كشف مدير إدارة مكتب التخطيط والمتابعة في الهيئة العامة لمكافحة الفساد «نزاهة» المهندس خالد المزيني، عن أن الهيئة بصدد وضع ملامح لإستراتيجية وطنية جديدة لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد، متوقعاً أن تتضح ملامح الإستراتيجية الجديدة بنهاية السنة المالية 2025 - 2026.

وقال المزيني في لقاء مع «الراي»، «حالياً نحن في مرحلة المشاورات مع جميع أصحاب المصلحة من مختلف القطاعات، وسيتم عقد ورش عمل فنية ومتخصصة خلال شهر نوفمبر المقبل. بعد ذلك سننتقل إلى صياغة المسودة النهائية وعرضها على الجهات المعنية لاعتمادها رسمياً».

وذكر أن مشروع إعداد الإطار الإستراتيجي الجديد يأتي بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، مضيفاً، «أنهينا مرحلة التقييم الشامل للإطار الإستراتيجي القائم، وخرجنا بعدد كبير من الاستنتاجات والدروس التي سيتم البناء عليها في إعداد الإستراتيجية القادمة. حتى الآن، عقدنا ما يقارب 35 اجتماعاً وورشة عمل مع العديد من أصحاب المصلحة من مختلف القطاعات كان أقربها لقاءات ثرية مع 15 مؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني للتباحث حول تطلعاتها للإطار الاستراتيجي الجديد. ونحن حالياً نعمل على الترتيب لعقد لقاءات تشاورية وورش عمل إضافية مع العديد من الجهات الحكومية، والمجتمع المدني، والقطاع الخاص، بهدف تحديد أولويات المرحلة المقبلة وصياغة إطار إستراتيجي وطني متكامل لما بعد عام 2025».

وعن أبرز الدروس المستفادة من الإستراتيجية الحالية، قال «إن تحقيق النجاح يتطلب إشراكاً أوسع لجميع الشركاء منذ المراحل الأولى، وتعزيز آليات قياس الأداء بشكل أكثر دقة. كما أدركنا أهمية توظيف التكنولوجيا والتحول الرقمي بشكل أكبر».

وأكد أن «مكافحة الفساد مسؤولية جماعية، لذلك صُمّمت الإستراتيجية الحالية لتشمل كل أصحاب المصلحة. فهناك مشاريع تستهدف تحديث التشريعات، وأخرى تدعم القطاع الخاص في تطبيق معايير النزاهة، إلى جانب مبادرات مجتمعية لنشر ثقافة النزاهة من خلال التعليم ووسائل الإعلام، بالإضافة إلى مبادرات تساهم في بناء قدرات الجهات المتخصصة في الرقابة وإنفاذ القانون لتمكينها من أداء دور أكثر فاعلية. هذا التكامل يخلق شراكة وطنية واسعة النطاق. ما يعزّز بلا شك من كفاءة منظومة مكافحة الفساد في الكويت».

4 أهداف

بيّن المزيني أن «الاستراتيجية تلقت على مدى السنوات الماضية منذ إطلاقها العديد من الإشادات من عدد من الخبراء سواء على المستوى المحلي أو الدولي كونها أول إستراتيجية من نوعها في المنطقة تعد بمنهجية تشاركية وكذلك لتميز آليات الرصد والمتابعة والتقارير الدورية المنشورة بشفافية».

وتابع «أما في ما يتعلق بتحقيق الأهداف الإستراتيجية، نستطيع القول إن الإستراتيجية حققت تقدماً ملحوظاً في جميع أهدافها الأربعة: القطاع العام، القطاع الخاص، المجتمع، والهيئات المتخصصة. ومن أبرز نقاط القوة التعاون الحكومي الواسع والرغبة في الإنجاز، ومؤسسة التعاون بين الهيئة ومؤسسات المجتمع المدني، حيث تم التعاون في تنفيذ ما يقرب من 35 مبادرة في مجالات تعزيز النزاهة والشفافية ومكافحة الفساد، أما التحديات فكانت بشكل عام ضمان استدامة بعض المبادرات وتوسيع نطاقها، والتأكد من تحقيقها للهدف المنشود من وراء إدراجها ضمن مشروع الإستراتيجية. وهذه التحديات ستأخذ بعين الاعتبار في مشروع إعداد الإطار الإستراتيجي الجديد، إضافة إلى عدد من التحديات الأخرى والدروس المستفادة».

مشاريع عزّزت الشفافية

بشأن الأمثلة الملموسة لمشاريع أو مبادرات أثرت بشكل مباشر في تعزيز الشفافية أو تحسين الخدمات العامة، قال المزيني «تطبيق (سهل) كان له أثر مباشر في الحد من الاحتكاك المباشر بين الموظف والمراجع، ما عزّز النزاهة والشفافية. كذلك، إصدار مدونات سلوك وظيفي لجميع السلطات وربطها بمشروع (أداء) الذي يساهم في تفعيل هذه المدونات، ما يعزّز مستوى الثقة في الأجهزة الحكومية. وأيضاً صدور قانون حق الاطلاع على المعلومات شكّل نقلة نوعية في ضمان الشفافية في تعاملات الأجهزة الحكومية مع المواطنين والمقيمين وأصحاب المصلحة، من خلال إتاحة المعلومات وتعزيز المساءلة».

استمرار التعاون

أشاد المزيني بجميع الجهات من أصحاب المصلحة سواء في القطاع العام، أو الخاص، أو المجتمع المدني على تفاعلهم البناء خلال السنوات الماضية، وناشدهم والجهات الأخرى التي تم وسيتم التواصل معها في القريب العاجل إلى استمرار التعاون مع «نزاهة» من خلال سرعة الاستجابة والمشاركة الفاعلة في هذا المشروع الوطني التنموي، لما يحمله من أهمية على المستوى المحلي في تعزيز منظومة النزاهة ومكافحة الفساد في الكويت، وكذلك لما يمثله من قيمة مضافة في تعزيز مكانة الدولة على الصعيدين الإقليمي والدولي.

مرجع للمراقبين

حول أهمية وجود إستراتيجية وطنية شاملة لمكافحة الفساد مقارنة بالعمل من خلال مبادرات منفردة، قال المزيني «الإستراتيجية توفر إطاراً متكاملاً وموحداً يضمن توجيه كافة الجهود في مسار واحد. بينما المبادرات المنفردة قد تكون مهمة، إلا أنها قد تفتقد للتنسيق والتكامل. الإستراتيجية تجمع الجهود الحكومية والمجتمعية والقطاع الخاص تحت مظلة واحدة، وتضع أهدافاً ومؤشرات قياس واضحة تسهل المتابعة والتقييم. إضافة إلى أن تقارير المتابعة الدورية للإستراتيجية تعتبر مرجعاً ومصدراً رسمياً للمراقبين سواء المحليون أو الدوليون لمعرفة ما تبذله الكويت في مجالات تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد».

التزامات دولية

أكد المزيني أن «الإستراتيجيات الوطنية تعد أداة عملية لترجمة التزامات الكويت الدولية، خصوصاً اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، إلى سياسات ومشاريع قابلة للتنفيذ. فهي تضمن وجود رؤية واضحة، وخطة عمل شاملة، تعزز التوافق بين الجهود الوطنية والمتطلبات الدولية، ما يعزز من مكانة الكويت ومصداقيتها في المحافل الدولية».

الأساس القانوني

حول الأساس القانوني الذي يُعطي «نزاهة» الاختصاص في إعداد الإستراتيجية الوطنية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد، قال المزيني: «ينص قانون إنشاء الهيئة العامة لمكافحة الفساد رقم (2) لسنة 2016 المعدل بقانون رقم (69) لسنة 2025 على أن من أهم اختصاصاتها الأساسية إعداد الإستراتيجيات الوطنية ذات الصلة بتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد، ومتابعة تنفيذها بالتنسيق مع الجهات المعنية. وهذا الدور يعكس الأهمية التي أولاها المشرع لإستراتيجيات مكافحة الفساد، إضافة إلى أنه يعكس المكانة المحورية للهيئة كجهاز وطني مختص في هذا المجال».