الزواج استقرار للنفس وراحة للقلب، وفي ذلك يقول تعالى:

«ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة» (سورة الروم: 21).

فالحياة الزوجية المستقرة سكن للنفس وراحة للبال، نلاحظ اليوم أن كثيراً من الشباب يعزف عن الزواج، ويندم على ما فات من عمره الذي لم يلتفت فيه إلى ضرورة من ضروريات الحياة.

تكثر أسباب العزوف عن الزواج، منها أسباب مادية، أو نفسية، أو نظرة الشاب للزواج أنه ليس من الأولويات.

كثير من الشباب لا يستطيعون تحمّل نفقات الحياة الزوجية والأسرة؛ مما يجعلهم يؤجلون الزواج إلى أن تتحسن ظروفهم المادية، كالشاب الذي يؤجل زواجه للبحث عن وظيفة براتب أعلى، رغم أن راتبه مناسب لتلك الحياة.

ومن أهم أسباب العزوف تأثيرات نفسية، كالذي مر بتجربة فاشلة، فضلاً عن ما يسمعه من تجارب الآخرين المؤلمة، وكذلك من عاش في أسرة مفككة؛ كثر فيها الشجار بين الوالدين، أو ظلم أحدهما للآخر؛ فمن لم ير الحنان والحب في أسرته، صدّ عن الزواج خوفاً من حياة زوجية تسبب شقاء الأبناء.

ويعتقد بعض الشاب أن الزواج سجن يحبسه ويمنعه من حركة الحياة، والاهتمامات الشخصية والهوايات والأنشطة التي يعيشها؛ فيشعر أن الزواج كبت لحياته، إلى جانب ضغوطات نفسية ومادية بعد إنجاب الأطفال.

ومن أسباب تأجيل الزواج، طموح كثير من الشباب لأمور يعتبرها أولى من حياة تعوق طريقه الذي يراه الأولى؛ كالتفرغ الدراسي، والعمل المضغوط الذي يجعله صاحب اسم بارز في بلده.

وفي بعض الحالات يفقد الشاب الثقة بالنفس، ويشعر أنه غير مقبول من حيث الشكل أو المستوى الاجتماعي أو المادي؛ فيخاف من الرفض أو الرد بشكل جارح؛ ولكن ينبغي اجتناب التفكير السلبي، وتهيئة النفس لكل رد.

أحياناً يفكر بعضهم أنه لن يتزوج إلا فتاة خالية من العيوب، وهي فكرة مستحيلة، فكل شخص فيه صفات حسنة وأخرى سيئة، كالشكل والمستوى الاجتماعي والمادي، ومن يحمل تلك الفكرة هو شخص غير مقبول لفكره المحدود.

وللإقدام على الزواج وجب على الشاب والشابة التنازل عن بعض الأمور التي هي من الكماليات، وليست من أساسيات الحياة.

وتشترك الفتاة أيضاً بتلك الأسباب والأفكار، ومن الفتيات من لها نظرة غريبة، كالتي تريد الارتباط بشخص رسمته في ذهنها، واعتقدت أنه المناسب لها، والغالب هو نسبه العالي وشكله وماله وما يمتلك من شركات وقصور فاخرة وسيارات فارهة، لتكمل مظهرها أمام الناس، وكأنه ساعة من ماركة عالمية؛ فإنها تظن أن السعادة لا تكون إلا مع الثري، وإن كان سيئ الأخلاق.

ولا يعني ذلك أن تتزوج الفقير، أو العاطل، ولا الغني المنحرف، فالأخلاق هي الأصل، وكما في الحديث الشريف: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)، من اختارت الشاب المشهود له بصلاح الدين والأخلاق، والمقتدر على الإنفاق، فقد أنعم الله تعالى عليها بالحياة الكريمة.

aaalsenan @