لم يتوقع العالم كله، أن الصديقين دونالد ترامب وإيلون ماسك، سيفترقان يوماً. فبعد كل الجهود المبذولة لفوز المرشح الجمهوري في الانتخابات الرئاسية الماضية، وبعد وقوف ماسك بجانبه طوال حملته الرئاسية ودعمه بقوة، حتى حقق النجاح الساحق مع أنصاره، جاء اليوم الذي فيه يفترقان... ترى ما الأسباب التي جعلت الملياردير صاحب منصة «إكس» ومالك شركة Tesla للسيارات، يفكر جدياً في ترك إدارة ترامب رغم أهمية منصبه الحكومي؟

وما الأسباب التي جعلت ترامب يترك ماسك وحيداً رغم حضوره المتميز في جولته الخليجية الأخيرة، التي زار فيها السعودية وقطر والإمارات، أعلن الرئيس الأميركي خلالها، عن اتفاقيات استثمارية عالية في مجالات الدفاع والطيران والذكاء الاصطناعي وغيرها بقيمة تتخطى الـ4 تريليونات دولار؟

وكان ماسك أحد كبار رجال الأعمال الذين شاركوا في إتمام هذه الصفقات التريليونية...

واليوم - وبعد هذه الجهود الكبيرة - أصبح الخلاف بينهما كبيراً حتى تحول إلى هجوم وحرب كلامية بين الاثنين في وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي المتنوعة.

لقد كانت بداية شرارة الخلاف من خلال طرح مشروع قانون الإنفاق الضخم ويعرف باسم Big beautiful Bill وهي القشة التي قصمت ظهر البعير، والذي يتضمن تخفيضات في الحوافز المخصصة للسيارات الكهربائية والتي من ضمنها سيارات Tesla المميزة في جمال صناعتها، وأيضاً الزيادة في الإنفاق الدفاعي، وهو ما أثار غضب واعتراض ماسك، فكان الخلاف حول مشروع القانون الذي يشمل الأثر المالي، حيث يعارض ماسك التوجه إلى زيادة العجز الفيديرالي بأكثر من تريليوني دولار ورفع سقف الدين إلى 5 تريليونات دولار...

تلك هي ضمن خطة ترامب التي كان يوعد بها ناخبيه، إلا أن ماسك عارض بشدة إلغاء هذه الإعفاءات لأنها ستؤثر سلباً على Tesla بلا شك، بينما يركز المؤيدون على أولوياتهم الاقتصادية بشكل أوسع، وبالتالي فإن معارضة ماسك تعتبر تحدياً واضحاً لوحدة الحزب الجمهوري، غير أن القيادة تؤكد أهمية تمرير هذا القانون من دون أي مماطلة رغم استمرار ماسك في انتقاده لسياسة الإنفاق الكبير لاسيما في ذلك الـ46.5 مليار دولار المخصصة لأمن الحدود.

وفي مقابل ذلك يرى المؤيدون أن ذلك ضروري للأمن القومي الأميركي.

وفي 22 مايو 2025، تم تمرير القانون من دون الالتفات إلى اعتراضات ماسك، فوصف هذه الخطوات بأنها تشويه مقزز معقباً «سنجعل الولايات المتحدة الأميركية دولة عبودية للديون»، ومحذراً الجميع بأنه سيزيد العجز الفيديرالي بمقدار 2.4 تريليون دولار. لكن لم يلتفت إليه أحد من فريقه الحكومي حتى اضطر لمخاطبة المواطنين الأميركيين للضغط على المشرعين برفض مشروع قانون ترامب الخاص بالضرائب والإنفاق الذي أثار جدلاً واسعاً، فاضطر ماسك بعد ذلك إلى كتابه منشور على «إكس» قائلاً «أجهضوا مشروع القانون الذي سيؤدي إلى إفلاس الولايات المتحدة الأميركية»، مهدداً المشرعين في الكونغرس بأنهم حتماً سيواجهون غضب الناخبين عند قرب انتخابات التجديد النصفي عام 2026 في حال دعمهم لخطة ترامب.

لكن يبدو أن الرئيس الأميركي لم يعره اهتماماً، ولم يرد على حملة الملياردير ماسك، فرد رئيس مجلس النواب مايك جونسون، قائلاً لترامب «إن الأخير لم يكن سعيداً بهذه الخطوات الإصلاحية وأن دوافع ماسك حتماً ناتجة من مشروع القانون الذي قد يؤثر سلباً على Tesla».

إلا أن هناك أوساطاً مقربة من هذه الأحداث تؤكد أن الإصرار على تمرير مشروع القانون للضرائب والإنفاق الذي تبناه ترامب مع أنصاره من الحزب الجمهوري ووافق عليه مجلس النواب في مايو الماضي بفارق ضئيل، حتماً سيواجه مقاومة شديدة في مجلس الشيوخ بما في ذلك بعض نواب الحزب الجمهوري الذي يسيطر على كلا المجلسين.

وفي 28 مايو 2025 جاء اليوم الحزين وهو يوم الفراق الذي قدم فيه ماسك استقالته من منصبه كرئيس لوزارة كفاءة الحكومة الملقبة بـ«DOGE» في غضون 130 يوماً من بداية عمله، معتبراً استقالته من الوزارة ورحيله هما حقاً «خيبة أمل»!

وسنكتفي بهذا القدر من مقالنا، آملين أن نستكمل الجزء الآخر من «اصطدام سياسي واقتصادي ما بين ترامب وماسك» في الأسبوع المقبل بإذن الله.

alifairouz1961@outlook.com