محمد الدلال

محمد الدلال / أفكار / بين ثقافتي البناء والهدم
أكاد أجزم أن الثقافة السائدة في مجتمعنا السياسي حالياً تطغى عليها مفاهيم الهدم لا البناء، فمن يتابع مجريات الشأن السياسي من خلال ما تناقلته الصحافة من تراشقات، وقذائف هجومية، وعبارات جارحة، وتشكيك بالنوايا كلها من دون استثناء، واختلاف في بنية العلاقة بين السلطتين، وتشرذم القوى والتيارات السياسية دليل واضح لهذه الثقافة الهدامة. والمصيبة الأكبر أن هذه المفاهيم والثقافة الخاطئة تقدمت إلى الأمام وأصبحت هي الأساس، وبالمقابل تراجعت مفاهيم البناء والتنمية والإصلاح الجاد للمجتمع أشواطاً عدة في ظل عجز وتردد المصلحين والصالحين ورواد التنمية عن إيقاف هذا المد الهدام، والذي يقضي على الأخضر واليابس في الدولة والمجتمع، وتناسى الكثيرون، والعديد منهم من صناع الرأي أو النخب أو قادة المجتمع، أن الهدم والتشكيك والتخوين وتغليب الأجندات الخاصة على المصلحة العامة لم يبنِ دولة متقدمة في تاريخ البشرية، ولم يحقق رفاهية للشعوب أو يدعم اقتصادها، ولم يمنع فساداً، ناهيك عن مواجهته ولم يطور تعليماً أو يعالج تدهور خدمات الصحة أو يقضي على مشكلة غلاء الأسعار الجنونية المهلكة لذوي الدخل المحدود. وقد قيل إن «آفة الرأي الهوى»، أي أن ثقافة الهدم أو بالأحرى ثقافة كل من يسعى إلى تنفيذ أجندته الخاصة أولاً، وليذهب الجميع بعد ذلك إلى الجحيم، تعتبر من أبرز مآسي طغيان مفاهيم تفضيل الفرد أو العائلة أو التيار أو الحزب أولاً على حساب المجتمع. إنها ثقافة اللاتوازن بين أهواء وحقوق الفرد من ناحية والمجتمع من ناحية أخرى، وفي كلتا الحالين فإن التجربة الإنسانية تشير إلى فشل أيديولوجيات وثقافات غلبت طغيان الفرد على حساب المجتمع، وكذلك فشل طغيان مفهوم المجتمع على حساب الفرد، والخير كله في التوازن والاعتدال بين الحقين. إننا في الكويت بحاجة ماسة إلى وقفات جادة لإعادة التوازن المفقود في إدارة الشأن السياسي، والحاجة أكبر إلى رواد ومصلحين ومن ألوان الطيفين السياسي والاجتماعي كافة يرفعون راية الإصلاح وتغليب المصلحة العامة على الخاصة ويبادرون بخطوات عملية تتجاوز «التحلطم»، والذي أضحى ثقافة سائدة أخرى في المجتمع الكويتي. نعم، نريد تعزيز روح التفاؤل بين أفراد الشعب بأن المستقبل لن يكون لمصلحة أفراد أو أحزاب الهدم، بل أن يبادر منا الصالحون وأهل الحرقة على مستقبل البلد للعمل على ترويج ثقافة البناء وثقافة التوازن وثقافة التنمية.فكرة: ليبادر عدد من المخلصين لتشكيل لجنة تحضيرية للعمل على عقد مؤتمر وطني للإصلاح السياسي ودعم التنمية بمشاركة أصحاب الرأي من ألوان الطيفين السياسي والاجتماعي. محمد الدلالكاتب كويتيFekrah08@gmail.com

محمد السبتي

لماذا تقف دول الخليج ضد نظام الأسد؟
• أعرف أن ما سأقوله من كلام إنما أقوله على حدّ السيف، وأنه بالتأكيد سيُفهم من البعض أو الكثير على غير مراده، أو أنه دفاع عن نظام الأسد أو غيره من الاتهامات المعلّبة التي يطلقها البعض لهوى في النفس. كما أنني أعلم أن من واجبي كخليجي أن أقف مع أنظمة البلاد خصوصاً في أوقات الحروب والمواجهات. ولأن الخليج اليوم على فوهة المواجهة مع أعداء كثر، فإن مثل هذا الكلام قد يصعب قوله، وأعرف تماما أن الكويت، والكويت خصوصاً، لها موقف قد يغاير مواقف غيرها، لا بسبب ما يسميه البعض حياداً او نأياً بالنفس، بل بسبب إدراكها مراعاة اتخاذ سياسة التوازن في الداخل والخارج من دون أن تكون هذه المعرفة اتهاماً لأحد بعدم اتخاذ سياسة التوازن... ولهذا كله أعلم أن كلامي هذا سيُقال على حدّ السيف، لكني سأقوله.• لماذا تقف دول الخليج ضد نظام الأسد في سورية وتعمل على إسقاطه؟ أقول هنا «دول الخليج»، وأعني أكثرها حسب الظاهر لأي متابع ولا أعنيها كلها بالطبع، هذا السؤال قد يحيّر أي خليجي متابع منصف لا يتأثر بما يُقال من دون تدقيق أو تمحيص!• المعلن في وسائل الإعلام وحسب تصريحات المسؤولين والساسة المنادين بإسقاط هذا النظام، أن نظام الأسد يجب أن يزول لأنه نظام قمعي قتل وشرّد شعبه وبطش به أيما بطش، وأنه مع هذا البطش لم يعد له مكان في سورية، أليس هذا ما نسمعه يومياً؟• الغريب أن نظام البعث منذ أن حكم سورية والعراق وهذا هو ديدنه مع شعبه... القمع والبطش والقتل والتشريد. ولست هنا بحاجة أبداً لإعادة تذكير القارئ بكل القصص التي يعرفها عن حكايات التنكيل والبطش في سورية والعراق منذ أكثر من 50 سنة، هي تاريخ حكم البعث فيهما. كان النظام هناك يبطش ويقمع ويقتل ولم تكن لدينا أدنى مشكلة في هذه السياسة لإنها - كما كنا نقول - سياسة داخلية لا شأن لنا بها!• إن كنا نقول أن الوضع اليوم تغيّر عما كان عليه من قبل لقيام معارضة تطالب بالإصلاح وما كان يجوز مواجهتها بهذا القمع والقتل، فنحن نفعل بـ «داعش» ما يفعله النظام السوري بمعارضيه! ويعلم الجميع أن منتسبي «داعش»، إما سوريون أو عراقيون أو خليجيون! ويعلم الجميع أيضا أنهم - حسب زعمهم - إنما ينادون بالإصلاح! المعارضة التي نسميها نحن معتدلة، لا يراها نظام البعث هكذا، ولذا فهو يواجهها بكل بما أوتي من سلاح! نحن نعلم أيضا أن بعض الميليشيات المعارضة - غير «داعش» - متطرفة ولا تقل عنها إرهاباً، ولو سمحت لها الظروف بالتمدد كما سمحت لـ «داعش» لقاتلناها كما نقاتل «داعش» ضربا وقصفا. النظام السوري يفعل الشيء نفسه... مع الاختلاف فقط في تحديد المتطرف الإرهابي من غيره!• هنا أنا أسأل سؤالاً: ماذا لو قامت ثورة مسلّحة في أي دولة عربية وكان هدفها إسقاط نظام الحكم؟ هل ستواجه بمثل ما واجه به النظام السوري، الثوّار الذين يعملون على إسقاطه، أم أن ردة الفعل ستكون غير؟ الجواب قطعاً هنا معروف، لأننا سنفعل ما فعله نظام الأسد بكل تأكيد! إذاً مسألة القمع والبطش ضد أي من ينادي بإسقاط النظام في أي دولة كانت ويعمل على ذلك عسكرياً، هي ردة الفعل المعتادة والمتوقعة و»الواقعة» في أي بلد، لماذا نقف ضد نظام الأسد إذاً والآن تحديداً!• هل التقارب السوري - الإيراني هو سبب وقوف دول الخليج ضد نظام الأسد؟ أو كما نسميه بالتمدد الإيراني داخل العمق السياسي والجغرافي السوري، هل هذا هو السبب؟ بالتأكيد يجب أن يكون الجواب على هذا السؤال: لا، لأنه وباختصار كان نظام البعث في سورية منذ أن قامت الثورة الإسلامية الإيرانية وهو موالٍ لها، والتقارب بين النظامين السوري والايراني ليس بجديد ولا مستحدث ولم يكن يوما ما سريّاً مثلا بل هو معلن.• ثم وحتى إن كنا نخشى ونحذر من التمدد الإيراني في المنطقة لكن... ما دخلنا نحن في نظام دولة يرغب بالتقارب مع ايران أو ينسق معها سياسته الخارجية؟ من أين أخذنا الحق في التدخل بشؤون سياسات الدول؟ والسؤال الأهم: هل سنتعامل بالطريقة نفسها التي عاملنا بها النظام في سورية مع أي دولة أخرى خليجية أو عربية تتقارب مع إيران؟• هذه الأسئلة المحيّرة لأي خليجي منصف، لن تجد لها جواباً مقنعاً ولن تزول الحيرة التي تملؤها إلا عندما نطرح السؤال الأهم، وهو: هل نحن في الخليج أمام معركة بقاء خصوصاً بعد أن قلبت لنا كثير من مراكز القوى العالمية ظهر المجنّ وتبدلت ولاءاتها؟ وهل يمثّل الموقف ضد النظام السوري أو غيره من المواقف خطوات استباقية للدفاع عن النفس وفرض أمرنا وبقائنا على الواقع والأرض حتى لا يتعدانا أحد خاصة ونحن نخوض معركة البقاء؟ لعلنا نتطرق لهذا السؤال المهم في مقال قادم. لكن النهاية تقول أن وقوف دول الخليج ضد النظام السوري والرغبة في إسقاطه، أمر محيّر سياسياً ويحتاج إلى مصارحة عن الأهداف المخفيّة! @lawyermodalsbti

محمد العنزي

محمد العنزي / من محمد والي العنزي إلى الدكتور سامي ناصر خليفة
في السابع والعشرين من الشهر الماضي، وفي هذه الزاوية، كتب د. سامي ناصر خليفة مقالاً تحت عنوان «إلى محمد والي العنزي» جاء ضمن سلسلة مقالات له رصد فيها أداء الوفد الكويتي في جنيف خلال جلسة تقديمه تقرير الكويت عن سجلها المتعلق بحقوق الإنسان.وقد وردنا من محمد العنزي رداً على المقال المشار إليه، هذا نصه...***التقيتك في جنيف قادماً من عروس الخليج وروح الروح الكويت، تحمل عطرها وعبقها، لاشمه فيك واشم رائحة الأخوة والنصرة التي ظهرت في مقالاتك منذ أعوام (مواطنون بلا هوية) التي كانت مادتي الدسمة التي استقي منها في ظهوري على المستقلة كما استقيت من د.غانم النجار، ود.فارس الوقيان، في ردي على تقرير الحكومة في جنيف.التقيتك وأنا أراك أنت والأخوة في «جمعية حقوق الإنسان والمقومات»، اخواني، بل حتى الطرف الحكومي المتعجرف لم أجد في نفسي ذاك البغض عليه، وكنت كلما التقيت منهم أحداً في الشارع، أو جالساً يدخن النارجيلة على المقاهي بادرته بالسلام، ليس تذللاً وإنما أخوة، وثقة في النفس، ورسالة بالسلام، وكنت حينما أقدمك لمن معي أقول لهم فارس مقالات (مواطنون بلا هوية)، وأنت تعلم مكانتك عندي، فمنتدى الصحافة في موقعي اسميته باسمك تقديراً مني لك، واعترافاً بصنيعك لاخوانك، ولن أكون منافقاً فافجر خصومة وانكر دورك الذي تقوم به من أجل اخوانك المستضعفين، إلا أن مقالتك التي وجهتها لي في 27 مايو على الرأي كانت صدمة لي ولأسباب عديدة، منها على سبيل المثال لا الحصر، أنك أخبرتني بهذا الكلام في جنيف وأذكره تماماً وقلت لي انهم هم أنفسهم يمارسون اللجوء للحقوق الإنسانية فلا يعيبك التعامل فيه، وسألتني هل لك علاقة بالكلمات التي ألقتها الوفود اليوم، وقلت لك لا، ليس تهرباً وإنما حقيقة تاريخية، وعقبت عليك وقلت لك في المستقبل نعم، بمعنى أنني سأرسل إلى تلك الوفود ردي على ما ذكره الوزير والوهيب من معلومات لا توافق الواقع، فما الذي يدعوك إلى تكرار ما أخبرتني فيه وجهاً لوجه في مقالة؟الرسالة مسجلة باسمي يا دكتور لكنها ليست موجهة لي، وجاءت في وقت فيه اسئلة من جهات عدة، وكلام ملفق ضدي... منه على سبيل المثال كلام الوزير الذي قال ان حركة شوهت سمعة الكويت، وأن الدول بعد الاستماع للتقرير غيرت كلامها، والذي يريد الوزير أن يصنع فيه بطولة على حسابي، فأنا لم أوزع أي أوراق، أو «سيديات» إلا بعد الجلسة لأنني دخلتها متأخراً بسبب أنهم يفحصون الـ «سيديات» خوفاً من الفيروس، فكيف تم تشويه سمعة الكويت من قبلي وأنا داخل بعد 10 دقائق من الجلسة، ثم هل يعتقد الوزير أن الدول التي تكلمت، وكانت كلماتها مكتوبة، وتوزع على الوفود وقد أعدتها من فترة تاخذ كلامها من الباب وتكتب كلماتها؟ المهم أن مقالتك هذه جاءت في وقت توقعت فيه، ويعلم الله، منك أنت شخصياً أن ترد على ما يثار عني بشكل واضح وقاطع، فصعقت بمقالك الذي ظاهره الرحمة وباطنه العذاب، يا دكتور... كنت أعتقد أنني الوحيد الذي استهجن المقال لأنني مطلع على كل شيء، فإذا بي أجد أن الرأي العام يرفض هذا المقال الذي مدحتني فيه بكلمات كثيرة، وقتلتني فيه بتثبيت التهمة وأنت الشاهد الذي كنت أرتجي أن يشهد ليبعد عن رقبتي حبل التهم ليس من أجل أحد ولكن أمام أهل الكويت الذين يقرأون ويثقون بمن يقرأون له. أخي سامي لكي لا يكون مقالي هذا طويلاً، ولكي لا يمل القارئ، مقالتك هذه في سجلك كسجن طلحة، واللجنة التنفيذية، في تاريخ الكويت، بياض ناصع تتركز فيه نقطة سوداء، أرجو أن تكون وصلتك الرسالة فربما أنني لا أعرف أن أوصل الرسائل في الوجه. محمد العنزيwww.kuwbedmov.org***الخميس المقبل تعقيب من د. سامي ناصر خليفة

محمد العوضي

محمد العوضي / خواطر قلم / البوطي... وجناية «الكويتية»!
محمد العوضيقامت وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية بتوجيه دعوات كثيرة إلى نخبة من أهل العلم والفضل لزيارة الكويت مساهمة منها في احياء القلوب وترسيخ مفاهيم الخير في نفوس الصائمين، وكان من بين هؤلاء المدعوين فضيلة الشيخ الدكتور توفيق محمد سعيد رمضان البوطي وهو من وجوه العلم والثقافة الشرعية والفكرية في سورية ورئيس كلية الشريعة في جامعة دمشق... وقد احتفى فيه مسؤولو وزارة الاوقاف وكوادرها وقضى معنا اسبوعا كاملا ينتقل من مسجد إلى مسجد ومجلس علم إلى آخر. ذاق خلالها - كما قال - حلاوة اللقاءات مع أهل الكويت مواطنين ومقيمين، وشكر كثيرا لاهل هذا البلد حرصهم على طلب العلم وكريم اخلاقهم وجميل سجاياهم.ولكن الصدمة الكبرى كانت في النهاية، ولم تكن مسكا كما هو متوقع، لكنها كانت علقما مرا على الشيخ البوطي حيث توجه ظهر الخميس إلى المطار استعدادا للسفر على اعتبار ان طائرة الكويتية المتوجهة إلى دمشق كانت ستقلع في الساعة الرابعة عصرا، وهو ما جعله يتوجه إلى المطار في الساعة الثانية ظهرا، وبعد أن تسلم بطاقة صعود الطائرة هو وزوجته، وختما جوازي سفرهما تم الإعلان عن تأخير اقلاع رحلة الطائرة وانتظر حاله كحال الناس ولم يتم الاعلان عن ساعة الاقلاع، وبعد ان شعر بالتعب والاعياء كون الشيخ كبيرا في السن ويعاني من امراض في مفاصل العظام تستدعي تمدد جسده واخذه العلاج توجه إلى «كاونتر الكويتية» بالمطار ليفاجأ برد غير مسؤول من موظف يفتقد للباقة الحديث مع المراجعين حيث صدم الشيخ بقول الموظف حينما سأله عن موعد الاقلاع بانه لا يدري، وحينما اخبره الشيخ بانه حالة خاصة على اعتبار وضعه الصحي الحرج، كان رد الموظف «شسويلك انت مو أحسن من الناس».... والشيخ لم يَقُل عن نفسه انه أحسن من الناس لكنه طالب بحقه في معرفة ساعة الاقلاع حتى يتهيأ نفسيا للوضع الذي كان يعايشه... وتأخر اقلاع الطائرة لاكثر من خمس ساعات عن الموعد المحدد وحينما عاد للسؤال لم يجد إجابة وفي الحادية عشرة ليلا اخبروهم أن الطائرة لن تقلع وان عليهم العودة من حيث اتوا استعدادا للسفر صبيحة الجمعة (أمس) حيث اقلعت طائرة البؤس في التاسعة والنصف صباحا... كنا نظن ان تردي خدمات الكويتية كان بسبب نقص في الميزانية او سوء ادارة او تنفيع، لكن تبين - ومع شديد الأسف - ان هناك من ابنائها من لا يبالي بسمعة الخطوط الكويتية، مما يزيد من اتساع دائرة الخلل والأخطاء المتراكمة لهذه المؤسسة المنكوبة ببعض منتسبيها مسؤولين وموظفين. ونحن نيابة عن محبي الشيخ البوطي نعتذر عما حصل معه من تقصير وسوء ادب من شخص لا يمثل الا نفسه ونتمنى الا تترك هذه الحادثة اثرا في نفس الشيخ الجليل.محمد العوضي

محمد الوشيحي

محمد الوشيحي /آمال/ «يمال الفقر»
محمد الوشيحيالثلاثة أيام الماضية، قضيتها في جوّ تربوي بحت، بعدما تلقيت دعوة من مجموعة موظفات في إحدى المدارس لرؤية حالة المدرسة التي يعملن بها... استقبلنني وأدخلنني مكتبهن، فإذا بالمنظر المضحك المبكي: خمسة مكاتب في غرفة واحدة لا تتجاوز مساحتها الثلاثة أمتار في ثلاثة أمتار! ولا يمكن أن تتحرك أي موظفة من دون أن تصطدم بالأخرى، والمصيبة أن إحداهن حامل.أمانة، أنا لا أعرف متى ستتطور مستشفياتنا، ومدارسنا، بل حتى مباني الوزارات نفسها (زوروا مبنى وزارة المواصلات لتتأكدوا، لكن لا تنسوا التبرع بما تجود به أنفسكم في هذا الشهر الفضيل)... يعني، ما الذي يمنع من أن تكون إدارات المدارس في مبان حديثة من أربعة أدوار مثلا، مزودة بأصانصيرات، وتكون مكاتب موظفي الإدارة فيها واسعة، شرحة، تخلق أجواء الإبداع، ويخصص لكل جناح فرّاش أو فراشة على الأقل، بدلا من تخصيص فراشة واحدة كما هو الحال الآن، لا تعرف «من طقاقها»؟ ما الذي يمنع من أن تكون كل منطقة تعليمية مرتبطة كمبيوتريا بمدارسها من جهة، وبالوزارة من الجهة الأخرى، بدلا من الطريقة الغبية الحالية، التي تعتمد على الملفات السوداء، ومنديل العرق الذي يوضع خلف الرقبة، وكتابنا وكتابكم؟ ما الذي يمنع من أن تحوي كل مدرسة قاعة فخمة لاستقبال أولياء الأمور، فيها أنواع العصائر والمكسرات؟ ما الذي يمنع من ألا يتعدى عدد التلاميذ في الفصل الواحد الخمسة عشر تلميذا بدلا من الخمسة والعشرين، وتزود الفصول والمراسم والمختبرات بشاشات بلازما تبث مواد تعليمية للتلاميذ، بحسب المنهج؟ ما الذي يمنع من أن تبنى فصول من الأسمنت، مزودة بتكييف مركزي، بدلا من الفصول الخشبية، وكأننا في إحدى قرى تنزانيا النائية؟... تساؤلات لن تنتهي، لو واصلت طرحها، فلن أتوقف قبل أذان العيد.عموما، أصبحت عندي قناعة بأن كل وزير يشح على وزارته، أو لا يهتم ولا «يداحر» لإقرار ميزانيات لتطويرها، إنما يريد توفير الميزانية ليسرقها! واحد زائد واحد يساوي اثنين! والكلام هذا عن الوزراء كلهم وليس عن وزيرة التربية وحدها! وقناعة أخرى تقول: في الكويت، لا ينقصنا، سوى المرجلة! افتحوا الخزائن وطوروا البنية التحتية للبلد... يمال الفقر.***لا نزال في الجو التربوي... إذ تلقيت اتصالا من مدير المخازن والتوريدات السابق جلال الهاملي، الذي نقلته الوزيرة إلى منصب مدير الشؤون الإدارية في إحدى المناطق التعليمية بعد «الصورة الكارثة» التي نشرتها جريدة «الراي» قبل فترة، فانتشرت بين الناس انتشار النار في الهشيم، وأصبحت حديث الدواوين والقوى السياسية والمنتديات الاليكترونية. أقول اتصل السيد الهاملي، وتحدث عن الموضوع وشرح وجهة نظره، مبررا تأخير تأثيث المدرسة تلك بأنه ومنذ شهر مارس الماضي، أرسل الكتاب تلو الكتاب لرؤسائه لمعرفة المدارس التي تعاني النقص، قبل أن «يداهمنا الوقت»... وأضاف الهاملي بأنهم تركوه إلى أن تداركه الوقت، ثم طلبوا منه تأثيث عدد هائل من المدارس في وقت ضيق! أسهب الهاملي في شرحه، وكيف أنه من ضمن الفريق غير المحسوب على الوزيرة، ولهذا تعمدت الإضرار به! قلت له باختصار: لو كنت أنا مكانها لأحلتك للجنة تحقيق، مباشرة، لكنها تخاف على كرسيها، كما يبدو! أمر واحد من أمرين: إما أن أحملك المسؤولية فأحيلك للجنة تحقيق لتكون عبرة لسبعة آلاف مدير خلفك، أو أن أبرئ ساحتك. أما الاكتفاء بنقل المخطئ من منصبه إلى منصب آخر، فيسمى في علم الإدارة... بربسة بأجنحة مطاطة تمنع التسرب.لكن هذا كوم، وتصريح «المصدر المسؤول» أو بالأحرى «المصدر المسلول» (المصاب بسلاّل الخوف من المواجهة) بأن «التكتل الشعبي» يسعى لخلط الأوراق في هجومه على نورية الصبيح! المصدر المسلول ذاك تناسى تصريحات «حدس» من خلال جمال الكندري الذي يهدد الصبيح يوميا مع اشراقة كل صباح، وزميله الحربش الذي يهددها «يوم وترك» ثلاث مرات بعد الإفطار، وخضير العنزي الذي يهددها كل أسبوع مرة، وتناسى تهديدات أربعة من أعضاء الكتلة الإسلامية الجديدة، بدأها منسقها عبد الله عكاش، وأكملها زملاؤه سعد الشريع وخالد العدوة وحسين مزيد، بخلاف تهديدات النواب الآخرين... المصدر المسلول نسي هؤلاء كلهم، واتهم «الشعبي» فقط بأنه يسعى لخلط الأوراق! وإن كنت أختلف مع الشعبي في موقفهم هذا من الوزيرة، إلا أن ذلك لا يمنعني من القول للمصدر المسؤول: «عليّ النعمة إنك رعديد... هابي بيرث دي تو يو».***تلقيت اتصالا من مدير عام الإطفاء اللواء جاسم المنصوري، أوضح لي فيه بأن أعلى سلم إطفاء في العالم لا يتجاوز طوله المئة متر (بارتفاع 28 طابقا)، ولا يوجد سوى عند فنلندا فقط، وأن هذه النوعية من السلالم ستصل إلى الكويت في شهر ابريل المقبل (بحسب الدور)... السيد المنصوري تحدث بإسهاب عن إنجازات الإطفاء وغير ذلك، وكنت أختلف وأتناقش معه في بعض النقاط، وأتفق معه في أخرى، إلى أن قال: «أنا لا أبحث عن التلميع، ولم أتصل بك لأبرر موقفي، فنحن لم نخطئ، لكن لماذا لم تشكر رجال الإطفاء الذين بذلوا جهودا جبارة لحماية المباني المجاورة في هذا الحريق، وغيره من الحرائق، من باب الشد على يد المحسن»؟ بالفعل، كلامه صح، والله صح... لذلك نصلح الغلطة ونطبع القبلات على رؤوس أولئك الأبطال... شكرا، لكم أولا، ولمديركم العام ثانيا. ***اتصالات أخرى تلقيتها، سأتحدث عنها في مقالات مقبلة، كان أهمها اتصالا من بعض موظفي إحدى الوزارات، أبلغوني خلاله عن تجاوزات في أحد العقود، تم بموجبه، على سبيل المثال، شراء «لمبات» (العادية أم مئة شمعة) بمبلغ تسعة دنانير للمبة الواحدة... وهذا بلاء أبوك يا عقاب.                                                                                                                                                                 Alwashi7i@yahoo.com

محمد بشير الوظائفي

محمد بشير الوظائفي / متى وكيف نصفـح؟!
| محمد بشير الوظائفي * |• في الانسان العربي صفح جميل... وفيه صفاء عريض، فهل نتنازل عن صفاتنا امام العادات الدخيلة؟ اننا نعيش تحت راية الصفاء، ولن نتخلى عنها مهما كانت الظروف قاسية، والسحب ســوداء!• جلس اثنان من المسافرين يقطعان الطريق الطويل بالتحدث عن شؤونهما الخاصة، فقال الاول لرفيقه : اصرح لك بأني مجرم عائد من السجن، وقد جلب السجن العار على اسرتي فلم يزرني احد. وبدت المرارة والالم على وجهه. ثم واصل حديثه بقوله ان اهلي لم يصفحوا عني. وأخيرا كتبت اليهم بأن يضعوا اشارة عندما يمر القطار بجوار قريتهم، فإذا كانت الاسرة قد صفحت عني فعليها ان تضع شريطا ابيض فوق شجرة التفاح الكبيرة الكائنة بالقرب من المحطة. اما اذا كانت الاسرة ترفض رجوعي فعليها الا تفعل شيئا! وبعد ان اقترب القطار من مكان الشجرة، صاح وقد اغرورقت عيناه بالدموع: ها هي الاشارة.. ها هم قد صفحوا عني وزالت المرارة من نفسه واصبح ملاكا بعد ان كان مجرما. • ذلك الانسان - المجرم السابق - لم يعرف متى يبدأ الصفح، ولكنه تمكن من معرفة كيف يصفح عنه اقاربه. والحقيقة اننا نضيع الوقت بين هذين الزمنين فتمر الفرصة الاولى فلا نستطيع بذل الصفح، وعندما تأتي الفرصة الاخيرة... يكون الحقد قد اكل انفسنا.• وعلى الانسان ان يتعلم كيف يصفح، وقبل ان يبدأ لابد من وجود مزايا اصيلة تصاحب من يبدأ بالصفح. كأن يكون على درجة جيدة من التدين فيستعين بالآية الكريمة ( وان تعفوا وتصفحوا وتغفروا فأن الله غفور رحيم)، او يكون ذا عنصر طيب اصيل يصدر عنه الصفح لا مرآة وخداعا... بل عن عقيدة وايمان بما اقدم عليه، او ان يكون مثقفا يهديه علمه وثقافته وتجاربه وخبرته الاجتماعية.• ان دنيانا - اعزاءنا القراء، تحوي من الناس السيئ والحسن، والطيب والحقود والغضوب والمتسامح، وهذه الفئات لابد ان تصدر عنها اخطاء منبعثة عن امزجتهم الحادة او عن سرعة غضبهم، او عن ضعف في تربيتهم. وامام هذه المشاهد لابد للمثقف من ان يصفح عن هؤلاء لجهلهم او لقصورهم او لمزاجهم او لطيشهم. ومن الناس من يوقن ويؤمن بأن الذي يصفح عن الاساءة هو خير من المنتقم الذي تأكله الجهالة ويملأه الحقد، وانه خيرله ان يكون متساميا فلا ينحدر الى الهاوية كما انحدر خصمه.• اما الجاهلون بحياة الناس فأنهم يحاولون التظاهر بالصفح، فتعود الخلافات وتتكرر الحوادث بين الفرقاء، فيزيدوا هم النار اشتعالا!ومن الصعب عزيزي القارئ على من أوذي في بدنه وخاصة من صفع على وجهه ان يصفح، لأن الأذى اصاب مكمن الخير ومستودع القيم الاخلاقية... وهو الرأس. ومن الصعب ايضا ان نصفح عـمّن آذانا في اوطاننا واغتصبها من دون حق. فالصفح في مثل هذا الحال يعد خيانة وجبنا، ومن حقك ان تتساءل: هل معنى الصفح ان اتنازل عن كل حقوقي التي كانت سببا في الخصام؟ وتكون الاجابة المنطقية ان الصفح لا يزيل كل شيء، بل يساعدنا على قبول ما مضى وانقضى، وان لا فائدة ترجى من اعادة واحياء الماضي الجريح. والصفح بعدئذ يساعدنا على محبة الآخرين... والمحبة اساس الحيـــــاة. • واذا اردنا ان نرى نهاية الكراهية والحقد والكبت في دنيانا، نتصور هذا العالم بخصامه ومنازعاته، وخلافاته قائمة بين الناس، والكل يشيح بوجهه عن مــد يــده لخصمه، فنتصوره عالما أشبه بعالم الغاب... كل فيه مغتصب! عضو اتحاد الكتاب والادباء الاردنيين mohd_wazaifi@hotmail.com

محمد جبر الحامد الشريف

محمد جبر الحامد الشريف / الجيش الكويتي والعبث الإعلامي
أتمنى أن تتحرك وزارة الدفاع أو رئاسة الأركان العامة للجيش وتتدخل لوقف هذا العبث الإعلامي وهذا المسلسل الهزلي الذي أبطاله خالد عبدالجليل وناصر الدويلة، اللذان أساءا من خلاله للجيش الكويتي، واستخفا بهذه المؤسسة المهمة وبقادتها، وجعلا منهم مادة للسخرية على ألسنة الناس.الجيش في كل بلدان العالم مكان تقدير واحترام الشعب والدولة، كما يعتبر خطاً أحمر لا يُمس، ولا تبحث مواضيعه العادية، ناهيك عن الأحداث السرية والعمليات العسكرية والتي أصبحت في هذا البرنامج كتابا مفتوحا أمام ملايين المشاهدين في العالم وبشكل ساخر وهزلي.ما من حرب في العالم إلا ويكون فيها نصر وهزيمة، والشواهد التاريخية تبين ذلك، ففي التاريخ الحديث اجتاحت ألمانيا في الحرب العالمية الثانية معظم دول أوروبا وهزمت جيوشها في وقت قياسي ومنها دول كبرى تمتلك جيشا قويا مثل فرنسا، وانهزم الجيش الألماني بعد ذلك من الحلفاء كما انهزم الجيش الياباني من الأميركيين وخسر الجيش الأميركي المدرب معاركه في الصومال أمام الثوار. وانهزمت الجيوش العربية مجتمعة في ستة أيام في 1967 أمام دولة واحدة. مع ذلك لم أسمع ولم أقرأ عن دولة واحدة استهانت بجيشها وقادته وجعلت منه مادة إعلامية قابلة للنقاش والجدل أمام الآخرين.من يتتبع المنتديات هذه الأيام ويقرأ ما يُكتب في المواقع العربية والخليجية عن هذا الموضوع سيجد تعليقات ساخرة بالجيش الكويتي وقادته حيث أصبحوا مادة لاطلاق النكت والاستهزاء بسبب هذا البرنامج الذي يهدف إلى التكسب المالي والإعلامي على حساب سمعة البلد وسمعة الجيش.كان لي شرف الخدمة في الجيش الكويتي لما يقارب الثلاثين عاماً وقد خدمت في وحدات مختلفة فيه وتشرفت بزمالة معظم الضباط، أقولها بكل أمانة ان الجيش الكويتي يملك رجالاً قلما تجدهم في مكان آخر، رجالا في إخلاصهم وأمانتهم وصدقهم ومروءتهم وذكائهم وعطائهم وولائهم وشجاعتهم. وقد رأيت وسمعت قصص بطولات لكثير من الضباط هي أقرب للخيال مع ذلك لم يظهر أصحابها على الساحة لأن تلك الأعمال كانت خالصة لوجه الله تعالى ثم لخدمة هذا الوطن، وكانوا ولا يزالون محافظين على القسم الذي أقسموه بأن يحافظوا على الأسرار العسكرية.لذلك لم يسبق أن ظهر ضابط سواء كان على رأس عمله أو من المتقاعدين على وسائل الإعلام ليتحدث عن بطولاته الشخصية، لأن العمل في المعارك عمل جماعي وفيه من انكار الذات الشيء الكثير.ما كنت أتوقع من ناصر الدويلة أن يُستدرج بهذه الطريقة المستهجنة التي أوقعه بها مقدم البرنامج وجعله يقع في الاساءة لنفسه والاساءة لزملائه، كما انني لم أتوقع من ناصر أن يسمح لمقدم البرنامج أن يستهزئ به وبكلامه ويجعل منه سخرية أمام المشاهدين.في اعتقادي ان هذا البرنامج يجب أن يتوقف عند هذا الحد، وأتمنى من وزارة الدفاع التدخل لوقفه لحماية سمعة جيشها وحفظ هيبته وهيبة ضباطه، وقد سبق أن تدخلت الحكومة وأوقفت برنامجا كان أقل ضرراً من هذا البرنامج.لذلك، نصيحتي للمسؤولين التدخل الآن وقبل فوات الأوان، لأن الحلقة المقبلة هي حلقة المواجهة بين مجموعة من الضباط وناصر الدويلة وستكون على الهواء مباشرة بمعنى أنها خارج السيطرة وسيزيد فيها اللغط وتكثر فيها الأخطاء وتظهر فضائح نحن في غنى عنها وستكون سمعة البلد وسمعة الجيش على المحك.ولن يربح من هذا البرنامج إلا خالد عبدالجليل وقناة «الوطن». أسأل الله أن يحفظ هذا البلد ويهدي أهله إنه سميع مجيب.محمد جبر الحامد الشريفعقيد دكتور متقاعد

محمد جواد ظريف

كيفية التعامل مع الظروف المواتية للتطرف والإرهاب
يجري الحديث كثيراً اليوم عن التحدي الهائل الذي يواجهه المجتمع الدولي والمتمثل بالإرهاب والتطرف، وعن مقاربات مكافحتهما واحتوائهما، على أمل القضاء عليهما.وبغض النظر عن المكان الذي تقف فيه كل دولة من هذين التحديين التوأمين، وبغض النظر عن جوهر السياسة الرسمية لهذا البلد أو ذاك، فإن المجتمع الدولي بأسره يتقاسم قناعة مشتركة بأن هذه المشاكل تحتاج إلى معالجة عاجلة وبأنه يجب التخلص منها بأكبر قدر من الفعالية، وأشك في أن هناك أي تساؤل يطرحه أحد منا حول الحاجة الماسة لهذه المهمة الصعبة.وبعيدا عن المجادلات التي لا تنتهي بين السياسيين، تبرز مشكلتا الإرهاب والتطرف، بوصفهما نتيجة طبيعية للفشل الجوهري في الوضع الدولي الراهن (والمستجد). وهذه الظاهرة لا تقتصر على أي جزء من العالم، وليست حكراً على دين واحد، كما أنه لا يمكن مكافحتها على الصعيد الإقليمي فقط أو من خلال الاعتماد الكبير على المعدات العسكرية.بعد عقد ونصف العقد من الفشل الإجمالي في مكافحة الإرهاب خلال فترة ما بعد حادث الحادي عشر من سبتمبر (2001)، فإن حقائق قبيحة على الأرض تدفعنا للنظر بعيون مفتوحة إلى هذه التحديات، من دون أوهام أو خداع للذات.يجب أن يكون قد أصبح جلياً لدينا أن مواجهة ناجحة وفعالة لهاتين الظاهرتين السرطانيتين، تستدعيا اتباع نهج شامل واستراتيجية متعددة الجوانب تعتمد أولًا وقبل كل شيء، على فهم واع واعتراف بقدراتهما الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والظروف العالمية.إن احتواء - وفي نهاية المطاف القضاء على - المنظمات الإرهابية المتطرفة على الأرض مطلوب بالتأكيد، ولكن ذلك يعتبر فقط كخطوة أولى ضرورية وكمكون من جهد هو أكبر بكثير. إن المشاكل ذات الطبيعة الدولية وذات الجذور العميقة تتطلب فهماً صحيحا وتعاونا عالميا حقيقيا في مواجهتها.تفكيك بُني الافتراضاتللحد من المفاهيم الخاطئة ومحاولات التشويه وكثرة توجيه أصابع الاتهام نحو المواضع الخاطئة، وللوصول الى الظروف الاجتماعية والعالمية الحقيقية، لا بد من كشف زيف الافتراضات الخاطئة. ويبدو أن الالتفات الرسمي والسائد نحو الإرهاب والتطرف، سواء في الولايات المتحدة أو في أي مكان آخر، يظهر كمادة صمم تخصيصاً للاستهلاك المحلي، أو كمنطق لخطوط سياسية وإجراءات معينة. في هذه الحالة، فإنه ليس من المستغرب أن نسمع مستشار الأمن القومي لدولة إقليمية ذات أهمية ـ على سبيل المثال ـ يقول «سوف يدمر المتطرفون والقوات السورية بعضهما البعض في ساحات القتال في سورية». هذا الخط في التفكير والسياسة يفسر إلى حد ما لماذا وصل الوضع إلى المأزق الحالي. إن وجهات النظر قصيرة المدى للوضع المعقد ـ ناهيك عن انتهاج سياسات لخدمة مصالح ذاتية قصيرة الأمد ـ محكوم عليها بالفشل. وكما يرى الجميع، هذا ما حصل بطبيعة الحال، وليس فقط في سورية.هناك أسطورة ثانية يجب فضحها. فمن السهل بالنسبة لنا في غرب آسيا إلقاء اللوم على الغرب كمتهم نهائي في مشاكلنا. لا يوجد نقص تاريخي هنا. الظلال الطويلة والذكريات المؤلمة والمستمرة، والمؤدية إلى الانقسام، والتراث المصنوع من «الخطوط المرسومة في الرمال» خلال وبعد الحرب العالمية الأولى، لا يزال يتردد صداها في كثير من الدول ولا تزال تقض مضاجع كثير من المجتمعات في غرب آسيا.في الوقت ذاته، فقد كان أكثر ملاءمة للغرب أن يقوم بإلقاء اللوم علينا - المسلمين في منطقة غرب آسيا - بغض النظر عن الاختلاف الموجود والخلافات وحتى النزاعات والصراعات. وربما كان التحول الأسهل للجميع هو توجيه أصابع الاتهام في كلا الاتجاهين، وفي داخل المنطقة. ولكن هذا غير دقيق وغير مفيد، ولاسيما أن عالمنا أصبح أكثر تعقيداً من أي وقت مضى.الأسطورة الثالثة التي يجب تبيانها هي ما يُفترض من وجود علاقة مباشرة بين الديكتاتورية والتطرف، والتأكيد البديهي المتكرر أن الديموقراطيات لا تحار ببعضها البعض. ومع أن ذلك ينطوي علي اجتزاء للحقيقة، إلا أن الحالة الفعلية التي نواجهها اليوم هي أكثر تعقيدًا مما يمكن التعبير عنه، وهي تتحدى التفسيرات المريحة. عندما نرى أن أفراداً متعلمين ممن ولدوا في الغرب والذين ترعرعوا في كنف الديموقراطية،في المجتمعات الغربية الغنية، والذين يتحدثون اللغة الفرنسية أو الإنكليزية كلغة أم، ولكنهم يلوحون بقطع رؤوس الأبرياء من البشر في سورية والعراق على شاشات التلفزيون وعلى شبكة الإنترنت؛ عندها لا يمكن لأحد البحث عن ملجأ فيتصور سيناريوهات مبسطة والمشاركة في ألعاب اللوم الصحيحة سياسياً. الأطفال الذين تربوا في بيئات ديموقراطية يقتلون جيرانهم، فضلاً عن بعضهم البعض. ببساطة أضحى من غير المقنع إلقاء اللوم عن هذه الفظائع الدموية على ديانة معينة، أو بشكل حصري على نظام تعليمي أو حتى سياسي في أي مجتمع غرب آسيوي.شروط التمكينالعالمية والداخلية والإقليميةإن الحالة التي نجد أنفسنا فيها، بمستوى قبحها الفعلي، هي أشد خطورة من لعبة تقاذف المسؤولية بين بعضنا البعض. والحقيقة هي أنه في حين يمكننا الاعتراف بأن هناك الكثير من اللوم، فنحن بحاجة إلى الإقلاع عن عادة رمي الكرة دائماً في ملعب الجانب الآخر. إذا ما كنا على استعداد للبحث الصادق في ذواتنا، فإننا سنبدأ بطرح تساؤلات بسيطة لكنها خطيرة، مثلاً: ما الذي يصنع متطرفاً من شاب ولد ونشأ في فرنسا، أو بشكل مشابه، في أي من المجتمعات الأوروبية أو في أميركا الشمالية؟ حتى بقدر مماثل لشاب ولد ونشأ في أفغانستان أو سورية، أو اليمن أو ليبيا أو السعودية، أو في أي مكان آخر في منطقتنا؟ يجب علينا جميعاً أن نبدأ بالنظر إلى التطرف كمأزق مشترك ومشكلة إشاعة، وليست محصورة في منطقة محددة أو عرق، أو دين، أو مذهب.نقص الأملبالنظر إلى بعض الشروط المواتية، فإن الأمل - أو في الواقع انعدام الأمل - هو أمر محوري في المعادلة. وهذا هو بالضبط ما يحدث عندما تثق بالحقائق الثابتة الافتراضات المتجانسة مزحزحة المشكلة موضوع البحث على صعيد المنطقة والمجتمع، متقدما كان أم ناميا، غربيا أو شرقيا، مسلما أو غيرذلك.الحقيقة القائمة على نطاق واسع، وليس مجرد تكهنات نظرية أو حتى تحليل أكاديمي، هي أن القاسم المشترك الذي يربط جميع المتورطين بعنف متطرف هو أنهم يشعرون، وينظرون إلى أنفسهم كفئة مهمشة في مجتمعاتهم، وحتى على الصعيد العالمي.وهم يعتقدون أنه ليس لديهم أي أمل في مستقبل أفضل. فهم لا يرون إمكانية فعلية وممكنة لتحقيق ذات منتجة في بيئة اجتماعية ملائمة ومواتية إنسانيا - سواء في المجتمعات الغربية التي أصبحت أشد انطواء وأكثر كراهية للأجانب، أو في المنطقة التي تعاني من قبضة التخلف وانعدام الاحتمالات لحكومة تمثيلية. إن موجة المشاعر القومية التي ظهرت في صناديق الاقتراع في السنوات الأخيرة من أوروبا وحتى أميركا قد لا تعكس، للأسف، سوى المزيد من اليأس الموصوف. ولكن في المنطقة، وحتي مع الاعتراف بوجود اختلافات كبيرة بين مختلف الدول على الأساليب العملية للانتخابات باعتبارها شكلا من أشكال التمثيل الشعبي، يمكن التسليم بسهولة أنه في عدد قليل جداً من الدول الواقعة غرب آسيا لدى عامة الناس إمکانية للتنفيس عن إحباطهم من خلال صناديق الاقتراع، أو من خلال صندوق أو حتى عبر أي آلية آخرى لا وجود لها في العديد من البلدان الأخرى في المنطقة.التهميش والإقصاء والازدراءفي الدول الغربية التي تجري فيها العملية الانتخابية بشكل جيد عموما، المشكلة تأخذ اتجاها آخر أكثر تفاقما وخطرا. عندما تجد شريحة من السكان المهمشين بشكل ممنهج نفسها في الطرف الخاسر من اللعبة الاقتصادية والأسوأ من ذلك، ترى معتقداتها وقيمها ومقدساتها مستهدفة بشكل منتظم، لا يجب أن يكون مفاجئاً أن يتوجه البعض منهم، مهما كانوا أقلية صغيرة، إلى وسيلة أخرى غير الاحتجاج السلمي. وكما قال سياسي أوروبي ذات مرة: «في الغرب، إذا هاجمت السود، فأنت عنصري، وإذا هاجمت اليهود، فأنت معادٍ للسامية. ولكنك إذا هاجمت المسلمين، فأنت تمارس حريتك في التعبير». إنه أمر مثير للسخرية، ولكنه انعكاس صريح لحالة حقيقية تنطوي علي إشكالية: الهجوم المباشر على وجود وهوية السكان المستهدفين أو المجتمع المستهدف. في مثل هذه الحالة من المحتوم أن يُخلق استياء وغضب لا علاقة لهما بأي منظومة اعتقادية.الدراسات والمراجع الحالية والغنية في مجال التحليل الاجتماعي بالإضافة إلى الخلاصات المدروسة جيدا في العديد من دراسات الحالة في المجتمعات المختلفة، بما في ذلك حالة معينة من الاضطرابات الاجتماعية في فرنسا قبل بضع سنوات، يعطينا صورة مقلقة لواقع التهميش والإقصاء الاجتماعي والثقافي والسياسي. وبالتالي مهمتنا هي تحقيق الفوز في سباق بين اليأس وإلهاب شعلة الأمل.وكلما تعمقنا أكثر، كلما ذكرنا بوجود مجموعة غامضة من العوامل الفاعلة. بعض الذين ارتكبوا أسوأ الأعمال الوحشية باسم الإسلام لم يتبعوا تعاليم الإسلام حتى. فمن الغريب أن الشخص الذي دخل بقالة الكوشر (اليهودية) في باريس وبدأ بإطلاق النار على الناس عشوائيا كان بصحبة عشيقته - وعلاقته بها ليست بالضبط علاقة يمارسها رجل مسلم ناهيك عن متعصب. في نيس الفرنسية - حيث قامت شاحنة بدهس الرجال والنساء والأطفال - ارتكب هذا الاعتداء شخص كان معروفا بارتياده لحانات باستمرار. شُرب الكحول هو أيضا غير متوافق، كما يعرف معظم الناس، مع تعاليم الإسلام. لذلك، ما نواجهه هو مشكلة اجتماعية وثقافية، وليس فقط ظاهرة دينية.إنها ظاهرة اجتماعية ناتجة عن حالة عميقة من الحرمان والإقصاء والتهميش في بيئة غنية ومتقدمة، بيئة عمليا لا توفر الأمن والاحترام والمشاركة والأمل للأفراد والجماعات والمجتمعات المحرومة. لا يمكننا التقليل من شأن أهمية مسألة الهوية - والتغاضي عن العواقب القبيحة وغير المقبولة متى ما وأينما ظهرت على شكل كدمات. هذا واحد من الشروط التي لا بد من التصدي لها ومعالجتها.التدخل ونزعات الهيمنةقضية أخرى للدراسة هي مشكلة مزمنة وقديمة وهي الغزو والاحتلال الأجنبي، وما جلبا في أعقابهما. القضية الأكثر إلحاحا هي حالة احتلال فلسطين لسبعين عاما تقريبا. وقد تفاقمت أكثر بسبب التدخلات السياسية والعسكرية المنتظمة من قبل الولايات المتحدة للحفاظ على ـ وتكريس وخلق ـ ما تريده من ترتيب وهندسة إقليمية منشودة و«نظام عالمي جديد».وعندما أعلن الرئيس جورج بوش ظهور «نظام عالمي جديد» في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، استند إلى الوهم بأن الولايات المتحدة قد فازت في الحرب الباردة، بينما الواقع هو أن الاتحاد السوفياتي انهار نتيجة لظروف داخلية بشكل كبير. في عالم لا معني للعبة صفرية المجموع، الغرب لم يفز في الحرب الباردة، ولكن السوفيات خسروا بكل بساطة. إلا أن الوهم خلق عقلية وزخما دفع لاحقا إلي محاولة إضفاء الطابع المؤسساتي على الاحتلال المتصور من خلال الاشتباكات العسكرية المتكررة - التي حصلت مرة واحدة تقريباً في السنة في عهد الرئيسين بوش (الأب) والرئيس كلينتون، وليس فقط في عهد جورج بوش الابن. وقد نسي البعض العمليات السنوية تقريبا والرئيسية في العراق خلال التسعينات، وغزو الصومال، والهجوم على ليبيا وكوسوفو، وأماكن أخرى في أوروبا خلال العقد الأول للحرب الباردة. وكلها تعكس رغبة الولايات المتحدة في استخدام القوة العسكرية المتفوقة لإضفاء الطابع المؤسساتي الموقت على النظام العالمي المهزوز.وصل هذا النمط من لجوء الولايات المتحدة إلى القوة العسكرية إلى ذروة جديدة معقد وما لمحافظين الجدد إلى واشنطن في 2001. مأساة حادث 11 سبتمبر، عجلت في غزو واسع النطاق لأفغانستان واحتلالها، وفي وقت لاحق في غزو واحتلال العراق. بالمناسبة، دمرت هاتان المغامرتان العسكريتان الأميركيتان، اثنين من أعداء إيران اللدودين: الطالبان في شرق البلاد والنظام البعثي في الغرب، ولكن بالنسبة لنا، والحكم عليها من منظور المدى الطويل وعلى صعيد المنطقة، فقد اُعتبرت تلك التدخلات رهانات سياسية مكلفة وكارثية ستؤدي حتما إلى عدم استقرار سيهدد جميعا لأطراف الفاعلة وصاحبة الحضور المشروع في المنطقة.في فبراير 2003، قبل وقت قصير من الغزو الأميركي للعراق، وأثناء عملي كسفير وممثل دائم لإيران لدى الأمم المتحدة، ذكرت أمام مجلس الأمن: «نظرا لحالة المجتمع العراقي والمنطقة بأسرها، هناك الكثير من الأوراق غير المتوقعة، ولا يمكن لأي طرف أن يضعها مسبقا في حساباته بأي درجة من اليقين. ولكن هناك نتيجة واحدة هي شبه مؤكدة: التطرف يستفيد بشكل كبير من مغامرة غير مدروسة في العراق».ووافقني عدد كبير من الزملاء في المنطقة على تلك الإدانة، رغم قلة من كانوا على استعداد لقول ذلك علنا. لم تلزمنا عبقرية للتفكير على هذا النحو. فحساب بسيط يعكس الحقائق الأساسية للفعل ورد الفعل في منطقتنا.بات من الواضح الآن تماما أن هذين الرهانين الفاشلين شكلا جذور الأوضاع المأسوية الجارية التي نشهدها اليوم في أفغانستان والعراق وسورية. بعد 15 عاماً على غزو أفغانستان، هل هي أكثر أمنا اليوم مما كانت عليه في العام 2001؟ وبغض النظر عن الشعور بالرضا حيال رؤية هزيمة طالبان، تظل الحقيقة أن روح الشعب الأفغاني المجروحة والشعور العميق بالحقد ما زال يؤرق المجتمع الأفغاني الذي مزقته الحرب. استمرار حالة انعدام الأمن والصراعات الداخلية، والتي تزداد تفاقما بسبب أمور أخري بما فيها عدم وجود استثمار جاد في الاقتصاد الأفغاني، أدى إلى ازدهار اقتصاد المخدرات. وكانت النتيجة الصافية لغزو أجنبي هو استمرار العنف المستشري ونشاط إرهابي من دون رادع، بالإضافة إلى تجارة المخدرات التي لا تضاهى، موفرة الكثير من الهيرويين للعالم، الأمر الذي نتحمل نحن الإيرانيين عبء مواجهته.المغامرة العسكرية في العراق أدت إلى سلسلة من الأحداث والأوضاع المستعصية التي تجتاح المناطق المجاورة الآن: ظهور وهجوم الجماعات الإرهابية مثل داعش وجبهة النصرة ودوامة غير مسبوقة وعديمة الرحمة من العنف الوحشي. أمثلة عديدة تبرز هنا من الأعمال الإرهابية الانتحارية في السنوات الأخيرة، بمافي ذلك الهجمات التي يشنها عناصر لا تتجاوز أعمارهم الـ 14 عاما، وهي تشير إلى غضب عميق الجذور بين الجماهير إزاء الاحتلال الأجنبي المحتقر. انها ليست مجرد مسألة التلقين الإيديولوجي وغسل الدماغ لمجموعة معزولة من المتعصبين. إنها حملة منظمة وممولة جدا حيث تستخدم أحدث أنظمة الاتصالات وتقنيات غسل الدماغ المتقدمة من أجل تجنيد وتدريب جحافل الانتحاريين المتحمسين. وما يسمى «عامل الجذب لدى الجماعات الإرهابية» هو في الواقع مربك ومحير. كما أنه يتحدى فهمنا المشترك للعالم الحديث.وقد كتب العديد من المحللين عن الشعور العميق بالعجز والحقد الذي يعود أولا إلى القضية الفلسطينية التي لا تزال غير محلولة وفي الآونة الأخيرة إلى الاحتلال للأراضي العربية والإسلامية الأخرى. لذلك، فإننا نحصد ما زرعه الآخرون في هذه الأراضي التي تعاني على المدى الطويل عواقب تلك «الخطوط المرسومة على الرمال» قبل قرن من الزمن.من المهم أن نستخرج استنتاجا أوسع من المغامرات العسكرية المشؤومة في منطقتنا. بكل بساطة، إن عصر الهيمنة قد ولى. فالتطورات العالمية في عصر ما بعد الحرب الباردة، لاسيما تعدد الجهات الفاعلة على الساحة العالمية، جعلت من المستحيل لأي قوة عالمية واحدة - مهما كانت مزاياها غير متكافئة من ناحية القوة العسكرية والاقتصادية والفكرية - أن تكون بمثابة قوة مهيمنة.مجرد حقيقة أن الجهات الفاعلة غير الحكومية أصبحت مهمة ومحددة للجهات الأمنية، هي أحد الأسباب التي تسهم في زوال الهيمنة. وقد كلفت هذه النزعات بين عامي 1990 و2005 تريليونات من الدولارات لدافعي الضرائب الأميركيين کما کلف الجميع الكثير من الحزن والبؤس والموت. استمروا في تلقي خسائر فادحة في منطقتنا وخارجها في شكل من أشكال العنف المتطرف. ومن المؤمل أن القومية الموضوعة في غير محلها سوف لا تحاول إحياء هذه الاتجاهات الوخيمة مهما كانت أصداؤها الشعبية المبسطة جذابة ومغرية لجمهور الناخبين.لا بد لجميع الأطراف الإقليمية أن تعترف وتقدّر أن الأمر نفسه ينطبق على نزعات الهيمنة الإقليمية. هذا هو الحال في منطقة غرب آسيا، التي تدفع بالفعل ثمنا باهظا بسبب طموحات الهيمنة العالمية بشكل خاص. ومن المتوقع أن قوى إقليمية أخرى تنضم لإيران في قبول هذه الصفة المميزة الأساسية لعصرنا.المكونات الداخليةلفهم ما حدث ويحدث على أرض الواقع في المجتمعات الواقعة في قبضة الصراع والعنف، من المؤكد أن التركيز على العوامل الخارجية فقط أو الاعتماد على نظريات المؤامرة هو أمر مضلل. يجب أن تكون الحقائق الجلية - والممكن ملاحظتها بوضوح - كافية في جميع الأنحاء: إنّ تمزق المجتمعات النامية بفعل الغزو والاحتلال، وعمليات التنمية التي تعاني من وضع حرج، فضلا عن تفشي وتفاقم الفقر مع كل عواقبه السلبية على النسيج الاجتماعي، بما في ذلك البطالة على نطاق واسع والآفاق القاتمة لمستقبل جيد ومعقول، تشير كلها إلى بيئة اجتماعية غير صحية وهي بمثابة أرض خصبة مؤاتية لجميع أنواع العلل الاجتماعية وتصاعد العنف السياسي المغذى من تلقاء ذاته.فشل الدولةإن أهم المكونات الداخلية للفسيفساء المعقدة أمامنا هو فشل منظومة الدولة في الاستجابة لطلب الجماهير الأساسي من أجل تحقيق الكرامة. وتظل الحقيقة القائمة هي أن بعضا من أسوأ الانتحاريين جاءوا من المجتمعات الأكثر ثراء في غرب آسيا، والبعض الآخر من العائلات الميسورة.القصة الكاملة لمرتكبي حادث 11 سبتمبر باتت معروفة؛ 15 من أصل 19 أتوا من المملكة العربية السعودية، 2 من الإمارات العربية المتحدة، واحد فقط من مصر وآخر من لبنان. لذلك، فهنا لا يظهر أن الفقر والحرمان يختصران كل شيء.ثم يصبح السؤال، لماذا أن الناس القادمين من خلفية ثرية يتحولون إلى نوع من السلوك «غير العقلاني» الذي يناسب المجرم المتهور؟ ووفقا للمحللين الذين يحاولون تفسير الزيادة غير المسبوقة في العنف والتي على ما يبدو لا معنى لها في هذا الجزء من العالم، فإن السبب الأساسي يكمن في الفشل التاريخي لمنظومة الدولة في التصدي ـ والاستجابة الفعالة ـ لتطلعات الشعب الأساسية.ليس من الصعب فهم المنطق الكامن في ثورة الجماهير المحرومة ضد أجهزة الدولة غير الخاضعة للمساءلة وغير الفعالة بشكل عام في غرب آسيا، ثورة ضد منظومة الدولة بأكملها وعدم قدرتها على تلبية احتياجات وتطلعات السكان الأساسية. ويمكن بالتأكيد فهم - وتحليل - عدم قدرة وإحباط العالم الإسلامي لناحية تسوية الوضع الفلسطيني. لكن الأمر لا يقتصر على ذلك فقط. الكثير يمكن أن يقال ويكتب عن العيوب والنقائص المؤسساتية في هذه المجتمعات والتي تجسد المأزق الحالي. ولكن هذه القضايا ليست موضوع بحثنا هنا، إلا بقدر ما تؤثر على مشكلتي التطرف والإرهاب.استراتيجية الإلهاءإنّ إحباط جيل الشباب الذي يتمّ استخدامه بمهارة من قبل الديماغوجيين المتطرّفين ومموّليهم للوصول إلى العنف العبثي والهمجي ـ ولو كان موقتاً ـ ضدّ الأبرياء، موجّه حتماً ضدّ الأسس التي تقوم عليها دول المنطقة. ولذلك فإن محاولة نفي الخطر الوجودي الداخلي من خلال حرف الغضب تجاه الأعداء الخارجيين المختلقين محاولة مضلِّلة بشكل خطير.وكما تقدّم، فإنّ بعض الحكومات في المنطقة قد خلقت المجموعات المتطرفة وسلّحتها وموّلتها، منها «داعش» والنصرة، مستخدمةً إياها في حروب بالوكالة في سورية والعراق دول أخرى. ومع أن هذه السذاجة الوهمية قد تسببت بمقتل مئات الآلاف، إلاأنها لم ولن تؤدي إلى النتيجة «المبتغاة» من «قتل السوريين والمتطرفين بعضهما لبعض في المعارك السورية».في المقابل، تمّ خلقُ الوحوش الذين لا يكتفون بإراقة الدماء فحسب وإنما ينشرون مشاهد وحشيتهم لاستقطاب المزيد من المجنّدين. وقد صبّوا جامّ غضبهم على من أطعمهم وكبّرهم.أيديولوجية الإقصاءبعيدا عن أجهزة الدولة الفاشلة والمهمِلة واللامسؤولة، ومحاولاتها الرامية إلي حرف اهتمامها، ثمّة أيضاً عامل شبه أيديولوجي قائم على التفرقة والانقسام والكره وإنكار الآخر وعدم تقبّله. إلا أنّ هذا الفكر لا صلة له مطلقاً برسالة الإسلام الأصيلة والحقيقية كما جاء بها القرآن والسنة النبوية. ولكن للأسف، يوجد في المجتمع الإسلامي فكر قائم عل «التكفير» أو الرفض، وهو مخالف تماماً للتعاليم القرآنية الأساسية.فالمجموعات التكفيرية ومنها القاعدة وطالبان و«داعش» والنصرة وحفنة من المجموعات الصغيرة والجديدة، يتمّ تمويلها بسخاء وبشكل كامل من مصادر البترودولار المعروفة. ولقد تمّ ذلك عبر شبكة عالمية من المساجد والمدارس الدينية سواء في المجتمعات الإسلامية أو في الدول الأخرى. إنّ هكذا ترويج للكره قد تمّ بيعه على نطاق عالمي وتحديداً للولايات المتحدة وحلفائها على مدى حوالى أربعة عقود من الزمن على أنه الإسلام «المعتدل» لمواجهة إيران «المتطرفة». وبذلك لم تتقبّله الولايات المتحدة وحلفاؤها في الدول الغربية فحسب، بل حفّزته وقامت بحمايته أيضاً.ولكن التضليل التكفيري للإسلام لقي رواجا في دول غرب آسيا وخارجها نتيجةً لتجذّر الكره المنتشر بسبب المغامرات الأميركية الممتدة في أفغانستان والعراق، إضافةً إلى الإحباط المهيمن بسبب الأزمات المحلّية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.وفي هذا السياق حوّل الديماغوجيون هذا الفهم الخاطئ للإسلام إلى جماعة منظمة جيّداً من المجموعات والقوى المختلفة - والتي بعضها يتمتّع بقدرات عسكرية لافتة، فضلاً عن الاعتماد على بقايا البعثيين في العراق - والشبكات المتوسعة التي تجنّد المهمّشين من الأقليّات المسلمة في دول الغرب.ولـّد النمط المستمر من دورة الفعل وردّ الفعل إحساساً بوجود التهديد المباشر والمحتوم على أي مجتمع متطور أو ديموقراطي يفترض أن يكون محصّناً من ظاهرة كهذه. ولهذا السبب ـ والكيفية - فإنّ المشكلة المتفاقمة التي اُعتبرت وثيقة الصلة بمساحة ومنطقة وثقافة معيّنة، قد فرضت نفسها في المحفل الدولي على أنها مصدر تهديد عالمي فعّال عمليّاً يمتدّ من شرق آسيا إلى غربها وإلى شمال أفريقيا وأوروبا وحتى إلى أميركا الشمالية.العامل الإقليميثمّة بالتأكيد مكوّن إقليمي للعنف المتطرّف المنتشر حالياً، وخصوصاً في العراق وسورية. فسقوط صدّام حسين ونشأة الحكومة العراقية المنتخبة من الشعب ولّد مخاوف لدى بعض دول المنطقة حول اختلال التوازن في غرب آسيا لمصلحة إيران، وهذا ما يجب أن يتغيّر مهما كلّف الثمن، على الأقل بمنظور همهم. فتنظيم القاعدة في العراق، بقيادة الزرقاوي، ومن خلال زواجه المدبّر مع بقايا قادة حزب البعث، بقيادة عزّت ابراهيم الدوري، نشر عدم الاستقرار والعنف في عراق ما بعد صدّام حسين، وظهر لاحقاً على هيئة «داعش» وغيرها من المجموعات المشابهة لها.لا يمكن تجاهل الدعم الإقليمي لهذه القوى من قبل الحلفاء المفترضين في الغرب. وقد تحوّل القلق في ما بعد إلى رعب بعد سقوط بعض الحكومات «الصديقة» في شمال أفريقيا وثورة اليمن. أما الأحداث التي تلتف تخطت العراق وأتت بالبؤس وإراقة الدماء إلى البحرين وسورية واليمن، ومن المقدّر لها أن تصل إلى أفغانستان ووسط آسيا. فسلسلة الفعل وردّ الفعل، بالإضافة إلى الأحداث والأقوال الأخرى - بغض النظر عن من المتسبب والمبتدئ أو من المذنب فيها - قد عادت بالفائدة على الإرهابيين المتطرفين، وهي تشكّل خطراً يتمثّل بالتصعيد والمواجهة.البحث عن حلول صلبةإنّ مجرّد وجود التهديد وطبيعته التي تبدو متصلّبة، كما هي الحال في العراق وسورية، قد أدّى إلى وعي جماعي متزايد في العالم، رغم كونه مختلف الدرجات، فضلا عن تزايد في التوافق الدولي على الحاجة الملحّة لمواجهة هذه الظاهرة وهذا التهديد. وإيران، التي هي نفسها أيضاً ضحية هذا الإرهاب منذ أول أيام الثورة، تؤمن بوجوب الرد الإقليمي والدولي الحاسم والشامل والمشترك على هذا الخطر وظروف نشأته. إن مبادرة «الحوار بين الحضارات»،التي اقترحتها إيران عام 1998 (قبل أحداث 11 سبتمبر وقبل انتشار أي فكرة عن «صراع الحضارات»)، ومبادرة «عالم ضدّ العنف والتطرف» التي اقترحها الرئيس حسن روحاني عام 2013، واللتين صادقت عليهما الجمعية العامة في الأمم المتحدة، تشخّصان بدقّة الظروف الاجتماعية والثقافية والعالمية المؤاتية التي ساهمت في نشأة العنف المتطرف وانتشاره. أما نجاحهما فيعتمد على تفاعل جميع الأطراف على الصعيدين الإقليمي والدولي.أما في ما يخصّ المكوّن الإقليمي، فإنّ عدوان صدّام حسين على إيران في سبتمبر العام 1980 والحرب الباهظة الثمن التي طالت مدّة ثماني سنوات، قد علّمت الجميع في منطقة الخليج الفارسي الدرس الثابت أنهم يجب ألّا ينجرّوا إلى أي صراع عسكري آخر. وقد أملت إيران، على ما يبدو بلا جدوى، أن يتعلّم جيرانها من آثار الحرب الإيرانية - العراقية، أنّ الوحش الذي خلقوه لتدمير عدوّ مصطنع انتهى بهم إلى كابوس يؤرقهم. وقد أثبتت الحرب أيضاً ضرورة ترتيبات وآليات الأمن الإقليمي، الأمر الذي نصّت عليه الفقرة الثامنة من قرار مجلس الأمن في الأمم المتحدة رقم 598 الذي أنهى الحرب الإيرانية - العراقية. وما زال هذا القرار قابلاً للتطبيق في مجال تعزيز التعاون الأمني على مستوى المنطقة. وفيما يجب إضعاف هذه القوى مثل داعش وفروعها بشكل فعال وهزيمتها، فإنّ إعادة السلم والأمن إلى منطقة غرب آسيا وتحديداً منطقة الخليج الفارسي تتوقّف على تعزيز مجموعة من المبادئ المشتركة للفهم المتبادل والتعاون الإقليمي الأمني المشترك.يعلمنا التاريخ - والأمثلة القوية من المناطق الأخرى، تحديداً في أوروبا وجنوب شرقي آسيا - أنّ دول المنطقة بحاجة إلى اجتثاث الحالة الراهنة المتمثلة في الانقسام والتوتر، والتوجّه نحو خلق آلية عمل متواضعة ـ ولكن واقعية ـ تبدأ من منتدى حوار إقليمي. ويجب أن يقوم هذا المنتدى على مبادئ معترف بها بشكل عام وأهداف مشتركة، وبخاصة احترام السيادة والتكامل الإقليمي والاستقلال السياسي لجميع الدول، وتقديس الحدود الدولية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، والحل السلمي للنزاعات، وعدم مشروعية التهديدات أو استخدام القوّة، وتعزيز السلم والاستقرار والتطور والازدهار في المنطقة.ومن شأن منتدى كهذا المساهمة في تعزيز الفهم والتفاعل على مستوى الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني، والتوصل إلى الاتفاق على نطاق واسع من المواضيع التي تتضمّن إجراءات بناء الثقة والأمن، ومکافحة الإرهاب والتطرف والنزعات الطائفية، وضمان حرية الملاحة وتدفق البترول وغيره من الموارد، وحماية البيئة.ومنتدى الحوار الإقليمي قد يطوّر أيضاً بشكل تلقائي المزيد من اتفاقيات عدم الاعتداء والاتفاقيات الأمنية الرسمية. وفي حين يجب أن يرتبط هذا الحوار بأصحاب المصالح الإقليميين، يجب استخدام إطارات العمل المؤسسية للحوار وخصوصاً على مستوى الأمم المتحدة. ودور الأمم المتحدة الإقليمي، المذكور مسبقاً في قرار مجلس الأمن رقم 598، من شأنه أن يساهم في تخفيف التوتر والقلق، وخصوصاً لدى الدول الأصغر، ويزوّد المجتمع الدولي بضمانات وآليات لحماية مصالحه الشرعية وربط أي حوار إقليمي بالمواضيع التي تتخطى حدود المنطقة بشكل متكامل.التعديل المعرفيإنّ الخوض في أساسيات الحالات الفعلية المختلفة في منطقة غرب آسيا - سواء على سبيل المثال في سورية أو في اليمن - بما في ذلك لماذا وكيف تطورت كل حالة إلى ما هي عليها لآن، هو خارج نطاق هذا المقال.ومع ذلك، فإن ليس من الصعب فهم الأسباب والعوامل والسياسات التي ساهمت في تطوير وظهور هذه الحالات المأسوية. وكما قال أحد السياسيين الأميركيين ذات مرة: «للجميع آراؤهم الخاصة ولكن لا يحق لهم إيجاد حقائق خاصة بهم». فالحقائق في هذه المعادلة غير قابلة للجدل، وقد حان الوقت للجميع أن يتفقوا على الحقائق قبل محاولة التصدي للمشكلة.مع الاستفادة من تجاربنا السابقة والنظر إلى الوضع العالمي الأوسع نطاقا، فإن من الضروري أن ندرك تماما الفرق بين وجهتي نظر متعارضتين في المقاربة بين الأزمات الإقليمية والدولية: عقلية اللعبة الصفرية المجموع zero-sum تأتي مقابل نهج المعادلة غير الصفرية non-zero-sum. وفي عالم معولم خضع كل شيء فيه للعولمة بدءاً من البيئة وانتهاء بالأمن، فإنه يكاد يكون من المستحيل إنجاز شيء على حساب الآخرين. إن مقاربات المجموع الصفري تؤدي إلى نتائج سلبية المحصلة. وفي عبارات أبسط، فالخيار الأوضح يكون بين سيناريو «الخسارة للجانبين» و«الربح للجانبين». فلا وجود لحل وسط.ونتيجة لذلك، فلا حل عسكريا للصراعات في العراق وسورية واليمن والبحرين. وأؤكد هذا الأمر بشدة. فهي تحتاج إلى حل سياسي يستند إلى نهج ذا محصلة إيجابية، بحيث لا يتم استبعاد أي ممثل حقيقي - بصرف النظر عن أولئك الذين يقومون بأعمال العنف المتطرف - من العملية، أو يتم تهميشه في النتيجة. للأسف، هذا الأمر يبدو أسهل قولاً من أن يتم تطبيقه أو الاعتقاد به على أرض الواقع. ولكن يمكن للمرء اللجوء إلى الحكمة المأثورة: «حيث هنا كإرادة، هنا كوسيلة».إن التطورات الإيجابية الأخيرة في لبنان في انتخاب رئيس جديد بعد عامين من المناورات السياسية المريرة، وفي «أوبك» حيث وضع جميع الأطراف خلافاتهم جانبا للتوصل إلى حل ينفع الجميع - بحيث تم تجنب نتيجة كارثية - تعكس درسا سياسيا بسيطا ومهما: لقد تخلت الأطراف المعنية عن توقعاتها المتطرفة ذات المجموع الصفري في سبيل التوصل إلى تسوية فعلية. عند النظر في حالات أخرى لا سيما سورية واليمن، يمكن للمرء أن يحذو حذو اللبنانيين ويأمل أن تكون عملية سياسية من ذاك النوع - أي عملية الأخذ والعطاء وعملية تتطلب التنازلات والتسويات - يمكن الاعتماد عليها لوضع نهاية للمآسي الحالية. وخير البر عاجله.ورغم الصعوبات التي تنطوي عليها كل أزمة، توجد دائماً احتمالات الاستكشاف والتوصل إلى نتيجة مقبولة لجميع الأطراف المعنية في نهاية المطاف. بشكل أكثر وضوحاً، توجد دائماً وسيلة للوصول إلى الجواب الإيجابي: ولكن للقيام بذلك، لا بد من إعادة فحص المشكلة من أجل تحديد حقيقتها. حينما يتم تشخيص المشكلة من منظور المعادلة غير الصفرية، فإنه يكون قد تم اتخاذ أهم خطوة نحو حل المشكلة. لذلك فإن طبيعة التحدي بشكل مبدئي وقبل كل شيء تكون معرفية في الطبيعة والجوهر. فحالما تستعد الجهات المعنية لوضع ميولها جانبا والتفكير بطريقة مختلفة، ستتبعها السياسات والإجراءات.

محمد جوهر حيات

محمد جوهر حيات / سوالف ثلاثاء وخميس / قطار شباب الحرية والتطوير
ربما ترضخ الشعوب أعواما عديدة للأنظمة الفردية والشمولية والدكتاتورية، ولكنها لا ترضخ مدى الحياة لها، فالشعوب وفق هذا الانفتاح والتقدم العلمي والمؤسسي والعملي والتكنولوجي، ترفض العنف والقمع والضرب ومصادرة الحريات والحقوق الإنسانية البسيطة، وكرهت الشعوب سياسة التنفيع والفساد والتراجع والنهب والتخلف التي تتخذها بعض الأنظمة الرجعية، فالشباب في غالب دول العالم هي الفئة الكبرى، وهي الفئة الحركية القادرة على بذل الجهد والعمل من أجل الوصول إلى الأمل وتحقيقه، والأمل الأكبر والأسمى هنا هو خلق مجتمع متطور وواع يقوم على أساس صلب، وهو نظام الدولة القانونية العادلة التي تحتوي الجميع دولة الحقوق والواجبات، دولة المؤسسات الدستورية والحرية والديموقراطية والمساواة والإنتاج والتطور والتقدم، فالشباب أصبح متعطشاً للعمل في تحقيق هذا الأمل، كما يريد الشباب حل الواقع المزري بالحياة نفسها دون النظر لما هو بعد الحياة، وهذا ما فعله أحرار (ميدان التحرير) من شباب وشابات جمهورية قلب العرب مصر العربية، بكل اختلافاتهم وأطيافهم وعروقهم وأصولهم وتقسيماتهم، معتمدين على تحصيلهم العلمي وجهودهم الحياتية اليومية للبحث عن رزقهم ورزق أهلهم وذويهم، ومعتمدين أيضاً على طموحهم ورؤيتهم الرطبة والعطرة والخصبة لزراعة القيم النبيلة والسامية في نظام بلدهم، فهم ثوار ضد الحكم الفردي والعسكري وحزبهم وثوار أيضاً ضد أحزاب شبه المعارضة الميتة (إكلينيكياً) التي لا تسمن ولاتغني من جوع، هذه الأحزاب التي صادقها وناسبها (الفشل والعجز) في نفخ رياح التغيير، وليس النجاح والقدرة كما فعل هؤلاء الشباب أحرار (ميدان التحرير) أبطال التغيير.ولكن يا شباب مصر العظيمة تغيير النظام وإسقاطه لا يعني إنهاء المهمة بل هي البداية، فإسقاط النظام يعتبر الخطوة الأولى، وهناك العديد من خطوات التغيير لابد منها، فلابد من فرض النظام الديموقراطي الشفاف والواضح الذي يضمن حرية الأفراد في اختيار من يرونهم مناسبين لتحقيق طموح الأمة المصرية، وكذلك لابد من محاسبة المفسدين بحق هذه الأمة، وتنصيب من هم الأقدر والأكفأ والأجدر لإدارة مؤسسات الدولة وشؤون البلاد والعباد، والأهم من ذلك استغلال مقومات تطوير البلد خير استغلال من أجل خدمة ونهضة البلد، فمصر زاخرة بالموارد البشرية والقوى العاملة والعقول الأكاديمية والخبرات العلمية والميدانية والعملية، ولابد من الحفاظ على ثروات مصر الطبيعية والسياحية، وتسخيرها وتطويرها من أجل تقدم ورقي هذه الأمة المصرية العظيمة، وأنتم يا أحرار قادرون رغماً عن أنف من يتهمكم بعدم الدراية ووضوح الرؤية، فمن يتهموكم عجزوا عن تطوير البلد أثناء ما كانوا في سدة القيادة، وأيضاً الطرف الآخر الذي يتهمكم بذلك هو من عجز عن تغيير الواقع المرير الذي عارضه في السابق، فأنتم من أسقط الفردية العسكرية الاستبداية والحزب الناهب، وأنتم من سوف يصلح ويطور ويعمر وينمي مصر الحرية والأدب والثقافة والتاريخ والديموقراطية والتقدم والنهضة والعمران، ولكن كل هذا الأمل لا يأتي إلا بالعمل والصبر يا من صبرتم كثيراً... قطار شباب الحرية والتطوير انطلق فلن تستطيع قوة ومال وتضليل وسائل إعلام وعنف من ايقافه ما دام على حق، وما أكثر هذه المحطات العربية في المستقبل القريب.السالفة الحقيقية!العنف والقتل تجاه المتظاهرين المسالمين يا قادة مرفوض، التضليل والكذب والتلفيق يا وسائل إعلام القادة مرفوض، التخريب والتشويه والتدمير لسمعة ولحقيقية الأحرار يا مخابرات ويا مخربين ويا بلطجية القادة مرفوض، الظلم والبطش مرفوض في كل بقاع العالم بيت بيت، دار دار، (زنكا زنكا). يا قادة... احترموا عقول البشرية وارحلوا قبل أن يرحلوكم.خوش سالفة!الاسطبل: مكان لرعاية الخيول وتجمع الفرسان، ولكن بعض الاسطبلات تكثر بها (حصن الطروادة) ويندر بها الفرسان... أتوقع رحنا ورا الشمس (رسمي).محمد جوهر حياتإعلامي وكاتب كويتيMjh_kuwait@hotmail.com

محمد ديبو

محمد ديبو / الفساد والسلطة والديموقراطية
تتبارى الأنظمة الدكتاتورية وخاصة التي وصلت الحكم عن طريق الانقلابات العسكرية، في بداية عهدها في الترويج والتطبيل، أن أولى مهامها مكافحة الفساد والتوزيع العادل للثروة، وعادة ما تقوم تلك الأنظمة بحملات محدودة النطاق فتطيح ببعض الرؤوس التي لا تتناسب مع الوضعية الجديدة، وغالباً وما تكون تلك الرؤوس المطاح بها، من الرموز القديمة «الحرس القديم» التي زكمت رائحة فسادها الأنوف فيعطي خبر محاكمتها ارتياح ما في أوساط العامة التي تستبشر خيراً متوهمة أن عهداً جديداً قد بدأ. ولكن نظرة متفحصة لطبيعة تلك الأنظمة تبين أن الأمر أعقد من ذلك بكثير لأن العقد المضمر القائم بين السلطات المستبدة والفساد يكاد يكون عقداً أبدياً بحيث ان زوال أحدهما يعني زوال الآخر بالضرورة، لأن الفساد يعطي النظام المعني ورقته القوية في اللعب بضمائر الناس وإفسادها، وفي تقديم المزايا الخاصة للرؤوس التي تشكل مواقعها خطراً قد يهدد النظام، حيث يعطي النظام تلك الرؤوس مزايا استثنائية الأمر الذي يجعلها تستميت وتستشرس في الدفاع عن الوضع القائم لأنها بذلك تدافع عن امتيازاتها ومصالحها. وبالمقابل يعمل النظام على ديمومة واستمرارية الفساد بحيث يترك الأبواب أمامه مفتوحة ومشرعة باتجاه الإفساد المتعمد، بحيث «يجعل الجميع مدانين تحت الطلب»، وفق تعبير المفكر طيب تيزيني وفق توصيفه للدولة الأمنية، حيث تستخدم السلطة الفساد بأشكاله كافة (فساد مالي، وسياسي، وأمني، وجنسي...) من أجل ترسيخ سيطرتها، وقمع معارضيها، وتفتيت كل تجمع مدني حر، وإفقار الحياة السياسية عن طريق شراء ضمائر المثقفين والسياسيين، وخاصة الضباط ذوو المواقع الحساسة حيث يتم التغاضي عن كل فسادهم وجبيهم اللا مشروع للأموال والسيارات والشقق، مقابل ولائهم الكامل. وبذلك يصبحون جزءاً من بنية النظام نفسها، وكذلك الأمر بالنسبة للمواطنين الذين يصبح جل همهم الوصول لمنصب مهما كان صغيراً يستطيعون من خلاله تحسين أوضاعهم، الأمر الذي يعني أن هذه السلطات لا تستطيع محاربة الفساد ولا تريد ذلك أصلاً لأن هذا يعني حفر قبرها وإقصاءها من موقع الحكم، لأن تقليص حجم الفساد يعني توزيعا عادلا بشكل ما للثروة، ولجم يد السلطة عن شفط أموال الناس واستخدامها بما يديم سيطرتها.إن شعار محاربة الفساد في النظم الشمولية ونظم الاستبداد هو مجرد شعار طالما أن بنية هذا النظام ستبقى محاصرة بمنظومة قوانين الطوارئ، وحالات الاستثناء، وغياب الحرية وعدم وجود قانون عصري للأحزاب، ذلك لأن الاستثناء والفساد مترادفان أيضاً لا يستمر أحدهما دون الأخر، عندما تستثنى الغالبية من ميزات معينة تمنح لأقلية معينة نتيجة قرابتها السياسية أو العائلية من السلطة، الأمر الذي يعني أن محاربة الفساد لا يمكن أن تكون جدية دون إلغاء قوانين الطوارئ وحالات الاستثناء التي تمنح النظام شرعيته المفقودة شعبياً.غالباً ما يطرح أفراد السلطة، خصوصا في العالم الثالث، الواصلين حديثاً إليها شعار مكافحة الفساد، وبعضهم يكون صادقاً، فيبدأ بحملات إصلاحية محدودة هنا وهناك لمحاولة تصويب الوضع القائم قليلاً، وليعطي النظام الجديد نفسه شيئاً من الشرعية، ولكن حتى هذا الإصلاح الجزئي قد يقوم بتعميق الفساد أكثر مما يحده لأنه ينطلق في محاربة الفساد من زاوية ضيقة لا ترى الجذر الحقيقي للفساد وهو طبيعة النظام وآلية عمله المفرخة للفساد بأشكاله كافة، فتعمل هذه الإصلاحات على خلخلة البنية الراكدة لنظام لا يحتمل الخلخلة أساساً، الأمر الذي يوضح لنا تراجع أغلب هذه النظم عن شعاراتها في مكافحة الفساد لأنها تستشعر مدى خطر هذا الأمر على بنية النظام المتعيشة على الفساد، فيغدو إصلاحها بعد ذلك هو مجرد استبدال أشخاص أتخموا من النهب، وغالباً ما يتم نقلهم لأماكن دنيا، بأشخاص جدد جيوبهم مجهزة لتعبأ.إن شعار محاربة الفساد لا يمكن أن يطرح بعيداً عن منظومة كاملة من الإجراءات أهمها الحرية، والديموقراطية، وحقوق الإنسان، لأن محاربة الفساد تأتي ضمن هذه المنظومة ولا يمكن لها أن تنجح خارجها حيث ان حالات الاستثناء، واليد المطلقة للسلطة، وتغييب القضاء (وهي الركائز الأساسية لتغلغل الفساد وترسخه) لا يمكن أن تبتر إلا من خلال الديموقراطية التي تعطي الجميع حقوقاً متساوية، وتحد من تدخل السلطة، وتُخضع الجميع لمبدأ القضاء، وهذا الأمر يستحيل تحققه في نظم استبدادية تسعى للسيطرة أكثر مما تسعى إلى تحقيق مطالب مجتمعاتها وترسيخ قيم الديموقراطية، والحرية، والعدالة الاجتماعية. محمد ديبوباحث وكاتب سوريوهذا المقال برعاية مصباح الحريةwww.misbahalhurriyya.org

محمد سيف حيدر

محمد سيف حيدر / العلمانية القلقة: حال فرنسا إزاء مسلميها
بقدر ما كانت العلمانية الغربية اكتشافاً إيجابياً ومُبدعاً، بما أتاحته من فرصٍ سياسية لفكّ الاشتباك الذي كلّف المجتمع الغربي عشرات الحروب، بسبب الصراع على الدمج بين الدولة والاعتقاد الفكري؛ تُهدد العلمانية المعاصرة المتحولة إلى دين أو أيديولوجيا بتخريب الوعي السياسي والنضج المجتمعي وتعميق الخلط، تالياً، بين سلطة الدولة ومذهب الفرد وعقائده. وفي أفق هذا التحول، تتبلور أزمة العلمانية الغربية في أقصى تجلياتها ومفارقاتها. ولعل النموذج العلماني الفرنسي، وهو أحد النماذج العالمية، لا الغربية فحسب، الأكثر تشدداً في علمانيته ولائكيته؛ وهنا تحديداً تكمن خصوصيته، من أهم الأمثلة التي تعكس بشكل صارخ معالم هذه الأزمة، والتي تبدو مُجسّدةً، بكل وضوح، من خلال تعاطي الدولة الفرنسية مع قطاع مهم من قطاعات الشعب الفرنسي، والمقصود بالطبع مسلمي هذا البلد بفئاتهم وشرائحهم كافة. إن مقتضى الفرادة التي تُميز النموذج العلماني الفرنسي، كما يقدمه مؤيِّدوه، اعتماد النظام السياسي والاجتماعي والثقافي لهذا النموذج على تقديس حرية الفرد ومساواته مجرداً من انتمائه الديني أو الإثني. ويدور لبّ المنطق الفرنسي على حشد المواطنة خلف قيم الجمهورية على نحوٍ يُعيد ترتيب الفرد وفق نموذج الجمهورية الجماعي. وواضح أن نموذج فرنسا في مسألة الانصهار الاجتماعي يختلف عن ذلك الأنجلوساكسوني الذي يتأسس على فكرة تعايش المجموعات محتفظة بخصائصها الإثنية والثقافية والدينية في مقابل احترام الآخر ضمن الوطن الكبير وقواعده. إن علاقة فرنسا بالإسلام بعيدة الغور في التاريخ وقديمة جداً، ولا شك أنها الأقوى مقارنةً بالدول الأوروبية الأخرى، إذا استثنيت حالة إسبانيا المعقدة. وقد تلقت هذه العلاقة دفعة قوية واكتسبت طابعاً خاصاً منذ نهاية الحرب العالمية الثانية تحت تأثير مُقتضيات إعادة الإعمار والتي جعلت فرنسا تُكثِّف من سياسة الاستقدام للعمال الأجانب من المستعمرات، والتي بدأت مع البربر الجزائريين منذ عام 1906؛ فشرعت في استقدام العمال المغاربة، الذين زاد عددهم عن المليون في الستينات. يتراوح عدد المسلمين في فرنسا حالياً بين خمسة وستة ملايين شخص، وعليه تعتبر فرنسا أكبر دولة أوروبية في تعداد المسلمين، وإذا أخذنا في الاعتبار التقدير الأعلى، فستكون نسبة عددهم حوالي عُشْر عدد السكان. وفي العلاقة بين هؤلاء والدولة الفرنسية، ظلّ الرهان الأساسي هو مدى قدرة الجانبين على التعاطي والتفاعل مع قضية دمج المسلمين في المجتمع، ومن ثم اندماجهم بصورة سليمة وكاملة يُمكِن أن تُشكل نموذجاً مُشجعاً في سائر أنحاء القارة الأوروبية. ما لا تدركه العلمانية الفرنسية أن النموذج العلماني الفرنسي للاندماج ما فتئ منطوياً على إشكالٍ جوهري؛ فهذا النموذج ينطلق من ضرورة كسر التجمعات الإثنية والدينية، ويُعطي لها هامشاً أقل من التعبير الثقافي المستقل مقارنة بالنموذج الأنجلوساكسوني. فمن الصعب أن نجد في فرنسا كنائس مغلقة على السود أو على الآسيويين فقط، كما لا ينظُر هذا النموذج بعين الارتياح لهؤلاء المسلمين الذين يرتدون أزياءهم التقليدية أثناء ذهابهم إلى المساجد، أو أثناء سيرهم في الشوارع، ويعتبر أن التماهي وأحياناً التطابق مع قيم النموذج الفرنسي يكسر، أولاً، الانغلاق العرقي، ويعطي، ثانياً، فرصاً أكبر لأبناء هذه الجاليات في الترقي داخل السلم الاجتماعي والسياسي بمنحهم فرصاً متساوية عن طريق دمجهم في قيم الجمهورية الفرنسية، وليس من خلال بقائهم في تجمعات إثنية ودينية مغلقة. ومع أن المؤسسات الرسمية الفرنسية تُعلن مراراً وتكراراً أنها تعمل على إنصاف مواطنيها المسلمين، إلا أنها لم تحقق نجاحات ملحوظة. فعلى سبيل المثال، تصل نسبة البطالة بين المسلمين ذوي الأصول الجزائرية والمغاربية إلى 30 في المئة بينما هي لدى الفرنسيين بعامة لا تزيد على 10 في المئة. ثم ان الوظائف التي تُعرض على هؤلاء أكثرها موقت، وليست من الدرجات التي تتفق مع المؤهلات. ما لا تدركه العلمانية الفرنسية، أو هي تدركه وتحاول أن تتجاهله، أن الاندماج لا يسعه أن يتحقق من طرف واحد، وأنه ينبغي أن يكون هناك اثنان لإنجاحه. وأنه بالحكمة والسياسات بعيدة المدى وغير التمييزية يمكن التوفيق بين القيم الجمهورية والهوية الإسلامية العصرية، ويبقى خطراً إلى حدّ كبير ذلك الانطباع عن عنف الإسلام أو عن افتراقه عن قيم الجمهورية الفرنسية. ويتبقى لنا في الأخير، التأكيد على أن العلمانية تعني حماية الدولة من الدين، ولا تعني مطلقاً إعطاء الدولة الحق بإلغاء مظاهر الدين (أيّ دين) أو تهميشها ومحاربتها، وإلا تحولت العلمانية إلى دين جديد يُلغي بقية الأديان ويُرغم الأفراد على اعتناقه. أي أن فكرة العلمانية، في أرقى صورها، تقوم على خلق مجال عام يحترم حرية الفرد ويرفع عنه صور الإكراه ويحميه من ضغط الانتماء الخاص، أما حين تخلق العلمانية لنفسها سلطة منع الفرد عن التعبير عن ذاته وهويته، فإنها تكون ناقضة لمقاصدها وحقيقتها. وفي فرنسا، البلد الذي يفتخر بكونه مهد فلسفة الأنوار، يظل جوهر المشكلة، للأسف، قائماً: تريد العلمانية الفرنسية استيعاب المسلمين، لكن من دون أن تتغير هي ذاتها، ومن دون أن تراجع أسسها وتبحث عن توازنات جديدة تُوسع من طاقتها الاستيعابية. هل هذا ممكن؟ العلمانية تحمل تاريخها، وهو تاريخ تفاعلها مع تحديات عرضت في مسارٍ تاريخي يمتد أكثر من مئتي عام. غير أنه حيال تحديات جديدة لا يسع العلمانية الفرنسية، وقد باتت أقرب ما تكون إلى عقيدة نقاء وطهر لا تجربة إنسانية تُخطئ وتصيب، أن تطالب بالولاء لها وأن ترفض التفاعل الخلاق مع الآخر في الوقت نفسه... وإلى أن تستوعب تماماً هذه الحقيقة، ستظل تراوح أزمتها وقلقها ولو إلى حين!محمد سيف حيدرباحث وكاتب يمني، وهذا المقال برعاية «مصباح الحرية» www.misbahalhurriyya.org   

محمد صالح السبتي

محمد صالح السبتي / الدورة الشهرية عند الرجال
اعتدت منذ زمن بعيد حين أمازح أصدقائي معتذراً لهم عن مرافقتهم إلى رحلة ما، أو الخروج في نزهة، استخدام اصطلاح «بأن عليّ الدورة الشهرية» مشيراً في ذلك إلى تعكر المزاج، أو وجود تغيرات فسيولوجية لديّ في هذا الوقت تكرهني على عدم الخروج معهم، وقد بدت هذه المزحة تأخذ مأخذ الجد حتى بات أغلب الأصدقاء يستخدمون هذا التعبير للاعتذار، ثم ما لبثت حتى استقر في يقيني صحة هذه المعلومة، إذ انني أجزم أن للرجل دورة شهرية كما للمرأة لكن دون أن ينزل عليه الطمث، وهذه الدورة عند الرجال لها مواعيد تختلف من شخص إلى آخر لكنها تأتي منتظمة للشخص نفسه، وبعضهم قد لا تنتظم عنده كما هي الحال بالنسبة لبعض النساء، ويكون الرجل في هذه الفترة متعكر المزاج سريع الغضب أحياناً، لا تعرف له كوعاً من بوع.ولأن الدورة الشهرية تقلب حال الإنسان فعلى الباحثين والمهتمين دراسة هذه المعلومة وتأكيدها علمياً، أو من خلال عمل استبيانات لمعرفة الحقيقة وتأصيلها تأصيلاً علمياً.كما على الرجال معرفة مواعيد الدورة الشهرية عندهم من خلال التجربة حتى يتجنبوا اتخاذ القرارات المهمة في هذه الفترة، وعليهم إبلاغ المحيطين بهم عن هذه المواعيد حتى يراعوا التغيرات التي تصيب الإنسان أثناءها.وعلى المحيطين بالرجال سواء من أسرهم أو أصدقائهم معرفة هذه المواعيد ومراعاة الرجل خلال هذه الفترة، وعدم محاسبته على تصرفاته لأن التغيرات الفسيولوجية تعمل عملها في عقل وفكر الرجال كما تعمل في النساء تماماً.ولعل التشنج السياسي الخانق الذي يطبق على أنفاس البلاد منذ فترة بعيدة سببه ما يعانيه رجال السياسة عندنا من آثار الدورة الشهرية لديهم اثناء مناقشاتهم أو اتخاذهم القرارات إلا أن الواضح أن الدورة الشهرية عندهم دائمة إلى حد المرض، ولهذا وأنت تتابع أخبار البلد لا تكاد تسمع أو ترى ما يسر الخاطر أو ينبئ بجديد.وعلى الرجال الذين يقرأون هذا المقال أثناء الدورة الشهرية لديهم عدم الحكم عليه الآن إلى أن يقرأوه ثانية بعد انتهاء الدورة حتى نعرف رأيهم من دون تأثير تبعات «العادة».محمد صالح السبتي كاتب كويتيYousef-8080@hotmail.com

محمد طيفوري

محمد طيفوري / سؤال الحرية الدينية في المشهد العربي بعد الثورة
«إن غاية القدماء كانت هي توزيع السلطة الاجتماعية بين المواطنين المنتمين لنفس الوطن، هذا ما كانوا يسمونه حرية. وغاية المحدثين هي الأمن في الانتفاعات الخاصة، إنهم يسمون الحريات تلك الضمانات التي تكفلها المؤسسات لهذه الانتفاعات». بينجامان كونسطان (1767 ـ 1830).من يتأمل النقاش السائد في الساحتين المصرية والتونسية والليبية بصفة خاصة، وبقية ساحات التغيير بحدة أقل في انتظار أن تستقر الأوضاع، يساوره سؤال حول المنطق الذي يحكم هذا السجال الذي تخوض فيه التيارات الأصولية، بشتى أصنافها حول إسلامية الدولة وتطبيق الشريعة الإسلامية وهلم جرا من الشعارات، في سعي حثيث نحو التأسيس لها وإن بالإكراه في دساتير ما بعد الثورة.سعي يعد بمثابة ارتداد عن أحد أسمى الأهداف التي أقيمت الثورات في سبيلها إنه الحرية كقيمة مقدسة، بل أكثر من هذا هو نكوص حتى عما كانت تضمنه الأنظمة الشمولية القائمة قبل الثورة بدرجات مختلفة. فمما لا ريب فيه أنه حين تحول قضايا الاعتقاد والرأي والحريات الفردية إلى مسألة إكراه، لا بد أن نتوقع الأسوأ دائما. خاصة عندما تصير قناعات الأفراد ومعتقداتهم التي هي في الغالب خاضعة لقاعدة الاختلاف والتعدد إلى موضوع إكراه ذي طابع سياسي عقدي، يحاول خلاله أحد الأطراف المهيمنة فرض وجهة نظره وإكراه الآخرين على تبنيها بالقوة، مستعينا بسلطة الأغلبية العددية التي يملكها، بعيدا عن أسس دولة المواطنة المطلقة التي تسع الجميع. فعندئذ يولد ما يعرف بالإكراه الفكري والذي تزداد خطورته وتعقيده، إذا ما كان موضوعه ذا طبيعة دينية ومؤسس له في أسمى قانون للدولة (الدستور): إننا أمام ذات السيناريو التاريخي لنشوء محاكم التفتيش عبر تاريخ الإنسانية الطويل.من جهة أخرى، نجد أن طبيعة المجتمعات التي يروج فيها هذا النقاش معروفة تاريخيا بطابعها التعددي والمتنوع على المستويين الطائفي والقبلي، حتى صار ذلك حقيقة غير مختلف فيها يسعى هؤلاء اليوم إلى إنكارها أو تجاهلها. تعددية صُرفت تحت يافطة الأقليات في ظل الأنظمة البائدة، أقليات حان الوقت لتتمتع بكامل حقوقها على أساس المواطنة، لا الانتماء العرقي أو القبلي أو الطائفي أو العقدي أو غيرها من التصنيفات التي تفتح الباب على مصراعيه للاستبعاد الاجتماعي بمختلف أشكاله.قبل كل ذلك حري بنا أن نتذكر أن الحرية التي من أجلها انتفض الشباب في الأقطار العربية كانت الحرية بـ «ال» للتعريف دون تخصيص، أي الحرية بمختلف مناحي الحياة السياسية والإعلامية والفكرية والدينيةفضلا عن ذلك فحق الحرية الدينية الذي يحاول هؤلاء نفيه عُدّ حقا من حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا، والتي تطلب إقراره والقبول به على الصعيد العالمي تضحيات ونضالا طويلا قبل الوصول إلى تحقيق هذا الهدف. ويعد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أبرز هذه المواثيق الدولية، الذي ينص في مجموعة من مواده على هذه الحقوق التي تحفظ للناس حرية الاعتقاد وحرية التفكير، ومنها المادة الثانية والثامنة عشرة والتاسعة عشرة والسادسة والعشرون والثلاثون. إضافة إلى ما سلف وردت الإشارة إلى ذات الحق العديد من المواد المتعلقة بالعهد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية، كل ذلك تأكيد على مركزية هذا الحق ضمن منظومة حقوق الإنسان.نعم، فحرية الاعتقاد صارت اليوم من المسلمات البدهية، لا سيما بعد إرساء قواعدها وإشاعتها في تلكم المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان. وإن كانت هذه الحقيقة تاريخيا لم تكن على هذا النحو من البداهة، وعمليا نجد أمثال أصحاب هذه الشعارات ممن لا يزالون غير مقتنعين ببداهة وقداسة هذه الحقيقة.حقيقة يسعون إلى تجاهلها بقلب الآية والمطالبة بإقرار حقوق الشعوب، والتي باسمها واعتبارا لوحدتها وانسجامها يمكن التقييد والحد من حقوق هذه الأقليات، وتصريفها في قناة التسامح كما كان عليه الحال في عز الدولة الإسلامية والسلف على حد تعبيرهم.قناة تطرح التسامح كحل لمسألة الحرية الدينية الذي صار مبتذلا، إن لم نقل منتهي الصلاحية في ظل التشريعات الكونية الحديثة. خاصة عند العودة إلى جينالوجيا هذه المفردة في المعاجم والمقارنة بينها، فالتسامح في اللغة الفرنسية يقابله Tolérance الذي يفيد في معجم Le robert «ألا تنهى وألا تطالب، في حالة أنه يسعك ذلك». وفي المقابل نجد لسان العرب لابن منظور يحدده كالتالي: «السماح والسماحة، الجود ويقال سمح وأسمح إذا جاد وأعطى عن كرم وسخاء».فالتسامح بهذا المعنى لا يمنح الحق في الحرية الدينية، وإنما هو مجرد سخاء بها من موقف استعلاء، وهو هكذا ضمنيا تسفيل و إدانة.خلافا لذلك فالاحترام حق يفترض المساواة الكاملة والمطلقة بين الأطراف، فهو بمفرده يضمن كرامة الجميع، وفيه لا يوجد أسفل ولا أعلى، على نقيض التسامح الذي نجد فيه المتسامح في مستوى أعلى والمتسامح معه في مستوى أسفل.وضعية تمكن الطرفين دون أن يتنازل أي منهما عن التزامه العقائدي، من التوجه نحو الآخر لبناء علاقات على أساس المساواة والحرية المتبادلة. أكثر من هذا فالاحترام لا يفترض حتما أن يضع أي من الطرفين إيمانه الشخصي محل تشكيك.قبل الختام نود أن نتساءل هنا حتى وإن قبلنا جدلا بمغامرة إسلامية الدولة حول نوعية الشريعة وطبيعة الأحكام التي سيحتكم إليها هؤلاء؟ أهي شريعة السلف الصالح على نهج المحافظين (التيارات السلفية) أم الحركيين (الإسلام السياسي) أم الصوفيين أو غيرها من الأنماط التي تكشف عن تعددية مفتوحة تعد الأصل الذي لم يستوعبه الكثيرون.لقد قامت الثوراث العربية من أجل تحرير المواطن من الاستبداد والقهر، ولن يقبل أبدا أن يستبدل الاستبداد السياسي باستبداد ديني. إذا أراد الأصوليون أن يطبقوا مشروعهم السياسي فعليهم أن يعرضوه على الشعب صاحب السيادة المطلقة في الديموقراطيات، فإذا اختار الناخبون برنامجهم فليس من حق أحد أن يعترض لأنها إرادة الشعب، أما إذا رفضوه فليس من حق أحد أن يفرضه عليهم مهما كانت الأسباب والمبررات.ثم إن حماية الثورات وتحقيق أهدافها لا تكون بتصفية تركة الأنظمة البائدة التي ليست سوى تحصيل حاصل، بل بإقامة مؤسسات ووضع تشريعات تنهل من عبق روح الثورة قلبا وقالبا، بضمان حقوق وحريات كافة الأطياف والطوائف والأقليات التي صنعت هذه الثورة، في إطار دولة وطنية تقدس مفهوم المواطنة مكرسة الأولوية للاجتماعي على السياسي.محمد طيفوريباحث من المغرب والمقال منشور بالتعاون مع مشروع «منبر الحرية»www.minbaralhurriyya.org

محمد عبدالله المطر

محمد عبدالله المطر / معالم في الطريق / ماهو مأزق الرياضة الكويتية؟
ان خسارة منتخبنا الوطني امام منتخب الامارات الشقيقة وعدم التأهل للمباراة النهائية بدورة الخليج، خصوصا اننا حامل اللقب اعطت دافعا كبيرا للشعب لاعادة تقييم المسار الرياضي والاهتمام فيه، وهذا الامر في كل خسارة للمنتخب يتم التطرق له، ولطبيعة الناس في الخسارة انها تلقي اللوم على المسؤولين ومثلما يقال (النصر كثير الآباء والخسارة لا اب لها).ومع ذلك فإننا نشخص المأزق الرياضي بوضوح في حال الفوز او الخسارة وهذا هو المنطق، ففوزنا في كأس الخليج الماضية وغرب آسيا لا يدل على الازدهار الرياضي في الكويت، ويمكننا تلخيص الازمة الرياضية في نقاط سريعة ومنها:1- عدم الاهتمام الفعلي من الحكومة تجاه هذا الملف في حسم كثير من الامور وتنفيذ المشاريع وحل المشكلات الواضحة.2- الصراع الرياضي الشديد على مستوى القيادات الرياضية ما يشكل اجواء مزعجة تجعلنا ننشغل بالصراع بدلاً من الانجاز ومما يترتب عليه عدم اختيار الرجل المناسب في المكان المناسب بسبب المحسوبية واللوبيات.3- عدم الاهتمام بالمنشآت الرياضية من ملاعب وصالات ومرافق، فأغلبها مضى عليها عشرات السنين وعندما نستضيف البطولات واللقاءات الخارجية تظهرنا بشكل بشع امام الضيوف، وغير هذا الامر الارضيات السيئة بملاعب القدم والمدرجات التي لا تشجع الجماهير للحضور والتشجيع.4- عدم توفير مناخ طيب للاعب من خلال الاحتراف الجزئي السيئ، فلا يوجد دافع قوي له سوى الحب للنادي او الوطنية للاعب المنتخب مع ما يتعرض له من اصابات ونقد لاذع من الجمهور عند الاخفاق وايضاً تعثر في الوظيفة والدراسة عند بعضهم، ومثال ذلك بدر المطوع اللاعب الذي يشرفنا ككويتيين هو مثال قاسٍ بسبب فصله من وظيفته لرفع اسم الكويت عالياً بالاحتراف في المملكة العربية السعودية الشقيقة، والمشكلة الكبرى ايضاً وجود لاعبين في قمة العطاء والاحتراف من فئة البدون مثل فهد العنزي ومحمد راشد.5- مجالس ادارات الاندية ونظام الجمعيات العمومية سبب كبير وربما من اكبر الاسباب في التعثر، فباختصار وحتى نضع النقاط على الحروف الفائز من يدفع اكثر بالتسجيل للاعضاء، ونجد اعضاء بالاندية لا يعرف مكان النادي إلا يوم الاقتراع ولا يعرف انجازات مجلس الاداره ومن هو الكفاءة ومن هو السيئ من المرشحين، وايضاً من المشكلات ان تجد ناديا رياضي حكراً لقبيلة او لعوائل معينة او تدخلات طائفية او مناطقية أو محسوبيات سياسية لا علاقة لها بالرياضة اطلاقاً مما يبعد الاشخاص الفنيين وأهل الخبرة.6- تجاهل توجيهات ونصائح خيرة الرياضيين خاصة ممن يظهر في البرامج الرياضية والمحللين.7- مأزق الاتحاد (غير الشرعي) وعدم وضوح موقف الحكومة منه في حله او دعمه وغيره مما يدمر ويشتت العمل الرياضي.8- عدم تفعيل الدوري الرياضي للمدارس والمنافسات الرياضية فيها وتفعيل المرافق الرياضية في المدارس لاستيعاب شباب المناطق للتوجه للرياضة.لعل ما كتبته لا جديد فيه او معلومات تقال للمرة الاولى، ولكن هذه المشكلات لمن يريد تشخيصها، وبعدما قرأت تصريحاً لاتحاد الكرة انه يتحمل مسؤولية الخسارة الاخيرة نقول اتمنى تقديم الاستقالة لمجلس الادارة وللجهاز الفني والاداري، لأني اعتقد كما يقول علما الادارة (من الصعب ان تريد نتيجة جديدة بالوسائل نفسها).مباركةابارك للحبيب حارس مرمى فريقنا الغالي الزعيم العرباوي خالد الرشيدي على احترافه وتستاهل كل خير، وسنفقدك ولكن الأجمل انك سترفع من اسم الكويت وتكسب تجربة جديدة وايضاً الشكر للسيد فواز الحساوي على دوره الطيب.محمد عبدالله المطر@bom6r

محمد عمر

محمد عمر / محمد علي جناح ... أسطورة باكستان
| محمد عمر |باكستان، كواحدة من اكبر الدول الاسلامية في العالم، تعتبر أثرا حيا ونموذجيا للقائد الاعظم محمد علي جناح، مؤسس دولة باكستان ووالد الأمة، هو كان صوت 100 مليون مسلم، حينما كان يحارب لحرياتهم الدينية والاجتماعية والاقتصادية. لقد كرس جناح حياته للحرب من اجل مسلمي الهند. لقد وحد فصائل مسلمي الهند المتبعثرة والمتناحرة تحت مظلة الرابطة الاسلامية، حارب لجعلهم يحصلون على وطن، الاقتراح الذي وجده غالبية الهندوس غير مقبول على الاطلاق، ونظام الحكم البريطاني وجده غير مناسب، وحينئذ قاد الدولة الباكستانية المناضلة حديثة العهد الى الاستقرار رغم الصعوبات الهائلة التي تراكمت ضده. في كلمة لجون بيجز ديفيدسون يقول: على الرغم من عدم وجود غاندي، هندوستان كانت ستحصل على استقلالها، وبدون لينين والماو كانت ستظل روسيا والصين تعاني من الثورة الشيوعية. لولا جناح، لم يكن هناك دولة تسمى باكستان في عام 1947».كان محمد علي جناح (12 /12 /1876 11/ 09 /1948) محام وسياسي ومؤسس باكستان. لقد عمل جناح كرئيس للرابطة الاسلامية لمسلمي الهند كافة من عام 1913 حتى الاستقلال باكستان في تاريخ 14 أغسطس 1947، وعين كأول حاكم عام لباكستان منذ الاستقال وحتى وفاته ولقب في باكستان بالقائد الأعظم و والد الأمة كنوع من الوقار.ولد جناح في مدينة كراتشي وتدرب كمحام في لنكولن بلندن، وعلا شأنه في المجلس الوطني الهندي خلال اول عقدين من القرن العشرين مع انه استقال منه حينما بدأ المجلس المقاومة ضد الحكومة البريطانية الحاكمة بدون الدفاع عن حقوق المسلمين.لقد أصبح جناح بطلاً ذائع الصيت لرابطة مسلمي الهند، وبحلول عام 1934 أصبح رئيس المنظمة. ولحظ قطب الدين عزيز أن المسلمين في الهند أصابهم الاحباط الاجتماعي والاقتصادي. وفي ذاك الوقت، جاء جناح وقاد الرابطة الاسلامية الهائمة. وفي عام 1940، تأكد جناح ان مسلمي الهند لا بد ان يكون لهم وطن خاص. في ذلك العام، أصدرت الرابطة الاسلامية التى تولى قيادتها جناح، قرار لاهور، مطالبة بأمة مستقلة. أثناء الحرب العالمية الثانية، اكتسبت الرابطة القوة عندما تم سجن قادة المجلس، واثناء الانتخابات التي اجريت بعد الحرب بفترة قصيرة، فازت بـغالبية المقاعد المخصصة للمسلمين. وفي النهاية، فان المجلس والرابطة الاسلامية لم يصلا لحل بشأن المشاركة في السلطة من اجل هند متحدة، مما دفع كل الاحزاب للموافقة على استقلال منفصل للغالبية الهندية الهندوسية، ومن اجل دولة ذات اغلبية مسلمة، تدعى باكستان.بينما كان جناح، الحاكم العام الأول لباكستان، يعمل على تأسيس حكومة الأمة الجديدة وسياساتها، وكان يساعد ملايين المسلمين المهاجرين من دولة الهند الجديدة الى باكستان بعد الانفصال، قام بالاشراف على انشاء معسكرات اللاجئين بنفسه. وحقا قال مدير مركز دراسات جنوب افريقيا، جوردون جونسون، عن جناح: «لقد كان نموذجا يحتذى به لرجال الدولة نظرا لبراعته في التفاوض، وتكامله، وأمانته».توفي جناح عن عمر يناهز 71 عاماً، في تاريخ 11 سبتمبر 1948، بعد مرور عام واحد على حصول باكستان على الاستقلال من الحكم البريطاني مخلفا وراءه ارثا عميقا ومحترما في باكستان. طبقا لستانلي وولبرت، الاكاديمي الأميركي والمحلل، «فإن أشخاص قليلون يحدثون تغييرا كبيرا في مسار التاريخ، وأقلهم عددا الذين يشكلون خريطة العالم، والصعوبة البالغة ان يتفرد اي شخص بالفضل في انشاء دولة قومية، لقد قام محمد علي جناح بالثلاثة جميعا». لم يحصل رجل،عبر التاريخ، على قوة فائقة مثل القائد الأعظم رغم تلك القوة ظل بعيدا عن الفساد. عدد قليل من الرجال عبر التاريخ يمكنهم التباهي بإنشاء أمة مستقلة بيده وتغيير خريطة العالم، لكن جناح فعل ذلك ولذلك اصبح أسطورة». momer9638@yahoo.com* كاتب باكستاني

محمد فاضل رضوان

محمد فاضل رضوان / معركة المآذن في سويسرا... المدّ الأخضر والأسئلة المغيّبة!
لا يمكن، نظرياً على الأقل، اعتبار تصويت نسبة تفوق النصف من الناخبين السويسريين لفائدة قانون يمنع بناء مآذن المساجد بهذا البلد، بمثابة تحول كارثي في تدبير الجانب الديني والثقافي في ملف مهاجري أوروبا، أو بخصوص العلاقة المرتبكة أصلاً بين الغرب من جهة وإسلامه ومسلميه من جهة أخرى، أو حتى بما قد يحيل على إشكالية حضور الرموز المعتبرة دينية بالفضاء العام الغربي، تحديداً الأوروبي. تعيش هذه الرموز معركة وجودها منذ زمن بعيد نسبياً، ليس على مستوى العالم الغربي فقط، بل وعلى امتداد بعض بلدان العالم الإسلامي الذي يشكل مصدر الغالبية من مسلمي الغرب (هل يجب التذكير هنا بالخطوات التي اتخذتها تونس وتركيا في اتجاه حظر الحجاب في المؤسسات العمومية؟). أما علاقة الغرب بالإسلام فليس بالأصيل القول بأن طائرات الحادي عشر من سبتمبر قد دمرت مع برجي مانهاتن الشجرة التي كانت تحجب تاريخاً طويلاً من التوتر والتوجس. أما عن تدبير ما يُسمى بالاندماج الثقافي والديني للمهاجرين، فالأزمة واردة لا محالة في ظل اعتقاد غالبية المهاجرين الشرقيين بإمكانية الفصل بين رفاهية الغرب المعيشية ونموذجه الثقافي، واعتقاد غالبية الغربيين بإمكانية جلب سواعد المهاجرين من دون ثقافتهم واعتقاداتهم. ومع ذلك فقد تشكل معركة المآذن بسويسرا بالنسبة إلى المهتمين بالإشكاليات المذكورة مجالاً خصباً لإعادة تحيين تصوراتهم وآرائهم وفق مختلف سياقاتها وتداعياتها. ولعل أول ما يثير الاهتمام في المعركة المذكورة سياق حدوثها. لقد قدمت سويسرا عن نفسها خلال أطوار هذا المسلسل صورة بلد يخوض حرباً بالوكالة، فلقد كان مستغرباً ألا تحدث معركة المآذن في بلد يعيش أزمة مركبة على مستوى تدبير الاختلاف الديني المعقد الناجم عن تاريخ طويل من استقبال وتوطين المهاجرين كفرنسا أو هولندا مثلاً.مازالت سويسرا جنة أوروبا، وهي ليست بأي حال وجهة مفتوحة أو حتى ممكنة أمام المهاجرين القادمين من الجنوب. وسواء كانوا مسلمين أو غير ذلك فإن مهاجري سويسرا أبعد ما يكونون عن الصورة التقليدية للمهاجر الأفريقي أو الآسيوي بأوروبا، فهم في جملتهم مؤهلون من جامعات ومعاهد أوروبا، بما جعلهم يحملون في نهج سيرهم ما سمح لهم بالاستقرار في جنة أوروبا.هذا كله يجعل من أي نقاش على المشاكل المتولدة عن ظروف اندماج المهاجرين في مجتمعات الاستقبال أمراً هامشياً بهذا البلد مقارنة ببؤر التوتر التقليدية في هذا المجال، وفي مقدمتها، كما ذكرنا، فرنسا وهولندا. وفق هذا، ألا يمكن اعتبار حظر بناء المآذن بسويسرا بمثابة إجابة عن أسئلة غير مطروحة على الأقل في الوقت الراهن وفي المستقبل القريب لسويسرا؟النقطة الثانية التي قد يمكن استخلاصها من معركة المآذن بسويسرا تشكل، من وجهة نظرنا، الجزء الصادم في هذه القضية. لقد استطاع حزب يميني متطرف أن يدفع بما يتجاوز نصف ناخبي بلد أوروبي باتجاه التصويت على قانون مثير للجدل بخصوص أقلية دينية بهذا البلد. لقد ولى إذاً الزمن الذي كانت فيه أحزاب اليمين المتطرف مجرد أحزاب أقلية تفتقد لأي تأثير سياسي بالمجتمعات الغربية. على العكس من ذلك، فقد أظهر الحزب المعني بسويسرا فعالية كبيرة في مجال تأطير الرأي والسلوك السياسيين للناخب السويسري على هامش معركة المآذن. هذا الصعود المخيف لأحزاب اليمين المتطرف، ألا يدفع للتساؤل عن مستقبل ميراث فكر الأنوار بأوروبا؟إضافة إلى الطابع الديني، السياسي والاجتماعي للنقاشات المصاحبة لهذه القضية، فقد أثارت معركة المآذن بسويسرا إشكالية فلسفية عميقة تهم حدود الديموقراطية وتطبيقاتها، ذلك أن الممارسة الديموقراطية التي من البدهي أن تشكل صمام أمان حفظ وتثبيت حقوق الإنسان قد تم توظيفها لمصلحة تصفية أحد الحقوق الإنسانية الأساسية المتمثل في الحق في الاختلاف الديني والثقافي. لقد شكلت المنهجية الديموقراطية المتمثلة في طرح الأمر للاستفتاء حجة من كانوا وراء القانون المذكور ومن اعتقدوا بمشروعيته، لكنها قد تكون شكلت، وبشكل مفارق، نقطة الضعف الأساسية أيضاً.إن سويسرا أبعد ما تكون عن جمهوريات الموز التي تختزل فيها الديموقراطية في عملية التصويت. أي أنه من البدهي أن تتعدى الممارسة الديموقراطية بها مجرد الذهاب إلى صناديق الاقتراع والإدلاء بالأصوات لمصلحة أو ضد قانون معين إلى مجال صناعة الرأي العام والسلوك السياسي للمواطنين. هذا الأمر تلعب فيها التنظيمات السياسية دوراً مهماً من خلال أدوات التأثير المتمثلة أساساً في وسائل الإعلام.في هذا السياق، يكتسب التساؤل بخصوص تفاصيل ما حدث بسويسرا مشروعيته. أما الأسئلة الأكثر إلحاحاً بهذا الخصوص فتتعلق بأدوات التأثير هذه. فإلى أي حد كانت وسائل الإعلام السويسرية موضوعية ومنصفة في التعاطي مع المسألة بما يمكن من صناعة الرأي العام بطريقة عادلة وموضوعية؟ إلى أي حد تم احترام مبدأ الرأي والرأي المخالف الذي يعد عصب الممارسة الديموقراطية؟ بصيغة أخرى، هل حصل أنصار هذا الموقف أو ذاك على نصيبهم العادل في التعبير عن موقفهم والترويج له؟أما إذا ابتعدنا عن التفاصيل المذكورة فسنجد في عمق معركة المآذن بأوروبا أحد أهم الإشكالات التي تخص مجال تدبير الاختلاف الديني وحقوق الأقليات بالغرب، تلك التي تتعلق كما أسلفنا بحضور الرموز المعتبرة دينية بالفضاء العام الغربي، الأوروبي تحديداً. لكن المثير في الأمر هذه المرة هو خروج مجال النقاش واتخاذ القرار من هامش النخب الفكرية الواعية بالتعقيدات الكثيرة المحيطة بأمر كهذا إلى مجال عموم المجتمع.إن أمراً كهذا ليس من شأنه، من وجهة نظرنا، سوى تهديد أفق التعايش الديني والثقافي الذي يشكل الضمانة الأساسية لتدبير المجال العام الغربي في سياق البلقنة الدينية والثقافية المتولدة عن الهجرة. وتسويق هذه النقاشات من طرف أنصاف المختصين بطريقة تحريضية إلى عامة الناس لن يؤدي إلا إلى مزيد من تغذية مشاعر الحقد والكراهية تجاه كل ما هو غريب ومختلف عما تنتجه مجتمعات الاستقبال. نختم في هذا الإطار بالتساؤل عن عدد الناخبين السويسريين الذين ذهبوا إلى التصويت، وهم قادرون على التمييز بين المئذنة والبناء الكلي للمسجد. بصيغة أخرى ألم تكن أوراق الـ «النعم» الكثيرة التي وضعها أكثر من نصف الناخبين السويسريين موجهة في حقيقة الأمر للمساجد التي تمت شيطنتها ومرتاديها في سياق الخوف والتخويف الذي يعيشه الغرب إزاء ما أسماه صموئيل هنتغتون يوماً ما بالمد الأخضر؟ أما المآذن فتلك حكاية أخرى... محمد فاضل رضوانباحث مغربي في سوسيولوجيا الأديان في جامعة مونتريال الكندية، وهذا المقال يُنشر بالتعاون مع مشروع «منبر الحرية» www.minbaralhurriyya.org

محمد محمد فهد السداني

محمد محمد فهد السداني / البطة
| محمد محمد فهد السداني | أعجبني كثيراً رد جون ماكين على سؤال احد الصحافيين عندما سأله عما حدث في مصر بتاريخ 30 يونيو الماضي عما اذا كان انقلاباً او ثورة شعبية فأجاب اجابة ذكية جداً وقال «عندما نرى البطة لا نستطيع ان نقول شيئاً عنها إلا انها بطة».وهذا ما جعلني أتفكر في احوال وزارة التربية وانا اسمع بين الحين والآخر احالة عدد من القياديين في الوزارة الى التقاعد بسبب تجاوز السن القانونية والحجة الكبرى طبعاً تجديد الدماء وبث روح الشباب في الوزارة ولكن في خضم ما رأيته من موضوع الاحالة وزمجرة الوزير وتداركه للوضع السيئ الذي مرت به الوزارة في شهر يونيو الفائت عندما حدثت حالة الغش في احدى مدارس التعليم العام واعتقدنا ان الوزير سيعاقب المعلمين المقصرين وقد فعل لكن العجب العجاب الذي رأيناه بأم اعيننا ولم نستوعبه بأم عقولنا هو إحالة موجهي عموم المواد الاساسية للتقاعد بسبب هذه المشكلة.ما علاقة الموجه العام بقضية الغش؟ وهل هو مسؤول عن غش الطالب في فصل من مئات المدارس التي يشرف عليها التوجيه العام فنياً عن طريق متابعة المناهج وسير تنفيذ خطط المناهج المقررة من قبلهم...؟؟ ام انها تصفية حسابات بين الوزير ومسؤولي التربية الذين لم تعجبهم سياسة الوزير...؟ اسئلة لم يجب عنها اي شخص لانها مبهمة الاجابة غريبة الواقع والاغرب من ذلك صولات وجولات الوزير في الوزارة لتصفية الحسابات وتسديد فاتورة بقائه بالوزارة المقبلة بسبب الوضع السياسي «المشخلع» بالبلد والذي نشكل فيه حكومة كل أربعة اشهر.لم يدرك الوزير بعد قراراته مدى الفوضى التي حدثت في التوجيه مع بدء العام الدراسي الجديد وفوضى المناطق وفوضى التنقلات بداية العام.نعم نؤيد قرار الاحالة لكن على ان تكون الاحالة شكراً لكل شخص خدم الكويت لنقول له شكراً على جهودك لا ان نخرجه من مكانه بوصمة عار مثلما حدث مع احالة موجهي العموم، نعلم ان للكل ايجابيات وسلبيات لكن نعلم ايضاً ان الجميع يحب هذا الوطن ويسعى لخدمته في كل مكان.عندما سئلت عما يحدث في وزارة التربية من زملائي في العمل قلت «عندما أرى الفوضى في الوزارة لا استطيع ان اقول عنها إنها بطة». عضو مجلس إدارة جمعية المعلمين

محمد ناصر العطوان

أخبروهم الحقيقة
إن الأدوات التي يزيف بها الوعي هي الأدوات ذاتها التي من الممكن أن نبني من خلالها وعياً إيجابياً مشتركاً.إنني أدعو كل المدارس التي لها حسابات في شبكات التواصل الاجتماعي أن يخبروا الأهالي وأولياء الأمور بالحقيقة.تلك الحقيقة المتمثلة في أننا نواجه مشاكل في كيفية تقديم المنهج المدرسي بطريقة ترتبط بحياة الطلبة وجعلهم متحكمين في مجالهم الحيوي أو حتى ربط المنهج بحياتهم، والحقيقة في أننا نعاني من تصاعد حالات العنف والمشاكل الأخلاقية، وعدم تعاون بعض أولياء الأمور من خلال التطاول على المعلمين، وعدم مقدرة المعلمين على تفعيل منهج الكفايات، وعدم مقدرتنا على التشبيك وتفعيل دور المجتمع الأهلي المحيط بالمدرسة إلا عبر سلسلة من الإجراءات التي تقتل أي ربط وتشبيك ممكن.إن الملاحظ خلال السنوات الثلاث الماضية أن الكثير من المدارس قد أنشأت لها حسابات خاصة بالمدرسة عبر شبكات التواصل تبث من خلالها مجموعة من الفيديوهات والصور التي تخبر فيها أولياء الأمور أن كل شيء على ما يرام، ولكن من حقنا أن نسأل إذا كان كل شيء على ما يرام حقاً، فلماذا نحتل مراتب متدنية في التعليم؟ جميع الدراسات الغربية والعربية التي ناقشت علاقة أولياء الأمور بالمدرسة ومدى تفاعلهم مع الأنشطة والبرامج التي تقدمها المدرسة والمشاكل والمعوقات التي تواجهها المدرسة، قد أثبتت من خلال الإحصاء الميداني أنه كلما اشترك ولي الأمر في العملية التعليمية رفع ذلك من كفاءة النظام التعليمي، وهناك دراسة لطيفة حول هذا الموضوع بعنوان «كفاءة النظام التعليمي في دولة الكويت» للدكتور غازي الرشيدي، وقد قدمت الدراسة في إحدى توصياتها إنشاء إدارة أو قسم تكون مهمته الأساسية دعم وتعزيز التعاون بين البيت والمدرسة، ولكنني أعتقد أن وسائل التواصل مثل (تويتر- انستغرام) هي أدوات مناسبة لتعزيز هذا الدور عبر طرح المشاكل والبحث عن المشاركة المجتمعية من أجل إيجاد الحلول المشتركة، وليس من أجل بث رسائل وصور مغلقة تشبه تلك التي كان يبثها «غوبلز» الوزير الألماني في الحزب النازي.وللأسف الشديد فإن الواقع الميداني لدور الاختصاصي الاجتماعي ومجلس الآباء هو واقع ورقي وتصويري بحت وليس عملياً وتربوياً يعمل على تعزيز الدور المجتمعي فعلاً... إلا من رحم ربي.إن أولياء الأمور ليسوا أولياء أمور فقط، ولكنهم أيضاً موظفون في وزارات ومدراء قطاعات ووكلاء مؤسسات ومسؤولون صغار وكبار في الدولة ووزراء سابقون ومتقاعدون يمتلكون شبكة علاقات جيدة، وإخبارهم بحقيقة المشاكل التي تواجه المدارس التي فيها أبناؤهم لن يجعلهم يرمون المدرسة بالمنجنيق أو ينصبون المقصلة في طابور الصباح للمدراء أو وكلاء التعليم، ولكن إخبارهم بالحقيقة سيشعل فيهم جذوة «الفزعة» من أجل المشاركة في إطفاء حريق الغابة وزراعة أشجار المزرعة، وهذا طريق أفضل بكثير من استخدام حسابات «السوشيال ميديا»، من أجل إظهار ما لا يعول عليه بحيث نجعل من أولياء الأمور كالنائمين في سفينة نوح بينما الفيضان يملأ كل شيء حولهم.قرأت في أحد الأدلة الإرشادية للعمل مع الشباب يوماً عبارة أخذتني لمساحة جديدة في الحياة وتقول هذه العبارة «إذا أعطيتني سمكة، فستكون أطعمتني ليوم واحد، وإذا علمتني كيف أصطاد، فبذلك أطعمتني حتى يجف النهر أو يتلوث، ولكن إذا علمتني كيف أفكر وأعمل مع غيري في مجموعة، فمهما كان التحدي سنتعاون لنجد الحل معاً»، ولذلك أقول مرة أخرى إن الأدوات التي يزيف بها الوعي هي الأدوات ذاتها التي من الممكن أن نبني من خلالها وعياً إيجابياً مشتركاً.كاتب كويتي moh1alatwan@

محمد هيف الحجرف

محمد هيف الحجرف / اتقوا الله في الكويت
| محمد هيف الحجرف |يا أهل الكويت اتقوا الله في الكويت لأنها هي الأم والأمير والدنا والأسرة اخواننا، فمهما نختلف في الرأي فالأمر والطاعة لولي الأمر.فقد أمرنا الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم في ذلك بقوله: « يأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم» (سورة النساء 59)كما حثنا الرسول صلى الله عليه وسلم على طاعة أولي الأمر بأحاديثه الشريفة في قوله:1 - سئل: رأيت أن قامت علينا أمراء يسألونا حقهم ويمنعونا حقنا : فما تأمرنا؟ قال : «اسمعوا وأطيعوا: فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم». (رواه مسلم)2- عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كره من أميره شيئاً فليصبر فإنه من خرج عن السلطان شبراً مات ميتة الجاهلية. (متفق عليه)3- قال أبو بكر وهو تحت المنبر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أهان سلطان الله في الأرض أهانه الله، فمن لم يرضَ بقول الله ورسوله الكريم فبأي وجه يلقى الله؟!وفي الإسلام تربينا على طاعة ولي الأمر والكبير والجار، فإننا نقول السمع والطاعة لك يا ولي الأمر وعن الإمام الشافعي قال: تعمدني بنصحك في انفرادي... وجنبني النصيحة في الجماعة فإن النصح بين الناس نوع... من التوبيخ لا أرضى استماعهوإن خالفتني وعصيت قولي... فلا تجزع إذا لم تعط طاعة

محمد وفيق شاهين

محمد وفيق شاهين / لبنان... الطريق إلى إلغاء الطائفية من النفوس قبل النصوص
| محمد وفيق شاهين? | إن تفاقم الأحداث في لبنان والتي أدت إلى انحدار مستمر في مفهوم الوطنية شكلت انعكاسات سلبية على الازدهار في لبنان. ومما لا شك فيه أن الانقسامات الطائفية والمذهبية التي زادت الأمور سوءا فرضت أهوالها على الاستحقاقات الديموقراطية التي يتميز بها لبنان ضاربة بعرض الحائط بمفاهيم العيش المشترك التي بني عليها الدستور اللبناني والتي أفرزت أكبر مخالفة لنصوص مؤتمر الطائف الذي استبشر به الوطنيون المخلصون تحقيقا لقدسية العيش المشترك الذي قصد نقل لبنان من مستنقع التشرذم إلى واحة الوحدة الوطنية.إن من حق المسيحيين على لبنان أن يكون لهم تمثيل نيابي صحيح يحقق لهم الطمأنينة ويرضي طموحهم الوطني ومن حقهم وحق غيرهم أيضا أن يوجسوا خيفة من مشاريع القوانين المغلفة بشتى العناوين الوطنية التي تقود في النهاية إلى تحكم الأكثرية الانتخابية في نتائج التمثيل الصحيح للمسيحيين وغيرهم.كما أنه لا يجوز لمن يتمتع بأكثرية عددية أو أكثرية انتخابية من بقية الطوائف والمذاهب في لبنان أن يزايدوا في الوطنية على بقية الطوائف والمذاهب الأخرى (بمعنى إما أن تذهبوا معنا يا مسيحيين وغيركم من اللبنانيين بعناوين تجعلنا ننتخب نوابكم أو إنكم تجنحون نحو العزلة والانقسامات).وفي هذا الخضم من التجاذبات والانقسامات الطائفية والمذهبية والتي كرست المحاصصة الهدامة والتي أدت للأسف إلى ما نشهده من فساد إلى حد أن أصبح موظف الدولة يقدم تقاريره إلى سيده في المذهب قبل أن يقدم واجباته إلى دولته ووطنه. فإلى أين يسير هكذا وطن وهل يجوز أن نسكت على تفاقم المفاهيم الهدامة للوطن والمواطن؟ لنواجه الحقيقة ونقول بكل صراحة أن أمراء وأسياد الطوائف والمذاهب في لبنان كل يعمل من أجل مصلحته وللحفاظ على مكاسبه من خلال تأجيج الصراع الطائفي لتحقيق أكثر التفافات مذهبية حوله. ولكن ماذا لو أشركنا أصحاب المصالح مع بعض عن طريق الوطنية بدلا من المذهبية ليصبح الزعيم المسلم بحاجة إلى صوت الناخب المسيحي والزعيم المسيحي بحاجة إلى صوت الناخب المسلم.نرى هنا أننا واجهنا مشكلة الذهاب إلى لبنان دائرة انتخابية واحدة وهذا أمر غير مقبول بعدما مررنا بالتجربة غير المرضية لبعض الطوائف عندما كانت المحافظة دائرة انتخابية رغم ظهور الخطابات السياسية المعتدلة.إذن ما هو الوجه السيئ في أن يكون لبنان دائرة انتخابية واحدة اما بالنسبية أو من دونها؟ الأمر واضح ولا يقبل الجدل في أن المذاهب ذات الأكثرية العددية والأكثرية الانتخابية تتحكم بنتائج الانتخابات كليا. ولكن للبنان الوطن حق يطفوا على جميع الحقوق الطائفية والمذهبية وهو أن يكون لهذا الوطن مواطنون يجتمعون ويدينون بالوفاء لوطنهم بصرف النظر عن مذاهبهم.هنا لا بد من وضع معادلة تنصف الجميع وهي إخراج نتائج الانتخابات من معادلة طغيان التفوق العددي لبعض الطوائف على الأخرى. الحل ليس سهلا من الناحية العملية ولكن تفاقم الانقسامات بين أبناء الوطن يحتاج إلى تبسيط الصعوبات مهما كانت لاسيما إذا اعتمدنا مبدأ إلغاء الطائفية من النفوس قبل النصوص.لماذا لا نعتمد على مشروع الهيئات الانتخابية في تحديد نتائج الانتخابات النيابية؟ وبناءً على ذلك تجري الانتخابات على مرحلتين:1- مجلس النواب في لبنان مقسم إلى 64 نائبا للمسيحيين كافة و64 نائبا للمسلمين كافة.2- الهيئة الانتخابية تعتمد على المشروع الأرثوذكسي ( الذي كان من شأنه أن يزيد الوطن شرذمة والمواطنين فرقة ) معدلا على مرحلتين و أن يكون بموجب ما يلي :- المرحلة الأولى : اعتماد أصغر الدوائر ( الحي أو الشارع ) لينتخب كل مذهب هيئة انتخابية تتألف في مجاميعها من ألف منتخب ( أو أكثر أو أقل ) لكل عضو في مجلس النواب، أي أن يكون مجموع الهيئة الناخبة للمسلمين لكافة أطيافهم 64 ألف عضو وللمسيحيين 64 ألف عضو وهؤلاء مشتركين يشكلون القاعدة الشعبية لانتخاب 128 نائبا لمجلس النواب مناصفة. فيكون قد تساوى عدد الناخبين لأعضاء المجلس النيابي بين المسيحيين والمسلمين، وكذلك يتحرر كل نائب من عصبيته المذهبية ويكيف خطابه بالوطنية وليس القبلية أو المذهبية.وبذلك لا يكون لأي طرف حجة في أن يكون لبنان دائرة انتخابية واحدة مناصفة إن كانت مع النسبية أو من دونها ويكون بذلك كل مرشح لمجلس النواب هو بحاجة إلى أصوات الطوائف كافة التي تتساوى بعدد الناخبين دون التركيز على مذهبيته ويكون قد تمثل الوطن في مجلس النواب بنواب لبنانين وطنيين مناصفة بين المسحيين والمسلمين وليس بنواب مذهبين وفئويين وقبليين.* الرئيس المؤسس لمجلس العمل والاستثمار اللبناني في المملكة العربية السعودية