منذ أسابيع، طفت قضية الاختبارات الورقية على السطح التربوي تزامناً مع استمرار الأزمة الصحية الراهنة، فيما تواجه قرارات وزارة التربية بكثير من التدخلات الخارجية، بعضها مجتمعية تحمل شيئاً من وجهات النظر، وأخرى شعبوية لا تفرق بين الغث والسمين، وثالثة متكسبة تبحث عن الشهرة والدعاية... فهل القرار التربوي حق سيادي لوزارة التربية أم أن للمجتمع حق رفضه وتغييره؟

تربويون بيّنوا لـ«الراي» أنه لا مشكلة في إبداء الرأي في شأن أي قرار ولكن من غير المعقول تحشيد الشارع لإلغائه، بيد أنهم أكدوا أن «احترام القرار التربوي واجب».

بدر العيسى: لا عدالة ولا شفافية في «الأون لاين»

شدد وزير التربية الأسبق الدكتور بدر العيسى لـ«الراي» على ضرورة احترام القرارات التربوية من قبل جميع الجهات، مع الحق في إبداء الرأي في شأنها، مشيراً إلى أن القرارات التربوية تصدر من قيادات تربوية تعرف مجرى العمل وتدرك مشكلاته القائمة.

ووصف العيسى قرار إجراء الاختبارات الورقية بالقرار الصائب والصحيح 100 في المئة، قائلاً في هذا الصدد: «في العام الفائت ألغيت الاختبارات الورقية واعتمدت الوزارة النجاح التلقائي بسبب ضغط النواب والشارع، وهذا خطأ كبير كانت كلفته عالية ودفع ثمنه الطلبة الذين تخرجوا بمعدلات مرتفعة وبدأت معاناتهم تظهر الآن في الدراسة الجامعية».

وأضاف «أنا شخصياً عشت تجربة (الأون لاين)... لا توجد بها شفافية أو عدالة ولا يوجد نظام يحكمها ومعظم الطلبة يتجهون للغش... ولا نريد للوزارة تكرار هذا الخطأ على حساب مستقبل أبنائنا».

منصور الظفيري: الحق في إبداء الرأي لا يعني تغيير القرارات بقوة الضغط

أكد مدير منطقة الفروانية التعليمية منصور الظفيري لـ«الراي» أن القرار التربوي، وتحديداً قرار الاختبارات الورقية، هو حق سيادي للوزارة لا يتنافى مع العرف أو القوانين أو الاشتراطات الصحية المطلوبة، وهو لمصلحة أبنائنا الطلبة، لأن بعض الجامعات في الخارج لا تعترف بشهادات «الأون لاين».

وأشار إلى أن للكل الحق في إبداء رأيه في شأن أي قرار تربوي، ولكن ليس لهم الحق في التغيير بقوة الضغط، مضيفاً «نحن كمجتمع أزعجتنا كثيراً قرارات الإغلاق وتوقف الأنشطة ورفضنا جميعاً الحظر الجزئي بحجة عدم جدواه، لكن لم نفرض على وزارة الصحة إلغاءه واحترمنا القرار في نهاية الأمر».

عادل الراشد: صناع القرار تربويون متخصصون لم يتقلدوا المناصب ليضعوا سيوفهم على رقاب أبنائنا

قال مدير الشؤون التعليمية السابق في منطقة الأحمدي عادل الراشد لـ«الراي» إن قرارات وزارة التربية يجب أن تُحترم، متسائلاً «لماذا لا يتدخل الناس في قرارات التجارة والعدل والجهات الحكومية الأخرى إن كان كل شيء يكون بضغط الشارع؟».

وشدد الراشد على أن صناع القرار في وزارة التربية تربويون متخصصون وآباء حريصون على مصلحة أبنائهم ولم يتقلدوا المناصب التربوية كي يضعوا سيوفهم على رقاب أبنائنا، موضحاً أن المدارس الأجنبية «تترجى» الوزارة لتنظيم الاختبارات الورقية و«بعضها طلب تنظيم اختبارات ورقية تجريبية في أبريل الفائت لتعويد الطلبة على الاختبارات الورقية في يونيو وغير صحيح ما يشاع في شأن اعتماد الأون لاين لطلابها».

وأوضح أن كثيراً من النواب وأولياء الأمور وبعض الناشطين في مواقع التواصل يرددون هذه المعلومة غير الصحيحة، ولكن في الحقيقة جميع المدارس الأجنبية نظمت الاختبارات الورقية لطلابها باستثناء البريطانية التي تتبع نظام «كامبردج»، وهذه ألغيت من هيئة الاعتماد الدولية ولا علاقة للوزارة في إلغائها.

البعض دخل على الخط بحثاً عن الشهرة

علق بعض التربويين لـ «الراي» عن آرائهم في شأن قرار الاختبارات الورقية، ولكن آثروا عدم ذكر أسمائهم خشية تعرضهم للتندر الإلكتروني من قبل الحسابات الوهمية، مؤكدين أن كثيراً من هذه الحسابات للأسف تبث المعلومات غير الصحيحة التي يرددها عوام الناس والمراهقون، وفي حال توضيح الحقيقة من قبلهم تحقيقاً للمصلحة العامة وإحقاقاً للحق يكونون عرضة للسخرية والنقد اللاذع.

وتطرقوا إلى ظاهرة برزت أخيراً على السطح التربوي وهي دخول بعض المحامين على خط الرفض للقرارات التربوية، وذلك طلباً للشهرة والدعاية الإعلامية، مؤكدين أن صمت الوزارة في توضيح بعض الحقائق جعلها هدفاً لإشاعات «السوشيال ميديا».

رفض لـ... فوضى الـ 100 في المئة

قالت تربوية سابقة لـ«الراي» إنها مع تنظيم الاختبارات الورقية وضد الفوضى التي تمت العام الفائت في حصول الطلبة على نسب الـ100 في المئة، على أن تكون الوزارة قد واءمت المناهج وفقاً لنظام التعليم عن بعد.

معيب... ربط الاختبارات بالمكافآت

رفض مصدر تربوي التعليق على ما يردده البعض من ربط قرار الاختبارات الورقية بمكافآت اللجان والمطبعة السرية إلا أنه أوجز لـ«الراي» قائلاً «من المُعيب وغير اللائق أن يفكر البعض بهذه الطريقة، لأن صانع القرار التربوي هو ولي أمر في نهاية الأمر وشخصية تربوية لديها قدر من الأخلاق والمثل، ولا يمكن له أن يضر مستقبل أبنائه من أجل مكافأة اللجان المشار إليها... القضية أكبر من ذلك وأبعد، هي مستقبل جيل يجب أن نحميه».

المدارس الهندية... والدوريات

كشف مصدر تربوي لـ«الراي» أن المدارس الأجنبية أكثر حرصاً على مصلحة أبنائها حيث نظمت المدارس الهندية اختباراتها الورقية في العام الفائت، في وقت أصدرت فيه وزارة الصحة قراراً بإغلاق جميع المدارس، وحين داهمتها الدوريات لجأت إلى السفارة الهندية لتنظيم الاختبارات الورقية لطلابها في الدورين الأول والثاني وهذا يدل على حرصها على حفظ جودة التعليم لديها.

3 مجلدات لبنوك الأسئلة

قالت الموجهة العامة للغة الإنكليزية سوزان البشيتي لـ«الراي» إن بنوك الأسئلة التي رفعها التوجيه على موقع الوزارة تغطي المنهج الذي تم شرحه للطلبة في الحصص الافتراضية في نظام التعليم عن بعد بشكل مفصل، مع وضع اختبار ورقي تجريبي للطلبة مقارب لاختبار نهاية العام.

من جهتها، أكدت الموجهة العامة للرياضيات مها العنزي لـ«الراي» تحميل 3 مجلدات لبنوك الأسئلة على موقع الوزارة، الأول يتضمن كراس التمارين والمنهج الذي درس في الحصص الافتراضية، ويتضمن المجلد الثاني بعض الأسئلة التدريبية، فيما يتضمن الثالث نماذج اختبارات شبيهة باختبار نهاية العام، مشيرة إلى إخطار الطلبة عبر برنامج «تيمز» بهذه المجلدات التي تغطي منهج الرياضيات بالكامل.