قال ديكارت مقولته الشهيرة: أنا أفكر إذاً أنا موجود.

لكن تعالوا نعكسها فنسأل: أنا موجود.

لكن هل أفكر. واذا لم أفكر. هل أنا موجود، بمعنى أن لوجودي معنى وقيمة.

وإن أجبت بـ«لا» أفكر، فأنا أعيش فقط ولست موجوداً كذات فاعلة مؤثرة.

بل أعيش فقط على هامش الحياة.

ولكن هل اختار ألا أفكر.

حتى لا أتعرض للإقصاء والنبذ والعقاب.

خصوصاً في مجتمع يعتبر التفكير جرأة وتعديا، وحالة من ثورة وتمرد.

وسخرية.

في المقابل الجهل والتجهيل والتدجين والسير مع التيار والانضمام للقطيع.

إذاً لو أدركت كل هذه المخاوف والتحذيرات، التي من شأنها ألا تجعلني أفكر.

إذاً أنا موجود رغم أنني لا أفكر.

لأنني لا أفكر في اختياري ووعيي الكامل في حقي ألا أفكر، حتى أكون في أمان وأعيش بسلام وطمأنينة.

بسبب الظروف الاجتماعية والسياسية.

الفقر والبطالة والحروب ثم القمع والاستبداد وحجب الحريات الأساسية... فرّ معظم العرب بحثاً عن السلام النفسي، الكرامة ولقمة العيش، العمل، الاستقرار ومناخ للتعبير عن نفسه وفكره.

ومن خلال تلك التجارب رسم معاني مختلفة للاغتراب سلباً وإيجاباً، في صورة أوطان مصغرة.

ثم يقول ابن القيم: الرزق «هو أن يمنحك الله لمسة أمان وطمأنينة، تجعل كل ضعيف ويتيم يلجأ إليك ويستظل بك»، فالبركة - وأعظم النعم - هي أن تمنح الطيبة التي في قلبك - رغم كل القسوة التي واجهتها والظلم الذي وقع عليك - للجميع من دون استثناء، ومن دون مقابل، ولا تريد شيئاً على الإطلاق. تستغني وتكتفي ولا تطلب شيئاً.

نقطة:

الأفضل أن تموت واقفاً مدافعاً عن رأيك وفكرك

على أن تعيش منحنيا على ركبتيك

بلا كرامة أو هوية أو إحساس.