توقع تحليل صادر عن شركة الأبحاث (IHS Markit) التابعة لوكالة ستاندرد آند بورز غلوبل «S&P» أن تستفيد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشكل عام من تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية والعقوبات على المفروضة روسيا في وقت ستكون فيه المناطق الأخرى ذات آفاق نمو باهتة، لا سيما أوروبا، إضافة إلى ارتفاع الضغوط التضخمية.

وذكرت الشركة في تحليلها أن الأسواق العالمية شهدت ارتفاعاً في أسعار النفط والغاز وأسعار السلع الأخرى، حيث أصبحت التوقعات في شأن الصادرات الروسية والأوكرانية غير مؤكدة بشكل متزايد.

إضافة إلى ارتفاع أسعار الطاقة، أشار التقرير إلى أن زيادة إنتاج النفط بما يتماشى مع الحصص المعلنة لمجموعة (أوبك بلس) سيضمن استفادة مصدري النفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أيضا من التأثير الكمي الإيجابي.

وسيظل الطلب على الغاز قوياً مع سعي الاقتصادات الأوروبية لتقليل الاعتماد على واردات الغاز الروسي في السنوات القليلة المقبلة.

ارتفاع التدفقات

ومع ارتفاع أسعار الطاقة والإنتاج خلال 2022، ستستفيد البلدان المصدرة للنفط والغاز في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وعلى الأخص السعودية والإمارات وقطر والكويت والبحرين وعمان والعراق وإيران والجزائر وليبيا، من ارتفاع تدفقات البترودولارات.

وركز التحليل بشكل أكبر على البلدان المصدرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وبحسب تقديراته فإن التدفقات المتزايدة من ارتفاع أسعار الطاقة ستفيد زخم النشاط الاقتصادي في هذه البلدان المصدرة للنفط، وستؤدي إلى ارتفاع نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ككل على المدى القصير إلى 5.6 في المئة لعام 2022 و4.2 في المئة لعام 2023.

ورجح التحليل أن تسرّع مكاسب النفط والغاز غير المتوقعة من الإنفاق الاستثماري، لا سيما في الدول المصدرة للنفط، وتوقع الإعلان عن مشاريع بنية تحتية جديدة ومشاريع تنمية اقتصادية أخرى، ما سيفضي إلى ارتفاع معدل نمو الإنفاق الاستثماري الثابت الحقيقي عما كان متوقعاً قبل الارتفاع الكبير في أسعار الطاقة العالمية.

إنفاق استثماري

كما توقع ارتفاع معدل نمو الإنفاق الاستثماري الثابت الحقيقي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ككل من 4.5 في المئة بـ2021 إلى 8.8 في المئة بـ2022 وأن يصل 6.9 في المئة بـ2023، وفقاً لتوقعات شركة الأبحاث لشهر مايو.

وبحسب التحليل، ستسمح زيادة الإيرادات أيضا بزيادة الإنفاق الاستهلاكي الحكومي بالقيمة الحقيقية في الأشهر القليلة المقبلة، وتوقعت (IHS Markit) زيادة الإنفاق الاستهلاكي الحكومي الحقيقي من 2.4 في المئة بـ2021 إلى 7.8 في المئة بـ2022 و 5.8 في المئة بـ2023 لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

كما توقعت أيضاً أن يستفيد الإنفاق الاستهلاكي الخاص من تحسين زخم النشاط الاقتصادي وارتفاع دخل الفرد، وموازنة، إلى حد ما، تأثير ارتفاع أسعار المستهلك على القوة الشرائية وأن يؤدي ذلك أيضاً إلى نسبة إنفاق استهلاكي خاص سليمة (+ 5.5 في المئة بـ2022 و +3.5 في المئة بـ2023 لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا).

ورغم أن الصادرات آخذة في الارتفاع، إلا أن فاتورة الواردات سترتفع أيضاً، لكن إجمالي الناتج المحلي الحقيقي العام بصدد تسجيل مزيد من النمو على المدى القصير.

من ناحية أخرى، أفاد التحليل أن تدفقات النفط المرتفعة إلى البلدان المصدرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ستحسن الحسابات الخارجية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ككل من خلال زيادة إيرادات الصادرات، في حين ستكون هناك عواقب سلبية على بعض الاقتصادات المستوردة للنفط والتي ستعاني من ارتفاع فاتورة الواردات.

وتوقع ارتفاع فائض الحساب الجاري لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في المتوسط، من 5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بـ2021 إلى 10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في العامين 2022 و2023.

ميزان مالي

رجح تحليل «IHS Markit» أن تتعزز الإيرادات الحكومية، في المتوسط، على خلفية ارتفاع أسعار الطاقة ما سيؤدي إلى انتعاش موقت في الأداء المالي المجمع للمنطقة.

وبحسب تقديرات شركة الأبحاث، سيتحول الميزان المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ككل من عجز مقدر بـ2.9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2021 إلى فائض، وهو الأول منذ عقد تقريباً، بنسبة 3.9 في المئة من إجمالي الناتج المحلي بـ2022، وفائض أكثر اعتدالاً قدره 2.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بـ2023.

وسيؤدي ذلك إلى التخفيف موقتا من احتياجات الحكومات التمويلية وإلى تباطؤ معدلات مديونية الحكومة في المتوسط. ومع ذلك، قد يدفع ارتفاع أسعار النفط والغاز بعض الحكومات إلى تأخير طرح وتنفيذ إصلاحات مالية هيكلية تهدف إلى تنويع قاعدة الإيرادات، وترشيد الإنفاق، وخفض الدعم الكبير. لهذا السبب، يجب على حكومات المنطقة اغتنام فرصة ارتفاع أسعار الطاقة وتنفيذ الإصلاحات التي طال انتظارها والتي ستحمي الحسابات المالية من تقلب أسعار الطاقة.