ظل سوق المباركية العتيق لسنوات طويلة، قبلة لزائري الكويت، خصوصاً الباحثين عن عبق التاريخ ورائحة التراث التي تميز هذا السوق عن بقية الأسواق الأخرى التي كستها ألوان الحداثة والموضة، ليبقى السؤال الأهم الذي يدور في مخيلة الكثير من أصحاب المحلات، هل يستطيع «المباركية» الحفاظ على هويته التراثية مستقبلاً، في ظل الإقبال المتزايد على تغيير أنشطة محلاته التراثية؟

«الراي» قصدت سوق المباركية واستطلعت آراء عدد من أصحاب المحلات القديمة في شأن إقبال بعض أصحاب المحلات التراثية والحرفية على تغيير أنشطتها لصالح أنشطة اعتيادية كالمطاعم والكافيهات ومحلات العطور، حيث أعرب بعضهم عن تخوفهم من فقدان «المباركية» لهويته التراثية التي تجذب السائحين إليه من كل حدب وصوب، لا سيما أبناء دول الخليج الذين يعتبرون سوق المباركية أحد معالم الكويت، مطالبين الجهات المعنية بالحفاظ على المحلات والأنشطة القديمة في السوق من الاندثار.

وقال فهد الذويخ، صاحب محل لبيع الهدايا والعطور، «للأسف، سوق المباركية بدأ يفقد في السنوات الأخيرة جزءاً من مذاقه الذي يعرفه القاصي والداني، خصوصاً إخوتنا في دول الخليج الذين كانوا يقصدون أسواقه للتبضع وشراء البشوت والسديري وملابس الأطفال الجاهزة بأرخص الأسعار».

وأضاف الذويخ «أن الزوار الخليجيين يعتبرون بمثابة مرآة لنا نحن أصحاب المحلات، وعندما يسألون عن محلات تراثية غيّرت أنشطتها نتأكد أن السوق بالفعل بدأ يفقد هويته التراثية»، مشدداً على ضرورة تدخل بلدية الكويت والجهات المعنية للحفاظ على الأنشطة المعرضة للاندثار والعمل على تبويب الأنشطة بجعل نسبة معينة لكل نشاط، حتى لا تتحول جميع محلات المباركية إلى نشاط واحد أو نشاطين.

وهناك على مدخل شارع الغربللي، يجلس العم عبدالله التميمي على كرسي داخل محله المتخصص في بيع الأواني المنزلية، معرباً عن أسفه لما وصلت إليه حال السوق في السنوات الأخيرة، بعد هجرة أصحاب المحلات القديمة لصالح أصحاب المشاريع الذين تخصصوا في أنشطة جديدة.

وقال التميمي «لا يمكنني لوم أصحاب المحلات القديمة الذين يعرض عليهم بحدود 40 أو 50 ألف دينار لشراء محلاتهم التي أصبح مدخولها ضعيفاً، ولكن لا بد أن تتدخل الدولة هنا لحماية الأنشطة التراثية، طالما تريد الحفاظ على هوية السوق، وإلا سيأتي اليوم الذي لا نجد في سوق المباركية غير اسمه».

من جانبه، قال أحد العاملين في محل بيع القحافي والعقل عبود اليمني «إن ارتفاع إيجارات محلات السوق في السنوات الأخيرة، جعل الكثيرين من أصحاب المحلات يفضلون بيعها لأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة المدعومين من الدولة».

وأضاف عبود «إذا أردت أن ترى كيف بدأ يتغير نشاط المحلات هنا في المباركية، فعليك أن تنظر إلى شارع الغربللي الذي يغلب على محلاته نشاط بيع البشوت، الآن تم استبدال النشاط ببيع العطور».

وتمنى أحد المتسوقين ويدعى مشاري التركي، مساندة الدولة أصحاب المحلات التراثية للحفاظ على أنشطتهم الحرفية القديمة، حفاظاً على هوية السوق الذي يستقطب آلاف الزوار من خارج الكويت وداخلها. وأضاف التركي «أن الكثير من دول العالم عادة ما تكون حريصة على تعزيز هوية أسواقها القديمة لتظهر للسائحين والزوار هويتها الثقافية، لذا يفترض أن تحمي الكويت هويتها التراثية المتمثلة في سوق المباركية».

شكراً الشيخة أمثال

شكر عدد من أصحاب المحلات جهود الشيخة أمثال الأحمد لقيامها بوضع شبرات ومنع السيارات من دخول السوق في 2007، متمنين أن تكرس الجهات المعنية جهودها خلال الفترة المقبلة للحفاظ على هوية السوق.

مجلس أمناء

اقترح عدد من أصحاب المحلات تشكيل مجلس أمناء لسوق المباركية من العاصمة أو تجار السوق للحفاظ على هوية السوق التراثية، ووضع الاقتراحات التي تفيد أنشطة السوق.

استقطاب المتقاعدين

تمنى عدد من أصحاب المحلات استغلال بعض ساحات السوق لإنشاء محلات للمتقاعدين أصحاب الحرف التراثية، لتأجيرها لهم بأسعار رمزية للحفاظ على المهن الحرفية القديمة التي يبرون فيها لمنع اندثارها.