سؤال يتبادر إلى ذهني دائماً، خصوصاً مع تكرار هذه العبارة على مسامعنا باستمرار. ومن واقع حياتي الشخصية، فعلى سبيل المثال في المرحلة الجامعية، بعض الأكاديميات كنّ بالفعل يتعمّدن تصعيب المواد، ويتعاملن بغرور أنثوي مطلق، وكأن موقعهن يمنحهن مساحة لإثبات تفوق غير مبرر. ومع الوقت، امتد هذا الانطباع ليطل برأسه في الحياة العملية أيضاً لدى البعض... وبت أصدق قولهم بأن «المرأة عدوة المرأة».
شخصياً، حوربت ومازلت من نساء يكبرنني سناً. كنت أعزو ذلك تارة للغيرة، وأخرى للحسد، وأحياناً للفوقية في التعامل، أو للاختلاف الجوهري بين الأجيال. فالاختلاف في التفكير وأسلوب الحياة والطموح يخلق لدى بعضهن خلافاً حاداً بالضرورة وليس اختلافاً طبيعياً أو محموداً، بل تصعيداً.
بل إن من بينهن من ترى أنه ما دامت لم تعش أو تجرب، فلا يحق لغيرها أن تعيش أو تختبر أو تنغمس في شباب الدنيا. وكأن من فاتها قطار العمر، أو سحقها الزمن بتجاربه القاسية، تريد لنظيرتها أن تعيد المأساة نفسها بدل أن تنصحها، أو ترشدها، أو تفتح لها نافذة على الحكمة التي يفترض أن تمنحها السنين.
لهذا أميل إلى هذا المعتقد...
في المقابل، حظيت في حياتي بنساء رائعات. هناك من دعمنني وعلمنني وأخذن بيدي في اللحظات التي شككت فيها بنفسي. صادفت فرق عمل متكاملة، زميلات يرفعن بعضهن بعضاً كخلية نحل متناغمة، لا يبتغين إلا الارتقاء والنجاح بتنافس صحي. ولا أنسى من منحنني حبهن وعطفهن وخلاصة تجاربهن، تارة من الحكمة الحياتية، وتارة من الخبرة العملية، خصوصاً في بداياتي الوظيفية الحالية .
وأخص بالذكر صديقاتي، أو كما أحب أن أسميهن «صديقات روحي»، اللواتي لولا الله ثم أياديهن التي لا تكل ولا تمل من التصفيق لي وتذكيري بكل جميل لما استطعت أن أكتب هذا المقال اليوم. ومع ذلك، هناك بعض النساء اللواتي يجسدن سمات العداء الأنثوي تحت قناع الصداقة، وهو ما يذكّرنا أن العداء ليس غريزياً، بل نتاج صراع داخلي وفقدان للتوازن النفسي وأبجديات الوعي الذاتي.
إذاً، عدوة المرأة الحقيقية ليست مجرد امرأة أخرى، بل تلك التي لم تصالح نفسها، ولم تتعافَ من جروحها، ولم تصل إلى الوعي الكافي لفهم نفسها على الأقل، فتصب آلامها وإحباطها على من حولها... المرأة غير الواعية هي عدوة المرأة.