لا يغتر المرء بمكانته فيتعالى ويتكبر على الناس، فيأتيه اليوم الذي يفقد فيه المنصب؛ فالمناصب لا تدوم لأحد، وقد قال الصالحون: (لو دامت لغيرك، ما وصلت إليك)، وكلما تواضع المرء زاد رفعة عند الله تعالى، ثم عند البشر.

الشخص المغرور يشعر بفخر لما ناله من ثروة أو مكانة، ويحاول التقليل من شأن الآخرين واحتقارهم، ومن العلامات التي تظهر عليه، المبالغة في ثقة النفس رغم علمه بضعفه، والاهتمام الشديد بشكله من لباس فاخر، حتى في خطوات سيره ورفعة رأسه.

وكذلك تصرفاته خلال حضور المجالس الرسمية؛ كالعمل، وكذلك مع الأهل؛ منها عدم احترام المواعيد، والتشكيك في قدرات الآخرين وإنجازاتهم، ومقاطعتهم عند الكلام، وعدم تقبل آرائهم، وفرض رأيه عليهم.

ينسى هؤلاء أن «دوام الحال من المحال»، مهما كان في قمة قوته، كما في قول الإمام الشافعي: (ما طار طير وارتفع... إلا كما طار وقع)، فقد يسمو الإنسان ويتكبر ويرتفع، ولكنه مهما ارتفع يفشل ويقع؛ لذا يجب على كل ذي منصب مرموق أن يحترم المكانة التي وصل إليها، ولا يغتر بما يملك من جاه، ومال، ومنصب؛ لأنها قد تذهب فجأة أدراج الرياح.

قصة في زمننا لأحد الأثرياء، عندما كان صبيّاً في السادسة من عمره، أخذته أمه معها إلى أحد متاجر الحلوى، وطلب الصبي من أمه قليلاً من الفستق، فقال له صاحب المتجر: (خذ ما تشاء، هيا املأ يدك من الصندوق) رفض الصبي رفضاً باتّاً رغم إلحاح البائع، وإلحاح أمه؛ فلم يسع البائع إلا أن يملأ يده من الفستق، ويضعه في جيب الصبي، وبعدما خرج سألته أمه: (لماذا لم تأخذ بنفسك؟!) قال لها: (لأن يد البائع أكبر من يدي؛ لهذا سوف يكون الفستق أكثر). فهذا ذكاء، لكنه في غير محله!

مع مرور الأعوام حصل على المال حتى أصبح مليونيراً، بوسائل غير مشروعة؛ فقد اعتمد على أن (الغاية تبرر الوسيلة)، لكن وسيلته لم تكن سليمة؛ فسقطت الأموال، ووقع بعد الارتفاع.

ولنا في التاريخ عِبَرٌ، كثيرون وصلوا إلى مكانة كبيرة، فغرتهم أنفسهم، وزيادة أموالِهم، فطغوا وتَجبَّروا، وفي النهاية سقطوا؛ فكل من يظن أنه فوق الناس لماله وسلطانه صار مصيره الخسران والخذلان.

aaalsenan @