يقول أحد المسؤولين الأوروبيين في بروكسيل، إنه «لم يعد هناك مكان في أرجلنا من دون ثقوب، نطلق النار عليه، لأننا فرضنا العقوبات على روسيا، لندفع نحن الثمن الباهظ».
ويشكل الغاز الروسي لأوروبا 45 في المئة من احتياجاتها، والنفط 25 في المئة، وعليه فإن بروكسيل لا تدرك مدى هشاشة موقفها، كما أعلنت موسكو.
ومن المؤكد أن العالم بأجمعه سيتضرر من العقوبات الغربية والروسية المتبادلة من دون أن تؤثر هذه العقوبات على مجرى الأحداث ومسار الحرب في أوكرانيا.
إلا أن أخطر ما في الأمر، هو تبادل الطرفان، المعلومات العلنية عن توارد المقاتلين الأجانب إلى أوكرانيا، وهذا سيؤثر على الأمن العالمي، بما فيه الشرق الأوسط.
في بداية الأيام الأولى للحرب في 24 فبراير الماضي، أعلنت دول أوروبية والولايات المتحدة، توجه آلاف المتطوعين الأجانب للقتال ضد القوات الروسية في أوكرانيا، التي أنشأت «كتيبة الأجانب»... كما كشفت وسائل إعلام بريطانية، أخيراً، أن هناك جنوداً ما زالوا في الخدمة «قد اختفوا» ومن المرجح أن «يكونوا توجهوا إلى أوكرانيا».
وجاء الرد الروسي، على لسان الرئيس فلاديمير بوتين، الذي «وافق» على اقتراح وزير دفاعه سيرغي شويغو، استقدام «متطوعين ما داموا لا يتقاضون المال لأنهم حلفاء أو أصدقاء».
إلا أن الأكثر خطورة مما قاله بوتين، هو قراره «بتسليم الأسلحة التي صادرها الجيش الروسي في معاركه إلى الحلفاء والأصدقاء».
لهذا التصريح دلالة كبيرة... فهذا يعني أن الصواريخ الليزرية المحمولة على الكتف والمضادة للدبابات من طراز «جافلين» و«لاو إم»، و«ستينغر» المضادة للطائرات، ستصل إلى أيدي حلفاء روسيا، وتالياً «أعداء أميركا» في الشرق الأوسط.
وهذا دليل على أن موسكو غيرت تكتيكاتها وثوابتها، إن كان في الحرب الدائرة في أوكرانيا، أو بتسليح «أعداء أميركا» بأسلحة تختل فيها التوازنات العسكرية.
في أوكرانيا، فشل الجيش الروسي بالسيطرة على البلاد، مستخدماً «القفازات المخملية» وضرب المنشآت العسكرية والقدرات القتالية للجيش الأوكراني.
وبدأ في استخدام تكتيك الحرب السورية بالمحاصرة والقصف، مستخدماً أسلحة ذات دقة عالية، وأخرى «غير دقيقة» تستعمل لقصف المدن وإدخال الرعب في سكانها.
ولذلك، فإن الخطة هي إجلاء من يريد الخروج بعد القصف خلال الحافلات، كما كان يحصل في سورية.
وهذا يعني أن الفاتورة الأوروبية التي فرضتها الحرب لن تنتهي هنا.
فوجود مقاتلين من الشرق الأوسط، خصوصاً من سورية والعراق ولبنان وقطاع غزة، سيشكل ثمناً باهظاً للأمن الأوروبي الذي سيجد في قارته مسرح عمليات حربية كان دائماً يديرها في الشرق الأوسط.
فمقاتلو الشرق الأوسط، يمتلكون الخبرة القتالية في معارك الشوارع والمدن التي أجادوها في حربي العراق وسورية... وهؤلاء لن يأخذوا بالحسبان العلاقات الاجتماعية بين روسيا وأوكرانيا.
والمسألة الأهم، تتمثل في أن لدى هؤلاء المتطوعين «أجندة» تختلف عن الروسية، ولديهم الشهية لمهاجمة الأوروبيين والأميركيين في حال سنحت لهم الفرصة.
وحيازتهم على معدات واسلحة أميركية وبريطانية فتاكة، ستجد طريقاً لها الى الشرق الأوسط، لتستخدم ضد القوات الأميركية في المنطقة، وإسرائيل.
ولم يغب عن الذاكرة، كيف استخدمت إيران صواريخ «ستينغر» التي حصلت عليها خلال الصراع الأفغاني الطويل، وأسقطت بها مروحية أميركية.
مما لا شك فيه أن الكلمة الأخيرة في الحرب، ستكون لمن يمتلك القدرة العسكرية الأقوى، إلا أن الثمن بدأ يصبح باهظاً على الجميع وآثاره باقية وتتمدد خارج حدود أوكرانيا.