حين يولد الإنسان يكون في حاجة -حتى تستمر حياته- إلى معرفة ما هو آمن، وما هو خطر، ومن هو خيّر، ومن هو شرير، وما هو آجل، وما هو عاجل... وإن المجتمع هو الجهة الوحيدة التي يمكن أن تقدم له كل ذلك، ولن يكون هناك تراكم للتقاليد والخبرات، وتواصل عبر الأجيال من غير وجود مجتمع.

إن التربية الاجتماعية التي يكتسبها الفرد من المجتمع، تكتسب بعداً جديداً في ظل إدراك الفرد لذاته، وللمحيط الذي يعيش فيه، وهذا الإدراك يشتمل على فهم الرغبات والقدرات، وجوانب القوة، والقصور الذاتي، كما أنه يشتمل على إدراك ما في المحيط من معطيات أخلاقية وفكرية ومادية، وما فيه من فرص وعوائق وتحديات، وهذا الإدراك هو ما يسمى بالوعي.

أما الوعي الاجتماعي، فهو تلك المشتركات التي يدركها ويتشاركها أبناء مجتمع من المجتمعات على صعيد العقائد والأفكار، والتقاليد والعادات، حيث تتوفر رؤية جمعية لكثير من وقائع الحياة، فالناس في مجتمع من المجتمعات، يتحدثون بلغة متقاربة عن الأشياء الجيدة، والسلوكات المعيبة، ولهم طموحات شبه موحدة إلى تحلي أبنائهم بفضائل وأخلاق متفق عليها، كما أنهم يحذرون من التقصير في بعض الواجبات الاجتماعية.

ومن الطبيعي أن نرى لدى بعض أفراد المجتمع شيئاً من النقد لبعض العادات والتقاليد، والسلوكيات الاجتماعية، وهذا النقد يشكّل الأساس للتطور الاجتماعي، وهو جزء من الوعي الاجتماعي.

في الختام، نكتب كلمات هي مرجع أساسي في شريعتنا وأحكامنا، والقوانين الإنسانية، بصلاح الإنسان يصلح كل شيء، وبفساده يفسد أيضاً كل شيء، لأنه هو الأساس لكل شيء، ولهذا من المهم أن يعلو الاهتمام بالإنسانيات والاجتماعيات والأخلاقيات في المحاضن التربوية، وفي المدارس على الاهتمام بالمهارات والقدرات، وذلك لأن الإنسان يتحول إلى شيء سيئ وخطير حين يتجرد من معاني الرحمة والإيثار، والإحساس بالمشكلات التي يعاني منها الآخرون. والشعور بالآخرين القريبين والبعيدين يشكل أساس الحياة الاجتماعية، فالإنسان يأنس بأخيه الإنسان ويتعلم منه، ويتكامل معه. وهذا كله يعمل على نشر ثقافة الإحسان والتعاون، والشعور بمشاعر الآخرين إلى جانب ثقافة التسامح، والكياسة الاجتماعية.

M.alwohaib@gmail.com

mona_alwohaib@