كيف سيكون شكل وظائف المستقبل في مختلف التخصصات، سواءً في الطب أو الهندسة والصناعة، وما المهن التي ستكون مطلوبة مستقبلاً؟ وأي منها سيندثر مع رياح التغيير، وكيف سيتم التعامل مع الروبوتات التي يجري تطويرها حالياً بشكل غير متوقع لتقوم بأعمال الإنسان، حتى أصبحنا نشاهد سيارات ذاتية القيادة في بعض دول الخليج والتي ستقلل الحوادث بنسبة تصل إلى 90 % ؟
ويقول الذين يستشرفون المستقبل حسب المعطيات الحالية، إن التكنولوجيا في المستقبل ستستبدل 75 مليون وظيفة، ولكنها في المقابل ستوفر أضعاف هذا الرقم حوالي 130 مليون وظيفة جديدة، وأعلنت شركات التكنولوجيا العملاقة مثل Meta وGoogle وMicrosoft، وقادة التمويل مثل Goldman Sachs وCiti وBlackRock، وشركات الترفيه العملاقة مثل Paramount، والشركات العملاقة مثل Tesla وNike عن تسريح مجموعة من العمال لصالح التكنولوجيا.
وأفادت دراسة استقصائية أن ما يقرب من 40 في المئة من قادة الأعمال توقّعوا تسريحاً للعمال، وفقاً لما ذكره موقع ResumeBuilder، وكان أحد العوامل الرئيسية التي ذكروها هو الذكاء الاصطناعي. قال حوالي أربعة من كل عشرة قادة إنهم سيجرون عمليات تسريح للعمال حيث يحلون محل العمال بالذكاء الاصطناعي، ويقال إن هناك وظائف ستختفي قريباً وعلى سبيل المثال لا الحصر، وظيفة خدمة الزبائن مثل الصراف والبائع، وإدارة المكاتب، ومدخل بيانات الموظفين في الإحصائيات، والمالية والمحاسبة، وعمال المعامل الذين يؤدون مهام تكرارية.
ونشهد حالياً في بعض دول الخليج اهتماماً كبيراً في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، وحقق نجاحات ملموسة على أرض الواقع، والتغيير نحو الأفضل ليس بالأمر الصعب، ولكنه يحتاج نية صادقة وخطة إستراتيجية تدعمها خطة تشغيلية وبمؤشرات محددة وواضحة، وإذا لم نبدأ الآن فهناك الكثير من الأمور ستتغير علينا، خصوصاً أن البرمجيات ستغيّر كل شيء في حياتنا خلال سنوات قليلة جداً، ولدينا أمثلة لشركات تسابق الزمن لقيادة التغيير وهي على سبيل المثال (تيسلا وغوغل وآبل وامازون).
وبعد نجاح دول الخليج والتقدم في تقارير التنافسية العالمي واستخدام الذكاء الاصطناعي أعتقد من الممكن أننا نسير بالطريق ذاته ونتعلم من التجربة الخليجية، وأولى خطوات الإصلاح الحقيقية هي الشفافية والتشخيص السليم، وإذا أردنا دولة الرفاه أن تدوم فعلينا تنويع مصادر الدخل، وتوجيه الدعوم للمستفيد الحقيقي، وترشيد الإنفاق، الاهتمام أكثر بالاقتصاد ودعم القطاع الخاص وهو شريك أساسي في استيعاب أعداد الخريجين.
الحكومة الكويتية لديها فرص كبيرة للنهوض خصوصاً أن غالبية المؤسسات بلا قيادات بالأصالة، فهي فرص لوضع الرجل المناسب في المكان المناسب، ودمج الجهات المتشابهة لتقليل التكاليف، والقضاء على الروتين في بعض جهات الدولة، وضخ دماء شبابية جديدة في الإدارات الحكومية، وهناك مجموعة من الملفات تحتاج قراراً حاسماً لإنهائها وفي مختلف الجهات، العمل على إصلاح الطرق وتسريع عجلة المشاريع الإسكانية الجديدة، وتسكين المناصب القيادية الشاغرة.
مهم أن نعي بأن المستقبل صناعة يجب أن نتقنها ونعلمها أبناءنا، ويقول د. غازي القصيبي: «أنا لا أملك إحصائيات ولكني مستعد للمراهنة على أن كتب المستقبل لا تصل إلى واحد في المئة من كتب الماضي: الذكريات، المذكرات، والسير الذاتية، وكتب التاريخ، وكتب البكاء على الأطلال... إلى آخر القائمة»، والأمر لا يقتصر على الشيوخ أمثالي، سواءٍ جاءت شيخوختهم مبكرة أو متأخرة، حتى الأطفال الصغار يتحدثون عما كان «يوم كانوا صغاراً». هذا شيء يدعو إلى الحيرة: أن «يتحدث طفل الثامنة عن ذكرياته ويرفض الحديث عن السنة الدراسية المقبلة».