/>غيّرت إسرائيل أسلوبَ اجتياحها البري الذي تعوّدت عليه، لتستعيض عنه بمناوراتٍ عدة ضد قطاع غزة، براً وبحراً بعد قصفٍ تمهيدي بقوةٍ نارية لم يسبق لها مثيل، ضاربة عرض الحائط بمناشدة 120 دولة في الأمم المتحدة إعلان وقف فوري لإطلاق النار.
/>ورغم هذا التبديل في الأسلوب، فإن إسرائيل لا تترجمه عسكرياً ولا تسجّل أي إنجاز، عدا تدمير المنازل وقتل أكبر عدد من المدنيين الذي وصل عددهم إلى أكثر من 7500 منهم 4800 بين طفل وامرأة. إلا أن المقاومة استعدّت للغزاة بخطط تكشفها «الراي» من خلال مصادر في «محور المقاومة»، استعداداً للاجتياح البري المرتقب.
/>وقالت مصادر قيادية في «محور المقاومة» ضمن غرف العمليات المشتركة، إن «الدمار الذي أَحْدثه القصف الإسرائيلي المدمّر لشمال غزة ما هو إلا إعاقة كبرى لتقدُّم الآليات العسكرية والألوية الميكانيكية التي زجت بها إسرائيل داخل حدود غزة».
/>وتؤكد أن «إسرائيل قصفت خلال ليل الجمعة - السبت مناطق سكنية عدة. المناطق المتاخمة للقطاع أخليت من سكانها لكن إسرائيل تستمر بقصفها خوفاً من الأنفاق والاستحكامات التي أوجدتْها المقاومة داخل المدينة. وتالياً فإن القصفَ التدميري الذي أحدثتْه الطائرات والمدفعية أوجد للمقاومة الفلسطينية استحكاماتٍ ودشماً لم تحلم بها لاستحداث أفخاخ جديدة وملاقاة العدو».
/>وتضيف المصادر أن «إسرائيل زجّت بثلاث فرق، أي تسع ألوية (نحو 30 ألف جندي وضابط) داخل مسرح العمليات.
/>وتالياً فإن الفِرق الميكانيكية لن تستطيع التقدم مسافات كبيرة بسبب القصف والدمار الذي تسبّبت به إسرائيل والحفر التي ولّدتْها القذائف الضخمة.
/>من هنا فإن أي تقدُّم سيكون بطيئاً جداً بسبب الركام الهائل وسيفرض على إسرائيل استخدام المشاة ليواجهوا المقاومة وجهاً لوجه. وهذا ما سيتسبب بخسائر فادحة للقوات الغازية لأنها ستُضطر للالتحام مع المقاومين، وهذا ما يحاول الجيشُ الابتعادَ عنه».
/>وتتابع المصادر أن «المقاومة الفلسطينية شّكلت فرقاً من آلاف العمال انكبوا على استحداث أنفاق جديدة تحت الركام لمشاغلة العدو ومواجهة أي تقدّم للمشاة باستخدام المباني المدمّرة كأفخاخ مميتة. وليس للمقاومة أي منشأة مدنية أو صناعية تخشى عليها فوق الأرض بسبب الدمار الذي أحدثتْه إسرائيل، وتالياً فإنها ستتحوّل إلى مناطق عمليات مهمّتها استنزاف القدرات والعتاد الإسرائيلي، وستتحرك بحرية وتضرب الأهداف المتحركة بأريحية كاملة.
/>وقد تم استحداث هيكلياتٍ عسكريةً جديدةً للمقاومة تتماشى مع التغيير العمراني المدمَّر بحيث تم تشكيل مفارز وخلايا من المقاومين تعمل باستقلال وبإدارة عسكرية لا مركزية وأجهزة اتصالات مشفّرة رسائلية مغلقة لاستقبال الغزاة الإسرائيليين بأسلوبِ قتالٍ لم تعهده إسرائيل».
/>وبحسب المصادر، فإن «المقاومة لا تحتاج لمولدات كهربائية ولا للفيول، بل لديها مصادر كهربائية شمسية تمدّها بالطاقة الصامتة التي تحتاج إليها في غرف العمليات المتعدّدة المنتشرة على طول القطاع.
/>وتالياً، فقد أَوْجدت غرف عمليات ميدانية بسرعة لأن طبيعةَ الأرض الرملية في غزة تسمح لها ببناء أنفاق محصّنة إسمنتياً وبسرعة كبرى كافية لإيجاد بيئة مقاومة متعددة الجبهة ضد قوات المشاة الإسرائيلية التي لا تملك روح القتال في أرض معادية تتهيأ لتتحوّل إلى مقبرة لهم».
/>وتشرح المصادر، التي خبرت القصف الإسرائيلي وهي داخل النفق، أن «تأثير الضربات الإسرائيلية عندما تتواجد المقاومة داخل الأنفاق، لا يُذكر ولا يُسمع إلا وكأنه صوت إغلاق باب داخل منزل. وتالياً فإن غزارة القصف لا تمثل أي تحدٍّ لمعنويات المُقاوِم الذي ينتظر لحظة الاشتباك مع العدو ليذيقه طعم الحديد الذي أذاقه لأبناء غزة ومدنييها وعائلاتها».
/>وتستطرد المصادر بأن «لدى المقاومة وسائل ومواد أولية لتصنيع الموارد العسكرية من الصواريخ مختلفة الأعيرة، وهي تعمل وفق خطوط إنتاج لم تتأثر بحجم القصف الذي تتعرض له مناطق غزة بسبب المدن التي أوجدتْها المقاومة تحت الأرض، لتتحول المعركة إلى الأنفاق وليس فوق الأرض».
/>تتحرّك المقاومة عبر فرق مشاةٍ مهمّتها إشغال العدو وجذْبه إلى أفخاخ مميتة.
/>ولا تستخدم المقاومة آلياتٍ للتحرك على عكس القوات الغازية التي تعمل على تخفيف الخسائر والتحرك بحماية المدرعات والآليات بعد قصفٍ تمهيدي مدمّر، لتخفيف الخسائر.
/>وما قطْع الإنترنت والاتصالات بين غزة والعالم الخارجي، إلا بهدف واضح لإسرائيل يتمثل في عدم إظهار ما تتعرض له قواتها داخل غزة، خوفاً من الإعلام الحربي الفلسطيني الذي يؤثر نفسياً على الجبهة الداخلية.
/>ويعلم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن جميع أسلافه الذين قرروا الدخول في حرب طويلة خسروا سياسياً وفقدوا مراكزهم وأضعفوا حزبهم.
/>لذلك فهو حذِر في خطواته التي يريد منها إظهار نفسه كقائد مصمم على إزالة الجرح الذي أصاب هيبةَ إسرائيل في السابع من أكتوبر، من دون أن يتسبب بخسائر بشرية كبرى لجنوده، وتحقيق بعض أهدافه المتواضعة.
/>ولا شك في أن إرسال أميركا لضباطها الكبار ليصبحوا جزءاً من غرفة العمليات الإسرائيلية ومشاركة الخبرات التي اكتسبها جيشها في العراق وأفغانستان وسورية، لا يدل فقط على مدى الالتزام الأميركي بحماية إسرائيل، ولا سيما أنه يترافق أيضاً مع الدعم المالي منقطع النظير والدعم العسكري بالعتاد والذخائر الهائلة التي تنهار على غزة.
/>وهذا لا يعني أن إسرائيل تحتاج لمن يعلّمها القتال أو مواجهة الفلسطينيين، بل هي تستفيد من أميركا وخبراتها في محاولةٍ لتقليل خسائرها ولتعزيز الدعم المعنوي الذي يحتاج إليه الجيش الذي قُهر يوم السابع من أكتوبر وكُسرت صورته ومُرّغ كبرياؤه بالتراب.
/>لكن المقاومة تتبع العلم العسكري الذي ينص على أن تترك الأرض تدافع عن نفسها بالاستفادة من الهمجية الإسرائيلية المدمّرة.
/>زرعتْ المقاومة مسماراً في نعش الكيان الصهيوني لن تنساه إسرائيل التي لجأت إلى ما يُعرف بـ «القصف الجبان» (تدمير المناطق المدمّرة أصلاً سابقاً) للحفاظ على ما تبقى من هيبتها، غير آبهة بالقوانين الدولية في ارتكابها جرائم على مرأى ومسامع الدول.
/>لكن هذه الجرائم تساعد في إيقاظ العالم الذي دخل مخاض كسْر الأحادية التي تتعامل بازدواجية المعايير وتدعم القتل الجماعي ما دامت إسرائيل خلْفه. إلا أن حصر النتائج ما زال مبكراً ولكنه لن ينتظر طويلاً.