على وقع تزايد أعداد أشجار النخيل التي تموت في الطرقات بسبب انقطاع الماء عنها، وعدم حصولها على الرعاية المطلوبة لمقاومة الآفات، عاود نشطاء بيئيون تحذيراتهم من الاستمرار في زراعة أشجار النخيل، مؤكدين أن «زراعة أشجار ظل تتحمل درجات الحرارة ستكون أكثر فائدة بيئية واقتصادية، خاصة أن الكلفة الاقتصادية لزراعة نخلة واحدة تعادل كلفة زراعة 1000 شجرة ظل».
واقترحوا جمع كل اشجار النخيل من الطرقات في مكان واحد للاستفادة الاقتصادية منها، بدلاً من تركها تموت من دون فائدة.
كما حذر النشطاء من أن «حالة الحدائق العامة باتت مقلقة وتستوجب وقفة جادة، في ظل موت الكثير من الأشجار، وعدم الاعتناء بريها أو تهذيبها، ما أدى إلى تحولها لحالة من الجفاف»، في مشهد يوصف بأنه أشنع حالة لا مبالاة تمر على البلاد منذ الثمانينات عندما أنشئت هيئة الزراعة وأطلقت خطة تخضير الكويت، حيث تحولت الحدائق إلى أرض جرداء بسبب الإهمال رغم الوعود الرسمية المتكررة والإعلان عن تحركات لتوسيع الرقعة الخضراء في البلاد، والتي سرعان ما تنطفئ وتُنسى.
سعد الحيان لـ «الراي»: تكلفة زراعة نخلة تعادل تكاليف 1000 شجرة ظل
اعتبر الناشط البيئي سعد الحيان أنه «يجب وقف زراعة النخيل بسبب كلفتها المالية العالية فكل نخلة تعادل تكاليف زراعة 1000 شجرة ظل مستدامة»، مضيفاً «أوصلت اقتراحي لمسؤولين سابقين بضرروة وقف زراعة النخيل حتى وإن كان بشكل موقت، والاكتفاء بزراعته في أماكن محددة، واستبداله بزراعة أشجار الظل المستدامة التي لا تتطلب أموالاً في رعايتها كالسدر، لأن استهلاك النخيل أكبر للمياه ويحتاج لعناية أكبر».
واقترح الحيان، في تصريح لـ«الراي»، أن «تقوم الجهات المختصة بتجميع النخيل الموجود حالياً ونقله لمكان ما وتحويله لمشروع تنموي ضخم له مردود اقتصادي»، مشيراً إلى أن «النخيل ليس مصدراً للظل، وأشجاره غير مستدامة كما أنها مصدر للآفات والحشرات».
وعبر عن أسفه لما آلت إليه حالة الكثير من الحدائق بسبب إهمال ري ورعاية الأشجار في تلك الحدائق، ما أدى إلى موت الكثير منها وظهورها بشكل شاحب.
فنيس العجمي لـ «الراي»: إهمال شهور... قد يقضي على عمل عشرات السنين
أكد الناشط البيئي الدكتور فنيس العجمي أنه «في كل صيف نرى هذا المنظر من موت أعداد كبيرة من النخيل وغيره من الأشجار، وقد أطلقنا حملة العام الماضي حملت اسم (شجرنا يموت)»، مضيفاً «حينما تسير في الكويت من النويصيب إلى العبدلي تجاه السالمي، تجد النخيل المدمر بسبب انقطاع الماء عنه أو قضاء السوسة الحمراء عليه».
وأوضح في تصريح لـ«الراي»، أنه «حتى إن كان النخيل في حال جيدة فإنه لا يتم تسميده ولا تلقيحه ولا يجمع تمره... نعلم أننا نعاني من قلة الماء ونثق في المسؤولين ونتمنى أن يكون هناك تعاون بين هيئة الزراعة ووزارة الأشغال لتوفير المياه بأسرع وقت، فالموضوع يحتاج فزعة وطنية».
وبيّن أن «هذا النخيل كلف الدولة ملايين الدنانير، وإذا لم ننقذه سيموت بالكامل، لذلك نحتاج حملة وطنية لإنقاذه ونناشد الجمعيات التعاونية والفرق التطوعية العمل على هذا الملف، لأن الأمر يحتاج لتضافر كل الجهود»، موضحاً أن «إهمال شهور قد يقضي على عمل عشرات السنين، والكويت تعاني من زحف الرمال والعالم كله يعاني من ارتفاع درجات الحرارة، لذا نحتاج زراعة أكبر كمية من الأشجار التي تناسب ظروفنا».
محمد الصائغ لـ «الراي»: أنواع من الأشجار أكثر مقاومة للجفاف والحرارة العالية
رأى الخبير البيئي الدكتور محمد الصائغ أن «النخيل يعد جزءاً أساسياً من الغطاء النباتي في الكويت، إلا أنه يواجه تحديات كبيرة بسبب الظروف البيئية القاسية»، مشيراً إلى أنه «بناء على العديد من الدراسات العلمية التي تبحث في تأثير التغير المناخي على النظم البيئية، يمكننا أن نتعامل مع الموضوع من اتجاهات عدة».
وأضاف، في تصريح لـ«الراي»، أن «النخيل جزء مهم من النظام البيئي في الكويت والمنطقة العربية بشكل عام، وليس فقط مصدراً للغذاء والظل، لكنه يلعب دوراً مهماً في الحفاظ على التربة وتقليل التعرية»، موضحاً في الوقت ذاته أن «الظروف البيئية القاسية في الكويت، بما في ذلك الحرارة العالية، والرياح القوية، والأمطار القليلة، يمكن أن تؤدي إلى موته».
وذكر الصائغ أن «هناك العديد من الأنواع الأخرى من الأشجار التي يمكن أن تتأقلم مع الظروف البيئية في الكويت، وبعض هذه الأنواع قد تكون أكثر مقاومة للجفاف والحرارة العالية مثل شجر الغاف والسمر والاراك، التي تعتبر جميعها أنواعاً محلية مقاومة للجفاف والحرارة العالية».
وشدد على أنه «يجب أن نأخذ في الاعتبار أن اختيار الأنواع المناسبة للأشجار هو فقط جزء من الحل، والعناية المناسبة بالأشجار بما في ذلك الري الكافي والتسميد، هو أيضاً ضروري لضمان نجاح زراعتها»، مبيناً أن «الأساليب الحديثة مثل الزراعة الدقيقة والزراعة الحوضية تساهم في تحسين فرص النجاح».
ولفت إلى أن «الحلول البيئية تتطلب وقتاً وجهداً، فالغطاء النباتي لا يتغير بين عشية وضحاها، لكنه يتطور ببطء على مر الزمن»، معتبراً أن «الصبر والعناية المستمرة سيكونان مفتاحين لنجاح أي جهود لتحسين الغطاء النباتي».
عبيد الشمري لـ «الراي»: تقصير في متابعة الشركات المكلفة بالرعاية
أشار الناشط الزراعي عبيد الشمري إلى «وجود تقصير كبير في متابعة شركات المقاولات المكلفة برعاية النخيل، حيث نسمع مسؤولين يتحدثون عن أهمية الزراعة لكنه يبقى مجرد كلام أمام الإعلام، ولا نرى شيئاً على أرض الواقع».
وشدد في تصريح لـ«الراي» على أنه «إذا لم تكن هناك متابعة للشركات التي تفوز بمناقصات رعاية النخيل والأشجار بشكل عام، فستحدث كارثة»، مضيفاً في الوقت ذاته «نتمنى من مجلس الأمة أن يهتم بهذا الملف، وأن يضعه بين أولوياته».