32 عاماً مرت على ذكرى الاحتلال العراقي الغاشم... حدث مهم في تاريخ الكويت والمنطقة، وقد كانت تجربة مريرة للإنسان الكويتي فكان هناك شهداء وأسرى رجع بعضهم وقتل أكثرهم ومجموعة كبيرة من الكويتيين تعرضوا للتعذيب وللسلب ولمعاملة غير إنسانية.

وقد رفض العالم الدولي احتلال نظام صدام حسين، الكويت، فكانت ردة الفعل كافية للنيل من هذا النظام المستبد عبر الأمم المتحدة وقوات التحالف التي شاركت فيها الكثير من الدول العربية والأجنبية.

ولن ننسى موقف الجمهورية اللبنانية المشرف حيث إنها كانت أول دولة على مستوى العالم ترفض هذا الاحتلال دون تردد، ودون انتظار المقابل، بينما كانت هناك بعض الدول التي انتظرت قليلاً قبل أن تتخذ القرار التاريخي وانتظرت المقابل!

لن ننسى لبنان الذي رغم ظروفه السياسية إبان فترة الاحتلال العراقي الغاشم حيث إن التأثير السوري كان حاضراً بقوة، إلا أن الإرادة اللبنانية لم تتردد في إعلان رفض الاحتلال دون الحصول على إذن من أي جهة.

لم ننس لبنان حين استنكر و دان الاحتلال العراقي للكويت، لأن المواطن اللبناني عانى تجارب مريرة ولعل فترة الحرب الأهلية أهمها، الأمر الذي جعله يتفهم أكثر من غيره معاناة الكويت وشعبها.

لم ننس لبنان على الوقفة التاريخية الشريفة من الاحتلال الغاشم على المستوى السياسي، وعلى المستوى الاجتماعي، وقلة من العرب الذين كانوا يعيشون في لبنان اختاروا مساندة نظام بغداد على فعلته الشنعاء تلك، المرفوضة إنسانياً ودينيا وقومياً!

لم ننس لبنان وهو بلد الحضارة والحداثة والجمال والحب والفن والأدب والأزياء والطرب والفلسفة والحكمة، ويكفي أنه أول بلد لديه كلية للقانون على مستوى العالم.

لم ننس لبنان الجميل الذي كانت همساته بلسماً يداوي جراح الكويتيين في الوقت الذي كان هناك من يدعو لتعميق جرح الإنسان الكويتي ويدعي أنه ثوري قومي يريد الإصلاح!

ولم ننس لبنان الذي وقف وقفة تاريخية مع الحق الكويتي في وقت عز فيه الحصول على وقفة مساندة ولو بكلمة من أنظمة كانت «تشفط» مساعدات الكويت لها ولا تقدم لشعبها إلا النزر القليل أو أنها لا تقدم أي شيء، لأنها استحوذت على كل الأموال عبر سنوات طويلة وامتلأت حساباتها البنكية في أوروبا وقد كشف الربيع العربي لنا تلك المعلومات وهناك المزيد لم يكشف عنه بعد.

ولم ننس لبنان الجميل الذي لم يتأخر في إعلان موقفه التاريخي، فنجح لبنان في اختبار إنسانيته بينما فشل بذلك الاختبار الكثير من الدول التي تدعي أنها كبيرة وهي ليست كذلك.

ولم ننس لبنان وشعبه الطيب المعطاء «الذرب» في إعطاء بقعة ضوء صغيرة في نفق السياسة الدولية ولأنه كان الأول فقد تشجعت بقية الدول وكبرت بقعة الضوء لتصبح شمساً إنسانية ساقت العالم الدولي ليقول كلمته في وجه أهل الظلام.

لم ننس الشعب اللبناني يوماً وقد كان لبنان مسرحاً لتدخل الكثير من الدول، حيث كان وما زال بعضها يقدم الدعم لحزب ما أو لطائفة ما، بينما الكويت لا تقدم المساعدات إلا للحكومة اللبنانية دون توجه ودون شروط.

وعلى مدى تاريخ العلاقات بين الشعبين فإنك تجد بعض اللبنانيين متزوجاً من امرأة كويتية، وبالمقابل فإنك تجد بعض الكويتيين متزوجاً من امرأة لبنانية، وهناك تاريخ طويل من الترحيب الاجتماعي بين البلدين بل إن الشعب الكويتي المحب للسفر وجد ضالته في لبنان، حيث الجمال والتعامل الراقي دون تصنع، فهو سجية لدى الإنسان اللبناني، لذا فإن السياحة في لبنان ناجحة ومتفوقة على بقية الدول العربية الشقيقة التي يقصدها الشعب الكويتي بهدف السياحة رغم ان السياحة في لبنان تتأثر بالأحداث السياسية داخل وخارج لبنان وأكثرها شراً وتأثيراً العدوان الإسرائيلي المتكرر عليه.

وهناك تعاون تجاري قديم كبير بين الكويت ولبنان، كما ان الكويت قامت عبر عقود من الزمن بتقديم المساعدات الاقتصادية للجمهورية اللبنانية الشقيقة، إضافة إلى تنفيذ بعض المشاريع المهمة لتطوير البنية التحتية ومشاريع أخرى لا يتسع الحديث لذكرها.

ولدينا في الكويت جالية لبنانية تعمل منذ سنوات طويلة، وقد ساهم المبدع اللبناني في تطوير العمل والحياة في الكويت في مجالات عدة، وأذكر في الثمانينات تعرفت على شخص لبناني في الكويت وهو مدرس لمادة الكيمياء في المرحلة الثانوية، واستغرب من قلة عدد المدرسين اللبنانيين في الكويت لذا آمل في أن يتم منح نسبة من المدرسين اللبنانيين في الكويت، والأمر نفسه ينطبق على بقية المهن مثل الأطباء والمهندسين ولسوف نبقى نذكر لبنان ونحبه إلى الأبد.

همسة:

لم ننس لبنان ومواقفه المشرفة من الاحتلال العراقي الغاشم.