عاش الأميركيون فترة عصيبة خلال الأربع سنوات الماضية مع رئيسهم ترامب المثير للجدل، والذي كان فريداً من نوعه متجاوزاً آداب الرئاسة من خلال تهجمه اللاذع على الزعامات السياسية، وأعضاء الكونغرس من الحزب الديموقراطي، ولم يسلم منه المسؤولون الحكوميون في حزبه الجمهوري، فقد تعرضوا للإقالة أو أقدموا على الاستقالة.

فترامب لم يكن معنياً بخطورة الاحتباس الحراري، الذي يخنق الكرة الأرضية، ومن ثم انسحب من اتفاقية باريس وماطل في مواجهة وباء كورونا، حتى انتشر بسرعة غير متوقعة بين الشعب الأميركي، كما كان يتصرّف بعنصرية المستوطن الأبيض، ولم تسلم من لسانه الأقليات الأميركية الإثنية أوالدينية، وأيقظ المنظمات اليمينية العنصرية، ناهيك عن عرقلته للقضاء وتحديه للقضاة.

لذلك لم تكن هزيمته في انتخابات الرئاسة أمام منافسه الديموقراطي بايدن أمراً مفاجئاً للأميركيين، رغم تركيزه على دعم الاقتصاد وتوفير فرص العمل في دعم شعبيته، فلم تعد مثل هذه المغريات تثير الناخب الأميركي بعد اكتشافه أن رئيسه يتصرّف بشكل غير مسؤول، وكأنه ديكتاتور من دول العالم الثالث، كما وصفته زعيمة الأغلبية الديموقراطية في مجلس النواب نانسي بيلوسي، وتقدمت بطلب لعزله عن الرئاسة.

وكما كان ترامب سيئاً للأميركيين فقد كان كذلك بالنسبة للعرب، بعد أن كشف عن كراهيته لهم، وتنفيذه لمطالب نتنياهو في ضم الجولان إلى الصهاينة والاعتراف بالقدس عاصمة لكيانهم، ونقل سفارة بلاده إليها ورفع معنويات نتنياهو - الملاحق قضائياً بتهم الفساد والرشوة واستغلال المنصب - من خلال التطبيع مع بعض الدول العربية، وهذا لا يعني أن الرئيس المنتخب بايدن سيكون ملاكاً مع العرب - ربما شعر بأن ترامب قد سبقه في خدمة الصهاينة - فقد يختلف الحزبان في أسلوب خدمة الصهاينة لكنهما يتفقان على تأييد السياسة العنصرية، والاستيطانية في فلسطين المحتلة وتجاه العرب ككل.

فمن تصريحات بايدن القديمة: (أعترض على من يطلبون منا الاعتذار عن دعمنا لإسرائيل... ولو لم توجد إسرائيل لكان على الولايات المتحدة اختراع إسرائيل)، والحديثة قوله: (إذا كنت يهودياً فسأكون صهيونياً... والدي قال لي إنه لا يشترط أن أكون يهودياً لأصبح صهيونياً، لكنني كذلك). ومع أن بايدن كاثوليكي... والكاثوليك لا يبدون تودداً تجاه اليهود، فماذا سيكون موقفه من الصهاينة لو كان بروتستانتياً أنجليكانياً كزميله ترامب؟