No Script

«الشيخ جابر رحمه الله قال لي: عسى الله يثبتك... وهذا الكتاب هو الذي يرفعك في الدنيا والآخرة»

القارئ محمد البراك لـ«الراي»: غرسُ الصِّغر بـ«عدم الاغترار بالنفس»... ساهم في تعزيز الثقة لديّ

تصغير
تكبير

- بدايتي كانت بعمر 9 سنوات برفع الأذان أثناء الغزو الغاشم والترتيل أمام الأهل
- من السلبيات عدم قدرتي على التحدث بمواضيع معيّنة خشية أن تحسب عليّ أي كلمة

شدد القارئ الشيخ محمد البراك على أهمية إخلاص النية لله في حفظ القرآن الكريم، مناشداً الشباب أن يهتموا بحفظ كتاب الله، ليكون لهم حارساً وحافظاً، مبيناً أن «الغرس في الصّغر بعدم الاغترار بالنفس، ساهم في تعزيز الثقة لديّ، ولم يؤثر فيّ عدد حضور المصلين في أداء الصلوات في المحافل الكبيرة».

وقال البراك، في حوار مع «الراي»، إنه «كان للقاء الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد، في سن مبكرة أثر كبير في نفسي. حيث قال لي: عسى الله يثبتك، وهذا الكتاب هو الذي راح يرفعك في الدنيا والآخرة».

ولفت إلى أن «العمل الدعوي في الكويت موجود وفاعل، والدروس موجودة ونتمنى زيادتها والاستمرار عليها». وفي ما يلي تفاصيل الحوار:

• بداية نود أن تحدثنا عن النشأة وتعلقكم بكتاب الله، ومَن ساندكم في هذا الطريق الايماني.

- البداية كانت بتعلقي بجدي، رحمه الله، كان ذلك قبل الغزو، وأنا كنت في عمر سبع سنوات تقريباً، وكنت لصيقاً دائماً له، وهو كان دائم الاعتكاف في المسجد، يجلس من صلاة العصر إلى صلاة العشاء، وكنت أنا متعلقاً به، فكنت أذهب للجلوس عنده في المسجد، وألاحظ كيف كان يقرأ القرآن وكنت قريباً منه كثيراً، ولم يكن يعرف أني أحفظ شيئاً من القرآن، أو أعمل شيئاً من ذلك. بل كان ذلك بيني وبين نفسي، أفتح المصحف وأقرأ وكانت عندي جرأة قرآنية بأن أقرأ بترتيل، وهو لم يكن يعلم بذلك.

والموقف الذي حصل أيام الغزو، أنه لم يكن هناك مدارس أو غيرها، فأهلي وأنسبائي وإخواني وأخواتي وأبناؤهم جميعهم لدينا في بيت الوالد،رحمه الله، فسألني أحد أنسبائي عمّ أحفظ من القرآن، فقلت له إنني أحفظ قصار السور، وأحفظ أول آيتين من سورة المجادلة، وأول خمس آيات من سورة تبارك، وهذا ما كان يعطى لنا في المدارس، فطلب مني أن أقرأ، فجاءتني الجرأة والحماسة وقرأت بترتيل، وهنا انصدم الجميع حتى نادى الوالدة والأخوات ليستمعوا لقراءتي، ومن هنا كانت البداية.

وبدأت في الأذان أثناء الغزو، لأن أغلب المؤذنين كانوا من إخواننا المصريين والسوريين، وكثير منهم غادروا البلاد أثناء الغزو الغاشم، والمسجد لم يكن فيه أحد، وكان فيه شاب عمره 15 سنة يؤذن وأنا كان عمري 9 سنوات تقريباً، فقالوا لي لماذا لا تؤذن في المسجد وهذه كانت البداية.

• كيف كان تأثير الشهرة عليك وأنت في سن صغيرة آنذاك؟ وما تأثيرها على مسيرتك العلمية عموماً؟

- الحمد لله، بحكم أني كنت صغيراً في السن كان الناس حولي، من العائلة والأصدقاء وأهل المسجد، دائماً يوصوني بألا أغتر بنفسي، وألا يصيبني الغرور، لأن هذه الشهرة قد ترفع الإنسان وقد تنزله، فالحمد لله غرس مثل هذه الأمور منذ الصغر تربيت عليها ونشأت عليها، ولم يكن يؤثر فيّ سواء أكان حضور المسجد في الصلاة ألفاً أو ألفين أو عشرين ألف مصلّ، أو حتى عندما انتقلت إلى المسجد الكبير. الحمد لله هذه الشهرة لم تؤثر في محمد البراك.

وأذكر أن هذا السؤال سألني إياه الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد، رحمه الله، قال لي «شنو شعورك وخلفك يصلون الآلاف المؤلفة؟» قلت له: يبه أنا معتاد على الصلاة في المسجد الكبير، وما أدري إن كان الذي يصلي ورائي نحو اثنين أو ألفين فشعوري واحد. واستأنس من ردي وأنا كنت صغيراً وقتها، وقال لي: «عسى الله يثبتك ويحرسك، وهذا الكتاب هو اللي راح يرفعك ويكون لك فيه مكانة عالية في الدنيا والآخرة».

• بعد المسيرة الطويلة، ما إيجابيات الشهرة؟ وما أبرز سلبياتها على حافظ كتاب الله؟

- إيجابياتها أن الناس تعرفك بالقرآن، وأن الناس تذكرك بالقرآن، وأن بعض الناس الذين تراهم ويقولون لك أنت كنت سبباً لأن أحفظ كتاب الله، وهذا أعظم شيء وأرتاح وأسعد عندما أسمع هذا الأمر من الناس.

وسلبياتها قليلة نوعاً ما، ولكن قد تكون لك بعض الخصوصية التي لا تستطيع أن تقوم بها، ولا تستطيع أن تتحدث عنها، فأنا بعض المرات في مواقع التواصل الاجتماعي أود أن أتحدث عن أمور ومواضيع معينة، ولكن الخوف من أن كل كلمة تحسب علي بحسبة معينة يمنعني، فهذا من الممكن أن يكون الجزء السلبي من الشهرة، ولكن إذا كانت شهرتنا في القرآن الكريم فنِعم الشهرة.

• في أول لقاء لكم مع الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد، رحمه الله، ماذا قال لك؟

- أبرز ما أوصاني به الثبات على الكتاب العزيز، وقال لي «هو الذي سيرفعك يوم القيامة، وهو الذي سيكون لك بمثابة الحافظ والنور الذي سينور طريقك». وفي مقابلته علمت أنه صلى معي في ليلة السابع والعشرين من رمضان، وقال «شفت تأثر الناس وحضورهم، الله يثبتك». وطلب أن أوفر له نسخة من الصلاة التي حدثت في ليلة السابع والعشرين، وقال لي إنه متى ما خلصت أن أحضر له نسخة منها، وكان لقاء أبوياً جداً.

• ما نصيحتكم لمن يرغب في حفظ القرآن الكريم؟ وما الطريقة الأمثل للحفظ والتثبيت؟

- لمن أراد أن يحفظ القرآن، عليه أولاً الإخلاص لله سبحانه وتعالى، ولا يحفظ القرآن ليقال إنه قارئ مشهور، فالآن للأسف هناك بعض الناس همه أن يقرأ ليصبح مشهوراً، أو إماماً للمسجد الكبير، فمن وضع لنفسه هذا الهدف فالله لن يوفقه له، لأن النية ليست صادقة لحفظ كتاب الله تعالى، بأن تؤمن بأن الله يحفظك وينور طريقك ويجعل هذا القرآن هداية لك وطريقاً مستقيماً.

فهناك بعض الناس للأسف يحفظون القرآن من باب الشهرة وفرد العضلات، ونتمنى من الشباب والصغار أن يبتعدوا عنه، فأنت إذا أخلصت النية في حفظ القرآن، فالقرآن سيحفظك ويكون لك عزة ومكانة ورفعة وقدراً بين محيطك وأهلك وزملائك ومدرستك وجامعتك حتى يوم القيامة، حيث يقال لقارئ القرآن يوم القيامة (اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرأها) فقارئ القرآن مع السفرة الكرام البررة، ماذا تريد من رقي وعظم أكبر وأفضل من هذا؟

أما بالنسبة لتثبيت الحفظ، فلا يكون إلا بدوام المراجعة، فحفظ جزء ومراجعته خلال شهر، أفضل من أن تحفظ عشرة أجزاء في شهر وتنساها خلال عشرة أيام.

لا معوقات أمام حفظ القرآن

أكد الشيخ محمد البراك أنه «لا يوجد أي معوقات أمام من يريد أن يحفظ القرآن، فالله سبحانه وتعالى سييسر له الحفظ، وأعرف أشخاصاً حفظوا القرآن في عمر 70 سنة و60 و50، فلا يوجد عمر محدد. فمن لديه الرغبة الصادقة والقدرة والعزيمة يستطيع أن يحفظ القرآن».

الطريق إلى... السَّنَد

قال البراك «حصلت على السند أثناء دراستي في جامعة أم القرى في مكة، حيث جاءتني الفرصة عندما علم أحد المشايخ بوجودي هناك وعرض علي الأمر، وقال لي (حرام أنت حافظ لكتاب الله وقراءتك متقنة، لماذا لا تأخذ السند) وكلم الشيخ الشامي العجياني، وهو ممن لديهم سند متصل للنبي، صلى الله عليه وسلم، واستغللت فترة تواجدي في مكة، والحمد لله حصلت على السند خلال وجودي في أطهر بقاع الأرض مكة المكرمة».

أكثروا من الدروس العلمية

أشار البراك إلى أن «العمل الدعوي في الكويت موجود، والدروس موجودة، ونرى بعض المشايخ النشطاء، مثال الشيخ عثمان الخميس، حفظه الله، الذي يقدم دروساً وندوات ودورات علمية، كما تقوم وزارة الأوقاف كذلك بدورها الدعوي، وتقيم دروساً وندوات لبعض المشايخ من المملكة العربية السعودية، وترى المساجد ممتلئة والناس فيها خير وتحب العلم وطلب العلم».

ووجه رسالة للمعنيين قال فيها «أكثروا من هذه الدروس العلمية، لأن الناس في حاجة فمواقع التواصل الاجتماعي لا تغني عن الدروس العلمية، فالدروس إذا لم تحضر فيها عند العلماء لا تستفيد منها الكثير».

نصيحة للشباب... احفظوا القرآن

دعا البراك الشباب إلى «التمسك بكتاب الله، واتباع سنة النبي، صلى الله عليه وسلم، فيقول النبي (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضّوا عليها بالنواجذ) فإذا جعلنا القرآن الكريم طريقنا وقدوتنا فسنفوز بالدارين، وأرجو من الشباب أن يحفظوا كتاب الله تعالى، بالإضافة إلى العمل به».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي