منذ سنين مضت ونحن نسمع ونترقب كيف ستأتي رؤية 2035، وهل ستتحقق وتتضح ملامحها أم أن المعوقات كثيرة ولا يمكن أن نراها على أرض الواقع؟
اليوم أطلعنا مجلس الوزراء عبر وزير الكهرباء والماء والطاقة المتجددة الدكتور صبيح المخيزيم، على رؤية الكويت 2035 والتي تهدف إلى تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري جاذب للاستثمار يقوم فيه القطاع الخاص بقيادة النشاط الاقتصادي وتشجع فيه روح المنافسة وترفع فيه كفاءة الإنتاج في ظل جهاز دولة مؤسسي داعم.
وقد جاءت الرؤية بخمسة محاور تمثلت في اقتصاد معرفي وحكومة داعمة ورفاه مستدام ومواطن متمكن ومنطقة اقتصادية دولية. وارتكزت الرؤية على إدارة حكومية فاعلة ورأسمال بشري إبداعي ورعاية صحية عالية الجودة ومكانة دولية متميزة واقتصاد متنوع مستدام وبيئة معيشية مستدامه وبنية تحتية متطورة.
وتضمنت أهداف الرؤية ترسيخ القيم والحفاظ على الهوية الاجتماعية وتحقيق التنمية وتوفير تشريعات متطورة، وقيادة القطاع الخاص للنشاط الاقتصادي في ظل جهاز دولة مؤسسي داعم.
وجاء في أبرز مشاريع الرؤية ميناء مبارك الكبير وتوسعة مطار T2 ومستشفى الصباح الجديد ومنطقة جنوب صباح الأحمد السكنية.
أعتقد أن تلك الرؤية ستتضح ملامحها بشكل أكبر ونتفاءل بتحقيقها عند تكاتف الجهود والعمل وفق خطة عمل وبرنامج محدد، فالتطور بالحجر وترك البشر سيحدث فجوة كبيرة.
وهنا لا بد من الانتباه والعمل بشكل صارم، وتطبيق كلمات سمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد الصباح، حفظه الله، عندما وجّه عمال النفط بأن تعلموا من الأجنبي فهو سيذهب لبلده بعد سنة أو اثنتين...
هذا التوجيه السامي لابد أن يكون هدفاً يتحقق، فالاعتماد على شباب البلد في الأعمال البسيطة والفنية لابد أن يكون من أهم الأولويات ولابد من تغير السياسات السابقة. صحيح أنه قد جاء في الرؤية محور (مواطن متمكن) ولكن كيفية تمكنه تحدد ما إذا كان سيتحقق ذلك المحور أو سيكون مجرد حبر على ورق.
لست متشائماً وكُل الجهود عندي مُقدرة وسأدعمها بصدق، ولكن هناك نقطة أثارت استغرابي تتمثل في الاعتماد على القطاع الخاص في إدارة النشاط الاقتصادي، ولم تحدد من هو القطاع الخاص المحلي أم العالمي وإن كان محلياً.
هناك علامات استفهام عدة لأنه لديه خلفية تمثلت في عدم تنفيذ بعض المشاريع بالشكل المطلوب، واأى لو سيطرت الحكومة على ذلك لكان أفضل وأسرع وأقرب لتحقيق الرؤية، فالحكومة وعلى مدى سنوات مضت، نجحت في مشاريعها وجاءت بشركات عالمية لبناء أهم المشاريع مثل مطار الكويت ومستشفى جابر وجسر جابر والمشاريع السكنية والبنية التحتية.
الواقع يقول إن كُل الركائز متوافرة من إدارة حكومية ورأسمال بشري إبداعي ورعاية صحية ومكانة دولية واقتصاد متنوع وبيئة معيشية مستدامة وبنية تحتية متطورة، وما ينقصنا سوى مزيد من القرارات الداعمة للرؤية وإنشاء هيئة وطنية للإشراف على تنفيذ تلك الرؤية وتدشين مركز إعلامي فاعل والعمل بجدية وإصرار على نقل الكلام الجميل من الورق إلى أرض الواقع.
وأعتقد أن الاستماع لصوت العقل ومن يمتلك خبرة اقتصادية وإدارية والاستفادة من توجيهاته، أفضل من المضي قدماً والاستعجال وعدم الأخذ بجميع الآراء، لأن ما سيطبق هو رؤية دولة الكويت، ومستقبل لا يمكن أن نعبر به بأخطاء أو بتكرار ما عطلنا في السابق، والله من وراء القصد.
@mesferalnais