في الوقت الذي تشهد أسواق المباركية حركة تطوير متواصلة، واهتماماً ملحوظاً يبعث على الاعتزاز والتقدير، تبقى هناك أمنية يتشارك فيها كثير من محبي هذا السوق العريق، وهي أن تكتمل هذه الجهود التطويرية بنقل سوق السمك منه إلى موقع آخر، لما تُسبّبه روائحه المزعجة من نفور وتشويه للمشهد العام، فيما تتواصل الجهود لاستعادة منطقة المباركية رونقها كوجهة تراثية وسياحية مميزة.

مع ما تشكله منطقة المباركية من نقطة جذب تستقطب الكثيرين، نظراً لما تمثله من بُعد تراثي، فإن الكثيرين ممن يدخلها ويتجوّل فيها، يتحاشون المرور من أمام سوق السمك، بينما يضطر آخرون إلى وضع الكمامة على أنوفهم أثناء العبور بسبب الروائح المنبعثة من السوق.

«الراي» استقصت الأمر، واستطلعت آراء مرتادي منطقة المباركية، فأكدوا أن سوق السمك تنبعث منه روائح نفاذة تزكم الأنوف، ويصعب احتمالها، خصوصاً في فصل الصيف، إلى جانب المياه التي تتدفق بشكل مستمر نتيجة عمليات الغسل والتنظيف، الأمر الذي يحوّل الممرات المحيطة إلى برك صغيرة تسبب الانزلاق، وأوساخ لا تتماشى مع طبيعة المكان التراثي.

وانتهز عدد من المواطنين الذين استُطلعت آراؤهم، الفرصة لبث الشكاوى من الروائح، والمطالبة بنقل سوق السمك بالكامل إلى موقع آخر أكثر ملاءمة، وخاصة مع وجود أسواق مركزية حديثة مجهزة بوسائل تبريد وتهوية وتصريف متطورة، وهو ما يجعل وجود سوق السمك في مكانه غير ضروري في ظل تغير أنماط الشراء، وهو ما يجعل خيار النقل مطلباً ضرورياً، لاسيما في ظل ضعف إقبال المشترين عليه، ووجود عشرات البسطات الخالية وغير المستغلة.

إعادة نظر

بداية، قال حسين محمد بوعلي إن «سوق السمك من الأسواق القديمة التي تحتاج إلى تطوير وعناية خاصة، وهذا الأمر غائب تماماً، لذلك تتكرر الملاحظات نفسها التي ملّ الناس من ذكرها، مثل انتشار الروائح الكريهة».

وأشار بوعلي إلى أن «المطلوب هو إعادة النظر في وضع السوق ونقله إلى موقع مناسب يضم جميع الخدمات والمرافق الحديثة»، لافتاً إلى أن سوق السمك من الضروريات التي يجب اختيار موقعها بعناية، بدلاً من بقائه في وسط السوق القديم.

من جانبه، قال سالم الحداد إن «مشكلة السوق الأساسية تكمن في الروائح التي تزكم الأنوف ولا تُطاق، والسبب في ذلك أن الشفاطات التي يفترض أن تسحب الروائح لا تعمل، إضافة إلى ضيق المساحة الذي يزيد الوضع سوءاً».

وأوضح الحداد أن «تشغيل الشفاطات بكفاءة عالية طوال الوقت سيمنع هذه الروائح الكريهة ويجعل الوضع طبيعياً. فالسوق بحاجة إلى اهتمام أكبر وتخصيص موقع جديد يليق به».

مشكلة

أما وليد الكندري، الذي كان يقف أمام بسطة لبيع السمك، فقال: «المشكلة في التكييف المعطّل، والروائح القوية، وهذا أمر مزعج. الجميع في السوق يتصبب عرقاً، وملابسهم مشبعة برائحة السمك». وأضاف الكندري «زرت أسواق الأسماك في دول الخليج، ولم أجد مثل هذه الروائح المزعجة، بل إن التكييف هناك بارد والأجواء مناسبة، بعكس ما هو موجود في سوق المباركية». ودعا الجهات المختصة إلى الإسراع في نقل السوق إلى موقع آخر مناسب ونظيف، مؤكداً أن الموقع الحالي لم يعد مناسباً إطلاقاً ولابد من إيجاد بديل.

ضرورة ملحة

من جانبها، قالت المواطنة أم عبدالله إن مشكلتها في سوق السمك تتعلق بارتفاع الأسعار، إضافة إلى غياب أنواع معينة مثل سمك الميد والصبور، فضلاً عن خلو معظم البسطات، وهو أمر غير منطقي ويحتاج إلى تدخل يعيد الاعتبار للسوق. ورأت أن «التفكير في نقل السوق أصبح ضرورة ملحّة، خاصة مع توسع الأسواق وتداخلها».

وفي شارع الغربللي، أمام مدخل سوق السمك، قالت أماني الأستاد «هل يُعقل أنه في بلد سياحي وفي سوق قديم، تنبعث مثل هذه الروائح الكريهة، رغم أن المكان مليء بمحال العطور؟». ورأت أنه «حتى وجود سوق اللحوم المجاور يُعد أمراً مزعجاً، لاسيما أن بعض القصابين يقطعون اللحم بالساطور أمام الأطفال، وهو أمر غير ملائم».

بدورها، ذكرت نجاة الأستاد أن «نقل السوق يُشكّل خطوة مهمة، وبصراحة، هذا فشل أمام العالم والسياح».

بائعو السوق... «يبون الفكّة»

في رسالة تعكس الواقع المزري للسوق، اشتكى عدد من البائعين لـ«الراي» من قلة المرتادين نتيجة تقلص عدد البسطات بشكل كبير، مطالبين بنقل السوق إلى موقع أفضل يليق بهم وبالزبائن، بدل حالة «البهدلة» التي يعيشونها حالياً، على حد وصفهم.

وأشار البائعون إلى أن «إيجارات البسطات مرتفعة جداً نسبة إلى الإيرادات، وتصل إلى 400 دينار، في حين أن سوق الجملة قد نُقلت مكاتبه، ورحل عدد كبير من البائعين، مما أدى إلى تراجع النشاط التجاري». وأوضحوا أنه «لم يتبقَ سوى 13 بسطة فقط من أصل 81، وهو ما يعكس حجم التراجع الذي يعانيه السوق».

مخالفة المكاتب المغلقة

تزامن وجود «الراي» في أسواق المباركية مع حملة مباغتة لوزارة الشؤون ضمن مشروع «التفتيش الذكي» لحاملي الضبطية القضائية، حيث تضاعف ضبط المكاتب غير المستغلة التي قد تكون غطاء لتجارة الإقامات، حيث قام المفتشون بحظر المكاتب المغلقة عبر الموقع الالكتروني فوراً.

شكاوى من تسرّب مياه المجاري في المواقف

تزايدت شكاوى عدد من أصحاب السيارات من مواقف سراديب أسواق المباركية، بسبب تسرّب مياه المجاري من السقف بشكل مباشر على مركباتهم.

وأكد المتضررون أن هذه المشكلة تتكرر منذ فترة دون وجود حلول جذرية، مشيرين إلى أن استمرارها قد يؤدي إلى تفاقم الأضرار على السيارات ويُشكّل خطراً صحياً على مرتادي المواقف.

وطالبوا الجهات المختصة بسرعة التدخل لإصلاح الخلل ومعالجة تسرّب المياه بشكل جذري، حفاظاً على المرافق العامة وحماية ممتلكات المواطنين.