يقولون: «من باعك بيعه، بيعه بعتين»، وكأن العلاقات الإنسانية تحولت إلى سوق نخاسة، تُعرض فيها المشاعر على الرفوف، وتُباع بالأرخص لمن يدفع أقل. لكن هل الأمور بهذه البساطة؟ هل يكفي أن يبيعك أحد لترد له الصفعة بصفعتين؟ أم أن المسألة أعمق من مجرد معاملة بالمثل؟

في الواقع، العلاقات مثل التجارة، فيها الجيد وفيها المغشوش، فيها من يقدرك كتحفة نادرة، ومن يراك مجرد بضاعة موسمية. لكن الفرق الأساسي هو أن في التجارة يمكنك رؤية السعر المكتوب بوضوح، أما في العلاقات، فأنت أحياناً آخر من يعلم أنك قد بعت أو اشتريت أو حتى كنت مجرد عرض ترويجي مجاني!

عندما يبيعك أحدهم، لا تسارع إلى رد البيع، بل اسأل نفسك: هل كنت أصلاً في قائمة المقتنيات الثمينة لديهم أم أنك كنت مجرد رفاهية زائدة يمكن الاستغناء عنها؟ الكثيرون يصدمون عندما يدركون أنهم كانوا يعتبرون أنفسهم شيئاً لا غنى عنه، بينما الطرف الآخر كان يراهم كقطعة إضافية يمكن التخلص منها متى دعت الحاجة. وهنا يأتي السؤال الحقيقي: هل كنت تبيع نفسك بسعر منخفض طوال الوقت؟

هناك أشخاص يتصرّفون كأنهم تاجر الجملة، يبيعون الجميع بلا استثناء، لأنهم ببساطة لا يعرفون قيمة العلاقات ولا يملكون رفاهية الاحتفاظ بأي شيء لفترة طويلة. وهناك المستهلك العاطفي، الذي يشتريك عند الحاجة ثم يعيدك إلى الرف فور انتهاء الغرض. وبين هؤلاء وهؤلاء، هناك الحكيم الذي يعرف قيمة ما لديه، فلا يفرط فيه بسهولة، ولا يسمح لأحد بشرائه إلّا بشروط تليق بقيمته.

لكن ماذا تفعل إن وجدت نفسك قد بِعت؟

الخطأ الأكبر هو أن تحاول استرداد نفسك ممن باعك. فأنت لست بضاعة مستعملة في متجر إعادة التدوير العاطفي. بدلاً من ذلك، عليك أن تتوقف للحظة وتراجع الحقيقة: هل كنت فعلاً ضحية بيع غير مستحق، أم أن دورك في حياة هذا الشخص انتهى، وكان يجب أن تغادر منذ زمن بعيد؟ لا تتعامل مع نفسك كمزاد، لا تزد السعر في محاولة يائسة لإثبات قيمتك، ولا تخفضه بدافع الانتقام أو العناد.

الحياة ليست قائمة أسعار، والناس ليسوا دائماً تجاراً شرفاء. البعض يبيعك لأنه لا يرى قيمتك، والبعض يحتفظ بك لأنه يدرك أنك نادر. لكن في النهاية، قيمتك أنت من يحددها، فإما أن تكون سلعة رخيصة متاحة في كل سوق، أو أن تكون شيئاً لا يُباع أصلاً، لأنه ببساطة لا يقدر بثمن.

تحياتي.