سيف رشدان الهاجري

سيف رشدان الهاجري / ثقافة العرائض
تفاجأت الساحة السياسية في الكويت بثقافة جديدة تمثلت في رفع عرائض سياسية خارج القنوات الدستورية، وهو ما اضطر مجلس الأمة إلى مناقشة تلك القضية في جلسة سرية. وللأسف ان مثل هذه الثقافة لا تظهر إلا مع حالة الضعف والتخلف التي تصيب الأمة. ولعل أشهر ظهور لها كان بعد سقوط القدس وفلسطين بيد الاستعمار البريطاني خلال الحرب العالمية الأولى، وصدور «وعد بلفور» الذي معه ازداد تدفق المستوطنين الصهاينة، وما تبع ذلك من صدامات مع العرب في فلسطين الذين فاجأتهم هذه الهجمة الشرسة وبرعاية بريطانية. وهنا بدأ العرب في فلسطين بتوجيه عرائض الاستجداء لبريطانيا، راعية الاستيطان، ولعصبة الأمم التي شرعت للوجود البريطاني والاستيطان الصهيوني، لوقف هذه الهجمة. والتاريخ يثبت لنا مدى نفع هذه العرائض وثقافتها، وعجزها عن تحرير فلسطين.قد يعذر القارئ الكريم أهل فلسطين هذا الأسلوب العقيم، والثقافة المتخلفة في ذلك الوقت، لكن ما العذر لظهور هذه الثقافة في وطننا، وما الداعي للعريضة التي وقعتها مجموعة دواوين وأفراد في ظل وجود المؤسسات الدستورية، التي تكفل لكل فرد قنوات دستورية شرعية يستطيع من خلالها تقويم عمل هذه المؤسسات.ثقافة العرائض لو كان فيها خير ما سبقنا إليها المثقفون في الجوار ولأحدثت التغيير المطلوب، ولكنها في الحقيقة إرضاء وهمي لروح المثقف وضميره بأنه عمل ما عليه تجاه أمته. ووسيلة للملأ لترسيخ الواقع المتخلف، ووأد أي محاولة للإصلاح والتنمية للأمة، وهذه سنة الملأ منذ ظهورها على هذه البسيطة.أخطر ما في الأمر أن تصبح هذه الثقافة القائمة على الاستعطاف والاستجداء سائدة بيننا في هذا الوقت الذي يجب أن نحرص فيه على حماية مكتسباتنا، وحقوقنا الشرعية والدستورية من خلال تعزيز العمل بها، وترسيخ ثقافة الحرية والعدل والمساواة، وثقافة العمل البناء والمبادرة من أجل تحقيق مزيد من الحريات والحقوق لضمان الاستقرار والازدهار. إن التاريخ يثبت لنا ان ثقافة العرائض مرتبطة ارتباطاً عضوياً بالاستعمار والتخلف والاستبداد، ونحن في الكويت نتمتع بنظام ديموقراطي يغنينا عن هذه الثقافة ولنا في التاريخ عبرة.سيف رشدان الهاجريكاتب وناشط سياسي كويتي[email protected]

شاكر عبدالكريم الصالح

شاكر عبدالكريم الصالح / عصف ذهني / تصريح سياسي لرمز اقتصادي
التصريح الأخير لرجل الاقتصاد والمال الكويتي ناصر الخرافي والمعروف بين الأوساط الاستثمارية العالمية ليس تصريحا اقتصاديا أو تجاريا او استثماريا وانما تصريح سياسي في زمن صعب على المستوى العالمي، وفي فترة حرجة على المستوى المحلي لم نتعود من السيد ناصر الخرافي المحترم مثل هذه التصريحات، فهذا التصريح هو بلسان سياسي محنك شجاع وصاحب جرأة في إبداء رأيه فكشف عن قناعته، رغم الحملة الشعواء التي يتعرض إليها «حزب الله» اللبناني من قبل معظم التيارات السياسية والكتل البرلمانية الكويتية أخيرا، وهذا الرأي جريء، لانه انبرى عكس تيار الشارع الجارف هذه الأيام الذي جرف الأغلب الأعم من «الرموز» السياسية الى نداء الطائفية تحت عنوان الانتماء والولاء للوطن.السياسة والاقتصاد وجهان لعملة واحدة، والسياسة تخدم الاقتصاد، ولكن هل هذا التصريح السياسي سيخدم الخرافي ام سيضر بمصالحه، خصوصا ونحن نعرف ان استثمارات مجموعة الخرافي منتشرة في جميع أنحاء العالم (الله يزيد ويبارك وعين الحسود فيها عود) في الدول العربية والأجنبية، علما بأن معظم الحكومات العربية والغربية تتبنى موقفا مضادا لـ «حزب الله» اللبناني وينعتونه بالارهاب، هذا الحزب الذي أشاد به الخرافي وبمقاومته العربية والحقيقية؟ هنا تذكرت نظرية «رأس المال جبان» وكيفية المواءمة في استثمار هذه الأموال الضخمة في دول لا تحب بل تحارب «حزب الله» اللبناني!السيد ناصر الخرافي، قائد لمجموعة اقتصادية استثمارية تجارية بحتة، والسيد حسن نصرالله قائد لمجموعة سياسية فكرية عقائدية محضة، ما هو مقدار المسافة بين قائد سياسي يقود مئات الآلاف من البشر، وقائد استثماري يدير آلاف الملايين من الدنانير؟ وهل هذا التصريح يعتبر بداية التلاقي بين الاقتصاد والسياسة؟ ان هذا التصريح له دلالات كثيرة ومكنونات عميقة لا اريد استباق الاحداث في الاشارة اليها.لا توجد لديّ ذرة شك ان هذا التصريح «العادي» عند العرب والمسلمين، و«الخطير» عند الغرب، لن يمر مرور الكرام، إذ ستقوم غرف الاستخبارات السرية الغربية بدراسته وتحليله جملة جملة، بل كلمة كلمة لمعرفة أسبابه الحقيقية ودوافعه الباطنة، وهل هو مجرد تصريح عابر، ام يعبر عن تحول في العقلية الاستثمارية العربية؟الحقيقة ان هناك أسئلة كثيرة في هذا المجال، ولكن لديّ سؤالا خياليا من فضائياتي: ماذا لو اتفق قائد استثماري مع قائد سياسي ضمن اطار عام لتحقيق غاية سامية وباسلوب واحد؟ ماذا ستكون المحصلة النهائية؟ وماذا لو اجتمعت القوة مع المال؟شاكر عبدالكريم الصالحكاتب كويتي

صالح البارود

صالح البارود / ... وترجل فارس الخير
| صالح البارود |وترجل فارس الخير من صهوة الحياة مسلماً روحه الطيبة الى رب رحيم وعد المتقين بجنات ونعيم بعد ان اكرمه ومنحه ونحسبه ولا نزكيه على الله مكانة المجاهد في سبيل الله لانه سعى على الارملة مسح على رأس اليتيم وآوى المشردين وعطف على المساكين ونال اجر المطعمين وثواب السقيا وكان سبباً في احياء موتى اوشك الجوع ان يفتكهم، اشاع الرحمة في قلوب الخيرين ووفر لهم بدائل ومجالات لاعمال الخير والوقف عليها واخذهم ليروا بأم اعينهم نتاج عطائهم وثمرة تبرعهم ليفرحوا بالاجر ويسعدوا بعطائهم ومساهماتهم الانسانية، ويتغلبوا على شح النفس.اكرمه الله بالنور فمشى به بين الناس داعياً الى الله، دالاً على الخير وسلك طريق السفرة الكرام البررة عندما انشأ دور القرآن وطبع ملايين النسخ بلغات مختلفة، وحبب وشجع الصغار والكبار على حفظه وتلاوته بكرة وعشياً، ليس هذا فحسب بل عمل على بناء المساجد فأعلى مناراتها لينادي منها (حي على الصلاة حي على الفلاح) ليأخذ كل من بنى لله مسجداً بيتاً في الجنة ويكون له حساباً جارياً من الحسنات كلما مشى اليها المصلون وذكر الله فيها الذاكرون وتعبد فيها المعتكفون وعقد المحفظون حلقات القرآن وتعلم الطلبة سنة المصطفى عليه الصلاة والسلام.ساعد رحمه الله على كفالة الائمة ليضمن استمرار اداء الصلاة الصحيحة، فدخل الناس في افريقيا بدين الله افواجا فنال اجر كل من اهتدى لا ينقص ذلك من اجورهم شيئاً نور الله قبره وغسله بالماء والثلج والبرد ان شاء الله.ساهم في اعمار الاراضي بالزراعة والثروة الحيوانية وساعد على التأهيل المهني ليمتلك كل متدرب حرفة ليسعى في مناكبها ويحصل على رزقه من عرق جبينه. كل هذا وغيره الكثير وجد في شخص المغفور له باذن الله الدكتور عبدالرحمن السميط الذي ضرب المثل في العمل الخيري والتفاني فيه والتضحية في سبيل الله من خلاله اروع الامثلة واجمل السير فكان سفيراً للخير الانساني والاسلامي وسفيراً فوق العادة من غير بروتوكولات ولا معاهدات ولا مراسيم ضيافة، ويأتي اليوم ليقابل ربه اخذاً كتابه وسجله الحافل بعمل صالح خالص بيمينه ليجد ما وعده ربه حقاً ان شاء الله فيوفيه حسابه فيأتي القران لينير قبره ويؤنس وحشته وتأتي اعماله تترى كجبال تهامة بيضاء ليجعلها له برداً وسلاماً.فهنيئاً لك يا عبدالله يا عبدالرحمن فقد كنت رمزاً للخير ونجماً لا يأفل وذكرى لا تنسى ونموذجاً يحتذى به ويدرس وتاريخاً للكويت وللعالم اجمع وانا على فراقك لمحزنون ولكننا فرحون بما ستناله من رب غفور رحيم.

صالح بشير

صالح بشير / عن الدولة واقتصاد السوق وتنافيهما المفترض
هناك مصادرة يجري التسليم بها من دون مساءلة، كأنها من البداءة ومن تحصيل الحاصل، هي القائلة إن حرية السوق، التي ترتقي لدى دعاتها إلى مرتبة أم الحريات، ستجترح لا محال، وقد سادت وتعولمت على الصعيد الكوني، ما سبق لها أن حققته، في مبتدئها، على صعيد أوطان الغرب وأممه، أي أنها ستكون قابلة الديموقراطية وشرطها الضروري.يفترض الرأي هذا، بل يجزم، أنه يكفي ترك حرية المبادرة تفعل فعلها «يدا خفيّة» في المجال الاقتصادي، حتى تنجرّ عنها سائر الحريات الأخرى، من سياسية وسواها. في ماضي الرأسمالية ما قد يشهد بذلك والحق يُقال، إذ لا ينفك نشوء الديموقراطيات الحديثة واشتداد عودها، واستتبابها نظامَ حكم عُدّ الأفضل في تاريخ البشرية، عن تطور الرأسمالية واقتصاد السوق، بحيث كاد يتماهى المواطنُ الفاعل اقتصاديا، ذاتا مستقلة مبادِرة، مع ذلك الفاعل سياسيا، ذاتا حرة، طالما أنه يُفترض في الاقتصاد الحر أن يوفر فرصة الحراك والصعود الاجتماعيين للجميع، أقله نظريا، فأنهى حالة الجمود الطبقي التي كانت سائدة في الماضي، ترتهن الفرد (الذي لا تكاد تصح عليه هذه الصفة) إلى شرط الولادة، لا فكاك منه ولا مناص، كل في طبقته لا يبرحها.ذلك كله صحيح وليس محل خلاف جدّي. المشكلة إذاً ليست هنا، بل في النظرة الليبرالية المغالية التي أضحت سائدة، سيادة مطلقة تقريبا، والتي تضع السوق في مواجهة الدولة، وتفترض بينهما علاقة تنافٍ متبادل، أو عداء مستحكم، بحيث لا يمكن، وفق تلك النظرة، للدولة إلا أن تكون، لنزوعٍ فيها طبيعي ملازم، معرقلة للسوق حادّة من حريتها، ولا يمكن للسوق، بالمقابل وبالتالي، إلا أن تكون في حال صدام مع الدولة، فلا تزدهر إلا بانحسارها.والحال أن التاريخ لا يؤيد هذه النظرة، بل هو قد يفندها وقد يفيد عكسها. ذلك أن تطور الرأسمالية وتمكّنها قد تزامنا مع اشتداد سلطة الدولة واستفحال نفوذها واستفادا من تلك السلطة ومن ذلك النفوذ. إذ من المعلوم، إلى درجة البداهة والابتذال، أن الدولة الحديثة بلغت من السيطرة على حيزها الترابي ما لم يسبق لنظيرتها التقليدية، ما قبل الحديثة، أن حققته أو حلمت بتحقيقه. فهي قد الغت كل سلطة لها موازية، وامتلكت من الوسائل، التقنية والإدارية، ما مكنها من التغلغل في كافة ثنايا المجتمع ومن توحيده حول سلطتها المركزية. تلك هي الدولة الأمة، وهذه من اختراع الحقبة الرأسمالية، لا شك في ذلك ولا مراء. وخلال تلك الفترة، سارت تلك الدولة يدا بيد مع السوق، فهي إذ أحكمت سيطرتها على التراب الوطني إنما اجترحت سوقا وطنية ووحدتها وتولت حمايتها، وسهرت على مصالحها في الداخل، بأن الغت كل ما من شأنه أن يعرقل تبادل البضائع، كما في الخارج، ان بالديبلوماسية وإن بالحرب. وهي إذ اضطلعت بدور لا يُنكر، وأحيانا حصري، في إقامة البنى التحتية، إنما أنشأت الوسائل الكفيلة بفرض مركزيتها، ولكنها في الآن نفسه خدمت اقتصاد السوق. الدولة لم تكن إذاً هيئة مفارِقة للسوق معرقلة لها، على ما يقوله أو يوحي به غلاة دعاة السوق المعاصرين، أو هي ليست في تناقض معها أصلي وجوهري. بل إن الدولة، في صيغتها الغربية الحديثة، كانت إلى حد بعيد، دولة السوق، وإن عاندت هذه الأخيرة أحياناً في التفاصيل، بأن سعت إلى الاضطلاع بدور الناظم للحياة الاقتصادية، والاجتماعية تالياً، حفاظاً على التوازنات الأساسية للمجتمعات، وقد تم ذلك دوماً على نحو، جزئي أو آني، لا يخل بالقواميس المؤسسة لاقتصاد السوق، ولا ينال منها ناهيك عن إبطالها.لذلك، فإن الخطاب الليبرالي المغالي، بإنكاره كل دور للدولة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، يبدو في أفضل حالاته وتجلياته، استئنافاً لسجال لم يعد قائما أو لم تبق له من أسس موضوعية، يسحب على الدولة بإطلاق، ما كان يصحّ على دولة عينيّة، هي تلك التي كانت تجسيداً للتوتاليتارية، من شيوعية أو سواها، وكانت، بصفتها تلك تنطلق من رؤية أيديولوجية تجعلها تُقبل على الواقع فرضاً وقسراً، تزعم التحكم في مناحيه كلها وتوجيهها وفق مرجعية مفارِقة له، بما في ذلك الحياة الاقتصادية.لم يبق راهناً من معترض على اقتصاد السوق، يدّعي فرض أو مجرد اقتراح نموذج بديل عنه، أو يتوهم اقتصاد الدولة منافسا له. مثل ذلك المنافس سقط منذ نهاية الحرب الباردة وانهيار الشيوعية، معسكراً وأيديولوجية، بل وبرهن على فشله قبل ذلك، وأضحى اقتصاد السوق «الباراديغم» الأوحد، تأخذ به حتى دول، شأن الصين، لا يزال يحكمها حزب شيوعي لم يتخل عن سطوته وانفراده، بل إن الدولة كانت، في ذلك البلد، المبادر والفاعل الرئيس في الانتقال إلى اقتصاد السوق. ربما تمثلت علة ذلك في أن الشيوعية تراجعت حتى أنها لم تنهر وظلت حاكمة مسيطرة، لأن النخب التي لا تزال تدين بها، اضطرت إلى الانتقال بها من التوتاليتارية، تُخضع الواقع في جميع مناحيه، بما فيه الحياة الاقتصادية، إلى رؤية تعتبرها صواباً مطلقاً، إلى مجرد أداة لتأبيد الاستبداد، أي إلى مجرد أداة تسلط وانفراد بالحكم، تنحصر وظيفتها في ذلك دون ادعاء إنتاج المعنى.لكل ذلك، ربما لم يعد مجدياً وضع اقتصاد السوق مقابلاً نقيضاً للدولة بإطلاق، بل البحث في سبل التعايش بينهما، بما يمكّن الدولة من الاضطلاع بدورها الناظم في الحياة العامة، حكما بين قوى المجتمع ومكوّناته، على أساس الديموقراطية، خصوصاً حين تخفق «اليد الخفية» للسوق في استخلاص النظام من الفوضى، وهي كثيراً ما تفعل، على ما دلت تجربة الأعوام الأخيرة. صالح بشيركاتب تونسي، وهذا المقال برعاية «مصباح الحرية» www.misbahalhurriyya.org

صبحي غندور

صبحي غندور / مفاوضات... لا حرب الآن مع إيران وسورية!
صبحي غندورما يحدث أخيراً من تناقض في التصريحات الأميركية والإسرائيلية في شأن احتمالات التصعيد العسكري ضد إيران وسورية يؤكد من جديد أن هذا العام هو عام «عض الأصابع» بانتظار «من يصرخ أولاً» وليس عام التصعيد العسكري أو إشعال حروب جديدة. وأشرت إلى هذا الاستنتاج في أكثر من مقال منذ عام تقريباً. ولم يحدث ما كان يتوقعه البعض من «صيف حار» في المنطقة أو من تصعيد عسكري ضد إيران أو سورية أو في لبنان.إن المواقف الأميركية والإسرائيلية المتضاربة في شأن إيران وسورية هي أشبه ما تكون الآن بالمؤشر المالي في سوق البورصة، الذي يشهد ارتفاعاً أو انخفاضاً بشكل مفاجئ ولا يسير على خط مستقر لفترات طوال، بينما التصعيد الفعلي من أجل الحرب لا يأخذ بمنهج «المؤشر المالي»، بل يعتمد التدرج في خط تصاعدي متواصل وصولاً إلى الحرب، كما حصل من تمهيد وتهيئة أميركية ودولية للحرب على العراق في العام 2003.إن ما يحدث الآن هو محاولة أميركية لتحسين الموقع التفاوضي الأميركي مع كل من طهران ودمشق وليس سعياً لإشعال الحرب معهما أو مع أي منهما. فرغم وجود تيار متشدد ومؤثر في الإدارة الأميركية، يقوده نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني، يضغط من أجل التصعيد العسكري خصوصاً ضد إيران، ورغم التحريض الإسرائيلي المستمر على هذا الأمر، فإن حسابات الإدارة الأميركية لم تصل إلى حتمية التصعيد بعد. ففي حساب قرار الإدارة الأميركية عناصر داخلية وخارجية، ومستويات سياسية وعسكرية، لم تحصل أي منها بعد على نسبة ترجيح كافية لقرار الحرب. إن إدارة بوش تعاني الآن من ضعف شديد في مستوى التأييد الشعبي الأميركي لها، فأكثر من ثلثي الأميركيين هم الآن ضد سياسة إدارة بوش، على عكس الحالة التي كانت عليها هذه الإدارة في عامي التحضير للحرب على العراق.إن غالبية أعضاء الكونغرس الأميركي هم الآن في خانة حزبية وسياسية معارضة للإدارة، ولن يكون الكونغرس داعماً لبوش في سنة حكمه الأخيرة وفي موسم التنافس الانتخابي بين «الديموقراطيين» و«الجمهوريين» بالوقوف خلفه في قرار حرب جديدة، بينما مازالت أميركا الآن تعاني من حربها في العراق.عسكرياً، تخشى واشنطن من تحوّل القوات والقواعد والسفن الأميركية في العراق ومنطقة الخليج إلى «رهائن» أو إلى «أهداف سهلة» في سياق الردود الإيرانية على التصعيد العسكري الأميركي، وسيكون مستحيلاً على الإدارة الأميركية غزو إيران ودفع قوات برية إلى العمق الإيراني، ما سيجعل الحرب مع إيران عبئاً إضافياً على الوجود العسكري الأميركي في المنطقة من دون قدرة على تغيير النظام السياسي في طهران أو إضعافه داخلياً.إقليمياً، فإن معظم دول المنطقة (باستثناء إسرائيل) أعلنت رفضها لاعتماد الخيار العسكري في حل النزاع الأوروبي والأميركي القائم مع طهران على موضوع الطاقة النووية، فدول المنطقة هي التي ستدفع الثمن الباهظ لهذا الخيار غير المضمونة نتائجه السياسية والعسكرية.دولياً، فإن الإدارة الأميركية ليست الآن بوارد قرار حرب جديدة من دون مرجعية مجلس الأمن. فتجربة الحرب على العراق عام 2003 والاستهتار الأميركي بالمجتمع الدولي أديا إلى نتائج أميركية وخيمة.وها هي واشنطن تحاول الآن إظهار دعمها لمؤسسة الأمم المتحدة وحرصها على مرجعية مجلس الأمن ودوره في قضايا دولية عدة، بل إن واشنطن تحتاج لدور أكثر فعالية من الأمم المتحدة في التعامل مع إفرازات احتلال العراق، فكيف ستخوض إدارة بوش حرباً جديدة أخطر من الحرب على العراق بلا موافقة مجلس الأمن؟ ثم ما هي الأعذار التي ستبرر هذه الحرب بعدما انكشفت أكاذيب المبررات التي أعطيت للحرب في العراق؟إن الوكالة الدولية للطاقة النووية مازالت تفاوض طهران على برنامجها النووي دون أي عراقيل. كذلك فإن روسيا والصين ترفضان الآن التصعيد في العقوبات الاقتصادية ضد إيران، فيكف بقرار الحرب عليها؟ بل حتى ألمانيا أعلنت أنها تحبذ العودة إلى مجلس الأمن في موضوع تشديد العقوبات وعدم اقتصاره على الطرفين الأوروبي والأميركي. ولم تنفع إدارة بوش التصريحات الفرنسية عن احتمالات الحرب مع إيران لكي تكون بديلاً عمّا فقدته واشنطن من دعم عسكري بريطاني كان متاحاً أيام حكومة طوني بلير ولا تريد حكومة غوردون براون الاستمرار به الآن في العراق، فكيف بحرب جديدة؟إن الطرف الوحيد الممكن الاعتماد الأميركي عليه عسكرياً هو إسرائيل، لكن حتى إسرائيل فإنها عانت ولا تزال من نتائج عدوانها الأخير على لبنان في صيف العام الماضي، وبالتالي فإن دخول تل أبيب عسكرياً ضد إيران سيفتح جبهات عسكرية عدة في المنطقة، إضافةً إلى الرد الإيراني المباشر على إسرائيل.هناك رسائل متناقضة تخرج من واشنطن وتل أبيب وباريس تجاه طهران ودمشق. بعض هذه الرسائل ينذر بالويل والثبور وبعضها الآخر يعد بالخيرات والمكاسب السياسية والاقتصادية. وفي تناقض هذه الرسائل ما ينبئ بطبيعة المرحلة المقبلة بأنها مرحلة تفاوض وضغوط متبادلة، لا مرحلة حروب وانفجارات عسكرية كبيرة.ولا يمكن طبعاً فصل الملف الأميركي مع إيران وسورية عن ملفات «مثلّث الأزمات» الساخنة في المنطقة: العراق، لبنان، وفلسطين. فالمفاوضات الأميركية المباشرة وغير المباشرة مع طهران ودمشق هي التي ستحدّد أيضاً مصير الأوضاع في «مثلث الأزمات»، لكن المشكلة الآن هي في انعدام الوفاق العربي الذي لو كان قائماً لما كانت خيارات مستقبل أزمات المنطقة مرهونة فقط بإرادات أجنبية، دولية وإقليمية.فغياب التضامن العربي الفعّال هو الذي يدفع بأطراف عربية إلى اللجوء للخارج بحثاً عن الحماية أو لدرء الأخطار أو لتأمين الدعم اللازم في مواجهة تحديات إسرائيلية وأميركية لا تأبه أصلاً لأي مصلحة عربية، ولا تريد أي وجهٍ من أوجه التنسيق العربي تجاه الأزمات الساخنة في المنطقة.إن تعذر خيار الحرب الأميركية ضد إيران الآن يعني أن واشنطن مستعدة لخيار التفاوض معها. وكان تصريح الجنرال جون أبي زيد (القائد السابق للقوات لأميركية في المنطقة) عن إمكان التعايش مع إيران نووية مؤشراً لما يدور من مناقشات داخل مواقع صنع القرار الأميركي.إن واشنطن تحتاج لطهران ودمشق في ترميم الأوضاع السياسية والأمنية في العراق، وفي معالجة الملفين الفلسطيني واللبناني. لكن ذلك لا يعني ان إدارة بوش سوف تقيم صفقات مع حكومات دعت وتدعو لإسقاطها. فقد كانت واشنطن تضع حكومتي طهران ودمشق أمام خيار أحد نموذجين: النظام الليبي الحالي أو النظام العراقي السابق. أي إما التسليم بشروط واشنطن للعلاقة معها وإما إسقاط النظام.الآن، هناك نموذج ثالث وهو كوريا الشمالية التي وضعها بوش في «محور الشر» الذي أعلنه مطلع العام 2002، وهو نموذج يقوم على التفاوض التدريجي وأسلوب «الأخذ والعطاء» حيث يحصل كل طرف على شيء ما مقابل التنازل عن شيء آخر.إن هذا «النموذج الكوري الشمالي» هو الأكثر تعبيراً عن طبيعة المرحلة المقبلة بين إدارة بوش وحكومتي دمشق وطهران. وسيعني ذلك أسلوب التفاوض بـ«المفرّق» على القضايا الساخنة وليس الحساب بـ«الجملة» على كل الأمور العالقة. فما سيحصل في العراق من تطوّر سياسي على صعيد الحكومة وموضوع المصالحة الوطنية أو الإجراءات الأمنية المطلوبة أميركياً على الحدود مع سورية وإيران، سيكون ذلك منفصلاً عمّا قد يتم التفاوض في شأنه في ملفي فلسطين ولبنان. والعكس صحيح أيضاً. فقد يحصل مؤتمر نوفمبر المقبل بحده الأدنى على الملف الفلسطيني، وقد تتوسع أجندته لتشمل استئناف المفاوضات السورية - الإسرائيلية التي توقفت في نهاية إدارة كلينتون، وما يعنيه ذلك من شمولية للجبهة اللبنانية مع إسرائيل ومن حل لقضية مزارع شبعا في لبنان، فيكون لبنان معنياً مستقبلاً بتوقيع معاهدة تسوية مع إسرائيل إذا ما أثمرت المفاوضات السورية - الإسرائيلية عن معاهدة أيضاً.هي الآن مرحلة رمادية، وستبقى رمادية لفترة من الوقت، وسيستمر فيها ذر الرماد في العيون، لكن إلى متى سيستمر الوضع العربي الرسمي بانتظار شروق الشمس من الغرب حتى «يتبيّن له الخيط الأبيض من الخيط الأسود»؟صبحي غندورمدير «مركز الحوار العربي» في واشنطن[email protected]

صدى الكلمة

صدى الكلمة / التهديد العسكري الأميركي
يعقوب احمد الشراحتعكس المؤشرات السياسية والعسكرية في المنطقة تحركاً دوليا يبدو أنه يسير في اتجاه مواجهة عسكرية لا يعلم عواقبها الا الله. الأميركيون قلقون من النشاطات الإيرانية ويرون ضرورة في اتخاذ تدابير عسكرية ضد ايران بعد ان انسدت كل الطرق السابقة لاحتواء الملف النووي الإيراني ووقف نشاطاتها في العراق ولبنان، بل وايجاد ارضية للتفاوض أو التفاهم في شأن قضايا حيوية منها الملف النووي الذي أنهك وكالة الطاقة الذرية في محاولاتها اليائسة لوقف تخصيب اليورانيوم، وعدم الاستمرار في النشاطات النووية.لا شك ان التهديد العسكري الأميركي لإيران ليس في صالح احد، خصوصاً دول الخليج التي تربطها بإيران مصالح مشتركة سكانية وجغرافية وتجارية وتاريخية وغيرها تماماً مثلما يرتبط الخليج بأميركا بعلاقات سياسية وأمنية واقتصادية لا ينبغي زعزعتها تحت أي ذريعة سياسية او عسكرية او اقتصادية او غيرها.لقد حاولت دول الخليج مع ايران ابعادها عن تكرار الوقوع في المصيدة التي وقعت فيها العراق عندما أقدم على الحرب بكامل ارادته فكانت التداعيات التي مازالت إلى الآن يعيش مراراتها ليس العراق وحده وإنما سائر دول المنطقة ورغم معرفتنا بأن الأوضاع في ايران والعراق مختلفة، وعلى جبهات متعددة، الا ان الأعمال العسكرية واحدة من حيث انعكاساتها التي لا تستثني احداً من الخسائر في الأرواح والممتلكات، وحجم الدمار الهائل الذي تظل ايران تعاني منه في حال سريان مفعول العمل العسكري وامتداده إلى كل ما هو قريب من الأراضي الإيرانية، فضلاً عن ان الحرب لا تؤدي إلى دمار يعاني الناس منه فقط، وانما ايضاً معاناة الناس من أهواله تظل سارية لأعوام طوال.بإمكان ايران ان توقف نشاطاتها النووية غير السلمية، وتؤكد على ذلك عبر وكالة الطاقة الذرية، وتقطع الأهداف الأميركية في العمل العسكري، وتبين للعالم أنها صادقة في نشاطاتها النووية السلمية، وأنها لا تتحدى أحداً أسوة بما قامت به كوريا الشمالية التي علقت كل نشاطاتها الآن، وطلبت من كل الخبراء والمختصين في المجال النووي ان يأتوا لمشاهدة مفاعلاتها التي كما تقول اليابان والصين من ان كوريا أقدمت فعلاً على تفكيك هذه المفاعلات، مقابل معاهدة سلام وعدم اعتداء عليها من أميركا.أملنا في أن تبتعد ايران عن كل ما يؤدي إلى نشوب الحرب في المنطقة، خصوصاً وان الخليج خاض حربين بسبب سوء تصرفات صدام وزمرته، فكانت الحرب الخليجية الأولى بين العراق وإيران ادت إلى خسائر هائلة في الأرواح والمنجزات، ثم جاءت الحرب الخليجية الثانية فدخلت جيوش العالم إلى المنطقة لتحرير الكويت وما استتبع ذلك من ملاحقة صدام وزمرته وتحرير العراق من براثن نظام «البعث» لكن تداعيات هذه الحروب مازالت قائمة يعاني منها الجميع.

ضاري حمد الوزان

ضاري حمد الوزان / ليش كويتي وأفتخر؟
| ضاري حمد الوزان |ليش كويتي وأفتخر؟سؤال طالما طرحه كثيرون علينا وانتظروا منا إجابة عنه.وفي الحقيقة إجابته واضحة وماثلة للعيان، خصوصاً ممن كبَّل الإحباط أيديهم وجعلهم عاجزين عن اكتشاف مواضع القوة في أنفسهم.كويتي وأفتخر، لأن شبابنا ينحت في الصخر لتحقيق إنجازات لوطنه تكون مصدر عزة وفخر.كويتي وأفتخر، لأن شعبها يهب لمساعدة الجميع في كل أصقاع العالم ولا يبخل على أحد، فعطاؤه وخيره يصل الى آخر بقاع الدنيا.نعم نفتخر بشبابنا الخلاق الطموح الذي يصارع أمواج الإحباط لتحويلها الى بحيرات من النجاح في شتى المجالات.نعم نفخر بوطننا الذي ننعم بخيره منذ نعومة أظافرنا بدءاً من الخدمات الصحية والتعليمية التي تهدف الى بناء جيل يتمتع بمستوى صحي وتعليمي وثقافي يؤهله لبناء وطن عالي الهامة شامخ البنيان، وطن يتطلع أبناؤه لمستقبل مشرق، يحدوهم فيه الأمل للنجاح والارتقاء. ونستذكر بيت شعر للامام الشافعي رحمه اللهبقدر الكد تكتسب المعالي... ومن طلب العلا سهر اللياليولنستلهم من تاريخ الكويت وما قدمه آباؤنا وأجدادنا لهذا الوطن العظة والعبرة، لتكون لنا خارطة ترسم لنا معالم الحاضر وطريقاً نستشرق به الخطى نحو المستقبل.نحن في زمن الوفرة المالية وقد رصدت الدولة مبالغ ضخمة لدعم مبادرات الشباب ولكنها تصطدم بروتين وبيروقراطية تجعل المبادرين يحجمون عن متابعة احلامهم والركون الى الوظائف التي تخلو من فائدة تثري المجتمع وتحقق قيمة مضافة للفرد وتخدم الوطن والمواطنين حيث ان عدد المشاريع التي تم تمويلها من محفظة الهيئة العامة للاستثمار للمشروعات الصغيرة وصلت الى 800 مشروع في الكويت 25 في المئة منها تقريباً فشلت كما ان هناك دراسة تفيد ان 70 في المئة من اجمالي التراخيص التجارية في الكويت تفشل خلال 5 سنوات والباقي يستمر.إننا في أمس الحاجة إلى زرع الأمل في نفوس شبابنا وإعطائهم الفرصة لاثبات ولائهم وانتمائهم لوطنهم الكويت... الكويت التي تستحق قامتها خامات تحمل معاول البناء لا الهدم، فكويت الخير والعطاء تحتاج الى سواعد أبنائها للتعاضد والتكاتف وتفجير طاقات الإبداع وامتلاك روح المبادرة بعيداً عن الاحباط وضعف الهمة.نحن شباب واع وعلى قدر المسؤولية ولكننا نحتاج التوجيه والرعاية من الجميع نحن شباب منتج شباب طموح ولكن تنقصنا الارض الخصبة لكي نزرع عليها إبداعاتنا التي تجعلنا مصدر الفخر لكويتنا الحبيبة، يجب ان يحصل الشباب على فرصة لتغيير واقعهم ومن الضروري ان يتقبل المسؤولون هذا التغيير.دائما بالعمل والانجاز نسمو على اختلافاتنا ونتوحد حول راية الكويت وطننا الذي يجمعنا، لتعود الكويت الى ركب التقدم والرقي بسواعد شبابها ويظل الفخر باننا كويتيون نستنير طريقنا من شمعة امل تضيء لنا نور طموحنا لنحقق به مرادنا. والآن من المؤكد انكم عرفتم... ليش كويتي وأفتخر؟!رئيس مشروع كويتي وأفتخر@dharialwazzan

طارق آل شيخان الشمري

طارق آل شيخان الشمري / نظرية التسامح للإمام علي (عليه السلام)
بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يشهد التاريخ الإسلامي حتى يومنا هذا، ولن يشهد، شخصية تمثل رمزاً لمعنى ومفهوم التسامح مثل شخصية الخليفة الراشد الإمام علي (كرم الله وجهه). فقد أسس هذا الإمام العادل نظرية التسامح، والتي تفرعت منها معان ونظريات عدة، منها التسامح الديني والتسامح العرقي وغيرها من القيم المبنية على نظرية التسامح للإمام علي.وقد سبق الإمام على بنظريته هذه عن التسامح، المنظرين والفلاسفة في أوروبا، والذين بشروا بالقيم الغربية والمفهوم الغربي السائد الآن عن التسامح الديني والعرقي وحرية التعبير. وقد مكنت العوامل والظروف الإمام علي من تأسيس هذه النظرية والدعوة إليها وممارستها مع الآخرين حتى آخر يوم في استشهاده. ومن هذه العوامل أنه تربى في بيت النبوة وتخلق بالأخلاق المحمدية، وتزوج من زهراء المصطفى، أعز بناته وسيدة فتيات أهل الجنة فاطمة الزهراء، كما أنه والد سيدي شباب أهل الجنة، بالإضافة إلى أنه باب مدينة العلم، كما جاء في الحديث الشريف. هذه العوامل كلها مكنت الإمام علي من تأسيس نظرية التسامح مع الآخرين، سواء كانوا المؤيدين أو المخالفين أو المعارضين له. ويمكن أن نحدد أهم أسس هذه النظرية بالتالي:1 - احترام وتقبل الآخر: وخير مثال على هذا المفهوم هو ما جسده الإمام علي نفسه حينما رضي أن يقف مع اليهودي ليختصما أمام شريح القاضي بخصوص درعه التي سقطت منه بموقعة صفين، ليقول لشريح إن الدرع درعه وعلامتها كيت وكيت، وهذا الحسن بن علي شاهد على ذلك، ليرد شريح «يا أمير المؤمنين...إني أعلم أنك صادق ولكن ليس عندك بينة، وشهادة الحسن لا تنفعك لأنه ابنك وقد حكمنا بالدرع لليهودي، ليتقبل الإمام علي هذا الحكم ويحترم الرأي المخالف، مطبقاً مبدأ من مبادئ نظريته عن التسامح.2 - العفو والغفران: لقد طبق الإمام علي هذا المبدأ مع معارضيه. فحينما انتصر الإمام علي في موقعة الجمل، لم تحركه مشاعر الانتقام، والتي لا وجود لها أصلاً في شخصيته، وأعلن العفو والصفح عن كل المشاركين بالحرب من مخالفيه ومناوئيه والخارجين على خلافته وإمامته للمؤمنين، مؤكداً مبدأ من مبادئ نظريته وهو العفو والغفران.3 - العدل والمساواة: ولعل قصة استشهاد الامام علي ليلة الحادي والعشرين من شهر رمضان عام 40 للهجرة مثال عظيم على مبدأ العدل والمساواة لتلك النظرية. فعندما قام الخارجي عبد الرحمن بن ملجم بضرب الامام على رأسه قاصداً قتله، قال الإمام العادل، وهو يواجه اللحظات الاخيرة لانتقاله إلى الرفيق الأعلى، عندما قبض على قاتله قال لأصحابه: «النفس بالنفس، إن أنا متُ فاقتلوه، وإن سلمت...رأيت فيه رأيي». أي أن الإمام أراد تطبيق العدل والمساواة في الجرم والعقاب، فلا تمثيل بالجثة، ولا قتل لاي من أهله أو أصحابه لا ضرر يلحق بعشيرته. وحينما يتفوق الجزاء على الفعل والعقاب على الجرم، يصبح هناك عدم مساواة وعدل.إن في سيرة الإمام علي، وتطبيقه لمبادئ نظريته عن التسامح، دروساً وعبراً حري بنا أن ننتهجها وأن نستنبط منها نظريات فرعية وقوانين وقرارات في حياتنا، كنظرية التسامح المروري مثلاً، وهي احترام وتقبل السائقين الآخرين لأن الطريق ملك الجميع، والعفو عندما يخطئ السائق وأنت تسير بالطريق فتعمل على تصحيح خطئه من دون أن تترك عملية السير، وكذلك مبدأ العدل والمساوة وتعني أن من يسير بسرعة تفوق المعدل وهي 120 كيلو متراً، ويتسبب بمقتل عائلة، فإن العدالة والمساواة تقول إنه قتل مع سبق الاصرار، ويجب أن يكون العقاب مساوياً للجرم لأنه تخطى السرعة المحددة.لقد عجز التاريخ وعجزت الأمم وعجزت الحضارات وعجزنا نحن المسلمين من شيعة وسنة أن نؤسس نظرية للتسامح مثل الإمام علي، فإن فعلوا وفعلنا، فهي نظريات ناقصة ومبتورة وليست متكاملة ولا تساوي ذرة. فسلام عليك ايها الإمام المتسامح يوم ولدت، وسلام عليك يوم تربيت وتررعت، وسلام عليك يوم صاهرت، وسلام عليك يوم وليت، وسلام عليك يوم استشهدت، وسلام عليك يوم تبعث حيا.طارق آل شيخان الشمريرئيس مجلس العلاقات الخليجية الدولية (كوغر)[email protected]

طارق حجي

طارق حجي / الحلف غير المقدّس
معظم الشهادات الدراسية العربية لا يعترف بها العالم المتقدم... وجل مخرجات العملية التعليمية في المجتمعات العربية لا قيمة لها من منظور التطورات العلمية المعاصرة... كل مفردات ومنتجات وتجليات الطب والصيدلة والهندسة وعلوم الاتصال والسلاح والمواصلات في حياة المجتمعات العربية كلها هي من تجليات الآخرين... ومع ذلك، فعندما يأتي ابن أو ابنه لأحد هذه المجتمعات العربية ويرصد عيوب مجتمعاتنا ومنابت سلبياتنا التي أوصلتنا إلى هذه الحال والدرجة من التخلف والسلبية وعدم المشاركة في مسيرة التقدم العلمي والهوان التعليمي والعلمي... فإنه يوصف بأنه «جلاد العقل العربي»!وفي الوقت ذاته الذي يمضي جل العرب آلاف الساعات في الشكوى من سوء الأحوال الحياتية كلها (السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلمية والخدمية والإدارية والتعليمية)، فإنه ما ان يهب ابن أو ابنة من أبناء وبنات تلك المجتمعات جل فكره وثمار محصوله المعرفي وتجربة حياته الثرية، من أجل وصف العلل ورصد منابعها ومسبباتها وتشخيص سبل وآليات البرء والشفاء من تلك العلل كلها، وبالتالي إنقاذ تلك الشعوب السائرة في التخلف خارج مسيرة التقدم والتمدن والإنسانية، حتى تتجه إليه الأصابع والعيون والحناجر بالتهم والتجريح ويغالي البعض فيسمون من تطوع بالطبابة بما يشين ويهين ويدين...ماذا يريد الناس في هذه المجتمعات التي تعيش (بما فيها المجتمعات النفطية الثرية فأولئك من دون النفط يكونون أفقر من الفقر ذاته) وما الذي يريدون سماعه من مفكريهم المخلصين والمؤهلين لمعرفة ما يتعلق بالداء كله، وما يتعلق كله بالدواء والبرء والشفاء؟ أيريدونهم أن يمسكوا بالطبلة والمزمار والرق ويشاركوا في كيل المديح لعظمة وأمجاد وعبقرية ومنتجات ومخترعات العرب؟ أم يريدونهم أن يلتحقوا بجوقة الرياء لقادة لولا سخرية القدر لما كانوا إلا موظفين صغاراً بحجم ومستوى مؤهلاتهم المتواضعة؟إن الهجوم على الذين وهبوا حياتهم وجهدهم وثمار محصولهم المعرفي وكيل التهم الزائفة لهم ونعتهم بأنهم جلادو العقل العربي لهو دليل دامغ على أن البعض أضاف إلى علة التخلف علة أخرى هي عمي البصيرة... ومما يحزن أن الشعوب تكره الأطباء المخلصين الذين يصارحونها بحقيقة وفداحة وحجم العلل وتحب الأطباء الكذابين، الذين تحدث عنهم جبران خليل جبران في العام 1920، والذين يمتهنون قول وكتابة ما يود الناس سماعه، لأنه الأسهل والأيسر ولا يكلف صاحبه إلا أن ينسى ضميره ويخون علمه وفكره ومصداقيته...ومن الأمور المؤسفة (ولكنها مفهومة) التي تقع هي أنه ما إن يخرج في مجتمعاتنا من يقول الحقيقة وينبه الناس إلى حقيقة أننا خارج التاريخ والحاضر والمستقبل، وإننا (للنخاع) متخلفون وغير مفيدين (بأي شكل للإنسانية) بل ومضرون... حتى يأتلف عليه حلف ثلاثي من الحكومات والسلطات، والمؤسسات الدينية، والإعلام المرتبط مصلحياً إما بالسلطات، وإما بالثيوقراط، وإما بالاثنين في آن.أما الحكومات والسلطات، فلأنهم يعلمون أن مواطناً ذا عقلية نقدية تصل إلى القول الفصل، وهو أن مجتمعاتنا متخلفة بما تعنيه كله العبارة من معانٍ، وأن الذين حكموا والذين لا يزالون يحكمون هذه المجتمعات هم سبب الحال المتخلفة الراهنة، وأن لوم جهات خارجية هو مخدر بمعاني كلمة المخدر كلها... إن القائمين على مجتمعاتنا يعلمون أن مواطنين بهذه الرؤية لا يمكن أن يقبلوا استمرارهم، وهم الذين رُفع اللثام عن جهلهم وعجزهم واستبدادهم وفسادهم وفساد بطانتهم وذويهم. وأما قيادات ورجال المؤسسات الدينية في مجتمعاتنا، فإنهم أول من يعلم أن مواطنين متعلمين تعليماً عصرياً وأصحاب عقليات ناقدة لا يمكن أن يقبلوا فكر ورؤى ونظم القرون الوسطى التي يقدمها الكثير من رجال المؤسسات الدينية بالمجتمعات العربية.إن نظام الحياة الذي يروج له الكثير من رجال الدين في مجتمعاتنا وإنما يعكس سطحية وبدائية ومحلية رجال الدين في مجتمعاتهم، كما يعكس معالم بيئاتهم الاجتماعية المفعمة بالفقر والتخلف التعليمي والثقافي والرجعية والظلامية وانقطاع الصلة بعوالم التقدم والتمدن والتحضر. ودليلي ببساطة: هل يوجد ألماني أو سويسري أو ياباني أو نرويجي واحد يقول إن مفكره الأمثل هو الشيخ الفلاني؟ وأما الإعلام في مجتمعاتنا فقطاعات عدة منه هي ذات مصالح حياتية مصيرية مرتبطة إما بمؤسسات السلطة والحكم، وإما مرتبطة بالمؤسسات أو التيارات الدينية.طارق حجيكاتب مصري، وهذا المقال يُنشر بالتعاون مع مشروع «منبر الحرية» www.minbaralhurriyya.org

طريف الخياط

طريف الخياط / الكرد في سورية بين الواقع والتاريخ
أن تتعرض لاضطهاد الأقوياء وتمارسه بدورك على الضعفاء هو ما يمكن أن يسمى بازدواجية الأخلاق. تعتبر القضية القومية الكردية من أكثر قضايا المنطقة تعقيدا، انتهجت حيالها كل من تركيا و إيران والعراق وسورية استراتيجية ضمنية مجحفة باعتبارها خطرا على الأمن القومي لتلك الدول قد يتسبب باقتطاع مساحات واسعة من أراضيها، في رقعة تضم أهم الخزانات النفطية و المائية في المنطقة.من الخطأ النظر إلى قضية الكرد في سورية بمعزل عن الإطار التاريخي لنضال كردي مليء بالوعود المخيبة للآمال، تعود جذوره لمعاهدة سيفر عام 1920 التي مثلت أول اعتراف دولي بحدود مبدئية لخارطة كردستان، أعيد اقتسامها في معاهدة لوزان الثانية عام 1923 إرضاء لتركيا الكمالية بدعم غربي. وفي عام 1946 قامت جمهورية مهاباد الكردية في أذربيجان الإيرانية واستمرت لأقل من عام، قوض أركانها الجيش الإيراني بعد انسحاب السوفيات. يستمر تاريخ القرن الماضي في سرد قصة نضال مؤلم، استغلت خلالها القضية الكردية كورقة سياسية يسهل التخلي عنها، ففي حين كانت إيران تدمر القرى الكردية على أراضيها وسورية تضطهد الكرد في شمالها الشرقي، كانت الأسلحة تعبر إلى كرد العراق من الأولى وكرد تركيا من الثانية، وفي الحالتين تم سحب الغطاء عن الكرد في تسويات لم تضعهم ضمن حساباتها. لقد نتج عن توزع الكرد إداريا ضمن أراضي عدة دول خصوصية ثقافية وسياسية تطبع المجموعات الكردية حسب الدولة التي تتبع لها، حيث تتنوع الأبجديات التي تكتب بها اللغة الكردية و تتنوع لهجاتها وتختلف مشاكلها الاجتماعية ومطالبها السياسية تبعا للحقوق القومية الممنوحة لها في كل دولة، لكنهم استمروا في النضال يجمعهم حلم واحد بوطن تحت علم كردستان. تضع القضية الكردية بثقلها في المشهد السياسي السوري، وتبذل قوى المعارضة المختلفة قصارى جهدها لاستقطابهم. وبين لامركزية الدولة التي تنادي بها هيئة التنسيق الوطنية، وتوسيع صلاحيات الحكم المحلي مع الاعتراف الدستوري بالقومية الكردية التي تعهد بها المجلس الوطني السوري، تتوزع أحزاب المعارضة الكردية. فيتحالف حزب الاتحاد الديموقراطي النسخة السورية من حزب العمال الكردستاني التركي- مع الهيئة ويسعى لفرض حل بالقوة على طريقة نظيره التركي، في حين أن المجلس الوطني الكردي يتبنى نهج الحوار مع الوطني السوري للحصول على التعهدات والضمانات لتثبيت الحقوق الكردية المشروعة. لا شك أن المجلسين الوطنيين الكردي و السوري الذي يحظى بشرعية دولية- يتمتعان بقبول أكبر ضمن شارعيهما خصوصا في فئة الشباب، لكن التباينات السياسية السابقة تفرض نفسها في الكواليس وسط مخاوف من تكرار نسخة سيئة من النموذج العراقي، تهدد بتعدد الأقاليم التي قد لا تقتصر على الكرد، في مساحة جغرافية ضيقة، ما قد ينجم عنه توزيع غير عادل لثروات البلاد وحدودها الجغرافية البرية والبحرية. يجب أيضا أخذ الخصوصية الكردية بعين الاعتبار في الحالة السورية، حيث لا يزيد تعداد الكرد عن 10في في أحسن تقدير و لا تتمتع تجمعاتهم الرئيسية بالاتصال الجغرافي، تركيا بدورها طرف ثالث في الأزمة، إذ لا يمكن تجاهل تأثيرها على قرار المجلس الوطني السوري أو تجاهل صراعها التاريخي ومخاوفها من الكرد على أراضيها، ما يجعل موقف المجلس الوطني السوري من القضية الكردية طرحا متقدما بحد ذاته، يقوم على تبني الممكن من الحلول.«لا أصدقاء للكرد سوى الجبال» عبارة شهيرة للملا مصطفى البارزاني، تشكل خلاصة تاريخية في الفكر الجمعي للشعب الكردي، ما يجعل الحذر المفرط في مناخ من عدم الثقة سمة عامة للشخصية السياسية الكردية، يجب على العرب أن يتفهموها. حق تقرير المصير للشعب الكردي هو قضية أخلاقية محقة، لكنها خارج صلاحيات المجلس الوطني السوري، وتقع على عاتق هيئة منتخبة لصياغة الدستور الوطني. المطلوب اليوم من جميع القوى التحلي ببعض الواقعية السياسية، وتقبل حلول تراعي الخصوصية السورية ولا تدمر كيانها كدولة ذات سيادة و قابلة للحياة. فالهدف المرحلي هو إقامة دولة المواطنة التي تتكفل بحل أزمة بين شعبين، لا يمكن اختزال تاريخهما المشترك بأخطاء من القرن الماضي، ساهمت فيها جميع شعوب المنطقة. طريف الخياط  [email protected]

عائشة اللوغاني

عائشة اللوغاني / لقطات في حياتي اكتشفها وقدرها
يوجع قلبي ما يحدث في بلدي من توتر وترقب وتأزيم وقلق، هل نعيش أزمة تواصل مع الآخرين، أم نعيش أمية نفسية وثقافية، أم لا نريد الاعتراف بأخطائنا ولا نريد أن نتعلم منها، أم ما هي الحكاية؟تأملت كثيراً بحالنا وبحثت في أصل المسألة فوجدت أن من أهم الأسباب بل أولها أننا نجهل قيمة ذواتنا، نعم... مهما كان الواقع مؤلما، أو سلبيا، أو سيئا عند البعض، ومهما تعطلت التنمية والمشاريع، ومهما كانت هناك من الاشكاليات، يبقى سر هذه الفوضى وفي الدرجة الأولى عدم اكتشاف وتقدير ذواتنا. القضية ليست فقط في وجود الفساد في البلد، وإن كانت هذه قضية، لكن القضية الأهم تلك الذوات التي تدير هذه الأزمات، الأزمة تتطلب وقفة مع الذات، نعيد فيها الاكتشاف والذي يشكل أهم مرحلة في إصلاح الوضع. قال جل وعلا «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم»، ولا يتأتى التغيير ما لم تتم عملية الاكتشاف هذه، إن هذا الاكتشاف هو الذي يحدد مسيرة الحياة المستقبلية وهنا تكمن خطورته، عندما أراقب ما يحدث بين الحكومة والمجلس والشعب أحزن بسبب طريقة التعامل مع هذه الاشكاليات، حظوظ الأنفس الخادعة تجلت بوضوح، وفرط الانفعالات تصدر في الحركة الحياتية والحديث بين الناس، وانتشار المعلومة الخاطئة والكاذبة شوش الأذهان فلم تعد قادرة على الإنصاف ورؤية الحق، بل وزاد البعض في أنه لا يريد معرفة الحقيقة لأنه وجد لذته النفسية في هذه الكذبة أو تلك، واختلط الصدق بالكذب. كل هذا وأكثر سمة الجو الذي نعيش، إنه جو أشد خطورة من الغبار الأحمر الذي غطى سماء الكويت منذ فترة، إنه جو يفتقد للهواء النقي.وكوني مرشدة ومدربة محترفة في المجال النفسي فإن ألمي أكبر وهمي أثقل، لذلك أقول لابد لنا من وقفة جادة مع ذواتنا نكتشفها ونتعرف على قدراتنا وإمكاناتنا ومواهبنا، وفي هذه الحال سوف يرتفع معدل تقديرنا لذواتنا، ويترتب على هذا التقدير الارتقاء في أخلاقنا وسلوكنا وطريقة تعاملنا مع كل ما يحيط بنا، هذا التقدير العالي يجعل العقل أكثر هدوءً، والنفس أكثر سلاماً وصفاءً مما يترتب عليه رؤية الحقائق، ومن ثم يأتي بعد ذلك وضوح الأهداف ووضع الخطط للإصلاح، وارتفاع معدل استيعاب الطرف الآخر وفهمه، وتعلو الهمم وتزيد المناعة النفسية مما يؤدي إلى زيادة الإصرار والاستمرار في خطة الإصلاح مهما واجهتنا من عقبات، وأعلم أن ذلك ليس بالأمر الهين ولكنه ليس مستحيلاً، كما أنه يحتاج من الوقت الكثير، فأصعب بناء بناء الذات البشرية المتوافقة مع محيطها الخارجي.اكتشاف وتقدير هذه الذوات نقطة البداية في أي نجاح في الحياة، الزمن يتسارع ولا وقت لدينا لنضيعه، فلننطلق جميعاً في رحلة الاكتشاف والتقدير. ولكم مني كل الحب والتقدير.عائشة اللوغانيالاستشارية والمدربة النفسية[email protected]

عائشة عبدالمجيد العوضي

عائشة عبدالمجيد العوضي / في العمق / «نصف قرن» من الانتظار... أين القرار؟
قضية لها جذور عميقة أطرحها بين يديكم... قضية ترسم بكل أحرفها مناشدة للضمير الإنساني، إنها قضية أليمة تنهمر لها العيون دمعاً ويتقطع لها القلب ألماً، صوّرت لنا الآلام والمآسي في أبلغ صورها، كيف لا وهي قضية متعلقة بالكرامة الإنسانية التي هي أصل حقوق الإنسان، إن من الطبيعي من يطّلع على هذا الملف الخاص بهذه القضية سيرق قلبه بالضرورة وليس من الطبيعي في شيء ما هو عكس ذلك! تلك القضية التي رُسمت بل نُحتت في قلب كل من يتمتع بضمير حي، إنها ليست قضية من نسج الخيال بل هي واقعية أشبه بالخيال! تصف أصعب سبل المعيشة وأضنكها، أحد أطراف هذه القضية فئة هُضم حقها في هذا البلد، والطرف الآخر هو هذا البلد الذي يحسده صديقه على دستوره وديموقراطيته! ولن أحدد في طرحي لهذه القضية أي الأطراف هو الجاني وأيهم المجني عليه تاركة لكم وحدكم بل لضمائركم الحكم! ولو عرضتم هذه القضية على طفل لاستطاع بكل بساطة أن يحدد الجاني من المجني عليه! وأستسمحكم عذراً قد تتبعثر مني المفردات وتتفلت من ذهني الكلمات ليس قصوراً مني بل لشدة حزني وألمي.إنها قضية «البدون في الكويت»، هؤلاء الذين حُرموا من أبسط حقوقهم الإنسانية بإرادة من البشر، نعم بإرادة من هؤلاء الذين شغلوا المناصب فاتخذوها تشريفاً لا تكليفاً، فلم يكلّفوا أنفسهم عناء إحقاق الحق وإنصافه، إنها قضية الحقوق الإنسانية المسلوبة هذه الحقوق التي هي ضمانات ربّانية لكل البشر وهي هبة منه سبحانه إلى جميع خلقه ليس لأحد، مهما كان منصبه، الحق في التصرف فيها أو نزعها، إلا أن هناك من لا يستطيع بل لا يرغب في التمييز بين الحقوق الإنسانية وبين انعدام الجنسية فيخالف كل ذلك عامداً قاصداً تحت مزاعم وشعارات لا أستطيع تسميتها تسمية أرقى من كونها زائفة لا علاقة لها لا بضمير ولا بأمن ولا بقانون ولا بدين ولا بعرف... وأنطلق معكم لنقلب بعض أوراق الملف الحقوقي الخاص بــ«الطفل البدون» هذا الطفل الذي لم يتعلم من الدنيا سوى الفقر والجوع والدموع، وعند فتح هذا الملف سيفتح الحزن معه بابه على مصراعيه، لنستعرض معاً، بشكل مختصر، ما يعانيه هذا المخلوق البريء الضعيف، الذي ليس له أدنى ذنب في الظروف التي يعيشها فقد حرم هذا المسكين من أبسط ما يتمناه الطفل في عمره، نعم لقد حرم حتى من أن يلعب بألعاب تليق بطفولته، تخيل أيها الأب... أن يطلب منك طفلك البريء أبسط حقوقه الطفولية وهي لعبة زهيدة الثمن إلا أنك لا تستطيع إحضارها له، ألا يعتصر قلبك ألماً؟ ليس هذا فحسب بل حرم من أن يأكل الحلوى إلا في أضيق الحدود فهو يكاد ينسى ما هو طعمها، بل وحتى الأحلام باتت بعيدة المنال بالنسبة لهم فلا يكاد يحلم الطفل إلا ويكتشف أنه ليس له الحق في النعيم بتلك الأحلام، تصور حتى الأحلام باتت مسلوبة ليس لشيء وإنما بسبب حدّة الواقع فبمجرد أن يفتح عيناه يبصر واقعاً يرفضه فتتحول تلك الأحلام إلى كوابيس مزعجة، ويتوحّد حلمهم جميعهم بلا استثناء ليصبح حلمهم الأوحد هو التفات المجتمع إلى معاناتهم والكف عن عزلهم ونبذهم، ويصبح أقصى طموح ذلك الطفل «البدون» أن يرتدي ملابس المدرسة، وأن يجلس على مقاعد الدراسة، وأن يعرف كيف يكتب وكيف يقرأ، من المسؤول عن كل ذلك، من المُلام عن وجود (50.000) طفل «من البدون» تتراوح أعمارهم من (5 أعوام إلى 18 عاما) من دون تعليم في الكويت، أين حقوق هذا المخلوق البريء؟ هل من المعقول أن تضيع حقوقه وسط معمعة القانون والسياسة والأمن القومي!وليس ذلك فحسب بل تخيل أن طفلك الذي تتمنى له مستقبلاً زاهراً باهراً، أجبرتك ظروفك لزجّه بالشوارع وعند الإشارات المرورية ليبيع بعض الأشياء الزهيدة ويلبس ملابس رثة وينتظر شفقة الناس عليه ليعود فرحاً مسروراً بما جناه، بل ولا يسلم من مطاردة الشرطة له، في الوقت الذي ينام فيه أقرانه في منازلهم أو يخرجون للتنزه مع عائلاتهم ويلبسون من أفضل الملابس وأغلاها ثمناً، وما كان هذا التمايز لشيء إلا لسبب واحد وهو أن طفلك المحروم من أبسط حقوق الحياة هو من فئة «البدون».أسألكم طامعة بإجابة واضحة صادقة، يا من وقّعتم بمحض إرادتكم على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ما هو غرضكم، هل هو إنساني بحت أم «برستيج» أمام الدول الأخرى؟ يا من وقّعتم على نصوصه التي من بينها بل ومن أهمها هو (أن لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات دون تمييز......)، أين التطبيق ولو بنسبة بسيطة لبنود هذا الإعلان، ولنقل أنكم غير مؤمنين بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان ولا ترون ضرورة في احترامه، فأين أنتم من الإعلان الإلهي لحقوق عباده الذي يعلو ويسمو على كل هذه الإعلانات والمواثيق والاتفاقات الدولية، وإن كنتم على يقين أن هذا الإعلان العالمي برقابته الدولية ليس ذا تأثير، فأين أنتم من الرقابة الإلهية!إلى متى هذه المعاناة المصحوبة بقدر عظيم من الإهانات، نصف قرن... نعم إنها (50) عاما وهذه الحقوق الإنسانية مسلوبة، ومن جهة أخرى هذه المشكلة تتفاقم وكأن الزمن كفيل بحلها إلا أنه وللأسف زاد تعقيدها، متى سنعترف أن هذه الفئة صاحبة حق إنساني كما بقية البشر؟ وكون أصحاب هذه الفئة بلا هوية فذلك لا يعطي الحق لأي كان سلبهم حقوقهم الإنسانية.ومني إلى أصحاب القرار، إلى متى ستستمر هذه المعاناة، إلى متى سيبقى الوضع متعسراً ومعلقاً ومثار للجدل داخل الأوساط المحلية والبرلمان الكويتي، إلى متى سيلتبس الحق بالباطل، إلى متى ونحن لا نمتلك الرؤية الواضحة الجليّة للمستقبل، أو قد يمتلكها البعض ويتعامى عنها، إلى متى هذا العمى التخطيطي وهذا العجز وعدم الجرأة في اتخاذ القرار، متى ستوضع نقطة النهاية لهذه القضية، والتي ستكون نقطة بداية حياة إنسانية كريمة لهذه الفئة؟ هل من المعقول أنه يصعب علينا أن نتجاوز كونهم وأصلهم وفصلهم و«بدونيتهم» ونصل إلى مرحلة من التجرد لا نتذكر فيها سوى أنهم بشر يحتاجون كما نحتاج لا يقلون عنا بشيء من الإنسانية.عائشة عبدالمجيد العوضي[email protected]

عادل حسن دشتي

عادل حسن دشتي / شقشقة / النواب وفن اقتناص الوزراء
عادل حسن دشتيلا يستطيع أي متابع لمجلس الأمة أخيراً إلا أن يلاحظ أنه أصبح لدينا عدد لافت من نواب الأمة، إضافة إلى كتل برلمانية تخصصوا في فن اقتناص الوزراء سواء كان ذلك بالحق أو بالباطل، فبمجرد تشكيل الحكومة، بل وحتى قبل تشكيلها يضع هؤلاء النواب وكتلهم البرلمانية خطة محكمة لاقتناص بعض الوزراء ووضعهم تحت دائرة الضوء تمهيداً لإنهاء حياتهم السياسية وبالضربة القاضية، ولأسباب نتركها لمقالات مقبلة، ويكون تطبيق مراحل تلك الخطة بالتدريج، بدءاً من اتهامهم لبعض المرشحين للمنصب الوزاري بالتأزيم في خطوة استباقية لمنع توزيرهم أصلاً، مثلما حدث مع بعض الوزراء السابقين، مروراً بالتشكيك بدستورية توزير البعض الآخر، مثلما حدث في جلسة الهرج والمرج مع الوزيرة السابقة الدكتورة معصومة المبارك.أما من يفلت من هؤلاء الوزراء من هذا الفيتو والطوق النيابي المبكر، ويحوز على ثقة رئيس مجلس الوزراء، فإنه ينتهي به المطاف على منصة الاستجواب أو بتقديم استقالته. وتعاد الكرة مع كل تشكيلة وزارية، إذ يبدو أن أمام بقية الوزراء طرقاً عدة في كيفية التعامل مع هذا الوضع المضطرب، فهو إما أن يتعامل مع نواب الأمة بالطريقة الكويتية المعروفة ويفتح الأبواب على البحري كما يقولون ويستبيح الوزراة لقبيلته أو لعائلته أو لطائفته مع عدم رفض أي طلب لأي من هؤلاء النواب أو الكتل ويكسب مقابل ذلك ذهب الصمت النيابي المنشود، وإما أن يحاول وضع تصور وخطة استراتيجية طموحة للنهوض بوضع وزارته ويحرص على تطبيق القانون واللوائح والحد من سياسات الاستثناء في كل شيء، وسيصطدم هنا بمختلف أدوات الضغط النيابي والإعلامى وحتى الحكومي، فكم وزيراً استطاع الصمود أمام كل هذه الضغوط ومعوقات تطبيق القانون وكم وزيراً استطاع أصلاً وضع خطة طموحة كهذه ودافع عنها، وإما أن يحاول موازنة الأمور والتعامل مع هذه المتغيرات بواقعية كما يقولون، فمعاملات النواب تعامل باهتمام شديد وجماعته فوق كل اعتبار لضمان أكبر عدد منهم لملء مقاعد قاعة عبدالله السالم حسبما صرح بذلك أحد نواب الأمة في استجواب سابق، مع غض الطرف عما يحدث من تجاوزات خطيرة تعبث بالوزارة، فخلف كل فساد مجاميع ضغط وتضارب مصالح لا قبل للوزير بمواجهتها إن أراد الاستمرار في وزارته وليشرب المواطن البسيط من البحر، وإما أن يكون الوزير بلا طعم ولا رائحة فلا خطة ولا استراتيجية ولا هم يحزنون فقط إرضاء للنواب والأقارب والأصحاب وتعيين أبناء العمومة، ممن لم يحالفهم الحظ في الانتخابات الفرعية، كمستشارين في مكتب سعادة الوزير بلا حساب ولا عقاب ولا حتى عتاب من أحد، فشهود الزور أكثر من أن يحصوا، ونتساءل بعد ذلك كله عن سبب تخلفنا بين الأمم والناس، ولا عزاء للوطن.عادل حسن دشتيكاتب كويتي[email protected]       

عالية شعيب

لماذا التغيير مخيف؟!
نشرت مجلة هارفارد للأعمال أخيراً دراسة مفادها أنه بعد اجتماع مئة مدير تنفيذي لأهم شركات الأعمال في أميركا. اتضح أن 85 في المئة من شركات الأعمال تعمل خططاً للتغيير على مستوى الفرد والمجتمع، سواء على المدى القريب أو البعيد، لكن 15 في المئة فقط، من ينجح منها في تنفيذ تلك الخطط.مما استدعى سؤالنا التالي: لماذا التغيير صعب. ولماذا يتمسك الفرد - وبالتالي المجموعات في البيت والعمل والشارع والسوق - بالروتين المعتاد، و رغم الانفتاح على مواقع التواصل والأفكار الجديدة، نجد تخوفاً كبيراً وتردداً في ما يخص التغيير، مما يعكس انخفاض درجة الثقة بالنفس والقلق من الفشل والمغامرة، والاستعانة لما هو معروف وموجود ومعهود ومعتاد. التغيير السياسي يبنى غالباً على:أسس جديدة، عمليات وأدوات وتكنولوجيا مختلفة، كما تركز كبريات الشركات على أنماط مختلفة من السلوك، طرق التدريب والمهارات المغايرة لما هو موجود. سواء بالطلب من الموظف تقديم أفكار جديدة، تحفز تلك المقابلة لها لدى الزبون أو المشتري/ المستهلك. لكن ما يغفله هؤلاء هو: حالة «التعود الأخلاقي» من الأفكار والشعور لدى الفرد، وغالباً من هنا تنشأ حالة المقاومة للتغيير.حيث المعتقدات الثابتة وأنماط السلوك المتوارثة عن قناعات يصعب الحياد عنها، المغروسة عميقاً في الإدراك وتمتد جذورها للاوعي، التي من شأنها تحديد نظرتنا لأنفسنا والآخر والعالم من حولنا. كل ما سبق يصب في ما يسميه علم النفس الحديث بـ«المناعة ضد التغيير». وأميل لتعبير: مناعة ضد التطور/ التحرر/ التخلص من المنظومة القديمة التي لقنت الفرد أفكاراً قديمة ضد إرادته وذكائه وحريته وتحقق هويته وإبداعه، وحشرته في علب فكرية قاتمة... قيدته وكبلته وقتلت كل إمكانية فيه لتحقيق ذاته، كما هو يرى وليس كما يرى «المجموع»: القطيع، التراث؛ توجه المجتمع التقليدي. لذا أرى أن أي نظرية تغيير/ تطوير، لابد أن تكون موجهة للإنسان، لـ«عقله وإرادته وقلبه»؛ كي يكون ذكياً، حراً، شجاعاً.

عامر الفالح

عامر الفالح / نبض اليراع/ فسادُ الوعظ والفقهاء
عامر الفالح  ما نسمعه عن فقهاء ودعاة الفضاء المفتوح أو القنوات يسيء بحق لقدسية ومكانة الفقه والوعظ والعلم الشرعي، كما تعلمناها وقرأنا عنها عبر التاريخ الإسلامي...فمن يقتات على الفقه وترتيل القرآن ويجني الثروات من وراء تعبير الرؤى في المنامات، والرقى، والقراءة على الزيوت، والمياه المعبئة، والفتاوى «المسلوقة» فهو أقرب إلى النفاق منه إلى الإخلاص فهذه المهنة أصبحت أقصر الطرق إلى الثراء.سمعنا عن شيخ لا يقبل في اللقاء الفضائي الواحد إلا مبلغاً وقدره، وسكناً في أرقى الفنادق، ووسيلة تنقل حديثة، حتى يفتي للناس في مسائل شرعية ودعوية، وآخر لا يقبل في جلسات الرقى الشرعية إلا مبلغاً وقدره، وأجر الساعة عنده يفوق أجر المغني أو المطرب، وآخرون خصصوا مديري أعمال يديرون لهم محاضراتهم الفضائية والخاصة، ومديرو استثمار يستثمرون ما يجنون من ثروات باسم «نشر الدعوة» وتثقيف الناس في أمور دينهم  ومجموعة من الفقهاء والشيوخ يطلق عليهم فقهاء النخب والأثرياء، وآخرها بدعة شركات الاتصالات الجديدة لمن يريد فتوى عبر «الإس ام أس» للشيخ الجليل صاحب الفقه الغزير أرسل رسالة تأتيك الفتوى خلال ثوان...الفساد وباء، بل طاعون أصاب حياة الناس بأكملها، فمثلما طال الفساد عمل الوزارات والإدارات والمسؤولين  كذلك الفقهاء، ومن يحملون العلم الشرعي، لم يكونوا بمنأى عن براثن هذا الفساد.الفقهاء والدعاة الأثرياء الأولى أن نوجه إليهم سؤال البرلمانيين: من أين لك هذا؟ من أين جنيت هذا المال؟ بأي حق وبأي مخرج شرعي تستحل هذا الجني على حساب الدين؟ أحد تلك الأسماء أصبح ثراؤها فاحشاً عن طريق الرقى الشرعية عبر الفضائية التي يمتلكها.  جميل أن نرى القنوات الفضائية وسيلة لتثقيف الناس في أمور دينهم، ولكن من غير المقبول استغلال هذه الأسماء الدعوية والفقهية وما يحملونه من علوم للثراء وجني المال، ورسولنا الكريم حذرنا من الأكل بالقرآن والتكسب من ورائه «إقرأوا القرآن ولا تأكلوا به»، والأدلة المحرمة في ذلك ليست للحصر.(1)قالوا الفساد قد انتشرْ!أضحى طِباعاً للبشرْفي كُلِّ يومٍ نَسْمَعُ عن مُفسدينَ وَجُشَّعُ قالوا وزيرٌ مفسدُصارَ الفسادُ بلا يدُوكلاؤهُ...مُدراؤهُ...عُمَّالُهُ...هم مُفسدونَ كما الوزيرِ «المفسدُ»(2)طالَ الفسادُ فقيهَنا و«الواعظُ»شيخُ الفضاءِ الباهِظُلا يُفتي إلا يَقْبِضُ وُعَّاظُنا...فُقهاؤُنا صاروا ملوكاً في الفضاءْصاروا رموزاً في الثراءْالوعظُ ليسَ بلا ثمنْوالفِقْهُ ليسَ بلا ثمنْكم تدفعونَ لمِوعظةْ؟ساعاتُنا هي باهِظةْ لا نرضى إلا بالثَّمنْ والدَّفعُ حالاً لا غداًساعاتُنا هي مُلكُنا ذاك الزَّمانُ الأوَّلُالوعْظُ كان بلا ثَمَنْكان الفقيهُ تَطَوُّعًا...لا الأجرُ يسأل أو ثَمَنْلكننا صارت مواعظُنا تُقَدَّرْ بالثمنْكم تدفعونَ فأُوعِظُ؟ كم تدفعونَ لِرُقْيةٍ؟كم تدفعون لِفَتْوةٍ؟لا خيرَ فيمن يُوعِظُ ويُساوِمُلا خير فيمن للفتاوى يَنْهَمُيجني الدّراهِمَ لِلثَّراءِ ويَنْعَمُ   [email protected] 

عايض البرازي

الظهور الإعلامي لرئيس الحكومة ... نقلة تُحسب له
سحبَ الظهور الاعلامي لسمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك البساط من وزراء حكومته وسجل حضوراً مميزاً لسموه، بدءاً من مداخلته حول مكافحة الفساد، مرورا بكلمته المميزة في مجلس الامة وانتهاء بحديث للصحافيات الخليجيات الأسبوع الماضي.النهج الإعلامي الجديد للمبارك كسر به جمود الوزراء وصمتهم عن الانجازات التي تحققت خلال السنوات الست الماضية، الامر الذي دفع النائب ثامر السويط الى توجيه سؤال برلماني الى نائب رئيس مجلس الوزراء أنس الصالح يسأل بموجبه عن دور الناطق الرسمي للدولة ودور الادارات التابعة له وارتباطها بوسائل الاعلام المختلفة.الظهور الاعلامي لسمو رئيس مجلس الوزراء أوجد ارتياحا شعبيا واسعا يضم الى ملف مكافحة الفساد الذي بدأته الحكومة أخيرا ويسد فراغا عانت منه الحكومات المتعاقبة في دفاعها عن انجازاتها ونفيها للقصور، مع توجه أغلب وسائل الاعلام الحديثة ( وسائل التواصل الاجتماعي ) الى مهاجمة الحكومة باستمرار تصيد الاخطاء وخلق أحداث غير صحيحة.الحكومة ممثلة برئيسها خطت الخطوات الاولى لسد الفراغ الاعلامي، وكسر الجمود الذي كان محيطا باجتماعات مجلس الوزراء والاحداث المرتبطة بقراراته، ومهّدت لنهج جديد يخرج بموجبه الوزراء الى وسائل الاعلام ويدافعون عن قرارات وزاراتهم بشكل خاص وإنجازات الحكومة بوجه عام.الخطوات الاعلامية الحكومية ستحتاج الى جهود جبارة للحاق بالالة الاعلامية لمجلس الامة، والتي تواجدت بشكل كبير على الساحة السياسية السنوات الخمس الماضية وتمثلت في انشاء رئيس مجلس الامة مرزوق الغانم لقناة المجلس، والتوسع في خدمات جريدة الدستور والموقع الالكتروني الرسمي ووسائل التواصل الاجتماعي، اضافة الى تغطية الوسائل الاعلامية التقليدية (صحف_قنوات) وتغيير اللوائح المعمول بها لسرية جلسات مجلس الوزراء رغم التسريبات المستمرة لهذه الجلسات وقراراتها للصحافة.التغير الاعلامي الحكومي يجب ان يقابله ظهور الوزراء في كل وسائل الاعلام، والتعامل بشفافية مع المواطنين وتغيير آليات مجلس الوزراء، خصوصا ما يمس الجانب الاعلامي، فالحكومة تملك أكبر جهاز إعلامي ممثل بتلفزيون وإذاعة الكويت ووكالة الأنباء الكويتية إلا إنهما مكبلتان بروتين القرارات الحكومية!

عبد الرحمن عبد المولى الصلح

عبد الرحمن عبد المولى الصلح /بترول العرب... للعرب؟
أخيراً، تحققت النبوءة. صدق المنجمون، هذه المرة، ولم يُكذبوا. تخطى سعر برميل النفط الـ 80 دولاراً، لا بل وصل الى المئة دولار. وليس من المتوقع أن تهبط الأسعار في القريب العاجل. فالمثل الفرنسي الشهير، يقول: «الأسعار تصعد بالمصعد، وتهبط على الدرج»! أي على مهل. وحين وصل سعر برميل النفط الى ما فوق الخمسين دولاراً، صعق الناس للوهلة الأولى، ثم، سرعان ما اعتادوا على سعر الخمسين دولاراً، والأمر نفسه قد ينطبق على سعر المئة دولار، والذي قد يضحى سعراً مقبولاً مع مرور الزمن، خصوصاً في ضوء الطلب المتزايد على النفط. وكانت وكالة الطاقة الدولية توقعت قفزة كبيرة في الطلب العالمي على الطاقة بحلول عام 2030 قد تصل الى 55 في المئة بسبب التنامي الهائل في الطلب من الاقتصادات الناشئة مثل الصين والهند. وحسب التقرير السنوي لوكالة «توقعات الطاقة العالمية 2007» فإن المستهلكين يواجهون ارتفاعاً في أسعار النفط في الأعوام المقبلة واحتمال عدم كفاية الإنتاج لتلبية الطلب. وحسب التقرير فإن الصين ستزيح الولايات المتحدة عن موقعها كأكبر مستهلك للطاقة في العالم بعد عام 2010 بقليل، نظراً إلى أن النمو الجامح في الصين والهند يعيد رسم خريطة الطاقة العالمية (صحيفة «عكاظ» 17 نوفمبر 2007).والاهتمام كان دائماً منصباً ولا يزال على منطقة الخليج العربي لأكثر من سبب، أهمها، انخفاض كلفة إنتاج واستخراج النفط، إضافة الى «تماشي» سياسة الدول النفطية الخليجية مع السياسة الغربية، والتي، لم تتوان عن تسخير النفط العربي بأسعارٍ زهيدة خصوصاً في الخمسينات والستينات من القرن الماضي لإمداد صناعتها المختلفة.كان لصعود أسعار النفط أربع محطات رئيسية: حرب عام 1973، سقوط الشاه عام 1979 وحلول الإمام الخميني، حرب الخليج الأولى 1991، وأخيراً الاحتلال الأميركي للعراق، أبريل 2003. لقد وصلت العوائد المالية للدول العربية المصدرة للنفط عام 2005 الى 220 مليار دولار. ومن المنتظر أن تصل في نهاية 2007 الى 320 مليار دولار («النهار» 10/12/2007، نقلاً عن رويترز). ويوم الإثنين الماضي أقرّت الحكومة السعودية الميزانية الأعلى في تاريخ المملكة بحجم 230 مليار دولار أميركي (صحيفة «الرياض» 11/12/2007). ما شاء الله! أتمنى مزيداً من الخير للسعودية ودول الخليج التي لم تألُ جهداً في سبيل دعم لبنان على مختلف الصعد.ولكن في موازاة الطلب المتنامي على النفط، فهنالك اهتمامٌ بالغ للبحث عن بدائل للطاقة، إذ نشرت صحيفة «فورتشن» في عددها الأخير، بحثاً عن الطاقة الشمسية ركزّت فيه على انتعاش الطلب على الطاقة الشمسية وازدياد الاهتمام بها، مشيرةً الى أن مجموع أسهم الشركات العاملة في ذلك المجال في العالم كانت تساوي بليون دولار في عام 2004 بينما بلغت اليوم 71 مليار دولار، مما يعني، أن النوم على «حرير» النفط لا يطمئن إطلاقاً، علماً أنّه من المتوقع ازدياد تلك الاستثمارات نتيجة الضغوط المتعلقة بالبيئة.ليس النفط مصدر رخاء فقط، بل قد يكون أيضاً مصدر... شقاء! فلولا النفط، لما غزا الأميركيون العراق (أبريل 2003). فالنفط، والنفط فقط، كان الباعث الأساسي «لتحرير» بغداد، وليس إزالة أسلحة الدمار الشامل التي لم تكن متوافرة... في الأساس! وفي هذا الصدد، تكفي الإشارة الى ما ذكره آلان غرينسبان، المحافظ السابق لبنك الاحتياط الفيديرالي (1988 - 2006) في كتابه «عصر الاضطرابات» والذي نشره هذا العام، قائلاً بالحرف: «يحزنني أنه ليس من المريح سياسياً الاعتراف بما يعرفه الجميع بأنّ حرب العراق كانت بالدرجة الأولى على النفط (ص 463). وكان وزير الطاقة الأميركي السابق بيل ريتشاردسون صرّح قائلاً: (أقول، وأعني ما أقول حرفياً، لقد صاغ النفط، وعلى مدى عقود السياسة الخارجية والسياسة الأمنية لأميركا)»!ولولا النفط ومداخيله لم يستطع الرئيس السابق صدام حسين التحكم برقاب البلاد والعباد ما يزيد على الثلاثين عاماً! ولولا النفط أيضاً، لما غزا صدام حسين الكويت (1990). ولأن مضيق هرمز شريان أساسي، حيث يمر منه يومياً ما يقارب الـ 18 مليون برميل، فلقد سال لعاب إيران للتحكم بالمنطقة... عبر السلاح النووي، الذي أثار ولا يزال ضجيجاً عالمياً، نأمل ألا ينتهي بكوارث على المنطقة! باختصار، وباختصار شديد، فالنفط هو اللاعب الأول في المنطقة، كما وصفه عبد الرحمن الراشد («الشرق الأوسط» 18/11/2007).لقد لعب النفط العربي، مشكوراً، دوراً إيجابياً في دعم قضايا العرب، وعلى رأسها قضية فلسطين. فكان هناك، على سبيل المثال لا الحصر، فرض حظر النفط أبان حرب تشرين 1973، إضافة الى المساعدات المالية لدول المنطقة، ومنظمة التحرير الفلسطينية، ومنها أيضاً، لبنان، الذي كان - ولا يزال - بأمَس الحاجة لأشكال الدعم كلها. وعلى الصعيد الداخلي، استطاعت دول النفط العربية، تحقيق إنجازات هائلة على صعيد البنى التحتية. لكنّ هذا لا يكفي، خصوصاً وأن منسوب الإرهاب يرتفع بوتيرة مشابهة لمنسوب احتياط النفط (العمليات الإرهابية التي حدثت في الجزائر 11/12/2007، إضافة الى توقيف السلطات السعودية شبكة إرهابية من 208 أشخاص في الأسبوع الأول من ديسمبر 2007). فالمطلوب وبإلحاح أن يحدث النفط تغييراً جذرياً في البنى المجتمعية، لإطلاق القدرات الكامنة، والتعويل على الموارد البشرية، لا بل الاستثمار بها، ومن خلالها. بكلمة أخرى، على النفط، ألا يكون عامل «تجميد» للواقع، بل عامل «تحريك» للإنسان الخليجي (وهنا، نعني المرأة أيضاً قبل الرجل) وحثّه على العمل والإنتاج (استغرب مطالبة مجموعة من النواب الكويتيين للحكومة الكويتية بسداد قروض المواطنين البالغة 13 مليار دولار أميركي!)، بهدف تحقيق استقرار مجتمعي قوامه الدينامية والحراك المتواصل، للوصول الى الأفضل والأحسن. إذ ذاك، إذ ذاك فقط، يصبح بترول العرب... للعرب!عبد الرحمن عبد المولى الصلحكاتب لبناني

عبد الغني الماوري

عبد الغني الماوري / عندما تتحوّل الحرية إلى عدو!
في اليوم التالي للانتخابات اللبنانية، التي جرت في السابع من يناير الماضي، نشرت صحيفة «السياسية» التي تصدر عن الوكالة الرسمية اليمنية صورة لرجل وعروسه، وهي في ثوب الزفاف، وهما يدليان بصوتيهما في مدينة بيروت. وقد حصلت هذه الصورة على إعجاب كثيرين من القراء، لكن جهات دينية متشددة عبرت عن غضبها، وهددت برفع هذا الامر الى القضاء ما لم تعتذر الصحيفة، وتعاقب الصحافي الذي قام باختيار الصورة، وقد حصلت هذه الجهات على ما تريده، فقد اعتذرت الصحيفة، وتم إيقاف المسؤول عن ذلك لمدة شهر، ومنعه من الدخول إلى مبنى الوكالة أثناء فترة العقوبة. ورغم انه قد تم التراجع عن هذا القرار الا انه يكشف بوضوح مدى تأثير هذه التيارات الدينية، خصوصاً تلك التي لديها موقف معادٍ من الحرية على من يفترض انهم طليعة المجتمعات وهم الصحافيون.كثيرون استغربوا اثارة عاصفة على صورة عادية بثتها وكالات الأنباء ونشرتها صحف عربية مختلفة، خصوصاً ان صحيفة «السياسية» اليمنية تعودت نشر صورة كبيرة في الصفحة الاخيرة على غرار صحيفة «الحياة» اللندنية وصحيفة «القدس العربي»، وغالباً ما تكون هذه الصور لنساء وهنّ في كامل أناقتهن.في الحقيقة، ان الاعتراض الذي ابداه المتشددون الدينيون على الصورة لم يكن فقط بسبب ما قيل إن فستان العروس فاضح! وانما لان الصورة تحرّض على القيام بعمل اكثر فضاحية، أي الانتخابات، التي تُعد، حسب هؤلاء، اغتصاباً لحق الله في الحكم والتشريع. لذلك، وحسب اهم علماتهم، «لا يصح اسلام المرء حتى يكفر بالديموقراطية».تكمن خطورة هذا الفكر انه يجعل من الحرية عدواً يجب مواجهته، في حين ان الحرية تعادل الحياة، وهي معنى في غاية الاهمية التفت اليه المفكر الإسلامي الكبير ابن باديس عندما قال: «ان حق الانسان في الحرية كحقه في الحياة، فمقدار ما عنده من حياة هو مقدار ما عنده من حرية».قبل نحو عامين، اعطاني احد زملائي مشروع كتاب قام بتأليفه احد اصدقائه، من اجل ان اطلع عليه واسعى إلى نشره في المكان الذي اعمل فيه.قرأت الكتاب، وصُعقت، فقد كان الكتاب يتحدث عما اسماه الاعيب يهودية، وكان من ضمن هذه الالاعيب الحرية التي تمثل، حسب وجهة نظره، سلاحاً يهودياً لتدمير الاسلام والسيطرة على العالم.قلت لزميلي: «قل لمؤلف الكتاب، لقد بذلت جهداً جيداً، لكن عليك ان تترك هذا الفكر المتشدد الذي يتعامل مع القيم الإنسانية، مثل الحرية والمساواة باعتبارهما مؤامرات يهودية، وسيكون اليهود في غاية السعادة اذا تم إلصاق هذه التهمة بهم»! وفي هذا الصدد، قد يكون من المناسب التذكير بأن الكتب المعادية للحرية التي تصدر في العالمين العربي والاسلامي اكثر من تلك التي تنادي بها، وهي مسألة محيرة فعلاً، وتحتاج الى نقاش هادئ وعميق، فهذا السبيل الاكثر صواباً لفهم الاسباب الحقيقية التي جعلت الحرية تتحول من مطلب حضاري وانساني الى مؤامرة خارجية.لا يكفي القول إن الخلط الواضح والمتعمد بين الحرية والانحلال، هو السبب وراء هذا الانقلاب في التفكير الاسلامي، رغم ان الحرية هي أحد المبادئ الاساسية التي دعا اليها الاسلام، ولا تزال مقولة الخليفة الثاني عمر بن الخطاب «متى استعبدتهم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احراراً» تملأ المكان.اليوم يوجد داخل التيار الاسلامي وخارجه من يحاول رد الاعتبار للحرية، لكن هؤلاء يواجهون خصماً لديه ارث من التسلط يستند على قداسة دينية، قادر على تحوير النصوص المقدسة لمصالحه الضيقة، وبسب الامية العلمية والدينية، على حد سواء، تزيد قدرة هذا الطرف على التأثير على البسطاء الذين يتعامل معهم بقسوة وتعالٍ.قبل اشهر عدة، سعى بعض رجال الدين في اليمن الى تكوين هيئة للدفاع عن الفضيلة، على غرار هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد توقف المشروع موقتاً، اذ لم تسمح الظروف التي تمر بها البلاد بتمرير هكذا مشروع. ثمة اتجاه لدى هؤلاء للوصاية على الناس الذين غالباً ما يثقون بهم.في المقابل، هناك من يصمم على التفاؤل، ويعولون على تطور المجتمعات العربية، وعلى رجال الدين البارزين الذين يملكون فكراً متحرراً، واجتهادا مغايراً للسائد، لكن غالبية هؤلاء يريدون الحرية من اجل استخدامها كمطية للوصول الى التحكم بالسلطة والناس. الداعية الإسلامي الدكتور يوسف القرضاوي احد هؤلاء الذين يشار اليهم بالبنان عندما يتعلق النقاش بالتجديد الديني، وقد طالب أخيراً باطلاق الحريات العامة بين افراد الشعوب الاسلامية، معتبراً ان ذلك امرٌ مقدمٌ على تطبيق الشريعة. وهو رأيٌ تشاركه فيه الكثير من المرجعيات الاسلامية المختلفة التي تحاول اعطاء الحرية معايير خاصة جداً تتفق وافكارهم التقليدية، تحت حجة رفض الافكار الاتية من الغرب الكافر، ما يعني اننا قد نحتاج الى زمن طويل، حتى نغيّر من افكارنا تجاه الحرية التي تُعد بحق اهم القيم الانسانية على الاطلاق.عبد الغني الماوريصحافي وباحث يمني، وهذا المقال يُنشر بالتعاون مع مشروع «منبر الحرية»www.minbaralhurriyya.org

عبدالعزيز الفضلي

عبدالعزيز صباح الفضلي / أين تخفي الإبرة؟
عندما عرض الله تعالى حمل الأمانة على السماوات والأرض والجبال خافت تلك الكائنات من مسؤوليتها وأشفقت من حملها ثم اعتذرت لربها لعلمها بضعفها وعجزها، ولأن الإنسان لا يدرك عواقب الأمور ظن في نفسه القدرة على حملها فأعلن موافقته، ليدل بذلك على جهله وظلمه ولهذا قال تعالى «وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولاً» الأحزاب. إن من أعظم الأمانات التي فتن كثير من الناس فيها ولم يتمكنوا من رعايتها، وأدت ببعضهم إلى تضييعها وخيانة مسؤوليتها، أمانة الأموال وحفظها. فبنظرة إلى الواقع فإنك تسمع بين فترة وأخرى عن أحد المسؤولين، أو الموظفين، أو العاملين وقد أدين في قضية رشوة أو اختلاس، أو خيانة أمانة، أو أخذ عمولات غير مشروعة، مما يعلن عنه في وسائل الإعلام. وترى ذلك الغادر يضع لنفسه ألف عذر ليبرر به خيانته، فمرة يعتبر ذلك هدية، وثانية يسميها أتعابا، وأخرى يعدها أجورا إضافية، ورابعة يتحجج بأن معظم الناس يفعل مثل ذلك. إن مثل هذه التجاوزات على الأموال ليست بالأمر الجديد على البشرية فهي معروفة منذ عهد الأنبياء، فلقد ورد في السيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل رجلاً على جمع الصدقات، فأتى ذلك العامل وبدأ يقسم المال الذي عنده ويقول هذا لكم وهذا أهدي إليّ، فقال له الرسول عليه الصلاة والسلام «أفلا قعدت في بيت أبيك وأمك فنظرت أيهدى لك أم لا»؟ كم من الأفراد كان قبل توليه للمنصب يعيش على الأقساط ويطارده الدائنون، وربما عليه قضايا شيكات من دون رصيد، لكن الحال تبدلت وتغيرت وبسرعة بعد توليه تلك المسؤولية وليقول بملء فمه للفقر قد طلقتك ثلاثاً. إن للمال بريقاً يخطف الأبصار ويذهب العقول والألباب، ومتى تجرأ المرء على جمعه من غير حلاله، فليدرك ساعتها أنه إنما أورد نفسه المهالك. بعد فتح خيبر مات رجل من المسلمين فرفض النبي عليه الصلاة والسلام أن يصلي عليه وقال «صلوا على صاحبكم»، فأنكر الناس ذلك وتغيرت وجوههم على رسول الله، فلما رأى منهم ذلك قال «إن صاحبكم غل في سبيل الله». أي أخذ شيئاً من الغنائم. فلما بحثوا في متاعه وجدوه قد أخذ خرزات من خرز يهود لا تساوي درهمين! بل إن الصحابة بدأوا في النظر في قتلاهم يوم خيبر فقالوا فلان شهيد وفلان شهيد، حتى مروا برجل فقالوا فلان شهيد، فقال صلى الله عليه وسلم «كلا إني رأيته في النار في بُردة غلها أو عباءة». كم هي حقيرة هذه الدنيا حتى تتسبب في حرمان الإنسان من رضوان الله وجنته، بسبب انخداع الإنسان فيها وركضه وراءها وخيانته للأمانة التي تولى مسؤوليتها. إننى أبعث برسالة تذكير لكل من هو في موقع يتعرض فيه لفتنة المال من وزير، أو نائب، أو عضو جمعية تعاونية، أو أمين صندوق، وغيره، أنك ستسأل يوم القيامة عن كل دينار لديك، بل عن كل فلس من أين اكتسبته، وفي أي شيء أنفقته، ولذلك أعد لهذا السؤال جواباً، وأعلم أنك إن تحصنت بمحام ماهر يحفظ القانون، ويعرف ثغراته، ويجيد انقاذك من التهم، ويخرجك منها كما تخرج الشعرة من العجين، فكن على يقين بأنك لن تجد من سيدافع عنك يوم القيامة، كما قال تعالى «ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلاً» النساء 109.وتأمل قول الرسول عليه الصلاة والسلام «من استعملناه منكم على عمل فكتمنا مخيطاً فما فوقه، كان غلولاً يأتي به يوم القيامة». فإن كان الله تعالى لم يسامح بكتم المخيط وخيانته، وهو الإبرة التي تستخدم في خياطة الخيام وما شابهها، فما بالك بمن خان ما هو أكبر منها من الأمانات؟ عبدالعزيز صباح الفضلي كاتب كويتي[email protected]

عبدالعزيز الكندري

عبدالعزيز الكندري / ربيع الكلمات / المجلس المقبل ... تحت المجهر
| عبدالعزيز الكندري |المرحلة المقبلة في عمر مجلس الأمة ستكون في غاية الأهمية والحساسية في الوقت نفسه، والذي جاء بعد حكم المحكمة الدستورية الذي كانت الكويت بانتظاره بفارغ الصبر، ولعل هناك مجموعة من التحديات الكبيرة والجسيمة التي تواجه المجلس المقبل. وفي البرلمانات المتقدمة تكون لجان المجلس هي المطابخ الحقيقية لصنع القرارات وتداولها، ومن ثم يتم إخراجها عبر القنوات المختلفة للإقرار، وهذا الذي نفتقده في الكويت، حيث نجد عدم حرص كثير من أعضاء مجلس الأمة على حضور اجتماعات اللجان من دون أعذار وبصورة متكررة، مع استثناء مجلس 2012 حيث كان الالتزام واضحا حتى في أيام العطل بهدف الإسراع لدراسة القوانين المختلفة قبل أن تأخذ طريقها للمجلس. ويجب إلزام الحكومة من أول جلسة ببرنامج عمل إصلاحي متفق عليه مسبقا، ويتم منحها الثقة بناء على هذا البرنامج، ولعل ضعف الحكومات السابقة كان السمة البارزة في الأداء الحكومي وعلى جميع المستويات، وهي أخذت الوقت الكافي لمراجعة أدائها عن الفترة السابقة في أيام تعطيل المجلس. وهناك العديد من القوانين التي تنتظر اللجنة التشريعية في مجلس الأمة المقبل، فنحتاج إقرار قانون استقلالية القضاء، وقانونا آخر لإنشاء المفوضية العليا للانتخابات، وإقرار قوانين النزاهة ومكافحة الفساد والإعلان عن تعارض المصالح وكشف الذمة المالية وتغليظ العقوبات على المخالفين ووضع ضوابط لتولي المناصب القيادية بطريقة واضحة ومحددة بعيدة عن المحاصصة والولاء وإنما على أساس المواطنة والكفاءة، كذلك إقرار قانون الاحزاب ومناقشته بشكل متأنٍ من قبل أهل الاختصاص حتى لا يخرج مشوها، وبسبب حساسية هذا الموضوع على المجتمع الذي سيهيئ الأجواء لحكومة برلمانية منتخبة في المستقبل القريب.أما لجنة الداخلية والدفاع فأعتقد أنها أمام اختبار حقيقي خصوصا بعد الإحصائيات المنشورة عن إدارة تخطيط وبحوث المرور التي تشير إلى 44 ألف حادث مروري وقعت فقط في النصف الأول من هذا العام، ما أدت إلى وفاة 227 شخصا بزيادة 25 في المئة مقارنة بالفترة ذاتها عام 2011، والتي خلفت 4 آلاف و895 مصابا من بينهم 2398 إصاباتهم بالغة، فما ذنب أسر وشباب في عمر الزهور يفارقون الحياة بسبب استهتار شاب لم يلتزم بقواعد السلامة والمرور، ثم نجد بعد ذلك من يتوسط لإخراجه؟!! نحتاج من اللجنة إصدار قوانين توقف العبث بأرواح الأبرياء بكل قوة وحزم، ومن نافلة القول الإشارة إلى أن الدراسة ذكرت بأن الإناث هن الأكثر التزاما بقوانين المرور.وكذلك اللجنة المالية التي تمثل عصب المجلس والحياة البرلمانية، فأمام هذه اللجنة العديد من القوانين خصوصا في تسريع عجلة الاقتصاد والتنمية وفتح المجال للمستثمر الأجنبي إضافة لدعم مشارع الشباب.أما اللجنتان التعليمية والصحية فهما لا يقلان أهمية عن بقية اللجان الأخرى، ويجب إعطاؤهما أولوية قصوى نظرا لكبر الشريحة التي تتعامل معهما، وهما صمام أمان لمستقبل أفضل للمواطنين، ومن دونهما لا يمكن أن تكون هناك نهضة حقيقية، لأن الإنسان قبل العمران. وهناك دول متقدمة حاليا، مع أنها في بداياتها كانت لا تملك من الموارد الشيء الذي يذكر، وهي الآن يشار إليها بالبنان، وذلك نتيجة خطة واعية والاهتمام بالمناهج الدراسية وتغيير ما يمكن تغييره لصالح التقدم والتنمية، ومن هذه الدول ماليزيا التي وضعت خطة 2020 لأن تصبح البلد الأول في تكنولوجيا المعلومات، فبدأ تغيير المناهج تدريجيا من الآن بحيث تم تحويل بعض الكتب إلى أقراص مدمجة، والاعتماد على أجهزة الكمبيوتر في بعض المدارس لدراسة الطلبة بدل الكتب لأنهم يعيشون، هم يفكرون بالمستقبل ونحن ما زلنا نفكر وندرس بطريقة بدائية.هذه مجموعة من التحديات التي ستواجه المجلس المقبل في اعتقادي، وأتمنى أن ننهي مرحلة المناكفة والمغالبة لنبدأ مرحلة الإصلاح الحقيقي التي تحتاج لجهد كل فرد سواء كان مواطنا أو مقيما لاستكمال بناء هذا الوطن الغالي. [email protected] : @akandary