السمنة أم الأمراض، شعار مفيد تراه في لافتات التوعية المنتشرة أمام أعيننا.

هذا الشعار يعلّمنا فائدتين، أولاهما أن السمنة بحد ذاتها مرض، ثانيهما أنها، أي السمنة، تولد أمراضاً أخرى، هذا الذي نفهمه من كلمة أم.

أما كون السمنة مرضاً فهذا لا يختلف عليه أحد، فالسمنة التي يزيد فيها مؤشر كتلة الجسم على ثلاثين تعيق الانسان عن أداء وظائفه وتثقل حركته وتضعف إنتاجه، وهذا هو تعريف المرض، أما كونها سبباً لأمراض أخرى فهذا أيضاً أصبح ثابتاً بالمعلومة القائمة على البراهين، وأهمها أمراض القلب والسكري، وحتى بعض الأمراض السرطانية، وقد أعلنت منظمة الصحة العالمية عام 1997 أن السمنة وباء؛ كما كشفت عام 2022 أن هناك 2.5 مليار إنسان يعانون من زيادة الوزن منهم 890 مليون متعايشين مع السمنة.

ورغم ما تحمله السمنة من مخاطر إلا أن أغلبنا يعاني في المحافظة على الوزن وتجنب السمنة لاسيما بعد الخمسين من العمر، وهي السن التي يستمر الانسان فيها بالتمتع في الأكل مع نقص في الحركة.

أغلب الناس يعتقدون أن محاربة السمنة تعني المعادلة الثنائية، وهي موازنة الطاقة الناجمة عن الغذاء مع الطاقة المفقودة بالرياضة أو الحركة، وهذا مفهوم غير دقيق، فالإنسان ليس معادلة رياضية وخلايانا ليست آلة لا حياة فيها، نحن في الحقيقة نتعامل مع ما نأكله بمعادلة ذات أبعاد ثلاثة، أولها: بُعد الطاقة الداخلة ويمثلها ما نأكله، وثانيها: بُعد الطاقة المفقودة ويمثلها ما نفقده بالحركة، وثالثها: وهو الذي يغفله الكثير، معدل الاحتراق أو عملية الأيض، وهي العملية التي تجعل الكائن الحي يتحكم في مخزون الطاقة بما يتناسب مع وضعه.

فحين يميل الانسان للكسل وتطول فترة كسله فإن خلاياه تفسّر الأمر أن هذا الانسان غير قادر على العمل لتوفير الطعام لنفسه؛ وبالتالي يتناقص معدل الاحتراق ويصبح أي طعام يأكله عرضة للتخزين كنوع من التوفير، لذا من المهم أن نتعامل مع أجسادنا كعنصر ذكي فنستمر بممارسة الرياضة باستمرار ولو نصف ساعة في اليوم حتى يرتفع معدل الاحتراق ويصبح ما نأكله قابلاً للاستهلاك ويتوازن ما يدخل وما يخرج من جسدنا فنحافظ على وزننا.

السر في المحافظة على الوزن هو في إدراك الأبعاد الثلاثة والعمل عليها جميعاً، إنقاص ما نأكل، إحراق ما نأكل بالحركة، زيادة معدل الاحتراق أو عامل الأيض بالاستمرار بالرياضة.

مَنْ أراد أن يحافظ على وزنه أو يُنقصه فالحل أمامه، ليس حلاً سهلاً لكنه ليس صعباً وسوف يجد بعدها لذة الصحة، ويا لها من لذة.