إحـــدى عشـــر وزيرة أطـــلت في سمـــاء الحيـاة السياسية الكويتية، كانت أولاهم الدكتورة معصومة المبارك في العام 2005 حين حملت حقيبة التخطيط والتنمية الإدارية.

وخلال 16 عاماً ما زال الملف المفتوح لم يُغلق بعد، فهل تسطع شمس توزير النساء في الحكومة المرتقبة، أم تأفل وتغيب، أم تتخذ طريقاً ثالثاً بين الحضور القوي والغياب التام لتتوارى، إرضاء للمؤيدين والمعارضين على حد سواء؟

نون النسوة الكويتية تحدثت لـ«الراي» لترسم خريطة طريق من خلال إجاباتها على ما يلي:

- لماذا يجب توزير المرأة؟

- ماذا أضافت الوزيرات السابقات؟

- ماذا في جعبة المرأة للحكومة الجديدة؟

- ماذا يمكن أن تخسره حكومة ليس بها نساء؟

وأجــمعت الــناشـــطــات على «رفـــض أن تكـــون المشاركة النــسائية في الحكومة المقبلة ديكوراً تكـــميليـــاً»، فيما ذهب بعضهن للمطالبة بتوزير أربع نساء على الأقل.

كوثر الجوعان

قالت رئيسة معهد المرأة للتنمية والسلام كوثر عبدالله الجوعان «هناك توافق على أهمية تمكين المرأة الكويتية خلال العقود القليلة الماضية، وقد تمكنت بالفعل من تحقيق مكاسب كبيرة على الصعيد الاجتماعي، إلا أن ضعف التمثيل السياسي مازال مصدر قلق بالنسبة لنا».

وأضافت في حديثها لـ «الراي»، «دائماً في كل تشكيل وزاي جديد، يحدونا الأمل بأن تتجه الأمور نحو تعزيز إدماج المرأة الكويتية في العملية السياسية بشكل فاعل وبمناصب قيادية، وأن تتغير النظرة المجتمعية تجاه المرأة بما يضمن مبدأ المساواة في قطاعات الأعمال المختلفة».

وشددت على أن «القانون الكويتي أنصف المرأة ولكن المشكلة في نظرة البعض في المجتمع الذي لا يؤمن بشكل كافٍ بالمرأة خصوصاً في الشأن السياسي. وبنظرة سريعة إلى ما جرى في الانتخابات الأخيرة نجد أنه لم تفز أي امرأة بمقعد في البرلمان رغم كثرة المرشحات، وأقولها صراحة أن هناك نقصاً في إيمان المرأة بالمرأة».

وزادت «ما يؤرقنا استمرار ضعف التمثيل السياسي للمرأة بعد أكثر من 15 عاماً من دخولها هذا المعترك، وهو مؤشر مقلق، فإذا كانت قاطرة التنمية حتى تنطلق لابد من جناحي المجتمع - المرأة والرجل - خاصة ونحن في عالم يموج بالتغييرات، فلا يترك ذلك التمثيل للمزاج الشعبي حتى لا تتحول المرأة إلى ظاهرة موسمية سرعان ما تظهر وسرعان ما تختفي»، موضحة أن «أهمية توزير المرأة في الحكومة المرتقبة تأتي من اهتمام الدولة بالإنسان، فالتنمية البشرية ليست تنمية رجل ولا تنمية كونكريت ولا تنمية نفط».

وذكرت أن «التنمية البشرية تعتمد على الرجل والمرأة، ولذلك تتسابق الدول الخليجية، بحكم تماثل العادات والتقاليد والمجتمعات ورؤاها (2030 - 2035) لتؤكد على دور المرأة الأساسي في التنمية»، مشددة على أن «مشاركة المرأة في المناصب الوزارية ليست منحة أو منة يتفضل بها على المرأة، بل هو حق دستوري واجب التطبيق خاصة بعد حصول المرأة الكويتية على كافة حقوقها السياسية منها التي تؤهلها لخوض غمار أعلى المناصب في كافة الهيئات حكومية أو برلمانية أو خاصة».

وأكدت أنه «لا بد من الابتعاد عن الترضيات والمحاصصة وأن يكون الاختيار على أساس الكفاءة والقدرة على الإنجاز والخبرة في الأداء وإدارة العمل الحكومي وتحقيق خطط الإصلاح المالي والإداري»، مشيرة إلى أن «الكويت بها العديد من الكفاءات النسائية إذا كنا نريد تحقيق إنجازات غير مسبوقة وتغيير الأوضاع للأفضل، لأن الساحة مهيأة الآن للتهدئة والتعاون الحكومي - النيابي، فالوضع لا يحتمل إخفاقات أخرى، وهذا ينطبق على الرجل أيضاً في أن تكون الكفاءة هي المعيار.

والاختيار يكون من بين القادرين على الإنجاز، والتدقيق على السير الذاتية لتلافي أخطاء حدثت في الماضي ممن كان عليهم علامات استفهام».

وأوضحت أن «عملية التدوير أو إسناد حقائب أخرى يشكلان عبئاً وتشتتاً، ونحن نتطلع إلى حكومة قادرة على التغيير إلى الأفضل، فاعلة ومنجزة بلا توازنات سياسية وقبلية وعائلية»، مردفة بالقول إن «المرأة الكويتية تتمتع بكفاءة عالية ودخلت جميع المجالات بما فيها القضاء والدفاع والمطافي إلى جانب المجالات الأخرى، إلا أنه للأسف الشديد المرأة المتميّزة ذات الفكر المتجدد والثقافة العالية والكفاءة تُستبعد من التوزير لأسباب عدة لعل أهمها تفوق أدائها على الكثير من الوزراء، لا سيما في ما يتعلق بالمحافظة على المال العام».

وبيّنت أنه «إذا كانت التجارب السابقة في توزير المرأة غير مرضية، فإننا نأمل أن يكون وجودها وفق أسس واضحة وجريئة، وتجربة 11 وزيرة في تاريخ الكويت منذ الانطلاقة الرسمية لحياة المرأة السياسية بدأت ساخنة في أغلب محطاتها بين وزارات اقتصادية تنموية وتربوية، في مشهد عكس ثقة الحكومات المتعاقبة بالمرأة الكويتية، وهذا ما نطالب به الآن لتتولى مع الرجل دفة الطموح نحو تنمية البلاد واقتصاده وتنشئة أجياله وتعليمهم».

وقالت رداً على من ينتقد توزير النساء: «من يظن أن المرأة ضعيفة ومترددة هو واهٍ، وأكثر ما يمكن أن تستهدف المرأة الوزيرة بالتهديد بالاستجواب، فالنجاح هنا نسبي كما هو واضح بالنسبة للرجل أيضاً، ويعود هذا إلى اعتبارات عديدة ذكرنا بعضها آنفاً إلى جانب ضعف أدوار جمعيات النفع العام، خاصة الجمعيات النسائية التي اكتفت بالمطالبة بالحقوق السياسية وأقفلت أبوابها بعد ذلك!».

ولفتت إلى أن «معيار اختيار المرأة كان يعتمد على اجتياز المؤهلات العليا وخبرة التدرج الوظيفي بالمناصب، بينما معايير اختيار الرجل الوزير مختلفة لا تراعي هذه الاعتبارات، وإننا نأمل في ضرورة دخول وتوزير أكثر عدد من الحقائب الوزارية للنساء وفي رسم السياسة العامة، وألا تكون مجرد ديكور مكمل للتشكيل الحكومي بل يكون وجودها نابعاً من الإيمان بقدراتها الوظيفية وأن تثق المرأة بنفسها أولاً وأخيراً».

سلوى الجسار

رأت عضو مجلس الأمة السابق ‏الأستاذ المشارك في كلية التربية جامعة الكويت الدكتورة سلوى عبدالله الجسار أن «المشاركة النسائية في المجالات كافة، مسألة حيوية وليست ترفاً»، مشيرة إلى أن «هذه المشاركة ضرورية من أجل إتاحة الفرص للمرأة الكويتية كي تكون جنباً إلى جنب مع الرجل في مراكز القرار».

وأكدت «أهمية إتاحة المجال لدخول المرأة بالتشكيل الحكومي أسوة بالرجال، بهدف تحقيق التنوع الاجتماعي وعدم الاكتفاء في عدد أحادي أو ثنائي».

وتابعت «نؤكد المطالبة في اختيار ما لا يقل عن أربع نساء في الحكومة الجديدة من العناصر المشهود لهن بالكفاءة والخبرة المهنية والقيادية، ونرفض الاستمرار في الرضوخ للتدخلات في فرض أسماء لدخول التشكيل الوزاري ممن ليس لديهم الخبرة السابقة، سواء على الصعيد الإداري أو القيادي، ونطالب أيضاً بضرورة مراعاة اختيار الأسماء من الرجال».

وفي إجاباتها عما قدمته المرأة في تجربة التوزير، أجابت قائلة «هنا نطرح سؤالاً ماذا أضاف الرجل على مدى سنوات؟... إن ربط مفهوم الإنجاز بالمرأة مرفوض، فاليوم أساليب المحاصصة والترضيات في اختيار الحكومة ورفع شعارات حكومة إنقاذ... حكومة تكنوقراط... حكومة إنجاز... للأسف شعارات وهمية باتت عبئاً خطيراً، وذات كلفة سياسية عالية».

وشددت على أن «ماتتطلبه المرحلة المقبلة هو اختيار الكفاءات والوطنيين من الرجال والنساء المخلصين من أصحاب الفكر والتوجه المستقل».

وعن أهم العقبات والإشكاليات التي تواجه المرأة الكويتية في صناعة القرار، قالت إنها «تتمثل في الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للنساء فى المجتمع والتي للأسف لم تنصفها»، لافتة إلى أنه «مازلنا نقوم بتقييم المرأة لكن نتجاهل تقييم ماذا قدم الرجل من وجوده في التشكيل الحكومي رغم أن هناك البعض منهم لا يملك من الكفاءة والمهارة على مستوى القيادة والإدارة لتحقيق إنجازات تضاف إلى المؤسسات، ونظرة المجتمع ما زالت تشكل أكبر تحدٍ يواجه نجاحات المرأة».

واعتبرت أن «نظرة المجتمع غير منصفة في دعم المرأة ومازالت النظرة الذكورية تسيطر على الفكر المجتمعي الذي يرفض وجود المرأة في مراكز القرار، رغم أن الدراسات والتقارير الدولية تؤكد أن النساء في مراكز القرار على مستوى الحكومة حققن الإنجاز والمصداقية في تطبيق القوانين ومحاربة الفساد».

شيخة الجاسم

قالت أستاذة الفلسفة في جامعة الكويت الدكتورة شيخة الجاسم لـ «الراي»، إن «الدستور الكويتي يساوي بين المواطنين بالحقوق والواجبات ولا يفرق بينهم بناء على الجنس»، لافتة إلى أنه «يجب أن يكون الترشيح للمناصب العليا متاحاً للمؤهلين من الجنسين وللشباب كذلك».

وشددت الجاسم على أنه «يجب أن ينتهي التوزير على طريقة المحاصصة القبلية والطائفية»، لافتة إلى أنه «بالنسبة للاتفاقيات التي وقعت عليها الكويت والتي تخص حقوق المرأة، فإن الدول المجاورة سبقتنا في تطبيق ذلك».

واعتبرت الجاسم أن «تاريخ توزير النساء في الكويت متواضع جداً، ناهيك عن الحرب السياسية الشرسة من القوى المعادية لها»، لافتة إلى أن «الكويت لديها من النساء الإداريات والمهندسات وغيرها من التخصصات التي تؤهلهن لقيادة الوزارات المختلفة».

وتابعت «بالنسبة للتجارب السابقة أدت الوزيرات واجباتهن بما لا يقل كفاءة عن الرجل بل وأفضل من بعض الوزراء، أما عن العقبات التي من الممكن أن تواجهها المرأة في حال توزيرها فهي الدخول في الحرب السياسية باستقطاباتها المختلفة، بالإضافة إلى العداء الدائم ممن يكره دخول المرأة للمجال السياسي».

نبيلة الملا

شددت رئيسة الجمعية الثقافية النسائية في الكويت لولوة الملا على أن «من المهم جداً توزير النساء في الحكومة المرتقبة لأن التقارير الدولية تشير إلى تدني مستوى مشاركة النساء في إدارة الدولة في جميع القطاعات»، لافتة إلى أن «هذا المؤشر ليس جيداً لسمعة الكويت فالمفترض أن يكون هناك مساواة وليس كما هو الحال الآن مع هذه النسبة المتدنية التي ليست في صالح الكويت».

وقالت الملا لـ «الراي» إن «المرأة يمكنها أن تضيف الكثير، وهذا ما أثبتته الأيام والمناصب فالمرأة إن أرادت أن تعمل فإنها تخلص وتبذل المجهود لتتفوق وهنا تمكن أهمية وجودها في الحكومة»، لافتة إلى أن «من تبوأن المناصب القيادية من النساء سواء وزيرات أو سفيرات أو في مجلس الأمة، كان أداؤهن مشرفاً ورائعاً، والمرأة في أغلب الأوقات تتفوق عمن يكون في نفس مركزها».

وحول العقبات التي يمكن أن تقف أمام المرأة في حال توزيرها، أجابت قائلة «ليس هناك أي عقبات، وكل ما في الأمر أننا بحاجة لقرار حاسم وفوري والابتعاد عن المحاصصة»، معربة عن أملها أن «يكون هناك كوتا لاختيار مجموعة من الوزيرات الكويتيات كما هو معمول به في دول أخرى».

واختتمت بالقول «حتى في توزير النساء، نحن لا نتطلع لتوزير المرأة أو الرجل، وإنما نتطلع لتوزير الكفاءات والخبرات والشخص المناسب في المكان المناسب، وليس وفقاً للمحاصصة والمصالح».

11 وزيرة

منذ 2005 إلى 2021، توالت على الحكومات المتعاقبة 11 وزيرة، أولاهن الدكتورة معصومة المبارك وآخرهن الدكتورة رنا الفارس.

1 - معصومة المبارك: أولى الحقائب الوزارية التي تولتها المرأة كانت حقيبة التخطيط والتنمية الإدارية، مع المبارك، التي تولت لاحقاً «المواصلات» ثم «الصحة»، وكانت أول وزيرة تستقيل من منصبها.

2 - نورية الصبيح: تولّت حقيبتي «التربية» و«التعليم العالي»، وكانت أول وزيرة تواجه استجواباً وانتهى بتجديد الثقة بها.

3 - موضي الحمود: تولت وزارة التخطيط والتنمية ثم «التربية» و«التعليم العالي».

4 - أماني بورسلي: تولّت حقيبة «التجارة» ثم «التخطيط».

5 - رولا دشتي: تولّت حقيبة «التخطيط والتنمية» وحقيبة «شؤون مجلس الأمة»، وكانت أول وزيرة تواجه استجوابين.

6 - ذكرى الرشيدي: كانت أول «محللة» في الحكومة، حيث كانت نائباً وجرى توزيرها، حيث تولت حقيبة «الشؤون الاجتماعية والعمل».

7 - هند الصبيح: أكثر الوزيرات بقاء في منصبها، حيث تجاوزت فترتها الأربع سنوات. وكانت أكثر وزيرة واجهت استجوابات، وطلبات طرح ثقة، وتجاوزتها، حيث قدمت لها 4 استجوابات أثناء توليها حقيبتي «الشؤون» و«الشؤون الاقتصادية».

8 - جنان رمضان: تولت حقائب «الإسكان» و«الأشغال» و«الخدمات».

9 - مريم العقيل: تولت حقيبة «الشؤون الاقتصادية».

10 - غدير أسيري: شغلت منصب وزير الشؤون الاجتماعية في العام 2019. وتعد فترة بقائها في منصبها الوزاري الأقل مقارنة بنظيراتها بحدود 43 يوماً.

11 - رنا الفارس: تولت حقيبة الأشغال العامة ووزارة الدولة لشؤون الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.