د. عويد سلطان المشعان الهذال / تحليل نتائج الانتخابات

تصغير
تكبير

من قراءة نتائج الانتخابات نجد أن معظم الوجوه القديمة قد عادت، بينما اختفت وجوه أخرى وهذا متوقع من خلال العملية الانتخابية. كما ان هذه الافرازات متوقعة وذلك من خلال الأحداث التي أدت إلى حل مجلس الأمة، وعودة الوجوه القديمة ربما تحمل مؤشر التأزيم، وخاصة من الذين تبنوا القضايا الشعبية، والتي كانت حاضرة في برنامجهم الانتخابي وندواتهم، وأخذوا وعداً على أنفسهم تجاه ناخبيهم في التصدي لهذه القضايا التي تهم المواطن الكويتي، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: إزالة الديوانيات، إسقاط القروض او شراء المديونيات، وهذه القضايا اذا طرحت في المجلس من أولى جلساته لا شك ستثير الكثير من الجدال، والحوار، والسجال ما بين مؤيد ومعارض ومحايد، وهذه تستغرق وقتاً ليس بالقصير ما يحدث نوعاً من التأزيم المبكر بين المجلس والحكومة، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى أرى ان هذه الانتخابات عززت الطائفية والقبلية والفئوية أكثر، كما يلاحظ بجلاء في نتائج الانتخابات، والتحالفات التي حدثت قبلها، وكل هذا يعود إلى تقسيم الدوائر الخمس غير العادل والمنصف، والدليل على ذلك ان هناك مرشحين حصلوا على أصوات عالية ولم يحالفهم الحظ في النجاح، وبالمقابل فإن بعض المرشحين حصلوا على أصوات أقل في بعض الدوائر ونالوا شرف التمثيل للأمة. وكل هذا بسبب توزيع الدوائر غير العادل التي خالفت المادة 24 التي تنص على العدالة الاجتماعية، ذلك أن هذا التوزيع للدوائر لا توجد فيه العدالة لأنه لم يراع الكثافة السكانية، والنسب والتناسب، وهذا ما جعل هناك عزوفاً عن التصويت، حيث كانت نسبة التصويت في معظم الدوائر متدنية، وليست بمستوى الطموح او التطلع، وبكل أمانة هذا مؤشر خطير ويحتاج إلى دراسة تشخيصية لمعرفة الأسباب التي أدت إلى العزوف، وبوضع الحلول المناسبة، والأمل أن تتبنى الأمانة العامة لمجلس الأمة هذه النقطة وتضع حلولاً لها حتى لا تتكرر في الانتخابات المقبلة. كما لوحظ من افرازات هذه الانتخابات ان اصحاب التكتلات هم الخاسر الأكبر وهذه رسالة واضحة مفادها ان الشعب الكويتي في الوقت الراهن يرفض الأحزاب لأنها لم تحقق المأمول منها، وما تنادي به بل ان الشعب اصيب بالاحباط من ممارسات هذه الكتل تحت قبة البرلمان، وقال كلمته في هذه الانتخابات وهو رد واضح لكل من ينادي بإشهار الأحزاب في الكويت، فقد تبين ان معظم الشعب الكويتي يرى ان الوقت مبكر على إشهار هذه الأحزاب لأنها تحتاج إلى نضج سياسي، وبعض المنادين بها مراهقون سياسة، والواقع ان الأحزاب في بعض الدول وما يحدث لها اكبر رد على من ينادي بالأحزاب في الوقت الراهن، ونلاحظ من استقراء نتائج الانتخابات ان المستقلين كان لهم نصيب الأسد من المقاعد وهذا دليل واضح ان الشعب الكويتي مل وتعب من المزايدات والخطاب الإعلامي الاستفزازي، ويؤكد على ضرورة العقلانية في الطرح، وأولوية في المشاريع التي تهم الشعب الكويتي، ومن دون اقصاء الآخرين او التدني في النقاش او الحوار، وهذا ما يعطل عجلة التنمية في الوطن، ومن اللافت للنظر ان المرأة لم تصل إلى قبة البرلمان على الرغم من انها تمتلك الأغلبية العددية وهذه رسالة من المرأة إلى المرأة، ذلك أنها لا ترغب في وصولها إلى عضوية مجلس الأمة، وقد يعود السبب الى ان معظم نساء الكويت اصبح لديهن قناعة بأن المرأة لا تصلح كعضوة في مجلس الأمة، لأن ذلك لا يتناسب مع تركيبتها البيولوجية، وهذا لا يقلل من شأن المرأة بل انها نجحت وحققت انجازات كبيرة في العديد من مواقع العمل الاخرى.

وفي هذه الفترة فإن مجلس الأمة في حاجة إلى رئيس يتسم بالعقلانية والاتزان الانفعالي وسعة الصدر والموضوعية، ويكون صمام أمان وقت الأزمات، ويطفئ الحرائق ولا يزيدها اشتعالاً، وهذه الخصائص والصفات توجد من دون مجاملة او تحيز او محاباة في النائب جاسم محمد الخرافي وما يؤكد هذا القول نجاحه بدرجة امتياز في قيادة المجالس السابقة، ونأمل من المجلس المقبل ان يضع اجندة واضحة وأولويات، وألا يقفز على اختصاصات الحكومة، وبالمقابل يجب على الحكومة ان يكون لها برنامج عمل واضح وجاهز حتى لا يكون هناك تصادم بينها وبين المجلس، والكل يسعى من دون ادنى شك إلى عجلة التنمية في الكويت وهذا ما يتطلع اليه الشعب الكويتي.


د. عويد سلطان المشعان الهذال


أستاذ في كلية العلوم الاجتماعية - جامعة الكويت

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي