«السلك الدبلوماسي ليس مجرد وظيفة، بل رسالة تحمل في طياتها ملامح شخصية وثقافية وإنسانية»... بهذه الرؤية اختارت السكرتير الثاني في سفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية لدى البلاد، مريم هاشمي، أن تسلك طريق العمل الدبلوماسي، مدفوعةً بشغفها وإيمانها العميق بمكانة المرأة ودورها في المجتمع.
تقول هاشمي إن التحولات التي شهدتها إيران بعد انتصار الثورة الإسلامية، خصوصاً ما يتعلق بإعادة تعريف دور المرأة، كانت حافزاً أساسياً لها: «ساهم الاهتمام بمكانة المرأة من منظور إسلامي في تمكيني من اقتحام مجالات متعددة، لاسيما الأكاديمية والثقافية، هذا المناخ الإيجابي ألهمني لخوض المجال السياسي والدبلوماسي، إلى جانب اهتمامي العلمي والعملي، من أجل إثبات أن للمرأة مكانة راسخة في الحقل العام».
كسب الثقة
ترى هاشمي أن الساحة السياسية العالمية «لطالما كانت حكراً على الرجال، إلا أن بروز قدرات النساء وتطور إمكاناتهن منحهن الفرصة لكسب الثقة وتقديم حلول فعالة في مختلف القضايا، ما جعل لهن مساحة متكافئة في العمل الدبلوماسي، إلى جانب زملائهن الرجال». وأعربت عن إيمانها بأن «الصفات الشخصية تلعب دوراً محورياً في تشكيل الأسلوب الدبلوماسي لكل فرد، فالحساسية المتوازنة والقدرة على إدارة النزاعات بروح بنّاءة ضروريان، خصوصاً في القضايا المرتبطة بالعلاقات الدولية. بالتالي، يصبح حضور المرأة أكثر عمقاً إذا استطاعت التأثير في الرأي العام والمساهمة برفع صوت بلادها على الساحة الدولية». وفي حديثها عن تجربتها الشخصية، تؤكد هاشمي أن العمل الدبلوماسي «يعتمد على الروح الجماعية، والشعور بالتأثير لا يتأتى إلا من خلال الإنجازات التي تتحقق بالتعاون والمشورة»، مشيرةً إلى أن اللحظات التي يتوج فيها العمل بنتائج إيجابية «تكون موضع فخر ورضا شخصي ومهني». وترى أن الصفات القيادية في العمل الدبلوماسي «تتجسد في تغليب المصلحة الوطنية، والتحليل الدقيق، والقدرة على اتخاذ القرار في التوقيت المناسب، والاعتماد على التشاور والواقعية، مع استثمار الفرص لدعم سياسة البلاد الخارجية».
الفهم بعمق
نصيحة هاشمي للشابات الراغبات في دخول السلك الدبلوماسي واضحة:
«الاطلاع المستمر على التحولات السياسية الداخلية والإقليمية والدولية، وقراءة المذكرات السياسية والتاريخية، تمنحهن خلفية تحليلية ضرورية لفهم القضايا بعمق، وهو ما يمثل أساساً مهماً لبناء شخصية دبلوماسية ناجحة».
وتشير إلى أن الدبلوماسية «لا تمثل فقط الدولة على الصعيد الرسمي، بل هي مرآة للمجتمع بكل تنوعاته، ومن هذا المنطلق، تسعى الدبلوماسية الإيرانية إلى تقديم صورة شاملة عن التنوع الثقافي في البلاد، سواء من خلال الفعاليات الاجتماعية أو العروض الثقافية والفنية التي تنظمها سفارات إيران بالخارج، ومنها سفارة إيران في الكويت، بهدف تعريف المجتمعات الأخرى بالغنى الحضاري والثقافي الإيراني».
تجربتي في الكويت مميزة وغنية
وصفت مريم هاشمي تجربة عملها في الكويت، بأنها «مميزة وغنية»، إذ تعيش وسط مجتمع يتمسك بجذوره الثقافية والدينية رغم كل مظاهر الحداثة.
وتضيف: هذا التوازن بين الأصالة والمعاصرة منحني فهماً أعمق للعلاقات الإنسانية، وأسهم في صقل تجربتي المهنية والشخصية، كما أن هذه التجربة عززت قناعتي بقدرتي على ترك أثر فعّال من خلال العمل الدبلوماسي.