قدمته ورشة «الخليج العربي» على خشبة الشامية
«زبانية»... الجبروت بدافع الخوف
- العرض طرح عدداً من اللوحات المستوحاة من نصوص عدة
ماذا يحدث إذا تحول البشر إلى زبانية؟
لعلّ هذا السؤال الذي يبدو بسيطاً، فتح الباب أمام عمل فكري يسلط الضوء على الجبروت حين يتخفى تحت أقنعة السلطة، أو باسم الأخلاق، أو حتى بدافع الخوف.
إذ طرح المخرج أحمد محمد العوضي في «العرض الموازي» في فعاليات الدورة الخامسة والعشرين لمهرجان الكويت المسرحي، عدداً من اللوحات المستوحاة من نصوص عدة، والتي تتشارك جميعها في طرح السؤال نفسه.
ورغم أن العرض، الذي احتضنه مسرح الشامية، قدم بمشاركة فريق من الممثلين الشباب من نتاج الورشة الفنية التي أقامها مسرح الخليج العربي، إلا أنه جاء بأداء مشحون بالعواطف العميقة، والجميل أن بعض اللوحات كانت من تأليفهم.
استهلّ العرض بلوحة «قابيل وهابيل»، من تأليف عبدالرحمن نصير، والتي شكلت مفتاحاً لقراءة بقية اللوحات، وتناولت ثيمة «الميلاد الأول للشر»، حيث يتحول الحسد إلى أداة قتل، ويصبح الأخ جلاداً لأخيه.
بعدها، قُدّمت لوحة «أبرهة»، من تأليف نهاد القطان وإعداد أحمد العوضي، وتجسدت فيها مأساة القوة حين تعمي صاحبها.
أما لوحة «الفيل يا ملك الزمان»، من تأليف سعدالله ونوس وإعداد سارة العنزي، فقد كشفت علاقة السلطة بالخرافة.
وقدمت لوحة «النمرود»، من تأليف أحمد محمد العوضي، فكرة كيف ينتهي الإنسان مهزوماً من أصغر المخلوقات، في تذكير بأن الطغيان مهما تضخم يبقى معلقاً بخيط ضعيف.
وكانت لوحة «حفلة على التاريخ»، من تأليف عذبي الرشود، عبارة عن محاكاة ساخرة لتزييف الماضي، وقدمت خطاباً نقدياً لاذعاً ممزوجاً بالكوميديا السوداء.
وجاءت لوحة «دكتور فاوستوس»، من تأليف كريستوفر مارلو واعداد أحمد محمد العوضي، كجسر بين الماضي والحاضر، إذ يمثل فاوستوس الإنسان الحديث الذي يبيع روحه مقابل المعرفة والسلطة. لنصل إلى لوحة «من منهم هو»، من تأليف العوضي، وفيها تصبح الوجوه متشابهة، فلا نعرف من الجلاد ومن الضحية.
ونجح العوضي في تقديم عرض غلب عليه الطابع الحركي، مُوظفاً الإضاءة التي صممها عبدالعزيز القطان بمهارة، ومستخدماً المؤثرات الصوتية لعلي دشتي لتوليد إحساس دائم بالتهديد، كما أن الأداء التمثيلي للفنانين الشباب الواعدين عكس صراع الإنسان مع رغباته.
في النهاية، إن مسرحية «زبانية» ليست فقط عرضاً تجريبياً لشباب ورشة، بل مشروع فكري يختبر قدرة المسرح الحقيقية على توحيد نصوص مختلفة في عرض واحد.