قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ (الحشر 18).

من سنن الله في خلقه، والحقيقة الواضحة، أن الإنسان مفطور على النظر إلى المستقبل، وهو يمارس ذلك على نحو دائم، كل عمل ننهمك فيه نتوقع له نهاية، ويتحرك الخيال لتصور التصرف الذي علينا القيام به بعد تلك النهاية.

وحين نتأمل في القرآن الكريم نجد اتساع المساحة التي احتلها الحديث عن يوم القيامة والجنة والنار، وذلك حتى يظل الإنسان المسلم مشدود النظر إلى الآخرة، وحتى يحسن عمله ويجني ثماره بحسن سلوكه في الدنيا، ومن المهم في هذا السياق ألا نفصل بين المستقبل الدنيوي، والمستقبل الأخروي حين نغادر هذه الحياة، ونقبل على الآخرة.

إن الغد المذكور في الآية الكريمة هو القادم والمستقبل من الأيام في الدنيا، والقادم من الأوضاع والأحوال فيما بعد الموت، وإن النجاح في المستقبل الدنيوي لن يكون حقيقياً وذا فائدة حقيقية إذا لم يساعد على النجاح الأخروي، ولهذا يسعى الإنسان إلى أن يكون مؤثراً في المجتمع في المستقبل، وأن يحقق نجاحات وإنجازات على مستوى الوظيفة وامتلاك المال من أجل استخدامه في الشعور بالراحة والرفاهية، ومن أجل تعمير أسرة سعيدة، ومن أجل التقرب إلى الله تعالى باستخدام إنجازاته في نفع العباد والبلاد.

الدّين مبني في كل تعليماته على النظر إلى المآلات، والتضحية ببعض ملذات الحاضر من أجل القادم، ولهذا فإنّ الإنسان المتدين تديناً صحيحاً مشدود دائماً إلى المستقبل، فهو ما بين تفكير في المستقبل، وعمل تنفيذي من أجله. نحن نعيش في عصر التطورات السريعة والمتسارعة، وإن ترتيب المرء لأموره يتطلب منه الكثير من الاستعداد لمواجهة التحديات المتعلقة بفرص العمل على الأخص، وما يتطلبه ذلك من اكتساب للمهارات الجديدة والمعرفة الرفيعة والمتعمقة، وما يتطلبه من إبداع واجتهاد وتجديد.

سطورنا في الخاتمة تقول: إنه من المهم التخطيط لليوم والأسبوع والشهر والسنة، فهذا الذي يحفز هِممنا على بذل الجهد، واستثمار الأوقات فيما أوجبه الله جل جلاله علينا، وطلبه منا.

M.alwohaib@gmail.com

@mona_alwohaib