ذهب عام 2020، الحافل بالاضطرابات والانقسامات الأميركية في جميع الولايات المتحدة، بسبب فشل إدارة الرئيس دونالد ترامب في التعامل مع الملف الأمني، ابتداء من عدم المساواة العرقية، وانتهاء بعنف الشرطة، ثم فشله في إدارة الملف الصحي الذي يتقدمه فيروس «كورونا»، وهي من الأمور الرئيسية التي أصابت المواطن الأميركي بالإحباط إلى أن جاء المرشح الديموقراطي جو بايدن، ليغيّر الموازين السياسية بأسلوبه الراقي، ولينتصر على منافسه الرئيس الجمهوري دونالد ترامب.

فقد خسر ترامب معركة الرئاسة وهو صاحب شعار «أميركا أولاً»، ولكنّه لا يزال يرفض الاعتراف بهزيمته من قوة الصدمة، إنّه يرفض حكم صناديق الاقتراع وهذه كارثة! فقد اتخذ نظرية المؤامرة ليسميها «الانتخابات الأكثر فساداً في التاريخ»، ولهذا يرفض الرئيس ترامب الانتقال المنظم للسلطة، من دون تقديم دليل واحد يدين صحة هذه الانتخابات، فيما نرى أن الطعون القضائية التي تقدم بها ترامب لم تأتِ بثمارها بعد.

ورغم هذا كله يتفاخر بوجوده في المكتب البيضاوي في البيت الأبيض، رغم قرب انتهاء مدة إقامته، ولم يتمكّن مسؤولو الحزب الديموقراطي من عزله بعد أن قام مجلس الشيوخ بتبرئته أمام تهمة استغلال السلطة، إلا أنّ تكاتف الحزب الجمهوري ووقوفه معه لتبرئته في ختام المحاكمة الأخيرة ربما لا تطول، فتنهار أمام تراجع السلطة، مع عدم اعتراف ترامب بالهزيمة، وهذا ما يؤدي إلى فقدان ثقة مناصريه، فهو غالباً ما يُلقي باللائمة في أخطائه على الآخرين وعلى مقرّبيه، ولهذا خسر الكثير من القياديين من أنصار حزبه، بل ربما يخسر جموعاً من الجمهوريين الموالين له منذ بداية حملته، وبالتالي نرى الجميع يراهن على ما سيحدث قبل وبعد موعد انتهاء صلاحياته الدستورية للرئاسة.

فهل سيخرج من مكتبه البيضاوي المتمسّك به فعلاً، أم أنّ الأمر سيكون أصعب مما نتخيّله؟! أوساط مقرّبة من الحزب الجمهوري تفيد بأن إصراره الشديد على أنه الفائز في هذه الانتخابات، واتهاماته بالسرقة والتزوير لهذه الانتخابات، قد تدمره شخصياً وتدمر شعبيته بنسبة 50 في المئة، وبالتالي من المتوقّع أن تسيطر قوى الحزب الديموقراطي على مقاعد البيت الأبيض وعلى الغالبية في مجلس الشيوخ في أقرب وقت ممكن، بعد أن حافظ الجمهوريون على غالبية المقاعد في «الشيوخ» أثناء تولي دونالد ترامب السلطة، وقد لاحظنا جلياً كيف ضعف ترامب في التأثير على قوانين الكونغرس في أيامه الأخيرة، ما أدى إلى حدوث حالة من الإرباك والفوضى في مواقف حزبه الجمهوري، وسببها غالباً التصريحات العنترية التي يقوم بها ترامب أمام الجميع، لإظهار نفسه على أنه نصير الأميركان في جميع قضاياهم الشعبية.

إلا أنّ الواقع يختلف تماماً، ففي المقابل كانت هناك إهانة تلقاها ترامب في الكونغرس، حينما اتحد الحزبان الجمهوري والديموقراطي معاً لتمرير ميزانية الدفاع، بعد أول تصويت عليه بأكثر من ثلثي النواب الحاضرين، رغم تسجيل اعتراضاته عليها، ومن جانب آخر، يعلم جيداً الرئيس الفائز بايدن خطورة أداء وسلوكيات الفريق الذي عيّنه ترامب في البنتاغون، من عرقلة عملية انتقال السلطة بطريقة سلسلة قائلاً: إنّ الولايات المتحدة بأكملها قد تواجه مخاطر أمنية جراء ذلك! وفي المقابل يخص الرئيس ترامب مؤيديه القلة على التجمع في واشنطن في السادس من يناير الجاري، للضغط على الكونغرس من أجل عدم المصادقة على فوز بايدن بالرئاسة.

فهل هي محاولة أخيرة أم أن ترامب ما زال يرسم لمحاولات أخرى؟! ولكل حادث حديث.

alifairouz1961@outlook.com