فيما أصبحت «نظرة الريبة والسخط» سائدة بين المواطنين، مع استمرار الأسلوب الحكومي في التعيينات البراشوتية، والسعي في اتجاه أن يكون مسلكاً وحيداً للوصول إلى المناصب القيادية، من دون الاعتداد بمعيار الكفاءة والأحقية في المنصب، جاء استمرار الحكوة الحالية على النهج نفسه ليزيد من حالة الريبة والسخط، وسط تساؤلات عن موعد الانتقال من التعيين وفق مبدأ «هذا ولدنا» إلى التعيين وفق مبدأ الكفاءة وأن «لكل مجتهد نصيب».

وإزاء ما أثارته افتتاحية «الراي» من شجون، قدم مواطنون تصحيحاً لرؤية الحكومة وتفسيرها لمفهوم الإدارة الرشيدة التي تقوم على «مبادئ» وأسس لمن أراد الإصلاح والتطوير من جانب، ودعم الكفاءات وإعطاء كل ذي حق حقه من جانب آخر.

وقال عبدالعزيز الشعبان إن «الإصلاح الذي ننشده يفترض أن يكون متكامل الأركان، ومن أساسياته الإصلاح الإداري في شأن المناصب والتعيينات»، مبيناً أن «الفساد المالي والإداري يُخلق من رحم التعيينات البراشوتية وذلك بإعطاء مهام لشخص ليس أهلاً لذلك، إذ لا يملك الدراية والخبرة الواسعة لهذا العمل المناط له، فكُل ما يملكه صدفة جينية أعطته الحق لتولي المنصب أو اعتبارات فئوية و ابتزازات سياسية، فيكون الفشل والتخبط والفساد عنواناً لحقبته الوظيفية».

وبيّن الشعبان أن «ذلك يتعارض مع مبدأ تكافؤ الفرص، واليوم نحن بأمس الحاجة لتغيير النهج البراشوتي ليكون النهج للتعيين وفق أسس ومعايير شفافة وواضحة تكون على أساس الخبرة والتقييم الوظيفي، إذ إن النجاح والتطوير يحتاجان لتعيين المتخصص في ذلك، وذلك سينتج طاقة منتجة كخلية نحل للتفاني في العمل من قبل الموظفين فلن يأخذ أحد مكان المجتهد والمتخصص بل سيُكافأ نظراً لمجهوده وعمله بترقيته إذ سيعطيه دفعة أكثر نحو الإبداع والإنجاز».

من جانبه، رأى فواز الحسيني أن «التعيينات البراشوتية تقدم لنا صورة ذهنية عن ترهل ديوان الخدمة وانحراف مسيرة عمله، وتظهره بأنه جهاز شكلي لا دور له في حماية المهن والمحافظة على بيئة أعمالها، فالأصل بأن يكون لديوان الخدمة تحركات فعلية صارمة تجاه هذا الأمر».

وأضاف: «يفترض بالديوان القيام بتجويد القيادات والمناصب الإشرافية، وتلطيف بيئة الأعمال وتفويج الكفاءات وتفعيل جانب إدارة المعرفة والتكامل العلمي والمهني»، مشيراً إلى أن «التعيينات البراشوتية هي مدخل مهم للاحتراق الوظيفي وتسرب الكفاءات، وتسييس الوظائف العامة يسهم في هدر جهود الإصلاح ويربك الخطط الاستراتيجية».

وتمنى أن يكون شعار الحكومة القادمة هو «لكل مجتهد نصيب» بدل من أن يكون شعارها «هذا ولدنا»، مردفاً «على الصعيد الشخصي متفائل بوجود نهج جديد قد يعصف بهذه الثقافات التي طالما أرهقت طموحاتنا وأربكت مستقبلنا الوظيفي، وتسببت في تخلف الجهات والإدارات الحكومية عن مواكبة المستجدات العلمية والعالمية».

بدوره، رأى ناصر الشتلي أن «التعيينات البراشوتية ما هي إلا تعيينات لإرضاء شخصيات معينة، وقد تكون هذه التعيينات طرقاً تستخدمها الحكومة لعقد صفقات لإرضاء تيارات معينة لكسب أصواتها قبل أي استجواب، مردفا أنه «بشكل عام يوضع الشخص غير المناسب في مكان غير المناسب في أغلب الأحيان عبر التعيينات البراشوتية، ويغلب على طابع عمل هذه التعيينات خدمة ولاءاتهم».

ودعا الشتلي إلى «وضع آلية للترقي للمناصب الإشرافية عن طريق ترقي الموظف في إدارته، لأنه عندما يتقلد المنصب نجده يعرف كل تفاصيل إدارته بسبب عامل الخبرة التي اكتسبها خلال مسيرته العملية».

من جانبه، أكد فيصل الحربي ضرورة الابتعاد عن المحاصصة في اختيار الوزراء على أسس قبلية أو طائفية أو غيرها، إذا كانت هناك رغبة صادقة في الإصلاح والتطوير.

وذكر أن «اختيار وكلاء الوزارات يجب أن يكون معيار الكفاءة أصلا فيه، إذ إن معظم الموجودين حاليا تجاوزه الزمن، ولا يستطيع أن يطور نفسه لأن عمره تجاوز السن القانونية، فكل تعيينات الوكلاء في جميع الوزارات هي ترضية للأعضاء، وآمل أن يكون وكلاء الوزارات من جيل الشباب والشابات حتى نضخ الدماء الشابة لتساهم في نهضة الوطن».