بعد انحسار جائحة «كورونا» بما لها وعليها في الكويت، ومع انخفاض معدل المشاجرات في المدارس عن السابق خلال الأعوام الدراسية الأخيرة، يقضّ العنف مجدداً مضجع الإدارات المدرسية واندلعت ظاهرة الطعن بالسكاكين والآلات الحادة، ممتدة من مدارس الجهراء إلى الأحمدي متجاوزة نطاق الطلاب إلى المعلمين.
الدماء التي صبغت القمصان البيضاء بالأحمر خلال الأسبوع الماضي في عدد من المدارس، ومشهد العصي والسكاكين الملقاة على الأرض، كانت شاهداً على صحوة هذه الأزمة الأزلية من جديد في دور العلم، والتي استنفرت كل الجهات الحكومية المعنية وعلى رأسها وزارتا التربية والداخلية، حيث نشرت الأخيرة أفرادها ومركباتها في محيط المدارس، لتعزيز الأمن وفرض السيطرة.
بدر العيسى: العنف المدرسي... نتاج الجائحة
قال وزير التربية وزير التعليم العالي الأسبق الدكتور بدر العيسى لـ «الراي»، إن من أسباب انتشار العنف مجدداً في المدارس هي جائحة «كورونا»، وهذا شيء طبيعي ومتوقع لتداعياتها، رغم أن العنف المدرسي كان قبل الأزمة الصحية.
الطلبة لم يمارسوا حياتهم بشكل سليم 3 سنوات
حمد الهولي: منظومة القيم في الكتب فقط... وآن الأوان لتعديل الوثائق التعليمية
أرجع رئيس جمعية المعلمين حمد الهولي، انتشار العنف المدرسي إلى غياب منظومة القيم في المدارس لأنها موجودة في الكتب فقط وغير مفعلة بشكل صحيح في المسابقات أو الأنشطة أو الإذاعة المدرسية أو طابور الصباح، مبيناً أن الطلبة خرجوا من الجائحة ولمدة 3 سنوات لم يمارسوا حياتهم المدرسية، ويجب إفراغ طاقاتهم وتوجيهها بالشكل السليم.
ورأى الهولي في تصريح لـ«الراي»، أن غياب القوانين الرادعة وراء انتشار مثل هذه السلوكيات، مشدداً على ضرورة تعديل الوثائق التعليمية بما يتناسب مع المرحلة العمرية للطلبة.
وعن عنف المعلمين، حمل الهولي الإدارات المدرسية مسؤولية ذلك، حيث يجب أن تحيلهم إلى جهة التحقيق وتخلي مسؤوليتها، مبيناً أن قانون حماية المعلم أصبح ضرورة قصوى حتى لا تتفاقم تلك المشكلات مع مرور الأيام.
اختلاف العادات والثقافات وراء حوادث المعلمين الأخيرة
عادل الراشد: الألعاب الإلكترونية حافز الأطفال للعنف
اعتبر مدير الشؤون التعليمية الأسبق في منطقة الأحمدي التعليمية عادل الراشد، أن من أهم أسباب انتشار العنف المدرسي، الألعاب الإلكترونية الخطرة المنتشرة عبر الهواتف والأجهزة، فهي كارثة تهدد الأطفال، مستشهداً بالحادثة الأخيرة في إحدى مدارس الجهراء الابتدائية، حيث قام طالب بضرب زميلة على رأسه مستخدماً مطارة ماء حديد، أودعت المجني عليه العناية المركزة.
واستغرب الراشد «كيف لطالب في هذه المرحلة أن يعرف هذا العنف، لولا مشاهدته البرامج والفيديوهات الخطرة» محملاً الأسرة مسؤولية مراقبة الأبناء «والإدارات المدرسية مسؤولية السماح بإدخال المطارات الممنوعة».
واعتبر الراشد عنف المعلمين، أنه «للأسف أصبح ظاهراً قد يكون من أسبابه اختلاف الثقافات والعادات والتقاليد بين أعضاء الهيئة التعليمية، حيث تكون بعض التصرفات أحياناً غير مقبولة، وتنتج عنها ردود فعل أسوأ وأخطر».
وبيّن أن من أسباب عنف المعلمين أيضاً تعدد الجنسيات خاصة في المعلمين الجدد، حيث تختلف ثقافات شعوبهم وعاداتهم، ومن الممكن أن ما يرونه فعلاً مرفوضاً يراه الطلبة عادياً والعكس صحيح، مؤكداً أنه في كل الأحوال يجب أن تكون هناك قوانين ردع ومن أهمها قانون حماية المعلم، محملاً الإدارة المدرسية في حادثة طعن المعلم المسؤولية، حيث كان من الواجب عليها إحالتهم إلى الشؤون القانونية، لتوقيع الجزاء المناسب وعدم الاكتفاء بالمصالحة».
نحتاج إلى ثقافة احترام الإنسان في دولة الإنسانية
أمثال الحويلة: ألعاب القتل قدوة الطفل... والأعلى من يقتل أكثر!
رأت استاذة علم النفس في جامعة الكويت الدكتورة أمثال الحويلة، أن جائحة كورونا وتداعياتها قد تكون جزءاً من انتشار ظاهرة العنف في المدارس، لكن ليست العامل الرئيسي، مبيّنة أن من أهم الأسباب هي التنشئة الاجتماعية والقيم التي يتربى عليها الطفل.
وشددت الحويلة لـ«الراي»، على ضرورة تعزيز منظومة القيم بما تحمل من عطف على الصغير واحترام للكبير واحترام للقانون ولرجال الأمن، مؤكدة الحاجة إلى ثقافة احترام الإنسان في بلد الإنسانية.
وقالت إن قدوة الطفل في هذا الزمان أصبحت الألعاب الإلكترونية، التي كلها عنف ودماء، فيما كانت الألعاب في الزمن القديم تعتمد على الحركة الجسدية والمشاركة مع الآخرين من خلال تكوين الفرق والجماعات، لكن للأسف حتى الألعاب اليوم أصبحت فردية، وكلها قتل ونقاط أعلى لمن يقتل أكثر.
حلول تربوية
رأى بعض التربويين أهمية تفعيل بعض الأمور للحد من العنف المدرسي أهمها:
1- حفظ الأمن المدرسي ومراقبة سلوكيات الطلبة داخل أسوار المدارس.
2- إقامة المحاضرات التوعوية باستضافة الشخصيات المؤثرة مجتمعياً.
3- تنسيق مع مديريات الأمن لمراقبة المدارس الثانوية.
4- تفعيل المجالس الطلابية ومكاتب الخدمة الاجتماعية والنفسية.
5- غرس الوازع الديني بتنظيم الفعاليات وإحياء ذكرى المناسبات الدينية.
6- منح صلاحيات أشمل لفرق التدخل السريع للتعامل مع حوادث المدارس في الداخل والخارج.
سلوكيات الطالب
شخص قيادي تربوي متخصص لـ «الراي» مشكلة العنف في المدارس، بعدة عوامل، أهمها عدم احترام القانون والغرس الصحيح للوطنية، لأن الوطنية تعني احترام القانون، وبالتالي فهو احترام للآخر.
وقرن القيادي الذي رفض ذكر اسمه، مسؤولية العنف بحسب المرحلة العمرية، إذ رأى بأن الطالب:
من الولادة إلى 10 سنوات: تتحمل الأسرة مسؤولية سلوكياته.
من 10 إلى 15 سنة: تتحمل المدرسة مسؤولية سلوكياته.
من 15 إلى 20 سنة: الأصدقاء والأقران.
من 20 سنة فما فوق: وسائل التواصل الاجتماعي