يقول الله جل جلاله: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (6)}. (الشرح: 5-6)، وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «أمتي كالمطر لا يُدرى أوّله خير أم آخره». إن الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية تؤسس في الوعي الإسلامي لمسألة تعاقب الخير والشر، واليسر والعسر، والرخاء والشدة، بل إنّ من الوظائف الأساسية للإيمان جعل المؤمن يتعلق بالمستقبل، ويعمل من أجله على أساس أنه سيكون أفضل بكثير من الحاضر، المستقبل العاجل والآجل، أي المستقبل في الدنيا، والمستقبل في الآخرة.

وعلى الرغم من وجود التأصيل الشرعي لمفهوم العسر واليسر، إلا أنه مازال كثير من الناس تفكيرهم مأزوم، وذلك لأنه تفكير أثّرت فيه أزمة كبرى، أو أزمات صغيرة متتابعة، فصار يرى الأشياء من منظور ضيق، يتسم بالحيرة والتشاؤم، يعني تفكير المقهور المغلوب على أمره، المفتقد إلى المبادرة الشجاعة، والعاجز عن النظر خارج الصندوق.

الشعور بالعجز، وازدراء الذات، مصدران مهمان لوجود الفكر المأزوم لدى أي إنسان، أو مجتمع من المجتمعات، ومن أهم أسباب ازدراء الذات المقارنة، مقارنة إنجازات ونجاحات الغير بإنجاز المرء ونجاحاته. وفي الحقيقة أنّ المقارنة الصحيحة يجب أن تكون بين خواص الإنسان نفسه وخواص من يقارن نفسه به.

يجهل أصحاب الفكر المأزوم أن التخلف الذي يعاني منه الأفراد والمجتمعات اليوم ليس وليد اللحظة، بل إنه حصاد الثمار المرة لتراكم أخطاء وخطايا منهم، ومن الناس الذين سبقوهم، ولعل من أكبر المشكلات التي تواجه أصحاب الفكر المأزوم توصيف الأزمات التي يشكون منها، حيث إنّ شكواهم تكون في الغالب عامة، أنهم يشعرون بأن الأمور ليست على ما يرام، لكنهم لا يملكون المنهجيات التي تمكنهم من وضع الإصبع على الجرح، ولا يملكون الصبر على البحث في الواقع بكل تعقيداته وانثناءاته، كذلك هم حائرون في تحديد المسؤولين عن تلك المشكلات.

إن الله تعالى حثنا على التأمل في أنفسنا وأحوالنا، وأكّد لنا في مواضع عديدة من كتابه العزيز أن مشكلة الإنسان داخلية، من استطاع أن يصلح داخله، لن يعاني في إصلاح خارجه ومحيطه.

M.alwohaib@gmail.com

mona_alwohaib@