مع تزايد مظاهر العنف المجتمعي في الكويت، وارتفاع معدل الجريمة، سواء بالقتل أو الضرب باستخدام الأسلحة البيضاء، قرع علماء نفس ومختصون جرس الإنذار تجاه تصاعد الظاهرة، إذ لا يكاد يمر يوم من دون أن يذاع خبر لمشاجرة أو اعتداء بالضرب أو غيرها من الأخبار التي أضحى تداولها «روتيناً يومياً».

وعزا مختصون في علم النفس تفشي ظاهرة العنف لأسباب عدة، مثل عدم غرس قيم المحبة في نفوس الجيل الجديد، وعدم التحلي بالأخلاق الرياضية، إضافة إلى الفقر في النوادي الاجتماعية والرياضية، التي تستوعب الشباب وتفرغ طاقته في ألعاب تملأ وقت فراغه، بدل التسكع في الشوارع والمجمعات التجارية.

كما رأوا أن العنف يعكس فشلاً تربوياً قام على تعنيف الصغار، فتسبب في تبلد مشاعرهم وأفقدهم الثقة بالنفس، ليجعلهم في الكبر عنيفين.

«العنف اللفظي ينتشر بين الإناث والجسدي لدى الذكور» حسن الموسوي: الإحباط والفشل من العوامل المساعدة والمؤثرة

قال أستاذ علم النفس الدكتور حسن الموسوي، إن «العنف جزء من سيكولوجية الإنسان، حيث أكد الكثير من علماء النفس أن العنف جزء من غريزة الشر، وتأتي البيئة والسمات في تعزيز تلك الغريزة».

وأضاف الموسوي أن «للعنف أشكالاً، منها اللفظي والمادي والجسدي، وهنا جنس الفرد يلعب دوراً في انتشار أنواع أخرى فمثلاً العنف اللفظي ينتشر بين الإناث والعنف المادي ينتشر بين الذكور، ومن العوامل المساعدة والمؤثرة في انتشار العنف الإحباط والفشل في الحياة والصراعات الداخلية والخارجية عند الإنسان والضغوط والفراغ ثم انتشار المخدرات من خلال البيع والتسويق وأفلام الرعب والإثارة ووسائل الإعلام ووسائل التواصل الإلكتروني في هذه الأيام».

وزاد أن «ظاهرة العنف مع الأسف انتشرت في الآونة الأخيرة في المجتمع الكويتي، ولم يعد المجتمع آمناً وهادئاً كما كان في السابق، وظهر العنف في كل أنواعه، وأصبح العنف المادي سريعاً لأبسط الأسباب، وهذه الظاهرة لم يكن المجتمع الكويتي معتاداً عليها».

وأكد أن «المجتمع الكويتي يتساءل عن أسباب انتشار العنف فيه، هل هذا بسبب ضعف الوازع الديني، أم ضعف تطبيق القانون، أم إلى التغيير الذي حدث في المجتمع وفي شخصية الفرد، وهل الماديات تغلبت على التعليم أم لعدم استثمار الطاقات الشابة؟... فهناك هدر للطاقة البشرية وسيطرة القلق والخوف على أفراد المجتمع في الآونة الأخيرة بشكل جمعي، ولابد أن يتم وضع حد لها من خلال البرامج الثقافية والمناهج الدراسية والأنشطة الاجتماعية واستغلال طاقات الشباب وتعزيز القيم».

«مراجعو العيادات النفسية كُثر بسبب العنف المجتمعي» منتصر صلاح: تعنيف الصغار يولّد عندهم إحساساً بالدونية

ذكر أستاذ علم النفس الدكتور منتصر صلاح أن «العنف المجتمعي هو استجابة سلوكية تتميز بطبيعة انفعالية شديدة، قد تنطوي على انخفاض في مستوى التفكير، وهو ممارسة القوة ضد الغير عن قصد، ويؤدي العنف إلى التدمير أو إلحاق الضرر المادي وغير المادي بالنفس والغير».

ورأى صلاح أن «علماء النفس يعرّفون العنف على أنه نمط من أنماط السلوك، ينتج عن حالة إحباط ويكون مصحوباً بعلامات التوتر، ويحتوي على نية مبيتة لإلحاق ضرر مادي أو معنوي بكائن حي أو بديل عن كائن حي».

وأضاف صلاح «لاحظنا من خلال العيادات النفسية أن هناك أسباباً كثيرة للعنف المجتمعي، منها البعد عن الدين، وهناك أسباب نفسية وأسباب ذاتية ترجع إلى شخصية القائم بالعنف، كأن يكون لديه خلل في الشخصية بمعاناته من اضطرابات نفسية أو تعاطي المسكرات والمخدرات، أو يكون لديه مرض عقلي... وقد أكدت الدراسات الحديثة التي أجريت على الأطفال أن الذي يُمارس عليه العنف باستمرار يتبلد الحس لديه ويصبح قليل التأثر بالأحداث التي يعايشها والتي تستثير انفعال الآخرين، ممن لم يمارس عليهم العنف، كما يتولد عندهم الإحساس بالدونية نتيجة لمشاعر العجز والخوف المترسخة مرة بعد مرة، وأن من يمارس عليه العنف وهو صغير سيمارسه لاحقا مع عناصر البيئة ومع أصدقائه ومن يتعامل معهم».

«ضرورة تعزيز دور الإعلام في محاربته وتدريس مادة الأخلاق في المدارس» مصطفى المسعود: العنف وسيلة الفرد لإعادة التوازن مع بيئته

رأى الدكتور مصطفى المسعود أنه «إذا وجد الإنسان واقعاً لا يقبله، يلجأ لا شعورياً إلى رد فعل معاكس لهذا الواقع، وكلما كان الدافع قوياً، كان رد الفعل قوياً، بل قد يؤدي إلى التطرف والعنف، فأغلب أشكال العنف الصادرة من الأفراد تكون وسيلة من الفرد، لإيجاد حل لإعادة التوازن بينه وبين بيئته، والتخلص من الصراع الداخلي، فيؤدي به ذلك إلى وسائل غير سليمة مثل الضرب والشتم.

كما أن من الأسباب أيضاً شعور الشخص المتزايد بالإحباط وضعف الثقة في النفس، فيدفعه ذلك إلى العنف».

ودعا المسعود إلى «العمل على زيادة الوعي الديني والأخلاقي، من خلال خطب الجمعة وبرامج وزارة الأوقاف، مع وجود الرادع القانوني للتصدي لمثل هذه الظواهر السلبية، وضرورة تفعيل الدور المدرسي في تدريس مادة الأخلاق، والحض عليها وغرس القيم الحميدة لدى الطلاب، وتفعيل دور الخدمة النفسية والاجتماعية في المدارس عن طريق اكتشاف الحالات العدوانية أو أصحاب السلوكيات العنيفة ومحاولة علاجها مبكراً».

وشدد على «ضرورة تعزيز الدور الإعلامي في محاربة هذه الظاهرة، ووضع برامج مناسبة سواء في الإعلام المرئي أو المقروء، وفي برامج السوشيال ميديا، ووضع برامج تثقيفية للشباب خاصة المقبلين على الزواج، حول مهارات حل المشاكل الأسرية عبر الحوار والأساليب السليمة في تربية الأبناء».

تدريب الآباء على التعامل مع الأبناء

دعا المختصون إلى تدريب الوالدين على برامج «الوالدية الفعالة» التي من خلالها يتم التعرف على كيفية التعامل مع الأبناء والابتعاد عن العنف داخل الأسرة بكل أنواعه، سواء العنف اللفظي أو البدني للأطفال، وعدم الاعتماد على المربيات الأجنبيات في تربية الأبناء، لما قد يترتب عليه من آثار سيئة ونقل ثقافات مختلفة عن مجتمعنا والابتعاد عن مشاهدة مناظر العنف على القنوات الفضائية والإنترنت، وهذا يكون دور الوالدين.

علامات الشخص العنيف

• الشعور المتزاید بالإحباط • ضعف الثقة

• طبیعة مرحلة البلوغ أو المراهقة

• الاعتزاز بالشخصیة حتى لو على حساب الغیر

• الاضطراب الانفعالي

• عدم القدرة على مواجهة المشاكل

• عدم إشباع أفراد المجتمع لحاجاتهم

• تفضیل الحلول العدوانية

• مشاعر الاضطهاد والإحساس بالظلم

3 أسباب نفسية

1 - رفاق السوء

2 - النزعة إلى السیطرة على الغیر

3 - الشعور بالرفض من قبل الرفاق

3 أسباب أسرية

1 - التفكك الأسري

2 - عدم متابعة الأبناء

3 - شیوع النموذج الأبوي المتسلط

نصيحة من ذهب

نصح الكثيرون الشباب بعدم الالتفات أو الرد على الأشخاص الغرباء عند الإشارات المرورية، بسبب انتشار المخدرات والكميكال والشبو والابتعاد عن المشاكل لوجود مجرمين.