كمال علي الخرس / كلمة صدق / عودة بوتين

تصغير
تكبير
| كمال علي الخرس |

«الأسد الذي يسير على الثلج لا تتجلد قوائمه» حكمة مغولية.

يعود بطل الجودو مرة أخرى الى رئاسة الحكومة في روسيا يعود ليناوش خصومه علنا بعدما كان يفعل ذلك بالظل.

ماذا تعني عودة بوتين الذي يجلس على كرسي حكم امبراطورية مترامية الأطراف ومخزن للثروات والأسلحة النووية؟ ماذا تعني عودته بالنسبة للعالم الغربي؟

صحيفة «الغارديان» البريطانية متشائمة، فقد اعتبرت في مقالها إبان الانتخابات الروسية أن عودة فلاديمير بوتين رجل الاستخبارات السوفياتية السابق نذيرا لأجواء مستقبلية كئيبة على روسيا وكذلك على الغرب. واعتبرت الصحيفة البريطانية بأن عودة بوتين تعني للغرب عقدا آخر في العلاقات الصعبة مع روسيا.

فلاديمير بوتين الذي لم يغب عن الساحة السياسية لسنوات لم يخف سرا في نظرته وتعامله مع العالم الغربي ومن يمثله من الولايات المتحدة وحلف الناتو فقد عبر عن سأمه كدولة كبيرة من قبول أي املاءات من أحد، فقد نقلت وكالة رويترز عنه بأن «روسيا تود أن تكون حليفة للولايات المتحدة لكن..الناس سئموا الإملاءات من دولة واحدة».

بعد عقود من اتفاقيات وعمليات نزع الأسلحة النووية لم يعد بوتين الذي يمثل الناخب الروسي ويمثل قوة نووية وعالمية كبيرة متقبلا ومقتنعا بتكافؤ العلاقة مع واشنطن، وقد قال في ذلك «احيانا يبدو لي أن أميركا لا تريد حلفاء..أنها تحتاج إلى خدم» شعور رجل الكرملين هذا سيكون أثره كبيرا على الأرض، هذا الشعور الذي يخالجه ويشعره بالغبن وربما الازدراء قد يدفع العالم نحو إعادة تسلح جديدة، فقد تعثرت المحادثات بين روسيا وحلف الناتو حتى في عهد الرئيس السابق ديمتري مدفيدف، وكانت اعتراضات روسيا واضحة ضد مشروع الدرع الصاروخية لحلف الناتو.

الآن الرئيس الجديد يعد بإعادة تسليح روسيا بشكل غير مسبوق ويحمل أميركا وحلف الناتو مسؤولية ذلك بسبب سياساتهم في مجال الدفاع الصاروخي، ولا يعتبر بوتين إعادة التسليح الروسي مستهلكا للميزانية، لكنه يضعه ضمن برنامج تنمية صناعي كامل. بعض المحللين يقول وقد يصدق في قوله بأن روسيا تحاول اذاقة الغرب من الكأس الذي شربت منه وهو جرها لسباق تسلح في وقت تكون أولوية الغرب ضخ الروح في اقتصادها المتآكل، ومع انشغال العالم الغربي بالمواجهة في بؤر ساخنة كثيرة في العالم. حتى في مجال النقد فان بوتين لا يثق بالغرب ولا يقبل سياساته فقد انتقد مرارا عمليات إغراق الأسواق بالأموال المطبوعة أي الدولارات ووصف سياسة طبع الدولارات بالعمل الفوضوي.

هل ما زال بوتين يعيش أجواء الحرب الباردة؟ صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية ترى ذلك، وهي تدعوه لخلع النظارة السوداء للحرب الباردة.

قد يكون بوتين خلع نظارته السوداء منذ زمن فرأى صورة أوضح، فد يكون رأى فرصة للانقضاض على غريمه التاريخي المندفع اندفاع المصارع، والمحاط في نفس الوقت بالأزمات من كل مكان، خصوم في كل بقعة من الأرض، واقتصاد ضعيف، ودول كبيرة متمردة على العالم الغربي، تدور باستقلالية عكس دوران فلكه، كل ذلك أغرى موسكو أن تعود مرة أخرى للساحة من جديد، لا لتعيد مجد امبراطوريتها الآفل ولكنها عائدة بالتأكيد لتغيير قواعد اللعبة في العالم.



[email protected]



الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي