لم تعد إخفاقات الكرة الكويتية أمراً طارئاً أو عابراً، بل أصبحت حالة مُزمنة تعكس خللاً عميقاً في طريقة إدارة الرياضة، لا في مستوى اللاعبين وحدهم، بل ان المشكلة لم تعد فنية بقدر ما هي إدارية وفكرية، عنوانها الأبرز: تسييس الرياضة وتحولها إلى ساحة استعراض وشهرة.

منذ سنوات طويلة دخلت اللعبة الشعبية الأولى في دهاليز الصراع السياسي وتصفية الحسابات، تتبدل الإدارات لا وفق رؤية تطوير بل وفق اصطفافات ومصالح، فتدفع المنتخبات والأندية الثمن، وحين تُعاقب الرياضة الكويتية خارجياً وينتقل الصراع إلى كل زوايا المجتمع ويصبح التقييم الرياضي واختيار اللاعبين خاضعاً للنفوذ، عندها تتحول الرياضة إلى مشروع فشل وليس مشروع نجاح.

الأخطر من ذلك دخول فئة من طالبي الشهرة على خط القرار الرياضي، أشخاص لا يملكون مشروعاً ولا خبرة، لكنهم يُجيدون الظهور الإعلامي وإثارة الجدل، تحولت كرة القدم إلى مادة للترند، وتحول النقد من تشخيص إلى تشهير، ومن مُساءلة إلى مُزايدة، فصار الضجيج أعلى من الإنجاز، والكلام أكثر من العمل.

وفي خضم هذا العبث، غاب التخطيط، وضاعت القاعدة، وتُرك الشباب الموهوب بلا مشروع حقيقي، لا أكاديميات قادرة على صناعة لاعب، ولا استقرار إداري يسمح ببناء منتخب، نبحث عن نتائج سريعة بينما نهدم الأساس الذي تُبنى عليه أي كرة قدم محترمة.

كرة القدم لا تُدار بالشعارات، ولا تُصلَّح بالمؤتمرات الصحافية، هي منظومة تحتاج إلى استقلالية، وتسليم الدفّة لأهل الاختصاص، فإما أن نعيد الرياضة إلى ملعبها الطبيعي بعيداً عن السياسة والشهرة، أو نواصل الدوران في حلقة الفشل، ونكتفي بترديد أمجاد لم نعد نملك أدوات استعادتها.

الرياضة الكويتية لا ينقصها المال ولا المواهب، بل ينقصها العمل الذي يضع اللعبة فوق الأشخاص، والمستقبل فوق اللحظة.

إن انصراف الجمهور؛ وابتعاد الأُسر الكويتية عن تشجيع أبنائهم الموهوبين للمشاركة الرياضية سببه ما انتشر بين الناس من تجارب حول تدخل البعض في المسار الرياضي وعدم احترام الموهبة لصالح المصالح الخاصة، حتى أصبح المدربون والجهاز الفني خاضعين للإدارة عاملين بتعليماتها بعيداً عن الحيادية، وطبعاً حين تفقد النوادي شبابها الموهوبين ينقطع الإمداد الواعد، فتكون النتيجة ما رأيناه أخيراً في كأس العرب وما سبقه من مشاركات.

إننا نحتاج إلى مشروع وطني لإحياء الرياضة، وقد آن الأوان لبدء حركة الإصلاح والتغيير فقد طالت فترة التراجع وحان زمن الحزم.