استوقفني زميل قديم خارج صالة الأفراح ودار حديث حول ما نكتبه وغيري من مقالات تصب في الصالح العام، وفيها نقد مباح ونصح لأحبتنا وأهلنا والمواطنين وللمسؤولين وفق مسطرة نراها مستقيمة وهادفة... وكنت أنظر إليه وهو يحدثني لعلي أجد منه نصيحة أو توجيهاً تجاه ما نكتب.

يقول صاحبنا «لا تتعب نفسك... ولا تنتقد ولا تنصح»، فاستغربت منه وقلت: كيف؟ نحن بشر غير معصومين من الخطأ، إذا وقعنا في خطأ ولم نجد مَنْ ينبهنا حوله... فطبيعي أننا سنستمر على نهجنا الخاطئ! «وإذا المسؤولون لم يجدوا مَنْ ينتقدهم من قلب محب عند حدوث أخطاء أو تقصير... أكيد أنهم سيستمرون في الخطأ ولن ينتبهوا للتقصير!»... فضحك وقال «ومَنْ قال إنهم يتقبلون النصيحة أو النقد»!

الشاهد أننا في وضع غريبة أطواره ونحن مسلمون ونعلم أن «الدين النصيحة»!

فعلى حسب سيرة الخلفاء الراشدين نستشهد بأقوال مأثورة مثل ما جاء في خطبة أبي بكر الصديق، رضي الله عنه: «إن أقواكم عندي الضعيف حتى آخذ له بحقه، وإن أضعفكم عندي القوي حتى آخذ منه الحق... فإن أحسنت فأعينوني وإن زغت فقوموني». وقول عمر بن الخطاب، رضي الله عنه «رحم الله امرأ أهدى إليَّ عيوبي».

والناصح الوطني الحس لا يتوقع الثناء أو القبول للنصيحة التي يقدمها، فهو أي الناصح، قد أدى الأمانة في عرض قصور أو أخطاء قد وقعت سواء من مواطنين أو مسؤولين وقدم الحلول من باب التوعية النقدية المباحة وهي على مر التاريخ ثابتة أهميتها... وإن أخطر النصائح جاءت من إبليس لآدم وحواء في سورة الأعراف «إني لكما لمن الناصحين»!

فالنصيحة إن أتت من شخص مشهود له حُسن علمه وخبرته وصلاح دينه فالعاقل المدرك سيتقبّلها، وإن جاءت من فئة المنافقين المتسلقين سطحي الفكر محدودي العلم والخبرة فأعرض عنها وتوكل على الله.

كل ما نريد يندرج تحت مظلة الإصلاح الاجتماعي والمؤسسي... نصح لا يُراد منه جزاء ولا شكور.

إن السلوك الاجتماعي يحتاج إلى توجيه لإعادته إلى السلوك السليم الذي يُحسّن من ثقافته المجتمع بأفراده وفئاته كافة، والمنظومة الإدارية تحتاج كل مسؤول إلى تقبل النقد المباح الذي يتضمن الحلول وما يراد عمله حسب المعايير المتعارف عليه والنظم الإدارية المعمول بها.

الزبدة:

ذكرنا وغيرنا ما أعاننا الله عليه، كل من منظوره ومجال خبرته وعلمه ونتمنى أن نتسم بسعة الصدر ونعمل بشفافية مطلقة كي نعرف أين كنا وما نحن عليه وما سنحقق في المستقبل القريب والبعيد... وروح التفاؤل مطلوبة ومهما كانت الأخطاء والقصور، فالله عليم بصير بالنوايا الإصلاحية ولنحذر من الذين وصفهم الشاعر العباسي صالح بن عبدالقدوس «يعطيك من طرف اللسان حلاوة... ويروغ منك كما يروغ الثعلب». واستفت قلبك... الله المستعان.

terki.alazmi@gmail.com

Twitter: @TerkiALazmi