أجمع عدد من الموسيقيين والباحثين في دول مجلس التعاون الخليجي على الإشادة بتكريم الفنان القدير عبدالعزيز المفرج ليكون شخصية الدورة الخامسة والعشرين لمهرجان الموسيقى الدولي، إلى جانب إطلاق «ملتقى شادي الخليج» ضمن فعاليات المهرجان، مؤكدين أن ذلك ينبع من حرص واهتمام دولة الكويت بالاحتفاء والتكريم والتقدير لرموزها الفنية الرائدة.

جاء ذلك خلال الحلقة النقاشية الثانية التي أقيمت في الملتقى ضمن أنشطة المهرجان الموسيقى، والتي حملت مضامين تطور الأغاني الخليجية والمراحل الزمنية والتاريخية التي مرت بها، وأدارها الإعلامي الأردني عبدالسلام جادالله، وتحدث خلالها الملحن أنور عبدالله عن مراحل تطور الأغنية الكويتية، والناقد الفني علي فقندش عن مراحل تطور الأغنية السعودية.

كما شارك الباحث محمد جمال عن مراحل تطور الأغنية البحرينية، والموسيقى فتحي محسن عن مراحل تطور الأغنية في سلطنة عمان، والملحن القطري مطر الكواري عن مراحل تطور الأغنية القطرية، والملحن إبراهيم جمعة عن مراحل تطور الأغنية الإماراتية.

«الحداء والصوت»

في البداية استهل الباحث البحريني القدير محمد جمال حديثه في تناول أنماط الفنون العربية وعلاقتها في الفنون الخليجية، فضلاً عن تناول أنواع الغناء الخليجي مثل الحداء والنهمة والصوت، مستذكراً مسيرة الغناء في مملكة البحرين التي بدأت مع الفنان أحمد النديم عام 1928 ومن ثم انطلقت أصوات أخرى كثيرة مثل الفنان محمد بن فارس الذي ساهم في تطور الغناء والصوت، فضلاً عن تطور الصوت أيضاً في دولة الكويت من قبل الفنان الرائد عبدالله الفرج.

«إيقاع الخبيتي»

أما الباحث الناقد الفني اليمني القدير علي فقندش، فقال إن بداية الغناء في المملكة العربية السعودية كان من خلال الأغنية الجماعية في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، وبعدها انطلقت الأغنية من قبل الفنانين الموسيقيين طارق عبدالحكيم ومحمد عبدالله، وهناك مطربون سعوديون آخرون سجلوا اسطواناتهم في البحرين والكويت وبغداد، ولقد انطلقت وانتشرت الأغنية السعودية في لحن «يا ريم وادي ثقيف» التي لحنها طارق عبدالحكيم وغنتها الفنانة نجاح سلام، وكانت آنذاك الأغاني السعودية ذات الإيقاعات المختلفة والجديدة وهذا ما ميزها، إضافة إلى تميز «الإيقاع الخبيتي» كونه حركياً وذا أنماط وتفعيلات متنوعة. كما تناول مراحل تطور الأغنية السعودية لاحقاً من قبل الفنانين محمد عبده وطلال مداح وإبراهيم خفاجي، إلى جانب الألحان الذهبية التي صاغها الملحن يوسف المهنا بتلك الفترة ومنها أغنية «ابعاد».

«فرقة الأضواء»

من جهته، قال الملحن القطري القدير مطر الكواري إن «الأغنية القطرية في بداياتها واجهت صعوبات وعوائق متعددة تمثلت في العادات والتقاليد الاجتماعية والدينية، إلى جانب أن كل قبيلة كانت تمتلك فرقة شعبية باسمها، بالتالي كان كل مطرب يبرز للجمهور من خلال تلك الفرق، وبعدها برز اسم الفنان إسماعيل القطري، إلى جانب فنانين آخرين مثل سالم وإبراهيم فرج ومرزوق العبدالله، وتم إنشاء (فرقة الأضواء الموسيقية) من قبل عبدالعزيز ناصر وعبدالرحمن المناعي وغيرهم في منتصف ستينيات القرن الماضي، وكانت بداياتهم من خلال أغاني التراث».

وأضاف «كما انطلقت أجيال أخرى في مسيرة الأغنية القطرية مثل فرج عبدالحكيم وعلي عبدالستار، ومن ثم ظهر جيلنا مطر الكواري ومحمد المرزوقي وفيصل التميمي وآخرون لنقدم الأغنية ذات الطابع الخليجي، كما قدمنا الأغنية الوطنية، وبعدها ظهرت الأجيال الحالية مثل الفنان فهد الكبيسي، والموسيقى القطرية ماضية في طريقها بكل تألق وحضور».

«حفلات سمر»

وتحدث الموسيقي العماني القدير فتحي محسن عن مراحل تطور الأغنية في سلطنة عمان، فقال إن «لدولة الكويت الفضل في المناهج الموسيقية في السلطنة وعلى دول مجلس التعاون الخليجي كافة، لاسيما في ريادتها العريقة الفنية والتربوية، خصوصاً الأوبريتات الوطنية التي قدمها القامة الفنية القديرة (شادي الخليج) التي أصبحت لنا مثالاً يحتذى به في أعمالنا»، مستذكراً تطور الموسيقى العمانية من قبل شهاب أحمد الشيخ مدني الذي كان يسكن في مدينة مطرح، وكان لديه مجلس يجمع الفنانين والشعراء والملحنين من الخليج، وكان يجلس معه الفنان البحريني محمد بن فارس، بالتالي أقيمت حفلات سمر غنائية شعبية عدة، وبعدها برز سالم راشد الصوري وفرج الغساني وغيرهما، إضافة إلى أن «زنجبار» كانت تمثل حالة من النشاط، ثم انتشرت الموسيقى والأغنية العمانية حتى واصلت مراحلها الزمنية عبر أجيال متعاقبة من الفنانين.

«الغناء الجماعي»

أما الملحن الإماراتي القدير إبراهيم جمعة، فقال إن الفن يمثل ارتباطاً في تضاريس البلد، وكانت بدايات الفنون الغنائية في الطابع الشعبي والتراثي الجماعي مثل «العيالة»، وهو «فن العرضة»، وبعدها تطور الغناء إلى أنواع مثل «الفردي والطارج والرايح»، ثم انطلق جيل مطربي السمرات، خصوصاً في البحرين ودبي مثل الفنان حارب حسن، وأعقبه الفنان جابر جاسم، وتميز الجيل اللاحق في بصماته وأعماله مثل الملحن خالد ناصر، معرباً عن اعتزازه الكبير في التعاون مع الفنان القدير «شادي الخليج».

«أجيال ذهبية»

وكان مسك الختام مع الملحن القدير أنور عبدالله الذي استهل حديثه قائلاً: «يعتبر الفنان الرائد عبدالله الفرج الأب الروحي للأغنية الكويتية، إلى جانب أن الفضل يعود أيضاً إلى الفنان عبداللطيف الكويتي الذي قام بنقل (فن الفرج)، ورغم ظروفه الصحية وإعاقته لكنه واصل مسيرته الفنية في الهند وسجل أسطوانات وأصواتا كثيرة، وبعدها ظهر جيل عبدالله فضالة وسعود الراشد والأخوين عوض ويوسف دوخي، فضلاً عن بروز شادي الخليج وأحمد باقر اللذين أسهما في مركز الفنون الشعبية مع حمد الرجيب، والذين عملوا نقلة مهمة في التاريخ الفني الكويتي، ومن الأعمال في تلك الفترة (كفي الملام) للشاعر فهد العسكر».

وأشار عبدالله إلى «تعاقب الأجيال الفنية الذهبية في تاريخ الأغنية الكويتية مثل يوسف المهنا وغنام الديكان وعبدالرحمن البعيجان وعبدالحميد السيد وخالد الزايد، ومن ثم جيل سليمان الملا وعبدالله الراشد وعبدالعزيز الحمدان، وجاءت ثمار مخرجات المعهد العالي للفنون الموسيقية آنذاك في سليمان الملا الذي لحن (فدوة لك)، ومن ثم جاء جيلي مع راشد الخضر ويعقوب الخبيزي ومحمد البلوشي، وبعدها جيل الهواة مثل مشعل العروج وطارق العوضي وعبدالله القعود، وتظل الكويت ولادة والأغنية الكويتية بخير».