خالد طعمة

خالد طعمة / الوحدة الوطنية الكويتية
إن جملة الوحدة الوطنية الكويتية هي جملة تدفع المرء إلى الشعور بالزهو والاعتزاز، كيف لا وهو عندما يستنطقها تستحضره الأحداث الخالدة من تاريخ الكويت الكبير، لقد تعاضد أهل الكويت ولقرون عديدة بأسمى معاني التعاون والإخاء، فها هي معركة الرقة البحرية حين طمع بنو كعب في الكويت، وتذرعوا لذلك برفض الشيخ عبدالله الصباح خطبة أحدهم لابنته (مريم)، وجرت المعركة قرب جزيرة فيلكا، وكان النصر حليف الكويتيين بعد أن وقفوا معاً وحاربوا معاً ضد العدو. وهل يمكن لنا نسيان الغزو العراقي الغاشم والذي وحد كل الشعب الكويتي من جديد تحت قيادة الشيخ جابر الأحمد الصباح حتى عادت الكويت حرة مستقلة.الوحدة الوطنية هي بكل تأكيد مجموعة أفعال تصدر من أعراق وأطياف مختلفة اجتمعت على وطن واحد، إن الوحدة الوطنية هي اشتقاق من الأساس (الوطن) والذي لو قدمنا له ما قدمنا لن نوفيه أبداً حقه.اليوم تظهر على الساحة تحديات واضحة لوطننا الكويت، فهناك من يتدخل في الشأن الداخلي من جهة، وغيره من يسعى إلى بث سم الطائفية على خيرات الوطن، فما الفائدة أو المنفعة من شعب متفرق يحركه العدو على هواه متى ما شاء بأي طريقة كانت، وعلى سبيل المثال نجد قنوات فضائية تخصصت في ضرب مكونات المجتمع الكويتي تحت شعار التوحيد وهي منه براء، فما الفائدة من أحقاد وقصص قديمة عاف عليها الدهر والزمان فكانت منسية، إن السؤال الذي يطرح نفسه هو هل كان أعداء الكويت في معركة الرقة أو الجهراء أو الغزو العراقي الغاشم يفرقون بيننا على أساس طائفي أو عرقي أو غيره من التقسيمات العصبية المقيتة، هل كان الكويتيون يقولون هذا من طائفة غير طائفتي ويتركه يواجه العدو؟ لا أبداً والله لم يحدث، أتذكر أننا أثناء الاحتلال العراقي الغاشم وبعد أن دمرت المراكز الحيوية في البلد وشلت على أيدي الغزاة قد ذهبنا إلى إحدى الحسينيات داخل الكويت وتزودنا منها من الغذاء وغيره من الأمور اللازمة للحياة اليومية، فلماذا نسعى اليوم إلى التشرذم والتفرق؟!هنالك نموذج ماثل أمامنا ونحن لا نراه ألا وهو بيت شهداء القرين، البيت الذي جمع بين حيطانه شباباً كويتيين من أفراد المقاومة الباسلة الذين جمعهم حب الكويت والسعي نحو خلاصها من الاحتلال العراقي البغيض، كانت هذه الثلة الطيبة والمكونة من شباب أصولهم مختلفة مابين تفريعات اجتماعية مختلفة وطوائف متعددة وتسمت باسم مجموعة ( المسيلة) وكان الغزاة قد علموا بأن المجموعة تجتمع بهذا البيت فقرروا في تاريخ 1991/2/24 مهاجمتهم بوسائل وإمكانيات أكثر من وسائلهم وقاموا بقصفهم حتى استشهد منهم من كل أطياف البلد سنة وشيعة وحضر وبدو. واليوم بقي بيت شهداء القرين رمزاً للوحدة الوطنية الكويتية فالعدو العراقي لم يفرق بين الكويتي فقط هاجمه وقصفه وقتله لأنه كويتي فقط كويتي وليس كويتيا من أصل كذا أو من طائفة كذا، فهل مازلنا نفكر في التفرق والتشرذم ونحن نملك ذخيرةً تاريخية في الوحدة الوطنية؟ أتمنى من كل كويتي فينا أن يفكر عند الصباح الباكر فالكيفية التي سيخدم بها الكويت وفي المساء يقف ويسأل نفسه عما قدمه لها؟ هنا سننشغل عن تلك القشور البالية.خالد طعمةكاتب كويتي[email protected]

خالد عيد العنزي

خالد عيد العنزي / الملاس / الجار قبل الدار يا إيران...صفوا النية
خالد عيد العنزي«تجيك التهايم وإنت نايم»، مثل كويتي.- 1 -بالأمس أطل علينا نائبان إيرانيان في مجلس الشورى ليمطرونا بالتهديدات ويتوعدونا بالويل والثبور وعظائم الأمور في حال اندلعت حرب بين أميركا وبين الإيرانيين، ولا ندري ما علاقتنا بكل هذا، فالقضية المشكلة هي بين إيران من جهة ووكالة الطاقة النووية والأمم المتحدة وأميركا من جهة أخرى، ولا دخل للكويت ولا لدول الخليج في هذا الملف كله، إضافة إلى أن رفض العمل العسكري الغربي ضد إيران وتأييد حقها بالحصول على الطاقة النووية هو موقف خليجي عموماً وكويتي خصوصاً عبر عنه وزير الخارجية ورئيس مجلس الأمة وأكد عليه وزير الداخلية والدفاع مراراً. لكن من سخرية الأقدار أن قدر الكويت أن تتحمل حماقة الأشقاء والجيران دوماً، مع أن الكويت والبحرين وباقي دول الخليج هي من يحق لها أن تخاف، وأن تتوجس من أطماع إيران وسياستها الرعناء ولسان حالها يقول «أبوي ما يقدر إلا على أمي»!- 2 -على إيران أن تطمئن جيرانها العرب وإخوانها في الدين إن لم تكن تمارس الغموض السياسي معنا، بمعنى آخر إن كانت إيران جادة في مواقفها الرسمية المعلنة في شأن الخليج والعرب، فعليها أن تعلن بكل صراحة وبشكل لا لبس فيه تخليها عن أيديولوجيا تصدير الثورة، وتوقفها عن التدخل في الشؤون الداخلية لدول الجوار، وخصوصاً العراق ولبنان، والأهم من هذا كله عليها أن «تصفي النية» وتترك المراهقة السياسية و«فلتات» اللسان.منذ فترة ليست بالطويلة خرج علينا مسؤول إيراني ليقول إن البحرين جزء من إيران، كما الجزر الإماراتية، وفي الفترة نفسها تم الاعتداء بالضرب على الديبلوماسي الكويتي في طهران، واليوم يهددنا مسؤولون إيرانيون، فما العمل؟ ليعلم إخواننا الإيرانيون أن مواقفهم هذه وما شابهها قد يجبرنا على تبديل مواقفنا الحالية، بل وقد تدفعنا يوماً للارتماء في حضن الغرب ليحمينا منهم!- 3 -الغريب أننا لم نسمع صوتاً لبعض النواب والسياسيين في شأن هذه التصريحات، وهو ما يذكرنا بما حدث عندما تعرض الديبلوماسي الكويتي للضرب، أما الأكثر غرابة فإننا، حتى ساعة كتابة المقالة، لم نقرأ ولا نسمع أي تعليق أو كلمة عن الموضوع للسيد محمد المهري الذي يمثل ما يمثل، فأين هو ومن معه عن كل ما يحدث؟ نذكر إخواننا أن العرب يقولون «الجار قبل الدار»، بمعنى أن عليك إعطاء الأولوية لمعرفة جيرانك قبل شراء بيتك، وهذا كلام لا غبار عليه في موضوع السكن والمنزل، لكن الكلام نفسه يصبح عليه غبار، كثير ونووي بعد، عندما يكون الحديث متعلقاً بالجغرافيا، فينقلب المثل ليصبح الدار قبل الجار، لا تنسوا ذلك...خودافس!ماسيج:- بعدما نجونا من جنون بقرها، بريطانيا تؤكد إصابة أغنامها بمرض اللسان الأزرق...والله يستر!- أمين في أحد المراكز الصحية يداوم الساعة 12 ظهراً، ويستعمل أسلوباً بذيئاً في التكلم مع الموظفات والموظفين...اللهم إني صائم!خالد عيد العنزيكاتب وصحافي كويتي[email protected]

خالص مسور

خالص مسور / هجرة الشباب العربي و تداعياتها السلبية
| خالص مسور | بداية لابد من تعريف الهجرة الحالية للشباب في الوطن العربي، حتى يمكننا فهم مسبباتها وآلياتها ودوافعها في عبارات موجزة موحية فنقول: الهجرة بمعناها المتداول اليوم، هي الانتقال من دولة نامية ذات إمكانات وقدرات ضعيفة، إلى أخرى تتوافر فيها إمكانات اقتصادية عالية ومستوى معيشي مرتفع يفتقدهما الشاب المهاجر في بلده.ولهذا يمكننا القول ان الهجرة الحالية للشريحة الشابة في الوطن العربي بدأت في السنوات الأخيرة، وبالتحديد بعد الهجرة الواسعة من الريف إلى المدينة في بدايات السبعينات من القرن الماضي خصوصا في سورية، حيث اصطدام الشباب في حياتهم المدنية الجديدة بالبطالة وزيادة مصاريف المدينة وأعباء المعيشة، لتتحول سريعاً إلى تيار هجرة خارجية توجه فيها الشباب نحو أوروبا الغربية بشكل خاص ثم الولايات المتحدة الأميركية حيث الاقتصاد الحر مزدهر ولا قيود على الحريات الفردية.وفي وقت ما اكتظت أحياء مدن أميركا اللاتينية بالمهاجرين العرب الشباب كالبرازيل، والأرجنتين، والمكسيكالخ. إما هرباً من الاضطهاد الديني أو السياسي أو طلباً لحياة أفضل في هذه البلدان، حيث يمكن أن نعد في البرازيل وحدها اليوم أكثر من عشر ملايين مهاجر عربي. أما في الآونة الأخيرة فقد تغير مسار الهجرة الشبابية من الوطن العربي نحو الغرب، حيث أصبح الشباب يحلمون بمستوى معيشي لائق وبالثروة والمال والجاه وبالخلاص من الضغط الداخلي المرير. ولهذا ازدادت الهجرة اللاشرعية بشكل لافت للنظر في الآونة الأخيرة خصوصا من كل من مصر، وسورية، ولبنان، والأردن، واليمن، والصومال، وبلدان المغرب العربي، وهي البلدان الأكثر تصديراً للمهاجرين الشباب اليوم.هذه الهجرة التي تتم اليوم عن طريق شبكات التهريب التي استطاعت بأساليبها الخاصة تهريب ما يقارب الـ 90في المئة من حالات هجرة الشباب العرب إلى الغرب، وإن بدأت تقل في الآونة الأخيرة بسبب معوقات السفر في كل من بلدان الهجرة (الغرب) التي تعمل على الحد من دخول اللاجئين غير الشرعيين إليها، وبلدان المهجر (الوطن العربي)، وذلك بسبب ارتفاع تكاليف الهجرة غير الشرعية على أيدي المهربين ومخاطر الطريق البحري ومشاكله.وعلى العموم يمكن إجمال أسباب هجرة الشباب العربي إلى عدة عوامل أساسية وهي:1- الزيادة السكانية الكبيرة، والبطالة الناشئة عن الاقتصاد العام الحكومي المغلق والتي طالت مختلف الشرائح الشبابية ومن أعمار مختلفة، ثم الحالة النفسية وحالات الاكتئاب والضغط النفسي التي أصبحت تسيطر على فئة للشباب. فالشاب الذي لا يجد في جيبه ثمن حذائه وقميصه وأحياناً دخانه إن كان مدخناً - يشعر بالحرج والدونية في مجتمعه فيهاجر مهما كان ثمن هجرته.2- عدم وجود فرص عمل كافية لاستيعاب الطاقات الشبابية وتحمسهم للعمل والإنتاج.3- الضغوطات السياسية القمعية والنزاعات العسكرية والسياسات الاقتصادية المتبعة من قبل الحكومات المتعاقبة في البلدان العربية، وعدم الاهتمام بالشباب من قبل هذه الحكومات كانت هي أيضا من جملة الأسباب التي أدت إلى الهجرة غير الشرعية المتفاقمة بين شباب الوطن العربي اليوم.4- رفع سقف القبول بالجامعات الوطنية، بالإضافة إلى اضطراد ارتفاع أسعار المواد الأساسية بشكل جنوني لافت.5- ظهور حالات من الازدهار الاقتصادي السريع بين بعض الأسر التي هاجر أحد أفرادها، ثم الانبهار بالحياة الغربية والحريات (الليبرالية) المتوافرة فيها والتي تلبي طموحات الشباب المتحمس، خصوصا إذا كان الغرب هو الولايات المتحدة الأميركية التي تبهر حتى الأوروبي نفسه بأسلوب حياتها ومعيشة سكانها.6- وأخطر أنواع الهجرة، هي ما نسميه بهجرة العقول أو الأدمغة أو أصحاب الشهادات العليا، لأن أوطانهم لا توفر لهم مجالات تتناسب ومستوى ما يحملونه من شهادات سواء حصلوا على هذه الشهادات في بلدانهم أو من الخارج. لأن بلدانهم تخسر عليهم ملايين الدولارات، بالإضافة إلى أنها تضطر لاستقدام معادليهم من الدول المتقدمة، فيشكلون بذلك خسارة كبيرة لدولهم وبلدانهم. ولذا يجب توفير العمل لهذه العقول وأصحاب الكفاءات مهما كلف الثمن بدلاً من تركهم يهاجرون مرغمين.ولكننا بدأنا نلمس تقلص تيار الهجرة بشكل لافت اليوم، خصوصا بعد القيود التي فرضها الغرب وإصدار الأوروبيين لما سمي بـ(الورقة الخضراء) التي ترسم السياسة الأوروبية العامة في ما يتعلق بالهجرة من الدول النامية، والتي تنص على عقلانية الهجرة، أي الاعتماد على الهجرة الشرعية لتلبي وحدها متطلبات التنمية الأوروبية وسد حاجات سوق العمل الأوروبي، على أن يكون المهاجرون المعتمدون من أصحاب الأدمغة والكفاءات وممن هم أكثر دراية وتأهيلاً في مجالات العمل المختلفة. وقد أشارت التقارير إلى أن الهجرة تنتشر بشكل خاص بين شباب الوطن العربي بين من هم في سن المراهقة والذين لايجدون عملا محترما في أوطانهم ويتعرضون لمضايقات وقيود العمل. وبالفعل فقد أشارت تقارير الأمم المتحدة ومنها تقرير(التنمية والجيل القادم) إلى أن المهاجرين من البلدان العربية أومن البلدان النامية هم ممن تتراوح أعمارهم ما بين (12- 24) سنة.ولكن ما هي نتائج هذه الهجرة على الصعيدين الداخلي والخارجي وعلى المنطقة العربية عموماً؟ لا شك أن المهاجرين الشباب سرعان ما يألفون أجواء الحرية السائدة في الغرب بعيداً عما هو سائد في بلدانهم من كبت وفساد وقمع للحريات، وسرعان ما يدركون أن عملهم في بلد المهجر يندرج ضمن مساهماتهم في رفع مستوى المعيشة لأهاليهم بشكل خاص وفي بلدانهم بشكل عام، لما يرسلونه من أموال إلى أهلهم وذويهم حيث ترتفع العمائر وتزدهر البلدان، بالإضافة إلى التخفيف عن كاهل دولهم عبء توفير العمل لهذا السيل المتدفق من الطاقات الشبابية الطامحة إلى العمل والتطلع نحو بناء حياتها ومستقبلها. كما تؤدي هجرة الشباب في جوانبها الإيجابية إلى التخفيف من المشاكل والمنازعات الاجتماعية في المدن والبلدان العربيةالخ. ولكني أرى أن من الأفضل للبلدان العربية الإقتداء بالغرب، والعمل على انتفاء مسببات الهجرة، وترسيخ دعائم اقتصاد متين منفتح، من خلال الاستفادة من طاقاتها الشبابية وفتح مجالات العمل أمام الشباب واحتضانهم بكل أريحية وحرية والعمل على تشغيلهم والاستخدام الأمثل لهم، أي بما معناه الانفتاح على الحريات الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعيةالخ، حتى يمكن تفجير طاقات الشباب الإبداعية، والاستفادة منهم في بناء أوطانهم العربية والتي هي بأمس الحاجة إليهم بزنودهم وبأيديهم.المقال منشور بالتعاون مع مشروع منبر الحرية www.minbaralhurriyya.org

خليل أحمد

خليل أحمد / الحكومة الباكستانية والتنمية الاقتصادية
خليل أحمدرغم الحديث عن الانتخابات الرئاسية الباكستانية، وما رافقها من أحداث، فإن الأمر المهم الذي لا بد أن ننتبه إليه هو أن الشرط الحقيقي لبقاء باكستان يتمثل في الاستقرار والتقدم الاقتصادي.باكستان هي حليف رئيسي للولايات المتحدة، ولكنها أيضاً عنصر كبير في عدم الاستقرار الإقليمي، وهي تتأرجح على حافة كونها دولة غير ناجحة، يرأسها قائد عسكري، ويعمّها الفساد والعنف السياسي والحزبي والتوترات الانفصالية.من المدهش حقاً، أنه مازالت هناك فرصة بأن تكون القاعدة الأساسية لحكم القانون ظلت حية إلى الحد الذي سوف يؤمن الاستقرار الذي تحتاج إليه باكستان في إقامة اقتصاد مزدهر، وفي اقتصاد بالكاد أن يحافظ على بقاء البلاد.يصنف اقتصاد الباكستان في موقع منخفض في أي معيار من المعايير، ومع ذلك فهناك إشارات تدل على تحسنٍ تدريجي في الحرية الاقتصادية، كما يتبين من تقرير «الحرية الاقتصادية في العالم» السنوي الذي يصدره معهدا فريزر الكندي وكيتو الأميركي: يضع التقرير معايير لقياس الانفتاح والمرونة والاستقرار وتدخل الدولة في اقتصادات 141 بلداً، ذلك لأن النشاطات الاقتصادية، وليست الحكومات، هي التي تخلق الازدهار.لقد رأينا اندفاعاً غير متوقع هذا العام في موضوع المساءلة وحكم القانون، عندما رفضت المحكمة العليا محاولة الحاكم العسكري عزل قاضي قضاة الباكستان افتخار محمد شودري، وكان عاقلاً عندما احترم هذا القرار في وجه احتجاج شعبي. ومما يدعو إلى العجب أنه بعد ستة عقود من الاضطرابات والفساد مازال هناك أناس في مؤسساتنا يُؤمنون بالدفاع عن الدستور، وهذا يعطينا الأمل بأنه مازالت هناك أسس من القوة بحيث تمكننا من بناء دولة فاعلة عليها.ولكن ذلك كله سوف يبقى نظريات سياسية شكلية إذا لم يعط الباكستانيون الفرصة لتحسين أوضاعهم، وللعيش في حماية القانون، ولحماية حقوق الملكية الفردية.مؤشر الحرية الاقتصادية يُحرر الجدل من النظريات والأفكار، وخصوصاً تلك الفكرة المراوغة، ألا وهي الديموقراطية. هناك ديموقراطية بالاسم وهي تعمل بشكل سيئ بالنسبة إلى مواطنيها (مثل تركيا وبنغلاديش) وهناك أنظمة تخدم مواطنيها جيداً (سنغافورة، الكويت، أو، إلى حد ما، الصين).من خلال التمسك بمعايير يمكن قياسها وتجنب النظريات السياسية، يجب ألا يصيبنا العجب إذا وجدنا بأن الحرية الاقتصادية تفيد جميع المواطنين بما في ذلك المواطنين الفقراء: ذلك أن أفقر سكان سنغافورة أو سويسرا أو أميركا يكسبون ضعفين ونصف الضعف أكثر مما يكسبه المواطن العادي الروسي أو التركي أو السوري.الأخبار السيئة هي أن باكستان يأتي ترتيبها في 101 من مجموع 141 بلداً، مسجلة 6 من مجموع 10، أي أسوأ من إندونيسيا وعلى مستوى موازٍ لإثيوبيا وهاييتي، بيد أن الأخبار الجيدة هي أنها زحفت إلى أعلى، منطلقة من 5.7 نقطة في العام 2006.إننا في أمس الحاجة إلى تقدم كبير في حكم القانون وحقوق الملكية (بما في ذلك حقوق الملكية الفكرية، رغم بعض التحسينات)، وتخفيض الحواجز التجارية والقضاء على الرشوة والبيروقراطية. المشاريع التي تديرها الدولة مازالت تُكلف أموالاً طائلة وتخلق عدم الكفاءة والفساد والحمائية تماماً مثلما تفعل الأنظمة الحكومية: هناك تقاليد موروثة عن تدخلات حكومية كثيفة وسيطرة حكومية تنساب في مفاصل الاقتصاد.ومن ناحية أخرى، يجب أن نعترف بحدوث تقدم في مجال تحرير الاستثمار في الصناعات، وإزالة بعض العوائق غير الظاهرة، والمتمثلة في العوائق أمام الاستيراد والسماح بعقد الصفقات الرأسمالية مع الأجانب. كما أن ضعف التمويل الخاص والائتمان بدأ بالتحسن في العام 2004.وفي الحقيقة، فإن التعامل الاقتصادي في الباكستان أصبح أكثر سهولة منه في الهند: وتُظهر أرقام البنك الدولي في تقريره بعنوان «مزاولة الأعمال» والذي نُشر لتوه، بأن باكستان في هذا المجال تقع في الترتيب 78 بينما الهند في ترتيب أدنى هو 120 من مجموع 178.هذا التقدم البطيء هو جيد في الحقيقة في ضوء تاريخ باكستان السياسي والاقتصادي الذي كان مرتبطاً بالدولة والحكومة: فمنذ الاستقلال، كانت فكرة التنمية الاقتصادية ذاتها لا تنفصل بتاتاً عن السيطرة الحكومية.الموضوع الرئيسي في ترتيب الحرية الاقتصادية وفي تاريخ باكستان هو مستوى تدخل الحكومة: تستطيع الحكومات أن تقدم قليلاً من الأمور الجيدة، ولكنها في الوقت ذاته تستطيع أن تحدث أضراراً كبيرة. الحكومة لا تخلق شيئاً، ولا تنبت شيئاً، بل إنها تستهلك فقط، وتعيش على ما ينتجه الناس وتنفق أموالهم: إنها تستطيع فقط أن تفعل جيداً إذا سمحت بخلق الثروة عن طريق ضمان السلم العام وحماية المواطنين.ومع وجود عبء تاريخي ثقيل من السياسات والأداء المتأرجحين في باكستان، فإن مؤشر الحرية الاقتصادية يعطينا الأدوات لتثبيت ما يسير في الطريق الصحيح وإصلاح ما يسير في الطريق الخطأ: اقتصاد فعال سوف يدعم المحاولات لتحقيق الديموقراطية وحكم القانون، وهما يدعمان بعضهما البعض في دائرة من التفاعل الحميد.الرئيس الجنرال مشرف ورؤساء الوزارات السابقون بنازير بوتو ونوّاز شريف، جميعهم يدّعون بأنهم يجب أن يُعطوا فرصة أخرى. لكن المسألة هي ما إذا كان قادتنا، سيئو السمعة، يرون أن الأدوات الاقتصادية هي أملهم الوحيد لإنقاذ البلاد والبقاء في الحكم.خليل أحمدمؤسس والمدير التنفيذي لمعهد الحلول البديلة في لاهور، باكستان. هذا المقال برعاية «مصباح الحرية»، www.misbahalhurriyya.org

خواطر قلم

خواطر قلم / بدًِّلها!
محمد العوضيكثيرا ما نسمع من بعض معارفنا أو أقاربنا أو من نصادفهم فتسقط الكلفة بيننا وبينهم فنصارحهم بما نراه تقصيرا في سلوكهم وعيبا في اخلاقياتهم او نقصا ملحوظا في عاداتهم السيئة، فنطلب منهم ان يتخلوا عنها وينصرفوا عنها... كثيرا ما نسمع هؤلاء يجيبوننا بأنهم يودون التغيير ولكن لا يقدرون، وجوابنا على هذه الاجابة انهم يخلطون بين الارادة والقدرة، هم يقدرون، ولكن لايريدون، اذ لو انهم ارادوا وعزموا وجاهدوا شهواتهم واخذوا بالاسباب لقدروا ومن ثم بدلوا العادات السيئة بالعادات الحسنة، والممارسات السلبية بأخرى ايجابية، وبصراحة اكثر بدلوا - لاسيما المسرفون على انفسهم بالحرام - الحرام بالحلال، المعاصي بالطاعات، الشرور بالخيرات، الموبقات بالتوبة والاقبال على مصدر الرحمات والانوار (الله سبحانه وتعالى).في رمضان الماضي زرت سمو ولي العهد الشيخ نواف الاحمد وفقه الله لكل خير للسلام، فبادرني شاكرا هذه النشاطات الاخلاقية العامة التي تلقى في الاسواق وتهتم بالقيم وتنفع الجميع، وقال يعجبني خطابكم المقنع، وعلمت ان مشروع ركاز لتعزيز الاخلاق حظي بالقبول والرضا من القيادات السياسية العليا، والجماهير والمثقفين.فقررنا بذل مزيد الجهد والاستمرار لقناعتنا بالمشروع ولتشجيع الناس لنا وما لمسناه من نتائج مباشرة وغير مباشرة... ومساء يوم الاثنين كنت مع مشاري البنوان العضو الناشط في ركاز في زيارة لاياد الخرافي رئيس مجلس ادارة النادي العلمي ليتم التنسيق والتعاون بين الجهتين خصوصا ان هذا النادي جمهوره من المتميزين عقليا وعلميا واصحاب اهتمامات نوعية... ودار حوار منوع بيننا وبين اياد الخرافي واعضاء النادي العلمي... المهندس احمد المنفوحي ويوسف الحمد والناشط ابراهيم المرجان وبعد ان اطلع الجميع على شعار الحملة الجديدة التي بدأت اعلاميا قبل اسبوع واول محاضراتها العامة غدا الخميس في سوق شرق في محاضرة اشترك فيها مع الدكتور استشاري جراحة القلب خالد الجبير بعد صلاة العشاء، قال اياد الخرافي اعجبني نشاطكم، وكنت موجودا في الحملة الماضية «صحبتهم جنة» في سوق شرق ورأيت الحضور الحاشد لمحاضرة الشيخ عايض القرني، لكن ابو جاسم اياد الخرافي سألنا سؤالا حيويا كثيرا ما يطرح علينا... وبعدين... عملتم كل هذه النشاطات محاضرات في الاسواق والجامعات الخاصة والنوادي والتلفزيونات ووزعتم قصة للفتيات وقصة للفتيان وشريطا وموقعا الكترونيا و... و... و... وبعدين اين يذهب الناس، ماذا يصنعون ومن يحتضن الشباب؟!»، فحولت الاجابة على مشاري البنوان فقال: نحن لسنا محضنا تربويا، نحن نشاط دعوي يبث القيم الايجابية عبر رسائل اعلامية مدروسة... والاعلام لايعالج وانما يرشد ويبصر الناس، ومع ذلك لدينا خط ساخن ومنتدى في الموقع الالكتروني نتواصل فيه مع الناس، وفي الكتيب الذي يوزع منه عشرات الالاف يوجد ورقتان تحت عنوان بدَّلها معاهم وهي عبارة عن اسماء واماكن بعض المحاضن التربوية والثقافية والشرعية الحكومية والخيرية على طول الكويت وعرضها تقدم نشاطات للبنات والاولاد لعلها توجد محضنا يغطي شيئا مما هو مطلوب... اخيرا واخيرا... تمرون في الشوارع فتشاهدون اعلانات عريضة بعنوان «بدِّلها» وهي عبارة عن صورتين على اليمين صورة شاب شاحب الوجه دامع العين ومكتوب فوقها سيئاتك وعلى اليسار صورة لذات الشاب في صورة مشرقة باسمة ومكتوب فوقها حسناتك وبينهما «بدلها» لا يوجد اي مخلوق لا يحتاج «بدلها» لان كل منا يعرف جوانب قصوره النفسي والسلوك الشخصي وفي علاقاته العامة... ارجوك «بدلها».

خورشيد دلي

خورشيد دلي / تركيا والأزمة السورية
| خورشيد دلي |عندما بدأت الأزمة السورية قبل نحو عام اعتقدت تركيا أن لديها ما يكفي من النفوذ لدى القيادة السورية لإقناعها بإحداث إصلاحات سريعة وجذرية، وعليه أرسلت العديد من الوفود السياسية والأمنية وعلى رأسهم وزير الخارجية أحمد داود أوغلو إلى دمشق لهذه الغاية، بل وصل الأمر إلى حد أن أوغلو حمل معه في احدى الزيارات برنامج حزب العدالة والتنمية كوصفة للإصلاح في سورية.مع مضي الأشهر وتفاقم الأزمة سرعان ما تحول الإلحاح التركي على الإصلاح إلى ضغط سياسي وديبلوماسي ومن ثم توالت التهديدات التي أطلقها اردوغان وسط حديثه المتكرر عن الفرصة الأخيرة وعدم السماح بتكرار ما جرى في حماه وصولا إلى دعوته الرئيس السوري بشار الأسد إلى التنحي على غرار ما فعله مع حسني مبارك، لكن مسار الأزمة السورية وبحكم تعقيداتها وتشابكها وتداخلها مع العديد من القضايا الإقليمية والمصالح الدولية، جعل من الدور التركي دورا حذرا يحاول التوافق بين السعي إلى تغيير النظام في دمشق وتجنب التداعيات على بلاده، نظرا لأن التغيير الجاري يطول المنطقة بأكملها، وتركيا ليست استثناء على الرغم من تقدم تجربتها في الممارسة الديموقراطية على الدول العربية.الثابت أن الأزمة نقلت العلاقات السورية - التركية إلى مرحلة شديدة التوتر بعد سنوات من الوئام وصل إلى حد إقامة مجلس تعاون استراتيجي وإجراء مناورات عسكرية مشتركة للمرة الأولى في التاريخ، فضلا عن علاقة شخصية بين الأسد وأردوغان، طبعا كل طرف لأسبابه وتـطلعاته الخاصة، فسورية التي كانت تعيش على وقع الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003 وتحبس أنفاسها بعد اغتيال الحريري 2005 وجدت في تركيا منفذا لفك الحصار والضغط عنها بل والتطلع إلى علاقة مغايرة مع أميركا وسلام مع إسرائيل عبر تركيا في حين رأت الأخيرة في سورية جسرا لها للوصول إلى الملفات الساخنة في المنطقة ولاسيما فلسطين ولبنان.. وفي الوقت نفسه سوقا خصبة لبضائعها، خصوصا وان هذا التوجه ينسجم مع المتغيرات الداخلية في تركيا ورؤية حزب العدالة والتنمية لخيارات تركيا السياسية ونظرية صفر المشاكل التي طرحها أوغلو وقبلها نظرية العمق الاستراتيجي.اليوم من الواضح أن هذه النظريات لم يعد لها مكان في العلاقة بين الجانبين، فتركيا تقول ان علاقاتها مع النظام السوري وصلت إلى مرحلة اللاعودة وان المطلوب هو تغيير هذا النظام وكيفية إدارة مرحلة ما بعده، وهي في سبيل ذلك اتخذت مجموعة من الخطوات والاجراءات، فمن جهة فرضت عقوبات على النظام السوري، ومن جهة ثانية رعت المعارضة السورية ولاسيما حركة الأخوان المسلمين وهيأت الظروف لتأسيس المجلس الوطني السوري، ومن جهة ثالثة احتضنت الجيش السوري الحر وأقامت مخيمات للاجئين السوريين في المنطقة الحدودية. وعلى المستوى السياسي عملت في عدة اتجاهات، فمن جهة نسقت مع دول الخليج العربي والجامعة العربية لزيادة الضغوط على النظام السوري، ومن جهة ثانية برز ما يشبه تنسيق وتشاور تركي أميركي بشأن كيفية إدارة الأزمة، ومن جهة ثالثة اتجهت نحو طهران وموسكو وبكين للتأثير على مواقفهم المؤيدة للنظام السوري، وفي كل هذا حرصت أنقرة على عدم الاصطدام مع النظام السوري بشكل مباشر، نظرا لمعرفتها بالتداعيات الكارثية على أمنها الداخلي، فهي الدولة المجاورة لإيران والعراق وسورية (حلفاء النظام السوري) حيث الورقة الكردية التي تشكل قنبلة تاريخية في الخاصرة التركية والصراع الطائفي المضمر والقابل للتفجر هنا وهناك، والبنية التركية بحكم ارثها الأتاتوركي وحتى سياسة حزب العدالة والتنمية ليست بعيدة عن مكامن الانفجار الاجتماعي والسياسي. وعليه ظلت تركيا تشترط إقامة منطقة أمنية عازلة داخل الأراضي السورية بتحقيق جملة شروط، كوحدة المعارضة السورية ووجود موافقة عربية مسبقة على غرار ما حصل لليبيا، وضمانات أميركية وأوروبية، فضلا عن قرار دولي وهو غير متوافر في ظل الفتيو الروسي والصيني في مجلس الأمن. في الحديث عن خلفيات السياسية التركية تجاه الأزمة السورية، ثمة تحليلات كثيرة، فهناك من يرى ان تركيا أرادت ركوب موجة الثورات العربية لتحقيق جملة من الأهداف، وفي المقدمة منها تحقيق (العثمانية الجديدة) بعد ان أتاحت ثورات الربيع العربي الفضاء أمامها للتحرك بقوة تجاه العالم العربي، سواء على مستوى استثمار التواصل مع صعود حركات الإخوان المسلمين إلى سدة المشهد السياسي كما حصل في مصر وتونس وليبيا حيث تدرك تركيا ان مثل هذا المشروع لن يكتمل دون كسر أو إنهاء المحور الممتد من طهران إلى الضاحية الجنوبية مرورا بدمشق، ولعل هذا ما دفع بداود أوغلو إلى الحديث عن بدء أفول (العهد الشيعي) وبداية عهد (الإحياء السني) بعد زيارته الأخيرة لطهران، وهو ما دفع بالبعض إلى الحديث عن إقامة (هلال سني) بدلا من (الهلال الشيعي) أو على الأقل في مواجهته. فيما يرى قسم آخر ان تركيا الحليفة التاريخية لواشنطن ترى أن مشروع إقامة الشرق الأوسط الكبير بات ممكنا على وقع ثورات الربيع العربي وان القوة التركية الناعمة قادرة على قيادة هذا المشروع في المنطقة لأسباب كثيرة لا يتسع المجال هنا لتعدادها، وما الحديث عن النموذج التركي المعتدل الا هو تجسيد لهذه الرؤية تطلعا إلى المزيد من الدور والنفوذ الإقليمين.بين السعي التركي إلى تغيير النظام السوري والحرص من التداعيات بدا الدور التركي يتراوح بين صورة النمر الإقليمي الذي يتحرك كلاعب إقليمي خطر وبين العجز عن التحرك الحقيقي دون قرار أميركي ودولي وهو ما وضع تركيا في امتحان مع المصداقية والذات، وفي كل هذا بات عامل الوقت مهما، فإذا نجح النظام السوري في قمع الاحتجاجات على الأرض ووضع نهاية لها على الطريقة الإيرانية فإن الموقف التركي سيصبح صعبا ولاسيما في الداخل، فيما إذا انهار النظام فسيكون ذلك مكسبا كبيرا لسياسة حزب العدالة والتنمية وتطلعاتها تجاه العالم العربي.

خيرالله خيرالله

خيرالله خيرالله / معركة القرار 1559...معركة الطائف!
خيرالله خيراللهإنها معركة القرار الرقم 1559. معركة اتفاق الطائف الذي لا فارق بينه وبين القرار 1559. ولذلك يقف «حزب الله» ضد انتخاب رئيس جديد للجمهورية يؤمن باتفاق الطائف وبتنفيذ القرارات الدولية. لو لم يكن الأمر كذلك لما كان هذا الإصرار المقرون بالتهديدات المبطنة لدى الحزب وأدواته المستأجرة على اعتبار انتخابات الرئاسة اللبنانية مرتبطة ارتباطاً عضوياً بالقرار المذكور. لماذا المطلوب، من وجهة نظر الحزب، الإتيان برئيس جديد للجمهورية يرفض القرار الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي ينزع صفة الشرعية عن الرئيس إميل لحود من منطلق أن ولايته ممدة تحت التهديد الذي مارسه نظام الوصاية السوري؟ لماذا الرفض لقرار يمهد لأن يكون لبنان دولة مثل بقية دول العالم المتحضر، دولة خالية من الميليشيات، تمارس فيها القوى التابعة للشرعية والتي في أمرتها سلطتها على كل التراب الوطني؟الجواب بكل بساطة أن الحزب يعتبر القرار 1559 تعبيراً عن إرادة دولية ترفض أن يكون لبنان «ساحة» أو امتداداً للمحور الإيراني ـ السوري، مجرد «ساحة» يستخدمها المحور لتحسين شروط التفاوض مع «الشيطان الأكبر» الأميركي و«الشيطان الأصغر» الإسرائيلي. يسعى هذا المحور إلى تحسين شروط التفاوض مع أميركا وإسرائيل على حساب لبنان واللبنانيين والعرب الشرفاء الرافضين للأحزاب المذهبية والطرح المذهبي والسلاح المذهبي الذي لا يخدم سوى الدولة اليهودية. يريد «حزب الله» الذي لا يؤمن بلبنان، بل يؤمن باستخدام لبنان لأغراض مرتبطة بأجندته الإيرانية والسورية تحويل البلد إلى مجرد أداة على طريقة ما فعله بالجنرال ميشال عون الذي كان يعتبر نفسه أب القرار 1559 في العام 2004، فإذا به يتحول في العام 2007 إلى وسيلة تستخدم للحؤول دون تنفيذ القرار تنفيذاً كاملاً. لا يدرك حضرة النائب، الذي دفع اللبنانيون عموماً والمسيحيون خصوصاً غالياً ثمن سياساته منذ استيلائه على قصر بعبدا في العام 1988 من القرن الماضي ورفضه الخروج منه، أنه لا يمكن أن يكون المرء مع القرار 1559 وضدّه في الوقت ذاته. من يفعل ذلك رجل مريض. وربما كان العميد كارلوس إده الرجل النزيه المتعالي على الصغار والصغائر أفضل من وصف الجنرال برتبة مهرج، عفواً المهرج برتبة جنرال، وصفاً واقعياً في مقاله الأخير قبل أيام. قال كارلوس إده بعدما استشهد بقول عون أمام لجنة من لجان الكونغرس: «بعد الانسحاب السوري المتوقع، من المؤكد أن السوريين سيتركون وراءهم أدوات عدة من الإرهاب والتدمير كما ومنظماتهم شبه العسكرية والمخابراتية». إن لدى الرجل قناعتين. وأوضح أن الأولى «قناعة راسخة لدى الجنرل بأن مصلحة لبنان لا تتحقق إلاّ من خلال نجاحه الشخصي. أما الثابتة الثانية، فهي خطابه العنيف والحاقد على كل من يحاول اعتراض طريقه للوصول إلى الحكم أو من يلقي بالظلال على سعيه الدؤوب إلى السلطة المطلقة».ولكن أبعد من «حزب الله» الذي يعتبر رأس حربة للمحور الإيراني ـ السوري في لبنان ولأدوات الأدوات المستخدمة في عملية القضاء على مشروع الإنماء والأعمار عن طريق الاعتصام الذي ينفّذ في وسط بيروت والذي يستهدف الاعتداء على الأملاك العامة والخاصة ليس إلاّ، لا يمكن إلا العودة إلى الماضي القريب. ثمة حاجة إلى مثل هذه العودة للتأكد من أن النظام السوري لا يزال عند موقفه الأصلي الرافض لاتفاق الطائف. ربما يحق له ذلك نظراً إلى أنه يرفض فكرة لبنان المستقل المزدهر السيد العربي الديموقراطي. إنه نظام فاجر يريد إعطاء شهادات في الوطنية للبنانيين. النظام السوري الذي لم يطلق رصاصة واحدة من الجولان منذ العام 1974 يريد توزيع شهادات في الوطنية على الذين يرفضون أن يكون لبنان «ساحة» للصراعات والنزاعات المذهبية التي لا تصب سوى في خدمة إسرائيل.لدى التمعن جيداً في من وقف مع الطائف ومن وقف ضده، نجد أن النظام السوري سعى منذ البداية إلى التخلص من الطائف. كان اغتيال الرئيس الشهيد رينيه معوض في العام 1989 خطوة أولى على طريق التخلص من الطائف الذي يرفض وجود ميليشيات في لبنان ويضع جدولاً للانسحاب السوري منه. ولعب ميشال عون منذ البداية الدور المرسوم له سورية، من حيث يدري أو لا يدري، من أجل التخلص من رينيه معوض عن طريق منعه بالقوة من الوصول إلى قصر بعبدا وجعله هدفاً سهلاً للاغتيال في منطقة يسيطر عليها الأمن السوري سيطرة كاملة. في هذه الأيام، تستكمل الأداة السورية، التي اسمها ميشال عون، مهمتها عن طريق تحولها إلى أداة لدى الأدوات. أما «حزب الله»، فقد وقف منذ البداية في وجه الطائف ولم يقبل يوماً بالرؤية اللبنانية للاتفاق. على العكس من ذلك، التزم دائماً الرؤية السورية للطائف التي تدعو إلى توظيف الاتفاق في خدمة «لبنان الساحة» بفتح جبهة الجنوب بدلاً من جبهة الجولان...وذلك كي ينزف الجنوب وأهل الجنوب وكي يستنزفوا.في النهاية، لم يكن القرار الرقم 1559 سوى وسيلة اعتمدها المجتمع الدولي لتنفيذ الطائف بعدما تأخر ذلك سنوات. ولذلك يقف ضده كل الذين اعترضوا منذ البداية على الاتفاق الذي أوقف الحرب في لبنان. ومن هذا المنطلق، ليس مستغرباً أن تضم الجبهة التي تطالب برئيس يرفض القرار 1559، وبالتالي اتفاق الطائف، أطرافاً مثل النظام السوري و«حزب الله» وميشال عون الذي نسي فجأة أنه كان يدّعي أبوة القرار 1559 الذي حاول اللبنانيون والعرب الشرفاء على رأسهم سعد الحريري وأمين الجميل ووليد جنبلاط التخفيف من وقعه بما يتلاءم مع متطلبات السلم الأهلي في البلد.إنها معركة القرار 1559 ومعركة الطائف في الوقت ذاته. معركة أن يكون لبنان أو لا يكون عبر انتخاب رئيس للجمهورية يكون لبنانياً، وليس مجرد موظف لدى بشار الأسد ومن هم دونه...  كاتب وصحافي لبناني مقيم في لندن

د. أحمد الذايدي

د. احمد الذايدي / اجتهاد / حكومة حلّ
لا يحتاج المراقب للكثير من التدقيق لمعرفة ان الحكومة الرابعة لسمو الشيخ ناصر المحمد ليست بأفضل حال من سابقاتها، ولا تعــــدو كونها سدّا للــــفـــراغ تعقبها انتخابات مبكرة بعد اول ازمة تلـــــوح بالافـــق.ما يجعلني وغيري يـــــتـــوقـــع هــــذه النـــتـــيــــــجة هو ان اسلــــوب تـــشـــكيل هذه الحكومة لـــم يخــــتلــف كثيرا عن سابـــقــاتها كما انه لم يقض على اسباب الازمة السياسية الناتــــجة عــــن زيــــادة وتـــــيرة الاستجوابات النيابية يقابلها سلوك حكـــومي يمكن وصـــفه بالمــــــزيج ما بين الخضوع والهروب. فاذا سلمنا ان الحكومة خضعت لارادة المستجوبين في استبعاد احد الوزراء (بطريقة غير مسبوقة) وهربت بالآخر إلى وزارة النفط (بعد تقديم صحيفة الاستجواب) فانها خلقت لنفســـها ازمة اخرى تمثلت في التــــفـــريق ما بين الاســــتــــجوابيـــن، وهو ما اغضب مؤيدي استجواب وزير المالية وجعلهم اكثر اصرارا على استقالته او ملاحقته.هذا السلوك الحكومي الذي يؤثر السلامة والهروب إلى الامام على المواجهة السياسية زاد علاقة السلطتين تعقيدا، كما فتح شهــــية بـــقية النواب للتسابق على استجواب الوزراء في كل شاردة وواردة طالما ان النتيجة ستكون انتصارا اكيدا على حكومة ضعــــيــــفة غـــــير قـــــادرة علــــى توفــــيــــر الغطاء السياسي لاعضائها.واذا كان رئيس الحكومة قد نجح موقتا في شراء الـــــوقت مـــــن خــــلال تــحاشي المواجهة واعادة تشكيل وزارته اربع مرات في ثمانية عشر شهرا، فانه من غير الممكن، لا منطقيا ولا سياسيا، تشكيل حكومة خامسة بعد اول ازمة سياسية تـــلوح بالافـــــق، وهو ما سيجعل من الانتخابات المبكرة الحل الواقعي الوحيد لتغيير الخارطة السياسية وفق الدوائر الخمس.اما لماذا نتوقع ازمة سياسية خلال وقت قصير من الان؟ فهو لان الاستجوابات باتــــت الوسيلة الاسهل لتــــسجيل اكبر عدد من النقاط السياسية، ولان سلوك النواب بات اقرب إلى سلوك المرشحين منه إلى سلوك المشرعين، وهو ما يدفعـــهم للعـــمل وفق مصالحهم الانتـــــخابية على حساب المصلحة الوطنية.د. احمد الذايديكاتب واستاذ جامعي كويتي[email protected]

د. أحمد حسين

د. أحمد حسين / الكويت تتحدى الطائفية
أحداث اليوم في الكويت كثيرة وخطيرة لابد أن نعيها حقيقة بشكل دقيق لكي نعرف كيف نتعامل معها من دون إحداث فتن تهز المجتمع وتخل بمسيرته التاريخية الطيبة.خطورة ما يحدث يجعلنا، وكل محب لهذه الأرض، أمام خيار واحد لابد من التمسك به و هو خيار الوحدة الوطنية والتشبث بأذيالها لأن الحقيقة الكبرى التي تزعج الآخرين هي أن الكويت قامت على التعددية واحترامها بل أكسبت تعدديتها لوناً اجتماعياً فريداً من نوعه ما جعل كل كويتي يفتخر بها بملء فمه وهذا هو شأن المجتمعات الواعية.أحداث اليوم يجب أن تواجه بفهم جديد للوحدة الوطنية وبإصرار يسمع صوت الأغلبية الصامتة لتخرج من صمتها وتواجه ألاعيب العابثين بوعي شديد لما يقومون به بشكل مباشر أو غير مباشر من محاولات لهدم الصرح الوطني العظيم الذي أقامه الآباء والأجداد.لا يمكن أن نسمح لمسلسل الكتابات المسيئة، ومن الواضح أنه بفعل فاعل خبيث، أن يحقق مبتغاه. إنني هنا لا أقلل أبداً من حجم الإساءة، بل انها غير مقبولة بأي حال من الأحوال، فهذه الأفعال مستنكرة ولا تجوز شرعاً أو قانوناً أو أخلاقياً ولكن الاخطر منها تداولها لضرب فئات المجتمع الواحد وتخوين البعض وخلق جبهات يتخندق فيها أبناء الوطن ما يعد بحق انقلاباً على القيم التي تأسس عليها كياننا السياسي والاجتماعي.لقد حزنت كثيراً عندما علمت بالقسر المبالغ فيه الذي شهدته إجراءات التحقيق في هذه الحادثة، واعتقد أن التحريض العقائدي من محبي الفتنة ودعاتها كان سبب ذلك، مما صبغ التحقيق بصبغة طائفية بغيضة، فكل طفل أو شاب شيعي متهم ومعرض للتحقيق في هذا الأمر، وهو ما أدخل فئة كبيرة من المواطنين في خانة الجناة قبل أن تثبت أي تهمة بحقهم، الأمر الذي أدى إلى إهدار حقوق المواطنة وحق الدفاع الذي رسخته القوانين السماوية والبشرية، ولا شك أنه من الواجب على وزارة الداخلية ان كانت قد اتبعت هذا النهج أن تعتذر عن ازعاج المواطنين لأنه من القواعد القانونية في أعمال التحقيقات أن تكون محايدة تتحرى الحقيقة بأساليب يجيزها القانون لا أن تتم مخالفة القانون من أجل كشف الجناة، وأعظم مخالفة للقانون هي في وضع الناس موضع الشبهة لمجرد انتمائهم العقدي أو المذهبي وهذا لا يصح في دولة تحترم القانون بل هي رائدة في التقنين كالكويت.الحادثة الراهنة يجب التعامل معها بحذر ودقة قانونية محضة حتى لا تتحول إلى معول هدم للوفاق الوطني والوئام الاجتماعي بين المواطنين من السنة والشيعة، ويجب رفض تدخل أصحاب الأهواء والمصالح والأجندات الخاصة في الموضوع، لاسيما السادة النواب المحترمين من أي طرف كانوا.أخيرا أقول إذا كان هناك مجنون أو اثنان أو عشرة فعندنا عقلاء و حكماء من الفئات كافة تفتخر بهم هذه البلدة الطيبة، إنه من الغريب حقاً أن ندعو لذكر محاسن الموتى وإن لم تكن لهم محاسن، أما الأحياء فلا عزاء لهم. وهناك حديث يبقى لوقت آخر.د.أحمد حسينكاتب وباحث كويتي

د. أحمد فتحي سرور

الدكتور أحمد فتحي سرور / التعثّر الراهن الذي يواجه عملية السلام ينذر بمخاطر عدة على الأمن والاستقرار في المنطقة بأكملها
| بقلم الدكتور أحمد فتحي سرور * | في ظل التطورات التي شهدتها ولا تزال تشهدها - القضية الفلسطينية، لا يزال القدس الشريف يحتل المكانة الأبرز من بين هذه التطورات، خصوصاً أنه يشكل نقطة محورية في الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، فضلاً عن أنه لصيق كل الصلة بحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، التي على رأسها إقامة دولة مستقلة عاصمتها القدس الشريف.إن القدس ليست مجرد عاصمة أو موقع على الخريطة الجغرافية، ولكنها مدينة مقدسة اجتمعت على أرضها الديانات السماوية الثلاث، فأصبحت على هذا النحو رمزاً للتحالف بين الأديان السماوية والحضارات لا مجرد الحوار في ما بينها.لقد شكلت القدس لقرون طوال رمزاً للتعايش السلمي بين أتباع الديانات الثلاث، ويمكنها اليوم أن تنتصب من جديد كرمز للسلام والتعايش بين الديانات. ولكن ما يدعو للأسف أن هذه المدينة المقدسة، بدلاً من أن تصبح ملتقى للتسامح والديانات، ظلت أسيرة لسياسات إسرائيلية متغطرسة ومخالفة لقواعد القانون الدولي.واسمحوا لي أن أركز في هذا الصدد على أربعة محاور رئيسة، أرى ضرورة التذكير بها، المحور الأول: السياسات الإسرائيلية تجاه القدس، والثاني: وضع القدس في القانون الدولي، والثالث: سياسات الحكومة الإسرائيلية الحالية تجاه القدس وانعكاساتها على مسيرة السلام، والرابع: موقف مصر من السياسات الإسرائيلية تجاه القدس.إذا ما بدأت بالمحور الأول، وهو السياسات الإسرائيلية نحو تهويد القدس، نجد أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي عملت على تغيير معالم القدس وإحداث تغيير سكاني بها، بهدف تكريس ضمها الرسمي واقعياً، تحسباً لعدم الاعتراف الدولي بالضم الذي أعلنته إسرائيل. وقد اتبعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي في سبيل ذلك سياسات متعددة لا يجهلها الجميع، وتمثلت بالأساس في:أولاً: تغيير الوضع القانوني للمدينة المقدسة بضم القدس المحتلة إلى إسرائيل واعتبارها عاصمة لها. ففي أغسطس 1980، أقدمت إسرائيل على ضم القدس المحتلة برمتها واعتبرتها عاصمتها الموحدة، واتخذت إجراءات عدة في هذا الشأن بمقتضاها أُخضعت المدينة للنظم الإسرائيلية.ثانياً: الاستيطان وتغيير المعالم الجغرافية والديموغرافية لمدينة القدس. لقد كان قرار الضم نقطة البداية لعملية تهويد شاملة وواسعة النطاق للمدينة التاريخية، سبقته محاولات إسرائيلية نحو تغيير المعالم الجغرافية لمدينة القدس من خلال سياسات استيطانية منظمة. كما اعتمد الاحتلال الإسرائيلي سياسة مصادرة الأراضي المملوكة للفلسطينيين من أجل توسيع مستوطناته، وبالتالي تضييق الخناق على الوجود العربي في مدينة القدس. وتنتشر هذه المستوطنات في لواء القدس على شكل تجمعات استيطانية مكثفة تتخذ الشكل الدائري حول المدينة وضواحيها ممثلة بمراكز استيطانية كبيرة المساحة.ثالثاً: العبث بالأماكن المقدسة وتدنيسها، فقد دأبت إسرائيل منذ احتلالها لمدينة القدس على القيام بسلسلة انتهاكات صارمة ضد المقدسات الإسلامية، في محاولات للإضرار بالمسجد الأقصى، وذلك استناداً للعقيدة التوراتية التي يرتكز عليها اليهود في مزاعمهم بالحق التاريخي في الضفة الغربية أو في القدس، خصوصاً في موقع المسجد الأقصى وقبة الصخرة، وقد قامت إسرائيل بالعديد من أعمال الحفر في هذا الشأن.فقد استطاعت العناصر المتطرفة من اليهود هدم كثير من المساجد والمآثر الإسلامية، وقامت إسرائيل بالعديد من الحفريات إضراراً بالمسجد الأقصى غير عابئة بقرارات الأمم المتحدة، واليونسكو. وكان الاعتداء الأثيم الذي تمثل في محاولة إحراق المسجد الأقصى في أغسطس 1969، ما أثار غضب العالم أجمع، وعكس ذلك قرار مجلس الأمن رقم 271 في 15 سبتمبر 1969 وصف فيه عمل إسرائيل بأنه عمل مقيت لتدنيس المسجد الأقصى في محاولات للإضرار بالمسجد الأقصى. ثم جاء اقتحام رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق آرييل شارون المسجد في حراسة أكثر من ألفي ضابط وجندي في سبتمبر العام 2000، الذي كان الأسوأ من نوعه في تحدي مشاعر العرب والمسلمين عموماً والفلسطينيين خصوصاً.وبالنسبة إلى المحور الثاني، وهو وضع القدس في القانون الدولي، فقد بدأت القدس تأخذ خصوصية معينة في الصراع العربي - الإسرائيلي منذ صدور قرار التقسيم رقم 181 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 نوفمبر 1947، الذي اقترح تقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية، وهو أول قرار دولي يصدر عن الأمم المتحدة يتناول القضية الفلسطينية.وقد جعل هذا القرار للقدس وضعاً دولياً لا يجوز لأي طرف واحد بأن يؤثر عليه. ورغم ذلك تطلعت إسرائيل منذ قيامها في 15 مايو 1948 إلى ضم القدس الشرقية التي احتلتها العام 1967 إلى القدس الغربية التي احتلتها العام 1948، والإعلان عن اعتبارها عاصمة موحدة وأبدية لها. ومنذ ذلك الحين عملت إسرائيل وحتى اليوم على تهويد القدس بكاملها وطمس جميع معالمها. وتناست إسرائيل أن شرعية قيامها نابع من قرار التقسيم، وأن هذا القرار يضع بذور التشكيك في شرعيتها.لقد صدرت عشرات القرارات الدولية - بعد ضم إسرائيل للقدس الشرقية وتوحيد المدينة تحت السيادة الإسرائيلية - طالبت فيها إسرائيل التراجع عن إجراءاتها ووقف أعمالها غير الشرعية.ومن أهم هذه القرارات ما صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي التي لها علاقة بالقدس، قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 2253 في 4 يوليو 1967، الذي اعتبر التدابير التي اتخذتها إسرائيل لتغيير وضع القدس الشرقية باطلة، ودعاها إلى إلغاء جميع الإجراءات التي اتخذتها في المدينة، والعدول عن اتخاذ أي عمل في المستقبل من شأنه أن يغير معالمها. ويعتبر هذا القرار أول القرارات الدولية التي تنتقد التصرفات الإسرائيلية في القدس. كما أصدرت الجمعية العامة قراراً آخر رقم 2254، في 14 يوليو 1967، ندد بفشل إسرائيل في تنفيذ قرار الجمعية العامة السابق، ووجه نداء جديداً لإسرائيل دعاها فيه إلى إلغاء جميع التدابير التي اتخذتها في القدس الشرقية، والعدول عن اتخاذ أي عمل من شأنه تغيير معالم المدينة.وبدوره، أصدر مجلس الأمن الدولي قرارات عدة في شأن القدس، منها قراره رقم 250 في 27 أبريل 1968، ودعا فيه إسرائيل إلى الامتناع عن إقامة العرض العسكري في القدس، وقراره رقم 252 في 21 مايو 1968، ودعا إسرائيل إلى إلغاء جميع إجراءاتها في تغيير وضع القدس وعلى رفض الحصول على أراضٍ عن طريق الغزو المسلح، واعتبر جميع التدابير والأعمال الإدارية والتشريعية الإسرائيلية باطلة، بما في ذلك نزع ملكية الأراضي والممتلكات القائمة عليها. وطالب إسرائيل بإلغاء جميع الإجراءات التي قامت بها في القدس الشرقية، والعدول فوراً عن اتخاذ أي عمل آخر يرمي إلى تغيير القدس.كما صدر أيضاً قرار مجلس الأمن رقم 267 في 3 يوليو 1969، وأكد على عدم جواز ضم الأراضي بالغزو العسكري، وانتقد جميع الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل لتغيير معالم القدس، وطالبها بإلغاء جميع تلك الإجراءات. وكذلك قرار المجلس رقم 271 إثر إحراق المسجد الأقصى صدر في 15 مايو 1969.وفي الأول من يوليو 1969 أكدت الولايات المتحدة أمام مجلس الأمن على لسان مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة أن القدس التي وقعت تحت سيطرة إسرائيل في حرب يونيو العام 1967 تعتبر منطقة محتلة تخضع لأحكام القانون الدولي الذي اعتبر إسرائيل دولة محتلة للقدس، مطالباً إياها بتنفيذ نصوص جميع القرارات الصادرة بخصوص المدينة المقدسة.وغير ذلك، هناك الكثير من القرارات الأخرى التي أصدرها مجلس الأمن الدولي في شأن القدس، وهي القرارات التي تحمل الأرقام التالية: 298 الصادر في 25 سبتمبر 1974, ورقم 446 الصادر في 22 مارس 1979، والقرار رقم 452 الصادر في 20 يوليو 1979، ورقم 465 الصادر في 1 مارس 1980، والقرار رقم 471 الصادر في 5 يونيو 1980، والقرار رقم 476 الصادر في 30 يونيو 1980، والقرار رقم 478 الصادر في 20 أغسطس1980 الذي كان أكثر وضوحاً عندما أعلن عدم الاعتراف بالقانون الأساسي الإسرائيلي في شأن القدس، ودعا الدول الأعضاء إلى سحب بعثاتها الديبلوماسية منها، والقرار رقم 592 الصادر في 8 سبتمبر 1986، والقرار رقم 6058 الصادر في 22 ديسمبر 1986، والقرارات 672 لعام 1990، و673 لعام 1990، و904 لعام 1993، التي أدانت إسرائيل لارتكابها أعمال عنف ضد الفلسطينيين في المذبحة التي شهدتها ساحة المسجد الأقصى في أكتوبر 1990 ووصفت القدس بأنها أرضٍ محتلة.هذه القرارات كلها التي صدرت عن المجتمع الدولي تؤكد بوضوح أن القدس الشرقية أرض عربية محتلة، وتؤكد بطلان ضم القدس لإسرائيل، وتحذر إسرائيل من إجراء أي تغيير في معالم المدينة المقدسة، سياسياً أو قانونياً أو جغرافياً أو سكانياً، كما أشارت بعض هذه القرارات إلى اعتبار الإجراءات التي نفذتها إسرائيل في القدس الشرقية بأنها أعمال عدوانية وتعرض السلام في الشرق الأوسط إلى الخطر.إذاً هناك عشرات القرارات الدولية الصادرة بحق القدس، بيد أننا لابد أن نفرق بين رفض المجتمع الدولي لجميع الإجراءات التي تقوم بها إسرائيل، في المدينة المقدسة، وبين سياسة الأمر الواقع التي فرضتها على المدينة من دون الاكتراث للرفض الدولي. فلا شك أن إسرائيل أرادت فرض أمر واقع في القدس قبل التفاوض على المرحلة النهائية، من أجل خلق أكبر قدر من الحقائق الواقعة قبل المفاوضات، ووضع عراقيل أمام تنفيذ أي قرار أو مشروع سلام دولي لا يتلاءم مع مخططاتها. ولنتذكر قول السيد روبين كوك، وزير خارجية بريطانيا، في العام 1988، مخاطباً المسؤولين الإسرائيليين: «إن كنتم تريدون سلاماً حقيقياً فلابد من جعل القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية».ومن ناحية المواقف الدولية الحالية، فإن هناك بالأساس الموقفين الأميركي والأوروبي. فبالنسبة إلى الموقف الأميركي، فإن الرئيس الأميركي باراك أوباما أعلن العام الماضي في جامعة القاهرة أن القدس يجب أن تكون موطناً لجميع الديانات، وأن أميركا لن تقبل سياسة الاستيطان الإسرائيلية. أما بالنسبة إلى الموقف الأوروبي، فقد أكد وزراء الاتحاد الأوروبي - بناء على اقتراح السويد - أن مدينة القدس يجب أن تكون عاصمة لدولتين: إسرائيل والدولة الفلسطينية المستقلة في نطاق تسوية للنزاع الفلسطيني - الإسرائيلي. ورغم أن إسرائيل تمكنت من الضغط من أجل تعديل هذا القرار، إلا أنه لا يزال بعد التعديل يشكل موقفاً جيداً من قضية القدس.وأصارحكم أن تفعيل الشرعية الدولية يتطلب قوة ديبلوماسية عربية هائلة تعتمد على تماسك وتضامن الأمة العربية، ودورها الفاعل في السياسات والعلاقات الدولية.إننا نتطلع إلى صدور قرار ملزم من مجلس الأمن تحت الفصل السابع يلزم إسرائيل بخطة سلام تقوم على إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس. ومن دون هذا القرار الملزم سوف نعيش في ظل ضوضاء من كلمات القانون تبدده سياسة الأمر الواقع التي تساندها القوة الغاشمة.أما في ما يتعلق بالمحور الثالث الخاص بسياسات الحكومة الإسرائيلية الحالية تجاه القدس، فلعلكم تابعتم موافقة وزارة الداخلية الإسرائيلية، أخيراً، على بناء 900 وحدة سكنية استيطانية جديدة في القدس الشرقية المحتلّة، رغم جميع الضغوط الدولية التي مورست، ولا تزال تمارس على إسرائيل من أجل إقناعها بالتوقف عن التوسع الاستيطاني حتى تتيح الفرصة لاستئناف العملية السلمية التي تواجه موقفاً صعباً، وهي خطوة تعكس السياسة الأحادية والتعسفية لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.ولا يمكن النظر إلى الخطوة الأخرى التي أقدمت عليها حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أخيراً، وقضت بتمويل إضافي للمستوطنات في الضفة الغربية بمقدار 30 مليون دولار، إلا باعتبارها مكافأة من قبل الحكومة للمتطرفين من المستوطنين، ومحاولة من الحكومة لتأكيد تمسكها بعملية الاستيطان، رغم الانتقادات الواسعة لها على المستوى الدولي.إن إصرار إسرائيل على التوسع الاستيطاني واستهدافها القدس خصوصاً بهذا التوسع يشيران بشكل واضح إلى أن حكومتها غير معنية بالسلام أو توفير ظروف تحقيقه، أو أن لديها رؤية خاصة لهذا السلام تبتعد كلياً، ليس عن الرؤية الفلسطينية والعربية فقط، وإنما أيضاً عن الرؤية الدولية، ناهيك عن قرارات الشرعية الدولية ومرجعيات العملية السلمية التي قامت عليها منذ «مؤتمر مدريد».ومن ناحية أخرى، يشير التوتر الحادث حول المسجد الأقصى خلال شهر أكتوبر الماضي - الذي أسفر عن العديد من الإصابات والمواجهات بسبب محاولات جماعات يهودية متطرفة دخول المسجد والصلاة في باحته - إلى الخطر الكبير الذي ينطوي على أي عبث بالمقدسات في مدينة القدس وما يمكن أن يؤدي إليه ذلك من انفجار للأوضاع ربما لا يمكن السيطرة عليه أو الإحاطة بتداعياته التي لن تنحصر في حدود القدس أو الأراضي الفلسطينية المحتلة فقط، وإنما ستمتدّ إلى خارجها لتشمل البلاد الإسلامية كلها.بالنسبة إلى المحور الرابع والأخير والخاص بموقف مصر من السياسات الإسرائيلية تجاه القدس، فقد اتسم الموقف المصري تجاه القدس بالوضوح والمساندة الفعالة من منطلق الحفاظ على عروبة القدس ومكانتها في العالمين العربي والإسلامي، إذ أكد على اعتبار أن القدس مدينة عربية محتلة وجزء من الضفة الغربية لنهر الأردن، ومن ثم فيجب أن تكون القدس العربية تحت السيادة العربية وأن يحق للفلسطينيين في القدس العربية ممارسة حقوقهم الوطنية المشروعة، باعتبارهم جزءاً من الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية.وتماشياً مع موقف مصر الثابت تجاه مسألة القدس، وتأكيداً لعروبتها، تؤكد مصر دائماً أن القدس كلها مدينة عربية محتلة يجب ردها للعرب مع الاعتراف بحقوق الطوائف الدينية الأخرى فيها. ولقد نصت اتفاقيات «كامب ديفيد» الصادرة في 18 سبتمبر 1978، في «الوثيقة الأولى» الخاصة بالحل الشامل، على اعتبار أن القدس الشرقية جزء لا يتجزأ من الضفة الغربية.وتأكيداً لموقف مصر الثابت إزاء القدس الذي يقوم على الحيلولة دون المساس بوضعها الديني والسياسي، رفض الرئيس محمد حسني مبارك زيارة القدس مع تمسك إسرائيل بموقفها بالنسبة إلى المدينة. وأكد الرئيس مبارك في جميع تصريحاته الخاصة بالقضية الفلسطينية على إثبات الحق الفلسطيني والعربي في القدس وعدم الاعتراف بها كعاصمة لإسرائيل.ومن المؤكد أن الجهود المتواصلة التي تبذلها مصر بقيادة الرئيس مبارك مع جميع الأطراف إقليمياً وعالمياً تحمل مضمون هذا الموقف لكسب التأييد العالمي لوجهة نظرها، باعتبار أن القدس لا تزال عربية إسلامية رغم عمليات التهويد السكانية والعمرانية على أرض الواقع. وقد جاء آخر بيان لمجلس الشعب (البرلمان) المصري في 28 أبريل 2009، مؤكداً أن القدس أرض عربية لا يمكن التنازل عنها في أي مفاوضات أو حلول.وأخيراً فإن التعثر الراهن الذي يواجه عملية السلام ينذر بمخاطر عدة على الأمن والاستقرار في المنطقة بأكملها، خصوصاً بالنظر إلى ثلاثة اعتبارات رئيسة. الاعتبار الأول: إن الحكومة الإسرائيلية لم تعد تهتم بمواقف المجتمع الدولي، وهي بذلك تحكم بالفشل المسبق على أي جهود أو تحركات لاستئناف المفاوضات. في الوقت ذاته، فإنها تستغل حال الجمود الراهنة في مواصلة سياساتها المناهضة لعملية السلام، سواء تعلق الأمر بتسريع خطط الاستيطان في الضفة الغربية، أو بتنفيذ مخططاتها الرامية إلى تهويد مدينة القدس وتغيير طابعها العربي، وذلك لفرض أمر واقع على الفلسطينيين والعرب يُستعصى تغييره في ما بعد، في حال استئناف جهود عملية السلام، ليس هذا فحسب، بل تسعى أيضاً إلى الانقلاب على المرجعية الرئيسة التي قامت عليها عملية السلام منذ «مؤتمر مدريد»، المتمثلة في «الأرض مقابل السلام».والاعتبار الثاني: هو أن التعثر الراهن الذي يواجه عملية السلام يمنح الفرصة لقوى التطرف والتشدد في المنطقة للترويج لأفكارها الهدامة التي لا تؤمن بالسلام أو التعايش، ما يضع المنطقة كلها، بل العالم كله أمام منزلق خطر، وفي الوقت ذاته فإنه يمثل إحراجاً لقوى الاعتدال في المنطقة، التي تراهن على السلام باعتباره الطريق الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار.والاعتبار الثالث: إن الخلاف الفلسطيني الفلسطيني الراهن لا يساعد على دعم المواقف العربية والإسلامية من القضية الفلسطينية في مجملها، وفي مسألة القدس تحديداً. ولذلك يصبح إنهاء ذلك الخلاف الفلسطيني الفلسطيني واجباً عربياً يجب السعي إلى تحقيقه في أقرب وقت من أجل نجاح الجهود الرامية إلى تحسين الموقف الفلسطيني العربي في سعيها إلى سلام حقيقي مبني على دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، وانسحاب إسرائيل من جميع الأراضي العربية التي احتلت في يونيو العام 1967.والسؤال هنا هو: هل يمكن تدارك ما فات في شأن القدس؟بالطبع لا يزال أمام العالم العربي فرصة لتدارك ما فات، ويساعد على ذلك ما يبدو أنه عودة دولية من جديد لصلب الصراع في المنطقة، وهو القدس، ومن المهم في هذا الصدد تأكيد موقف عربي وإسلامي موحد، وثانياً الدفع بمواقف أكثر إنصافاً من جانب الاتحاد الأوروبي وغيره من القوى الدولية، وثالثاً مزيد من التحرك الإيجابي مع إدارة أوباما في الولايات المتحدة. وذلك كله - كما قلت - يتطلب تحركاً ديبلوماسياً عربياً واسعاً يعتمد على التأثير العربي في التوازن الدولي.أخيراً... فإن علينا أن ندرك وبيقين أن الشعوب العربية لن تقبل أوضاعا لن ترسخ عروبة القدس، كما أن علينا أن ندرك - وباليقين ذاته - أنه لن تكون هناك دولة فلسطينية قابلة للحياة من دون القدس.إن القدس تقف على أبواب منعطف تاريخي، ولا تزال الفرصة أمامنا للقيام بعمل جاد يحمي القدس وفلسطين معاً قبل أن يكون قد فات الأوان. إن البرلمانات هي صوت الشعوب، وعلى الحكومات والدول أن تصغي إلى صوت الشعوب، وأن تبذل كل جهد مطلوب من أجل التصدي للسياسات الإسرائيلية في القدس وفلسطين، ومن أجل بناء دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. إن ذلك أمر لا يمكن أن يكون فيه تفريط أو تنازل، بل دعم للشرعية الدولية في أصدق معانيها. يجب أن تكون إرادتنا واضحة وقوية من أجل تحقيق هدف حماية القدس أرض السلام. ولتعلم جميع القوى الدولية أن عجزها أمام إسرائيل عن تحقيق الشرعية الدولية، هو إيذان بحكم قانون الغاب يتحول بعده القانون الدولي إلى مجرد ضجيج تتحطم أمامه جميع منجزاتنا الحضارية ومبادؤنا الإنسانية الخالدة.* رئيس مجلس الشعب المصري

د. أحمد يوسف

د. أحمد يوسف / «فتح» و«حماس» واستحقاقات الخطوة الأخيرة ... هل تجمعنا «كلمة سواء»؟
لا شك بأن عدم إنجاز المصالحة الوطنية في القاهرة، والتي بدأت أولى جلساتها في 26 فبراير من العام الماضي، موضع استغراب لدى الفلسطينيين، وهي كذلك نقطة تساؤل بين الجميع في الساحتين العربية والإسلامية.الكل في «فتح» و«حماس» يقول إنه مع المصالحة الوطنية، ويدعو الآخر إلى التحرك نحوها، ولكن تظل عملية المراوحة في المكان هي سيدة الأحكام!لقد شهدت الأسابيع الأخيرة من العام المنصرم وبدايات العام الجديد الكثير من الدعوات والنداءات لرأب الصدع وإنهاء حال الانقسام، بدأها رئيس الوزراء إسماعيل هنية في الذكرى الـ 22 لانطلاقة حركة «حماس»، وكذلك في الذكرى الأولى للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، إذ ناشد الأخوة في حركة «فتح» العودة إلى طاولة الحوار من جديد، باعتبار أن المصالحة الفلسطينية هي قدر ومصير لشعبنا، وهي ضرورة وطنية، لأن الكاسب الوحيد من حال الانقسام هو المحتل الإسرائيلي وليس «فتح» أو «حماس»، وطالب دولة رئيس الوزراء هنية العرب والمسلمين بذل الجهود لحماية المشروع الوطني الفلسطيني ورعايته، وحث مرجعيات الأمتين العربية والإسلامية؛ الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي التحرك لتشجيع مصر - راعية الحوار - على استئناف جولاته المتبقية لإنجاز المصالحة وتوقيع الجميع على وثيقة إنهاء الانقسام، والانتقال بعد ذلك إلى مباشرة إجراءات تطبيقها بملفاتها الخمسة كافة، والتي تقف على رأسها من جهة الأهمية الانتخابات التشريعية والرئاسية وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية، وذلك بعد إعادة هيكلتها وإصلاح واجهاتها البرلمانية والتنفيذية، لتحظى بمكانة التمثيل للكل الوطني والإسلامي، وتصبح كما نريدها عنواناً شرعياً وحيداً لشعبنا وقضيتنا.لقد أنصتنا كذلك إلى كلمات ودعوات مشابهة أوردها الرئيس أبو مازن خلال كلمة له بمناسبة انطلاقة حركة «فتح»، وفي مقابلة أجراها معه «تلفزيون فلسطين» خلال برنامج «على المكشوف». في الواقع، فإن ما تضمنته هذه الدعوات والمناشدات هو بمثابة مبادرات وتوجهات مبعثها - إن شاء الله - نوايا طيبة من قبل «فتح» و«حماس»، وهي تحتاج إلى خطوات عملية تقطع الطريق على كل من يحاول تخريب هذه العلاقة الأخوية بين أبناء الوطن الواحد.إننا نأمل ونتمنى مع مطلع هذا العام الجديد أن نلتقي على «كلمة سواء» تجمعنا وتأخذ بأيدينا جميعاً خطوة يشتد معها الساعد وتتعزز شوكة الاقتدار الفلسطيني سياسياً وعلى مستوى الفعل المقاوم.إن الانتظار الذي طال ليس في مصلحة أحد، وأن علينا التحرك من منطلق أن الشراكة السياسية - وليس تكتيكات المكر بالآخر أو تجاهله - هي طوق النجاة لنا ولقضيتنا.لن ينفع «فتح» اتهاماتها لـ «حماس» بأنها تبني «إمارة ظلام» في قطاع غزة، لأن كل من زار القطاع من وفود غربية - أميركية وأوروبية - يشهد بمدى الانفتاح والمرونة الذي تبديه الحكومة ومؤسساتها في التعامل مع المجتمع الدولي. فالعالم اليوم كله متعاطف مع غزة وأهلها، ويشهد أحرار العالم بحجم الظلم الذي لحق بشعبها، كما أنه يشيد بصمودها الأسطوري في وجه العدوان، ويبارك تضحيات أبنائها وثباتهم أمام الحصار غير الأخلاقي، والذي يعتبر جريمة بحق الإنسانية تشارك فيها الكثير من الرسميات الغربية.إن غزة اليوم هي عنوان للعزة والكرامة؛ ليس لأهل فلسطين وحدهم، بل لأمتنا العربية والإسلامية.إن «حماس» (الحركة والحكومة) أبوابها مشرعة للحوار والتواصل مع العالم، وهي ليست في موقع الصورة النمطية التي رسمها الغرب لـ «طالبان»، ويحاول بجهالة إسقاطها على ساحتنا الفلسطينية... لقد وجهت أميركا اتهاماتها لحركة «طالبان» بأنها ضد المرأة، وضد الانتخابات، وضد الغرب، وضد المجتمع الدولي، وضد... إلى آخر هذا المسلسل من التحريض والتشهير بهدف الإساءة لمشهد مقاومتها للغزاة المحتلين.ولكن من جهتنا، فإننا نود توضيح حقيقة لا يمكن للغرب أن ينكرها، وهي أننا جئنا إلى الحكم بخيار ديموقراطي، وأننا لسنا ضد الانتخابات، كما أننا نتطلع إلى علاقة سوية مع الغرب تُبنى على أسس من الاحترام المتبادل لخصوصياتنا الثقافية والدينية.إن حركة «حماس» في رؤيتها السياسية للحكم هي أقرب لنموذج أردوغان من ناحية احترامها للعملية الديموقراطية، والتزامها بحقوق الإنسان والقانون الدولي، وإيمانها بالتعددية الحزبية والشراكة السياسية والتداول السلمي للسلطة.للأسف كانت هناك أكثر من محاولة للغمز واللمز بحركة «حماس» على لسان الرئيس أبو مازن وبعض قيادات حركة «فتح»، ونحن من جهتنا نود التأكيد على بعض الحقائق التي هي جزء من ثوابتنا الوطنية، وعبرت عنها أكثر من جهة «حمساوية» في العديد من تصريحاتها، وهي:1 - أننا نرفض وبشدة الدولة ذات الحدود الموقتة، وحقوقنا واضحة في هذا الاتجاه، إذ نقبل بدولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران - يونيو، والقدس عاصمة لها.2 - لا تنازل عن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم وديارهم.3 - المقاومة - بأشكالها كافة - حق مشروع لشعبنا، طالما أن هناك احتلالاً جاثماً على أرضنا ويفرض الحصار على شعبنا.4 - علاقتنا مع عمقنا العربي والإسلامي هي علاقة استراتيجية، ولن نسمح لأحد بتخريب هذه العلاقة، فالقضية الفلسطينية - كانت ولا تزال - هي قضية الأمة المركزية.5 - المصالحة الوطنية والسلم الأهلي والشراكة السياسية هي خيار استراتيجي لحركة «حماس» لا رجعة عنه.وختاماً... نأمل أن تشهد الأسابيع المقبلة عودة الحراك إلى الساحة الفلسطينية في اتجاه تحقيق المصالحة الوطنية، عبر الحاضنة المصرية للحوار مع تأييد عربي ومباركة إسلامية.أتمنى أن يتلقف كل طرف هذه الإشارات الواعدة التي يطلقها الطرف الآخر، وأن يوفر لها الأجواء الإيجابية، حتى يشتد عودها وتؤتي أُكلها... وعندئذٍ يفرح شعبنا، وتدخل البهجة إلى مدنه وقراه وإلى مؤسساته الحكومية والحزبية في الضفة الغربية وقطاع غزة بعد معاناة مضنية ووعثاء سفر طويل على درب تحقيق التكيف السياسي والتعايش الحركي في فسطاطٍ واحد يقبل بعضنا فيه بالبعض الآخر.د. أحمد يوسفمستشار رئيس الوزراء الفلسطيني المقال إسماعيل هنية للشؤون السياسية

د. أريج السنان

ذكرى التحرير والاستقلال
أنعم الله تعالى علينا بنعم عديدة توجب الشكر عليها، ومن أعظمها الأمن والوحدة بعد الخوف والفرقة، فإننا نشكره تعالى ونفرح بفضله علينا، قال تعالى: (قل بفضل الله ورحمته فبذلك فليفرحوا).فإن يوم تحرير الوطن واستقلاله، يوم تفرح فيه الدولة وشعبها، ويحتفلون بهذا اليوم لإدخال السرور على قلوب أهل هذه الأرض، فهذه مناسبة سنوية نتذكر فيها تحرير البلاد من العدوان، فهو يوم إعلامي تذكيري بمكانة الدولة واستقرارها.ولا يمنع الشرع من الفرح وظهوره كالتحدث به ورفع الشعارات والأعلام والتجمعات، فلا حرمة في الاحتفال بضوابط خالية من المنكرات.ويقول بعض المتكلمين باسم الدين، انها بدعة وتدخل في المحرمات؛ لأنه ليس من أعياد المسلمين، فيحلل ويحرم بلا اطلاع ولا حتى تأمل لمعنى العيد؛ فإن العيد هو اليوم الذي تعود فيه ذكرى حادثة عزيزة أو ذكرى دينية، فهو شامل لكل يوم سعيد تعود ذكراه كل سنة ويحتفل الناس بعودته، وكثير ممن ينكر هذا العيد ويجادل هو أول من يحتفل به؛ لأنه يبدل كلمة العيد الوطني باسم اليوم الوطني!فهل يعقل أن يختلف المسلمون ويتجادلوا لمثل هذا ولا يلتفتون إلى عظمة هذه النعمة التي رزقنا الله تعالى بها، والتي يتمناها الكثير ممن حُرم منها وطُرد من بلده أو عاش فيها أسيراً مظلوماً؛ فهل نقابل هذه النعمة العظيمة بالإنكار على من أظهر فرحته في يوم ذكراها ويشكر الله تعالى على بقاء الحرية والأمان.فالمسلم يحمد الله ويتحدث بنعمه تعالى عليه، والتحدث بالنعم وإظهارها أمر مباح محمود، قال عز وجل في الآية الكريمة: (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) الضُّحى/11، وهي آية موجهة لكل مسلم بالشكر على العطاء.والحمد لله الذي رزقنا الأمان والاستقرار، ونشكره تعالى على سائر نعمه ونسأله أن يديم علينا نعمه ويجعلنا من الشاكرين[email protected]@

د. أنيسة فخرو

اليهودية المحرّفة
لقد قام ونشأ وتأسس الكيان الصهيوني على أساس واحد لا غير، ألا وهو تحريف الحقائق وترويج ذلك التحريف، وأول ما بدأوا بتحريف الدين اليهودي.فمن الأمور المعروفة في اليهودية المُحرّفة إنهم غيروا اسم الإله الموجود فى التوراة إلى (يهوه) ويُلفظ ياهو، وهو اسم لا معنى له، ويقولون إنه إله الحرب والانتقام من أعداء بنى إسرائيل، ويعتقدون أن هزيمتهم التاريخية بسبب تركهم عبادته، واعتناق عبادة الأوثان، لذلك رجعوا إلى عبادة ياهو، وبنوا له الهيكل والمعبد، وكانوا يظنون أن ياهو يحل في الهيكل، لكن بعد هدم الهيكل زعموا أنه يحل معهم أينما يحلون، ولديه سمات بشرية، فهو معرض للوقوع فى الخطأ، وقدرته محدودة متناهية، وهو يأكل ويشرب ويتعب ويستريح، وكان يسير أمام جماعة بنى إسرائيل المؤمنة ليدلهم على الطريق وهو فى صورة رجل، وطلبوا من موسى أن يصنع لهم عجلاً صنماً ليعبدوه مثل الوثنية.واليهود بعد تحريف التوراة تكاد تخلو كتبهم من ذكر اليوم الآخر، إلا فرقة واحدة منهم وهم الفريسيون الذين يعتقدون باليوم الآخر، وإن اختلف تصورهم حوله، ويعارضهم بقية اليهود في ذلك، ومن اليهود من يقول بالبعث ولكن في الدنيا ويكون لأحد ملوكهم الصالحين، وبعض اليهود عندما يتكلمون عن اليوم الآخر لا يُفهم ما يريدون.لقد استطاعوا تحريف الدين، فهل يصعب عليهم تحريف التاريخ والجغرافيا؟إن الصهيونية خرجت من اليهودية المحرّفة، ووضعت هدفا لها يتمثل في احتلال أرض فلسطين بتزييف التاريخ والجغرافيا، ثم احتلال بقية أقطار الوطن العربي لتأسيس دولة تمتد من النيل إلى الفرات، لذلك لا توجد أي وثيقة صهيونية تحدد حدود دولة اسرائيل المصطنعة.وما الادعاءات الحالية بمطالبة الكيان الصهيوني بتعويضات من بعض الدول العربية عن ممتلكات اليهود منذ عهد الرسول حتى الآن إلا دليل على ما نقول، فها هي إسرائيل تطالب السعودية بـ100 مليار دولار، وتطالب الحكومة المصرية برد أملاك اليهود المصريين الذين تركوا مصر منذ بداية 1948، وتطالب موريتانيا والمغرب والجزائر والعراق ولبنان والأردن والبحرين بتعويضات عن أملاك 850 ألف يهودي بقيمة 300 مليار دولار، مقسمة بينهم طبقا لتعداد اليهود عام 1948! ويتناسون أن الصهيونية هي التي بثت الرعب في قلوب اليهود العرب في مختلف الأقطار العربية، وحرّفت الأحداث وأرغمتهم أن يهاجروا إلى (أرض الميعاد) لكي تزداد أعدادهم هناك.كما يتناسون الرعب والمجازر التي فعلوها لقتل وتهجير الشعب العربي الفلسطيني صاحب الأرض الأصلي من مدنهم وقراهم واحتلالها قسرا وقوة. سياستهم في الشرق الأوسط، برا وبحرا وجوا، السيطرة على الأرض والبر جغرافيا، والسيطرة على البحار والأنهار، والسيطرة على الفضاء عبر الأقمار الاصطناعية.والوسيلة لتحقيق هدفهم هي السيطرة غير المباشرة على العالم، من خلال السيطرة على: المال، والإعلام، والعلم، والقوة والسلاح، والتكنولوجيا، وصناعة الموت والدمار، عبر تجارة الحرب والسلاح.ولا يتأتى لهم ذلك إلا عبر التنظيم الدقيق الداخلي والخارجي والعالمي، لذلك خلقوا منظمات في كل قطر عربي، بل وفي كل دول العالم، ثم صنعوا منظمة عالمية تجمع تلك المنظمات في بوتقة واحدة، لكي تضخ في بوق واحد ما يريدون، وترّوج تحريفاتهم الدينية والتاريخية والجغرافية.وقد كان لهم ما يريدون، نعم استطاعوا احتلال أرض فلسطين كلها، فحتى الأراضي التي قانونيا ضمن نطاق السلطة الفلسطينية، هي تحت سيطرتهم في كل شبر منها، ويكفي أن التعامل التجاري في كل الأراضي الفلسطينية يتم قسرا بالشيكل الصهيوني، وغير مسموح للسلطة إصدار أي عملة فلسطينية! وعلى الرغم من مرور أكثر من سبعين عاما على احتلال فلسطين، ما زال الشعب الفلسطيني صامدا يقاوم على أرضه، كان الصهاينة ومازالوا يراهنون على الوقت والزمن، وكانوا يتوقعون أنه في غضون عشر سنوات سيتم احتلال فلسطين كلها، لكن لأن الشعب الفلسطيني شعب الجبارين، عصي على الاحتلال والتطويع، على الرغم من الخيانات الداخلية والخارجية العربية، وعلى الرغم من الظروف العالمية التي تقف ضده، إلا أنه ظل يقاوم، لذلك استغرق من الصهاينة كل ذلك الوقت لمحاولة السيطرة على أرض فلسطين، وإذا شعر هذا الكيان أنه حقق هدفه الأول، فسيعمل بخبث ودهاء لتحقيق مطامعه ومدّ نفوذه وسيطرته إلى مختلف الأقطار العربية، وبالطبع الشعوب العربية كلها ستقف له بالمرصاد ولن تقبل المهادنة ولا التطبيع، لكن ماذا عن الأنظمة العربية؟ هل تسمح للكيان الصهيوني بتحقيق أهدافه وتفتح له الأبواب مرحبة أم أنها ستضع يدها في يد شعوبها وتقاوم؟[email protected]

د. إبراهيم الهدبان

د. إبراهيم الهدبان / إلى معالي الوزيرة نورية الصبيح مع الاحترام
د. إبراهيم الهدبانقرأت المقابلة التي أجريت مع السيدة الفاضلة نورية الصبيح، وزيرة التربية وزيرة التعليم العالي، في صحيفة «القبس» يوم الأربعاء 3 أكتوبر 2007، وأعجبني ما ذكرته عن عزمها عدم الخضوع لضغوط النواب ورغبتها في استقلالية الجامعة، بعيداً عن التدخلات السياسية ومنها ضغوط النواب. ولقد وددت لو أن ما ذكرته يعكس الواقع بشكل دقيق، لأن منصب الوزير هو منصب سياسي خاضع لاعتبارات سياسية تتطلب وجود دعم من قبل الكتل والتيارات السياسية في الدولة، لأن اختيارها هي شخصياً أو غيرها سبقه العديد من اللقاءات مع مختلف الكتل من جانب سمو رئيس مجلس الوزراء. ومن الطبيعي أن يستطلع رئيس الوزراء التيارات السياسية كافة في البلاد أو على الأقل أهمها عند تشكيل وزارته، وذلك من باب معرفة رغبات الناس، خصوصاً وأن منصب الوزير هو منصب لا يخضع إلى الانتخابات ولرأي الغالبية، بل للتعيين من قبل رئيس الوزراء. واقع الحال في الكويت يحتم إرضاء الكتل والتيارات والوزير سوف يتحول في النهاية إلى منفذ لرغبات النواب شاء أم أبى، خصوصاً إن هو أراد أو هي أرادت البقاء في منصبها، رغم أن هذه الرغبات قد تتعارض في بعض الأحيان مع المصلحة العامة للدولة. إلا أن هذا هو عالم السياسة، وهذا هو واقعه سواء رغبنا به أم لم نرغب.ومع قناعتي الكاملة بضرورة حفظ واحترام استقلالية الجامعة وعدم التدخل في شؤونها إلا أن ما ذكرته الوزيرة غير ممكن، خصوصاً في حالة وجود خصومة بين أعضاء هيئة التدريس في الجامعة وعجز الإدارة الجامعية عن حلها، أو عندما تكون الإدارة الجامعية طرفاً في هذه الخصومة عندها يصبح لزاماً على وزير التربية أن يلعب دوراً منصفاً، وذلك كي لا يظلم أي طرف طرفاً آخر، فإذا عجز وزير التربية أو وزيرة التربية عن القيام بهذا الدور المحايد المنصف، عندها يصبح لزاماً على أعضاء هيئة التدريس الاستعانة بعد الله تعالى بالنواب الذين يمثلون الأمة، كي يضغطوا على الوزيرة للقيام بواجبها المتمثل بالفصل بطريقة عادلة ونزيهة بين الأطراف المتخاصمة والمتنازعة. فالضغط هنا يعتبر ضغطاً إيجابياً يدفع باتجاه التهدئة داخل أسوار الجامعة، بعيداً عن التشنجات والعنتريات من أي طرف كان.ومع قدوم الإدارة الجديدة في الجامعة بدأت بوادر الخلاف تظهر بين هذه الإدارة وبين جمعية أعضاء هيئة التدريس داخل الجامعة، وهي جهة منتخبة تمثل رغبات غالبية الأخوة والأخوات أعضاء هيئة التدريس، وبالتالي لا يجوز لأي كان أن يطعن في شرعيتها، لأن الديموقراطية تعني حرية الرأي وحرية الاختيار. ومعالي الوزيرة تعلم أنه في ظل الإدارة الجامعية الحالية وقع الظلم على أحد عمداء كليات الجامعة، وهو الدكتور يعقوب الكندري عميد كلية العلوم الاجتماعية، والذي يشهد له الجميع بالنزاهة والشرف والعمل الدؤوب والمحبوب من قبل الجميع، إذ إنه اتهم ظلماً من قبل «مصدر مجهول» يعلمه جميع من في الجامعة بتهمة متعلقة بكتابة كتاب بطريقة غير علمية. الدكتور الكندري لم يعط فرصة للدفاع عن نفسه، ولم تتبع الإجراءات الصحيحة في مساءلته، كي يدافع عن نفسه، مما أدى إلى إشغال الكلية بأكملها في صراع أبسط ما يقال عنه إنه ليس في مصلحة التطوير الأكاديمي للكلية. وعندما عجزت الوزيرة الفاضلة عن تحقيق الوعود التي قطعتها على نفسها في ما يتعلق برفع هذا الظلم فإن الحل يكون اللجوء إلى من هو أعلى من الوزيرة، وهي السلطة التشريعية التي من حقها مساءلة الوزيرة عن الظلم الذي يقع على العباد من قبل مسؤوليهم. ومع إيماني ويقيني أن الأخوة النواب وتحت ضغط ناخبيهم قد يدفعون في بعض الأحيان باتجاه التجاوزات والاستثناءات التي تضعف الأداء الوزاري إلا أن هذه القضية بالذات الحق فيها بين وواضح وكان على معالي الوزيرة أن تحسمها قبل أن تتدخل جهات خارجية لدفعها لحسمها.من جهة أخرى، ومن موقع مسؤوليتها في ما يتعلق بالعلاقة بين جمعية أعضاء هيئة التدريس والأخ الفاضل مدير الجامعة كان على الأخت الفاضلة الوزيرة السعي إلى حل الخلاف بين الجهتين وتجنيب الجامعة المزيد من التوترات والتدخلات الخارجية. وللعلم يا معالي الوزيرة فإنني وغيري كثيرون في الجسم الجامعي نرى أن الجمعية الحالية لأعضاء هيئة التدريس سعت منذ توليها هذه المسؤولية إلى العمل على إنصاف أعضاء هيئة التدريس والعمل على حل مشكلاتهم وهمومهم، وذلك من خلال القنوات الرسمية المتاحة داخل أسوار الجامعة إلا أن انسداد القنوات الرسمية وعدم قيامكم بالحسم في قضايا الخلاف أوصلنا إلى ما نحن عليه الآن. ويجب التنويه على أن جمعية أعضاء هيئة التدريس هي عبارة عن مؤسسة تمثلنا نحن أعضاء التدريس وليست أشخاصاً يجب استهدافهم بسبب مواقفهم المدافعة عن الجمعية أو بسبب تصريحاتهم النارية. ولقد كان الأجدر بكم السعي إلى التعامل مع هذه الجمعية، والتي تمتلك «الشرعية الكاملة» من قبل من انتخبها على ضوء أنها الممثل الشرعي لأعضاء هيئة التدريس والعمل على حل الخلاف بينها وبين الإدارة الجامعية بشكل محايد وموضوعي من دون تغليب طرف على طرف آخر. وبناء عليه ومع وافر الحب والاحترام وحسن الظن بكم فهذه دعوة صادقة لكم للسعي الجاد إلى حل المشكلات العالقة بين الأطراف كافة قبل أن تصبح جامعة الكويت معبراً للمصالح الشخصية والفئوية والحزبية. هذا الحسم الذي نتوقعه يجب أن يبدأ في كلية العلوم الاجتماعية عبر إنصاف الأخ عميد كلية العلوم الاجتماعية الذي تؤيده «غالبية» أعضاء هيئة التدريس في خلافه مع الإدارة الجامعية، والذي يشهد له «جميع» أعضاء هيئة التدريس بالنزاهة والأمانة وحسن الخلق. ويداً بيد نستطيع أن نبقي الجسم الجامعي، بعيداً عن الضغوطات والمهاترات، كي يصب في مصلحة الأكاديمي وفي مصلحة الكويت فلا تدقي معالي الوزيرة المسمار الأول في نعش الجامعة والحرم الجامعي، وأدعوك مخلصاً أن تقيمي موقفك من القضايا كافة المتعلقة في الجامعة، وأن تتخذي ما يرضي ضميرك أمام الله تعالى لأن الوزير وغيره يستويان بميزان الله تعالى، بل أن الوزير يحاسب عما لا يحاسب به من ليس له هذا المنصب، لأن إخفاقه سوف يضر بالآلاف من الأشخاص، وسوف يترك أثراً يبقى لأعوام مقبلة.د. إبراهيم الهدبانأستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت

د. المنذر الحساوي

د. المنذر الحساوي / إشراقة / مساكين أبناء المناطق الداخلية
تفاجأت وأنا أتصفح جداول الناخبين، التي نشرت في الصحف قبل أيام، بذلك التفاوت الكبير في أعداد الناخبين بين مناطق الكويت، فمنطقة داخلية صغيرة مثل كيفان يبلغ عدد الناخبين فيها نحو 6750 ناخباً، ومنطقة الروضة 8000 ناخب تقريبا، في حين أن منطقة كبيرة مثل العدان يبلغ عدد الناخبين فيها 493 فقط، ومنطقة الزهراء 88 ناخباً، والشهداء 59 ناخباً!هذه الأرقام للأسف تعكس مشكلة وخللا واضحا في التوزيعة السكانية، سببها امتناع عدد كبير من المواطنين من نقل عناوينهم وبطاقاتهم المدنية إلى مناطقهم الجديدة بعد انتقالهم إليها، وإصرارهم على إبقائها على عناوينهم السابقة في المناطق الداخلية أو النموذجية، التي كانوا يقطنونها في يوم من الأيام مع آبائهم أو أجدادهم أو أحد أقاربهم أو كانوا يستأجرون فيها.إن مثل هذه الظاهرة قد أحدثت فجوة كبيرة في الخدمات التي يفترض بالمناطق النموذجية أن تقدمها لسكانها الحقيقيين، فبدلا من أن يخدم مستوصف المنطقة عددا معقولا من المواطنين فإنه سيخدم أضعاف هذا العدد ممن لا ينتمون إلى المنطقة، وكذلك الحال بالنسبة للمستشفيات والمدارس وباقي الخدمات التعليمية والتموينية والتعاونية. ومثال بسيط على ذلك: لو فرضنا أن إحدى الجمعيات التعاونية لديها بند للخدمات الاجتماعية قدره 200 ألف دينار سنويا تدعم به منطقتها، سواء لرحلات العمرة أو باصات التوصيل للمدارس أو الهدايا الرمضانية أو الأنشطة الترفيهية والصيفية أو غيرها، فهل نتوقع أن تكون جودة ونوعية تلك الخدمات في حال تم صرفها على احتياجات أبناء المنطقة الحقيقيين نفس ما لو تم صرفها على أضعاف هذا العدد ممن يملكون بطاقات مدنية على نفس المنطقة؟لا أظن أن الحل هو إلزام المواطنين بتغيير بطاقاتهم المدنية إلى عنوان سكنهم الحقيقي، في الوضع الحالي، فليس من المعقول أن نطلب من المواطن أن يحرم نفسه من مركز صحي متكامل يقدم خدمات طبية راقية ليذهب ويراجع في بيت مؤجر تم تحويله إلى مستوصف في منطقته الجديدة، ولا نريد منه أن ينقل أبناءه من مدرسة مجهزة بأحدث الوسائل التعليمية إلى مدرسة تفتقر إلى أبسط التجهيزات، ولن نلزمه كذلك أن يترك متابعاته الطبية في مستشفى نموذجي ليتابع في مستشفى متهالك ينام في الغرفة العمومية الواحدة فيه سبعة مرضى.إن الحل الأساسي لهذه الظاهرة هو تطوير الخدمات التي تقدمها الدولة في المناطق الخارجية والجديدة لتضاهي وتنافس تلك التي تقدمها المناطق الداخلية، ومتى ما حصل ذلك نستطيع حينها أن نطلب من المواطن بل نلزمه أن يقوم بتغيير بطاقته المدنية إلى عنوان سكنه الحقيقي.د. المنذر الحساويكاتب كويتي[email protected]

د. بثينة شعبان

د. بثينة شعبان / أخطر ما يمكن أن يكون
من أين يمكن للقارئ أن يحصل على الأخبار، وكيف يمكن له أن يصل إلى تقييم خاص لما يجري في عالم اليوم إذا كانت صحيفة مثل الـ «نيويورك تايمز» قادرة على نشر مثل مقال توماس فريدمان، «أقبح ما يمكن أن يكون»، الذي نشرته الـ «نيويورك تايمز» بتاريخ 25 مايو 2010 بعد يوم واحد من إعلان الولايات المتحدة خططها الجديدة في «توسيع نطاق الأعمال العسكرية السرّية في منطقة الشرق الأوسط»، والتخلي عن استخدام مصطلح «الحرب على الإرهاب»، كل ذلك فقط في سبيل منح وزارة الدفاع الأميركية، ووكالة الاستخبارات المركزية، «السي آي إيه»، مطلق الحرية في استخدام المتعاقدين من «البلاك ووتر» في كل بلدان الشرق الأوسط، وآسيا الوسطى والقرن الإفريقي، سواء منها الصديقة أو العدوّة، بهدف جمع المعلومات الاستخباراتية وبناء العلاقات والروابط مع القوات المحلية. وقال مسؤولون ان النظام يتيح أيضاً الاستطلاع الذي من شأنه أن يمهّد الطريق لاحتمال توجيه ضربات عسكرية في إيران في حال تصاعد التوترات في ما يتعلق بطموحاتها النووية (النيويورك تايمز، 24 مايو، بقلم مارك مازيتي).لقد تجاوز فريدمان في مقاله الحدود الدنيا للمجاملة مع رؤساء الدول عندما اتهم الرئيس البرازيلي لولا دي سلفيا، الذي يجسّد نموذجاً مُلهماً للملايين من الأجيال الشابة في جميع أرجاء العالم، بأنه أثار إحباطاً أخلاقياً شديداً بسبب دعمه لمن يثبّطون الديموقراطية في دول أميركا اللاتينية. إنّ فريدمان، بتنصيب نفسه قاضياً من أجل الديموقراطية «الحقيقية»، وبتصنيفه كلا من إيران وفنزويلا والبرازيل وتركيا، على أنها «ليست ديموقراطية»، في حين أهمل تسمية دول أخرى «حليفة» أو «صديقة» لإدارته المتعاقبة في واشنطن بأي تصنيف «قبيح» رغم أنها بعيدة عن الديموقراطية بعد المريخ عن الأرض.ويبدو أن الاستراتيجية الجديدة لم تتخلَّ عن تقبيح الألوان الثورية، فالآن لدينا «الثورة الخضراء» في إيران، على غرار «الثورة البرتقالية» التي اندلعت ومُوّلت ودُعمت في أوكرانيا، والتي تبدّدت اخيراً بفضل قوة الديموقراطية التي لا يمكن أن تتوافق مع «الديموقراطية» التي يتم التحكّم بها عن بعد ممن لا يدركون، بل ويجهلون، أي شيء عن روحانية مجتمعاتنا، وحيوية قيمنا، ووطنية شعوبنا، فهم يعيشون في ملاذاتهم الآمنة والدافئة على بعد آلاف الأميال من تلك الأماكن التي يبعثون فيها القلق والاضطراب، ويكيلون إليها التهم والإدانات ويشعلون فيها الصراعات الدائمة، والموت، والدمار.لا يمكن لمشغلي «الديموقراطيات» عن بعد، أن يكترثوا بالموت والدمار الحاصلين في العراق، أو القتل اليومي الجاري في باكستان وأفغانستان والصومال، ولا للجرائم اليومية التي يرتكبها المستوطنون الإسرائيليون ضدّ المدنيين الفلسطينيين، ولا لضحايا القصف اليومي الذي تمارسه الطائرات الإسرائيلية على قطاع غزة من الأطفال والنساء، ولا يمكن لهم أن يكترثوا بالانتهاكات اليومية للأجواء اللبنانية من قبل الطائرات الإسرائيلية، لأن هدف السياسات الأميركية الجديدة هو مساعدة إسرائيل في ترسيخ جذورها في منطقة الشرق الأوسط، و«دمجها» في المنطقة، و«ضمان أمنها» على حساب أمن العرب وحقوقهم، وذلك بالطبع، بغضّ النظر عمّا ترتكبه من جرائم حرب مشينة وخطيرة ضدّ السكان العرب الأصليين، وبغضّ النظر أيضاً عن السجون الإسرائيلية المخزية التي يمارس فيها الساديون من المستوطنين أبشع أنواع التعذيب ضد الأسرى ومنهم مئات الأطفال والأمهات، وهذا على لسان الصحف الإسرائيلية ومنظمات حقوق الإنسان. وفوق كل هذا وذاك عن سياسات الفصل العنصري الإسرائيلية التي يؤكّد كتاب «التحالف الخفي: علاقة إسرائيل السرّية مع نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا»، للكاتبة ساشا بولاكوف سورانسكي، أنّ جذورها متأصّلة في عمق العلاقات مع نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا.لا بل إن الضجة التي أثيرت حول محاولة إسرائيل بيع رؤوس نووية لجنوب أفريقيا، هدفت، في جزء منها، إلى التغطية على القسم الأهم والأخطر من الكتاب، وهو الكشف عن عنصرية متجذرة في إسرائيل ضد العرب والفلسطينيين أكثر خطورة وأكبر مهانة من عنصرية نظام الفصل في جنوب أفريقيا العنصرية (انظر مقال كيفا الدير «هآرتس» 25 مايو بعنوان «من قال إن اليهود والعنصرية غير منسجمين»).لا يمتلك توماس فريدمان ما يقوله تجاه المعلومات الأكيدة عن الرؤوس النووية التي كانت إسرائيل تنوي بيعها لنظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا منذ سبعينات القرن الماضي، لكنه يسلط الضوء على عبارة غامضة للخبراء «أنّ الأمر سيستغرق بضعة أشهر فقط من إيران لكي تتمكن مرةً أخرى من جمع كمية كافية من الرؤوس لصنع سلاح نووي». رغم من أنّ إيران لا تمتلك القدرة على تخصيب اليورانيوم إلا بنسبة 20 في المئة، بينما يحتاج امتلاك سلاح نووي إلى تخصيب اليورانيوم بنسبة 90 في المئة، ورغم من أنّ إيران تعتبر حيازة واستخدام الأسلحة النووية جريمة من وجهة نظر دينية، ورغم من أنّ إيران هي إحدى الدول الموقّعة على «معاهدة حظر الانتشار النووي» (بينما إسرائيل ليست من تلك الدول)، إلا أنّ توماس فريدمان يرى أن إيران تشكّل خطراً نووياً كبيراً، بينما إسرائيل لا تشكّل مثل هذا الخطر!أي أن فريدمان لا يرى ملايين العرب المهددين بالسلاح النووي الإسرائيلي، فهم غير موجودين بالنسبة له، ولا بالنسبة للإدارات الأميركية والغربية عموماً، فالنسبة لهم «أمن إسرائيل» مهم وحسب، أما أمن العرب فهذا صفر على الشمال!ويرى فريدمان أنه من الأفضل عدم حصول إيران على سلاح نووي، قائلاً «إنّ العالم سيصبح أكثر أمناً بدون المزيد من تلك الرؤوس النووية، وخصوصاً في منطقة الشرق الأوسط»، لكنني أتساءل ماذا عن الرؤوس النووية التي تمتلكها إسرائيل، وماذا عن الترسانة الضخمة من كل أنواع الأسلحة الفتّاكة الأخرى التي تستخدمها في قتل وتشريد وإبادة السكان المدنيين الفلسطينيين يومياً بمن فيهم الأطفال والأمهات العزل؟ويخلص فريدمان الى القول إلى «ان أولئك الذين يسعون إلى تعزيز الديموقراطية الحقيقة في إيران إنما هم يقفون إلى جانب الحقّ، لكن أي أحد يساند ويدعم النظام الإيراني فلابدّ أنه سيقف يوماً ما ليجيب عن أسئلة الشعب الإيراني». وأنا أتساءل من سيجيب عن أسئلة الشعب الفلسطيني والعراقي والأفغاني؟ ولم يتطرق طبعاً لعملية التطهير العرقي الجارية الآن في إسرائيل من تهويد متواصل للأحياء العربية، وحرق للمساجد، وهدم للمنازل، وتجريف للأرض الزراعية العربية، وقطع أشجار العرب، ومنع العرب من التعبير السياسي عن حقوقهم وتطلعاتهم القومية، وحرمانهم من الحرية والدولة الوطنية. فكل هذه الجرائم تسمح بها الاستراتيجيات الأميركية القديمة والجديدة لضمان «أمن إسرائيل» وأي ديكتاتورية مهما كانت «قبيحة» ستعتبرونها «صديقة» إذا ساهمت بضمان «أمن إسرائيل»، وأي ديموقراطية سيتم «تقبيحها» لو ساندت حق شعب فلسطين بالحرية!لو دعمت إيران وتركيا والبرازيل وفنزويلا اليوم جرائم إسرائيل ضد المدنيين العزل، وأعلنت تخليها عن دعم حق شعب فلسطين بالحرية، وساهمت في حصار غزة وليس كسره، لسمعنا في اليوم نفسه تصريحات غربية رسمية وإعلامية، بأن إيران دولة ديموقراطية، وبأن هذه الدولة أصبحت «صديقة» و«حليفة»، فالمعيار الغربي للديموقراطية في الشرق الأوسط هو ضمان «أمن إسرائيل»، وقد فهمته الأنظمة جيداً وعلى هذا الأساس يجلد فريدمان وأمثاله إيران بسياطهم!إن إعلان النشاط العسكري السري المتفق عليه بين البنتاغون ووكالة الاستخبارات المركزية المتعلق بمنطقة الشرق الأوسط وما حوله يحذر من حقبة جديدة من الفوضى أكثر خطورةً من شنّ الحرب على الإرهاب لأن هذه المرحلة تهدف إلى إعادة تشكيل عالمنا وبلداننا، وحتى ثقافتنا وأخلاقنا، وفقاً لمجموعة من المتعاقدين ممن يتابعون جدول أعمال مختلف تماماَ دون أي اعتبار للسكان الأصليين، أو حتى للقيم والثقافة والأخلاق. وها هو العالم ينقسم مرةً أخرى إلى «أولئك الموالين لنا والآخرين الذين يقفون ضدّنا»، ولكن مع الجهود من أجل توظيف بعض السكان الأصليين المحليين لإطلاق «ثورات برتقالية»، و«ثورات خضراء» تحت غطاء شرعي. يبدو أننا نسير نحو مستقبل أكثر خطورة، وليس أمراً مفيداً لأحد أن يكون فريدمان وأمثاله من المروّجين لمثل هذا المستقبل، بل إن هذا الترويج سيكون مضلّلاً وخطيراً.د. بثينة شعبانالمستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية العربية السورية

د. تهاني المطيري

السوشيال ميديا... فضاء الإشاعات
ما بين تصفح آخر الأخبار عبر مواقع التواصل الاجتماعي ومجموعات التراسل الفوري ( الواتساب)، التي تضم قوائم أصدقاء من كل أنحاء العالم، تأتيك الأخبار والمعلومات والطرائف والحقائق وأنصافها والأوهام أيضاً، وفي كل الأحوال ما عليك سوى أن تتصل على شبكة الانترنت.وفي وسط هذا الكم من أدوات الفضاء الرقمي أو الافتراضي نعيش حياتنا المعاصرة في عالم أصبح غرفة الكترونية نقضي فيها ساعات طويلة خلف شاشات مٌضيئة نتابع بشغف أحداث العالم من حولنا، وأخبار الأوضاع الراهنة، برامج الوثائقيات، أفلام المغامرة والمرح وتلفزيون الواقع، كل ذلك عبر شاشاتنا الصغيرة. وبفضل السوشيال ميديا أصبح تداول الأخبار والإشاعات أكثر شيوعاً من أي وقت مضى، يكفي فقط كما أسلفنا أن تتصل على شبكة الانترنت أينما كنت، على مكتبك، أو بين غُرف منزلك أو على مُدرجات قاعة دراسية في مركز بحوث أو كلية، فتأتيك الأخبار من كل مكان، ولكن كن حذراً، ففي زمن السوشيال ميديا لا يمكنني تلقي أي رسالة على (الواتساب ) أو أي وسيط آخر، وأخذها كحقيقة اعتمد عليها في اتخاذ قرار ما، في أي شأن كان مهماً أو غير ذي جدوى ولا أهمية، بالطبع لا يمكنني كإعلامية التقليل من شأن الوسائط الرقمية وأهميتها في العالم الراهن، ولا أرى بالضرورة أنها محض فضاء لبث الإشاعات والأخبار الكاذبة والحقائق المشوهة المبتورة عن نصوصها الأصلية، ولكنني أتكلم عن خطورة التعامل المتساهل أو غير المكترث لما يبث من خلالها من مضامين إخبارية، ثقافية، اجتماعية، ترفيهية وإشاعات و... الخ.تظهر الدراسات حول العالم الرقمي قيام السوشيال ميديا بدور كبير في نشر الاشاعات بنسبة تصل إلى 79 في المئة، وتتعدد الدوافع وراء نشر الإشاعات خصوصاً في أوساط المشاهير ونجوم المجتمع، فدوافع مطلقي الإشاعات قد تكون لمجرد التسلية وتبديد الفراغ عبر إطلاقها في الفضاء الرقمي وانتظار ردود الأفعال، أو قد تكون رغبة في الانتقام من شخص ما أو التحريض ضد جهة معينة أو توصيل رسائل لجهات محددة أو الرغبة في إثارة البلبلة وتوتير الأجواء العامة في أوقات الأزمات والكوارث. وبما أننا نعيش حالة رُعب ماثلة الآن في كل أنحاء العالم من الصين إلى أميركا وأوروبا والشرق الأوسط بسبب فيروس كورونا المستجد، فإن القيام ببحث سريع لكيفية تعامل السوشيال ميديا مع حالة الرُعب التي نشرها فيروس كورونا حول العالم ستكشف الكثير عن أخطار الوسائط الرقمية، فالإشاعات والأخبار الكاذبة عن مستوى الاصابات والحالات التي تم اكتشافها عبر المعابر الجوية أو المطارات تأتيك تباعاً بمجرد تصفحك تطبيق التراسل الفوري (الواتساب)، تحمل أخباراً من كل الجهات لا يهتم صاحب الرسالة بمدى مصداقية الخبر ولا مصدره، ولا يفكر بالطبع بمدى الضرر الذي قد يصيب ُمتلقي الرسالة أو الخبر خصوصاً إن كان من متوسطي الإدراك أو من ليس لهم أي دراية في التعامل مع الأخبار وتميز درجات مصداقيتها طبقاً لقواعد معروفة في علم الاتصال الجماهيري، فالسوشيال ميديا كسرت كل القواعد التقليدية للخبر وأصبح الكل إعلامياً يكتب وينشر ما يحلو له، وفي أوقات الأزمات كأزمة كورونا الراهنة تشتد خطورة السوشيال ميديا في ترويج الإشاعات والأخبار الكاذبة والمعلومات المغلوطة حول انتشار المرض وتطور حالات الإصابة في العالم والاقليم وعلى المستوى المحلي، وحسناً فعلت السلطات الصحية في الكويت حين عمدت منذ البداية على إدارة الأزمة بشفافية عبر إجراءات عملية وتدابير وقائية استهدفت محاصرة انتشار الفيروس، وتابعنا عبر الإعلام الرسمي وبشفافية كبيرة معالجة سلطات بلدي الكويت للأزمة الراهنة التي ضربت العالم ووضعت الأنظمة الصحية والمؤسسات الطبية أمام تحد حقيقي لم يحدث أن عرفه العالم المعاصر إلا عبر أفلام الخيال العلمي التي تنتجها هوليوود.لا يمكنني بالطبع التأكد على وجه اليقين من أهداف أو أولويات مُطلقي الإشاعات عبر جميع وسائل التواصل، ولكني أتعامل معها كأدوات عصرية تُتيح قدراً من الفاعلية والتواصل بين سكان المعمورة ورغم أنني أستخدم تطبيقات وسائل التواصل وأعتبرها مصدراً للمعلومات والأخبار، إلا أنني أتثبت من دقة الرسائل والأخبار التي تنقلها الوسائط طوال اليوم، فلا يمكن أخذ ما يتناقله الناس عبر التطبيقات المختلفة على محمل الجد لا سيما أن الوسائط الرقمية قد تكون خارج نطاق السيطرة بصورة شبه كاملة من قبل الجهات الرسمية المعنية بمحتوى تطبيقات السوشيال ميديا، فهي فضاء مفتوح يتناول كل الموضوعات والمضامين والرسائل التي لا تخلو من محاولات دس السم في العسل من بعض الجهات التي تنشط على شبكات التواصل الاجتماعي على الانترنت.ثمة دراسات وبحوث علمية أجريت في السنوات العشرين الأخيرة حول تأثير الإشاعات التي تنطلق من الفضاء الرقمي على المجتمع، ربما لا يتسع المجال للاستفاضة في تقصي نتائجها في مقال مُحدد المساحة بالطبع، ولكني أقول إن نتائج الدراسات ُتشير إلى أن جميع فئات المجتمع مُستهدفة بالإشاعات لكن بنسب متفاوتة والأكثر استهدافاً، الشخصيات العامة ورجال الأعمال ثم الناس العاديين، بيد أن مخاطر إطلاق الإشاعات تطول أفراد المجتمع كافة وبالطبع لا يمكن التقليل من مخاطر الاشاعات على كل الأصعدة فهي تهدد الأمن والسلم الاجتماعي وتنشر حالة من الذعر والاحباط والتشاؤم في حالات الطوارئ والأزمات، فتتأثر القطاعات الانتاجية والاقتصاد العام في البلد، وفي تقديري أن الجهات المسؤولة يمكنها التصدي للإشاعات المنتشرة في السوشيال ميديا عبر تدابير متعددة أهمها إعطاء الرأي العام المعلومات والأخبار الصحيحة من مصادرها الرسمية بكل شفافية ووضوح، حينها لن يتعامل المجتمع بمستوياته كافة مع الأخبار والمعلومات المغلوطة مجهولة المصدر التي يعج بها فضاء الانترنت. Twitter: t_almutairiInstagram: t_almutairii [email protected]

د. جابر محمد حاجية

د. جابر محمد حاجية / وزير الصحة في الوزارة
| د. جابر محمد حاجية | ثلاثة استجوابات سياسية ماراثونية قوية أطاحت بوزيرين والوكيلين اللذين معهما، تركة ثقيلة مليئة بشتى أنواع الفساد الاداري والفني والمالي بتعددية الشكل وتنوع النمط تنبثق من مختلف قطاعات الوزارة، صراع الوكلاء، وضع سياسي غير مستقر،بكل هذه الظروف وغيرها ينال الثقة في تولي حقيبة الصحة وزير ابن الوزارة. لديه رؤية واضحة واطلاع واسع،ملم بدقائق التفاصيل، لم يتخذ سياسة المفوضية وتوكيل الوكيل وإسناد المهام له لسبب المحافظة على قسمه الدستوري واحترام الثقة الممنوحة له، بل ويبدع في الابتعاد عن المحاباة والمجاملة على حساب الوطن ويحيل الوكيل على التقاعد بلا تردد، يجيدها بإتقان وزير ابن الوزارة. لم يكترث بطعنات ما بين التعيينين الوزاريين الأخيرين، هجوم متواصل من مختلف الجهات ابتداء من «مجلس الوكلاء» وانتهاء ببعض نواب المديرين والسبب الاصلي لذلك تبديل بعض رؤساء الأقسام، مع كل ذلك يصمد بل ويمضي قدما بتبني موضوع كبار السن والصحة المدرسية لإحياء المشروعات الدفينة كونه وزيراً ابن الوزارة. استخدام مخلفات ومخالفات العلاج بالخارج ككل سواء بعهده او قبله كمادة اعلامية تسوق مكمن غاياتها إحراج الوزير نفسيا واشغاله عن العمل بهدف إسقاطه سياسيا بلا مبرر سوي. اسمع أيها الشاب الصغير سترضخ لنا يعني سترضخ، «أعد فلان وابعد عن علان» والا فأنت ديكتاتور ومرتكب للمجازر وتحمل ما هو آت؟، يتصدى ويمضي قدما بما يبرئ ضميره من المساءلة أتدرون لماذا؟ لأنه وزير ابن الوزارة وكذلك أثبت أنه صاحب قرار.من حقه علينا وحقنا عليه ان نفسح له المجال لكي يعمل ويأخذ فرصته بالكامل ومن ثم يمكن تقييمه ويجب ان نلتفت ونتصدى لأي حملة تشن ضد اي مسؤول بالبلد كل على شاكلته خصوصاً اذا كان هذا الوزير ابن الوزارة بمعنى آخر تكنوقراط من الطراز الاول والاهم من ذلك صاحب قرار ويعمل بما يمليه عليه ضميره.

د. جلال محمد آل رشيد

د. جلال محمد آل رشيد / «حشد» مبارك
د. جلال محمد آل رشيدذكرت «الراي» في عددها الذي صدر غرة أكتوبر الجاري أن كتلة «العمل الشعبي» أعلنت عن تشكيل لجنة تحضيرية تتولى القيام بدراسة مستفيضة ومتأنية تتقدم في ضوئها برؤاها وتوصياتها في شأن تأسيس حركة شعبية دستورية (حشد) باسم «حركة العمل الشعبي». وأكدت الكتلة في بيان لها يعلن تشكيل لجنتها التحضيرية أن من أهداف «حشد» الالتزام بأحكام الدستور والدفاع عنه وأملت أن يكون تأسيس «حشد» إضافة جديدة تؤازر إكمال الجهود الرامية إلى تعزيز العمل المشترك في دعم الثوابت الدستورية المتفق عليها.وتعليقاً على هذا الخبر، نجد أن كتلة «العمل الشعبي»، واستمراراً لسياساتها الثابتة والرائعة في الدفاع عن المكتسبات الدستورية التي دافعت عنها طويلاً سائر القوى السياسية الأساسية، ولا سيما تكتل «العمل الشعبي» ذاته، أقول نجد أن التكتل يستمر في نهجه الوطني الرائع الذي يشكل مصلحة أساسية ومباشرة لكل مواطن كويتي يريد ألا تتم سرقة أموال الشعب من قِبَل خفافيش الظلام التي لا تستطيع أن تمارس عمليات السرقة من أموالنا العامة في ظل وجود الدستور، وفي ظل استمرار الرقابة من قبل مجلس الأمة الذي يشكل الضلع الأساسي الذي يحارب كبار السُرَّاق لأموال الكويتيين العامَّة!ومادام استمرار الدستور، واستمرار المجلس النيابي، مصلحة جوهرية للكويتيين كلهم، فإن إشراك أكبر عدد ممكن من قوى الشعب في الدفاع عن المكتسبات الديموقراطية والدستورية يعد أمراً منطقياً ومهماً، ولذلك، فإن «حشد» القوى الأساسية، جميعها، دفاعاً عن الشعب ومصالحه، يُعد توجهاً صحيحاً ومهماً وموفقاً من قبل التكتل يُحسَب، وطنياً، لصالحه.ونحن، كمراقبين للساحة، نبارك هذا التوجه من قبل التكتل، ومن جانب القوى الوطنية الأخرى التي يُفتَرَض أن تدعم هذا التوجه الداعم لحماية الدستور والديموقراطية ومصالح أهل الكويت.ليزرمنطقياً، إذا قامت شركة مسجلة في سوق الكويت للأوراق المالية، بالاندماج مع «راعي بَنَكْ»، فإن هذا سيزيد من قوة الشركة المسجلة في السوق، حتى إذا كان «راعي البَنَك»، وحده، لا يمكنه التسجيل في السوق، فأي اندماج، يزيد من قوة الشركة الأساسية، ولا يضعفها، سواء تم الاندماج مع شركة ضعيفة أم قوية، إذ إن الفكرة هي أن الشركة الفلانية مسجلة في السوق من غير اندماج مع شركة أخرى، فكيف تتم «معاقبتها» ومعاقبة مساهميها بالتبعية، بعد أن تصبح الشركةُ المسجلة في السوق شركةً أقوى وأكبر عبر الاندماج مع كيان جديد؟ صَدَقَ من قال بأن زراعة «الرقي» في الكويت لن تنجح... باعتبار أنها... ديرة بطيخ!د. جلال محمد آل رشيدكاتب وأكاديمي كويتي[email protected]

د. حسن عبدالله عباس

د. حسن عبدالله عباس / شفافية المواجهة لدى القياديين!
د. حسن عبدالله عباس خاطب سمو رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد 35 قيادياً قبل أسبوعين بأن يردوا ويواجهوا كل من يتهمهم ظلماً سواء في الصحف أو غيرها، وأنه معهم ويساندهم طالما الجميع يعمل لمصلحة الكويت. نعم هذا خطاب سيادي جميل ويبعث على الفرح والسرور، لأنه يعني تواصل القيادة بالمستوى التنفيذي.ولكن هذا الخطاب الديموقراطي الشفاف له جانب قد يغفل عنه المتابع ويجعل المواطن محقاً في لومه للحكومة واتهامها بالتقصير. خطاب سموه للقيادات يعني ضمناً أنهم لم يكونوا يردون على من ينتقدهم إما لأن القيادي غير مهتم لعلمه المسبق بأن الواقع السيئ القائم لن يتغير سواء رد أو سكت، وإما أنه آثر السكوت لأنه قاصر عن الرد ويفتقر الى المبررات والذرائع القانونية والمنطقية التي تسوّغ موقفه. وهنا لا نقصد بأن موقفه على خطأ، ولكن ما نعنيه أنه قاصر عن التبرير حتى مع فرضية صحة التصرف أو الفعل.لو نظرت الى السكوت على أنه عدم اهتمام ولا مبالاة أو افتقار الى الحجج والذرائع فالمعنى واحد. فمن يتخاذل عن الرد على خصومه من النقاّد يعني مباشرة «انعدام الكفاءة» (أو معنىً قريباً) إما بتهمة اللامبالاة بهموم الناس وإما بتهمة الخوف من المواجهة، والتهمتان تعنيان إسناد مهمة القيادة إلى غير أهلها.واضح أن الإصلاح هو شغل سموه الشاغل منذ أن تقلد منصب رئاسة الوزراء، ولكن يظل الواقع بعيداً عن الآمال والطموح. فما نشرته «القبس» قبل أيام عن تزايد مستوى الفساد في العام 2007 ما هو إلا مؤشر على التراجع ونُذُر الشر. صحيح أن الحكومات المتعاقبة في عهد سموه تبدلت ثلاث مرات منذ مجيئه، الا أنها مازالت قاصرة عن وضع مسيرة الإصلاح الحقيقة في مسلكها الصحيح.قد يكون أبرز ما في المشكلة هو المعيار المستخدم في اختيار من يأتي على قمة الهرم. ومع أن الأمثلة كثيرة على فشل هذا الأسلوب، إلا أنها تتكرر وتمارسها السلطة وتمارسها القوى السياسية على حد سواء. ولكن وكما أن المشكلة هناك، كذلك المشكلة يتحملها القياديون في الإدارات الحكومية ممن هم في أسفل الهرم. وإن كان الوزراء يُستبدلون بانتظام وبمعدل مرة كل عام، فإن العينات السيئة في أسفل الهرم يتربعون على عروشهم ما دام الدهر!من هنا نعيد التأكيد على أن الدولة بحاجة إلى رجالات لهم نظرة استراتيجية وأصحاب نوايا ومواقف إصلاحية جادة. فحديث سموه للقياديين وإعطاؤهم توجيهاته بالشفافية وجرأة الرد تعني أنهم أُناس قاصرون حتى على هذا المستوى من العمل، وأنهم ينتظرون أوامر من القيادة العليا لأمور بدهية كالرد والتوضيح. بعد هذا، هل تلومون الشعب الكويتي إذا ما خاب ظنه فيكم وتغلغل إليه اليأس؟  كاتب كويتي                                                                                                                                                                  [email protected]