هناك الكثير من المحللين والخبراء السياسيين اختلفوا وانقسموا إلى آراء وتفسيرات مختلفة حول أفعال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، حول البروتوكولات الرسمية التي تعوّد أن يكسرها أمام رؤساء الدول الأخرى ليسبب الإحراج الكبير لهم، فهل يتعمد صنع ذك؟! أم أنها تصرفات غريبة موقتة لا يهتم بها رغم أهميتها؟!

بعض المفسرين والخبراء المتابعين لهذا الأمر عن كثب نجدهم حائرين ويتساءلون: هل الرئيس دونالد ترامب يمارس إستراتيجية فريدة من نوعها أم أنه يمارس إستراتيجية مدروسة تُعرف بنظرية الرجل المجنون، وذلك لإبقاء الخصوم في حيرة.

فما يقوم به ترامب ليس مجرد أخطاء عادية أو زلة غير مقصودة، وإنما نلاحظ أن النمط الرسمي أصبح متكرراً في أكثر من مناسبة رسمية بين الرؤساء الآخرين.

ففي اليابان مثلاً عندما التقى السيدة ساناي تاكايتشي رئيسة وزراء اليابان، ورئيس الحزب الليبرالي الديمقراطي، تجاهل ترامب مراسم الانحناء للعلم الياباني تاركاً رئيسة الوزراء في إحراج وحيرة!

وفي بريطانيا عام 2018 قام بالمشي أمام ملكة بريطانيا السابقة الراحلة إليزابيث الثانية في خرق فاضح للمراسم والبروتوكول الرسمي أمام مشاهدة الملايين لهذا الحدث في جميع القنوات الإعلامية، مجبراً إياها على اللحاق به رغم كبر سنها ومكانتها الكبيرة في العرش الملكي البريطاني، ثم كرر هذا الفعل وخرق البروتوكول الملكي مع الملك البريطاني الحالي الملك تشارلز الثالث، وتقدّم بالمشي أمامه أثناء مراسم البروتوكول البريطاني مجدَّداً ليخرق القواعد الملكية، الأمر الذي أثار بأفعاله الكثير من الجدل، فهل كان هذا الفعل متعمداً؟!

وفي عام 2017 أثناء انعقاد قمة الناتو وبحضور الرؤساء جميعاً، قام الرئيس دونالد ترامب بدفع رئيس وزراء الجبل الأسود دوسكو ماركوفيتش، بيده أثناء التصوير، ليتقدم الزعماء في بروكسل ويفسح المجال لنفسه للوقوف في الصف الأمامي خلال وقوف زعماء قمة حلف شمال الأطلسي حيث وقف مزهواً يهندم سترته متقدماً الجميع، فهل كان هذا التصرف لائقاً؟!

بعد ذلك نجد أن الأمر تطور ليصبح أكثر حدة في مواجهته مع الآخرين وتصرف بشكل غير مسبوق أثناء مواجهته العلنية مع السفير الأسترالي كيفن رود، لدى الولايات المتحدة الأميركية وكان أثناء اجتماعه في البيت الأبيض في أكتوبر الماضي حيث قال له: «أنا لا أحبك... وعلى الأرجح لن أحبك أبداً!».

لقد كان الرئيس ترامب صريحاً وجريئاً مع السفير رود بعد تعليقاته السلبية التي نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي ضد ترامب ثم قام بحذفها بعد توليه المنصب الجديد لدى واشنطن حيث وصفه بالأحمق وأكثر الرؤساء تدميراً في التاريخ.

وفي مناسبة أخرى قام ترامب أثناء قمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادي (أبيك) بتقليد لهجة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، بشكل ساخر للهجة الهندية ووصفه بالوسيم ولكنه قاتل ورجل قوي صارم للغاية، فبالرغم من تدخل ترامب شخصياً لتهدئة التوتر بين الهند وباكستان ودعوته السابقة لوقف المواجهات الدامية لعودة الهدوء بين البلدين إلا أن هذه المواقف الساخرة في تعليقاته المستمرة قد دفعت (مودي) نحو تجنب القمة الاقتصادية بأكملها، وهي بالطبع رسالة اعتراض على أفعاله الساخرة، ورفض رئيس الوزراء الهندي حضوره يعد مؤشراً على شعوره بالاستياء والإساءة المباشرة، ناهيك عن فرض الولايات المتحدة الأميركية الرسوم الجمركية العالية على الهند إلى 50 في المئة، وفي تصريحاته المسيئة للاقتصاد الهندي ووصفه بالاقتصاد «الميت»!

إذاً، بحسب الدراسة العميقة لشخصية دونالد ترامب، التي أجراها بعض الخبراء النفسيين وتم نشرها في كتاب بعنوان «The Dangerous Case of Donald Trump»، أو القضية الخطرة لدونالد ترامب تفيد بأن كل ما يقوم به ترامب ليس إلا مجرد أفعال نرجسية لا يمكن إنكارها، تدفعه لتكون كل الأضواء عليه وليس على الآخرين، وبحسب الدراسة الموجودة فإن ترامب قد سجل درجات عالية في ما يسمى بالثالوث المظلم من النرجسية والسيكوباتية والميكافيلية، فيبقى السؤال هنا: هل ما يقوم به، وما يقوله الخبراء والباحثون بمثابة «المبالغة»، أم أنه ببساطة لم يكن يدرك ذلك؟! فكيف يمكننا أن نفهم شخصية وسياسات ترامب بعد تصريحاته الغريبة وادعاءاته المبالغ فيها وخصوصاً في ثروته المثيرة للجدل وفي اتهامه للمهاجرين بإصابتهم بمرض الإيدز، ثم بفكرته لبناء نصب تذكاري وهمي لنهر الدم في نادٍ للغولف، وكذلك تعليقه لجميع طلبات الهجرة بشكل دائم لجميع دول العالم الثالث حتى يتعافى النظام الأميركي بالكامل! وآخرها مطالبته في الآونة الأخيرة بجائزة نوبل للسلام أمام الأمم المتحدة تحت مزاعم بإنهاء 7 حروب، وحله نزاعات عدة حول العالم، ولكنها في الواقع ذهبت إلى زعيمة المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو... فما رأيكم يا سادة؟!

ولكل حادث حديث،،،

alifairouz1961@outlook.com