قدمه «العربي» ضمن «الكويت المسرحي 25»
«كازانوفا»... هكذا تُحاك المشاعر بمكينة الأمنيات
في «مشغل الحياة» تتعلّق المشاعر بخيوط الأمل...
لعلّ هذه الجملة، تلّخص أحداث مسرحية «كازانوفا» التي قدمتها فرقة المسرح العربي على خشبة الدسمة، ضمن فعاليات الدورة الخامسة والعشرين لمهرجان الكويت المسرحي.
وجاءت المسرحية، من تأليف وإخراج محمد الرباح، ومن بطولة غدير حسن وسارة العنزي وآمنة عبدالله ومحمد المطاوعة، وبمشاركة مجموعة من الفنيين ومصممي السينوغرافيا.
فقد طرحت «كازانوفا» تساؤلات عدة، عن الأحلام التي تنسجها المرأة، في ظل غياب الطرف الآخر، ومدى قدرة الإنسان على خلق بديل تخيلي يملأ فراغ الحياة حين تغلق الأبواب، في دعوة إلى إعادة التفكير في مفهوم الرغبات الإنسانية التي تنسج طموحاتنا.
وانطلق العرض بجملة: «عندما تُحاك المشاعر تحت مكينة الخياطة» ليفرض منذ لحظته الأولى أحداثاً تربط خيوط الملابس بخيوط الروح التي تتشابك وتتقطّع مع تجارب الحياة المختلفة، وذلك من خلال قصة ثلاث نساء يعملنَ في مشغل خياطة، يواجهن رتابة الأيام وطول ساعات العمل، ويقعن فريسة الملل الذي يتحوّل تدريجياً إلى أسئلة عن الذات والحرية والفرص الضائعة.
وبذكاء، وضع الرباح «مانيكان» في قلب المشغل كرمز لرجل افتراضي تصب عليه كل واحدة منهن هواجسها المخفية، وأوهامها، وما تحلم أن تجده في شريك لا وجود له سوى في خيالها، فتتعامل معه كما لو أنه كيان قادر على الإصغاء واحتضان خيباتهن، هذا التفاعل خلق حالة مسرحية متناغمة، لا تعتمد على الحوار فقط، بل على الإيماءات والحركات التي تعبّر عمّا يجول بداخل عقول الشخصيات.
ونجح فريق العمل في تقديم أداء متماسك حمل الكثير من الصدق والعمق، وبرزت الانفعالات الحقيقية في الأداء النسائي تحديداً، إذ استطاعت كل ممثلة أن تمنح شخصيتها طابعاً خاصاً ميزها عن الأخرى، من دون أن يخل ذلك بانسجام المجموعة.
أما السينوغرافيا التي صاغها الدكتور فهد المذن، فقدمت فضاء بصرياً بسيطاً ودقيقاً في الوقت نفسه، المشغل بآلته وملابسه وخيوطه ومقصاته، والمانيكان، كل ذلك لم يكن مجرد كماليات، بل كانت عناصر شاركت في القصة، وخلقت إيقاعية بين الحركة والسكون.
العمل بمجمله، كان متكاملاً ومنسجماً في عناصره، كما شكّل مزيجاً بين الواقعية والرمزية، وبين البساطة الشكلية والعمق النفسي، مستنداً إلى رؤية فنية لامست الوجدان.