كمال علي الخرس / الحقيقة... الضحية الأولى

تصغير
تكبير
«الحقيقة هي أول ضحايا الحرب» مقولة منسوبة للسناتور الأميركي هاريم جونسون عام 1918م، وتحكي المقولة ضياع الحقيقة في النزاعات والحروب مع دوي صوت المدافع وهدير الطائرات وأزيز الرصاص.

لكن الآن وليس هناك حرب نفسية رئيسية مشتعلة في العالم، أو بالأخص بمنطقة الشرق الأوسط التي عانت الكثير من الحروب في بضع عقود سابقة، إلا ان الحقيقة مغيبة أو مشوشة تلفها غيوم الحروب الباردة التي تعيشها المنطقة.

وتعرف الحرب الباردة بأنها حالة من التنافس السياسي والعسكري تستنفر فيه جميع الطاقات الإعلامية والاقتصادية لمواجهة خصم ما دون الوصول إلى حالة الحرب الساخنة والصراع العسكري المسلح. وذلك بالضبط ما تعيشه المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط وما يحيط بهما، فشمال هذه المنطقة وشرقها صراع مرير ومعقد في أفغانستان بين طرف يدعو إلى محاربة ما يطلق عليه باسم الإرهاب ويدعو إلى نشر الديموقراطية، وطرف آخر يرى في قوات الناتو أنها قوات صليبية غازية ومن يتعامل معها من حلفاء محليين ما هم إلا مجموعة من العملاء. وشرقاً في باكستان بلد فقير تغمره السيول والفيضانات بجانب اضطرابات داخلية وتحالفات تمتد إلى الخارج، كل ذلك في بلد نووي يسير بسرعة نحو الانحدار.

أما إيران فإن العالم منقسم حولها إلى فريقين، فريق يرى بأن لإيران الحق والمشروعية في امتلاك الطاقة النووية السلمية، وأن لها الحق أيضاً في دعم المقاومة في المناطق العربية المحتلة، وفريق آخر يرى أنها تتدخل في شؤون الدول، ويشكل برنامجها النووي خطراً على السلم العالمي.

وقريباً في العراق صراعات داخلية لا تنتهي تكاد تقود البلاد أحياناً نحو المجهول، وفرقاء سياسيون متنازعون، إضافة إلى خليط من أعمال العنف الدموية وتدخلات خارجية مستمرة.

وفي لبنان وفلسطين المحتلة، فإن لديهما عنصران متشابهان، فريق عنوانه التهدئة والحوار والتنمية، وفريق يدعو إلى مقاومة إسرائيل ومشروعها التوسعي في المنطقة.

في ظل هذه الحروب الباردة والتي تسخن أحياناً، وتهدأ أحياناً أخرى، يجب أن يكون هناك هامش كبير لمحاولة إظهار الحقيقة، والتعامل مع الأحداث من قبل أصحاب القلم بأكبر قدر من الموضوعية والإنصاف، وتحاشي الاستهزاء والاستخفاف بآراء الآخرين وبمصائرهم، فللقلم تأثير على توعية الرأي العام نحو الحقيقة أو حرفه عنها.

الآن المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط في مواجهة مع ملفات ساخنة، وتكاد تكون على شفير مواجهات كبيرة تستلزم من أصحاب القلم التحري والتدقيق بجانب قدر كبير من التحليل الدقيق لكي يتم إنارة الطريق أمام القارئ والمتابع ليصل إلى بعض الخيوط التي قد تقوده نحو الحقيقة.





كمال علي الخرس

كاتب كويتي
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي