، يصبح الناس غير قادرين على العمل وعلى تربية عائلاتهم وعلى الذهاب إلى المدارس، وأيضاً غير قادرين على مقاومة الأمراض. إن أفضل طريقة للوصول إلى الأمن الغذائي هي التأكيد على حرية الناس وحقهم في تأمين الغذاء لأنفسهم ولعائلاتهم. ويتوجب على الحكومات ليس فقط وقف التدخل بالزراعة ووهم الاكتفاء الذاتي، بل يجب عليها أيضاً أن تدرك أن الإنسان يكون أكثر قدرة ومسؤولية عندما يكون حراً.الحق في التملّك وتبادل الأموال سيشجع المزارعين على استثمار وقت ومال أكثر في أرضهم. وسيزداد عدد المزارعين الذين يستخدمون التكنولوجيا الزراعية إذا كانوا واثقين من أنهم سيحصلون على عوائد من استثمارهم. التملّك الآمن للأرض سيتيح أيضاً للمزارعين أخذ قروض بنكية باستخدام أرضهم كضمان. هذا سيتيح لهم الاستثمار لتحسين عملهم الزراعي، للبدء بمشاريع جديدة أو ببساطة توفير الصحة الجيدة والتعليم والرفاه لعائلاتهم.إن دعم حقوق الملكية وتمكين الناس من العمل في مشاريع من أجل بيع المنتجات والخدمات سيقلل من الجوع بشكل كبير. قد تبدو هذه السياسات غير مرتبطة بموضوع الغذاء، لكنها مرتبطة جداً بحريّات المزارعين لإنتاج الطعام وجني المال. وبالمقابل، فإن التدخل المستمر من الحكومات والوكالات العالمية ترك المزارعين جوعى وغير منتجين، مما يتسبب أيضاً بملايين الجوعى من الناس.منظمة الأغذية والزراعة على حق عندما تقول «إنه على الحكومات خلق بيئات ملائمة وآمنة ومستقرة وحرة ومزدهرة، بحيث يقوم الناس بإطعام أنفسهم بكرامة». لكن، هذا يعني زيادة سيطرة الناس على حياتهم وأرضهم وعملهم من دون سيطرة الحكومات.كارولين بوينباحثة في برنامج البيئة لشبكة السياسة العالمية، وهو مركز أبحاث مقره لندن. هذا المقال برعاية «مصباح الحرية»www.misbahalhurriyya.org

كمال الخرس

كمال علي الخرس / الحقيقة... الضحية الأولى
«الحقيقة هي أول ضحايا الحرب» مقولة منسوبة للسناتور الأميركي هاريم جونسون عام 1918م، وتحكي المقولة ضياع الحقيقة في النزاعات والحروب مع دوي صوت المدافع وهدير الطائرات وأزيز الرصاص.لكن الآن وليس هناك حرب نفسية رئيسية مشتعلة في العالم، أو بالأخص بمنطقة الشرق الأوسط التي عانت الكثير من الحروب في بضع عقود سابقة، إلا ان الحقيقة مغيبة أو مشوشة تلفها غيوم الحروب الباردة التي تعيشها المنطقة.وتعرف الحرب الباردة بأنها حالة من التنافس السياسي والعسكري تستنفر فيه جميع الطاقات الإعلامية والاقتصادية لمواجهة خصم ما دون الوصول إلى حالة الحرب الساخنة والصراع العسكري المسلح. وذلك بالضبط ما تعيشه المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط وما يحيط بهما، فشمال هذه المنطقة وشرقها صراع مرير ومعقد في أفغانستان بين طرف يدعو إلى محاربة ما يطلق عليه باسم الإرهاب ويدعو إلى نشر الديموقراطية، وطرف آخر يرى في قوات الناتو أنها قوات صليبية غازية ومن يتعامل معها من حلفاء محليين ما هم إلا مجموعة من العملاء. وشرقاً في باكستان بلد فقير تغمره السيول والفيضانات بجانب اضطرابات داخلية وتحالفات تمتد إلى الخارج، كل ذلك في بلد نووي يسير بسرعة نحو الانحدار.أما إيران فإن العالم منقسم حولها إلى فريقين، فريق يرى بأن لإيران الحق والمشروعية في امتلاك الطاقة النووية السلمية، وأن لها الحق أيضاً في دعم المقاومة في المناطق العربية المحتلة، وفريق آخر يرى أنها تتدخل في شؤون الدول، ويشكل برنامجها النووي خطراً على السلم العالمي.وقريباً في العراق صراعات داخلية لا تنتهي تكاد تقود البلاد أحياناً نحو المجهول، وفرقاء سياسيون متنازعون، إضافة إلى خليط من أعمال العنف الدموية وتدخلات خارجية مستمرة.وفي لبنان وفلسطين المحتلة، فإن لديهما عنصران متشابهان، فريق عنوانه التهدئة والحوار والتنمية، وفريق يدعو إلى مقاومة إسرائيل ومشروعها التوسعي في المنطقة.في ظل هذه الحروب الباردة والتي تسخن أحياناً، وتهدأ أحياناً أخرى، يجب أن يكون هناك هامش كبير لمحاولة إظهار الحقيقة، والتعامل مع الأحداث من قبل أصحاب القلم بأكبر قدر من الموضوعية والإنصاف، وتحاشي الاستهزاء والاستخفاف بآراء الآخرين وبمصائرهم، فللقلم تأثير على توعية الرأي العام نحو الحقيقة أو حرفه عنها.الآن المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط في مواجهة مع ملفات ساخنة، وتكاد تكون على شفير مواجهات كبيرة تستلزم من أصحاب القلم التحري والتدقيق بجانب قدر كبير من التحليل الدقيق لكي يتم إنارة الطريق أمام القارئ والمتابع ليصل إلى بعض الخيوط التي قد تقوده نحو الحقيقة.كمال علي الخرسكاتب كويتي

كيندرا أوكونسكي

كيندرا أوكونسكي / نحو التكيف مع انبعاثات الغازات وليس الحد منها
قام مسؤولون حكوميون من مختلف أنحاء العالم بالتوافد إلى منتجع جزيرة بالي الإندونيسية بهدف إجراء مفاوضات في شأن التغيرات المناخية. وكان النقاش عن معاهدة جديدة شبيهة بمعاهدة كيوتو، والتي تناولت سياسات الحد من انبعاثات غازات الدفيئة. إلا أن مثل تلك المعاهدة سوف تلحق الضرر بالفقراء وتعرقل تكيفهم مع التغير المناخي، بينما تقوم ببذل عمل قليل في سبيل الحيلولة دون حدوثه.أما علم التغيرات المناخية فسوف يبقى موضع خصام بطريقة حادة بوجود خلافات جوهرية على دور وأثر الجنس البشري في هذا الصدد. ومع ذلك، قامت مجموعات ذات مصالح قوية بإنفاق مئات الملايين من الدولارات في سبيل أن تقنعنا بأن المناخ قد يصبح دافئاً بشكل لا يمكن التحكم فيه، والذي سيكون له آثار مدمرة في حال عدم القيام بأعمال خفض عاجل من انبعاثات غازات الدفيئة. ونتيجة لذلك، تتم ممارسة ضغوط كبيرة على السياسيين للقيام بالعمل اللازم.وللأسف، فإن المنظمة التي تم تأسيسها بغرض تقديم النصح والإرشاد إلى الحكومات عن هذه المسألة، وهي «اللجنة الحكومية المشتركة للتغير المناخي» كانت أيضاً منحازة نحو تفزيع الناس من خلال إثارة المخاوف من غير داع. وكان التقرير الأخير الذي صدر عن هذه اللجنة ذكر بشكل متكرر ادعاءات مثيرة للجدل عن ارتفاع مثير ومفاجئ في مستويات المياه في البحار وعن وقوع متزايد لأحداث مناخية شديدة وحادة. وبمحض مصادفة مأسوية، ضرب إعصار هائل خليج البنغال تماماً في الوقت ذاته الذي بدأ فيه عقد اجتماع فالنسيا، الأمر الذي أضاف أهمية حيوية على كلا الادعاءين، إلا أنه لم يعمل على إضافة أي أهمية عملية تجريبية على أي منهما.ومما هو أسوأ من الانحيازات التي تتم في مجال تقييم العلوم الأساسية، هناك انحياز في التوصيات التي تخص السياسة العامة. فكل تقرير صدر عن اللجنة المذكورة قد استنتج بأنه ينبغي على الإنسان أن يقوم بخفض انبعاثاته من غازات الدفيئة بشكل كبير وعاجل. كما كانت نشرة «ستيرن ريفيو» الدورية، والتي صدرت للحكومة البريطانية، قد توصلت إلى استنتاج مماثل. ومع ذلك، فإن معظم الاقتصاديين كانوا توصلوا إلى أنه في حال فرض أي تقييدات على انبعاثات غازات الدفيئة فيجب أن تكون تلك التقييدات معتدلة، وبأن تكون على الأقل بشكل أولي. أما الجانب الأكبر من هذه المشكلة فيكمن في عدم إقرار نشرة «ستيرن» واللجنة الحكومية بما فيه الكفاية بالدور الذي يمكن ويتوجب أن يلعبه التكيف في تناولهما لمسألة التغير المناخي. فلا يوجد هناك دليل على أن التغيرات الأخيرة التي طرأت على المناخ هي التي تسببت بحدوث وفيات متزايدة ناجمة عن مرض أو جفاف أو كوارث طبيعية. وعلى النقيض من ذلك، فقد قام الإنسان على مدى عقد الأعوام الماضية بتطوير تقنيات تكنولوجية جديدة جعلته قادراً على التأقلم والتكيف ما عمل على تحسين حياة المليارات من الناس. لقد كانت حصيلة الوفيات التي نجمت عن الإعصار الذي حدث أخيراً في خليج البنغال أدنى مرتبة من ناحية الحجم من ذلك الإعصار المماثل الذي حدث في العام 1991، وربما أدنى بمرتبتين من ناحية الحجم من إعصار «بهولا» الذي وقع في العام 1970 وأدى إلى مقتل ما يقارب الـ500.000 نسمة. أما في الإعصار الذي وقع في نوفمبر الماضي، فقد تمكنت غالبية السكان من النجاة من المأساة، وكان السبب في ذلك يعود إلى حد كبير إلى وجود أنظمة إنذار مبكر ووجود بنية تحتية أفضل.ولكن، لا ينبغي علينا أن نكون متفائلين بشكل أكثر من اللازم. ففي جميع أنحاء العالم هناك ملايين الأطفال الذين يموتون كل عام بفعل أمراض تتراوح ما بين مرض الكوليرا ولغاية مرض الملاريا وعدوى الجهاز التنفسي، وهي التي من الممكن أن تتم مكافحتها أو علاجها كلها وبكل سهولة. هؤلاء الناس هم ضحايا حكومات تحول سياساتها دون تكوين الثروات وتمنع الأفراد من الحصول على الكثير من تقنيات التكنولوجيا الأساسية ومن المياه النظيفة والصحة العامة ولغاية الطاقة العصرية والأدوية الحديثة.وبما أن الثروة تزداد ويتم اعتماد واختيار تقنيات تكنولوجية حديثة بشكل أكثر انتشاراً، فإن هذه الأمراض سوف تتناقص بغض النظر عن التغير المناخي. وحسبما قمنا بالإشارة إليه في «تقرير المجتمع المدني عن التغير المناخي»، فإن التكيف والنمو الاقتصادي هما أفضل طريقة للتعامل مع التغير المناخي. إن المحاولة بطريقة مثيرة وفجائية للقيام بخفض انبعاثات غازات الدفيئة سوف تكون على الأرجح عديمة الجدوى، إذ تعمل على تحويل اتجاه الموارد عن تقنيات تكنولوجيا تكيّفية ومعززة للنمو لتتجه نحو تقنيات تكنولوجيا خافضة للكربون. هناك طريقة وهي أفضل بكثير من ذلك في هذا الصدد: أن يتم تناول مسألة التغير المناخي بشكل يتم فيه إزالة الحواجز الحكومية الموضوعة أمام تكوين الثروة وأمام التكيف التكنولوجي. وإذا كان المفاوضون مهتمين بشكل جدي بأمر تجنب خطر التغير المناخي، وبطريقة موفرة للمال وأكثر فعالية، فعليهم من الناحية الأساسية أن يتطلعوا نحو التكيف والتأقلم، وليس نحو الحد من انبعاثات الغازات.كيندرا أوكونسكيمديرة برنامج البيئة التابع لـ«شبكة السياسة الدولية» في لندنوهذا المقال برعاية «مصباح الحرية»،www.misbahalhurriyya.org

لميس ضيف

لميس ضيف / على الوتر / سذاجة أمة...
| لميس ضيف |في مطلع ديوانه الخالد تحدث جلال الدين الرومي ، العلامة وأحد أقطاب الشعر الفارسي، راوياً قصة الناي في إسقاط على الدين والشريعة أثار - آنذاك- حفيظة المتدينين لاسيما أنه شبه الناي بمعبر بين التعاليم من طرف ليخرج للناس نغماً رخيماً من الطرف الآخر... يقول الرومي «بتصرف» :« استمع الى أنين الناي يأخذ في الشكاية ويمضي في الحكاية ويقول: ضج الناس بصوت التياعي. المحب يعتقد أني أتحدث عن عشقه ومحبوبته. والتعيس يعتقد أني أشكو حرمانه ولوعته، والسعيد يراني أغني له وأشاركه فرحه... كل امرئ يظن أني رفيقه وأني أحكي حاله... لكن أحدا لم يبحث بداخلي ولم يسمع حكايتي. انا لا أحكي حكاية السعيد ولا الحزين ولا المحب ولا الوحيد... أنا أحكي قصتي أنا، ولوعتي أنا، قصتي منذ أن اقتلعت من الغابة وقصة حنيني لأشجار الخيزران...الكل يسمع أنيني ولكن لا أحد يسمعني....» انتهىبعد كل تلك القرون مازالنا نرى هذا الوصف مصداقاً لحال ديننا الذي يشبه ذلك الناي المستوحش ، بل وتزيد السنون هذا الوصف صدقاً، فالمثقف المتنور يرى ديننا دين حضارة يملك مقومات التناغم مع العصر ومدنيته... والمتطرف في الكهوف يرى الدين دين تشدد وقوة وسيف... الجميل يرى الدين دين جمال وسماحة ورقي وسلام... والمنزوي في زوايا بيته ومنبره ومسجده يراه دين زهد وامتحان... من يفجر نفسه لشظايا تخطف أرواح الأبرياء يجد في الدين ما يسوغ فعله... ومن ينذر حياته لمحاربة هؤلاء وبسط العدالة والسلام يتكئ على تعاليم الدين وآياته أيضاً ... كلنا يرى الدين كما يراه ويفهمه على هواه، وليس لأحد منا أن يحكم على فهم الآخر وقراءته للدين فكلنا يسمع الناي... كما يريد... في الأسبوع الماضي شهدنا في البحرين مماحكات عدة ، سمعت أن شبيهها وقع في الكويت أيضاً، تختلف التفاصيل ولكن العلة واحدة: أصوات تسوّق لنفسها على أنها ملكت نواصي الدين واحتكرت فهمه... بشر يصرون على أنهم صوت الله في أرضه... وآخرون يعتقدون أنهم ملكوا مفاتيح الجنة وبلورة تكشف ستر الأمس وخبايا الغد...!! اليوم، ما من أمة في العالم تعيش بين صفحات مغبر كتب التاريخ « الملفقة في مجملها» إلا نحن... وما من أمة استخدمت الدين كعصا لوقف عجلتها إلا نحن... في الصين هناك 180 ديناً وآلاف المذاهب والنحل، وفي الهند هناك 4 أديان كبرى وأكثر من 3000 مذهب وطريقة ومعتقد تختلف ركائز دينها وطقوسها وعباداتها ويُرى مثل ذلك في دول الغرب والشرق دون أن يكون هذا الاختلاف أداة فرقة وتشرذم... أما نحن كمسلمين فعجزنا، ونحن المنضوون تحت مظلة دين واحد ينبذ النبذ ويدعو للتسامح، عن تجاوز خلافات لا وزن لها في دين عظيم كديننا، ولكن وكما يقول طاغور:( المرعى أخضر، ولكن العنز مريضة )

لي بينغ

لي بينغ / الوثيقة الصينية رقم 1
أجاب مينسيوس، وهو فيلسوف صيني قديم، عندما سُئل عن كيفية إدارة بلد من البلدان، فقال: «إن الممتلكات المضمونة في اليد تؤدي إلى السلام الذهني».حكومة الصين المركزية، وهي تواجه المهمة الهائلة المتمثلة في بناء مجتمع متجانس وتنمية وطنٍ بطريقة متوازنة، أصدرت الوثيقة المركزية رقم 1، وهي أول توجيه سياسي رئيسي تصدره هذا العام. الوثيقة غير مسبوقة من ناحية اهتمامها بالحقوق المتعلقة بالأرض وحجم التفصيلات التي توليها للتوجيهات المحددة في ما يتعلق بحماية حقوق الأراضي لـ700 مليون من سكان الريف الصيني.هذه الوثيقة هي استجابة بكين القوية حتى الآن للحقيقة المقلقة المتمثلة في أن المزارعين الأفراد وحقوقهم في ملكية الأرض مازالت غير مأمونة، رغم مضي ربع قرنٍ على تفكك المزارع الجماعية، الأمر الذي أدى إلى تثبيط الاستثمارات الضرورية في تحسين الأراضي، وكذلك إلى المصادرات العشوائية والتطويرات المدنية غير المسؤولة التي تتم بحق تلك الأراضي.إن معظم الثروة الهائلة التي خلقتها الإصلاحات في الصين على امتداد العقود الثلاثة الماضية لم تشمل فائدتها الريف الصيني. كما أن عدم الأمان الذي يشعر به المزارعون بالنسبة إلى حقوقهم في الأراضي يؤخر التنمية الزراعية ويؤثر تأثيراً كبيراً على راحة بال المزارعين. ففي الشهور التسعة الأولى من عام 2006، وقعت 17000 حالة من حالات «الاحتجاجات الريفية الجماعية» (وكثيراً ما كانت تتسم بالعنف) وفق ما ذكرت المصادر الرسمية، وتناولت نحو أربعمئة ألف مزارع. وباتساع الفجوة بين التطوير الحضري والريفي، فإن أكثر من 200 مليون مزارع قد هاجروا إلى المدن، خصوصاً إلى المناطق الساحلية المتطورة، باحثين عن حياة أفضل. وهناك أيضاً أشكال أخرى من هذا «الزلزال» ناتجة عن النمو المتفاقم لجموع كبيرة من «السكان العائمين»، كما تبين أخيراً في ذلك الجمع المسموم بين الكوارث الطبيعية وشلل وسائل النقل.في معظم الحالات، فإن الحكومة المركزية ليست ملومة عن شعور المزارعين بفقدان الطمأنينة وتراجع القطاع الزراعي، فقد تم في الماضي إصدار سلسلة من التشريعات على المستوى الوطني لتقوية حقوق المزارعين في ملكية أراضيهم منذ عقد التسعينات من القرن الماضي. المشكلة تعود إلى التطبيقات على المستويات المحلية ذلك أن حقوق المزارعين في الأراضي تتم «إعادة تحويلها» بصورة غير قانونية على أسس من تغير مواطن ساكنيها، وتُعطى إلى «مُطوّرين من الخارج»، أو تُؤخذ من الكوادر الرسمية وتباع بأرباح فاحشة إلى المستفيدين منها من خارج القطاع الزراعي. ولسوء حظ مضاعف، فإن الحكومات المحلية تمارس سلطات تكاد تكون غير مقيّدة لمصادرة الأراضي الزراعية لصالح التطوير الحضري مع دفع تعويضات شحيحة جداً وغير كافية لملاكها من المزارعين.آخذين في الاعتبار هذه الخلفية، فإن معظم الثروات الطائلة التي حققتها إصلاحات الصين على امتداد العقود الثلاثة الماضية لم ينتقل أثرها إلى الريف. وقد تبين أن نسبة مداخيل المدن والريف وفق الأرقام الرسمية قد ساءت بحيث أصبحت 1:3.28، حتى دون أن نأخذ في الاعتبار المزايا الاجتماعية العديدة المتوافرة لسكان المدن. فمن دون حقوق ملكية مضمونة يمكنها تشجيع المزارعين على القيام باستثمارات طويلة المدى ترفع من الإنتاجية في الأرض، سوف يختار العديد منهم العمل في المدن. لا يحتاج المرء لأن ينظر بعيداً لكي يجد أمثلة معاكسة: بعد اليابان، أتمت كوريا الجنوبية وتايوان إصلاحات الأراضي في فترة ما بعد الحرب، وأكدتا على حقوق المزارعين في أراضيهم. ونتيجة لذلك فقد تقدمت اقتصاديات الريف تقدماً هائلاً، الأمر الذي أنتج ريفاً يتمتع بالثراء، والذي تمكن في المساعدة من الحد من الهجرات الجماعية إلى المدن، بحيث امتدت تلك الهجرات على امتداد جيلين أو أكثر.الوثيقة المركزية لعام 2008 ترسل الآن إشارة قوية بوجوب التغيير، مؤكدة حقوق المزارعين في أراضيهم بطريقة شاملة وجذرية على غير المعتاد. ومن أبرز ما جاء في تلك الوثيقة أن على الحكومات المحلية تطبيق الأنظمة تطبيقاً دقيقاً بحيث يُمنع إعادة التحويل وسلب حقوق المزارعين في أراضيهم وبيعها لشركات التطوير غير القروية. ولن تتم الموافقة على أي اقتطاعات للأراضي من قبل الحكومات المحلية ما لم، وإلى أن، يؤخذ في الاعتبار جميع إجراءات الحماية الضرورية، وما لم يعتبر التعويض كافياً وأن يُسلَّم بالكامل إلى أيدي المزارعين المتأثرين، وإيجاد شبكة أمان اجتماعي. وللمرة الأولى، فإن الوثيقة المركزية تدعو إلى إقامة نظام تسجيل لحقوق الأراضي الريفية، والذي يعطي ضماناً إضافياً وآمناً للمزارعين.إن تطبيق هذه السياسات سوف تقابل بمقاومة محلية شديدة، وسوف يتطلب تطبيقها التصميم والتفكير الخلاّق لعمل ذلك. يجب أن تترتب على تقصير الموظفين المحليين نتائج جدية، بما في ذلك العزل من المراكز الرسمية وفرض الغرامات، وحتى تعريضهم إلى تبعات قانونية مدنية، أو حتى جنائية.ويجب كذلك إيجاد رقابة مستقلة وشاملة في شأن التقدم على المستوى المحلي، مع أنه ليس من العملي تواجد فرق تفتيش في كل مكان. خيار آخر هو خلق قنوات مثل الخطوط الساخنة، والتي يستطيع المزارعون بواسطتها الإبلاغ عن أي مخالفات قد تحدث بالنسبة إلى حقوقهم. ويجب تشجيع وسائل الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني على المستوى الشعبي بمراقبة الأوضاع وتقديم تقاريرهم بحرية.وأخيراً، وعلى المدى المتوسط، يتوجب إقامة نظام قضائي يكون مستقلاً استقلالاً كافياً وقريباً من الحدث، جنباً إلى جنب مع تقديم خدمات نصح قانونية إلى المزارعين. الاستنتاج الواضح من هذه الوثيقة المهمة أن بكين تعني بشكل قاطع أن تكون جادة في تأمين حقوق المزارعين في أراضيهم، فهل سيتبع ذلك تنمية شعبية و«سلام ذهني»؟ لي بينغخبير قانوني في معهد التنمية الريفية في بكين، وهذا المقال برعاية «مصباح الحرية»، www.misbahalhurriyya.org 

لينا اسبرسن

لينا اسبرسن / معاً... يجب علينا محاربة القرصنة
| لينا اسبرسن * |القرصنة هي خرق لأبسط المبادئ الأساسية للحضارة الحديثة، خصوصا في المناطق الأكثر تضررا قبالة القرن الأفريقي، وضد البحارة - سواء كانوا على متن سفينة تجارية أو حتى اليخوت، وهكذا لا يمكن أن تكون آمنة في عرض البحر.والقرصنة، أبقت اليوم أكثر من 600 من البحارة كرهائن بواسطة القراصنة الصومالية. إنهم جميعا ضحايا أبرياء للخاطفين عديمي الضمير، خصوصا الذين يعملون في البحر قبالة منطقة القرن الأفريقي والمحيط الهندي... أسرهم يخشون أنهم لن يروا أحباءهم مرة أخرى.«القرصنة» غير مقبولة، ليس فقط من قبل جميع الأجهزة الأمنية والإنسانية والمعايير القانونية، وعلى رأس هذا أيضا تأتي الآثار الاقتصادية على التجارة العالمية وحركة المرور. على الرغم من أنه من الصعب حساب تقدير التكلفة الإجمالية للقرصنة، فإن الخبراء يقدرونها بما يقرب من 16 مليار دولار أميركي في العام 2010.ومن العام 2007 إلى العام 2010، تعرضت السفن المصرية والعربية لعدد من الهجمات وعمليات الاختطاف من قبل القراصنة في عرض البحر، وهو ما يشير الى أن القرصنة باتت أيضا نموا وتحديا خطيرا لأمن وتجارة الأسطول التجاري المصري والعربي.وبينما يدور حوار متنامٍ حول عدد متزايد من هجمات القراصنة في المنطقة الواقعة قبالة منطقة القرن الأفريقي والمحيط الهندي، فإن هذا يستلزم جهدا عالميا منسقا لمحاربته، لأنه لا يمكن لأي بلد بمفرده تحمل العبء، ولدينا جميعا مسؤولية. وبصفتي وزيرة خارجية الدنمارك... أشجع جميع الحكومات والأحزاب إلى المشاركة في الحملة العالمية لمكافحة القرصنة.وتشارك اليوم مجموعة واسعة من مختلف بلدان العالم، فضلا عن المنظمات المتعددة الأطراف والإقليمية في التعامل مع التحديات، وعلى سبيل المثال الأمم المتحدة وحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي والمنظمة البحرية الدولية.ومع ذلك... دعنا نكون صادقين، وأن نقول إنه لايزال هناك مجال للتحسين في جهودنا المشتركة. وينبغي القيام بالمزيد، وأن هذا يحتاج إلى أن يتم ذلك من خلال تحركات شاملة ومنسقة دولية.الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون، قال ببلاغة، إن «القرصنة ليست مرضا تنقله المياه. بل هي عرض من أعراض الظروف على الأرض». أوافق على أن الحلول على المدى الطويل يجب أن تكون موجودة في الصومال نفسها بعد عقدين من الصراع.والدنمارك مؤيد قوي لحلول طويلة الأجل... تستند إلى أرض الواقع في الصومال.وفي وقت سابق من هذا العام، أعدت حكومة بلادي طموحا واسعا يستند إلى حزمة دعم الصومال الذي يشمل مجموعة واسعة من القضايا بما في ذلك المبادرات الديبلوماسية، والأمن، والحكم، والنمو والتوظيف، فضلا عن تحسين مستوى معيشة الناس.جنبا إلى جنب مع شركائنا، الدنمارك تلعب دورا قياديا في العمل الدولي لمكافحة القرصنة، وقدمت الحكومة الدنماركية أخيرا استراتيجية شاملة للدنمارك، وتشمل السياسية والعسكرية والقانونية وتدابير بناء القدرات... في الاتجاه «قصير الأجل»، فضلا عن أنه في الأجل الأطول لابد أن يكون هناك حل مجدٍ يتطلب آليات أقوى للمقاضاة وحبس القراصنة.والدنمارك ترأس فريق العمل الدولي في إطار مجموعة الاتصال حول القرصنة قبالة سواحل الصومال، والتعامل مع هذه القضايا القانونية الحاسمة، والمجموعة التي تتكون من ممثلين من أكثر من 55 بلدا ومنظمة اجتمعت للمرة الثامنة في كوبنهاغن 20-21 يونيو 2011.وحتى الآن لم يتم التوصل إلى نتائج جيدة في المجال القانوني، وقد ساهم فريق العمل إلى حد كبير في تيسير التعاون بين الدول بشأن الجوانب القانونية للقرصنة. ويشمل هذا التعاون المشترك بين أمور المعايير القانونية في مجالات عدة مرتبطة الجهود العسكرية وملاحقة القراصنة المشتبه بهم.وإنني أتطلع إلى مواصلة الحوار، لاستكمال الجهود القانونية، وألزمت الدنمارك نفسها على مواصلة مساهمتها في عمليات الناتو البحرية في البحر قبالة منطقة القرن الافريقي والمحيط الهندي. إسهامنا يتضمن سفينة الدعم، اضافة إلى ذلك، ستنشر الدنمارك طائرات للدوريات البحرية من أجل دعم عملية بحرية بشكل دوري.في الأجل الأطول، نرى حلا مجديا يتطلب إنشاء أقوى القدرات محليا، ونحتاج لبناء خفر السواحل في المنطقة، فضلا عن الشرطة، وهذه هي أيضا عناصر في استراتيجية الدنمارك، وسيتم تمويله من قبل الصندوق لتحقيق الاستقرار.مكافحة القرصنة هي مهمة معقدة، نحن بحاجة إلى استخدام كل الأدوات، ونحن بحاجة إلى مشاركة العديد من الدول والأحزاب في مختلف أنحاء العالم. وإنني أتطلع إلى مواصلة التعاون بين مصر والعرب وبلدي، الدنمارك.* وزيرة خارجية الدنماركالمقال خاص بـ «الراي»

ليون هادار

ليون هادار / نحو دور آخر للاتحاد الأوروبي في الشرق الأوسط
قامت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بإرسال إشارة للدلالة على أنهما يريدان من حكومتيهما، وكذلك من الاتحاد الأوروبي، اتباع سياسة أكثر نشاطا في الشرق الأوسط. وبشكل لا يماثل سلفيهما جيرهارد شرودر وجاك شيراك، فهما يصران على العمل مع واشنطن عند التعامل مع التحديات في منطقة شرق البحر المتوسط، بما في ذلك النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي والخليج العربي، وأنهما يؤكدان على التزامهما بأمن إسرائيل.وفي وقت قريب سوف تتاح الفرصة أمام ميركل وساركوزي وزملائهما في الاتحاد الأوروبي لكي يجيدا العمل بدلا من إجادة التحدث حول الشرق الأوسط. كما سيشكل انتخاب رئيس أميركي جديد فرصة للبدء في رسم خطوط رئيسية لاستراتيجية ما بعد حرب العراق.وبدلا من «اللا استراتيجية عبر الأطلسي» المتبعة من قبل الرئيس الأميركي جورج دبليو. بوش وايديولوجياته الفكرية، النابعة من المحافظين الجدد والتي تستند إلى مفهوم أن الأميركيين هم الذين يتولون قيادة عربة الشرق الأوسط، بينما يقومون بمطالبة الألمان والفرنسيين والبريطانيين بتغيير زيت تلك العربة وبفحص دواليبها، فسوف يكون شاغل البيت الأبيض الجديد في حاجة إلى دعوة الأوروبيين للبدء فعلا للمشاركة في توجيه سياسة أوروبية أميركية في الشرق الأوسط.ومن جانبهم، سيكون على الأوروبيين أن يقوموا بالاعتراف بأن المرء عندما يفوز بالمزيد من السيطرة على سياسة معينة، فإنه أيضا سوف يكون بحاجة إلى تقاسم المزيد من المسؤوليات في مجال تنفيذها. وضمن هذا السياق الخاص بالشرق الأوسط، لن يكون الاتحاد الأوروبي قادرا على مواصلة سياسة الركوب المجاني والتكسب على ظهر السياسة الأميركية في المنطقة: أي الانتفاع من الدور الأميركي السياسي - العسكري هناك، بينما ينأون بأنفسهم عن نواحي السياسة الأميركية التي تسير بشكل معاكس لمصالحهم.وحتى ميركل وساركوزي، وعلى الرغم من كلامهما المنمق حول التعاون مع واشنطن في الشرق الأوسط، فإنهما قد اخفقا في تبني سياسة مترابطة، والتي تتطلب أيضا القيام باستثمار أوروبي يتم قياسه بالمال وحتى بالمعايير العسكرية، بالنسبة لإدارة العراق أو حل النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي. وفي الحقيقة، فإن الزعيمين، من خلال رفضهما عضوية تركيا ذات السمة والثقافة الغربية للدخول في الاتحاد الأوروبي، فقد قاما بإضعاف النفوذ الأوروبي - الأميركي في الشرق الأوسط.وبتجنيب المشاكل المعقدة في الخليج العربي، بما في ذلك العراق وإيران، التي يتوجب أن تحتل مكانا مركزيا في أي استراتيجية تتم إعادة تنشيطها في الشرق الأوسط.ميركل وساركوزي يمكنهما أن يحاولا السعي إلى استهلال ديبلوماسي خلاق في منطقة شرق البحر المتوسط وذلك، على وجه أكثر خصوصية، بفعل إعادة إحياء «عملية السلام» المحتضرة في الأراضي المقدسة من خلال الإعلان عن استعدادهما لرعاية مفاوضات بين إسرائيل ودولة فلسطينية مستقلة قد تؤدي إلى ارتقاء تدريجي لإسرائيل وفلسطين لدخول الاتحاد الأوروبي.وبينما ينظر كل من الإسرائيليين والفلسطينيين إلى واشنطن باعتبارها مركزا بالنسبة لأي حل للنزاع بينهما، فقد بقي الاتحاد الأوروبي مهمشا في هذه العملية. فالاتحاد الأوروبي يُعتبر المانح الأكبر للمساعدات بالنسبة للسلطة الفلسطينية والشريك التجاري الأكثر أهمية لإسرائيل. ومع ذلك، فقد اخفق في ترجمة ذلك النفوذ الاقتصادي إلى تأثير ديبلوماسي.إن إرسال إشارة إلى الإسرائيليين والفلسطينيين، تدل على أن الحل السلمي للنزاع بينهما قد يكون بمثابة بطاقة للدخول في الاتحاد الأوروبي، سوف يكون اكثر من مجرد إغرائهما بالمكافآت الاقتصادية. وأن الاشتراط على إسرائيل الموافقة على الانسحاب من الأراضي المحتلة وتفكيك المستوطنات اليهودية الموجودة هناك لكي يتم دخولها في الاتحاد الأوروبي سوف يعمل على تقوية أيدي أولئك الإسرائيليين الذين يتصورون أن تكون دولتهم ليست عبارة عن غيتو «حي يهودي» مجهز عسكريا وإنما مجتمع ليبرالي غربي السمة والثقافة. وفي الوقت نفسه، سوف يكون الشعب الفلسطيني مجبرا على الاختيار بين الأجندة المتطرفة التي تروج لها «حركة حماس» وبين برنامج مجهز للإصلاح والذي تتم متابعته من قبل قيادة فلسطينية جديدة تعمل مع الاتحاد الأوروبي كجزء من المفاوضات حول ذلك الارتقاء. وسوف يقوم ذلك البرنامج بإعادة بناء الاقتصاد في الضفة الغربية وغزة من خلال الاستثمار وخلق شراكات تجارية فلسطينية - إسرائيلية - أوروبية. ووفق الطريق نفسها التي تم بها تأسيس «منظمة النافتا» (اتفاقية التجارة الحرة لشمال أميركا) عبر الضغط لإجراء الإصلاحات في المكسيك، فإن نشوء وتطور التجارة والروابط المؤسسية بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، وفي النهاية مع الأردن وسورية ولبنان، قد يضع الأساسات للتحرك نحو السلام والتغير الاقتصادي والسياسي لكامل منطقة شرق البحر المتوسط، وهو إقليم له روابط تاريخية وجغرافية وديموغرافية وثيقة مع أوروبا.قد يقوم النقاد بوصف مثل ذلك العرض الخاص، لإدخال إسرائيل وفلسطين إلى الاتحاد الأوروبي، أنه عبارة عن مجازفة ديبلوماسية، وأنه لا يوجد هناك مجال للشك بأن ذلك الهدف سوف يستغرق الكثير من الأعوام لكي يتم تحقيقه. ولكن، بفعل تبني مثل تلك الاستراتيجية المتمثلة بالمشاركة البناءة طويلة الأجل في الشرق الأوسط، يمكن للاتحاد الأوروبي أن يحاول، من خلال استخدام المصادر الديبلوماسية والاقتصادية، تحقيق ذلك النوع من الأهداف بدلا من الطريقة الأميركية في استخدام القوة العسكرية. ليون هادارمحلل سياسي لدى معهد كيتو ومؤلف كتاب «عاصفة الصحراءإخفاق سياسة في الشرق الأوسط».وهذا المقال برعاية «مصباح الحرية» www.misbahalhurriyya.org

مأمون كيوان

مأمون كيوان / الملف الضائع لمسلمي الصين
اندلعت أخيرا في إقليم سينكيانج ـ تركستان الشرقية، أو المستعمرة الجديدة باللغة الصينية، تظاهرات دامية حصدت مئات القتلى والجرحى من أقلية الإيغور المسلمة، وأجبرت الرئيس الصيني هو جينتاو على قطع مشاركته في أعمال «قمة الثماني» والعودة إلى الصين. ويعتقد البعض أن اندلاع الاشتباكات في سينكيانج يعود للشكاوى الاقتصادية والثقافية والدينية المستمرة منذ فترة طويلة، وهي شكاوى تراكمت على مدى عقود من الحكم الصارم، لتتحول إلى أعمال عنف غير مسبوقة.وتتهم الصين جماعات الإيغور الانفصالية بالإرهاب، وبأنهم على صلة بتنظيم «القاعدة»، إضافة إلى اتهامهم بشن سلسلة من الهجمات الإرهابية على مدنيين صينيين منذ التسعينات.واتهمت السلطات الصينية زعيمة الإيغور، ربيعة قدير، المقيمة في منفاها في الولايات المتحدة، بالتحريض على أعمال الشغب من خلال الاتصالات الهاتفية «والدعاية» عبر مواقع الانترنت.وفي مؤشر على مخاوف الحكومة بشأن الاضطرابات، نزل زعيم الحزب الشيوعي في المدينة لي جي إلى الشوارع لمناشدة المحتجين كي يعودوا إلى منازلهم. وتعهد لي جي خلال مؤتمر صحافي بإنزال أقصى العقوبات بالمسؤولين عن أعمال الشغب الأكثر دموية في الصين منذ قيام الصين الجديدة العام 1949، لكن الإيغور المقيمين في المنفى، اتهموا في المقابل قوات الأمن الصينية بالقيام برد فعل مبالغ به أثناء تفريق تظاهرات سلمية قام بها آلاف الأشخاص، معتبرين أن الشرطة أطلقت النار على المتظاهرين عشوائياً. وقد حصل الإقليم على الحكم الذاتي عام 1955، ويقع وسط آسيا؛ وتبلغ مساحته: 1.6 مليون كيلومتر مربع، أي يمثل حوالي 17 في المئة من مساحة الصين الحالية. ويبلغ عدد سكانه حوالي 20 مليون نسمة، ويشكل المسلمون الإيغور 9 ملايين نسمة، بينما يبلغ عدد الصينيين المهجرين إلى هذا الإقليم قرابة 7 ملايين نسمة. ويشترك الإيغور الذين يتكلمون باللغة التركية، في صلات ثقافية مع آسيا الوسطى، رافضين الوجود والسيطرة الاقتصادية المتزايدة لإثنية الهان الصينية، فضلاً عن الرقابة التي تفرضها الحكومة على الدين والثقافة.ويعيش غالبية المسلمين من الإيغور تحت خط الفقر؛ حيث يبلغ الدخل السنوي للفرد بما يعادل 50 دولاراً أميركياً، ويرجع ذلك لاحتراف غالبيتهم للزراعة والرعي وصيد الأسماك وعزوفهم عن التعليم. ويقول التاريخ ان علاقة الإسلام بالصين قديمة بدأت منذ عهد الخليفة عثمان بن عفان في عام 29 هجرية عندما أرسل وفداً برئاسة سعد بن أبي وقاص إلى إمبراطور الصين يدعوه إلى الإسلام. وقد قامت عدة ثورات قام بها المسلمون ضد الحكم الصيني في القرون الثامن عشر والتاسع عشر والعشرين وقد تم قمعها جميعاً. ولما كان تقدير ماو أن يجعل من مقاطعة شنشى المسلمة مقراً لقيادته في مقاومة الاحتلال الياباني، فقد بات طبيعياً أن تشغله مطالب هؤلاء المسلمين ويحدد موقفه منها. خصوصاً أن هذه المطالب كانت أحد أسباب الصدام مع رجال الكومنتانغ. وعلى ذلك فقد أعلنت الثورة موقفها بوضوح ووعدت المسلمين بوعود محددة هي: إقامة حكومة إسلامية مستقلة ذاتياً، إلغاء كل الضرائب، إلغاء الديون والفوائد القديمة، إلغاء التجنيد الإجباري في جيوش أمراء الإقطاع، حماية حرية العقيدة الدينية للجميع، حماية الثقافة والتراث الإسلامي. ونستطيع أن نرصد معالم محددة للواقع الذي أصبح عليه المسلمون، بينما العهد الجديد يبدأ خطواته الأولى في عام 1949، على الوجه التالي: كان هناك موقف قانوني استقر منذ إعلان الجمهورية، يعترف بكيان المسلمين، ويعطيهم الحق في التمثيل البرلماني. وكانت هناك بوادر نهضة تمثلت في انتشار الجمعيات والمعاهد والمدارس الإسلامية، وهو ما كان مصحوباً بعدد من الصحف التي تعكس هذه النشاطات وتعبر عنها. وكانت هناك محاولة لإعادة الاتصال بالعالمين العربي والإسلامي، عبر قناتين محددتين: الحج، وتبادل الزيارات الودية. يضاف إلى هذه العناصر ذلك التعاطف النسبي الذي كان يبديه قادة الثورة تجاه المسلمين، تقديراً منهم لذلك الرصيد المتميز الذي تمتعوا به، ووقفتهم الدائمة إلى جوار، بل وفي طليعة، المناضلين ضد الظلم الإمبراطوري، ثم وقوفهم في صف القوى الوطنية بعد إعلان النظام الجمهوري، ثم، أخيراً، رفضهم الانحياز إلى شيانج شيك أثناء صراعه مع الرئيس ماو. ورغم أن الدستور الصيني يشدد على المساواة بين كل القوميات. ومنع التعصب ضد أو اضطهاد أي قومية، وحظر كل الأعمال التي تخرب التضامن بين القوميات وتقسمها. فضلاً عن التأكيد على أن للمواطن حرية الكلام والنشر والتجمع وتكوين التنظيمات والقيام بالمسيرات والمظاهرات وحرية الاعتقاد الديني، إلا أنه ومنذ بداية التسعينات وامتداداً لما قبلها يتعرض مسلمو شعب الإيجور لهجمة قمعية صينية شرسة؛ وذلك حقداً وحنقاً على هذا الشعب المسلم، والذي يشكِّل الإسلام مركزاً أساسيًّاً في ثقافته، وتتجه الحكومة الصينية إلى طمس جميع الرموز الإسلامية، فالمدارس الإسلامية والمساجد إما مغلقة أو خاضعة لقيود صارمة. وتم منع التلاميذ في المدارس والجامعات من تأدية الصلاة، ومن صيام رمضان، بل وصل الأمر إلى منعهم من حمل المصاحف أو امتلاكها.ولا يتوقف الاضطهاد عند هذا الحد فقط من انتهاك حقوق الإنسان، والتمييز في التوظيف، وسياسة الإفقار المطبقة ضد مسلمي تركستان، كذلك قام النظام الصيني بتأسيس برنامج على درجة عالية من التمييز والعنصرية، يهدف إلى تغيير التوزيع السكاني بإقليم سينكيانج، فالسلطات الصينية تقوم ببيع الفتيات المسلمات إلى الفلاحين الصينيين الذين يقومون بتهريبهن إلى داخل الصين. وقامت أيضاً ببذل كل جهدها لتطبيق نظام «طفل واحد لكل أسرة» على الإيغور، بينما لم تطبقه على بقية الأعراق التي تعيش في الإقليم نفسه، وتتبع السلطات الصينية أبشع الطرق لتنفيذ تلك السياسة. وهناك ممارسات أكثر جوراً؛ حيث مُنع رفع الأذان من مكبرات الصوت بدعوى أنها تزعج هؤلاء الصينيين الدخلاء، وترويج الزواج المختلط لزواج الصينيين والصينيات البوذيات من المسلمين تحت ضغوط اقتصادية وإغراءات مادية.إضافة إلى ذلك تجريم وحظر منظمات المقاومة والتحرر في تركستان، وزد على هذا ما قامت به الحكومة الصينية من إجراء 42 تجربة نووية في أراضي المسلمين، وذلك حتى عام 1996، وقد أدى إجراء هذه التجارب إلى تزايد انتشار أمراض السرطان، والإجهاض، وتشوه المواليد، ومع السلطات حاولت إخفاء ذلك وتبرير ما نتج عنها، إلا أن بعض المنظمات الدولية أكدت نتائجها المدمرة على السكان والبيئة، وقد أثيرت تلك القضية في «مؤتمر المرأة العالمي» في بكين عام 1995، وأكدوا أن هناك ارتفاعاً في نسبة الوفيات يصل إلى 40 في المئة في مناطق قيرغيزستان الشرقية على حدودها المتاخمة مع مقاطعة سينكيانج (تركستان الشرقية) في الصين، وذلك في أواخر شهر مايو 1994 على إثر تجربة نووية في تركستان الشرقية.وكان لهجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 على الولايات المتحدة تأثير كبير على معاملة مسلمي الإيغور؛ حيث استغلت الصين هذا الحدث ذريعة لتزعم أن من يقومون بنشر رسائل دينية أو ثقافية مسالمة هم «إرهابيون» غيروا من أساليبهم المنهجية، وعليه فإن المسلمين الناشطين في المجالات الدينية السلمية يتعرضون للاعتقال والتعذيب والإعدام أحياناً.ولعل تلك الممارسات الجائرة التي تقوم بها الحكومة الصينية ما هي إلا استراتيجية تريد بها اقتلاع حلم دولة مستقلة لمسلميها؛ حيث إنها تخشى من تفكك أقاليمها التي تعج بالمشكلات العرقية.إجمالاً، يبدو أن تظاهرات الإيغوريين الدامية تحرج الحكومة الصينية على الصعيد الدولي، وتعيد فتح ملف حقوق الإنسان في الصين. وقد تشكل «عقب أخيل» التنين الصيني الذي أخفقت سياساته في معالجة مسألة الأقليات التي لم تخضع لمبادئ حقوق الإنسان من حرية معتقد وحرية تعبير بل تم التعامل معها على قاعدة مخاوف وأوهام. مأمون كيوانباحث سوري. والمقال بالتعاون مع مشروع «منبر الحرية»www.minbaralhurriyya.org.

ماريان توبي

ماريان توبي / مصر: في ضرورة اقتران الحرية السياسية بالحرية الاقتصادية
| ماريان توبي |إن اندلاع أعمال العنف الأخيرة في مصر يشي بأن عطلا قد أصاب الانتقال من الدكتاتورية إلى الديموقراطية في هذا البلد. إن عملية التحول الديموقراطي في العالم العربي، الذي بدأ مع تضحية بائع متجول تونسي بنفسه (محمد البوعزيزي) منذ أكثر من سنة بقليل، سيستمر على الأرجح، ولكن تجربة البلدان الشيوعية سابقا تبين أن النمو الاقتصادي وتنمية الفرص الاقتصادية لا تقل أهمية عن الحرية السياسية. لم يكن احتجاج محمد البوعزيزي احتجاجا على حرمانه من حق التصويت، ولكن على حرمانه من الحق في كسب قوته بعيدا عن تضييق الدولة.إن ما يجري في البلدان العربية من أحداث غير عادية- من سقوط حسني مبارك في مصر ومعمر القذافي في ليبيا إلى الانتفاضات المدنية في سورية واليمن- قد ينسينا أن الربيع العربي ابتدأ بانتحار بائع تونسي متجول عانى الاضطهاد والإذلال من قبل مسؤولين في الشرطة. شأن ملايين الشباب العرب رجالا ونساء، لم يتمكن الشاب ذو الأعوام الستة والعشرين من الحصول على وظيفة رسمية، فأخذ يبيع السلع في الشارع، فوقع فريسة الشرطة الفاسدة والبيروقراطيين الذين يشتطون في استخدام سلطاتهم، هؤلاء صادروا بضاعته غير ما مرة؛ فلما عدم وسيلة لإعالة أسرته، وأسقط في يده أضرم محمد البوعزيزي النار في نفسه أمام مكتب الحاكم. يقال إن كلماته الأخيرة كانت: «كيف تريدونني أن أكسب قوتي؟».كانت الانتخابات البرلمانية المصرية نتيجة مباشرة للاحتجاجات التي اندلعت في جميع أنحاء العالم العربي بعد وفاة محمد البوعزيزي. لكن استعادة الشعب المصري لكرامته يحتاج إلى أكثر من السماح له بالتصويت؛ والتاريخ يبين أن الحرية في استغلال الفرص الاقتصادية التي يتيحها اقتصاد مفتوح في ريعان نموه تتمتع بنفس القدر من الأهمية.بعد سقوط جدار برلين، مثلا، مضت الدول الشيوعية سابقا، بخطا متفاوتة، في طريق الحرية الاقتصادية. وكان تحرير الاقتصاد في أوروبا الوسطى ودول البلطيق أميل إلى أن يكون أسرع وأعمق مقارنة بباقي الكتلة السوفياتية السابقة. لقد تلقى «دعاة الإصلاح السريع» مزيدا من الاستثمارات الأجنبية، واستطاعوا تحقيق مزيد من النمو وخفض معدل التضخم ومعدلات الفقر وتوزيع الدخل بشكل أكثر مساواة.إن «دعاة الإصلاح السريع» قد أنشأوا مؤسسات ديموقراطية في الأساس. لقد أصبحت كل دولة من دولهم، في الواقع، ديموقراطية ليبرالية. ومع ذلك، فإن بعض البلدان التي لم تشهد إلا تحريرا اقتصاديا جزئيا، مثل أوكرانيا وروسيا، قد فشلت في التطور إلى ديموقراطيات كاملة. لقد وقع اتخاذ القرار في هذه البلدان في «قبضة» أوليغارشية غنية.إن المجلس العسكري الذي حكم مصر منذ سقوط مبارك حتى الآن لا أرسى استقرارا سياسيا ولا وفّر إصلاحا اقتصاديا. إن مصر حسب تقرير البنك الدولي حول مناخ الأعمال، قد تراجعت من المرتبة 94 في العام 2010 إلى المرتبة 110 في العام 2011. وانخفض النمو من 5.1 في المئة الى 1 في المئة. وارتفع معدل البطالة الإجمالي من 9 في المئة إلى ما يقرب من 12 في المئة، بينما لا يزال معدل البطالة بين الشباب 24 في المئة. مع دين قومي يقارب 80 في المئة وعجز في الموازنة من 11 في المئة من الناتج المحلي الخام، إن المجلس العسكري يخسر المزيد من الوقت ومن هامش المناورة.ليس ثمة، لسوء الحظ، ما يشير إلى أن الفائزين في الانتخابات التشريعية الأخيرة (الإسلاميين المعتدلين من جماعة الإخوان المسلمين وسلفية حزب النور، الذين حصدوا حوالي ثلثي الأصوات والذين سوف يكتبون الدستور المصري الجديد) يقدّرون خطورة الوضع الاقتصادي في مصر أو يفهمون أهمية التحرر الاقتصادي للحفاظ على معدلات نمو مرتفعة. ويبدو أن التحرير الاقتصادي ينظر إليه بشيء من الريبة، لأن أولى الإصلاحات التي شهدها الاقتصاد المصري تمت من خلال الرئيس مبارك وحاشيته من رجال الأعمال الفاسدين. وبدلا من رأسمالية تنافسية تخلق الثروات، كان المصريون في الواقع أسرى رأسمالية المحسوبية.سيكون من الخطأ الاعتقاد بأن الإصلاح الاقتصادي يحتمل التأجيل إلى حين إيجاد الحلول لكل المشاكل السياسية في مصر. إذا استمر الاقتصاد في الركود، فإن أفضل عقول مصر ستغادر البلاد تاركة ملايين المصريين في أوحال الفقر. إن اقتصادا حرا وديناميكيا هو وحده القادر بأن يوفر للشعب المصري فرص العمل والكرامة التي تلازمها عندما يكون المرء قادرا على كسب قوته وإعالة أسرته. هذا هو الدرس الحقيقي الذي كان على مصر والبلدان العربية الأخرى أن تتعلمه من وفاة محمد البوعزيزي.المقال منشور بالتعاون مع مشروع منبر الحريةwww.minbaralhurriyya.org

ماضي الخميس

ماضي الخميس / «أمانة» بين رشق النواب... ودفاع المؤسسين
ماضي الخميسيبدو انني بإرادتي ورغبتي أقحمت نفسي في متاهة عريضة، وقصة طويلة ما لها اول من اخر، ظاهرها المنفعة وباطنها العذاب، يعرفها العامة والدهماء باسم «أمانة»... و«أمانة» ليست حكاية شركة او قصة رجال اعمال او حبكة لبعض النافذين في البلد، بل هي متاهة كبيرة جمعت فيما جمعت بداخلها القاصي والداني، التاجر والمتنفع، واخذت في رجلها الجميع، ولم نعد نعرف المذنب فيها من البريء، وتخاطفتها الألسن من كل صوب وحدب، وأفتى فيها كل على مذهبه وهواه، وتهنا في متاهتها، وما عدنا نعرف الحق من الباطل!وبما انها «سيرة وانفتحت» قررت ان اخوض في تفاصيلها، ووصلت الى اركان الحكاية ومن وراؤها ومن تلبستهم التهم بها، وسأسعى كذلك الى من وقف ضد الشركة وتأسيسها لنتفهم اسبابهم ودوافعهم، فالبحث عن الحقيقة متعة لا تضاهيها متعة اخرى ومثلما يقول الصينيون «لا يضل المرء أبدا، الا عندما يتصور انه يعرف الحقيقة»، وحتى لا نكون من الضالين سنسعى نحو الحقيقة وباتجاهها.ان حكاية تأسيس شركة «أمانة» باتت معروفة تقريبا للجميع من كثرة ما عقد مؤسسوها من مؤتمرات صحافية لتوضيح موقفهم من قيام الحكومة بوقف الغاء المرسوم الخاص بانشائها، ولكثرة ايضا ما رشقها النواب والصحافيون بسهام التجريح والتشكيك، وصارت متهما بسوء الادب يخشى الكثيرون من الوقوف الى جنبه او الدفاع عنه خشية ان تصيبهم ويلات ما ترشق به من سهام وحصى. وفي جلستي مع المؤسسين والشركاء واطراف القضية كشفوا ان وراء الغاء هذه الشركة اطرافا وتفاصيل كثيرة ليست قابلة للنشر في الفترة الحالية، لكنهم سيعلنون عنها في حينها، وتقتضي الامانة الصحافية مني ان التزم بوعدي لهم بعدم الخوض في التفاصيل.المؤسسون يرون انهم ظلموا ظلما فادحا، وانهم كانوا ضحية لافتراءات ليست حقيقية تم تصديقها، وان غالبية ما اشيع ونشر عن تأسيس الشركة وملاكها وطلبات الاراضي ليست صحيحة مطلقا، وانهم سعوا للحديث مع الاطراف المعنية في القضية (الحكومة والمجلس) اذ رفض الطرفان الجلوس معهم والاصغاء الى وجهة النظر، فحسب ما يقولون انهم طلبوا لخمس مرات لقاء سمو رئيس مجلس الوزراء من دون فائدة، وانهم سعوا كذلك لشرح وجهة نظرهم وتبيان الحقيقة لعدد من نواب التكتل الشعبي مثل مسلم البراك وحسن جوهر وعدنان عبدالصمد، ولم يوافق المعنيون على لقائهم، وهو امر غريب جدا، فمن أبسط قواعد الديموقراطية وحقوق الانسان ان تستمع إلى خصمك، وحتى ان لم يكونوا خصومهم وكانوا في نظرهم متهمين فيجب ان تستمع إلى المتهم وهو يدافع عن نفسه، وبالمناسبة انا لا ادافع عن ملاك «أمانة» ومؤسسيها، بل اعرض وجهة نظرهم وسأعرض في مقالات لاحقة وجهة النظر الاخرى، خصوصا انني كتبت اكثر من مقال في هذا المكان اهاجم «أمانة» ومن وراؤها بشدة وعنف، ولكن لا بأس من ان استمع إلى وجهة نظرهم وان انقلها، بل وادافع عنها اذا اقتنعت، ومثلما قال الزعيم الهندي غاندي «خير لك ان تتراجع من ان تمضي في درب الباطل إلى النهاية».وفي «أمانة» قيل ايضا إن من وراؤها وزراء ومسؤولون وطال الاتهام الذي انسقنا جميعنا وراءه سمو رئيس مجلس الوزراء ووزراء في الحكومة، ومنهم ايضا الدكتور يوسف الابراهيم الذي افضت في معاتبته في مقال سابق على تورطه في هذه القضية، حتى كشف لي انه لا علاقة له من قريب او بعيد بشركة «أمانة»، وانه مثل الاف الكويتيين مكتتب بنسبة صغيرة في إحدى الشركات التي تحالفت مع «أمانة» لاحقا من دون ان يكون له قرار في ذلك، حاله حال بقية المسؤولين الاخرين.مسؤولو «أمانة» يرون انهم كانوا ضحية، ويعترفون انهم وبحكم عدم خبرتهم في الصراعات السياسية فلم يقودوا معركتهم، كما ينبغي.بدأت «أمانة» حلما يحتل مساحة في عقل محام كويتي شاب طموح وذي تطلعات كبيرة، اطلق عليه الرئيس احمد السعدون ذات يوم «محامي الامة» حين كان يعمل مستشارا قانونيا في مجلس الامة، وكان يشرع في الدفاع عن قضايا الامة، اسمه مشاري الغزالي، بدأها بفكرة صغيرة سرعان ما استطاع ان يستثمرها لتنمو وتكبر وتترعرع... ثم شاهدها بأم عينيه ترجم كالزانية، وتوأد كفتيات الجاهلية، من دون اخذ رأيه او الاستماع إلى دفاعه!في مقال الاثنين المقبل نكمل حكاية «أمانة» ومن لديه اي معلومات او تفاصيل او تعليق ارجو الا يبخل به علينا، وأكرر انني اسعى إلى عرض وجهات النظر من دون التحيز إلى فئة... هدفي كشف الغموض الذي احاط بهذه الشركة منذ التأسيس وحتى التسييس والاعدام... ودمتم سالمين.ماضي الخميسالأمين العام للملتقى الإعلامي العربيmadialkhamees@yahoo.com

مبارك الذروة

مبارك الذروة / جزئيات غاندي
يُحكى أن غاندي كان يجري بسرعة للحاق بالقطار. وقد بدأ القطار بالسير، وعند صعوده القطار سقطت من قدمه إحدى فردتي حذائه، فما كان منه إلا خلع الفردة الثانية، وبسرعة رماها بجوار الفردة الأولى على سكة القطار، فتعجب أصدقاؤه وسألوه ما حملك على ما فعلت؟ لماذا رميت فردة الحذاء الأخرى؟ فقال غاندي الحكيم: أحببت أن يستفيد الفقير المحتاج من فردتي الحذاء، فلو وجد فردة واحدة فلن تفيده ولن أستفيد أنا منها أيضاً.عجيب أمر هذا الرجل الذي يسارع إلى ركوب القطار والوصول إلى هدفه قبل فوات الأوان، وقد امتلأ ذهنه بغبار الزمن المزعج وآثار الاستعمار الإنكليزي بسرعة تفوق سرعة القطار واللحاق به. عجيب فكر هذا المخلص لوطنه وشعبه، وهو يفكر بآخر ضعيف فقير لا يعبأ له ولا يسمع عنه ولا يعرف... فيترك حذاءه لينتفع به آخر مجهول من أبناء وطنه.لم ينسَ غاندي قيمه النبيلة ومبادئه السامية حتى وهو يسارع الزمن للحاق بالقطار... لم ينسَ غاندي الجزئيات الصغيرة لينشغل بالكليات الكبرى فيدعها حتى يعود... بل يدرك غاندي أن الزمن ومتغيرات الحياة سريعة كسرعة القطار، ولا بد من اللحاق بها للوصول إلى تحقيق اهداف الوطن الكبرى، لكنه يدرك أيضاً أهمية تحقيق الأهداف الصغرى، وأنها تشكل مع غيرها نجاح النهضة التي يسعى إليها غاندي.هناك موازنات وأولويات كثيرة في حياتنا تحتاج إلى إعادة ترتيب وتنظيم. قد نظن أننا أحسنا اختيار كثير منها، ثم نفاجأ بأننا لم نكن موفقين في ذلك. ربما لأننا منحنا المنطق والعقل فوق صلاحياته وأهملنا الحدس والفراسة وصوت الداخل فينا وركناه جانباً... ربما!لماذا عندما تتدافع أولوياتنا مع أولويات المجموع نقدم أولوياتنا وندع المجموع جانباً؟ لماذا نقدم «الأنا» على «نحن»؟ وهل «أنا» إلا جزء من «نحن»؟ لماذا في غمرة أحداث الحياة وأزماتها ننسى أننا أفراد ضمن جماعات ومواطنين ضمن أمة؟ لماذا عند سيرنا إلى تحقيق أهدافنا الخاصة نتجاهل حاجة الوطن وصيحات الاستغاثة التي لا يسمعها إلا المخلصون؟نحن نعيش بين الجزئيات والكليات... بين فروع وأصول. لا يجب أن تتداخل تلك الخيوط مع بعضها البعض. لكن لا يجب أن تتعارض وتختلف. ففقه الموازنات الدقيق يقينا كثيراً من التخبط الذي تعانيه الأمة والوطن.عند سعينا الدؤوب نحو أهدافنا الخاصة ننسى في زحمة هذا السير قيمنا النبيلة ومبادئنا السامية فتغيب الموازنة بين ما نسعى إلى تحقيقه وما نعيشه من واقع يحتاج إلى تغيير... ولكل اجل كتاب.مبارك الذروةكاتب وأكاديمي كويتيmaltherwa@yahoo.com

مبارك المطوع

مبارك المطوع / الدستور تعديل بالتعطيل بالمقابل تهويل وتطبيل
كان لا بد من الصراحة والشجاعة والامانة من جانبنا ومن الجانب الاخر، نرجو ان يقابل ذلك بالقبول والفهم والتقدير بان ذلك يأتي من منطلق واحد، وهو الحرص على مصلحة الوطن، وبيننا قاسم واحد وهو حب هذا الوطن على ان يجمعنا ايضا ادب الاختلاف والتناصح.ولذلك قررنا بلا تردد او مواربة ان هناك من عدل الدستور بالواقع او عطلة قبل ان يعدل او يعطل قانونا ورسميا...وجاء ذلك بمناسبة اللغط السياسي الكبير الذي يثور من وقت لاخر ويتزايد مع بداية الموسم مع كل انعقاد لمجلس الامة.وفي اجواء ساخنة كهذه التي تمر بنا، الا يجدر بالناس والضالعين في السياسة ان يعلموا حقيقة امرهم وصحة ما يجري حولهم؟ واذا كنا تعرضنا في موضع سابق إلى قانون المحكمة الدستورية ورأي من آراء الفقهاء الدستوريين فيه. للدلالة على ما نذهب اليه من تعديل واقعي فعلي للدستور، فاليوم نتابع في عرض المادة الدستورية التي وضعت لانشاء مجلس للدولة مع بداية وضع الدستور اي عام 1962 قبل 45 عاما، إذ تنص المادة: «يجوز بقانون انشاء مجلس دولة يختص بوظائف القضاء الاداري والافتاء والصياغة المنصوص عليها في المادتين السابقتين».وكان الغرض منها ان تقوم الدولة على اركان متكاملة وانها ولا شك تكون بحاجة اليه مع مرور الايام والا لن تكون دولة مكتملة.واذا كان الدستور قد تركها للمشرع العادي اي مجالس الامة المتعاقبة فكم مجلسا مر بنا وكم انتخابات اجريت، وكم حكومة شكلت ولم يقم احد من اولئك بتقديم هذا المشرع او هذا القانون رغم ما نص عليه الدستور.فهل ذلك لعدم حاجة رغم مرور هذا الزمان كله واتساع الدولة واعمالها وازدياد شعبها وتوسع حاجاته وتضاعف عدد الموظفين والعاملين بالدولة اصبح الناس يشكون من سوء الادارة وعدم التزام القانون؟اشتكى المسؤولون كبيرهم وصغيرهم مما يسمى بالفساد واصبح لدينا حكومات ووزراء او رؤساء وزراء يتصفون بالاصلاحيين ويركن عليهم الشعب ويعول عليهم الناس في تدارك هذا الفساد واصلاح ما يمكن اصلاحه.فكيف يكون ذلك ونحن لدينا مثل هذه المادة في الدستور، وكأنها غير موجودة، اما إذا قيل ان المشرع اوجد محكمة ادارية، فهذا لا يكفي ولا يحقق المطلوب، وليس هو ما عناه المشرع الدستوري، مدركين ان اعمال واختصاص مجلس الدولة المطلوب اكبر بكثير وارقى واسمى من النطاق الضيق المحدود، والذي وضعت فيه المحكمة الادارية وان كانت ملاذا للشاكين والمتضررين من اعمال الدولة والمتعاقدين معها، وقد تجلى ذلك في قضايا واحكام كثيرة الا انها ليست المعنية بالنص الدستوري.ويؤكد وجودها او عدمه ان المادة 171 من الدستور حقيقة معطلة، وتكاد تكون ملغية حتى الان، وهذا بحد ذاته تعديل للدستور وارادة المشرع الدستوري، واوضاع يستفيد منها المسؤولون في السلطة واصحاب القرار بالدولة بلا رقيب او حسيب. وبالنهاية نكون امام دستور معدل من حيث يدري احد الناس او لا يدري...مبارك المطوعمحام كويتي وامين اللجنة الاسلامية العالمية لحقوق الانسان

مبارك الهاجري

مبارك محمد الهاجري / أوراق و حروف / وزيرة التربية... «الإسلامية»!
مبارك محمد الهاجريأعضاء ما يسمى بـ«الكتلة الإسلامية» (خليط من السلف والإخوان) لا شغل لديهم ولا عمل سوى استفزاز الآخرين، وها هم يتجهون صوب وزيرة التربية نورية الصبيح، ويحاولون تأليب الكتل الأخرى عليها، مدعين الإصلاح، وهم أبعد منه كبعد السماء عن الأرض والأدلة والبراهين تشهد بذلك، ولا يسعون عبثاً، وما هجومهم على الوزيرة إلا لمآرب شخصية وحزبية في آن معاً، طمعاً بالمغريات التي يرونها أمامهم في وزارة التربية من مناصب حساسة يحاولون الوصول إليها. ولكن وجود الصبيح في هذه الوزارة يعتبر عقبة كبيرة لتحقيق حلمهم بالاستحواذ على أكبر عدد من المناصب، كما هي عادتهم مع كل وزير!     تريد هذه الكتلة أن تنتقم من الوزيرة لأنها لم تفسح المجال لوساطاتهم لتعيين فلان وعلان من المتحزبين والمقربين منهم، فما كان منهم أن ثارت ثائرتهم عقب الصورة التي نشرتها «الراي» عن نواقص إحدى المدارس في محاولة رخيصة منهم. ولكن الوزيرة حينها قامت مشكورة بتوفير ما يلزم وتوجيهها لمسؤولي المناطق التعليمية بمتابعة وسد النواقص التي تحتاجها المدارس على الوجه الأكمل. ورغم ذلك فهم يتعمدون تشويه جهود الوزيرة الإصلاحية واتهامها بأنها عقبة في طريق إصلاحهم المزعوم، كما فعلوا سابقاً مع الوزيرة السابقة معصومة المبارك ووضعوا العراقيل أمامها، ما حدا بها إلى الاستقالة حفاظاً على تاريخها بدلاً من العمل مع هؤلاء! الوزير الإصلاحي سرعان ما يخرج من الوزارة لعدم وقوف حكومته معه وتركه وحيداً في وجه من يتستر برداء الدين، وهو أبعد ما يكون، فالمصيبة هنا في هذا البلد أن معظم الوصوليين يتخذون من الدين وسيلة لتحقيق مصالحهم، حتى ولو تعارضت مع الشريعة في تناقض مكشوف. المهم لديهم عبادة الذات والدينار والدرهم. وأما مخافة الله وخدمة وطنهم بالذمة والضمير فلم يحن وقتها بعد لديهم!كفاكم ضحكاً على الذقون واستغفالاً للعقول، فحركاتكم لا تخفى على أحد، ولعبكم على وتر الإصلاح مأخوذ خيره، كما يقال، ولكن موعدكم الانتخابات المقبلة لنرى إن كان فيكم واحد يمتلك الجرأة ويعلن على رؤوس الأشهاد أنه لم يخن قسمه العظيم، وأنه خرج من العضوية بوجه أبيض، ولم يشارك أصحابه حلب ضرع الوطن على الآخر، كما فعل زملاؤه ممن اشتهروا بالحناجر الذهبية والتدين المزعوم و«النحاسة» ضد مصالح المواطنين! كاتب كويتي                                                                                                                                                         Alhajri-707 @hotmail.com

مبارك الهزاع

مبارك الهزاع / معقولة... مؤامرة؟
حل مجلس الأمة مؤامرة... تخلفنا الفكري والثقافي مؤامرة... مسلسل عدنان ولينا مؤامرة... إزالة الدواوين مؤامرة... فسخ العقود مؤامرة... مرق عدس... وكل ما عدا ذلك ليس بمؤامرة. عجيب أمر البعض الذين يفسرون غالبية الأشياء بالمؤامرة وأن هناك أيدي خفية وراء كل شيء يحدث، ولا نملك القدرة على حله أو فهمه، وهذا يجعلنا نواجه الحقيقة المرة التي لا نريد أن نواجهها. وغالب الظن أن أصحاب المؤامرة هم إسرائيليون، أو عملاء لدول أخرى، أو من البعد الرابع. ورغم أنني أؤمن ببعض المؤامرات مثل حادثة اغتيال كيندي، ولماذا قتل، وأن الرسوم المتحركة «بوكيمن» هدفها مسخ الأطفال، إلا أن معيار الحقيقة والوعي لا يزال موجوداً ولا أستطيع نفيه. ورغم وجود نظريات قد يكون لها صدى وتفسيرات جيدة مثل حادثة تعذيب بعض السجناء في العراق من خلال اسماعهم أغاني شارع السمسم لمدة ثلاثة أيام كعذاب نفسي على أيادي القوات الأميركية، ولأن ابن أختي أذاقني طعم هذا العذاب من خلال «بارني»، فأنا أميل وبشكل كبير لتصديق هذه الفكرة، لأنني مجربها. ولكن إذا رأينا الأمور بعقلانية أكبر  لشاهدنا أن هذه النظريات تبرر الفشل وتتغاضى عن الحقيقة التي لطالما نحاول إنكارها في شتى المجالات... فعندما يقول البعض إن هناك مساعي لحل مجلس الأمة، وإن هناك مؤامرة ضد الدستور لتفريغه من محتواه، وقد يكون هذا الكلام صحيحاً، فما الذي فعلتموه من عمل لكي تفوتوا على الحكومة فرصة الضحك على ذقوننا؟ ولماذا لم يتم إنجاز الكثير والتركيز على الأمور المهمة؟ أنا لا أبرئ الحكومة من الفشل، ولكن لماذا كل فشل يتم تبريره بمؤامرة؟ لماذا تكون الحكومة كبش فداء لفشلنا؟ فحتى في الانتخابات الماضية لم أجد برنامج عمل واضح يتبعه غالبية الأعضاء، لأن الاعتماد كان على القبلية والطائفية والصداقة والتنفيع، إذ إنها كانت من أبرز سمات الناخب والمرشح، فهل سبّب قلة الوعي هذه مؤامرة؟ هل انحدار مستوى التعليم مؤامرة؟ هل انحدار مستوى الخطاب مؤامرة؟ هل وصول نواب لا يفهمون معنى كلمة «عولمة» مؤامرة؟ إن الفشل والتخاذل لا يمكن تبريرهما إلا بمواجهتهما، والاعتراف بهما، وعدم إلقاء اللوم على طرف آخر ليس له علاقة بفشلنا نحن. إن العمل الجاد ووضوح الرؤية ورقي الأهداف هي سمات الشعوب التي تعيش وفق مبادئ رصينة وواضحة وتحافظ عليها من خلال العمل الجاد، وليس من خلال التركيز على أمور تافهة يفرح بها السذج والكسالى والمتملقون! مبارك الهزاعكاتب كويتيmubarakalhaza@hotmail.com

مبارك سعدون المطوع

مبارك سعدون المطوع / واقع الكويت السياسي ... والدستور المعدل بالواقع
مبارك سعدون المطوعفي اطار سلسلة من مقالاتنا نستهلها بهذا المقال عن الدستور الكويتي لنبين حقائق عدة تتعلق بالتعديل والتعطيل الدستوريين لما لذلك من فائدة على المواطنين.تقوم وتظهر بين الفينة والأخرى دعوات أو صيحات لتعديل الدستور الكويتي أو المحافظة عليه خشية التعديل أو التبديل.وربما تكون همسا او بين الخاصة، لكن لأنها تأتي من الكبار وبمحاولات متكررة أو بشكل متردد... فانها تكون عالية مدوية وربما مؤدية، فيتصدى لها بعض الغيورين على الدستور، أو المدافعين عنه الداعين إلى عدم المساس به واستقراره الى الأبد أو أبد الأبد... وهكذا ظهروا لنا، فما تلبث ان تخبو هذه الندوات او تنطمس هذه التسريبات بعد ان تكون قد جست نبض الناس والشارع وحسبت للأمام وفي المستقبل ماذا تفعل، وهي على القناعة والعزم ذاتهما، ولا تراجع أو تغيير سوى في اسلوب طرح التكتيك للمرات المقبلة.وهذا ما حدث منذ مدة وقبل أشهر تقريبا منذ بدأت بهذا البحث جمعت خلاله، واستجمعت ما توافر لدي من أفكار وملاحظات وتأملات، حتى اذا كثرت وتشعبت رأيت ان أفرغها في بحث واحد في محاولة لربطها ببعض تحت اسم او عنوان يدل عليها، وعلى حقيقة الامر وواقع الحال، ذلك ان المنادين بتعديل الدستور او المعارضين، ربما أدرك بعضهم واستيقن وغاب عن آخرين ان الدستور معدل ومتجاوز، بل ومعطل في أمور شتى، وهو أخطر انواع التعديل، وفي الأمر الواقع بعلم البعض وجهل وجهالة الآخرين.فمن كان يعلم ويدرك انه معدل ويعمل به أي وبالواقع المعدل، وربما لانه مستفيد منه، فهو بلا تحفظ خائن لوطنه ونظام بلاده، ومن كان لا يدري، وهم قلة فمصيبتهم أعظم.لذلك كان لا بد من استعراض الحال أو التطواف على أوضاعنا الدستورية وعلى مواد الدستور لمقارنتها مع الواقع، فما عسانا ان نجد؟ هل سنجد التزاما بالدستور ونصوصه؟، هل سنجد تطبيقا لأوامره وأحكامه؟، هل سنجد احتراما للتعليم والمبادئ التي وضعها وأرساها؟، فإذا وجدتم العكس، ووجدتم مخالفا وتحديا واختراقا، ورأيتم تعديلا على أرض الواقع لكثير من مواده وأحكامه فما عساكم أن تفعلوا وما عسى ان تقولوا؟مبارك سعدون المطوع* محام كويتيوأمين اللجنة الإسلامية العالمية لحقوق الإنسان

مبارك مزيد المعوشرجي

مبارك مزيد المعوشرجي / «ولي رأي» / أخطأت الحكومة ... وأصابت امرأة
بكلمات رائعة صادرة من قلب واع خاطبت النائب الدكتورة أسيل العوضي... سمو الأمير حفظه الله ورعاه بادية بكلمات السمع والطاعة، معطية سموه حقه الدستوري مؤدية لواجبها الوطني تجاهه، وما صدر من القلب لا بد أن يصل إلى القلب الكبير قلب سموه المشغول دائماً بسلامة ورخاء البلاد والعباد، حيث عددت الدكتورة أسيل اخفاقات وعثــــــرات الحكومة المتـــــكررة متهمة بعض الوزراء لا النواب بعدم طاعة أوامــــر سموه، من خلال تقصيرهم في تحقيق طموحات الوطن، ولم تنس أن تنتقد زميلاتها وبعض زملائها النواب بسبب تقصيرهم بحق الــــوطن من خـــــلال لعبة الكراسي الموسيقية بالحضور والغياب عن الجلسات الأخيرة لمجلس الأمــــــة سعـــــيا إلى تحقيق المكاسب الشخصية، ما أدى إلى شـــــــلل المجلس والـــــعـــــجز عن اتخاذ أي قــــــرار وكـــــانت تســـــتطيع بــــــما لديها من أغلبية نيابية أن تحقق ما تريد دون الهروب مــــــن المـــــواجهة وتعــــــطــــــيل الجلســـــات.وما ان انتهت الدكتورة الفاضلة من كلماتها حتى صفق لها الوزراء قبل النواب، وأعجبت كلماتها الصادقة كل من سمعها حيث تناقلها الشباب عن طريق الإنترنت وانتشر صداها إلى الشارع واكتسب اعجاب المؤيد والمخالف لها.أثبتت الدكتورة أسيل أن المرجلة ليست حكراً على الذكور فقط، وأن الصوت العالي لا يكون دائماً هو صوت الحق بل العقل والمنطق هو الحق.إضاءةأشكر أسرة تحرير جريدة «الراي» الغراء التي أعود من خلالها إلى الكتابة، راجياً من المولى عز وجـــــل أن أنـــــال إعـــــجاب واستحــــسان القـــــراء الـــــكـرام.مبارك مزيد المعوشرجيmalmoasharji@gmail.com

مجيد الحاج حمود

مجيد الحاج حمود / التجاوز الإيراني ينكأ الجرح العراقي
لم يكن من المتوقع ان تعلن إيران نواياها وخبايا سياستها تجاه العراق بهذه السرعة، وبهذه الطريقة السمجة والمكشوفة واللاعقلانية، سيما وأن «قادسية صدام» المجنونة لم تجف بعد، ومآسيها وشرورها مازالت تعيث فساداً في مختلف جوانب حياة الشعبين العراقي والإيراني.إن احتلال إيران لحقل الفكة اعتداء صارخ على سيادة العراق وحقوقه الاقتصادية، ولا يمكن السكوت عنه أو التهاون فيه بأي شكل من الأشكال. وفي حال عدم تراجعها وإصرارها على المضي في سلوكها اللاعقلاني هذا، فإنها تكون قد برهنت على أهمية المعاهدة العراقية الأميركية، التي أرعبتها، وأهمية وجود الجيش الأميركي على أرض العراق والأراضي العربية الأخرى، كما برّرت الموقف الإقليمي والدولي المتطير والرافض لمشروعها النووي.وتكون أيضاً قد أكدت صحة ظنون صدام، التي برّرت تلك الحرب الهوجاء والمشؤومة، والتي مازال العراق يدفع ثمنها حتى اليوم بطرق مختلفة، ومنها التعويضات التي استنزفت الاقتصاد العراقي، وكذلك ترسيم حدوده المائية المجحف في شط العرب، وفق اتفاقية 1975 بين صدام وشاه إيران، واعتبار خط التالوك، المتحرك لغير مصلحة العراق، هو الحدود المائية العراقية الإيرانية (قدّر ما يخسره العراق سنوياً بنحو مئة دونم من أراضيه لمصلحة إيران بسبب ذلك).وحقل الفكة أرض عراقية قبل معاهدة العام 1975 بين صدام وشاه إيران، وبعدها، وقبل الحرب العراقية الإيرانية، وبعدها، وقبل الغزو الأميركي للعراق عام 2003، وبعده. ولا تزال خرائط وملاحق الاتفاق العراقي الإيراني عام 1975 موجودة لدى الجانب العراقي بشهادة دولية.وجاء احتلال حقل الفكة ليتوّج جملة تصرفات، عزّزت الشكوك العراقية في سلامة نوايا إيران تجاه العراق. ومن هذه التصرفات، على سبيل المثال، إقدامها على تحويل أهم الروافد التي تصب في نهر دجلة، والمهمة للزراعة العراقية، وإعادتها الى أراضيها، مثل نهر الفاروق والوند وكليمان والكنكير. وكذلك تدخلها الكبير والسلبي في السياسة العراقية، ومساهمتها بشكل فعّال في تأجيج الصراع الطائفي، وكذلك الحديث المتواتر عن المخدرات الإيرانية، التي تتسرب عبر حدودها الى العراق، والتي من شأنها تدمير الأطفال والمراهقين (لا سيما أن عدد اليتامى في العراق يقدر بنحو 3 - 5 ملايين يتيم). ومعلوم مدى تأثير ذلك في تخريب البنية الاجتماعية العراقية.هل تريد إيران تفريغ أزمتها الداخلية المتفاقمة على شرعية السلطة أو أزمتها الدولية، التي مازالت تتصاعد في شأن ملفها النووي في العراق؟ أم أنها وسيلة ضغط على السيد المالكي لحمله على الدخول في الائتلاف الوطني أو الاندماج معه؟ سواء كان هذا أو ذاك فإنها تكون قد ارتكبت خطأ فادحاً، إذ إنها تكون قد أضعفت نفوذها السياسي في العراق، وأضعفت حلفاءها في الساحة السياسية العراقية. ولعل رد فعل الشارع العفوي، وغير العفوي، هو أحد نتائج سياستها التي توّجتها باحتلالها حقل الفكة.وباعتدائها الصارخ على السيادة العراقية، تكون قد فرشت السجاد الأحمر للنفوذ الإقليمي الآخر، لكي يتعزّز ويزدهر، وقد ينفرد في الساحة السياسية العراقية. كما أنها تكون قد عزّزت جهود النفخ في بعث صدام ليتسلّل إلى الساحة السياسية العراقية ثانية، بما لديه من قواعد مدنية وعسكرية، ليوازن الخطر الآتي من الجار الشرقي.كان للحكومة العراقية، ولا تزال لديها، أدوات ضغط عدة لرسم علاقة متوازنة مع إيران، بدلاً من ترك الأمور سائبة طوال الفترة الماضية. ومن هذه الوسائل:- توظيف العلاقة التجارية - الاقتصادية معها. فالعراق - كما هو معلوم - صار سوقاً تجارية مفتوحة للمنتجات الإيرانية الصناعية والزراعية، من دون ضوابط أو مقابل، بما في ذلك منتجات الألبان، وحتى الخبز.- السياحة الدينية وضرورة توظيفها.- طرد منظمة «مجاهدي خلق» بثمن متفق عليه مسبقاً.- الاستفادة من علاقات بعض دول الجوار، وعلى رأسها سورية، رغم تكدر العلاقة معها أخيراً.- الاستفادة من علاقات الصداقة السياسية التي تربط بعض المجتمع السياسي العراقي بإيران.- الجامعة العربية ودولها النافذة دولياً وإقليمياً، وكذلك منظمة المؤتمر الإسلامي.- منظمات الأمم المتحدة، وعلى رأسها مجلس الأمن.- وأخيراً، التلويح بالاتفاقية العراقية - الأميركية، التي تلزم أميركا بحماية حدود العراق بناء على طلبه.على الحكومة العراقية أن تتحرك سريعاً لوقف هذه البادرة الخطيرة. والعراق لن يكون لقمة سائغة، وميداناً أبدياً للصراع الإقليمي، وغير الإقليمي، على حساب مصالحه، بل سيتعافى ويخرج من القمقم، وينهض من كبوته، ويرسم الطريق لمستقبله بنفسه بعزم وإصرار، مهما أوغل أعداؤه في كسر إرادته وتطويعه لمصالحهم المريضة. والتاريخ القريب والبعيد خير شاهد على ذلك.مجيد الحاج حمود

محمد البغيلي

محمد البغيلي / أنقذوا المصلين في المساجد
محمد البغيلي تعتبر المساجد المنتشرة في الأحياء السكنية وحسب تصميمها الهندسي من الأماكن الآمنة نوعاً ما، لأنها تتكون من الفناء الداخلي غير المسقوف وصحن المسجد (الصالة الداخلية للمسجد) ويتم الدخول والخروج من ثلاثة أبواب في ثلاثة اتجاهات. هذا وصف بسيط لما عليه وضعية المساجد في الوقت الحالي، ولكن المشكلة تكمن في التوسعة لهذة المساجد، كما هي الحال في مساجد كثيرة تمت توسعتها بأن يتم العمل على سقف الفناء الداخلي وتوصيلة مع الصالة القديمة، مما يجعل هناك صالتين متلاصقتين مع بعض، يتم الدخول من الصالة الجديدة الى الصالة القديمة عن طريق أبواب الدخول التي أساساً موجودة في الصالة القديمة، وحتى نيسر الأمر فسوف نسمي الصالة القديمة ( الصالة 1) والصالة الجديدة (الصالة 2). بدهياً وضع المصلين يكون في الاتجاة نحو القبلة والوقوف في صفوف متجاورين. الآن لتوضيح المشكلة يجب علينا أن نقوم بوضع احتمالات عدة مثال على ذلك نقول:ماذا لو حدث حريق في المسجد كيف يكون العمل لاخراج المصلين من المسجد؟ماذا لو حدث انبعاث الدخان من أجهزة التكييف وعن طريق الدكتات الخاصة بالتهوية؟ماذا لو انقطعت الكهرباء وفقدنا الانارة داخل المسجد فجأة؟في هذه الاحتمالات السابقة كلها يكون اخلاء المسجد من المصلين هو الاجراء الأولى ويحتل المرتبة الأولى من الأهمية، وسوف يكون الاخلاء في اتجاة واحد لجميع المصلين وهو الاتجاة نحو الأبواب الفاصلة بين الصالتين، مع الأخذ بعين الاعتبار أن المصلين من فئات عمرية مختلفة وأيضاً الحالة الصحية تكون متفاوتة منهم المقعد، الأعمى، ومنهم الذي يعانى من الأمراض المزمنة مثل الضغط، السكر، الربو، أمراض المفاصل وأن المصلين في الصفوف الأولى عادة ما يكونون من كبار السن.فقط نريد أن نتخيل جميعاً ماذا يحصل لو حدث شي ما من الاحتمالات السابقة، لا سمح الله، ونحن نتواجد في المساجد لأداء صلاة التراويح في هذة الليالي المباركة من الشهر الفضيل وكذلك في صلاة القيام من العشر الأواخر، لأن هذة الصلوات تقام في الفترة المسائية، سوف يكون الأمر كالتالي اندفاع عنيف وتزاحم شديد للخروج بطريقة عشوائية لأن المسافة المقطوعة التي يحتاجها المصلون للوصول الى الخارج تكون بعيدة وهي ما تسمى «Travel Distance». ناهيك عن النتائج التي يسببها هذا الاخلاء العشوائي من تصادم وتلاحم واصابات يكون أبسطها ضيق في التنفس واعياء وأعظمها وفيات.ماذا يكون الحل؟ وهل هناك طريقة نستطيع العمل من خلالها للقيام بالاخلاء الآمن اثناء حدوث أي مكروه لا سمح الله؟ الجواب جداً بسيط ولا يوجد به أي تعقيدات فقط أرجو أن يحظى بنوع من الجدية والأخذ به على محمل الجد، وهو كالتالي:1 - بالنسبة الى الصالة رقم 1 - لماذا لا يكون بها أبواب على الجانبين لاستعمالها للطوارئ فقط، وتكون دفة الأبواب تفتح للخارج ويتم توزيع أبواب الطوارئ حسب طول الصالة، مثلا اذا كانت المسافة المقطوعة في حدود 18 متراً أو اقل يكون هناك باب واحد على كلا الجانبين، واذا كانت المسافة في حدود 45 مترا أو أكثر يكون هناك بابان، أو حسب تقدير المهندس المختص من خلال رؤيتة للحاجة أكثر من ذلك. وبهذا يستطيع المصلون في الصفوف الأولى الخروج بسلام من خلال الباب المخصص للامام، والذي يكون في المقدمة وعلى جانب المنبر وكذلك المصلون الباقون يستطيعون استخدام أبواب الطوارئ على الجانبين هذه من دون الحاجة الى التزاحم على الأبواب المؤدية للصالة رقم 2 - وهناك من يقول بأن هذا الحل لا يمكن أن يصلح للمساجد التي تم العمل والانتهاء من توسعتها وصيانتها الآن ولكنه مهم للمساجد في المرحلة المقبلة مستقبلاً.2 - بالنسبة الى المساجد التي تمت توسعتها يكون الحل في القيام بخلع الأبواب الفاصلة بين الصالتين والغائها وان أمكن القيام بازالة الجدار القائم بينهما حتى تكون صالة واحدة.3 - اذا تعذر العمل على ما تم ذكرة في البند 1 و2 أعلاه، وعليه تكون الحاجة الى تزويد المسجد باجهزة انذار الحريق. وهذا سيكون كافياً للغرض، مع العلم بأن بعض المساجد تم تزويدها ببعض المطفآت اليدوية بحدود اسطوانتين من الحجم المتوسط للمسجد الواحد ومقفل عليها بالمفتاح خوفاً من سرقتها أو العبث بها، لأنها تعتبر عهدة عند حارس المسجد!4 - أن يقوم الامام بتوضيح أماكن الخروج للمصلين والتأكد من معرفتهم للاتجاة الصحيح لأبواب الخروجلأن بعض المصلين من خارج الحي كما هي الحال مع الزوار أو عابري الطريق.5 - أن يكون هناك متطوعون من شباب المسجد والذي تقع على عاتقهم مسؤولية اخراج الناس اثناء الاخلاء، مع المامهم بطرق ومبادئ الاخلاء. ماذا عن المصلين المقعدين؟الآن هناك شيء مهم يجب التطرق لة وهو خاص بالأخوة المصلين الذين يعانون من الاعاقة، والذين لم تمنعهم اعاقتهم من الحضور الى المسجد وللقيام بأداء الصلاة كل حسب نوع الاعاقة التي يعاني منها، هل يحتوي المسجد على ما يحتاجه المعاق من امكانيات وأجهزة تساعده على الوصول الى داخل المسجد من دون الحاجة للمساعدة من الآخرين؟ مثال ذلك هل المساجد تكون مصممة بممرات خاصة لاستخدامها من قبل المقعدين الذين يتنقلون بواسطة الكراسي المتحركة وأصحاب العكازات، عوضاً عن العتبات والتي تكون بها حماية على الجانبين بالدرابزين وذات سطح خشن مانع للانزلاق. حالياً أرى بعض المساجد تحتوي عليها، ولكن تم بناؤها بطريق بدائية وذات مساحة صغيرة ومن دون حماية جانبية.ماذا عن الأماكن المخصصة لصلاة النساء والملحقة بالمسجد؟ ان الأماكن المخصصة لصلاة النساء والملحقة بالمسجد تكون اما قاطع من القماش لفصل النساء عن الرجال، واما مبنى خاص بالنساء.في كلتا الحالتين يكون المدخل الى هذة الأماكن واحداً فقط. مساحة نوعا ما كبيرة ومنطقة يتواجد بها عدد كبير بالنسبة للنساء اللواتىيواظبن على أداء الصلاة بالمسجد وفيهن الكبيرات بالسن، كيف يكون التعامل في هذا المكان بالذات أثناء الاخلاء في صالة مزودة بباب واحد فقط وحجم الباب يقل عن المترين ومن الألمنيوم ذي مقاومة ضعيفة لتحمل الحريق، ولا توجد بها مكائن للتهوية للحد من خطر انتشار الدخان، مع الأخذ بين الاعتبار بقلة الوعي للتعامل مع هذة الظروف وما يحتاجه الموقف من ضبط النفس وعدم الهلع.ان ما سبق ذكره ليس اختراعاً جديداً أو طريقة مبتكرة، ولكنها عوامل ومقومات أساسية يتم العمل بها في الكثير من بلدان العالم، والتي تجبر القائمين على المباني ذات الطابع العام، والتي يتواجد بها الناس العامة حسب الغرض المصمم له هذا المبنى بأن يقوموا بتزويد هذة المباني بما تحتاجه من تصميم وأجهزة لحماية الذين يتواجدون بهذه المبانى من خطر الحريق أو الاختناق، مع التأكد من جاهزية وملائمة هذة المباني للعمل بما يتوافق مع المواصفات القياسية سواء المحلية أو الدولية.عموماً ما أريد توضيحة هو شيء واحد، أنه يجب علينا سواء كنا أفراداً أو مؤسسات أن نكون على درجة عالية من الوعي والثقافة للتعامل مع الأخطار الناجمة من الحريق والتي للأسف يكون السبب الرئيسي لها الاهمال وعدم اخذ الحيطة والحذر. ان السلوك البشرى لة اهمية قصوى فى التأثير على نتيجة الاخلاء، حيث ان الخوف والهلع والتسرع باتخاذ القرار الفردي لة اثاره السلبية في جعل عملية الاخلاء من الصعوبة السيطرة عليها.في الحقيقة أريد أن أسجل شكري وتقديري لرجال الاطفاء الذين يقومون بانقاذ أرواحنا حتى لو تطلب منهم الأمر أن يضحوا بأرواحهم لأجلنا، فنحن نكون السبب في تعبهم ومعاناتهم نتيجة اهمالنا وتقصيرنا في حماية أنفسنا وممتلكاتنا. وكذلك تحية للسيد الفاضل اللواء جاسم المنصوري، مدير عام الادارة العامة للاطفاء، لأنه صرح منذ فترة بأنه يسعى الى اصدار تشريع جديد يلزم توفير معدات الاطفاء في السكن الخاص، فله كل الشكر على ذلك.محمد البغيلي مهندس مكافحة ووقاية من الحريق

محمد الجمعة

محمد الجمعة / رسائل في زجاجة / حالنا حال
| محمد الجمعة |ماذا بعد الصراخ والصياح واستقالة الحكومة وحل مجلس الامة وانتخابات وفوز الغالبية المعارضة (الاسلاميون كما يسمونهم) وتزعم احمد السعدون الرئاسة وتغيير بلاغ اقتحام المجلس، واستجواب سمو رئيس الحكومة بجلسة علنية... ما دور مجلس الامة خلال 4 سنوات؟ وماذا ستنجز الغالبية المعارضة اذا صح هذا المسمى؟ ما دور اللجان النيابية التي اختارتها بعناية واتفاق مسبق والسيطرة عليها؟لقد تبدلت الادوار بين المعارضة الماضية بالمعارضة الحالية وتغيرت الوجوه والمنهج، كانت المعارضة الاقلية بالسابق لها صوت عال ومسموع ويرن ويهز اما الآن فمعارضة الاقلية صوت باهت وصراخ بأدب غير مسموع، واعتقد ان عمر هذا المجلس اطول من غيره من المجالس التي مرت بعواصف تضارب المصالح، فهل انتهى الحال بنا على هذا الحال؟ اين دور بقية شرائح المجتمع؟ هل ستكون ساحة الارادة للاحتفالات الشعبية والاعياد الرسمية؟ اين الشباب الذي كانت له كلمة مسموعة ومشى خلفها كل من اراد النجاح بالانتخابات، اين دور المرأة باستعادة كرسي العضوية الذي ضاع بسبب المرأة، فالاستقرار وارتفاع سعر برميل النفط يوجب على الحكومة النظر الى التنمية بصورة جدية واعطاء المجال للشركات بالبناء والتنمية وتقوية دور التجارة وافساح الفرصة للتجار بعيدا عن التعقيدات الروتينية البالية بالوزارات والسماح لهم بتفعيل دولاب التنمية والمشاريع الكبرى لنرى ما نراه بالدول الاخرى...هل توقف الحال بعد الحال واستقرت الاحوال والى الأمام سر؟ او كما يعتقده البعض ان الاحوال الى الوراء خطوتان والتنمية الى النزول؟ وبانتظار تعديل مواد الدستور لبعض الاشخاص الذين سيقولون يوما نحن عدلنا الدستور ليتذكرهم المجتمع ويضعوا بصمة للذكرى والتحدي لا غير وليس بنازع الغيرة كما يدعون، الله المستعاناللهم ارحمنا برحمتك ولا تكلنا الى من لا يرحمنا ويرحم ابناءنا ووطننا...

محمد الدعمي

محمد الدعمي / أصول النظرة الدونية للديموقراطية في مجتمعات الشرق الأوسط التقليدية
لا يملك مؤرخ الأفكار إلاّ وأن يشعر بالحيرة حيال تلكؤ الديموقراطيات وحركات الحريات المدنية، على أنواعها، في دول الشرق الأوسط، خصوصاً وأن مثل هذه الحركات والأنظمة قد قطعت أشواطاً لا بأس بها في دول مماثلة، من جوانب عدة، لدول الشرق الأوسط. والأدلة كثيرة على ذلك، فإذا كان هناك من يعتقد أن مجافاة أو ازدراء الحريات والأنظمة الديموقراطية إنما هي من صفات الأمم الشرقية عموماً، فإن نجاح تجارب الديموقراطيات والحريات في دول شرقية أخرى كالهند، من بين دول أخرى يأتي رداً على من يعتقد أن الديموقراطيات والحريات لا تنتشي ولا تزدهر إلا في الدول الغربية. أما إذا كان هناك من يحاول لصق غياب الحريات وضعف الديموقراطية بالأديان وبطبيعة الثقافات المحلية، فإنه مخطئ كذلك، خصوصاً وأن هذه الحركات الإنسانية قد نجحت في دول شرقية يدين غالبية سكانها بالديانة الإسلامية، الأمر الذي يتبلور في ديموقراطيات لا بأس بتواريخها، كما عليه الحال في دول كماليزيا وباكستان وتركيا. إن هذه الملاحظات العامة توجب على المتابع محاولة التنقيب في الأسباب الكامنة أو الخفية التي قادت إلى ازدراء الحريات والديموقراطية في دول الشرق الأوسط طوال عقود. ربما قادنا علم الاجتماع إلى شيء من الإجابة المفيدة، خصوصاً من خلال توسيع مفاهيم العائلة والأسرة وتطبيقها على المجتمعات والدول التي تعتمد أنظمة أبوية، إذ تكون الإجابة على فكرة أن الأمة أو المجتمع إنما هي عائلة واحدة، ولكن موسعة تحت ولاية إنسان واحد، هو «ولي الأمر» الذي، كما يعتقد العامة، حظي بالحكمة وبالرؤيا وبالبصيرة الكافية التي لا يملكها أحد سواه، الأمر الذي يؤهله للحكم المطلق ولسحق الرأي الآخر. هذا ما يفسر إطلاق الإعلام توصيفات من نوع «الأب القائد» على رؤسائهم، كما حدث في العراق على عهد الرئيس السابق أحمد حسن البكر. لقد لاحظ علماء الاجتماع، خصوصاً في حقل علم الإنسان أن هناك أنواعاً ثلاثة من العوائل ظهرت عبر تاريخ البشرية:(1) العائلة التي يكون الأب هو صانع القرار فيها، وهي النوع الأكثر شيوعاً في المجتمعات الشرقية، خصوصاً الإسلامية.(2) العائلة التي تكون الأم هي صانعة القرار فيها، وهي ذلك النوع من العوائل الشائعة في المجتعات البدائية في أفريقيا وجزر جنوب المحيط الهادي، حيث تكون الأم (وليس الأب) هي المنتج أو الجامع للقوت لإطعام العائلة والأولاد.(3) العائلة الديموقراطية: وهي العائلة الأكثر شيوعاً في المجتمعات الغربية، خصوصاً في المجتمع الأميركي، إذ يشترك الجميع، الأب والأم والأبناء بتوفير موارد الأسرة، كما يشترك الجميع بأنشطة تبادل الرأي والنقاش لصناعة قرارات العائلة الأكثر أهمية.إن النوع الأول من العوائل حيث يكون الأب، هو مصدر غذاء الأسرة وحمايتها، هو الأكثر انتشاراً في مجتمعات الشرق الأوسط. وإن توسيع مفهوم العائلة الذكورية ليشمل المجتمع بأسره أو الدولة بأسرها إنما يمكن أن يرجع إلى طبيعة الحكم الفردي إبان حقبة الإمبراطورية العثمانية والإمبراطوريات القديمة كالإمبراطورية الصفوية، حين يكون السلطان العثماني متمتعاً بسلطات لا يمتلكها أحد غيره، وهي سلطات مستوحاة أو مستقاة من فكرة الباب العالي بالنظر لما أوتي من هالة تسمح له بالاستغناء عن آراء الآخرين والاستخفاف بها، حتى وان كانت آتية ممن هم أكثر خبرة أو حكمة منه.والحق، فإن هذه القداسة التي أحاط السلطان العثماني نفسه بها، وهي القداسة التي سمحت له باتخاذ عشرات الآلاف من الجواري والعبيد في الـ«السراي» الخاص به، لم تتلاشَ مع سقوط الإمبراطورية العثمانية، خصوصاً بعد أن حاولت الكولونياليات الأوروبية التي حلت محلها في الدول العربية أن تجد صيغاً مقبولة وقريبة من الواقع والممارسات السابقة لحكم البلدان العربية والمسلمة التي وقعت تحت هيمنة أو وصاية بريطانيا أو فرنسا.لقد تواصل هذا الاتجاه الخاطئ، خصوصاً بعد حقبة الاستقلال التي شهدتها الدول العربية، إذ لاحظ بعض الحكام الوطنيين الجدد ضرورة الحفاظ على البعد الروحي للحكم، وهو البعد الذي يحاط به الحاكم المطلق والذي يؤهله لركل آراء الآخرين ولازدراء أدوارهم، الأمر الذي يبرر محاولة العديد من الحكام الجدد في الدول الشرق أوسطية تتبع أصولهم في التراث العربي الإسلامي، فمثلاً حاول شاه إيران المخلوع في احتفالات مرور ألف سنة على تأسيس الامبراطورية البهلوية تتبع أصوله العائلية إلى أسرة فارسية شاهنشاهية عتيقة يمكن أن تتوالد عبر القرون لتمنح الشاه محمد رضا بهلوي «آريامهر» السلطة المطلقة لحكم البلاد والعباد من الآن وإلى الأبد.لذا تكون الأنظمة السياسية الديموقراطية أو الليبرالية الآتية من العالم الغربي شيئاً جديداً غير معهود في تراث أمم الشرق الأوسط التي اعتادت توسيع مفهوم العائلة الذكورية التي يسيطر عليها الذكر الأسمر القوي، الأمر الذي يفسر النظرة الدونية التي تخص بها الديكتاتوريات الأنظمة الديموقراطية ومفاهيم الليبرالية والحرية الشائعة في العالم الغربي، خصوصاً بعد القرن التاسع عشر.إن الارتفاع بمجتمعات الشرق الأوسط إلى مستوى تقبل وقبول الحريات الفردية والجماعية والأنظمة الديموقراطية المتطورة توجب على المتابع البدء بعملية إعادة تثقيف كبرى واسعة، تبدأ مع النشء والشبيبة وتتخلل الأنظمة المعرفية والتربوية بأسلوب القواعد الأولية (grassroots) إذ يتم تعريف هذه الفئات الشابة بمفاهيم الحريات والتحرر والسلوكيات المدنية (civics) والحقوق المدنية، على سبيل التمهيد النفسي والثقافي والتربوي لبناء مجتمعات ديموقراطية تزدهر فيها الحريات وتُحترم عبرها آراء الجميع من دون تعمد سياسات الاضطهاد وقمع الآخرين.محمد الدعميكاتب وباحث أكاديمي عراقي، هذا المقال برعاية «مصباح الحرية» www.misbahalhurriyya.org