بقدر ما ينتشي الإنسان فرحاً لرؤية الصغار والمراهقين والشباب، يقبلون على بيوت الله عزّ وجل، يسمعون القرآن ويحضرون الصلاة والذكر، ويصلون التراويح ويشهدون الجماعة، وكلها أمور تملأ القلب بالبهجة الكبرى، فإن ما ينغص هذه البهجة انشغال بعض المراهقين باللعب في رحاب بيوت الله، وتحويلها إلى ساحات يمارسون فيها ألعابهم.

«الراي» رصدت أثناء صلاة التراويح، «اعتكاف» بعض الأطفال والمراهقين في جنبات مسجد، ممسكين بهواتفهم مندمجين في الألعاب الإلكترونية، والإمام قائم يصلي بالناس، كما رصدت، في موقع آخر، أطفالاً أداروا ظهورهم لجموع المصلين، وأخذوا يلعبون بورق اللعب «الجنجفة».

وأمام هذه المظاهر غير الصحية ولا الصحيحية، توجهت «الراي» إلى عدد من رجال الدين، لاستطلاع آرائهم في ذلك، فكانت رسالتهم الأولى إلى أولياء الأمور بحضهم على الحرص على تواجد أبنائهم في المساجد، مع التشديد على عدم تركهم من دون توجيه وإرشاد، وخاصة في ما يتعلق باستخدام الهاتف، أثناء تواجدهم في المساجد.

وشدد رجال الدين على أهمية تواجد الأطفال والمراهقين من الأبناء في المساجد وعدم تعنيفهم أو منعهم عما هو مباح، ولكن يجب احتواؤهم وتوجيههم لما ينفعهم ويقوم سلوكهم باللطف واللين، وتعليمهم بديهيات الأدب الديني من أن للمساجد من الحرمة والاحترام والتقدير، وما يملي على المؤمن إذا حضر المسجد، أن يتأدب بآداب القرآن.

الجاسمي: النصح يكون بهدوء مع عدم تنفير الأطفال والقسوة عليهم

قال الإمام والخطيب في وزارة الأوقاف الدكتور جاسم الجاسمي إن «الله تعالى قال (في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال).

وقال أهل العلم أن في هذه تعظيم لأمر المساجد وتنزيه لها عن اللغو وفيها استحباب ذكر الله تبارك وتعالى والصلاة في المساجد».

وأضاف «الأصل أن المساجد تعظ، وأن تراعى حرمتها وتنزه عن كل ما لا يليق بها من اللغو والباطل واللعب ونحو ذلك»، مبيناً أن حضور الأطفال مع أحد الوالدين للمسجد أمر طيب ومشروع، وفيه منقبة كبيرة للتربية، ولكن بشرط أن يكون هذا الطفل أو الشاب مأموناً من التشويش على أهل المسجد.

ولفت الجاسمي إلى «أننا في السابق كنا ننزعج من بعض الأطفال لرفع صوتهم والإزعاج الشديد في المسجد والمشاجرات وغيرها، ولكن هذا العام سبحان الله تغير الوضع، وأصبح الأطفال يحضرون في بعض المساجد، ولكنهم ينشغلون بالألعاب الالكترونية».

وقال «يجب أن نكون بنائين دائماً في حل المشكلات، فإذا كان الطفل منشغلاً بهاتفه بهدوء ودون إزعاج يكون نصحه بهدوء ونفهمه أن هذا خطأ، ونربط ذلك بالجانب الديني، ثم نشجعه على الالتزام، وحضور المسجد بكل أدب واحترام، ونحرص على عدم تنفيره وعدم القسوة عليه».

ووجه الجاسمي رسالة إلى الشباب والمراهقين، قائلاً «حضوركم للمسجد أمر يسعد القلب ويشرح الصدر وعملكم هذا عبادة. ونفرح بزيادة عدد الشباب في المساجد، ولكن لابد أن تعلموا أن للمساجد حرمة واحترام وتقدير، وأن المؤمن إذا حضر المسجد فعليه أن يتأدب بآداب القرآن، وأن يستمع للقرآن، وأن يصلي مع الناس ويكبر مع الإمام، وألا ينشغل بألعاب تحتوي على أمور لا تليق بالمسجد من موسيقى وصور غير لائقة، فابتعدوا عنها».

كما توجه الجاسمي برسالة لأولياء الأمور، شاكراً لكل منهم على حرصه على إحضار أطفاله للمسجد ليشهدوا الصلاة، موصياً على الحرص دائما على أن إكمال هذا الجميل، بأن يصلوا ويحترموا المسجد، وهناك وسائل عديدة لتحفيزهم على التزام بالصلاة وعدم الانشغال بالهاتف، حيث للمحفزات دائما أثر عظيم.

حمد الشرهان: أشغلوا أوقاتكم بالمسجد بما هو مفيد من الذكر وقراءة القرآن والصلاة

حض الإمام والخطيب في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الشيخ حمد الشرهان، الأولاد والأبناء، على أن يحضرو إلى المساجد، وأن يعمروها، لأن هذا أفضل مما يقوم به غيرهم ممن يشغلون أوقاتهم في الأسواق والأماكن المشابهة لها، وكذلك تواجدهم في بعض الأماكن التي لا خير فيها. وأضاف الشرهان، أن وجود الأبناء في المساجد وخصوصاً في العشر الأواخر من رمضان، مفيد لهم، فالخطوة الأولى وجودهم في المساجد، ثم تكون الخطوة الثانية أن نحرص أثناء وجودهم أن يكون مفيداً لهم في الدنيا والآخرة، منوها إلى «أننا لا نمنعهم من الكلام في الدنيا ولا نمنعهم من اللعب، ولكن يجب ألا يكون هناك شيء في هذه الأجهزة مخل بهيبة المسجد أو احترامه، مثل خروج الموسيقى أو صور غير ملائمة وغيرها».

وخاطبهم بقوله «يا أبناءنا نريدكم أن تشغلوا أوقاتكم بالمسجد بما هو مفيد، فطالما أنت تجلس في المسجد كأنك معتكف، واعتبر نفسك معتكفاً وافعل فعله، من الذكر وقراءة القرآن والنصيحة لغيرك ومن الكلام الطيب، والمشاركة في حلقات تعلم العلم، ولكن إذا حان وقت الصلاة فلا عمل غير الصلاة».

أحمد النفيس: الحل بالجلوس مع الأبناء ومناصحتهم وملاطفتهم

اعتبر الإمام والخطيب في وزارة الأوقاف الشيخ أحمد النفيس، أن كل إنسان يحب الخير لأبنائه وللشباب، يحزنه انشغالهم بالهاتف في رحاب بيوت الله، حيث أصبحت ظاهرة مزعجة جداً، والمساجد إنما بنيت ليعمر بها ذكر الله عز وجل، والأصل في بيت الله عزّ وجل أن يذكر فيه اسمه ويرفع، ولا ينشغل الإنسان بمثل هذه التفاهات.

وذكر النفيس أن اللعب في المسجد هو من عدم إجلال بيت الله عز وجل، فتعظيم شعائر الله من تقوى القلوب. وبيّن أن الحل بالجلوس مع الأبناء ومناصحتهم وملاطفتهم بشكل جميل، بالانشغال بالقرآن والصلاة وشهود الجماعة وترك هذه الألعاب، خاصة عند دخول المسجد، وعلى أئمة المساجد التنبيه على هذه القضية، وحض أولياء الأمور على مناصحة أبنائهم، وحضهم على تجنب مثل هذه الألعاب خاصة في المساجد.